orient
27-08-2007, 11:44 AM
علم الفلك يدحض شائعة : المريخ لن يكون بحجم القمر في شهر أغسطس
http://www.omandaily.com/image/pictop1.jpg
الشائعة تقول:
«أن هناك حدثا هاما وخاصا في ليلة 27/8 وتتمثل في أن يظهر قمران واضحان في السماء وهما القمر البدر العادي، والثاني هو كوكب المريخ الذي -بحسب الشائعة- سيكون كبيرا جدا ولامعا مثل القمر البدر»
انتهى نص الشائعة.
في يوم الإثنين 27/8/2007 شاء القدر أن يكون القمر بدرا (13.9 يوما) وهذا جعل للشائعة قوة أكثر على الانتشار لهذا العام أكثر من الأعوام السابقة، ومع ذلك فالمريخ لن يكون بلمعان فوق الطبيعي بل سيكون كوكبا بلمعان عادي مثل الكثير من الأجرام. بل أن حوالي 12 جرما موزعا في كل السماء ستكون ألمع من المريخ في ذلك اليوم تحديدا.
لمعرفة الإجابة يجب أن نعود إلى العام 2003 في شهر أغسطس أيضا حيث اقترب المريخ اقترابا استثنائيا من الأرض وكان على بعد 56 مليون كلم فقط.
ولكون المريخ قد اقترب اقترابا خاصا أشد من أي مرة سابقة عرفها الإنسان، فقد اهتمت كل وسائل الإعلام بالخبر إلى درجة أن أصبح الأمر حديث الناس مما فسح مجالا لتمرير شائعات بسهولة.
والحقيقة أن شائعة أخرى مرتبطة بالمريخ كانت قد انتشرت في تلك الفترة أيضا وهي ان «الشمس ستشرق على المريخ من الغرب بدل الشرق» في إشارة إلى جعل الأمر متعلق بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة الأمر الذي أساء إلى الدين والعلم معا لأن الحدث لم يكن كذلك مطلقا بل عكست الشاشعة سوء نية ناشرها أو على الأقل جهله وقد كنت قد كتبت عن خطأ تلك الشائعة في أكثر من موقف.
نعود الآن إلى شائعة 27/8 التي أخذت تنتشر في كل عام وفي نفس الشهر كون البعض لم يربطها بعام .2003 وأود أن يتذكر القارئ كلامي هذا في الأعوام القادمة عندما تمر نفس الشائعة على مسمعه مرات أخر وأن يقوم مشكورا بنشر الخبر هذا للمساعدة في محاصرة الشائعة من الانتشار.
حركة الأرض والمريخ في مداريهما:
نعرف جميعا أن الأرض هي الكوكب الثالث في النظام الشمسي بعد عطارد والزهرة. وأن المريخ يقع بعدها مباشرة قبل المشتري العملاق والكواكب الخارجية العملاقة الثلاثة زحل وأورانوس ونبتون.
عرف القدماء كوكب المريخ الأحمر منذ أن نظروا إلى السماء قبل آلاف السنين بل أنهم كانوا قد عبدوه كما فعلوا مع باقي الكواكب المرئية بالعين المجردة (عطارد، الزهرة، المريخ، المشتري وزحل) وكذلك الشمس والقمر. والمريخ الذي لا يزيد قطره عن نصف قطر الأرض يدور حول الشمس مرة كل 687 يوما وتسمى هذه الفترة بالسنة المريخية وهي أقل بقليل من سنتين أرضيتين. والجدير بالذكر أن مدار المريخ فيه شذوذ مركزي (اللامركزية) عال أي أن الإهليلجية في مداره واضحة أكثر من مدار الأرض بصورة بينة (انظر الشكل ولاحظ الدائرة المنقطة التي تمثل مدارا وهميا دائريا تاما بينما مداره بيضاوي في الواقع).
