البراء
31-07-2009, 02:45 PM
غلاء المهور .. من أين يأتي الحل؟!
المغالاة ترفــع نسبة العنوسة... والاقتراض أسوأ الحلول
تحقيق - محمد البلوشي :
ظاهرة المغالاة في المهور أصبحت ظاهرة تهدد المجتمع وخاصة الشباب منهم تبعا للأزمة المالية وارتفاع الأسعار ، ما يجعلهم في قلق نفسـي ومعنوي ، فالمهر هو اسم للمال الواجب للمرأة على الرجل بالنكاح وقد سمـاه الـقرآن الكريم (صداقاً) و (أجراً) و (فريضة) يبذله الزوج على سبيل العطية والتي تعين على أن يحقق الزواج ثمرته، والمـغالاة فيـه هـي اشتراطات مبالغة أو طلبات غالية الثمن مع عدم مراعاة قدرات وإمكانيات الزوج المتقدم في ظل الظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار، ومن خلال هـذا التحقيق تطرقنا إلى عدة جوانب منها الديني والاجتماعي والنفسي وأيضا رأي فئة من الشباب الذين يعانون من هذه الظاهرة والعديد من المحاور التي من خلالها نستنتج محتوى هذه الظاهـرة والـتي أصبحت آفـة تهدد المجتمع.
علم الاجتماع
تحدثت الدكتورة منال فاروق اخصائية علم اجتماع بجامعة السلطان قابوس عن ظاهرة غلاء المهور ووصفتها بأنها حجر عثرة أمام الزوجين بممارسة الحياة الزوجية بشكل طبيعي وقالت ان الشاب عندما يتخرج ويريد بعد ذلك أن يكمل نصف دينه فيضطر إلى أن يقترض مبلغا كبيرا حتى يستطيع أن يدفع المهر والمتطلبات الأخرى وبالتالي سيكون لهذا الأمر عواقبه بعد الارتباط وذكرت أن هناك مبالغة كبيرة ليست فقط على المهر وإنما على المتطلبات الأخرى مثل الحلي وأيضا المنزل والسيارة ، وقالت ان غلاء المهور في الوقت الحالي ومضاره الكبيرة المرتبطة بالأزمة المالية والاقتصادية أصبحا تشكل ان عبئا وقالت إن تغاضينا عن هذا العبء قبل الزواج سيؤثر في الارتباط بين الزوجين بعد الزواج ، مثل ممارسة الحياة الزوجية بشكل طبيعي ومتطلبات الحياة الأساسية وأيضا التخطيط لنشأة الأبناء النشأة الصحيحة فكل هذه العوامل ستؤثر بطريقة ليست مرغوبة، وتحدث عن الجذور الاجتماعية والثقافية المرتبطة لهذه الظاهرة وقالت ان هذه الجذور ثابتة في مجتمعنا نتيجة العادات والتقاليد غير المرغوب فيها والمتعارف عليها في بعض المناطق والتي تصر عليها بعض المناطق ، وقالت : للأسف أصبحت غلاة ومكانة الفتاة تقاس عند أهلها بما يدفعه المتقدم لها وذكرت أن النظرة المادية غيرت الكثير من الأشياء المهمة الأساسية والموجودة في ديننا الإسلامي ، حيث قال الرسول – صلى الله عليه وسلم - : (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادا كبيرا) .. فعلى محور حديث رسولنا الكريم أصبح الأهل يهتمون بالمال أكثر من الخلق والدين وقالت عندما يتقدم الشخص فالسؤال الأول هو عن الوظيفة وعن الراتب وبعد ذلك إن تمت الموافقة فسوف يقومون بالمغالاة بالمهر ، وأحيانا تصبح المغالاة من جهة الزوج نفسه حين يربط مكانة أهله وقبيلته الاجتماعية بما يقدمه من مهر ، وظن ان نجاح الزواج مرتبط بما يقدمه من مغالاة في المهر ، وقالت ان بعض أولياء الأمور يسعون للمغالاة في المهور نتيجة الطمع والتباهي والتقليد وأيضا ربط زواج البنت الكبرى أو أختها التي سبقتها ، فهذه عوامل تؤثر على الشاب المتقدم وذكرت أن التباهي يكمن في كيفية إقامة العرس والهدايا المقدمة من قبل العريس وأيضا الولائم التي تقام بعد العرس وغيرها من الأمور وهذا جزء مرتبط بالتباهي والتفاخر وأيضا بتقييم العائلة للبنت نفسها ، فبالتالي لا توجد مراعاة في وقتنا الحالي بناء على الوضع الاقتصادي المرتبط بالأزمة المالية وأيضا بارتفاع الأسعار، وتطرقت الدكتورة منال إلى الجانب المهم وهو الجانب النفسي وذكرت الأثر النفسي المترتب على هذه الظاهرة وقالت ان هذه الظاهرة مرتبطة بالحالة النفسية لدى الشاب والشابة ونحن لمسناها في مجتمعاتنا العربية على الرغم من أننا اتهمنا بالزواج المبكر ، وبالارتباط بين الشاب والفتاة أما الآن أصبح الشاب يعزف عن الزواج رغبة منه ، وأيضا ظاهرة العنوسة