د .عدنان الطعمة
23-05-2008, 06:45 PM
أجمل ما قرأت من شعر الدكتور مانع سعيد العتيبة
د . عدنان جواد الطعمة
بعد أن أنهيت ترجمة قصائد سمو الأمير خالد الفيصل إلى الألمانية وصدر كتابه بعنوان : قصائد حب باللغتين العربية و الألمانية عام 1997، رجوت السيد مدير مركز جمعة الماجد للثقافة و التراث في دبي التفضل بإرسال المتوفر من دواوين سمو الشيخ الدكتور مانع سعيد العتيبة . وعلى الفور تفضل المدير مشكورا بإرسال 16 ديوانا للشاعر المبدع الموهوب الدكتور مانع سعيد العتيبة بالفصحى و النبطي .
قرأت دواوينه بشوق و لهفة خاصة فوجدت أن القصائد المتنوعة الموضوعات الواحدة أحلى من الثانية و الثالثة أروع من الأولى و الثانية وهكذا .
ليس غرضي اليوم الكتابة عن سيرة حياة الشاعر الفذ و أعماله الأدبية الرائعة لأنه غني عن التعريف و أن المواقع الأدبية الإماراتية قد أوفت للموضوع حقه ، بل التأكيد على أن شاعر الإمارات المتحدة العربية يعد من أندر الشعراء العرب الذي أثرى المكتبة العربية بأكثر من 33 ديوانا في الشعر الفصيح و الشعر النبطي .
ومن يراجع معجم لآلاف من شعراء و شاعرات العرب فإنه سيجد مجموعة قليلة من الشعراء و الشاعرات التي تتمتع بهذه الملكة الشعرية في نظم هذين النوعين من الشعر الفصيح و العامي الشعبي أو البدوي النبطي .
نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر :
1 – الأمير عبد الله الفيصل – المملكة العربية السعودية
2 – الدكتور عبد الله الصالح العثيمين – المملكة العربية السعودية
3 – الدكتورة لميعة عباس عمارة – الجمهورية العراقية
4 – مظفر النواب – الجمهورية العراقية
5 – شاعرنا الدكتور مانع سعيد العتيبة – دولة الإمارات العربية المتحدة
يسعدني أن أقدم للإخوة و الأخوات هذه الباقة المختارة من روضة و واحة الشاعر ، آملا أن أكون قد وفقت في هذا الإختيار ، على أمل أن أوافيكم بخرائد أخرى بعون الله ، مع أطيب تمنياتي .
د . عدنان جواد الطعمة
غـريـبـة
المغرب/الرباط/ ديسمبر 1982
وقعنا في شباكك يا غريبة وهذي قصة تبدو عجيبة
أنا الصياد يوقعني غزال بمصيدة الرموش فيا مصيبة
أتيت إلى الرباط أزور أهلاً فزاد الشوق في قلبي لهيبه
ولم يخطر لفكري أو خيالي لقاء في الرباط مع الحبيبة
عيونك كاحلات ناعسات أصابتني بأهداب رهيبة
وصوتك حالم يسري وإني لأسمع في الفؤاد له دبيبه
تركت أناملي تسعى لشعر وكنتِ لها مرحبةَ مجيبه
هناك وجدت ليلاً من حرير يلفّ جناحه الارض الخصيبة
فقلت أنا المحرر من ظلام وإنّ أناملي ليست غريبه
فيا شعر انطلق مع كلّ ريح فأنت الحرّ و الدنيا رحيبه
يدي وأناملي عطف وحب فلا تخجل من العين الرقيبة
بكى شعر الغريبة من حنان وأرسل في دجى ليلي نحيبه
فقمت مسائلاً عن سرّ حزن طغى في نظرة العين المريبة
فقالت في غد تمضي و أبقى أسيرة قيد أيّامي الرتيبة
وتنساني وتنسى ليل شَعري فما حب البعيدة كالقريبة
فقلت ودمعتي تهمي حناناً ولحظات الفراق غدت عصيبة
غريبة ليتني أخضرت قلبي معي ، اوليته مثل الحقيبة
