مشاهدة النسخة كاملة : الصداقة.. صدفة ام اختيار


سارق القلوب
28-05-2006, 12:39 PM
في حياة كل إنسان ، علاقات وروابط مع آخرين من بني جنسه، قد تمتن وتشتد لتتجاوز العلاقات والروابط المصلحية إلى روابط وعلاقات ينسكب في وشائجها بعض من شعاع الروح، اصطلح على تسميتها بـ(الصداقة )، والبانين لهذه العلاقات والروابط بـ (الأصدقاء).
وهنا قد يطرح سؤال، وإن نعته البعض بالسذاجة، لكنه سؤالٌ لابد من الإجابة عليه، وهو لماذا الصداقة ؟ ولماذا الأصدقاء؟ وهل من الواجب والضروري اتخاذ صديق؟.
إن خير من يجيبنا عن هذه الأسئلة والاستفسارات، الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث والروايات الواردة في هذا المضمار عن الرسول (ص) والأئمة(ع)؛ فهذا الإمام علي (ع) يوصي ابنه فيقول له: (بني! الصديق ، ثم الطريق)، فمن دون أصدقاء كيف يستطيع المرء أن يجتاز العقبات في هذه الحياة؟ وكيف ينجح إنسان لم يكوّن لنفسه بعد شبكة من العلاقات الاجتماعية تعينه في تحقيق أهدافه ؟
وهل سمعتم أن زعيماً تسلق سلالم المجد، من دون أن يكون له بطانة وأعوان؟! الواقع يؤكد لنا عدم وجود نجاح بغير صداقات ، ولن تكون صداقات بغير فن العلاقات، ولن تكون علاقات بغير حب ... (وهل الدين إلا الحب ؟) - كما في الحديث الشريف - وكيف يمكن للحب أن ينمو خارج المجتمع وبعيداً عن عباد الله؟ إذن لابد من الصداقة في حياة كل فرد منا.
ولكن ما المقصود بالصداقة؟ وما المراد بالأصدقاء؟
جاء في (لسان العرب) لابن منظور: الصداقة من الصدق ، والصدق نقيض الكذب. وبهذا تكون الصداقة هي صدق النصيحة والإخاء ، والصديق هو من صدقك. وقد عرّف أبو هلال العسكري الصداقة في كتابه (الفروق في اللغة) بأنها اتفاق الضمائر على المودة.
هكذا عرّف اللغويون العرب الصداقة في كتبهم، أما علماء النفس فقد أعطوا تعريفات أخرى لفن الصداقة، فعرفها أحد علماء النفس على أنها علاقة بين شخصين أو أكثر تتسم بالجاذبية المتبادلة المصحوبة بمشاعر وجدانية، ويضيف البعض الآخر بأنها علاقة اجتماعية وثيقة ودائمة تقوم على تماثل الاتجاهات بصفة خاصة وتحمل دلالات بالغة الأهمية تمس توافق الفرد واستقرار الجماعة.
إذن نفهم مما تقدم أن الصداقة فن وصناعة إلا أن لها أرضية لابد من تهيئتها، وهي الالتزام بالأخلاق الفاضلة، أي صداقة قائمة على الخلق الإنساني الرفيع؛ لذلك فإننا نرفض كل ما يسميه البعض (صداقة) إذا كانت تعني مجرد اتصال اجتماعي ، وتبادل خدمات ومنافع ، ولاشك أن هذا ليس من الصداقة الحقة في شيء، وإن كان في الصداقة تعاون وعطاء متبادل، ولكن الصداقة بحد ذاتها هدف مقدس، لا وسيلة تجارية رخيصة. وبما أن الصداقة فن فهذا يعني أن نستعمل الذوق والفكر والقلب والضمير معاً في إقامة الصداقات وإيجاد الأصدقاء.
إن الصداقة ليست مسألة عادية بل هي من القضايا الملحة في حياة الإنسان، على أنها قضية خطيرة أيضاً؛ لأن تأثير الصديق على صديقه ليس تأثيراً فجائياً ملموساً ليتعرف من خلاله بسهولة على موقع الخطأ والصواب، بل هو تأثير تدريجي، يومي، وغير ظاهر. ومن هنا فإن بعض الذين ينحرفون بسبب الصداقات، لا يشعرون بالانحراف إلا بعد فوات الأوان، وإذا أخذنا بعين الاعتبار قابلية الإنسان للتأثير والتأثر بالأجواء التي يعيشها وخاصة تأثره بالأصدقاء، وإن هذا التأثير ليس مرئياً ولا فجائياً، عرفنا حينئذٍ خطورة الصداقة في حياة الإنسان، والمجتمع، وضرورة الاهتمام بها من قبل الأفراد والجماعات.
