مشاهدة النسخة كاملة : رسالة إلي غزة وأهلها وسط الحصار


بن مضر
28-11-2008, 04:29 PM
رسالة إلي غزة وأهلها
وسط الحصار


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسَّلام على محمد رسولالله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أمَّا بعد..
.
أيُّها الإخوة الأحباب في غزة..
إن الوضع المأساوي في غزة عارٌ في جبين الإنسانية جمعاء، كما أنَّ الصَّمت الرَّسمي العربيّ والإسلاميّ على ما يجري في غزَّة يتجاوز كل حدود المنطق والاحتمال الإنسانيِّ.. رغم أن المشاهد رهيبة تُحرِّك الجماد.. نبرأ ونعتذر إليكم من عجز الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية لعدم السعى لفك الحصار عنكم وعدم مواجهة ما تتعرضون له من مأساة كارثية تستهدف إبادتكم وتركيعكم أو كسر إرادتكم، إنَّنا نعتذر إليكم اليوم.. لا عن خذلاننا لكم، فأنتم في القلب، ونحن إخوة دينٍ ودمٍ نفتديكم بأرواحنا في زمن عزَّ فيه الفداء.

أيها الأحباب في غزة الأبية الصامدة الصابرة..
أيها الصامدون المرابطون.. اعلموا أنكم على الحق وأنكم الأعز والأكرم والأقوى؛ رغم ما أنتم فيه، وأن شرفاء الأمة وأطهارها وراءكم يسدِّدون خطاكم ويدعمونكم بكل ما يملكون، وهم على أتم استعداد لبذل كل مرتخص وغال في سبيل نصرتكم، ولتعلموا يا أحبتنا أنكم حاملو لواء شرف الأمة وكرامتها، ولتستيقنوا أن نصر الله آتٍ، وأنه قريب منكم فلا تيأسوا ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ ولتتمثلوا قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)﴾
والأرقام التي نذكرها خير دليل والحقيقة أنها غير محتملة:
· 31% من المرضى الفلسطينيين الممنوعين من العلاج في الخارج من جانب السلطات الصهيونية من الأطفال دون سن الـ15 عامًا!.
· 1700 مريض قلب وفشل كلوي وطفل حديث الولادة مهدَّدون بالموت في غزَّة؛ نتيجة توقُّف غرف العمليَّات وأجهزة التَّنفُّس الاصطناعي وغرف الرَّعاية المركّزة!.
· 93% من الفلسطينيِّين تنازلوا عن المُتطلَّبات المعيشيَّة اليوميَّة!.
· 51% من الأطفال لم تعد لديهم الرَّغبة في المشاركة في أية نشاطات، كما أنَّ 47% منهم لم يعودوا قادرين على أداء الواجبات المدرسيَّة أو العائليَّة!.
· المرض الجسدي أصاب 41% من أطفال القطاع!.
· 48% من أطفال غزَّة يعانون من انخفاض الطاقة لسوء التغذية، وبسبب أوضاع الحصار القاسية على الأطفال بلغت نسبة التغيب عن المقاعد الدراسية 40%، بينما يعاني 50% من الطَّلبة غير المتغيِّبين من مشكلات في التَّركيز خلال الدِّراسة.
· أكثر من 3500 مُؤسَّسةٍ صناعيَّةٍ وتجاريَّةٍ وحرفيَّةٍ أُغلقت؛ ممَّا أدَّى إلى فُقدان أكثر من 75 ألف فلسطيني عملَهم!.

نبرأ ونعتذر إليكم من عجز الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية لعدم السعى لفك الحصار عنكم وعدم مواجهة ما تتعرضون له من مأساة كارثية تستهدف إبادتكم وتركيعكم أو كسر إرادتكم، إنَّنا نعتذر إليكم اليوم.. لا عن خذلاننا لكم، فأنتم في القلب، ونحن إخوة دينٍ ودمٍ نفتديكم بأرواحنا في زمن عزَّ فيه الفداء.
ولكن عن ظلم وتجبر ذوي القربى:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ... على النفس من وقع الحسام المهنّد

وعن حال الحكام :

المستجير بعمرو عند كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنار

نعتذر إليكم عن هذا الواقع البئيس الذي أصبح فيه قادة الأمة الجاثمون على صدرها لا تتمعَّر وجوههم لنصرة الأطفال والأرامل والضعفاء الذين يتعرضون لهذه الجريمة النكراء التى يتحرك لها صاحب كل ضمير حى ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
جرائم

وذكرت التقارير الواردة من غزَّةِ خبرًا يتنافى مع جميع القيم والمبادئ الإنسانية وتقشعر له الأبدان؛ حيث أفادت أنَّ المخابز بدأت في طحن القمح المخصص لأعلاف الطُّيور والحيوانات وتحويله إلى دقيق لتلبية احتياجات السوق!! يا الله!! ألهذا الحال لم يتحرك ضمير حاكم عربي واحد لتقديم أي نوع من الدعم أو حتى ليستنكر أو يشجب أو يدين ؟ أى عجز هذا وأى هوان هذا؟
وهل وصل الأمر إلى حد منع حجيج غزة من الذهاب لأداء فريضة الحج ؟.
لقد عرَّت أحداث غزة كل الذين يتترَّسون خلف المشروع الصهيوأمريكي، وأسقطت عنهم الأقنعة، وكشفت زيفهم، وسقطت عنهم جميعًا ورقة التوت.. هؤلاء الآثمون الخاطئون الذين يحُولون دون وصول المعونات لأهل القطاع.. ألم ترقَّ قلوبهم- إن كان لهم قلوب كالبشر- لأنَّات الأطفال والمرضى والمعوذين.