فإني كلما سافرت يبقى فؤادي عند اعتاب الحبيبة
وأنتِ رقيقة كنسيم صبحٍ وفي عينيك رغم الحزن طيبة
ولكن ليس يجدينا هروب من الشمس المضيئة و المهيبة
فإن الحب ما كان اختياراً وقلبي في الهوى لاقى نصيبه
يعزّ عليّ حبّك فاعذريني ومن صدق الهوى دفع الضريبة
أروى
هدية الشاعر إلى إبنته أروى – الجرف 8 / 2 / 1983
يا وردة في البيت ما أحلاها جادت عليّ بعطرها و شذاها
أروى تطلّ على الحياة كزهرة فواحة وندى الصّباح رواها
لمّا أراها ينجلي همي فما غير ابتسام القلب حين أراها
هي نسمة في حرّ أيامي ولا تصفو حياتي دون أن ألقاها
ونداؤها بابا يجيئ بتغمة يبقى على مرّ الزمان صداها
وتحوم مثل فراشة من حولنا تلهو فنتبع بالحنان خطاها
فإذا بكت قمنا إليها نبتغي أن نستعيد صفاءها ورضاها
لا يحجب الدمع الغزير جمالها هي حلوة في ضحكها وبكاها
هي لي وللأمّ الرؤوم هدية رب الوجود بفضله أهداها
كلماتها كم تستثير مشاعري ولكم يطيب الوقت في نجواها
تأتي إذا طلع الصباح لتشتكي من زايد فأعيش مع شكواها
وكأنني القاضي فأسأل هل ترى أروى الصغيرة لا تحب أخاها
فتغيب مع صمت طويل حائر كان السؤال الفصل في دعواها
ما كان زيد قاسياً أو مؤذياً و يحب أروى لا يطيق أذاها
وتقودني نحو الطيور و تدعي أنّ الطيور تنوح من بلواها
جاعت وقد كان الغذاء موفراً هيّا وضاعف للطيور غذاها
فأطيع أروى كيف أعصي أمرها وهي الحقيقة إن أردت ضياها
وهي البراءة إن نظرت لوجهها وتثير فيض عواطفي عيناها
هم هكذا الأطفال نعمة خالق لعباده بمحبة أعطاها
فإذا رعينا بالحنان عراسهم نرضي النفوس نعم ونرضي الله
في الغزل
3 / 3 / 1963
بالغيث روّى أرضك الرحمن وسقاك عزاً فارتوت وديان
و تدفقت تلك البطاح بمائها و تجمعت في عيننا الغدران
واخضرّ واديها و أثمر زرعها و تمايلت بنسيمها الأغصان
لما ذكرت بك الحبيب اغرورقت عيناي واحتلّ الفؤاد حنان
فالذكريات أصولنا و جذورنا وبلا جذور لا حياة تصان
ما عشت لن أنساك يوم لقائنا في خلوة يرنو لها الولهان
قالت وقد صدح الهيام بصوتها وكأنها في دوحها الكروان
ما نحن في دنيا الهوى ؟ فأجبتها لحن جميل و الهوى ألحان
قالت و عقدة حاجبيها لم تزل فوق العيون كأنها عنوان
أيكون لحن الحب لحنا مفرحاً أم ترتقي ذرواته الأحزان
فأجبت حيّرني السّؤال حبيبتي ماذا يقول العاشق الحيران
إنّ الهوى حلو و مرّ طعمه عيناه شك .. قلبه إيمان
فرح و حزن كأسه ممزوجة لا يرتوي من شربها العطشان
إن الهوى قدر و هل في طوقه ردّ المقدّر في الهوى إنسان
نظرت إليّ بطرفها و تنهّدت قالت : ونارك يا حبيب أمان
خذني ولا تخش احتراقي إنه من غير نارك لا تطيب جنان
الليل مرّ عليّ مثل دقيقة ما ضرّ لو خلدت و نام زمان
لكنها الأيام تلهو دائما لا يستريح بلهوها الخلان
يا ذكريات الأمس أتعبنا النوى ورنت لزورق وصلنا الشطآن
عودي إلينا حيّةً و وفيّةُ إن الليالي طبعها خوان
يا ذكريات الأمس تشكو كأسنا صبّي حنانك إنني ظمآن
مشاكاة
15 / 12 / 1965
شجاني حبها حتى بكيت و فوق الشوك مذهولا مشيت
أتاني صوتها فسمعت شدواً فلما أقبلت نحوي انتشيت
