البراء
27-07-2008, 12:34 PM
لماذا يتجه الكاتب لطباعة إصداره في الخارج؟!!
الكتّاب: عدم وجود دار نشر محلية وسعيا للتوزيع والانتشار
تجارب البعض مع المطابع في الداخل غير مشجعة
تحقيق: مسعود الحمداني
لماذا يلجأ الكاتب إلى طباعة إصداره خارج السلطنة؟..وما هي معوقات طباعة الكتاب لدينا؟..وكيف كانت تجارب من حاول طباعة كتابه في الداخل؟..وهل لدينا دور نشر حقيقية تعين الكاتب والكتاب على الانتشار؟..
هذه جملة أسئلة كانت محور تحقيقنا القادم مع مجموعة من المثقفين الذين كانت لهم تجارب واقعية مع دور النشر..
طرحتُ هذه الأسئلة على ثلاثة شعراء في معرض مسقط الأخير قاموا بإصدار دواوينهم الشعرية من خلال دار أطلس السورية، سألتُ الشاعر عبدالله العريمي صاحب (سمّني أيها الحب) الصادر عن الدار المذكورة، و(كونشرتو الكلمات) الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عن سبب اتجاهه للطباعة في الخارج فقال حينها: إنها جاءت من أجل انتشار أفضل، فأنا لا أريد أن أسبح داخل فضاء جغرافي محدود، الأبعاد ـ جغرافياًـ بل أبحث عن مدى أوسع وأكبر أسبح فيه بملء حريتي ناشرا ألوان الشعر وجماليته، لعله يفتح نافذة فأنظر لأرى الأشياء بشكل أنقى وأرحب.
ولم يخالفه الرأي الشاعر محمد السناني صاحب (الغريب الذي كانه) والذي أجاب حين سألته حينذاك: إن ذلك جاء رغبة في الانتشار بصورة أكبر على خارطة الشعر، ونأيا عن سيل الإصدارات الداخلية الجارف الذي لا يتبين فيه الكاتب يده من أيدي الآخرين، حيث أوسد أمر طباعة أعمال الكتّاب العمانيين إلى مطابع وليس دور نشر حقيقية، حتى طغت المجانية والعشوائية وسوء الإخراج، ولا ننسى مسألة التوزيع التي أشك كثيرا في قدرة الداخل على تحقيقها بصورة جيدة.
وقال الشاعر أحمد العريمي صاحب (شهوة الحلم الأخير) فقال عن سبب إصداره لديوانه عن دار خارجية أن ذلك جاء من أجل جودة النشر والتوزيع، وإيجاد مساحة أكبر للانتشار من خلال دار نشر لها صيتها الإعلامي على خارطة الوطن العربي.
مطرب الحيّ
أما الشاعر زهران القاسمي صاحب مجموعتين شعريتين(أمسكنا الوعل من قرونه) و(الهيولي)..فيقول:يبدو أن مطرب الحي لا يطرب كما يقولون، فمحيط القراءة والقراء محدود للغاية محليا، لذلك يتجه الكاتب إلى طباعة ديوانه في الخارج، فهنا لا توجد دور نشر تقوم بهذه المهمة، لذلك نواجه نقصا في الخبرة في هذا الجانب، إضافة إلى الإخراج الطباعي الضعيف للديوان وهذا أيضا جانب من جوانب انعدام الخبرة، أضف إلى ذلك أن دور النشر الخارجية غالبا ما توجد في معارض الكتب، والتظاهرات الثقافية، وهو ما يتيح انتشارا أفضل للكاتب.
ويضيف زهران: وزارة التراث والثقافة لديها مشروع لدعم الكاتب العماني، وهو مشروع لا يكلّف الأديب شيئا، بل أن الوزارة قد تعطيه مبلغا من المال، ولكن في الجانب الآخر: أين هي الكتب التي قامت الوزارة بطياعتها؟!!..غالبا لا تجدها في المكتبات أو منافذ التوزيع، وقد تجدها مركونة في مكتبة الوزارة، في (كراتينها)..وقد توجد بخجل في معارض الكتب التي تشارك بها الوزارة، وهذا ما حدث في معرض مسقط للكتاب الأخير حين كانت الكتب تُعرض بسعر رمزي يُشعر الكاتب بالإحباط بدلا من تشجيع القارئ على اقتناء هذه الإصدارات، إلى جانب أن العقلية القرائية انطبع في ذهنها أن كتب المؤسسة الرسمية تعبّر عن وجهة نظر رسمية!!..