والجدير بالذكر أن الأرض والمريخ يلتقيان على خط واحد مع الشمس بما يعرف للفلكيين بالتقابل. وهناك نوعان من التقابل: التقابل الأقصى أي تكون الشمس بين الأرض والكوكب وبالتالي يكون الكوكب بعيدا جدا عن الأرض وهذا لا يعنينا الآن. وأما التقابل الآخر فيسمى التقابل الأدنى وتكون الأرض قريبة من الكوكب إلى حد واضح لأنهما يجتمعان في جهة واحدة بعيدا عن الشمس. ولو أن مدار الأرض والمريخ والكواكب بصفة عامة هي دائرية خالصة، لحدث التقابل الادنى دائما بحيث تكون الأرض والكوكب (المريخ في حالتنا هذه) على نفس المسافة بغض النظر عن موقع التقاء الكوكبين على مداريهما. ولكن وكما أسلفنا فمدارات الكواكب إهليلجية غير دائرية ونجد مداراتها منبعجة قليلا بما نعرفه باللامركزية أو الشذوذ افي المدار كما أسلنا والمريخ من الكواكب ذات الشذوذ المركزي العالي نسبيا. وهذا الشذوذ المركزي الكبير لمدار المريخ يجعل أنه كلما التقت الأرض بالمريخ في مكان ما كل على مداريهما، لا تكون المسافة الفاصلة بينهما متساوية دائما بل يلتقيان أحيانا على مسافة قصيرة كما حدث في 27/8/2003 وأحيانا على مسافة كبيرة كما سيحدث في عام 29/1/2010 وكذلك في3/3/2012 انظر الشكل.
ويلتقي الكوكبان في التقابل مرة كل 26 شهرا تقريبا وقد يحدث هذا التقابل في أي موقع من المدار ومع ذلك فيمكن الحساب والتنبؤ بكل تفاصل الحركات والمواقع تلك
والحقيقة أن المريخ من أكثر الكواكب إثارة للراصدين وسبب ذلك هو الفرق الكبير في بعده عن الأرض ما بين تقابليه الأقصى والأدنى وهذا الاختلاف الكبير في البعد يؤدي إلى تغير موازٍ في اللمعان وحجم قرص الكوكب. فالمريخ عند أقرب أوضاعه من الأرض يصل قطره الظاهري في السماء إلى 25 ثانية قوسية وهذا يزيد 7 مرات عن حجمه الظاهري عندما يكون في أبعد نقاطه في المدار بالنسبة لنا. وأما لمعانه فيزداد حوالي 40 مرة.
والثانية القوسية هي جزء من 3600 جزء من الدرجة. والدرجة تقسم إلى 60 دقيقة قوسية والدقيقة القوسية تساوي 60 ثانية قوسية. هذا يعني أن قرص المريخ ليس فقط أصغر بكثير من قرص القمر، بل لن يكون ملاحظا بالعين المجردة برغم لمعانه المميز وذلك لأن العين البشرية لا تستطيع تحديد شكل جسم ما إذا كان يبدو لها أصغر من 60 ثانية قوسية أو ما يعادل دقيقة قوسية واحدة وهذا يعادل إمكانية تمييز شكل مربع مثلا بطول ضلع متر واحد ولكنه موجود على بعد 3كم مما يصعب على الراصد معرفة فيما إذا كان الشكل مربعا أو مثلثا أو دائرة وهذا هو المقصود. وهذا يخالف بجلاء ما جاء في الشائعة بأن المريخ سيكون (المقصود بالشائعة أنه كان كذلك في عام 2003) بمثابة قمر آخر في السماء خصوصا عندما نعرف أن القطر الظاهري للقمر في السماء يصل إلى 30 دقيقة قوسية وهذا يساوي 72 مرة أكبر من القطر الظاهري للمريخ وهو في أقرب اوضاعه إلينا. أي أنه إذا أردنا أن نشاهد المريخ حينئذ بحجم القمر البدر علينا أن نراقبه من خلال مرقب بتكبير 72 مرة على الأقل.
وأما إذا كان قد قصد الشائعة المغلوطة بأن المريخ سيكون بقدر القمر في لمعانه، فالأمر أشد سوءا بكثير. وذلك لأن القمر البدر أكبر لمعانا من المريخ وهو في أقرب أوضاعه منا بحوالي 9500 مرة.