فرشت لها العيون سرير حب و في قلبي لها قصرًا بنيت
فقالت هل سعيت لكي تراني فقلت أنا لغيرك ما سعيت
أتيت إلى العراق و كنت حلماً فصرت حقيقة لما أتيت
فقالت ما تراك رأيت فينا فأذهلني السؤال و ما وعيت
و كان الصمت كل جواب قلبي كأني ما سمعت و ما رأيت
وقد حاولت شرح شعور قلبي و لكن ما المصير إذا حكيت
نظرت لها فأحرقني لهيب كأن جمالها للنار زيت
فقالت بعد إرهاف و صمت تكلّم . . إت تبع فأنا اشتريت
تحداني الجمال فقلت أهلا بمثلك طول عمري ما التقيت
فأنت كشمعة سطعت أمامي أردت عناقها و بها اكتويت
شربت الحب من أحلى عيون فما هذا الفؤاد و ما ارتويت
ولمّا غادرت ثارت شجوني وضاع الدرب مني إذ مضيت
فـتـاة الإقـتـصـاد
18 يناير 1966
لـمن أشكو التياعي أو سهادي وأحكي ما يجيش به فؤادي
و أين المدرك الواعي لقصدي ليفهم ما أقول و ما أنادي
أتيت إلى العراق أروم درساً و أغرف من علوم الإقتصاد
فطاب لي المقام على رباها ومدّت لي ببغداد أيادي
سقاك الله يا بغداد غيثاً و أزهر في الحواضر و البوادي
بجسرك و المها قوم تغنوا و مثلهم لعمري جئت شادي
فهذي سنة الأسلاف كانت وما أنا جاحد سنن العباد
و أين لي التكتم ليت شعري وشوقي كل يوم بازدياد
لقد سلبت فؤادي ذات يوم فتاة في رحاب الإقتصاد
أصابتني بسهم من لحاظ فلم تخطئ وطاب لها اصطيادي
فمهلاً يا ظلوم عليً مهلاً فإني قد عييت من الطّراد
ورفقاً بالمتيم ليت شعري أقلبك من حديد أم جماد
أبالغ بالتلطّف في وداد فتمعن في التعنّت و العناد
جمالك لا يدانيه جمال كأن الحسن جاءك بانقياد
و عيناك تظلهما رموش تلفهما بأجنحة السّواد
و أما الحاجبان فلست أدري أرسم أو كخط بالمداد
لوجهك في سماء الحسن نور كبدر في سماء الكون بادي
وأنت الشمس تشرق في علاها وترسل نورها في كل وادي
قوامك في الرشاقة غصن بان تأوّد للنسيم و للفؤاد
ألا مهلاً بعيشك ذا دلال فرفقاً بالأديم و بالعباد
أبكـّر للدراسة كل صبح فأجلس في مكاني كالجماد
و أستاذ يحاضرنا بدرس ويوصينا بجدّ و اجتهاد
أنا في الصف لكن ذاك فكري يحلق في سمائك يا مرادي
وبعد الدرس أسعى في لقاء به أطفي حريقي و اتقادي
فيا عشر الدقائق فلتطولي فأنت غنيمتي بعد الجهاد
هنالك في الحديقة حيث كنا على الأعشاب نجلس بانفراد
وكان القلب يخفق مثل طير و ينبض بالمحبّة و الوداد
بنينا ألف قصر في هوانا وهمنا في بحور دون هادي
غداً تهوي القصور و ما بنينا فيبتهج الحواسد و الأعادي
ويذبل ما زرعنا من ورود وتهجرنا الأنامل و الأيادي
أتى يوم الفراق كما التقينا فصبراً للفراق و للبعاد
ألمانيا في 23 / 5 / 2008
د . عدنان جواد الطعمة
بعد أن أنهيت ترجمة قصائد سمو الأمير خالد الفيصل إلى الألمانية وصدر كتابه بعنوان : قصائد حب باللغتين العربية و الألمانية عام 1997، رجوت السيد مدير مركز جمعة الماجد للثقافة و التراث في دبي التفضل بإرسال المتوفر من دواوين سمو الشيخ الدكتور مانع سعيد العتيبة . وعلى الفور تفضل المدير مشكورا بإرسال 16 ديوانا للشاعر المبدع الموهوب الدكتور مانع سعيد العتيبة بالفصحى و النبطي .