وعن تجربته في الطباعة خارج السلطنة يقول زهران: صدر ديواني الأول (أمسكنا الوعل من قرونه) عن دار الانتشار العربي عام ،2006 ضمن مشروع النادي الثقافي لتبني طباعة بعض الدواوين الشعرية، وكانت تجربة جيدة، كون هذه الدار موجودة بشكل نشيط في معارض الكتب، حيث لاقى انتشارا وصدى طيبا، أما الثاني (الهيولي) فصدر عن دار (الفرقد) السورية وعملنا له حفل توقيع في معرض مسقط للكتاب الذي أقيم مستهل هذا العام، وهذه التجارب الطباعية هي مع دور نشر معروفة، ولديها خبرتها في هذا الاتجاه لذلك اشعر بالرضا عن عملية التوزيع والوجود كشاعر يسعى إلى تسويق نفسه وإبداعه.
سعي للربح المادي
أما الشاعر إسحاق الخنجري فيقول عن دور الطباعة في الداخل بأنها لا تسعى لخدمة الأدب بقدر سعيها للربح المادي، وهذا الأمر رغم أنه موجود بطبيعة الحال في أي عمل تجاري ربحي حتى لدى تلك الخارجية، إلا أن الأخيرة لديها ما تقوم به، فهي إلى جانب سعيها للربح المادي إلا أنها تقدم خدمة مهمة للكاتب، من خلال نشر إنتاجه على مساحة واسعة لدى المتلقي العربي والعالمي، وذلك من خلال وجودها في معارض الكتاب، وطريقة عرضها التي تحترم إنتاج وإبداع الآخرين.
وأضاف إسحاق: أن الخبرة التي تتمتع بها دور النشر الخارجية تتيح لها الترويج بشكل جيد للكاتب، ويشكل ذلك مردودا معنويا يحتاجه كل مبدع، أما مسألة طباعة الديوان في الداخل رغم أنها قد تكون أكثر سهولة ماديا إلا أنها لا تقدم ذلك الدافع المعنوي الذي ينشده الكاتب، لذلك أفضّل أنْ تصدر مجموعاتي من هناك بدلا من حصرها في نطاق محلي ضيق لا تكاد تخرج منه.
بيروقراطية المؤسسة
الشاعر محمد بن عبد الكريم الشحي يتحدث عن هذه القضية قائلا: لا توجد لدينا للأسف دور نشر وتوزيع تعمل على تسويق الكتاب والكاتب، وهذا أمر يعاني منه المبدع الذي يود أن ينطلق إلى فضاء أوسع، فأنا أبحث عن قراءات ناقدة أتعلّم منها، صحيح أنني وجدتُ ذلك على المستوى المحلي، ولكني أود الالتقاء بروافد متنوعة، ومدارات نقدية من دول مختلفة، وهذا ما تتيحه لي دور النشر في الخارج.
ويوضح الشحي أن دور النشر العربية تتخلص من بيروقراطية المؤسسة الرسمية، حيث أن هذا الجانب يؤثر على الإبداع، ومساحة التعبير، وبالتالي فاللجوء إلى الخارج في كثير من الأحيان أكثر إيجابية، إضافة إلى الخبرة التي تتعامل بها دور النشر في الخارج فهي تعاملت بشكل مباشر مع تجارب سابقة، ولديها خبرتها الطويلة في هذا الجانب.
ردة فعل
ويقول الشاعر عقيل اللواتي صاحب ديوان(سجدة قلب): أصدرت ديواني عن طريق دار (اكتب) المصرية، وربما جاء ذلك كردة فعل على موقف وزارة التراث والثقافة من عدم طباعته ضمن مشروعها الداعم للكتاب، حيث ظلت مخطوطة الديوان في أروقة الوزارة لأكثر من سنة ونصف، ولم أتلقَ حتى كتاب اعتذار بعدم طباعته، فلا هو طُبع، ولا هو تم البت في أمره بشكل قاطع، والغريب أن رد الوزارة جاء بعد إصدار ديواني، في شهر سبتمبر الماضي!!.
ويضيف عقيل: الحقيقة أن المطبعة التي تعاملتُ معها ليست بتلك الكفاءة، والجودة، لذلك لستُ راضيا عن التجربة، ولكنها ـ كما أسلفتُ ـ جاءت كردة فعل على التأخير الطويل وغير المبرر في المؤسسة المعنية، وللهروب من المأزق، ولعل في التوجه لدور النشر الخارجية ما يتيح للكاتب فرصة تسويق وانتشار أفضل، كوننا لا نمتلك دار نشر متخصصة تسعى لدعم المؤلف، وتسويقه بالشكل الذي يليق بإبداعه، ولعله حان الوقت لتبنّي القطاع الخاص دار نشر وطنية تكرّس جهدها لهذه العملية.