الخلاصة،
شائعة أن المريخ سيشكل في حجمه أو لمعانه قمرا مثل القمر العادي في السماء في مساء 27/8/2007 هي مجرد شائعة خطأ وفيها خطآن جوهريان هما أن الظاهرة المقصودة كانت قد حدثت في 27/8/2003 وليس 2007 وليس 2008 أو 2009 كما ستعود نفس الشائعة مستقبلا. والخطأ الثاني هو أن المريخ لم يصل بحجمه ولا بلمعانه في أغسطس 2003 ولا في 2007 ولا في أي وقت آخر بحيث يكون مثل القمر البدر. وفوق ذلك فإن المريخ في أغسطس 2007 سيكون بعيدا عن الأرض بمسافة 170 مليون كم وسيكون لمعانه مثل نجم لامع فقط كما أسلفنا. بينما كان في 27/8/2003 على بعد قياسي وهو 56 مليون كم الأمر الذي لم يحدث له منذ أكثر من 60000 عام وقد تفوق وقتذ على المشتري من حيث اللمعان.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن المريخ سيكون في وضع التقابل في هذا العام 2007 بتاريخ 24/12 ولكن سيكون على بعد 88 مليون كم. وفي جميع الحالات فإن المريخ يبقى مرئيا بالعين المجردة برغم اختلاف لمعانه الواضح والناتج عن اختلاف بعده كما أسلفنا.
ومن هنا علينا ألا نقوم بتمرير مثل هذه الشائعات من خلال البريد الإلكتروني او الرسائل القصيرة او ما شابه ذلك بل علينا توعية الآخرين وحثهم على التأكد من المعلومات العلمية من قبل خبراء قبل الشروع بنشرها.
متى نشاهد المريخ في شهر أغسطس 2007؟
ربما يرغب المهتمون الآن وقد عرفوا زيف شائعة المريخ في أغسطس 2007 أن يشاهدوا هذا الكوكب المحير الجميل بالعين المجردة أو حتى بالمرقب. هنا نوضح لهم ذلك.
في هذا الوقت من العام (أغسطس 2007) يشرق المريخ من الشرق عند منتتصف الليل وبالتالي سيرتـفع بمقدار 15 درجة في السماء كل ساعة حتى يصل عاليا عند جهة الجنوب عند الفجر ويكمل رحلته إلى الغرب في حين تكون الشمس مشرقة ليغيب هو في الغرب عند الظهر. وهذا في الواقع يتغير من يوم إلى آخر بحيث يتقدم شروق الكوكب بمقدار دقيقتين تقريبا كل ليلة. أي بمقدار ساعة في كل شهر وهذا يختلف عن حساب النجوم والكواكب البعيدة التي تتقدم بمقدار ساعتين في كل شهر تقريبا. ويعود السبب إلى سرعة الكوكب كونه قريب من الشمس فهو في حالة تشبه السباق مع الأرض أثناء دورانهما حول الشمس.
حسنا إذن يمكن أن نشاهد الكوكب في هذه الليلة بعد منتصف الليل وقد ارتـفع قليلا فوق الأفق الشرقي. ولكن علينا أن نميز المريخ عن نجم أحمر بقربه وبلمعان أقل قليلا منه ألا وهو نجم الدبران الذي يمثل العين في برج الثور. وللتمييز بينهما فعلينا أن ندرك بأن النجوم تتلألأ في العادة بينما الكواكب تبقى ساكنة هادئة بلا تلألؤ. والأمر الآخر لتمييز الكوكب عن النجم وهو ان نحاول رسم خارطة تبين موقع الكوكب المشكوك بأمره بالنسبة للنجوم حوله فسنرى أنه يتحرك بين النجوم بصورة ملحوظة من يوم لآخر أو اسبوع لآخر. والمريخ يتحرك في كل يوم بمقدار نصف درجة في المتوسط تقريبا أي بمقدار قرص القمر وهذا يمكن تسجيله بسهولة للهواة الراغبين بالرصد.
وهكذا، يبقى المريخ كوكبا مثيرا للغاية من الناحية الرصدية وقد شكل منعطفات كبرى في تاريخ معرفة حركات كواكب النظام الشمس وبنيته بل واستكشافه أيضا.
وأخيرا هذا هو الإعلان الذي صدر عن القبة الفلكية في شركة تنمية نفط عمان-حيث أعمل- لحث الهواة والمهتمين لرصد الظاهرة في عام 2003 وهذا إثبات بأن الأمر قد أصبح من الماضي.
