مشاهدة النسخة كاملة : النهضة العمانية 23 يوليو
البراء
22-07-2008, 03:36 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركــاته
كم هو جميل أن تتغير النهضة ونصاحبهـا
مضت سنوات وعـمـاننا تزداد نهضتها رقيا ً وتألقـا ً
هنـا نسرد لكم من وقائع الجرائد اليومية
ومـاذا قيل في يوم النهضة 23 يوليو
وكم جميل أن تصاحبونـا السرد فبكم تكتمل النهضة
فـلنبدأ ...
البراء
22-07-2008, 03:37 PM
23 يوليو والتحول التاريخي
عوض بن سعيد باقوير
حيث قاد جلالة السطان قابوس بن سعيد المفدى الوطن الى آفاق رحبة من التطوير والتحديث والانطلاق نحو تنمية اقتصادية واجتماعية شملت الانسان والارض معا بحيث أصبحت عمان وبعد أقل من أربعة عقود دولة حديثة بها كل مقومات الدولة العصرية فإن كل عماني وعمانية يفتخر بهذا اليوم التاريخي والذي سيظل من الايام التاريخية في تاريخ الوطن الحديث.
لقد دخلت بلدنا عصر التحولات الحديثة ولعل صدور النظام الاساسي للدولة بالمرسوم السلطاني رقم 101/1996 يعد من الخطوات الحيوية حيث أصبح هذا النظام المتكامل بمثابة دستور للدولة من خلال القوانين التي تنظم شؤون الحكم والقضاء والعلاقة بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية مما جعل عمان تدخل في إطار دولة المؤسسات والقانون وهذا الامر بحد ذاته تحول مهم في إطار الدولة العصرية ومواكبة للتحولات في العالم ومن هنا فإن خطط التنمية تتوالى بشكل منتظم منذ عام 1975 عندما بدأ تنفيذ أولى الخطط الخمسية والتي غيرت من ملامح الوطن على صعيد وجود البنى الأساسية في كل الولايات العمانية.
ان الخطط الخمسية لعبت الدور المحوري في مجال التنمية وكان الانسان هو محور الاهتمام من خلال التركيز على التعليم والتدريب والتأهيل والحث على العمل من خلال سياسة التعمين والتي جعلت العماني والعمانية موجودين في كل مواقع العمل مما أعطى للتنمية المستدامة بعدا إيجابيا من خلال قاعدة واسعة من القوى العاملة الوطنية.
لقد أصبحت عمان من الدول التي تعتمد على العنصر البشري الوطني من خلال برامج عديدة تهدف الى حث الجميع على العمل والمشاركة الجادة في بناء الوطن كل جسب قدراته وهذا أمر مهم للتنمية ولعل التوسع في برامج التدريب والتأهيل والتعليم العالي وفق تخصصات تتماشى وسوق العمل يعد من الخطوات الضرورية حيث ان سياسة التعمين تعد من أساسيات نجاح التنمية.
ان الوقوف للتأمل والمراجعة هو أمر مطلوب في حياة الشعوب والأمم ولعل يوم النهضة المباركة يعد من الايام المشهودة التي يتذكرها الانسان العماني بكل الحب والفخر لأنها كانت الانطلاقة نحو فك طوق العزلة والتخلف وإيجاد وطن عصري يقوم على الوحدة الوطنية والبناء وتلاحم أبناء عمان في كل مواقع العمل مما اوجد مناخا طيبا للعطاء والابداع في كل الميادين والقطاعات الانتاجية.
ان يوم 23 يوليو سوف يظل من الأيام الخالدة في تاريخ الوطن وفي ذاكرة كل العمانيين حيث التحول التاريخي ليس فقط على صعيد الجانب التنموي ولكن على صعيد الوحدة الوطنية والتي تعد من الانجازات المهمة لقائد النهضة الحديثة للوطن والذي أوجد التناغم والانسجام الوطني والذي يعد من الضرورات لنجاح أي تنمية.
لقد أصبحت عمان تنعم بالأمن والاستقرار وهذا المنجز الوطني يعد أحد الركائز المهمة والتي من خلالها تنطلق الأوطان للأمام في عالم يموج بالعديد من الصراعات والحروب وعدم الاستقرار مما عطل التنمية في دول عديدة ومن هنا فإن الذي تحقق للوطن من انجازات ونقلة نوعية على صعيد الارتقاء بالانسان هو القيادة المستنيرة والحكيمة لقائد الوطن الذي كرّس جهده وفكره للوصول بعمان التاريخ والمجد الى المكانة المرموقة التي تستحقها كبلد حضاري له اسهامه على صعيد العالم ولعل الشواهد في سواحل افريقيا الشرقية والقرن الافريقي وشبه القارة الهندية وحتى الصين هي شواهد على مدى الاسهام الحضاري العماني حيث الاشعاع الفكري ونشر الاسلام الحنيف في بقاع الارض والتجارة وكل ذلك النشاط الانساني الذي جعل عمان أحد الامبراطوريات المهمة في التاريخ.
لقد أعاد جلالة السلطان المفدى لعمان بريقها ووجهها الحضاري والانساني وأصبح العماني يفتخر بوطنيته وقيمه وثوابته وأصبح مقدرا من الجميع في العالم حيث السياسة الخارجية والتي تتمتع بالمصداقية وعدم التدخل في شؤون الآخرين بل والقيام بأدوار سياسية بهدف الاصلاح واخماد المشكلات مما أكسب عمان تقديرا اقليميا ودوليا واسعا وفي هذا اليوم المجيد الذي نحتفل به جميعا في كل شبر على أرض عمان الخير نرفع التهاني والتريكات الى قائد النهضة المباركة وشعب عمان الوفي داعين المولى جلت قدرته أن تظل بلدنا واحة للأمن والاستقرار وان يمتع جلالة السلطان المفدى بالصحة والعافية وان يواصل مسيرة الخير لما فيه المزيد من التقدم والرفعة لعمان وشعبها.
جريدة عمان 22 / 7 / 2008
البراء
22-07-2008, 03:39 PM
النهضة العمانية والتوازن بين المغير والثابت «1ــــ2»
عبدالله بن علي العليان
«ترابط الثبات بالحركة في منهج المعرفة قانون أصيل شأنه شأن قانون التكامل والوسطية والتوازن، وهذا الثبات ليس بمثابة الجمود أو التوقف، لكنه بمثابة علامة الطريق التي تحول دون الوقوع في التيه، وفي مجال الفكر يكون هذا الإطار عاصماً من التخلف أو الانحراف، معينا على تنوع المضامين الفكرية داخلاً عصراً بعد عصر، فلا تزال الأمة قادرة على حمل رسالتها».
التوازن القويم الذي سارت عليه النهضة العمانية الحديثة ليكون طريقا للوطن والمواطن، هو أساس نجاح التوجهات النهضوية العمانية وتماسكها في مواجهة التحديات والتغيرات التي جرت وستجري في عالم اليوم من تقلبات عصفت بأمم وشعوب كثيرة أخذت المنهج الأحادي الشمولي، ونبذت القيم، فكان مصيرها متحف التاريخ. فمنهجية التوازن بين التفاعل مع العصر والحفاظ على القيم والثوابت والإرث التاريخي جعلت النهضة العمانية تمشي في تدرج محسوب وسير مرسوم بلا منغصات أو انحدارات تقّوض ما تم إنجازه واستلهامه من التقدم والتحضر ليضاف إلى هذا البناء التماسك القوي ولذلك فإن النهضة العمانية لم تعرف الثنائيات المتناقضة كما وجدت بعض الأمم كالتناقض بين الأصالة والمعاصرة.. بين القديم والحديث.. بين الثابت والمتغير.. بين التراث والعصر، هذا الالتئام عزز هذه النهضة، وأعطاها مداها واتساعها وقوى بنيانها لتكون أكثر استيعاباً لمنجزات الحضارة وفي الوقت نفسه أقدر استلهاماً لقيم التراث.
والدعوة إلى التفاعل مع العصر والدعوة إلى استلهام التراث واستيعابه لا تعني العودة إليه بالمعنى الزمني، وإنما تعني الأخذ بنمط حضاري يمدنا بالقوة والمعرفة وقادر على تحقيق تطلعات الأمة وطموحاتها.. والحفاظ على الثوابت لا تعني الهروب من مسؤوليات الحاضر وتحدياته.. وإنما هي عملية واعية لتحقيق الوجود لأن التاريخ هو الذي يمتطي صهوة الحاضر وعدته، وان المجموعة البشرية التي تنفصل عن تاريخها فإنها تقوم بعملية بتر قسري لشعورها النفسي والثقافي والاجتماعي وسيفضي هذا البتر إلى الاستلاب والاغتراب الحضاري.
والتوازن الذي حققته النهضة العمانية كان أكثر إتساقاً مع الذات، وأقوى ارتباطا مع الواقع، لأن هذه المعادلة العقلانية المتوازنة جمعت بين الثوابت والمتغيرات.
فالثوابت إطار والمتغيرات حركة داخلة، وهذا يعني وحدة الأصل وتعدد الصور، فمثلاً الكون في صورته العامة وإطاره الواسع ثابت لكنه ـــ بقدرته سبحانه ـــ دائب الحركة بين ليل ونهار، شمس وقمر، صيف وشتاء وهكذا.
فترابط الثبات بالحركة في منهج المعرفة قانون أصيل شأنه شأن قانون التكامل والوسطية والتوازن، وهذا الثبات ليس بمثابة الجمود أو التوقف، لكنه بمثابة علامة الطريق التي تحول دون الوقوع في التيه، وفي مجال الفكر يكون هذا الإطار عاصماً من التخلف أو الانحراف، معينا على تنوع المضامين الفكرية داخلاً عصراً بعد عصر، فلا تزال الأمة قادرة على حمل رسالتها، وحماية أمانتها، فإذا ذهب الثبات تحطم الإطار وفقد الرباط الذي يجمع بين الأمس والغد، هذا الإطار الثابت يتمثل في مجموعة القيم التي يقوم عليها بناء الأمة والذي تستمده من عقائدها وأخلاقها وذاتيتها وطوابعها المتفردة.
وينبغي من هنا أن تكون للنهضة صلتها بالماضي ـــ وهذا ما حددته النهضة العمانية بقيادة جلالته ـــ من منطلق الاستلهام لا التجاوز والقفز على مضامينه النيّرة التي يمكن أن تجسد تطلعات الأمم في استخراج الكثير من العبر والإضافات التي أنجزها الأسلاف، وكانت خير معين لهم في نهضتهم، وما حققوه من إنجازات . وهذا ما يدفعنا إلى ضرورة التمييز بين غاية النهضة ومضمونها، وما يقتضيه من الالتحام بالآخر وبين منابع النهضة وحسها التاريخي، أي مرتكزات قوتها الأساسية، وهو الجانب المتعلق بالهوية والتراث.
فعندما انطلقت النهضة في عمان بقيادة جلالته رسمت الملامح الأساسية لهذا التحرك نحو المستقبل بظلال الحاضر، ووازنت بين ما يجب أخذه وبين ما يجب تركه، بين الأخذ بتكنولوجيا العصر والعناية برصيد التراث، والتفاعل مع الحضارات الإنسانية وفق المصالح المشتركة وبين الاستمساك بالخصوصية والهوية الذاتية.