مشروع مكلّف
الشاعر خميس قلم صاحب (ما تزال تسكنه الخيام)و(طفولة حامضة) يقول: إن الطباعة في دور نشر معروفة قد يكون لأسباب أهمها ضمان الكاتب لتوزيع أفضل لإنتاجه، وتوزيع كتابه، كون ذلك أحد أهداف الإصدار، إلى جانب الإعلام الجيد الذي ينتج عن الطبع في الخارج.
وأضاف: أن مسألة الطباعة في الداخل لا تحقق ذلك المردود المعنوي الذي ينشده الكاتب، لأنه لا يوجد في الأساس دار للنشر تقوم بهذه المهمة، ورغم محاولات يتيمة أو حتى أفكار من بعض المهتمين لإنشاء مثل هذه الدور إلا أن التكلفة المادية الضخمة، إلى جانب ضرورة التفرّغ والمتابعة أعاق في أحيان كثيرة ظهور مثل هذه المشاريع، لأنه مشاريع لا تهدف للكسب المادي البحت بقدر إيمان صاحبها بأهمية الكتاب، والثقافة كعمل تنويري للمجتمع، ورغم ذلك فنحن بحاجة إلى دار نشر محلية تهتم بهذا الجانب التسويقي الهام وتعمل على الترويج للكتاب والكاتب.
تجربة مُرّة
منتصر الحراصي صاحب مجموعة (قمر لا يشبه امرأة) يقول: إن تجربة طباعة الديوان من قبل وزارة التراث والثقافة جيدة، غير أن تجربتي مع التوزيع في غاية السوء، ذلك أن المكتبة التي أعطيتها بعض النسخ لتوزيعها،وهي مكتبة محلية، لم تقم بعرضها بالشكل المناسب، وعُرضت بأسوأ ما يمكن تصوره، فالكتب التي تروّج لها هذه المكتبات لا تميل إلى كتب الأدب الحديث، بل تجد أنها تركز اهتمامها على الكتب الدينية، والتراثية التقليدية، والطبخ، وشؤون الأسرة، وما يتعلق بهذه الجوانب، لذلك لا تجد حماسا يدفعك للعرض معها، وحتى في معارض الكتاب، تجد كتابك معروضا في ركن لا يكاد يراه الزائر، هذا إذا تم عرضه أصلا.
ويضيف منتصر إن تجربة طباعة ديواني الأول في وزارة التراث والثقافة جاءت لدعمها للكاتب، وهو إصداري الأول لذا يحتاج إلى جرأة، وإجراءات قد لا يكون لدينا وقت لإجرائها، وهذا ما تتكفل به الوزارة، غير أنني أعتقد بأن مجموعتي التالية سوف تصدر عن دار نشر خارجية على الأقل سيتيح لي ذلك فرصة محترمة للتوزيع والانتشار وهو ما يسعى إليه كل كاتب.
وأخيرا..أتساءل:
إلى متى سيظل سوق الكتاب كاسدا في السلطنة؟..إلى متى سننتظر دار نشر تحمل على عاتقها مسؤولية الكتاب ونشره؟..دار تأخذ بيد الكاتب وتحلّق به بشكل لائق في معارض عالمية وتعمل على توزيع كتابه بما يوازي الإبداع والنهضة الشاملة في مختلف مناحي الحياة الثقافية والأدبية وغيرها التي تعيشها السلطنة؟..
حتى وزارة التراث والثقافة وعلى لسان خالد بن سالم الغساني مدير عام المنظمات والعلاقات الخارجية أبدى تفهمه في مقابلة سابقة لمشاكل التوزيع والانتشار الحالية وأوضح أن النية تتجه لطباعة كتب الوزارة ضمن مشروعها الداعم للكتاب في دور نشر خارجية وذلك في سبيل توصيل أفضل لصوت وإبداع المثقف والأديب العماني، وأن هذا المقترح في طور الدراسة.
قد لا يبدو أفقا واضحا للإجابات على الأسئلة المطروحة آنفا..لذلك سيظل الكاتب العماني يمد عينه إلى الخارج في سبيل انتشار أفضل، وتوزيع لائق، ونشر خالٍ من العيوب.