مروان الشويكي
الجمعية الفلكية الأردنية
أمين القبة الفلكية - بشركة تنمية نفط عمان-مسقط
نقلته لكم من جريدة عمان
http://www.omandaily.com/image/pictop1.jpg
الشائعة تقول:
«أن هناك حدثا هاما وخاصا في ليلة 27/8 وتتمثل في أن يظهر قمران واضحان في السماء وهما القمر البدر العادي، والثاني هو كوكب المريخ الذي -بحسب الشائعة- سيكون كبيرا جدا ولامعا مثل القمر البدر»
انتهى نص الشائعة.
في يوم الإثنين 27/8/2007 شاء القدر أن يكون القمر بدرا (13.9 يوما) وهذا جعل للشائعة قوة أكثر على الانتشار لهذا العام أكثر من الأعوام السابقة، ومع ذلك فالمريخ لن يكون بلمعان فوق الطبيعي بل سيكون كوكبا بلمعان عادي مثل الكثير من الأجرام. بل أن حوالي 12 جرما موزعا في كل السماء ستكون ألمع من المريخ في ذلك اليوم تحديدا.
لمعرفة الإجابة يجب أن نعود إلى العام 2003 في شهر أغسطس أيضا حيث اقترب المريخ اقترابا استثنائيا من الأرض وكان على بعد 56 مليون كلم فقط.
ولكون المريخ قد اقترب اقترابا خاصا أشد من أي مرة سابقة عرفها الإنسان، فقد اهتمت كل وسائل الإعلام بالخبر إلى درجة أن أصبح الأمر حديث الناس مما فسح مجالا لتمرير شائعات بسهولة.
والحقيقة أن شائعة أخرى مرتبطة بالمريخ كانت قد انتشرت في تلك الفترة أيضا وهي ان «الشمس ستشرق على المريخ من الغرب بدل الشرق» في إشارة إلى جعل الأمر متعلق بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة الأمر الذي أساء إلى الدين والعلم معا لأن الحدث لم يكن كذلك مطلقا بل عكست الشاشعة سوء نية ناشرها أو على الأقل جهله وقد كنت قد كتبت عن خطأ تلك الشائعة في أكثر من موقف.
نعود الآن إلى شائعة 27/8 التي أخذت تنتشر في كل عام وفي نفس الشهر كون البعض لم يربطها بعام .2003 وأود أن يتذكر القارئ كلامي هذا في الأعوام القادمة عندما تمر نفس الشائعة على مسمعه مرات أخر وأن يقوم مشكورا بنشر الخبر هذا للمساعدة في محاصرة الشائعة من الانتشار.
حركة الأرض والمريخ في مداريهما:
نعرف جميعا أن الأرض هي الكوكب الثالث في النظام الشمسي بعد عطارد والزهرة. وأن المريخ يقع بعدها مباشرة قبل المشتري العملاق والكواكب الخارجية العملاقة الثلاثة زحل وأورانوس ونبتون.
عرف القدماء كوكب المريخ الأحمر منذ أن نظروا إلى السماء قبل آلاف السنين بل أنهم كانوا قد عبدوه كما فعلوا مع باقي الكواكب المرئية بالعين المجردة (عطارد، الزهرة، المريخ، المشتري وزحل) وكذلك الشمس والقمر. والمريخ الذي لا يزيد قطره عن نصف قطر الأرض يدور حول الشمس مرة كل 687 يوما وتسمى هذه الفترة بالسنة المريخية وهي أقل بقليل من سنتين أرضيتين. والجدير بالذكر أن مدار المريخ فيه شذوذ مركزي (اللامركزية) عال أي أن الإهليلجية في مداره واضحة أكثر من مدار الأرض بصورة بينة (انظر الشكل ولاحظ الدائرة المنقطة التي تمثل مدارا وهميا دائريا تاما بينما مداره بيضاوي في الواقع).