كما راعى الفكر النهضوي العماني الذي يقوده جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم هذه الفجوة القائمة في الحضارة المعاصرة، وتلك القواطع الغائبة في عقلية النهوض الذي لم يوازن بين القيم والمادة، مع انطلاقة هذه الحضارة الإنسانية فكان يلازمها الاضطراب والتوجس والنظرة الحائرة للمستقبل، وغلّبت على الجانب النفعي المادي على مضامين القيم الروحية والتراث الذي يعتبر امتدادا للحاضر، ونتيجة لذلك فقد التوازن المطلوب، والحضارة في أساسها (غاية وليست وسيلية). والإنتاج الفكري والعلمي والتقني والفني مظهر للحضارة، وليس هو الحضارة. وكل الإبداعات التي عرفتها الإنسانية من آنية الفخار حتى المركبة الفضائية التي حملت الإنسان إلى القمر، وكل النظريات، ابتداء من الدين حتى آخر نظرية فيزيائية أو قانونية، لم تبتكر لذاتها، ولكن للوصول بالإنسان ــ كل الإنسان ــ إلى الهداية، والاستقامة، وتحقيق المصلحة العامة، وإقرار السلام، والتخفيف من النوازع العدوانية، والقضاء على غريزة الظلم، وتنظيم الحياة في نفسها وبين والنجاح الباهر الذي حققته الحضارة الإسلامية في أوج ازدهارها، كان العامل الأول في هذه المكانة العالمية والانتشار العظيم لمنهجها العلمي والقيمي هو توازنها الدقيق بين معايير القيم ونوازع الابتكار والتفوق، وبين ما يتم أخذه من الآخر وما يتم تركه وإهماله، وقد عمدت إلى الوسطية والاعتدال والتوازن.
هذه النظرة المعطاءة المتوازنة التي راعتها النهضة في انطلاقتها إلى الإنجاز الكبير بين الحاضر وتحدياته الحضارية والماضي الزاهر بتراثه وقيم المجتمع وعاداته وتقاليده العريقة، كلها كانت السند الأقوى في هذا العطاء والإنجاز الذي عم أرجاء عمان، وكان بحق إنجازا باهراً شهد له كل المتابعين لسير النهضة العمانية والتوازن المحسوب ـــ كما قلنا ـــ والذي رافق تنميتها وإذا كانت مسيرة النهضة قد أعادت لعمان وجهها المشرق وتاريخها الحضاري ودورها الرائد في محيطها الإقليمي والعربي والدولي، فإن هذا الإنجاز ما كان أن يتحقق لولا السياسة الحكيمة والمستنيرة التي يقودها جلالة السلطان قابوس المعظم والالتفاف الشعبي حول قيادته لبناء عمان حرة كريمة أبيّة تتفاعل مع العصر وتتجاوب معه، وفي الوقت نفسه تحفظ قيمها وتراثها وتستخلص منه العبر والتجارب النيرة.
جريدة عمان 22 / 7 / 2008
البراء
22-07-2008, 03:40 PM
وعي العمارة كإحدى تجليات النهضة العمانية
عماد البليك
« بعيدا عن الخوض في الجدل الفلسفي الواسع الذي ادى لتغير المفهوم بالنظر إلى العمارة وفق هذا المنظور الجديد، فإن ما نطرحه هنا يتعلق بإنزال هذه القيمة في التشكيل الجمالي للعمارة العُمانية الحديثة القائمة في عهد النهضة، والتي تكاد التزمت حرفيا بتطبيق مبدأ: الزمان في المكان ».
إذا كان المعماري الفرنسي (مايس فاندر روه)، قد اخترع تعريفا للعمارة نصه، أنها (إرادة العصر مدركة في مصطلحات مكانية)، فإن هذا الاختراع اللفظي، لم يصمد طويلا أمام اختراع ثان كان أكثر جاذبية وقدرة على اختراق المفاهيم الكلاسيكية لوعي الإنسان في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث وجدت الإنسانية ذاتها مجابهة ما بعد نفض آثار الحرب العالمية الثانية، بتجاوز شرط مجرد إرادة العصر وهيمنته في تحقق المكان، لتصير المعادلة الجديدة في المفاهيم المعمارية الأكثر حداثة: أن العمارة هي (جعل الزمان في المكان). بمعنى احتواء مجمل حراك الزمن في (أمسه وحاضره ومستقبله) في المجسد المادي الذي يعيش ويعمل وينتج داخله الكائن البشري.
بعيدا عن الخوض في الجدل الفلسفي الواسع الذي ادى لتغير المفهوم بالنظر إلى العمارة وفق هذا المنظور الجديد، فإن ما نطرحه هنا يتعلق بإنزال هذه القيمة في التشكيل الجمالي للعمارة العُمانية الحديثة القائمة في عهد النهضة، والتي تكاد التزمت حرفيا بتطبيق مبدأ: الزمان في المكان مع الإشارة إلى أن هذا المبدأ ورغم وضوحه من حيث الظاهر، إلا أنه يحمل أكثر من دلالة الأمر الذي أوقع نظرية العمارة لدى العديد من الشعوب في إرباكات جلية، فالبعض فسّر المبدأ المشار إليه من باب مجاراة اللحظة تضامنا مع ثقافة الإنسان الجديد وكيمياء الحياة المادية التي انطبع بها. فكانت النتيجة أن تحققت مجسمات مادية خضعت لرهن الإيماء الدرامي المتأتي من التركيز على الصورة المجردة لمجمل التجسد الشكلي للخارج، وانطبق ذات الشيء على الداخل، مما أفرغ العمارة من أي مضمون روحاني، وبدلا من أن يكون المبنى صديقا للإنسان كما كان ينادي المعماري الأمريكي فرانك لويد رايت في الربع الأول من القرن العشرين، بقيام عمارة تمتد كجزء من الريف، وجد الإنسان نفسه يعيش في عمارات سامقة لا ينتمي لها أو تشعره بالأمان. كما أن الإطار المدني ككل من حيث الأبعاد الثلاثية للمكان تشبث بحالة من الرعونة الخانقة للكائن، فانعكس ذلك سلبيا على استقرار النفس البشرية وفاعليتها الروحانية.
في منجز النهضة العمانية وبالنظر إلى الإطار المدني والبنايات التي تطبعت بالعصر الجديد، فإن ما تحقق هو إسقاط فعلي لنظرية (جعل الزمان في المكان)، بخلاف ما حدث في مدنيات أخرى مرّت بذات الشرط العماني من حيث التطور والترقية من التقليد إلى التحديث. فعمان احتفظت بطابع عمراني بسيط من حيث القراءة الأولية، والشهادة الأولى. ومعقد من حيث القراءة الثانية بالاستناد إلى فلسفة عمارة ما بعد الحداثة المعرّفة بـ (الكلاسيكية الجديدة)، التي حاولت أن تتجاوز إخفاقات التراث العمراني من حيث تغييب بُعد الذاكرة الجمعية للمجتمع متمثلة في تراثه وموروثه وتقاليده. مع الإدراك بأنه لا يمكن بأية حال من الأحوال فهم التشكيل الجمالي لدى ذهن أي مجتمع ما لم نفهم تلك الذاكرة بتعمق.
إن رؤية تحليلية تعيد استحضار التأسيسات النظرية للنهضة العمانية، لن تتجاوز العبارات التي وردت في أول سطر من خطاب جلالة السلطان المعظم لدى تسلمه زمام الحكم في الثالث والعشرين من يوليو سنة ،1970 حيث ورد نصا: (إني أعدكم أول ما أفرضه على نفسي أن أبدأ بأسرع ما يمكن أن أجعل الحكومة عصرية وأول هدفي أن أزيل الأوامر غير الضرورية التي ترزحون تحت وطأتها). هذه العبارات تفتح الأفق لإمكانية استيعاب العمارة العمانية، باعتبارها واحدة من منجزات الحكومة العصرية، والتي استطاعت أن تتخلص - أي العمارة - من (وطأة الأوامر غير الضرورية). وقد جاءت استجابة المكان لهذا الشرط التأسيسي ليعكس عمارة ذات بعد عصري بشرط (جعل الزمان في المكان)، مع التخلص من كل الزوائد وأيضا التفاصيل غير الضرورية، والتي لن تكون - إذا تحققت - ليس إلا عبئا غير مرغوب فيه، لا يخدم فلسفة (العصرية) التي تنادي بها النهضة.
تحيل كلمة (العصر) إلى معان كثيرة، سواء من حيث الدلالة اللغوية أو التأويل المرافق للحالة، ومن ضمن المعاني اللغوية فإن عَصَرَ الشيء تعني استخرج ما فيه من دهن أو ماء(المعجم الوسيط)، والعصر هو الوقت في آخر النهار، أي الزمن الذي يبلغ فيه النهار مبتغاه، وبمعنى أكثر توسعا بالخروج عن الالتزام الحرفي بالقواميس، حيث أن اللغة يعاد ابتكارها ذهنيا من خلال التدوير الذي يُسقِط الجمود والثبات والتقوقع، فإن كلمة عصر تفسر الوصول إلى الخُلاصات والتمام وبلوغ الهدف المنشود، بثمرة متأتية عن السفر في الزمان أو المكان أو الشيء. لكن ما يحكم المعنى في إطار المسألة العمانية وبالرجوع إلى الخطاب التأسيسي لجلالة السلطان، تحديدا العبارات التالية للافتتاح، والتي تأتي تبعا للعبارات الواردة أعلاه.. سنقرأ النص الآتي: (سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل، وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب). لنفهم بعدها مفردة (عصر) في إطار البحث عن /وتحقيق السعادة والمستقبل الأفضل.
إذا كانت فلسفة النهضة العمانية تنبني على قاعدة توازن أصيل بين مكتسبات الماضي ومنجزات الحاضر، فإن هذا الشرط كان من الضروري أن يتحقق في العمارة، لكونها تجلٍت شاخصة للعيان، لأن أول ما تقع عليه العين وتقترب به من تكوين فكرة مبدئية عن المكان وبالتالى الإنسان هي العمارة. فإذا اختل التصوّر المبدئي من خلال المجسم، عن النتيجة اللاحقة من خلال التفاعل مع الكائن، اختل شرط أساسي في أصالة الإنسان ومكانه، وهو ما ينطبق على مجتمعات انحرفت عن أمسها فقولبت المكان بغير ما هي عليه من واقع وقيمة. والبعض فهم أن التأصيل في العمارة لا يتعدى مجرد أن نستعير الرموز الشكلية فنضعها على واجهات المباني أو نصمم مبنى على شكل رمزية معمارية شكلانية قديمة. مثلا: أن يصمم المصريون مبانيهم على شكل إهرامات، أو يصمم اليونانيون مبانيهم على شكل الأكروبولس، أو اليابانيون على شكل البيت الياباني التقليدي المبني من الخشب، وهو ما لم يحدث. ففي بعض الشعوب وقع فهم خاطئ لمفهوم تأصيل العمارة، فكانت مجرد مسخ مشوّه لما كان في الماضي من خارجها. وحتى في الغرب ولزمن طويل ظلت مدارس معمارية ترفض فكرة أن البيت مجرد آلة للسكن كما نادى المعماري الألماني ولتر جروبيس مؤسس مدرسة (الباهاوس). ومن ضمن الرافضين فثمة تيار يتخذ موقفا معارضا للبنايات العالية جدا، حتى لو أنها تحقق اختصارا للجغرافيا والزمان، والسبب أن فكرة هذا الاختصار في حد ذاتها، تجاوزت الفهم القديم بعد ثورة التواصل الافتراضي التي ساهمت في صياغتها التقنيات الجديدة كالانترنت باعتباره المشهد الأكثر حداثة في مشروع تلاشي فكرة الزمان والمكان الكلاسكيين.