إن الصداقة قضية اختيار، ولا يجوز أن تترك اختيار أصدقائك للصدفة، إذ إن الصدفة قد تكون جيدة في بعض الأحيان ولكنها لا تكون كذلك في أكثر الأحيان، ولهذا فإن على الإنسان أن يبادر إلى اختيار أصدقائه، حسب المعايير الصحيحة قبل أن تؤدي به الصدفة إلى صداقات وفق معايير خاطئة.
وفي هذا الصدد يشير علماء النفس إلى بعض الأمور والمعايير التي لابد وأن يأخذها الشخص بنظر الاعتبار عند بدء الصداقة، مثل التقارب العمري في معظم الحالات بين الأصدقاء، وتوافر قدر من التماثل بينهم فيما يتعلق بسمات الشخصية والقدرات العقلية والاهتمامات والقيم والظروف الاجتماعية مع مراعاة الدوام النسبي والاستقرار في الصداقة.
وبما أن الصديق له الأثر الكبير على حياة الفرد والمجتمع، فلابد أن نختار من تكون تأثيراته محمودة، فالواجب أن لا نبحث عن الصديق فحسب، بل عن الصفات التي يتمتع بها، ومن أهم الصفات التي أكد الإسلام على ضرورة توفرها في الأصدقاء العلم والحكمة والعقل والزهد والخير والفضيلة والوفاء والخلق الكريم والإخلاص والأمانة والصدق.. إلخ. ويضيف علماء النفس إلى هذه الصفات السامية أيضاً، الثقة بالنفس وكل ما يوحي بالقوة والاستقلال والميل إلى الحياة الاجتماعية، مع خفة الظل والانبساط والاعتناء بكل ما هو محبب، هذا بالإضافة إلى صفة التدين وهو كل ما يشير إلى الإيمان بالله وأداء الفرائض الدينية؛ وبذلك فإن الصفات التي أكد عليها الإسلام الحنيف، تتفق في معظمها مع الصفات التي أكد عليها علماء النفس. ومن هذا نستخلص، أن الصداقة في كل الأحوال لابد أن تكون قائمة على الخلق الإنساني الرفيع.
لذا على الفرد أن يكون حذرا ً في اختيار أصدقائه؛ يقول رسول الله(ص): (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)، كما فقد حذر القرآن الكريم من السقوط في شرك (قرناء السوء) قائلاً: (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض شيطاناً فهو له قرين) (الزخرف: 36).
إلا أن البعض قد يتخوف من هذا الأمر بشكل كبير ، فيؤثر الوحدة في الحياة على الصداقة مع الناس ، وبعض الناس على العكس من ذلك، إذ يتخذ من عملية الصداقة بحد ذاتها هواية ، فيكثر من الأصدقاء دون أي حساب، وكلا الطريقين خاطئ، فليس من الصواب أن يتخذ الإنسان أصدقاءً بلا حساب، كما ليس من الصحيح أيضاً أن يعيش الإنسان في عزلة عن الناس؛ لأن العزلة حالة مخالفة لفطرة الإنسان الاجتماعي بالطبع، وليس من مبادئ الإسلام أن يعتزل الإنسان نظراءه في الخلق، بل عليه أن يصادق الطيبين منهم، وإذا لم يوجد إلا الناس السيئون، فلا بد أن يكون معهم كإنسان من دون أن يكون معهم في مواقفهم الخاطئة.