والجدير بالذكر أن الأرض والمريخ يلتقيان على خط واحد مع الشمس بما يعرف للفلكيين بالتقابل. وهناك نوعان من التقابل: التقابل الأقصى أي تكون الشمس بين الأرض والكوكب وبالتالي يكون الكوكب بعيدا جدا عن الأرض وهذا لا يعنينا الآن. وأما التقابل الآخر فيسمى التقابل الأدنى وتكون الأرض قريبة من الكوكب إلى حد واضح لأنهما يجتمعان في جهة واحدة بعيدا عن الشمس. ولو أن مدار الأرض والمريخ والكواكب بصفة عامة هي دائرية خالصة، لحدث التقابل الادنى دائما بحيث تكون الأرض والكوكب (المريخ في حالتنا هذه) على نفس المسافة بغض النظر عن موقع التقاء الكوكبين على مداريهما. ولكن وكما أسلفنا فمدارات الكواكب إهليلجية غير دائرية ونجد مداراتها منبعجة قليلا بما نعرفه باللامركزية أو الشذوذ افي المدار كما أسلنا والمريخ من الكواكب ذات الشذوذ المركزي العالي نسبيا. وهذا الشذوذ المركزي الكبير لمدار المريخ يجعل أنه كلما التقت الأرض بالمريخ في مكان ما كل على مداريهما، لا تكون المسافة الفاصلة بينهما متساوية دائما بل يلتقيان أحيانا على مسافة قصيرة كما حدث في 27/8/2003 وأحيانا على مسافة كبيرة كما سيحدث في عام 29/1/2010 وكذلك في3/3/2012 انظر الشكل.
ويلتقي الكوكبان في التقابل مرة كل 26 شهرا تقريبا وقد يحدث هذا التقابل في أي موقع من المدار ومع ذلك فيمكن الحساب والتنبؤ بكل تفاصل الحركات والمواقع تلك
والحقيقة أن المريخ من أكثر الكواكب إثارة للراصدين وسبب ذلك هو الفرق الكبير في بعده عن الأرض ما بين تقابليه الأقصى والأدنى وهذا الاختلاف الكبير في البعد يؤدي إلى تغير موازٍ في اللمعان وحجم قرص الكوكب. فالمريخ عند أقرب أوضاعه من الأرض يصل قطره الظاهري في السماء إلى 25 ثانية قوسية وهذا يزيد 7 مرات عن حجمه الظاهري عندما يكون في أبعد نقاطه في المدار بالنسبة لنا. وأما لمعانه فيزداد حوالي 40 مرة.
والثانية القوسية هي جزء من 3600 جزء من الدرجة. والدرجة تقسم إلى 60 دقيقة قوسية والدقيقة القوسية تساوي 60 ثانية قوسية. هذا يعني أن قرص المريخ ليس فقط أصغر بكثير من قرص القمر، بل لن يكون ملاحظا بالعين المجردة برغم لمعانه المميز وذلك لأن العين البشرية لا تستطيع تحديد شكل جسم ما إذا كان يبدو لها أصغر من 60 ثانية قوسية أو ما يعادل دقيقة قوسية واحدة وهذا يعادل إمكانية تمييز شكل مربع مثلا بطول ضلع متر واحد ولكنه موجود على بعد 3كم مما يصعب على الراصد معرفة فيما إذا كان الشكل مربعا أو مثلثا أو دائرة وهذا هو المقصود. وهذا يخالف بجلاء ما جاء في الشائعة بأن المريخ سيكون (المقصود بالشائعة أنه كان كذلك في عام 2003) بمثابة قمر آخر في السماء خصوصا عندما نعرف أن القطر الظاهري للقمر في السماء يصل إلى 30 دقيقة قوسية وهذا يساوي 72 مرة أكبر من القطر الظاهري للمريخ وهو في أقرب اوضاعه إلينا. أي أنه إذا أردنا أن نشاهد المريخ حينئذ بحجم القمر البدر علينا أن نراقبه من خلال مرقب بتكبير 72 مرة على الأقل.
وأما إذا كان قد قصد الشائعة المغلوطة بأن المريخ سيكون بقدر القمر في لمعانه، فالأمر أشد سوءا بكثير. وذلك لأن القمر البدر أكبر لمعانا من المريخ وهو في أقرب أوضاعه منا بحوالي 9500 مرة.