بالتالى فقد ولدت العمارة العمانية الحديثة بناء على هذه مناظير تؤمن بالتوازن وفق المفاهيم التي أسست لمجمل مشروع النهضة والتنمية، فكان أن التزمت العمارة بروحانية الإنسان وامتداداته في أمسه وجذره الحضاري، وبهذا تحققت (عصرنة العمارة) دون طغيان على الموروث أو مجاراة للآخر في غير ما محلها: بتباين في جدلية العلاقة بين الإنسان والأرض، والإنسان والزمان. وهنا يمكن الاستشهاد بمقولة جلالة السلطان: (إني ارفض أن تطغى العصرنة على الموروث فموروثنا جميل ولايحتاج إلا إلى بعض التطوير وإلحاقه بالعصرنة بشكل متوازن لايطغى فيه هذا على ذاك). وهذا المفهوم العام يضع شروطه في تجليات النهضة عبر كافة صور منجزها، سواء كانت متعلقة بالسعادة المادية المباشرة أو السعادة في بعدها الروحي. ويرى جلالة السلطان: (أن الدول التي تفتقد للأسس الروحانية هي خواء، وليس هناك أهم من الجانب الروحاني في بناء الأمم، فهي التي توجد التماسك والتلاحم، وهي التي تخلق أجواء السماحة والأمان والسلوك الحسن). وقد جاءت هذه الرؤية في الحوار الذي أجرته صحيفة السياسة الكويتية مع جلالته في أبريل الماضي. وتم الاستشهاد بها هنا لتأكيد مبدأ فكرة الروحانية في مقابل مادية الحضارة الجديدة، وكون عمان ركزت على أن لا يلهيها التطور المحسوس عن تناسي روحانية الأمس التي بنت مجد عمان القديمة، والتي أشار لها جلالته في ذات الخطاب التأسيسي للنهضة: (كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة وإن عملنا بإتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى).
إن هذا التوازن المعقول بين القديم والجديد، التراث والحداثة، الغيب والمحسوس الخ.. هو الذي هيأ للعمارة العمانية الحديثة أن تأتي متوازنة من حيث الامتداد الأفقي والرأسي وأن تعتمد طبيعة الأرض دون أن تتغول عليها، كذلك تقاليد الإنسان دون أن تسرقه للعيش داخل أبراج مشيدة تكاد تناطح السحاب، فيندمج في زمن جديد متخيل، غير الزمن الذي من المفترض أن يعيشه والذي هو قائم على تلك الموازنة بأن زمن اليوم امتداد لزمن الأمس في بعده المكاني والروحاني. وبالتالى فإن التطوير في الأنماط المعمارية يفرضه التطور الطبيعي للحياة، لا الإقحام ومحاولة زحزحة الزمن إلى ما غير مكانه، استنادا على تطور الوعي والثقافة والتدرب العملي على كافة أسئلة الحياة، وقد أشار جلالته لهذا المعنى بقوله: (كلما ازداد شعبنا تدرباً ووعياً وثقافة، كلما تعامل مع التطور المادي والعمراني على النحو المنشود).
ثمة نظرية تقوم وفق مفاهيم الحداثة في النظر للفن، بحسب (لان- 1985)، تجعل أي عمل فني مرجعتيه الذات أكثر مما هو مرآة للمجتمع. لكن هذه النظرية وفي إطار العمارة، تخضع لتشكيك له مبرراته، لأن النظرة الغالبة في العمارة أنها مرآة المجتمع قبل أن تكون مرآة الذات. بيد أن بعض الاختراقات التي تفارق وعي الذات وتبحث عن الأنا المفرطة، تنفي هذه النظرية بأحكام بعض أصحاب المباني وعيهم الجمالى على المصممين تحت نفوذ المادة وبريقها، بهدف إنتاج بنايات هدفها الرئيسي هو المباهاة والتميّز عن الآخرين. وفي المشهد العماني فإن العمارة لا تزال كونها مرآة المجتمع، وقد لعبت مبادئ النهضة وتأكيدها على التوازن دورا في ذلك بحكم ما تشكّل من وعي جمعي وأيضا القانون الذي يكون ضروريا كجانب تنظيمي خاصة في أمور تتعلق بالتخطيط المدني والعمراني، حيث يحدد القانون السمات العامة لشكل العمارة بناء على الفلسفة التي تنطلق منها الحكومة.
بفعل فلسفة التوازن التي نوقشت أعلاه، انبثقت أطر عامة وجهت العمارة العمانية الحديثة، من حيث الأشكال والألوان والنظر إلى مفهوم الجمال. وهنا يمكن الرجوع إلى ما قاله جلالة السلطان في هذا الإطار ردا على تعليق رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية (زرت مدينة مسقط والقرى المجاورة لها، فلم أر إلا البساطة فعلاً وجمالا لافتا). كان رد جلالته: (سر الجمال يكمن دائماً في البساطة، إن كل ما في هذا البلد بسيط حتى ألوان المدينة ومبانيها الخارجية محكومة بألوان مختارة ومحددة اعتقد أنها سبعة ألوان أنيقة فقط). وهو ذات المبدأ الذي يقول به المعماريون less is more ويعنون به أن الجمال الباهر يتأتى عن طريق مفردات بسيطة وليس عن طريق التعقيد، وربما كانت هذه قاعدة عامة في فلسفة الحياة وشروط النجاح فيها بشكل مطلق. وهي قاعدة ترتبط بوعي الذات من حيث إمكانياتها ورغباتها، أيضا هدفها وغايتها في هذا العالم، فمن يحقق الوعي الصحيح بالذات ويردفه بالمعرفة والحكمة يقدر على أن يوجد خصوصيته التي تمكنه من أن يكون متفردا ليصل إلى الحلول بأبسط الطرق، بعيدا عن التعقيد مولّدا جماليته الخاصة.
بالعودة إلى نظرية (جعل الزمان في المكان)، فإن عمان وبعد أن أكملت 38 عاما في مسيرة النهضة، فقد تغيرت فيها الكثير من الأشياء تطورا في إطار مبدأ (العصرنة) الذي انطلقت منه فلسفة الحكومة. وهذا يعني أن المرحلة المقبلة في مجال العمارة، سوف تخضع هي الأخرى للاعتبارات الجديدة، مع الاحتفاظ بالمرتكزات والثوابت التأسيسية: مبدأ التوازن والجمال القائم على البساطة وما تمليه الحاجة، وقد أشار جلالة السلطان لهذا الأمر في إطار حديثه عن الموازنة بين الموروث والعصرنة بقوله: (هذه النقطة كنت أتداولها مع نفسي وأعايشها كثيرا ورأيت أني أرفض أن تطغى العصرنة على الموروث فموروثنا جميل ولايحتاج إلا إلى بعض التطوير وإلحاقه بالعصرنة بشكل متوازن لايطغى فيه هذا على ذاك) وقد وردت هذه الجزئية سابقا، وأضاف جلالته: (لقد وصلت عمان في نظري إلى مراحل متقدمة في هذا المضمار، واعتقد أنه أصبح علينا أن نزيد من جرعة الانفتاح خصوصا أن البنية الاساسية اكتملت والمدينة جميلة وعلينا أن نزيدها جمالا، فهي مهيأة وفيها الأمن والأمان اللذان يتطلبهما الانفتاح إضافة إلى أننا جملنا التراث وقاربناه مع العصرنة). الإشارة الواضحة (المدينة جميلة وعلينا أن نزيدها جمالا) تعني أن التطور مستمر، وأن ما تحددت به عمارة اليوم في عمان ليس هو الأفق المرتجى في ظل معادلة (جعل الزمان في المكان)، وتعني أيضا بربطها بباقي العبارات التالية لها: أن مرحلة الانفتاح تتطلب تطوير رؤى جديدة في العمارة العمانية تواكب صناعة السياحة والاستثمارات الضخمة في هذا المجال من داخل عمان وخارجها. لكن هذا التجديد لا يرمز لإغلاق الأمس أو سد بابه، فالدول ذات الخصوصية كعمان، مثل البشر أصحاب الخصوصية، لا يغتالون مبادئهم ومكتسباتهم وخبراتهم على حساب الجديد.
يؤكد جلالة السلطان: (لا ننسى أن ما يأتي سهلا يذهب سهلا، ولا أريد أن يأتي الانفتاح سهلا حتى لا يذهب سهلا). ومن هنا نصل إلى خاتمة بخصوص العمارة العمانية الحديثة كأحد تجليات النهضة والعصرنة، بأنها سوف تحقق انفتاحها وستتطور على مستوى الشكل والرؤى الجمالية تدريجيا. فعمان التي كانت سنة 1970 ليست هي عمان اليوم من حيث العمارة.. وحتما لن تكون عمان بعد بضع سنوات من الآن هي ذات عمان اليوم.
جريدة عمان 22 / 7 / 2008
البراء
22-07-2008, 03:42 PM
الانتقال من الفردية إلى المواطنة
د. هادي حسن حمودي
«استطاعت عُمان، ليس فقط ايقاف التداعيات التي كانت تنخر في هيكل المكونات السكانية الأساسية قبل سنة ،1970 بل استطاعت أن تنتقل بمواطنيها من تخوم الذاتية والمناطقية والقبلية الى مشارف القرن الحادي والعشرين عبر إقامة دولة عصرية بكل معاني الكلمة التي تضم كلا من الموروث حين يكون صالحا، ومن العصر الحديث حين يكون نافعا، بترسيخ مفهوم المواطَنة كحقّ وواجب لجميع أبناء المجتمع».
في العالم وعلى مختلف الأدوار التاريخية، ثمة مجتمعات مختلفة في بنائها وفي مكوّناتها. وهذا الاختلاف ما زال ملحوظا بين مجتمعات العالم المعاصر. ففي الوقت الذي نجد أحزابا تتناحر في الجزائر وأفغانستان، مثلا، وحكومات تضطهد مواطنيها بمختلف الأساليب وتحت شتّى الذرائع والعناوين، نجد مجتمعات اصطلحت على أنظمة تسيّرها تحقيقا لاستمرارها في الوفاق الاجتماعي وتطورها الحضاري. إن كل المجتمعات البشرية قد احتضنت، في صورة من الصور، مجموعات من الأشكال التنظيمية للحياة، وأن الحكم على تلك الأشكال لا يُتوصَّل اليه إلا بدراسة النتائج المتولِّدة عنها.
ولا ريب أن المجتمع العُماني في سنة 1970 كان قد ورث قرونا متطاولة من تراث العلم والعمل. ولكن ذلك التراث كان مغطّى بركام فرضته العزلة، لذا، لا نبالغ إذا قلنا أن عُمان في ذلك التاريخ لم يكن فيها، أي شكل من أشكال الجهاز الاداري الحديث للدول المعاصرة، فلم تكن في البلاد الا ثلاث مدارس صغيرة ومستوصفان اثنان فقط، وسبعة كيلومترات من الطرق المعبدة، وخزينة ليس لها موارد يعتدّ بها.
ولما كان الجهاز الإداري الأساس الذي لا تقوم الدولة بدونه، صار لزاما على عُمان أن تبادر الى تأسيس ذلك الجهاز القابل للتطور بما تقتضيه مسيرة نهضتها الجديدة؛ لذا نلاحظ أن الخطاب الرسمي في الأعوام الأولى من النهضة عُنِيَ كثيرا بالإعلان عن تأسيس الوزارات والأجهزة الإدارية وبخاصة تلك التي على تماسّ مباشر مع قضايا الناس. فساعد ذلك الاعلان على توعية المواطنين بأهمية الأجهزة الإدارية وما يمكن أن تقدّمه من نفع لهم حين يتعاونون معها لإنجاز معاملاتهم وقضاياهم وحل ما يعترضهم من مشكلات. ففي تلك الحقبة من تاريخ عُمان المعاصر، كانت الأميّة متفشية بين المواطنين، ولم تكن هناك أجهزة إعلامية تصل اليهم في قراهم ومدنهم خارج حدود مسقط الإدارية، كما لم تكن وسائط النقل ميسّرة ولا من طرق تسهّل الاتصال بين مناطق البلاد، فلم يكن هناك مفرّ من عرض ما يجري من تجديد اداري وافتتاح مدارس ومستوصفات وغيرها عن طريق الخطاب الرسمي نفسه.