فلا وجه لاعتزال الناس، والابتعاد عن الصداقات؛ فقد أكدت الدراسات النفسية اقتران افتقاد القدر المناسب من الأصدقاء بالعديد من مظاهر اختلال الصحة النفسية والجسمية، مثل الاكتئاب والقلق والملل وانخفاض تقدم الذات والتوتر والخجل الشديد والعجز عن التصرف المناسب عندما تستدعي الظروف إلى التفاعل مع الآخرين، بالإضافة إلى ضعف مقاومة الأمراض الجسمية والتأخر في الشفاء.
إن الإسلام يدعو إلى التآلف مع الناس وكسبهم، ومداراتهم، لأن الجانب الاجتماعي في الإنسان هو الجانب الأهم الذي من أجله خلقه الله تعالى ، وقد ورد في الحديث الشريف (ود المؤمن للمؤمن من أفضل شعب الإيمان)، ويكفي لإثبات ضرورة الصداقة، أن الله العظيم قد اتخذ لنفسه خليلاً، وهو النبي إبراهيم (ع) حيث يقول تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، ومن الملاحظ أن خطابات القرآن الكريم تأتي في صورة الجمع لا المفرد ، وفي ذلك إيماء إلى المسلم بالحياة الجماعية والابتعاد عن العزلة. إلا أن الإسلام يضع الأساس الصحيح للصداقة وهو الحب في الله؛ يقول الإمام علي(ع): (خير الأخوان من كانت مودته في الله).
غير أن بعض الناس يقول متسائلاً: بماذا ينفعني الأصدقاء؟ هل سأحصل منهم على الملايين؟ والجواب هو: من قال بأن الملايين هي منتهى ما يحتاجه الإنسان؟ فالأصدقاء بالإضافة إلى ما يوفرونه من لذات الحياة ومعانيها فهم سلالم المجد للإنسان أحياناً، وإن الحياة الحقيقية هي أن يعيش الإنسان مع جماعة ويشاركهم أتراحهم وأفراحهم؛ فإن أكبر عقوبة يواجهها الإنسان هي عقوبة السجن الانفرادي ، فالأصدقاء ينفعوننا في الدنيا حيث يقضون حوائجنا، ويساعدوننا في أزماتنا ومشاكلنا، أما في الآخرة فهم يشفعون لنا، فلو أن رجلاً كان في الدنيا صديقاً لأربعين مؤمناً، أليست شهادة هؤلاء على صلاحه تنفعه يوم القيامة، أو على الأقل تخفف عنه العذاب؟!.
فالصداقة بالإضافة إلى أنها تنفع في الدنيا، فهي قضية دينية مرتبطة بالدين، ولربما يعاقب الإنسان على تركها يوم القيامة؛ فهي حاجة روحية للإنسان جعلها الإسلام بمنزلة عبادة يثاب عليها مع كل صديق بدرجته في الجنة؛ عن الإمام الرضا (ع) : (من استفاد أخاً في الله ، فقد استفاد بيتاً في الجنة).
وبالإضافة إلى كل ما تقدم فإن للصداقة أهمية كبيرة من الناحية النفسية للإنسان، مثل الشعور بالحب والمشاركة الوجدانية، والإفصاح عن الذات وعن بعض المشاكل والهموم، وتلقي المساعدة في الشدة، والاكتساب والتنمية، وإعداد الشخص لمواجهة المجتمع ، هذا بالإضافة إلى المرح والترفيه وإدخال السعادة والبهجة على الصديق، والمشاركة في الميول والهوايات.
وبعد كل ما تقدم، لا يبقى هناك مجال للشك، حول أهمية وضرورة الصداقة في حياة كل فرد في المجتمع، والتي أكد عليها الإسلام واعتبرها قضية مقدسة؛ فلا توجد بعد العبادات والإيمان، أفضل من اكتساب أخ مؤمن وصديق صالح، كما يقول الحديث الشريف: (لا يقدم المؤمن على الله بعمل يوم القيامة - بعد الفرائض - أحب إلى الله من أن يسع الناس بخلقه).
فالصداقة تغذي الأخلاق، وتستثمر المبادئ. والأصدقاء كنوز، يجب البحث عنهم، وتحمل التعب من أجل اكتشافهم، حتى لا يختلط علينا الحجر والجوهر، فننتقي الأحجار ظناً منا أنها الجواهر.
منقول للفائدة