الخلاصة،
شائعة أن المريخ سيشكل في حجمه أو لمعانه قمرا مثل القمر العادي في السماء في مساء 27/8/2007 هي مجرد شائعة خطأ وفيها خطآن جوهريان هما أن الظاهرة المقصودة كانت قد حدثت في 27/8/2003 وليس 2007 وليس 2008 أو 2009 كما ستعود نفس الشائعة مستقبلا. والخطأ الثاني هو أن المريخ لم يصل بحجمه ولا بلمعانه في أغسطس 2003 ولا في 2007 ولا في أي وقت آخر بحيث يكون مثل القمر البدر. وفوق ذلك فإن المريخ في أغسطس 2007 سيكون بعيدا عن الأرض بمسافة 170 مليون كم وسيكون لمعانه مثل نجم لامع فقط كما أسلفنا. بينما كان في 27/8/2003 على بعد قياسي وهو 56 مليون كم الأمر الذي لم يحدث له منذ أكثر من 60000 عام وقد تفوق وقتذ على المشتري من حيث اللمعان.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن المريخ سيكون في وضع التقابل في هذا العام 2007 بتاريخ 24/12 ولكن سيكون على بعد 88 مليون كم. وفي جميع الحالات فإن المريخ يبقى مرئيا بالعين المجردة برغم اختلاف لمعانه الواضح والناتج عن اختلاف بعده كما أسلفنا.
ومن هنا علينا ألا نقوم بتمرير مثل هذه الشائعات من خلال البريد الإلكتروني او الرسائل القصيرة او ما شابه ذلك بل علينا توعية الآخرين وحثهم على التأكد من المعلومات العلمية من قبل خبراء قبل الشروع بنشرها.
متى نشاهد المريخ في شهر أغسطس 2007؟
ربما يرغب المهتمون الآن وقد عرفوا زيف شائعة المريخ في أغسطس 2007 أن يشاهدوا هذا الكوكب المحير الجميل بالعين المجردة أو حتى بالمرقب. هنا نوضح لهم ذلك.
في هذا الوقت من العام (أغسطس 2007) يشرق المريخ من الشرق عند منتتصف الليل وبالتالي سيرتـفع بمقدار 15 درجة في السماء كل ساعة حتى يصل عاليا عند جهة الجنوب عند الفجر ويكمل رحلته إلى الغرب في حين تكون الشمس مشرقة ليغيب هو في الغرب عند الظهر. وهذا في الواقع يتغير من يوم إلى آخر بحيث يتقدم شروق الكوكب بمقدار دقيقتين تقريبا كل ليلة. أي بمقدار ساعة في كل شهر وهذا يختلف عن حساب النجوم والكواكب البعيدة التي تتقدم بمقدار ساعتين في كل شهر تقريبا. ويعود السبب إلى سرعة الكوكب كونه قريب من الشمس فهو في حالة تشبه السباق مع الأرض أثناء دورانهما حول الشمس.
حسنا إذن يمكن أن نشاهد الكوكب في هذه الليلة بعد منتصف الليل وقد ارتـفع قليلا فوق الأفق الشرقي. ولكن علينا أن نميز المريخ عن نجم أحمر بقربه وبلمعان أقل قليلا منه ألا وهو نجم الدبران الذي يمثل العين في برج الثور. وللتمييز بينهما فعلينا أن ندرك بأن النجوم تتلألأ في العادة بينما الكواكب تبقى ساكنة هادئة بلا تلألؤ. والأمر الآخر لتمييز الكوكب عن النجم وهو ان نحاول رسم خارطة تبين موقع الكوكب المشكوك بأمره بالنسبة للنجوم حوله فسنرى أنه يتحرك بين النجوم بصورة ملحوظة من يوم لآخر أو اسبوع لآخر. والمريخ يتحرك في كل يوم بمقدار نصف درجة في المتوسط تقريبا أي بمقدار قرص القمر وهذا يمكن تسجيله بسهولة للهواة الراغبين بالرصد.
وهكذا، يبقى المريخ كوكبا مثيرا للغاية من الناحية الرصدية وقد شكل منعطفات كبرى في تاريخ معرفة حركات كواكب النظام الشمس وبنيته بل واستكشافه أيضا.
وأخيرا هذا هو الإعلان الذي صدر عن القبة الفلكية في شركة تنمية نفط عمان-حيث أعمل- لحث الهواة والمهتمين لرصد الظاهرة في عام 2003 وهذا إثبات بأن الأمر قد أصبح من الماضي.
مروان الشويكي
الجمعية الفلكية الأردنية
أمين القبة الفلكية - بشركة تنمية نفط عمان-مسقط
نقلته لكم من جريدة عمان