وكان إنشاء هذه الوزارات والادارات في السنوات الأولى من النهضة إيذانا ببدء مرحلة تمتاز بتكوين منظومات إدارية تمهّد الطريق لظهور المؤسسات، حيث إن التطور الاجتماعي يستلزم التنظيم الإداري على وفق رؤية تجعل لذلك التنظيم وظيفةَ تطويرٍ متصاعدٍ لوعي المواطن ومشاركته في بناء بلده وتقدم مجتمعه، عبر تحوله الى مجتمع مؤسسات.
ذلك أن تنظيم الدولة في المجتمعات المعاصرة يعتمد اعتمادا كبيرا على إنشاء المؤسسات، ولكن مع ملاحظتين جديرتين بالانتباه:
∎ الأولى: ألا يبدو تكوين المؤسسات وكأنه قفزة الى المجهول، لأن المؤسسات لن يكون لها أي تأثير في مجريات الأمور ما لم يتوفّر لها العنصر البشري القادر على تسييرها وعلى استيعاب دورها في المجتمع. لذلك فإن العمانيين لم يتعجّلوا الأحداث وإنما بذلوا جهدا خارقا لتكوين العناصر الوطنية الكفاءة الواعية، ليكون ذلك إيذانا بانطلاق المؤسسات وذلك ارتكازا على موروث ثقافي إنساني، يشكّل ملمحا من ملامح الذات العُمانيّة.
∎ الثانية: أن يتّسق ذلك مع نسق علمي لتنظيم المجتمع ومدى احتياجه لتلك المؤسسات وتوظيفها لصالح تطور البلاد. إذ يجب أن يخضع ذلك الى قواعد محددة تراتبيّة تأخذ بالحسبان مرحلة التطور وحاجاتها وحاجات المراحل اللاحقة.
إن كل الظواهر تؤكّد أنه لا يوجد مجتمع شامل إلا إذا كان مجتمعا منتظما. ولا مجال هنا للتساؤل عن الدور الذي تلعبه المؤسسات (أو الذي يمكن أن تلعبه) لتطوير المواطن نفسه. إذ ان أشكال التنظيم الاجتماعي لها دور لا يمكن نكرانه في ذلك التطوير، حين يتم الانطلاق من البنية الأساسية الأولية للمجتمع.
وفي حالة عُمان، فالأسرة والقبيلة كانتا دعامتين أساسيتين لتكوين المجتمع العُماني عبر التاريخ. وهذا يعني أن عُمان الحديثة ورثت في سنة 1970 مجتمعا له تنظيماته الاجتماعية الخاصّة متمثّلة بالأسرة والقبيلة. وصحيح أن تلك التنظيمات كانت تلتقي في أوقات الشدة دفاعا عن عُمان كلها لا عن أرض قبيلة معيّنة، إلا ان ذلك الالتقاء لم يكن السمة البارزة في العلاقات بين تلك المكوّنات أو التنظيمات. فكثيرا ما يحدثنا التاريخ عن معارك وصراعات قبلية تختلف في شدتها وعنفها بحسب عوامل مختلفة ومتعددة.
وحين بدأت الدولة الحديثة بالتشكّل في سنة 1970 أفادت من الدعامتين لاقامة صرح الدولة الحديثة في عُمان. واستطاعت الدولة العُمانية عبور حدود تلك الأطياف الاجتماعية باتجاه بث روح المواطَنة وتنميتها، بحيث تصبح جميع الأسر وجميع القبائل منتظمة في بناء الوطن، جنبا الى جنب، فأمام القضايا الكبرى يجب على المواطنين أن يعبروا تخوم الموروث الى مشارف بناء المستقبل.
ولم تكن مهمّة ايجاد روح المواطَنة مسألة سهلة، لأنها تتعلق ببناء الانسان، وليس ثمة وجه شَبَه بين بناء الانسان وبناء العمارات وشق الطرق، فهذه عملية أيسر من تلك بما لا يقاس.
وعلى هذا الأساس يمكن أن نفهم المشكلات التي تجابه نهضة أيّ بلد حين الانتقال من مرحلة تجمّعات موروثة برسوخ تاريخي عميق الجذور، الى مرحلة (مؤسّسيّة) حديثة في فترة زمنية قياسية؛ مما يقتضي مستويات مختلفة من التعامل مع تلك المشكلات، لا على أساس إلغائها بقرار فوقي، أو رفضها جملة وتفصيلا، لأن مثل هذا التعامل لن ينجح أولا، وسيسبب كثيرا من المآسي الاجتماعية، والانهيارات على أصعدة متعددة ثانيا.
لذا عالجت عُمان هذا النتوء من ناحيتين:
∎ فمن جهة، ارتكزت التنمية فيها على إرادة المجتمع العُماني وتقاليده الموروثة التي تتجلى في الارادة العامة لتطوير البلاد، على أساس القيم والأعراف السائدة في المجتمع العُماني ذاته.
∎ ومن جهة أخرى، بالارتكاز على روح العصر ومتطلباته، ومنطق التاريخ المتطور، فتم تطوير البلاد على أسس علمية حديثة مستفيدة من التراث والقيم التي آمن بها المجتمع العُماني.
وبهذا يمكن أن نشخّص أبرز سبب من أسباب نجاح عُمان في الانتقال من مرحلة ما قبل المواطَنة، الى مرحلة المواطَنة، بنجاحها في تحقيق وحدة المجتمع العُماني حكومة ومواطنين. والحقيقة أن الحكومة في كل بلد لا تتكون إلا من المواطنين أنفسهم، أما هذا التقابل بين الطرفين في بعض البلدان، فانما يعود لوجود شرخ عميق ما بين القمة والقاعدة.
وعلى أساس نظرة توحيدية تجمع الأطراف الاجتماعية في عمل متكامل ومنتظم، فسيصبح مفهوم المواطَنة عبور تخوم الموروث باتجاه وحدة المجتمع وفك شرنقة العزلة عن العناصر السكانية ودمج أبناء البلاد مع بعضهم البعض باعتبارهم مواطنين أولا وقبل أي شيء آخر من غير تناقض مع انتماءاتهم القبلية والمناطقية، وعليهم أن يمارسوا مواطنتهم هذه بأن يخلقوا لأنفسهم ظروف حياة أكثر يُسرا.
وبذلك استطاعت عُمان، ليس فقط، ايقاف التداعيات التي كانت تنخر في هيكل المكونات السكانية الأساسية قبل سنة ،1970 بل استطاعت أن تنتقل بمواطنيها من تخوم الذاتية والمناطقية والقبلية الى مشارف القرن الحادي والعشرين عبر إقامة دولة عصرية بكل معاني الكلمة التي تضم كلا من الموروث حين يكون صالحا، ومن العصر الحديث حين يكون نافعا، بترسيخ مفهوم المواطَنة كحقّ وواجب لجميع أبناء المجتمع.
ومن أولى القناعات العُمانية في مرتكزاتها العميقة، أن المواطن يجب أن يكون على صلة بالحضارة وقيمها، وهذا يعني، بداهة، أن المجتمع، بدوره، يجب أن يكون على تلك الصلة نفسها كي يستطيع أن يصقل الأفراد؛ وفي الوقت ذاته فإن المجتمع ما هو إلا مجموعة أفراد تربط بينهم علاقات معينة، فالمسألة هنا متداخلة الأجزاء، يجب أن يتطور الفرد ليشارك في تطوير المجتمع، كما انّ المجتمع يجب أن يكون متطورا كي يستطيع أن يطوّر أفراده.
وقد تبدو هذه الرؤية على شيء من التعقيد أو الاستحالة بتكرر الأدوار، غير أن الوضع العُماني قد حلّ إشكاليات هذا التعقيد بوجود ذلك التوحّد بين أطياف المجتمع العُماني، ودور العمل والانتاج في توعية المجتمع كلّه، بحيث تنمو كوادره ويزداد وعي أفراده.
ومن اليسير أن نقرّر، بناء على قناعات علم الاجتماع، أن لكل شعب ثقافته الخاصّة وتكوناته الحضارية، وأن هذه الثقافة وتلك التكوّنات تؤلّف بوجه الاجمال مهادا أو أرضية خصبة لنشر الوعي وتعميقه وتطوير المواطن وادماجه بمجمل عملية التنمية والنهضة ارتكازا على روح المواطَنة التي تتبلور لديه باضطراد. وتتجلى عبقرية أي مجتمع حين يستطيع الاستفادة من الثقافة الموروثة وأن يحوّلها، بكل إيجابياتها وسلبياتها باتجاه المستقبل، وهذا يعتمد كثيرا على إعادة بناء مفهوم المواطنة من جديد.
وبلا ريب فإن نجاح أي دولة، في أي مكان في العالم بنقل الفرد من مرحلة ما قبل المواطَنة الى مرحلة المواطَنة يعتبر أبرز الكواشف المنبئة بالتطور، وأعظم دالّة على النمو الاجتماعي والتنمية البشرية.
فكيف استطاع العُمانيون أن يحققوا هذا الانتقال؟ وما الوسائل والأساليب التي اتخذوها لمواصلة السير في هذا الاتجاه وصولا الى الغاية المرجوّة؟
أوّلا: اعتبار المواطَنة روح المواطن ووجوده وكيانه، فلا مواطن من غير تشبّعه بمتطلبات تلك الروح، وعقد الولاء للوطن واختياراته النهضوية. والانتماء الى وحدة الوطن والمجتمع، وهذا يشير بشكل حاسم الى أن مفهوم المواطَنة مرتبط بتلك الوحدة، أي بخطط التنمية والنهضة.
فكل فرد من أفراد المجتمع أدرك، ومنذ الأيام الأولى للنهضة، أن قيمته الفردية ستتجلى في اندماجه الوطني مع عموم الأفراد الآخرين من أبناء المجتمع، ولا يمكنه بعد الآن أن يتقوقع على جملة من العلاقات الانعزالية الموروثة.
كما ان الانتقال من تلك العلاقات المنغلقة الى الولاء للوطن يضع أساسا مكينا لوحدة البلاد والمجتمع والسير الى الأمام نحو الغد المشرق.
ثانيا: توعية الفرد بأهمية المواطَنة ومدى دورها في تحقيق النمو والتطور:
الطّريق الثاني الذي سلكته عُمان لنقل الفرد الى مواطن، الانجازات على أرض الواقع الذي يعيش في خضمّه كل أبناء المجتمع العُماني.
فالحضارة لا يمكن أن تُبتنَى إلا على أساسين، الأساس الروحي، والأساس المادي.
إن كل منجَز حضاري جديد، إنّما يكتمل بجهد المواطن، وبالتالى فإن المواطن سيكتسب خبرة مضافة الى ما لديه من خبرات، ليوظّف ذلك في مشروع آخر يكتسب به أيضا خبرة مضافة، فيتصاعد الوعي الاجتماعي وتتعمّق روح المواطنة باستمرار العمل والانجاز للمشاريع التي يحتاج اليها المجتمع برمته.
إن هذا التراكم من المنجزات سيمنح كل مواطن دافعا جديدا أو قوة جديدة من أجل النمو، وهو ما اصطلح عليه علماء الاجتماع بالقوّة من أجل النمو الذي يفسّر بشكل علمي دوافع الانسان للتطور، إذ ان في داخل كل إنسان دافعا للنمو، وانه حين يُعطى الفرصة للتعبير فانه ينجز أسمى صفات التفكير والابداع والحضارة.
إنّ كل فرد يطمح الى أن يحقق، وبشكل متزايد، كل إمكانياته الداخلية، وهو على استعداد ليتخلص من سلبياته الفردية متحوّلا الى مواطن جدير بحمل جنسية بلده واشتراطاتها. ويمكننا أن نصل الى فهم هذا الطموح، بطريق علمي، في تحليلنا لما أطلق عليه علماء النفس مصطلح »تحقيق الذات فثمة مجموعة من الحاجات والقيم تعمل عملها في داخل الفرد، في وعيه، ولا وعيه. وهذه الحاجات والقيم منها ما يكون بدائيا، كالغرائز، ومنها ما يكون متطورا ومكتملا كالقيم الأخلاقية، والتحلّي بروح المواطنة بكل ما تتطلّبه».