جريدة عمان 27 / 7 / 2008 م
الكتّاب: عدم وجود دار نشر محلية وسعيا للتوزيع والانتشار
تجارب البعض مع المطابع في الداخل غير مشجعة
تحقيق: مسعود الحمداني
لماذا يلجأ الكاتب إلى طباعة إصداره خارج السلطنة؟..وما هي معوقات طباعة الكتاب لدينا؟..وكيف كانت تجارب من حاول طباعة كتابه في الداخل؟..وهل لدينا دور نشر حقيقية تعين الكاتب والكتاب على الانتشار؟..
هذه جملة أسئلة كانت محور تحقيقنا القادم مع مجموعة من المثقفين الذين كانت لهم تجارب واقعية مع دور النشر..
طرحتُ هذه الأسئلة على ثلاثة شعراء في معرض مسقط الأخير قاموا بإصدار دواوينهم الشعرية من خلال دار أطلس السورية، سألتُ الشاعر عبدالله العريمي صاحب (سمّني أيها الحب) الصادر عن الدار المذكورة، و(كونشرتو الكلمات) الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عن سبب اتجاهه للطباعة في الخارج فقال حينها: إنها جاءت من أجل انتشار أفضل، فأنا لا أريد أن أسبح داخل فضاء جغرافي محدود، الأبعاد ـ جغرافياًـ بل أبحث عن مدى أوسع وأكبر أسبح فيه بملء حريتي ناشرا ألوان الشعر وجماليته، لعله يفتح نافذة فأنظر لأرى الأشياء بشكل أنقى وأرحب.
ولم يخالفه الرأي الشاعر محمد السناني صاحب (الغريب الذي كانه) والذي أجاب حين سألته حينذاك: إن ذلك جاء رغبة في الانتشار بصورة أكبر على خارطة الشعر، ونأيا عن سيل الإصدارات الداخلية الجارف الذي لا يتبين فيه الكاتب يده من أيدي الآخرين، حيث أوسد أمر طباعة أعمال الكتّاب العمانيين إلى مطابع وليس دور نشر حقيقية، حتى طغت المجانية والعشوائية وسوء الإخراج، ولا ننسى مسألة التوزيع التي أشك كثيرا في قدرة الداخل على تحقيقها بصورة جيدة.
وقال الشاعر أحمد العريمي صاحب (شهوة الحلم الأخير) فقال عن سبب إصداره لديوانه عن دار خارجية أن ذلك جاء من أجل جودة النشر والتوزيع، وإيجاد مساحة أكبر للانتشار من خلال دار نشر لها صيتها الإعلامي على خارطة الوطن العربي.
مطرب الحيّ
أما الشاعر زهران القاسمي صاحب مجموعتين شعريتين(أمسكنا الوعل من قرونه) و(الهيولي)..فيقول:يبدو أن مطرب الحي لا يطرب كما يقولون، فمحيط القراءة والقراء محدود للغاية محليا، لذلك يتجه الكاتب إلى طباعة ديوانه في الخارج، فهنا لا توجد دور نشر تقوم بهذه المهمة، لذلك نواجه نقصا في الخبرة في هذا الجانب، إضافة إلى الإخراج الطباعي الضعيف للديوان وهذا أيضا جانب من جوانب انعدام الخبرة، أضف إلى ذلك أن دور النشر الخارجية غالبا ما توجد في معارض الكتب، والتظاهرات الثقافية، وهو ما يتيح انتشارا أفضل للكاتب.
ويضيف زهران: وزارة التراث والثقافة لديها مشروع لدعم الكاتب العماني، وهو مشروع لا يكلّف الأديب شيئا، بل أن الوزارة قد تعطيه مبلغا من المال، ولكن في الجانب الآخر: أين هي الكتب التي قامت الوزارة بطياعتها؟!!..غالبا لا تجدها في المكتبات أو منافذ التوزيع، وقد تجدها مركونة في مكتبة الوزارة، في (كراتينها)..وقد توجد بخجل في معارض الكتب التي تشارك بها الوزارة، وهذا ما حدث في معرض مسقط للكتاب الأخير حين كانت الكتب تُعرض بسعر رمزي يُشعر الكاتب بالإحباط بدلا من تشجيع القارئ على اقتناء هذه الإصدارات، إلى جانب أن العقلية القرائية انطبع في ذهنها أن كتب المؤسسة الرسمية تعبّر عن وجهة نظر رسمية!!..