واجبات

إن على كل فرد أو مؤسسة أن يفرغ وسعَه لكسر هذا الحصار المهين غير المسبوق، والذي يؤكد إننا نعيش عصرا فقدنا فيه الكثير من الشهامة والمروءة والرجولة .
كما أن على علماء الأمة وقادة الفكر والرأي أن يتبوءوا مكانتهم المستحقة وأن يقوموا بدورهم في ريادة الأمة وقيادتها، وليتقدموا الصفوف لكسر هذا الحصار، ولتهبَّ الأمة ولتَسِرْ المسيرات وقوافل الإغاثة من المحيط إلى الخليج، ولتفرضْ الشعوب إرادتها، ولتقل كلمتها، دون خوف أو وجل، حتى لا يلحقها الخزي والعار في الدنيا والآخرة، ولتثق أنها قادرة على تحقيق أهدافها والوصول إلى غاياتها.
إن حالة الغيبوبة والبلاهة السياسية التي تحياها الأنظمة والحكومات جعلتها لا تدرك حقيقة مصالح الأمن القومي العليا لأوطانهم وأنها تقود الأمة بكل أسف إلى مزيد من الانهيار والهوان.
آن الشعوب الإسلامية عليها أن تكسر طوق الحصار الذميم، وتقف موقفًا تُرضي به ربها، ولتتحرك مؤسسات المجتمع المدني والنخب، وليُعمِلوا عقولهم في ابتكار آليات ووسائل جديدة لكسر هذا الحصار.

لقد آن الأوان أن نُري الله من أنفسنا خيرًا بلا تردُّد أو إحجام أو تخاذل، كما أن على الحكام العرب والمسلمين أن يتقوا الله فى أمتهم وأن يرتفعوا إلى مستوى آمالها وطموحاتها .
أيُّها ألأشراف في كلِّ مكانٍ..
إن الوضع الحالي لا يتطلب منَّا كلمات؛ فإنهم لن يأكلوا في غزَّة كلماتنا أو أوراق شجبنا، ولن يشربوا من دموع حزننا عليهم.. إنَّ غزّةَ بحاجةٍ منَّا إلى ما هو أقوى وأنفذ؛ تحتاج إلى الفعل الجاد لكسر هذا الحصار الغاشم الظالم عن مليون ونصف المليون روح بشريَّة، وهذه مسئولية الجميع دون استثناء.
ولتعدوا قائمةً سوداءَ بأسماء المتخاذلين وأعوانهم ليلحقهم الخزي و العار والصَغَار إلى يوم الدين ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)﴾

كلمة إلى حجاج بيت الله الحرام

إننا حين نكبر مع الحجيج لا بد أن نعي المعاني الحقيقية لهذا التكبير.
فالله عز وجل أكبر من الدنيا ومن فيها وما فيها.
الله أكبر من كل ظالم طاغٍ باع نفسه ووطنه للشيطان من أجل متع شخصية زائلة.
الله أكبر ممن لم يتألم ويتحرك لنصرة أطفال غزة الأبرار المرضى الجائعين.
الله أكبر من كل حاكم متخاذل لم يتحرك ليرفع الظلم عن المظلومين .
كما أننا حين نردِّد معهم لبيك اللهم لبيك ينبغي أن تتحول إلى أعمال ودعوات لنصرة الإسلام ونصرة المستضعفين ومدّ يد العون والغوث لهم.
لنرفع أيديَنا مع الحجيج بالدعاء لأهل فلسطين أن يجمع الله شملهم ويوحد جمعهم ، وأن يربط على قلوبهم ويثبت أقدامهم، ولتلهج ألسنتنا معهم بالدعاء على كل من فرَّط أو تخاذل عن نصرة إخواننا المحاصرين ورفع الضيم عنهم، وأن يريَنا الله في الظالمين وأعوانهم آيةً عاجلةً غير آجلة.. ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾
أيهاألإنسان في كل مكان..
هلمّوا إلى الله.. ولتتكاتف الجهود وتتضافر كل القوى لرفع الحصار عن أهل غزة وتسيير قوافل الإغاثة إليهم والضغط على الأنظمة والحكومات لتوصيل الكهرباء ومدهم بالوقود وبكل ما يحتاجونه .. لا عذر لأحد بعد اليوم فلنتحرك؛ كل حسب وسعه، وكما قال السلف فإن "أعظم الناس وسعًا أعظمهم إيمانًا".
فلنتسابق إلى الله، باذلين ومضحِّين لنصرة إخواننا، غير عابئين بتقاعس المتخاذلين، ولنعلم أن الله متمُّ نوره ولو بعد حين. ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾. والله أكبر ولله الحمد..
فلنهب جميعًا- أفرادًا ومؤسساتٍ وهيئاتٍ ومنظماتِ مجتمع مدني لرفع هذا الظلم والجور وعدم السماح بتركيع أهلنا المقاومين الشرفاء، و﴿إن الله على نصرهم لقدير﴾.

وصلى اللهم على النبي الخاتم وعلى آله وصحبه وسلم.. والحمد لله رب العالمين.
****************
بتصريف من كاتبه