جريدة عمان 22 / 7 / 2008 م
البراء
22-07-2008, 03:45 PM
النهضة العمانية .. سطور من ذهب في سجلات التاريخ
زكريا فكري
صحفي مصري
لا يتكلف المرء عناء جمع الحروف والكلمات إذا ما كان سيكتب عن شيء يحبه أو يجد له في داخله صدى وقرار وفي هذه الحالة تنساب الكلمات في سلاسة وعذوبة ،فهي تخرج من القلب بلا تكلف وبلا تجميل وبلا ضابط إلا من المشاعر والأحاسيس الطيبة الفياضة ، ولأننا نعيش أجواء مناسبة عظيمة هي يوم النهضة الحديثة المباركة التي لا ينضب معينها و التي تمر علينا كل عام محملة بنسائمها الطيبة وحاملة الجديد والعديد من الإنجازات كان لابد وأن تتحرك المشاعر و تجيش الأفكار والخواطر وتفيض القلوب بمحبة هذا البلد الذي بادلنا حبا بحب وعشقا بعشق .
وتبقى سلطنة عمان وقائد نهضتها المباركة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـــ حفظه الله ورعاه ـــ وشعبها الطيب الأعراق واحدة ممن يعشق المرء ويحب. والسلطنة حباها الله بالخيرات وأسبغ عليها تبارك وتعالى من النعم ما جعلها حلم الحالمين وواحة الذين ينشدون العيش في هناء وأمن وسلام بفضل من الله ثم بفضل قائد حكيم وعظيم يضرب بحكمته وحلمه وعلمه المثل بين شعوب الأرض أجمعين ، قائد أشرق على يديه فجر يوم عظيم فإذا بهذا البلد الطيب وقد نهض وقام على النحو الذي يليق به بين مصاف الأمم والشعوب ، وها نحن نتحين المناسبة والفرصة كي نذكر جميل صنيع القائد المعظم ، صانع النهضة الحديثة المباركة ، وعظيم إنجازاته التي لا تزال تتوالى منذ 38 عاما ، نذكر إنجازه الأكبر الذي بدأ بخطابه التاريخي الأشهر في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970 لتنطلق قاطرة النهضة الحديثة لعمان الحبيبة ،عمان العراقة ،عمان الأصول والجذور. ففي مثل هذا اليوم من عام 1970 أعلن جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـــ حفظه الله ورعاه ـــ وضع حد لكل مظاهر التأخر عن مواكبة العصر ومواجهة الفقر بكل أنواعه سواء فقر المرافق والخدمات أو فقر مستويات المعيشة وقسوة الحياة وبدائيتها . وقرر جلالته مواجهة انتشار المرض بسبب عدم وجود المراكز الطبية أو المستشفيات حيث كان الناس يموتون على ظهور الدواب وهم في طريقهم إلى أقرب مركز طبي ، إلى جانب عدم وجود طرق أو مدارس أو اتصالات أو مواصلات وغير ذلك كثير من مظاهر قسوة الحياة.
في ذلك اليوم أعطى جلالته إشارة البدء لانطلاق نهضة كبرى سجلت نفسها وما حققته من إنجازات هائلة بمداد من ذهب في صفحات التاريخ الحديث، نهضة تقاس بحجم ما أحدثته على أرض الواقع من إنجازات غيرت وجه التاريخ العماني وما كان عليه الحال قبل هذه النهضة المباركة..نهضة صنعت سلطنة عمان الحديثة القوية اقتصاديا وسياسيا والمتماسكة والمتكاتفة والمتلاحمة اجتماعيا فقد أعطى جلالته إشارة البدء لتنطلق القاطرة وتجوب جميع مناطق وولايات السلطنة فلم تترك شبرا ولا ركنا ولا زاوية إلا وطالته تعميرا وتحديثا ورعاية وتطويرا ولم تترك قرية أو واديا أو جبلا إلا وشملته بالرعاية والخدمات والمرافق والطرق والمواصلات والاتصالات والمستشفيات والمدارس وغيرها.
لم تترك رجلا أو امرأة ،مواطنا أو مقيما، شابا أو كهلا إلا ونشرت فوقهم مظلة الرعاية الاجتماعية والصحية وسهلت لهم سبل الرزق الوفير وقدمت لهم من الخدمات ما سهل عليهم أمر دنياهم كشق الطرق ورصفها وإنارتها والمسكن الآمن والحياة الكريمة فأصبح سكان القرى الجبلية ينهلون من منابع النهضة مثلهم في ذلك مثل سكان المدن وعواصم المحافظات، وبات الكل في حق الحياة سواء .
نهضة أضاءت مشاعل التنوير والتثقيف والعلم والتعلم ونشرت المراكز التثقيفية والتعليمية والتربوية وارتقت بالإنسان الذي هو أداة لكل تقدم ورقى وأعادت بناء الإنسان كي يستشرف مستقبلا أفضل ويساهم في بناء حضارة ومجتمع يليق به ، مجتمع يحمى تراثه ويعتز به وينهل من منابع الدين الصحيح بسماحة دونما تعصب أو تشدد.
في مثل ذلك اليوم أعلن جلالته انطلاق قاطرة النهضة في خطاب تاريخي ما زالت أصداؤه تتردد حتى اليوم ، تلك النهضة التي لم تهتم بالحجر على حساب البشر و إنما صنعت بالبشر حضارة الحجر وقدمت للعالم نموذجا رائعا لكيفية نهوض الأمم فجعلت من السلطنة تاجا فوق رؤوس أبنائها ومحل فخرهم واعتزازهم في حلهم و ترحالهم .
أما انعكاسات وإنجازات عهد النهضة على المقيمين و الوافدين إلى السلطنة فحدث ولا حرج ، فجميعهم يشعر ويلامس عن قرب مدى ما وصلت إليه السلطنة من رقى وتطور وأمن واستقرار ،فهم يبيتون آمنين مطمئنين قريري العين ، لا يخشون على حياتهم ولا على أموالهم ، يدينون بالفضل ويكنون جل المشاعر للقائد المعظم ، وهم يعملون تحت سماء السلطنة في مناخ من الأمن والأمان بما يحفظ لهم حقوقهم ويحقق لهم حياة كريمة ينعمون في ظلالها ،ويتساوى في ذلك المقيمون من الناطقين بالعربية و المقيمون الناطقون بغيرها . وجميعهم يتوحدون في مشاعرهم و أحاسيسهم تجاه القائد المعظم . فهم ينظرون إلى جلالته بإعجاب وتقدير يتحدثون عن حكمته التي باتت مضرب الأمثال في مشارق الأرض ومغاربها ويروون عنه أعظم المواقف والقرارات ، ويتحدثون عن إنجازاته ومواقفه بفخر و اعتزاز.
في هذه المناسبة الوطنية العظيمة لا تزال قاطرة النهضة تواصل مسيرتها ، مسيرة الإنجازات المتواترة دون أن تتوقف فالنهضة لا زالت تبنى وتعمر وتمهد وتطور وتحدث وما زالت تمضى في طريقها مشمولة بالرعاية والتوجيه الحكيم من قبل قائد النهضة وراعيها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه.
جريدة عمان 22 / 7 / 2008 م
البراء
22-07-2008, 03:47 PM
رأي الوطن
38 عاما من النهضة العلمية
غداً تحل الذكرى الثامنة والثلاثون ليوم النهضة، حيث تستدعي الذكرى الى الاذهان ذلك اليوم الذي انطلقت فيه نهضة عُمان الحديثة على يد المؤسس والباني وراعي المسيرة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وسدد على طريق الخير خطاه، كي يحقق لنا مزيداً من الانجازات التي نتيه بها على باقي الأمم وتشكل لكل مواطن عماني وسام عز وفخار.
ولعل أكبر اهتمام لجلالته خلال رعايته لمسيرة النهضة كان في حقل العلم والتعليم ومنذ صيحته الأولى الداعية الى تعليم أبنائنا ولو تحت ظل شجرة، ومنذ هذه الصيحة المدوية انطلقت كل أسرة عمانية تحظى بنصيبها من هذه الهبة السخية، التي وفرت كل إمكانية ليحصل كل طفل يدب على أرض عُمان الطاهرة على نصيبه من العلم والمعرفة. ولعل الاحصائيات التي تصدر عن المؤسسات التعليمية والتربوية تشير بوضوح إلى الانجاز الكبير الذي تحقق في مجال التعليم والحصون التعليمية والعلمية التي نهضت وتنهض الى يومنا هذا، وعدد الطلاب المقيدين في مختلف الصفوف ومدى ما يشهد من تصاعد مستمر.
إنها احصائيات تثلج الصدر بالفعل ونحن نخطو مع يوم غد عتبات عام جديد من النهوض، بينما الخطة التعليمية تتحقق على خير وجه وكل يوم يمضي يقربنا من الهدف خطوة، هدف إنشاء مجتمع مثقف عارف بتضاريس حياته وحياة الأمم من حوله بكل تفاصيلها ومتابع لكل مخرجات الحركة العلمية والتكنولوجية في العالم، فالحمد لله أن أصبح لدينا هذا الرعيل من الأجهزة الإدارية الوطنية تنفذ وتؤسس البنية التحتية لكل مرحلة من مراحل المسيرة على أسس علمية حضارية تتواكب مع حركة التطور البشري في الداخل والخارج.
ولكي نترجم طموحات قائد مسيرة النهضة المباركة ونواكب كل دقائق هذه المسيرة في حاضرها ومستقبلها علينا الاستمرار في تطبيق كل جديد ينشأ في مجال التعليم، ومطاردة كل قصور يقعد بناء ولو للحظة عن الاستمرار في العمل، فالمشوار كبير، والآمال عريضة والمعوقات لا شك تلقي بعثراتها المفاجئة متأثرة بعوامل مرحلية سلبية على الساحتين الاقليمية والعالمية تستدعي التأهب المستمر للتعديل والتصحيح والتقويم والإجادة على مستوى الكم والكيف معاً، فقائد المسيرة المباركة لم يبخل برؤية أو انفاق مادي من أجل الدفع بمسيرتنا العلمية قدماً الى الأمام، وعلينا أن نثبت دائما اننا على قدر التحدي والامكانية للحفاظ على شعلة العلم والتعليم متوهجة على الدوام متزودة من خلال ارادتنا الفردية والجماعية بوقود لا ينضب لشعلة لا تنطفئ. كل عام وقائدنا المفدى بخير وعافية وعُمان بتقدم وانجاز على درب العلم والتعليم.
جريدة الوطن 22 / 7 / 2008 م
درة الإيمان
23-07-2008, 11:35 AM
ما شاء الله البراء
نقل موفق ..
وفقك الخالق
البراء
23-07-2008, 12:17 PM
تــســلمي أختي درة
جزاك ِ الله خيرا ً لمرورك
البراء
23-07-2008, 12:20 PM
يـوم أشـرقـت شـمـس الـنـهـضـة
http://www.hesnoman.net/upload/imgs/img01/wvoIrT6ryl.jpg
العمانية: تحتفل السلطنة اليوم الموافق الثالث والعشرين من يوليو بذكرى تأسيس الدولة العمانية الحديثة التى قادها بكل اقتدار حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـــ حفظه الله ورعاه ـــ.
وقد استطاعت الصعود والترقي رغم كل التحديات الداخلية والخارجية التي واجهتها منذ السنوات الأولى لمسيرة النهضة المباركة التي انطلقت وفق استراتيجية وطنية هيأتها قيادة واعية حكيمة ذات إرادة صائبة وصلبة وصاحبة رؤية حكيمة أخذت بمعطيات الحاضر واستحقاقات المستقبل.