قرأت دواوينه بشوق و لهفة خاصة فوجدت أن القصائد المتنوعة الموضوعات الواحدة أحلى من الثانية و الثالثة أروع من الأولى و الثانية وهكذا .
ليس غرضي اليوم الكتابة عن سيرة حياة الشاعر الفذ و أعماله الأدبية الرائعة لأنه غني عن التعريف و أن المواقع الأدبية الإماراتية قد أوفت للموضوع حقه ، بل التأكيد على أن شاعر الإمارات المتحدة العربية يعد من أندر الشعراء العرب الذي أثرى المكتبة العربية بأكثر من 33 ديوانا في الشعر الفصيح و الشعر النبطي .
ومن يراجع معجم لآلاف من شعراء و شاعرات العرب فإنه سيجد مجموعة قليلة من الشعراء و الشاعرات التي تتمتع بهذه الملكة الشعرية في نظم هذين النوعين من الشعر الفصيح و العامي الشعبي أو البدوي النبطي .
نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر :
1 – الأمير عبد الله الفيصل – المملكة العربية السعودية
2 – الدكتور عبد الله الصالح العثيمين – المملكة العربية السعودية
3 – الدكتورة لميعة عباس عمارة – الجمهورية العراقية
4 – مظفر النواب – الجمهورية العراقية
5 – شاعرنا الدكتور مانع سعيد العتيبة – دولة الإمارات العربية المتحدة
يسعدني أن أقدم للإخوة و الأخوات هذه الباقة المختارة من روضة و واحة الشاعر ، آملا أن أكون قد وفقت في هذا الإختيار ، على أمل أن أوافيكم بخرائد أخرى بعون الله ، مع أطيب تمنياتي .
د . عدنان جواد الطعمة
غـريـبـة
المغرب/الرباط/ ديسمبر 1982
وقعنا في شباكك يا غريبة وهذي قصة تبدو عجيبة
أنا الصياد يوقعني غزال بمصيدة الرموش فيا مصيبة
أتيت إلى الرباط أزور أهلاً فزاد الشوق في قلبي لهيبه
ولم يخطر لفكري أو خيالي لقاء في الرباط مع الحبيبة
عيونك كاحلات ناعسات أصابتني بأهداب رهيبة
وصوتك حالم يسري وإني لأسمع في الفؤاد له دبيبه
تركت أناملي تسعى لشعر وكنتِ لها مرحبةَ مجيبه
هناك وجدت ليلاً من حرير يلفّ جناحه الارض الخصيبة
فقلت أنا المحرر من ظلام وإنّ أناملي ليست غريبه
فيا شعر انطلق مع كلّ ريح فأنت الحرّ و الدنيا رحيبه
يدي وأناملي عطف وحب فلا تخجل من العين الرقيبة
بكى شعر الغريبة من حنان وأرسل في دجى ليلي نحيبه
فقمت مسائلاً عن سرّ حزن طغى في نظرة العين المريبة
فقالت في غد تمضي و أبقى أسيرة قيد أيّامي الرتيبة
وتنساني وتنسى ليل شَعري فما حب البعيدة كالقريبة
فقلت ودمعتي تهمي حناناً ولحظات الفراق غدت عصيبة
غريبة ليتني أخضرت قلبي معي ، اوليته مثل الحقيبة
فإني كلما سافرت يبقى فؤادي عند اعتاب الحبيبة
وأنتِ رقيقة كنسيم صبحٍ وفي عينيك رغم الحزن طيبة
ولكن ليس يجدينا هروب من الشمس المضيئة و المهيبة
فإن الحب ما كان اختياراً وقلبي في الهوى لاقى نصيبه