درة الإيمان
28-05-2006, 12:50 PM
لن اتكلم عن الصداقه
فقد يطول الحديث عنها
ولكني سأجيب عن السؤال
قد تكون باختيار
وقد تكون على حسب الصدف
وكل منهما يعتمد على مدى حذر الانسان
وحسن اختياره
نصيحتي لكم باختيار
حامل المسك
ألف شكر
ووفقك الله دوما
تحياتي

سارق القلوب
28-05-2006, 12:55 PM
لن اتكلم عن الصداقه

فقد يطول الحديث عنها
ولكني سأجيب عن السؤال
قد تكون باختيار
وقد تكون على حسب الصدف
وكل منهما يعتمد على مدى حذر الانسان
وحسن اختياره
نصيحتي لكم باختيار
حامل المسك
ألف شكر
ووفقك الله دوما

تحياتي
اشكرك اختي على هذا المرور الطيب بس ما هو كلامك في صداقات هذه الإيام أليس تغلب عليها صداقة المصلحة او انا في كلامي خطأ

الفارس البلوشي
28-05-2006, 01:04 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

تشكر أخي سارق القلوب على هالنقل الموفق والجميل ..

الصداقة قيمة إنسانية أخلاقية ودينية عظيمة سامية المعاني والجمال كبيرة الشأن بها تسمو الحياة وترتقي وبدونها تنحدر 0الصداقة من الصدق ، والصدق عكس الكذب. والصديق هو من صدقك وعدو عدوك . إنها علاقة وثيقة بين شخصين أو أكثر علاقة متبادلة وانسجام كامل في المشاعر والأحاسيس وهي بالغة الأهمية في استقرار الفرد وتطور المجتمع 0

لان الإنسان خلقه الله كائن اجتماعي لا يقدر العيش بمفرده بل يتفاعل مع من حوله ايجابيا ليشكل المجتمع المتكامل 0لتعطيه الصداقة الدفء والشعور بالمحبة والراحة في حياته وخاصة إن كان ممن يحسن اختيارهم فهم جواهر الحياة والمفترض أن نحسن تميزهم عن وحل الأرض

0 لان أشباه الصديق والصداقة السيئة تنتهي بسرعة انتهاء فقاعة الماء أو الصابون
فالصداقة تجعل الحياة جميلة لأنها تخدم الروح والجسد والعقل 0

علينا اكتساب الأصدقاء والعمل على المحافظة عليهم كما قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في حديث له:

( عليك بإخوان الصدق، فأكثر من اكتسابهم، فإنهم عدة عند الرخاء، وجنة عند البلاء) 0
0والمعروف إن افتقاد الصداقات والعلاقات مع الناس والأصدقاء يولد الاكتئاب والمرض والتوتر النفسي والكثير من المشاكل الصحية والنفسية0 والجلوس منفردا عقوبة جسمية ونفسية قاسية تمارسها السلطات على المخالف للقانون و يتعرض لها من لا صديق له وفي الأمثال والأقوال يقال( الصديق والرفيق قبل الطريق ) وقول الشاعر:

صديقي من يقاسمني همومي
ويرمي بالعداوة من رماني

ويحفظني إذا ما غبت عنه
وارجوه لنائبة الزمان


من هنا يحق للصداقة أن تتباهى بجمالها السامي المزهو بالكبرياء00 وهي المنهل العذب لكل جوانب الحياة و هذا الترفع والتكبر بهذا الموقع مسموح و غير قبيح ولائق لها .
إلا أنها استيقظت أمس من رقادها وقبل إعلان وفاتها نشرت نعوتها على الجدران وفي الشوارع والأزقة بعد أخذت تراجع علاقاتها المنهارة بجدارة على أنسام هواء المال و الأخلاق المستوردة معلنةً: دون إرادتها مرغمة :
إن الصداقة حياة عاطفية ماضية ذابلة الأغصان و لا خضرة فيها وان الحياة تغيرت والعلاقات يجب أن تتغير رغم استمرار سطوع الشمس ونقاء السماء. وإذا كانت الصداقة ذابلة الأغصان فلا فيء لها بالتالي تصلح كحطب للتدفئة فقط.
و رغم انفلات الدمعة من شدة الانفعال على هذه النعوة .


ولك جزيل الشكر والأمتنان .

دموع المحبة
28-05-2006, 01:25 PM
تشكر اخي العزيز علي الموضوع الرائع

الصداقه من اجمل العلاقات في الحياه والانسان طبعا يختار اصدقائه من بين الناس الذي يقابلهم

غزل
28-05-2006, 05:09 PM
من اجمل ما فى الحياه الصداقه... فهى الصله التى تربط الناس وهى التى تجعل الانسان يشعر بلحياه...
وعندما يجد الانسان الشخص المناسب الذى يثق فيه ...ويعتبره صديقه الذى لا يمكن ان يبتعد عنه...
ويجعله محل اسراره.. عن اذن يشعر الانسان بقيمة الصداقه ...والنفس ...وارجو من الجميع البحث عن اصدقاء والتعارف على الغير... حتى نعيش جميعا فى رحاب الصداقه... فى الله وندعوا الله معا ان يجعلنا من السبعه الذى سوف يظلهم باءذن الله...

ومشكورة اختي على هذا الموضوع الجميل...

اختكم في الله :غزل

سارق القلوب
30-05-2006, 12:02 PM
لكم جزيل الشكر والتقدير على هذا المرور الطيب فالصداقة نعمة لابد انا نختارها بكل دقة

عسكري الحصن
30-05-2006, 12:16 PM
الصداقة أعتقد ليست إختيارية ولا هي مصادفىة


ولكن أعتقد إن علاقة الصداقة بعض الأحيان تفرضها عليك بعض الظروف مثل ظروف العمل أو السفر أو الجوار أو ......


ولكن نعم يجب أن نختار أصدقائنا ونحسن الإختيار

ولا نرفض من جاء بقلب صادق بصداقة نسعد بها