والسلطنة إذ تحتفل بذكرى يوم النهضة المباركة والعزيزة على قلب كل عماني فإنها قد حققت الإطار الفكري الذى اعتمد وبمجاله الواسع على المشاركة الحقيقية للمواطن في صياغة التنمية الوطنية القادرة والتي اكتسبت معنى ايجابيا من خلال الرؤية السامية لجلالته ـــ حفظه الله ورعاه ـــ والتي رأت ان شعور الوطنية لا يكفي فحب الوطن والإخلاص له يجب ان يتخذا شكل العمل الدائب والمستمر وهو ما يتوجب على كل امرئ القيام به.
ومن الملفت للنظر ان السلطنة ومنذ بداية عهدها الجديد لم تكتف بأن تضع نصب عينيها حقائق الامكانات والطموحات بل وازنت بينها بشكل واع لذا فإنها لم تقفز على المراحل وانما أخذت بعين الاعتبار ضرورات الموضوعية والهدوء والالتزام والادراك حتى يصبح الهدف في دائرة الممكن وبالتالي فإنها تعاملت واحترمت بكل اجلال معطيات التطور والنماء حيث بلورت رؤية شديدة الوضوح وعميقة التحديد فيما يتصل ببناء الدولة متركزة على وضع خطط داخلية توفر للأمة العمانية الحياة الكريمة عن طريق حسن المشاركة بين طرفي العقد الاجتماعي الذي بموجبه تنشأ الدولة وتتطور.
وفي هذا الإطار اعتمدت السلطنة على ذاتها في التنمية حيث أكد جلالته ـــ حفظه الله ورعاه ـــ على ذلك بقوله: «ان الأمم لا تبنى إلا بسواعد أبنائها وان المواطن هو أغلى ثروات الوطن». وفي التفاتة واعية أكد جلالته أيضا ان الثروة الحقيقية لأية أمة انما تتمثل في مواردها البشرية القادرة على دفع عجلة التطور الى الأمام في جميع مجالات الحياة. وبما يحقق آمالها ويوقد جذوة الطموح المتجدد فيها وصولا إلى ما تنشده من عزة وكرامة وسؤدد.
جريدة عمان 23 / 7 / 2008
البراء
23-07-2008, 12:22 PM
النهضة العمانية والتوازن بين التغير والثابت« 2ــ 2»
عبد الله بن علي العليان
«النجاح الباهر الذي حققته الحضارة الإسلامية في أوج ازدهارها، كان العامل الأول في هذه المكانة العالمية والانتشار العظيم لمنهجها العلمي والقيمي هو توازنها الدقيق بين معايير القيم ونوازع الابتكار والتفوق، وبين ما يتم أخذه من الآخر وما يتم تركه وإهماله، وقد عمدت إلى الوسطية والاعتدال والتوازن ».
لاشك أن الحضارة المعاصرة وصلت إلى مستوى رفيع من التقدم المادي والتقني، لكنها تعاني الكثير من الرواسب نتيجة عدم التوازن بين القيم والمادة، ولم تتفاعل مع القيم الروحية مما أدى إلى ضياع الإنسان في ترس هذه الآلة الصماء مما أفقده الجوانب الروحية الدافعة إلى التوازن والتماسك، والسر في مأساة الحضارة المعاصرة ـ كما يقول د/ صبحي الصالح ــ هي في دورانها في الفراغ « بعد أن كان صانعها الإنسان يسد فيها كل فجوة ويملأ منها كل فراغ. وإذا كان علماء الاجتماع و(الأنثروبولوجيا) ــ القائمة على علم الإنسان ـ يؤكدون أن الحضارة لا تنشأ في الفراغ، فإنهم يرفضون رفضاً حاسماً استمرار الحضارة في الفراغ. وفي ماضي البشرية كلها، في جميع الأجيال والأحقاب، قام التتابع الحضاري على نهاية حضارة وبداية أخرى، لتستمر الحياة، ويحلّ البناء محل الخراب .
إن ضياع قيمة الإنسان هو الذي أضاع قيمة الحضارة، بل هو الذي خنق أنفاسها وانتزع روحها وحياتها، بين جماد المتحرك وتحرّك الجماد، وبين انتصار الغريزة وانهزام العاطفة، وبين نفاق السياسة وعزلة الدين .
إن «التكنولوجيا» هي أكمل ثمرة للتسارع العلمي في حضارة هذا القرن . و لكن هذه «التكنولوجيا» بدلاً من أن تزيد حركة الإنسان، المتحرك بطبيعته، الذي يفقد الحياة إذا فقد الحراك، عكست الآية عكساً كاملاً، فحرّكت الجماد، وحرّكت الآلة وأحلّتها محل الإنسان ..»
وقد راعى الفكر النهضوي العماني الذي يقوده جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - هذه الفجوة القائمة في الحضارة المعاصرة، وتلك القواطع الغائبة في عقلية النهوض الذي لم يوازن بين القيم والمادة، مع انطلاقة هذه الحضارة الإنسانية فكان يلازمها الاضطراب والتوجس والنظرة الحائرة للمستقبل، وغلّبت على الجانب النفعي المادي على مضامين القيم الروحية والتراث الذي يعتبر امتداد للحاضر، ونتيجة لذلك فقد التوازن المطلوب، والحضارة في أساسها « غائية وليست وسيلية . والإنتاج الفكري والعلمي والتقني والفني مظهر للحضارة، وليس هو الحضارة. وكل الإبداعات التي عرفتها الإنسانية من آنية الفخار حتى المركبة الفضائية التي حملت الإنسان إلى القمر، وكل النظريات، ابتداء من الدين حتى آخر نظرية فيزيائية أو قانونية، لم تبتكر لذاتها، ولكن للوصول بالإنسان ــــ كل الإنسان ـــ إلى الهداية، والاستقامة، وتحقيق المصلحة العامة، وإقرار السلام، والتخفيف من النوازع العدوانية، والقضاء على غريزة الظلم، وتنظيم الحياة في نفسها وبين الناس.. فإذا انحرف مفهوم الحضارة عن هذه القيم واتجه إلى استغلال الوسيلة للقضاء على الغاية، فأصبح القانون مثلاً يتخذ إجهاض العدل، والذرة لتدمير الإنسان وكل ما أنتج من حضارة، والقمر الاصطناعي للتجسس، والطائرة لنقل القنابل، والباخرة لحصار الدول والشعوب وتجويعها وقتل أطفالها بالمرض إن لم يموتوا بالجوع وشظايا القنابل... إذا حصل كل ذلك انتفت الحضارة، بل ماتت الحضارة، ولو تطورت وسائلها وأساليبها».
والنجاح الباهر الذي حققته الحضارة الإسلامية في أوج ازدهارها، كان العامل الأول في هذه المكانة العالمية والانتشار العظيم لمنهجها العلمي والقيمي هو توازنها الدقيق بين معايير القيم ونوازع الابتكار والتفوق، وبين ما يتم أخذه من الآخر وما يتم تركه وإهماله، وقد عمدت إلى الوسطية والاعتدال والتوازن، ولذلك عمد الإسلام إلى إقامة مفهوم كامل للحضارة بطريقة متوازنة قوامه الحركة المادية والمعنوية، وفي نفس الوقت الإحاطة بالقيم والأخلاق، واتسمت هذه الحضارة بالسماحة والإنسانية والعالمية، واستصفت كل ما كان في تراث الأمم والحضارات القديمة، فصهرت الجوانب الصالحة منه في بوتقتها، واحتفظت بخصوصيتها وتراثها الأصيل كسياج من المؤثرات غير الذاتية، وهذه كلها معطيات إيجابية شددت عليها النهضة العمانية الحديثة، واعتبرت أن التوازن والتدرج المحسوب سمة من سمات التقدم الإيجابي بعيداً عن حرق المراحل أو القفز على الواقع وثوابته . يقول جلالته مخاطباً أبناءه الطلبة الجامعيين « الذي أريد أن أقوله بحكم وجودكم واحتكاكم بالشعوب الأخرى.. ووجودكم في بيئة غير بيئتكم .. حاولوا أن تقتبسوا ما هو حسن.. وأن تتركوا ما هو غير حسن .. خذوا الثمين واتركوا الغث..في الوقت نفسه ..نحن هنا في بلدنا هذا .. علينا كذلك أن نترك الغث من عاداتنا وتقاليدنا .. ونتمسك بما هو طيب. وبما هو ثمين، ونأخذ من الآخرين .. ما هو طيب عندهم .. ونحتفظ بما هو طيب عندنا .. ولا نقلد تقليداً أعمى .. قاتل الله التقليد الأعمى .. التقليد الأعمى .. ليس من الصالح في شيء أبداً، أن نرى الآخرين ونقلدهم كما هم، بما فيهم من حسن أو سيء .. لا .. علينا أن نحافظ على أخلاقنا الطيبة .. وعاداتنا الطيبة، وكما يقول المثل أو يقول الشاعر : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا .»(40)
والتقليد الأعمى الذي أشار إليه جلالته في حديثه إلى أبنائه الطلبة هو أحد المساوئ للكثير من المجتمعات في عالم اليوم، والتقليد الأعمى غير الاقتباس والانتقاء الإيجابي الصالح غير الركض وراء التقليعات والموضات للمسايرة والمظهرية، تحت دعاوي (العصرية) الخ، إما إذا كانت العصرنة تعني دفع المسلمين « إلى مواجهة الحياة العصرية، والالتقاء بالحضارة العالمية والفكر البشري ( أخذاً وعطاءً ورفضاً ) فإن ذلك أمرا لم يتوقف يوماً ما، فقد كان الفكر الإسلامي دوماً فكراً مفتوحاً قادراً على الأخذ والعطاء وكانت له من آفاقه المتطورة ما يمكنه من الالتقاء بمختلف المفاهيم الحديثة البناءة في مختلف المجالات .
ولم يكن الإسلام بقيمه الثابتة عاجزاً يوماً عن الحركة والتقدم والعطاء بل إن هذه القيم الأساسية من عقيدة وشريعة وأخلاق كانت هي أقوى الحوافز لإعطاء البشرية قيمة إنسانية أعلى من مفهومها المادي الخاص ». وجلالته بفكره « الثاقب وبصيرته النيّرة أدرك منذ البداية أن أية « عصرنة « لن تتم وفق ما هو منشود ما لم تتأسس على مبدأ الاعتزاز بالميراث الفكري الحضاري للأجداد، وما لم يسر العمل في «العصرنة» جنباً إلى جنب مع المحافظة على التراث وإبرازه إلى حيز الوجود كمعين متدفق يغذي الحاضر ويقدم له الرؤى ويزوده بالخبرة الكافية . لقد كانت بلادنا عمان في ما مضى وما زالت تعتز بتقاليدها وتاريخها، ومع أن المجتمع العماني يعيش اليوم متغيرات عصره، إلا أنه لم يفرط في هويته وتراثه، بل استطاع أن يجمع بين الطيب من تقاليده والطيب من واقع حاضره والحمد لله « مضيفاً جلالته في فقرة أخرى « بل أننا نؤكد أن ديننا في جوهره يدعو إلى ذلك دون المساس بالأساسيات العقيدية، وهو يدعو إلى مواكبة مستجدات كل عصر من الاجتهاد كلما توفرت شروطه » .