وعن تجربته في الطباعة خارج السلطنة يقول زهران: صدر ديواني الأول (أمسكنا الوعل من قرونه) عن دار الانتشار العربي عام ،2006 ضمن مشروع النادي الثقافي لتبني طباعة بعض الدواوين الشعرية، وكانت تجربة جيدة، كون هذه الدار موجودة بشكل نشيط في معارض الكتب، حيث لاقى انتشارا وصدى طيبا، أما الثاني (الهيولي) فصدر عن دار (الفرقد) السورية وعملنا له حفل توقيع في معرض مسقط للكتاب الذي أقيم مستهل هذا العام، وهذه التجارب الطباعية هي مع دور نشر معروفة، ولديها خبرتها في هذا الاتجاه لذلك اشعر بالرضا عن عملية التوزيع والوجود كشاعر يسعى إلى تسويق نفسه وإبداعه.
سعي للربح المادي
أما الشاعر إسحاق الخنجري فيقول عن دور الطباعة في الداخل بأنها لا تسعى لخدمة الأدب بقدر سعيها للربح المادي، وهذا الأمر رغم أنه موجود بطبيعة الحال في أي عمل تجاري ربحي حتى لدى تلك الخارجية، إلا أن الأخيرة لديها ما تقوم به، فهي إلى جانب سعيها للربح المادي إلا أنها تقدم خدمة مهمة للكاتب، من خلال نشر إنتاجه على مساحة واسعة لدى المتلقي العربي والعالمي، وذلك من خلال وجودها في معارض الكتاب، وطريقة عرضها التي تحترم إنتاج وإبداع الآخرين.
وأضاف إسحاق: أن الخبرة التي تتمتع بها دور النشر الخارجية تتيح لها الترويج بشكل جيد للكاتب، ويشكل ذلك مردودا معنويا يحتاجه كل مبدع، أما مسألة طباعة الديوان في الداخل رغم أنها قد تكون أكثر سهولة ماديا إلا أنها لا تقدم ذلك الدافع المعنوي الذي ينشده الكاتب، لذلك أفضّل أنْ تصدر مجموعاتي من هناك بدلا من حصرها في نطاق محلي ضيق لا تكاد تخرج منه.
بيروقراطية المؤسسة
الشاعر محمد بن عبد الكريم الشحي يتحدث عن هذه القضية قائلا: لا توجد لدينا للأسف دور نشر وتوزيع تعمل على تسويق الكتاب والكاتب، وهذا أمر يعاني منه المبدع الذي يود أن ينطلق إلى فضاء أوسع، فأنا أبحث عن قراءات ناقدة أتعلّم منها، صحيح أنني وجدتُ ذلك على المستوى المحلي، ولكني أود الالتقاء بروافد متنوعة، ومدارات نقدية من دول مختلفة، وهذا ما تتيحه لي دور النشر في الخارج.
ويوضح الشحي أن دور النشر العربية تتخلص من بيروقراطية المؤسسة الرسمية، حيث أن هذا الجانب يؤثر على الإبداع، ومساحة التعبير، وبالتالي فاللجوء إلى الخارج في كثير من الأحيان أكثر إيجابية، إضافة إلى الخبرة التي تتعامل بها دور النشر في الخارج فهي تعاملت بشكل مباشر مع تجارب سابقة، ولديها خبرتها الطويلة في هذا الجانب.
ردة فعل
ويقول الشاعر عقيل اللواتي صاحب ديوان(سجدة قلب): أصدرت ديواني عن طريق دار (اكتب) المصرية، وربما جاء ذلك كردة فعل على موقف وزارة التراث والثقافة من عدم طباعته ضمن مشروعها الداعم للكتاب، حيث ظلت مخطوطة الديوان في أروقة الوزارة لأكثر من سنة ونصف، ولم أتلقَ حتى كتاب اعتذار بعدم طباعته، فلا هو طُبع، ولا هو تم البت في أمره بشكل قاطع، والغريب أن رد الوزارة جاء بعد إصدار ديواني، في شهر سبتمبر الماضي!!.
ويضيف عقيل: الحقيقة أن المطبعة التي تعاملتُ معها ليست بتلك الكفاءة، والجودة، لذلك لستُ راضيا عن التجربة، ولكنها ـ كما أسلفتُ ـ جاءت كردة فعل على التأخير الطويل وغير المبرر في المؤسسة المعنية، وللهروب من المأزق، ولعل في التوجه لدور النشر الخارجية ما يتيح للكاتب فرصة تسويق وانتشار أفضل، كوننا لا نمتلك دار نشر متخصصة تسعى لدعم المؤلف، وتسويقه بالشكل الذي يليق بإبداعه، ولعله حان الوقت لتبنّي القطاع الخاص دار نشر وطنية تكرّس جهدها لهذه العملية.