يعزّ عليّ حبّك فاعذريني ومن صدق الهوى دفع الضريبة
أروى
هدية الشاعر إلى إبنته أروى – الجرف 8 / 2 / 1983
يا وردة في البيت ما أحلاها جادت عليّ بعطرها و شذاها
أروى تطلّ على الحياة كزهرة فواحة وندى الصّباح رواها
لمّا أراها ينجلي همي فما غير ابتسام القلب حين أراها
هي نسمة في حرّ أيامي ولا تصفو حياتي دون أن ألقاها
ونداؤها بابا يجيئ بتغمة يبقى على مرّ الزمان صداها
وتحوم مثل فراشة من حولنا تلهو فنتبع بالحنان خطاها
فإذا بكت قمنا إليها نبتغي أن نستعيد صفاءها ورضاها
لا يحجب الدمع الغزير جمالها هي حلوة في ضحكها وبكاها
هي لي وللأمّ الرؤوم هدية رب الوجود بفضله أهداها
كلماتها كم تستثير مشاعري ولكم يطيب الوقت في نجواها
تأتي إذا طلع الصباح لتشتكي من زايد فأعيش مع شكواها
وكأنني القاضي فأسأل هل ترى أروى الصغيرة لا تحب أخاها
فتغيب مع صمت طويل حائر كان السؤال الفصل في دعواها
ما كان زيد قاسياً أو مؤذياً و يحب أروى لا يطيق أذاها
وتقودني نحو الطيور و تدعي أنّ الطيور تنوح من بلواها
جاعت وقد كان الغذاء موفراً هيّا وضاعف للطيور غذاها
فأطيع أروى كيف أعصي أمرها وهي الحقيقة إن أردت ضياها
وهي البراءة إن نظرت لوجهها وتثير فيض عواطفي عيناها
هم هكذا الأطفال نعمة خالق لعباده بمحبة أعطاها
فإذا رعينا بالحنان عراسهم نرضي النفوس نعم ونرضي الله
في الغزل
3 / 3 / 1963
بالغيث روّى أرضك الرحمن وسقاك عزاً فارتوت وديان
و تدفقت تلك البطاح بمائها و تجمعت في عيننا الغدران
واخضرّ واديها و أثمر زرعها و تمايلت بنسيمها الأغصان
لما ذكرت بك الحبيب اغرورقت عيناي واحتلّ الفؤاد حنان
فالذكريات أصولنا و جذورنا وبلا جذور لا حياة تصان
ما عشت لن أنساك يوم لقائنا في خلوة يرنو لها الولهان
قالت وقد صدح الهيام بصوتها وكأنها في دوحها الكروان
ما نحن في دنيا الهوى ؟ فأجبتها لحن جميل و الهوى ألحان
قالت و عقدة حاجبيها لم تزل فوق العيون كأنها عنوان
أيكون لحن الحب لحنا مفرحاً أم ترتقي ذرواته الأحزان
فأجبت حيّرني السّؤال حبيبتي ماذا يقول العاشق الحيران
إنّ الهوى حلو و مرّ طعمه عيناه شك .. قلبه إيمان
فرح و حزن كأسه ممزوجة لا يرتوي من شربها العطشان
إن الهوى قدر و هل في طوقه ردّ المقدّر في الهوى إنسان
نظرت إليّ بطرفها و تنهّدت قالت : ونارك يا حبيب أمان
خذني ولا تخش احتراقي إنه من غير نارك لا تطيب جنان
الليل مرّ عليّ مثل دقيقة ما ضرّ لو خلدت و نام زمان
لكنها الأيام تلهو دائما لا يستريح بلهوها الخلان
يا ذكريات الأمس أتعبنا النوى ورنت لزورق وصلنا الشطآن
عودي إلينا حيّةً و وفيّةُ إن الليالي طبعها خوان
يا ذكريات الأمس تشكو كأسنا صبّي حنانك إنني ظمآن
مشاكاة
15 / 12 / 1965