هذه النظرة المعطاءة المتوازنة التي راعتها النهضة في انطلاقتها إلى الإنجاز الكبير بين الحاضر وتحدياته الحضارية والماضي الزاهر بتراثه وقيم المجتمع وعاداته وتقاليده العريقة، كلها كانت السند الأقوى في هذا العطاء والإنجاز الذي عم أرجاء عمان، وكان بحق انجازاً باهراً شهد له كل المتابعين لسير النهضة العمانية والتوازن المحسوب ـ كما قلنا ـ والذي رافق تنميتها كما قال جلالته: «وإذ نحمد الله على كل ما أنعم به علينا فيما أنجزناه من مراحل أساسية للنهضة الشاملة فإننا نعتزم تطوير وتحديث استراتيجية الدولة في كل أوجه التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي كافة المجالات التي تهم المجتمع وتخدم الصالح العام لبلادنا وشعبنا، وذلك وفقاً لرؤية شاملة ومتكاملة نسعى من خلالها لتحديد معالم الطريق إلى المستقبل، ومواصلة التقدم بخطوات مدروسة، وقد أعطينا توجيهاتنا للحكومة للبدء في دراسة هذه الاستراتيجية ووضع اطارها العام لتكون الأساس المعتمد لبرامج وخطط بعيدة المدى تهدف إلى تطوير مستوى النمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد بما يحقق طموحات هذا الجيل ويأخذ بعين الاعتبار مستقبل الأجيال القادمة ..»
فالذي تحقق من منجزات كان شاهداً على التوجه السليم للسياسات التنموية في البلاد بفضل التوجه نحو التقدم الحضاري والسير لبناء دولة عصرية « تحظى باحترام الدول المجاورة .وتلعب عمان اليوم دوراً حيوياً في الشؤون الإقليمية والدولية أكبر مما توحي به مساحتها، ويمتزج عمرانها العصري بجمالها الجبلي الطبيعي ويكمله، كما استعاد المواطنون كرامتهم ودماثتهم وأريحيتهم التي جبلوا عليها من خلال انتقالهم إلى بيئة العالم المتحضر والجمع بين نكهة الشرق والغرب، وقد تم بنجاح توفير الدوافع لمشاركة المواطنين من كل الأعمار في كل جوانب الحياة في البلاد . واليوم إن الازدهار الذي يعيشونه وفرص الصحة والتعليم وأسباب العيش المتاحة لهم قد تجاوزت ـــ كما هو الحال في الدول الأخرى ـــ حدود ما توقعه آباؤهم الأولون، فقد تم إنشاء بنية أساسية ممتازة وبناء قاعدة عامة للمؤسسات . وإذا كانت مسيرة النهضة قد أعادت لعمان وجهها المشرق وتاريخها الحضاري ودورها الرائد في محيطها الإقليمي والعربي والدولي، فإن هذا الإنجاز ما كان أن يتحقق لولا السياسة الحكيمة والمستنيرة التي يقودها جلالة السلطان قابوس المفدى والالتفاف الشعبي حول قيادته لبناء عمان حرة كريمة أبيّة تتفاعل مع العصر وتتجاوب معه، وفي الوقت نفسه تحفظ قيمها وتراثها وتستخلص منه العبر والتجارب النيرة.
جريدة عمان 23 / 7 / 2008 م
البراء
23-07-2008, 12:25 PM
رأي عُمان
قراءة في فكر النهضة
كنز معرفي ثري تستلهم منه الأجيال
عبد الله بن ناصر الرحبي
إن قراءة جادة للتطور في تاريخ أي مجتمع تتطلب في المقام الأول تجرد الباحث من المعايير النمطية في وعي العالم، وتكون مهمة القراءة أكثر تعقيدا عندما يتعلق الأمر بإعادة التفكير في الذات ومنجزها، ما الذي قدمته وما المطلوب منها؟ وكيف للباحث أن يتجاوز شروط الأنا وقلقها اتجاه مكتسبها إلى تحقيق عقلانية براغماتية بهذا المكتسب، تتيح معرفة جديدة تفتح أفقها لتفسير إنسانوي وحداثوي يحمل اشتراطات الدينامكية والتفاعل الحيوي مع مجمل المكتسبات الحضارية البشرية.
بالنظر إلى التجربة النهضوية في عمان، فإن قراءة ذاتية سوف تقع في أسر التفسيرات الكلاسيكية التي تنظر إلى الأشياء بمنظور المقارنة الكمي ووضع المتحققات في ميزان بكفتين متوازيتين ومن ثم اللجوء إلى القياس المعياري الذي يرجح كفة على أخرى، بيد أن هذه الطريقة تواجه بإشكال المباشرة والنمط وتخضع لقيود سلطة الذات غير المتخارجة من شعورها وإحساسها الفوقي إن لم تتخلص من الأفكار المسبقة والأحكام التقليدية. فالقراءة العملية والعلمية إذن هي تلك التي تبتعد عن كل هذا التدوير الشكلاني لتنحو إلى العقلانية البحتة والمجردة، تلك التي تركز على المنجز الإنساني والمعرفي، باعتبار الإنسان هو القيمة الجوهرية لأي بناء، ولأن المعرفة هي رأس سنام التحول الأساسي الذي يشرح مدى التنمية الحقيقية في أي مجتمع حديث.
بهذه المقدمات النظرية فإن مشروع النهضة العمانية الحديثة الذي وضع تنظيراته وعمل على تحويلها من مجرد الحلم إلى الواقع الشاخص، جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـــ حفظه الله ورعاه ـــ يتطلب من الذات العمانية أن تعيد التفكير فيه بالمناظير التي سبقت الإشارة إليها، أي من خلال تجريد عقلاني يقرأ ويفسر ويحلل، ويستنبط الحكم والقيم الجديدة التي تشكل في محصلتها فلسفة راقية وعصرية تخدم في تطويع المستقبل بدرجة أفضل مثلما ساهمت في تشكيل الأمس عبر 38 سنة من هذه الحركة المتنامية في كافة قطاعات الحياة.
وقد حدث ذلك بمشاركة اجتماعية كان لها دور إحلال الموجهات والسنن إلى مشاريع تنموية لم تتعامل مع العصرنة بمستوى خارجي بل ذهبت إلى عمق مدلولاتها في إنجاز معادلة تبدو من البداية صعبة التحقق، لكن بالحكمة والتأمل الاستشرافي واستيعاب إمكانية الأرض والإنسان كانت تلك المعادلة قد تحولت إلى صياغة مرئية تفاعلت معها الثقافة العمانية بإرثها الضارب بجذوره في عمق تربة التاريخ الإنساني.
إذا ما توقفنا عند النقطة الأخيرة وبالعودة إلى الوراء في الزمن، كانت ستبدو عملية أي تنمية أو نهضة على أرض عمان معقدة وربما تقترب من درجة المستحيل، ذلك بالنظر إلى عمان ما قبل سبعينات القرن العشرين، في ظل تفشي الجهل والأمية وانخفاض معدلات الرعاية الصحية وعدم تجاوز الإنسان للتفكير القبلي، وقد انعكس هذا على دخول عمان في صراعات ونزاعات داخلية غيبت مفهوم المواطنة وجعلت إمكانية مجرد التفكير في المستقبل مهمة غاية في الارتباك والتمثل.
لنرى كيف كانت الاشتراطات معقدة في حد ذاتها، لكن كاريزما جلالة السلطان المعظم بالاستناد إلى تعليمه وخبراته غير النمطية وعقله الكوني، استطاعت أن تجعل المعقد بسيطا بصنع أطر نظرية وفلسفية تسندها رؤية متبصرة أمكن لها أن تقفز بعمان وفي زمن وجيز قياسا بعمر الشعوب وبدورة التاريخ والزمن الذي من المفترض أن يأخذه أي مشروع تحديثي. وبهذه النعمة الإلهية أن وهب الله عمان رجلا كجلالة السلطان، كان التغيير عملية متسارعة بخطوات راسخة، وكان التخطيط يسبق العمل، والإرادة تتقدم على أي فعل، وقبل ذلك الحب الصادق الذي هو الشرط المركزي لقيام علاقة تفاعلية.
وقد تراكم خلال ما يقارب أربعة عقود من الزمن تراث عظيم من الفكر النهضوي الذي يشكل كنزا معرفيا ثريا بإمكانه المساهمة في صناعة عمان ولحقب ممتدة طويلا في المستقبل، لكن هذا يتطلب منا إعادة التفكير في هذا الفكر النهضوي بعمق وببحوث ثاقبة تكون بمثابة سبيل لقراءة الذات بوعي جديد، يتقاطع مع شروط الغد والحضارة الكونية. هذا العمل في حد ذاته لن يكون هدفا مرحليا، بل رسالة تستبق الزمن وتتجاوز الآن إلى دور الإنسان في محصلة الحراك الإنساني، تفاعلا وتنويرا وتبشيرا. وقد آن الأوان للبدء في هذا المشروع الذي سيضاف إلى مكتسبات عمان على مستوى الداخل والخارج.
إن الفكر العماني وفلسفة القائد يشكلان المحورين الأساسيين لهذا العمل التنويري الضخم، الذي لو أمكن إنجازه لكان لعمان أن تلعب دورا فاعلا في تطويع فرص أفضل وانفتاح أرحب في العقود القادمة من الألفية الثالثة، التي هي ألفية المعرفة وفق ما جاءت به شروط التحول الكوني في الحراك المعلوماتي السريع الذي استطاع أن يطوي ويغير النمط التقليدي لفكر الزمن وعلاقتنا به، الأمر الذي جعل الإنسان العصري كائنا معلوماتيا في حد ذاته لا يستطيع أن يتطور ولا أن يقدم رؤى إيجابية للحياة والعالم ما لم يكن متسلحا بالمعلومة، ليس هذا فحسب بل القدرة السريعة والعلمية والصحيحة على تحليل هذه المعلومة والانطلاق بها لإيجاد أفق جديد يساهم في تطوير العلاقة بين الكائن والزمان والمكان، تلعب دورا في تحويل فكر النهضة إلى جدل معرفي إنسانوي يؤدي دور بوصلة الرؤية ويفتح إشارات الإضاءة لعقل مثقف تنويري يتمتع بخبرات واعية يستطيع عبرها أن يحقق فتوحات ثقافية ومعرفية جديدة.
وبالرجوع إلى فكر جلالة السلطان سنجد أن مقولة المعرفة كانت قد أسست لدخول النهضة العمانية في مرحلة رابعة من التحديات، التي تتطلب من الإنسان العماني أن يقوم فيها بدور فاعل ليس على مستوى المشاركة فحسب، بل المبادرة بإطلاق العنان للعقل والتفكير، وليس على مستوى التطوع فحسب بل بواجب وفرض يمليه الانتماء للوطن.
إذا كانت النهضة العمانية قد مرت بمراحل ثلاث، هي مرحلة التأسيس والتخطيط وتأليف القلوب وتحقيق مفهوم المواطنة وردع الفكر الباطل، والتي تزامن فيها فتح كتاب العلم بنشر المدارس والتوسع في التعليم وفرصه والصحة وتشكيل العقل العلمي، فإن المرحلة الثانية كانت مرحلة البناء والتنمية التي تحولت فيها عمان إلى ورشة عمل جماعية شارك فيها الجميع كبارا وصغارا، فانعكس ذلك في المكتسبات الجلية على مستويات البنية التحتية والفوقية من طرق وجسور وبنايات ومصانع ومشروعات مختلفة، ثم كانت المرحلة الثالثة التي فتحت الأفق للمشاركة الوطنية في صنع القرار والفاعلية في إدارة الحياة بعد أن ترسخ الوعي بالمواطنة وأصبح الإنسان العماني قادرا على حمل الأمانة والمساهمة بشكل إيجابي في رفد الوطن بفكره وبرؤاه، وكان القائد يعي جيدا أن هذا التمرحل كان ضروريا ومطلوبا بالنظر إلى ما كان في الأمس من مشكلات وتعقيدات تمت الإشارة لها سلفا في بداية المقال، وفي المرحلة الثالثة كان أن قامت مؤسسات الشورى والمشاركة في صنع القرار، بالاستناد إلى توازن أصيل استطاع أن يجمع بين الموروث والعصري في وفاق خلاق وجمالي من حيث النظرية والتطبيق على أرض الواقع.