مشروع مكلّف
الشاعر خميس قلم صاحب (ما تزال تسكنه الخيام)و(طفولة حامضة) يقول: إن الطباعة في دور نشر معروفة قد يكون لأسباب أهمها ضمان الكاتب لتوزيع أفضل لإنتاجه، وتوزيع كتابه، كون ذلك أحد أهداف الإصدار، إلى جانب الإعلام الجيد الذي ينتج عن الطبع في الخارج.
وأضاف: أن مسألة الطباعة في الداخل لا تحقق ذلك المردود المعنوي الذي ينشده الكاتب، لأنه لا يوجد في الأساس دار للنشر تقوم بهذه المهمة، ورغم محاولات يتيمة أو حتى أفكار من بعض المهتمين لإنشاء مثل هذه الدور إلا أن التكلفة المادية الضخمة، إلى جانب ضرورة التفرّغ والمتابعة أعاق في أحيان كثيرة ظهور مثل هذه المشاريع، لأنه مشاريع لا تهدف للكسب المادي البحت بقدر إيمان صاحبها بأهمية الكتاب، والثقافة كعمل تنويري للمجتمع، ورغم ذلك فنحن بحاجة إلى دار نشر محلية تهتم بهذا الجانب التسويقي الهام وتعمل على الترويج للكتاب والكاتب.
تجربة مُرّة
منتصر الحراصي صاحب مجموعة (قمر لا يشبه امرأة) يقول: إن تجربة طباعة الديوان من قبل وزارة التراث والثقافة جيدة، غير أن تجربتي مع التوزيع في غاية السوء، ذلك أن المكتبة التي أعطيتها بعض النسخ لتوزيعها،وهي مكتبة محلية، لم تقم بعرضها بالشكل المناسب، وعُرضت بأسوأ ما يمكن تصوره، فالكتب التي تروّج لها هذه المكتبات لا تميل إلى كتب الأدب الحديث، بل تجد أنها تركز اهتمامها على الكتب الدينية، والتراثية التقليدية، والطبخ، وشؤون الأسرة، وما يتعلق بهذه الجوانب، لذلك لا تجد حماسا يدفعك للعرض معها، وحتى في معارض الكتاب، تجد كتابك معروضا في ركن لا يكاد يراه الزائر، هذا إذا تم عرضه أصلا.
ويضيف منتصر إن تجربة طباعة ديواني الأول في وزارة التراث والثقافة جاءت لدعمها للكاتب، وهو إصداري الأول لذا يحتاج إلى جرأة، وإجراءات قد لا يكون لدينا وقت لإجرائها، وهذا ما تتكفل به الوزارة، غير أنني أعتقد بأن مجموعتي التالية سوف تصدر عن دار نشر خارجية على الأقل سيتيح لي ذلك فرصة محترمة للتوزيع والانتشار وهو ما يسعى إليه كل كاتب.
وأخيرا..أتساءل:
إلى متى سيظل سوق الكتاب كاسدا في السلطنة؟..إلى متى سننتظر دار نشر تحمل على عاتقها مسؤولية الكتاب ونشره؟..دار تأخذ بيد الكاتب وتحلّق به بشكل لائق في معارض عالمية وتعمل على توزيع كتابه بما يوازي الإبداع والنهضة الشاملة في مختلف مناحي الحياة الثقافية والأدبية وغيرها التي تعيشها السلطنة؟..
حتى وزارة التراث والثقافة وعلى لسان خالد بن سالم الغساني مدير عام المنظمات والعلاقات الخارجية أبدى تفهمه في مقابلة سابقة لمشاكل التوزيع والانتشار الحالية وأوضح أن النية تتجه لطباعة كتب الوزارة ضمن مشروعها الداعم للكتاب في دور نشر خارجية وذلك في سبيل توصيل أفضل لصوت وإبداع المثقف والأديب العماني، وأن هذا المقترح في طور الدراسة.
قد لا يبدو أفقا واضحا للإجابات على الأسئلة المطروحة آنفا..لذلك سيظل الكاتب العماني يمد عينه إلى الخارج في سبيل انتشار أفضل، وتوزيع لائق، ونشر خالٍ من العيوب.
جريدة عمان 27 / 7 / 2008 م