شجاني حبها حتى بكيت و فوق الشوك مذهولا مشيت
أتاني صوتها فسمعت شدواً فلما أقبلت نحوي انتشيت
فرشت لها العيون سرير حب و في قلبي لها قصرًا بنيت
فقالت هل سعيت لكي تراني فقلت أنا لغيرك ما سعيت
أتيت إلى العراق و كنت حلماً فصرت حقيقة لما أتيت
فقالت ما تراك رأيت فينا فأذهلني السؤال و ما وعيت
و كان الصمت كل جواب قلبي كأني ما سمعت و ما رأيت
وقد حاولت شرح شعور قلبي و لكن ما المصير إذا حكيت
نظرت لها فأحرقني لهيب كأن جمالها للنار زيت
فقالت بعد إرهاف و صمت تكلّم . . إت تبع فأنا اشتريت
تحداني الجمال فقلت أهلا بمثلك طول عمري ما التقيت
فأنت كشمعة سطعت أمامي أردت عناقها و بها اكتويت
شربت الحب من أحلى عيون فما هذا الفؤاد و ما ارتويت
ولمّا غادرت ثارت شجوني وضاع الدرب مني إذ مضيت
فـتـاة الإقـتـصـاد
18 يناير 1966
لـمن أشكو التياعي أو سهادي وأحكي ما يجيش به فؤادي
و أين المدرك الواعي لقصدي ليفهم ما أقول و ما أنادي
أتيت إلى العراق أروم درساً و أغرف من علوم الإقتصاد
فطاب لي المقام على رباها ومدّت لي ببغداد أيادي
سقاك الله يا بغداد غيثاً و أزهر في الحواضر و البوادي
بجسرك و المها قوم تغنوا و مثلهم لعمري جئت شادي
فهذي سنة الأسلاف كانت وما أنا جاحد سنن العباد
و أين لي التكتم ليت شعري وشوقي كل يوم بازدياد
لقد سلبت فؤادي ذات يوم فتاة في رحاب الإقتصاد
أصابتني بسهم من لحاظ فلم تخطئ وطاب لها اصطيادي
فمهلاً يا ظلوم عليً مهلاً فإني قد عييت من الطّراد
ورفقاً بالمتيم ليت شعري أقلبك من حديد أم جماد
أبالغ بالتلطّف في وداد فتمعن في التعنّت و العناد
جمالك لا يدانيه جمال كأن الحسن جاءك بانقياد
و عيناك تظلهما رموش تلفهما بأجنحة السّواد
و أما الحاجبان فلست أدري أرسم أو كخط بالمداد
لوجهك في سماء الحسن نور كبدر في سماء الكون بادي
وأنت الشمس تشرق في علاها وترسل نورها في كل وادي
قوامك في الرشاقة غصن بان تأوّد للنسيم و للفؤاد
ألا مهلاً بعيشك ذا دلال فرفقاً بالأديم و بالعباد
أبكـّر للدراسة كل صبح فأجلس في مكاني كالجماد
و أستاذ يحاضرنا بدرس ويوصينا بجدّ و اجتهاد
أنا في الصف لكن ذاك فكري يحلق في سمائك يا مرادي
وبعد الدرس أسعى في لقاء به أطفي حريقي و اتقادي
فيا عشر الدقائق فلتطولي فأنت غنيمتي بعد الجهاد
هنالك في الحديقة حيث كنا على الأعشاب نجلس بانفراد
وكان القلب يخفق مثل طير و ينبض بالمحبّة و الوداد
بنينا ألف قصر في هوانا وهمنا في بحور دون هادي
غداً تهوي القصور و ما بنينا فيبتهج الحواسد و الأعادي
ويذبل ما زرعنا من ورود وتهجرنا الأنامل و الأيادي
أتى يوم الفراق كما التقينا فصبراً للفراق و للبعاد
ألمانيا في 23 / 5 / 2008