إن المرحلة الجديدة والرابعة التي بشّر بها فكر جلالة السلطان هي مرحلة الانتقال بالمنجز والعلمي إلى المعرفي المبتكر القادر على توليد الأفكار والإبداع بالاستفادة من التجارب والخبرات التي تراكمت في السنوات التي خلت، وقد أشار جلالته إلى أن المعرفة تعني أن يكون العلم فاعلا، حيث أن العلم ليس إلا مجرد تحصيل كمي لم يخضع للغربلة والدراسة والتحميص والتحليل ليكون جديرا بالتأليف والتوليد والتنمية الحديثة لمجتمعات ما بعد الحداثة التي تدير مشروعاتها عبر ذهنية الفكر، بعيدا عن الأطر التقليدية القائمة على مجرد الحشو والبناء الأفقي للعقل. ولهذا يكون الاعتقاد بأن الوقت قد آن للشروع في تطبيق مبدأ المعرفة كرافد من روافد النهضة العمانية، يكون له دور سقاية الأذهان بقدرات على تحويل التراكم العلمي والخبرات إلى بناء عقلي قابل للتحول إلى منجزات أكثر قابلية للاندماج في شروط المجتمعات الأكثر حداثة وانفتاحا على مقولات العصر والكونية الجديدة.
وليس من المجهول أن مراكز المعرفة والدراسات الاستشرافية والتحليل التنويري، تلعب دورا استراتيجيا في تحقيق عدد من الثمرات، منها كأمثلة:
إعادة إنتاج المكتسب النظري والعملي في شكل نظريات بناءة وقادرة على تشكيل بوصلات المستقبل وإدارة الحياة بشكل أفضل.
كما أن هذه المراكز لها دور التوثيق الذي يتجاوز مفهوم الأرشفة التقليدي إلى (كائنية المعلومة) بتحولها إلى جدل متحرك لها قدرة النفاذ والتأثير على الذهن، باستجابة الذهن نفسه لشرط القدرة على التحليل والقراءة الفاحصة التي تفرز بين الأشياء.
أيضا تحمل مثل هذه المراكز الاستشرافية مهمة تاريخية في إيجاد علاقات غير نمطية بين مسارات الزمن في حركته الخطية والدائرية، بإعادة إنتاج المكتسب البعيد الأثر، من منجز الماضي السحيق إلى الحاضر النهضوي.
بيد أن ما يشار إليه بشكل واضح وجلي أن الهدف الجوهري هو إحلال فكر جلالته الذي رأينا ثمراته في النهضة، إلى مشروع مستقبلي يقوم على مقولته بشأن المعرفة. ولعل المراقب الحصيف لخطب جلالته في المرحلة الجديدة من النهضة، سيلاحظ أنها لا تطوّل ولا تستغرق في الوصفيات ووضع التفاصيل، بل تترك للمواطن المشاركة بالتفسير والقراءة والتأويل، بمعنى أنها تلتزم بذات الفلسفة التي أكد عليها جلالته من فتح الأفق للذهن لكي يكون قادرا على رسم دوره، أي فلسفة المعرفة ومشروع تجاوز النمط والتقليد في التفاعل مع العلم.
لقد رسّخ جلالة السلطان قابوس المعاني اللازمة لقيام الإنسان العماني بدوره ومبادرته في كافة سبل الحياة، من طور الاعتماد على عرقه وصبره في توفير مدخوله وسبل معاشه، إلى طور الاعتماد على عقله في إمكانية توليد المشروعات التي يكون لها دور التنمية والإضافة لمشروع البناء والتحديث. وهو أمر يجب أن نفهمه بعيدا عن الاستجابة المباشرة، بمعنى أن إعادة قراءته يهيئ لنا أن ندرك أن مشروع النهضة العمانية هو أعمق تأكيد على أن يكون الإنسان معتمدا على الذات، منميا لها، قادرا على السير بمفرده نحو تحقق منجزه، وهو المعنى العصري الفريد، الذي كان تأكيده منذ أول خطاب ألقاه جلالته يوم تسلمه مقاليد الحكم.
وفي الختام نركز على أن التحدي الذي ينتظر أي مواطن عماني اليوم، هو أعسر مما كان عليه بالأمس، لأن النهضة هي طريق طويل لا يعرف التوقف ولا مجرد الاسترخاء، إنها حركة دؤوبة من العمل والإنجاز، وقبل كل شيء إعمال العقل والقدرة على توظيفه بتحريك الخيال وإبداع الفكر الجديد القادر على الدخول بعمق في لب مفاهيم العصر، بشرط أن يكون الكائن مدركا تماما أنه لا يتخلى عن جذره ولا انتمائه ولا خصوصيته التي هي جوهره الروحاني وسبب من أسباب تعلقه بالوجود.
جريدة عمان 23 / 7 / 2008 م
البراء
23-07-2008, 12:28 PM
كلمتنا
يوم أشرقت شمس عُمان
في الثالث والعشرين من يوليو قبل 38 عاماً أشرقت شمس عُمان على العالم موحية ببدء عصر جديد تأسست معه دولة عمان الحديثة تحت قيادة قدمت نموذجاً يحتذى في إدارة دفة الحياة بكل جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية.
وعلى الرغم من التحديات العديدة وأهمها الإمكانات المحدودة في ذلك الوقت مادياً وبشرياً، إلا ان القيادة التي أخذت بمعطيات الحاضر واستحقاقات المستقبل استطاعت أن تعبر بالسفينة إلى بر الأمان بجدارة فائقة ندر أن نجد لها مثيلا.
فإلى جانب ما شهدته السلطنة من نهضة واسعة في عملية بناء الفرد صحياً وعلمياً واجتماعياً، كان الحراك السياسي والاجتماعي أيضاً إنجازاً سطرته أقلام الكتاب وكتب المؤرخين الذين رأوا فيما حصلت عليه المرأة العمانية من مكاسب بمثابة سبق لم يحدث في دول المنطقة، كما وجدوا في تجربة الشورى العمانية نموذجاً يحتذى، كما كانت قوانين العمل والعمال هي الأخرى بمثابة تأكيد على أن التجربة العمانية ككل جديرة بالدراسة والتحليل والتوقف أمامها طويلا.
فعلى سبيل المثال كانت تجربة التعليم في السلطنة والتي كانت وستظل على رأس الأولويات مفخرة فجّر طاقاتها جلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - بندائه الشهير (تعلموا ولو تحت ظل شجرة)، مؤكداً أيضاً على أن التعليم هو الهدف الأسمى الذي تسخر له كل الجهود لإفساح المجال لأبنائنا للتزود بالعلم.
وبنظرة بسيطة إلى عدد الطلاب وعدد المدارس وكذلك عدد المعلمين بالسلطنة يمكن لنا أن نقف على حجم التطور الذي شهده هذا المجال الهام في ظل سنوات النهضة هذه.
وفي الجانب الاقتصادي أيضاً، وبالنظر إلى نسبة النمو في الناتج المحلي الإجمالي والذي تجاوز في بعض الأحيان نسبة الـ9٪ وما مثله ذلك في زيادة نسبة دخل الفرد زيادة كبيرة، بالتوازي مع إنشاء مشروعات صناعية عملاقة، وبالتوازن أيضاً مع مناخ تحرير التجارة، ودمج الاقتصاد العماني بالاقتصاد العالمي، كل ذلك جعل من السلطنة بؤرة اهتمام ومحط أنظار أصحاب الاستثمارات من الداخل والخارج، وهو الأمر الذي ينبئ بمزيد من النهوض الاقتصادي والصناعي خلال سنوات قليلة مقبلة.
إنَّ ما حققته السلطنة في مجال التنمية الاجتماعية انطلاقاً من الاهتمام ببناء الإنسان ورؤية جلالة السلطان للثروة البشرية كأغلى ما يمتلكه الوطن، هو مفخرة أيضاً بكل المقاييس، وهو الأمر الذي جعل من الإنسان العماني قيمة مهمة يشار إليه بالبنان.
ولم تكن السياسة الخارجية للسلطنة بمنأى عن كل هذه المناشط، وإنما كانت عاملاً مهماً في دعمها استناداً إلى سياسة حسن الجوار وعلاقات الصداقة مع كل دول المنطقة بل والعالم أجمع، وهو الأمر الذي فتح أمام السلطنة آفاقاً واسعة سواء فيما يخص التجارة الخارجية أو فيما يخص التنسيق في المحافل الدولية تجاه كافة القضايا المطروحة، وهو الأمر الذي لم يكن ليحدث لولا أن حكمة عالية وقيادة واعية تقف وراءه بكل اقتدار.
جريدة عمان 23 / 7 / 2008 م
البراء
23-07-2008, 12:29 PM
نوافذ
إشراقات يوليو
تكتبها: فاطمة الزدجالي
بين إشراقات فجر يوليو عام 1970م واشراقاته في 2008 في بلادي معادلة من نوع آخر تختصر وحدات الزمن وتؤكد عمق العطاء والعمل والواقع الذي لا يدرك مداه إلا من عايش الماضي وعاصر الحاضر بكل تفاصيله و أدق صوره ومعالمه التي أفرزت على مدى 38 عاما من الجهد والعمل بناء الإنسان باعتباره عماد التنمية والمحرك الأهم لكافة المعطيات الأخرى علمية كانت أو صحية أو اقتصادية أو ثقافية أو أيا كانت محصلتها.
وإذ يشرق يوليو من كل عام على ربوع هذا الوطن من أدناه إلى أقصاه لايمكن أن نغفل ما تحقق على أرضه وان نغض الطرف عن حجم العمل والبناء الذي أرسى دعائم دولة عصرية وحديثة بحداثة عهدها الذي يعتبر مقياسا ومثالا في تجارب الشعوب والدول.
فعندما نصحو من سبات يوم سابق مشمرين عن ساعد الجد والعمل أيا كان موقعنا على خارطة الإنتاج لابد أن ندرك أن الانطلاقة الأولى هي الأساس الذي نبنى عليه ونتفاعل من خلاله لبناء ذواتنا ونرسي من خلاله دعائم الجهد في تواصل لا يعرف الكلل وعزيمة لا تتوقف عند حد ولا تستثني فردا بعينه ولا جنسا على آخر فالكل سواسية في مسيرة العطاء والتواصل.
ولعل من ابرز إنجازات هذا العهد بث روح العمل والعطاء على كافة المستويات والتخصصات خاصة في الأنفس الشابة والفتية والمعول عليها في بناء الغد ومستقبل هذا الوطن فتلك الفئة والتي في تناميها واعدادها لا تتوانى عن الالتحاق بركب العمل ولابد أن توضع على خارطة البناء والإنتاج وفق خطط منظمة ومدروسة وفق تخصصاتها و ما تأهلت له.
وعندما نتطلع إلى الثغر الباسم لأطفالنا وهم يتمتعون بالصحة والعافية لابد أن نعي حجم النعمة التي أفرزت جيلا صحيح الجسم والبدن وان ندرك حجم الجهد والعمل الذي بذل لتحقيق ذلك لبراعم الغد وزهور الوطن اليانعة. وعندما نقول الكثير والكثير الذي لا يمكن أن تحمله السطور لا بد أن ندرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا في التعاون والتكاتف مع القيادة الحكيمة لهذا الوطن والتي وعدت فأنجزت وأعطت فأوفت ولأن الدرب طويل والحفاظ على المكتسبات أمانة يشترك في تحملها الجميع.
جريدة عمان 23 / 7 / 2008 م
حوراء الحصن
23-07-2008, 12:38 PM
كل عام وعمان بألف خير
كل عام وجلالته بصحة وعافيه
البراء
24-07-2008, 01:50 AM
كل عام وعمان بألف خير
كل عام وجلالته بصحة وعافيه
وأنت بصحة وعــافية
شكــرا ً لمرورك أخيتي