التي أصبحت تنتشر في المجتمعات العربية ، لأسباب كثيرة منها أن الشباب أصبح يعزف عن الزواج وأيضا صارت البنات يحاولن أن يقعن في دائرة الاختيار والمفاضلة بين الشباب المتقدمين وفقا للجانب المادي وأحيانا يفضلن الارتباط بكبار السن أكثر من الشباب فنجد هنا أن المنظور في التوازن الاجتماعي أصبح فيه خلل في الحياة الاجتماعية بين الشباب والشابات وقالت انه يمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى الطلاق المبكر والخلافات الزوجية بين الشاب والشابة في الأسرة وأحيانا تشعر الفتاة أنها تعيش في حياة اجتماعية واقتصادية اقل مما كانت تعيشه في أسرة والدها فتبدأ بالتذمر ورفض الحياة ولا تتحمل المسؤولية وقالت ان الشباب في الوقت الحالي يعيشون في قلق وتوتر نفسي ناتج عن كيفية قضاء الدين الموجود لديهم نتيجة القرض الذي تم أخذه من البنك للزواج مع الفوائد المترتبة من هذا القرض وقالت انهم يعيشون سنين في دفع هذا القرض وهذا بحد ذاته يشكل حالة نفسية لديهم وذكرت أن هناك فئة من الشباب عندما نقوم بسؤالهم لماذا يتم تأخير الزواج فيقولون انهم لم يأخروه بسبب الاستعداد وإنما لرفض فكرة الزواج وذلك للخوف من الوقوع في دائرة الاستغلال الاقتصادي من أسرة الفتاة وقالت ان هناك جانب نفسي آخر وهو الانحراف وقالت الدكتورة ان هناك فئة من الشباب يستسهلوا تكوين علاقات غير شرعية أفضل من الزواج وذلك بدون مقابل أو مسؤولية مع زوجة ... وذكرت ان هناك أثرا نفسيا قريبا وبعيدا مترتبا على هذه الظاهرة ، فالأثر القريب ما نلاحظه في زيادة الفلتات و التفكك الأسري وخاصة في السنة الاولى من الارتباط ، فنجد كثير من الفتيات يقلن انهن وجدن الزوج بشكل مخالف تماما لما اعتدن عليه او كما عرفنه قبل فترة الإرتباط ، وقالت انه بمجرد ما يدخل الشاب والشابة إلى حيز المسؤولية الاجتماعية وتحمل مسؤولية الزواج داخل الاسرة فيكتشفوا الحقيقة ، فالفتاة تكتشف أنها ارتبطت برجل ارهق ماديا فبالتالي هو غير متفرغ يعطيها الجانب العاطفي والوجدان الذي كانت تامل فيه وبالتالي هي ترفض تحمل المسؤولية معه ، فالجانب القريب هو وجود اهمال الجانب العاطفي داخل الأسرة ووجود خلافات زوجية متكررة من الزوجين في السنة الأولى من الزواج ، ورغبة الفتاة في التخلي عن المسؤولية وعودتها إلى منزل والدها وأيضا رفض انجاب الأطفال في بداية الزواج لتجنب المسؤولية وأيضا جانب الاقتراض وتأثيره على الحرمان من الأساسيات داخل الأسرة وهذا المدى له أثر نفسي كبير ، وتحدث عن المدى البعيد وقالت أن مجتمعاتنا بدأت تعاني منه وهي عدة حالات منها الطلاق وبنسبة كبيرة وأيضا نسبة العنوسة بين الشباب وأيضا العزوف عن الزواج وفي بعض الأحيان عنوسة اختيارية وهذا العنصر بدأ بالظهور وبشده في مجتمعنا ، فترى الفتاة لا توجد عندها أية مشكلة لا من الناحية الشكلية أو التعليمية أو ما شابه لهم فعندما نقوم بسؤالها لماذا لم ترتبطي فتقول أن لديها الوظيفة والراتب الجيد وتخشى أنها عندما ترتبط فسوف تستغل من قبل الزوج ، فأصبحت فئة من الفتيات يفضلن العنوسة الاختيارية من الاستغلال المادي وأصبح أيضا هناك اختلال في معايير اختيار الزوج والزوجة في المجتمع ففي السابق كان المعيار هو الخلق والدين والأسرة الكريمة وأما الآن أصبح الشاب بيحث عن زوجة تعمل لكي تساعده في الانفاق على الاسرة وأما أن تكون قبيلتها كبيرة للتباهي ، وقالت ان المعيار في الوقت الحالي هو معيار مادي بحت، وتحدثت أيضا عن زواج الأقارب وقالت أن هذه الظاهرة بدأت تقل عن السابق ولكن لا زالت موجودة وله أسباب كثيرة مثل حفاظ القبيلة على هويتها ومحاولة التمسك بالجانب المادي من الخروج الى خارج القبيلة وطمع اهل الفتاة من البعد عنهم في السكني وأيضا رغبة منهم في الاستمرار في القبيلة وأحيانا عدم قبول الارتباط ببعض القبائل وهذا من المعايير العصبية القبلية الموجودة في المجتمع العماني وقالت أن تأثير ظاهرة زواج الأقارب يكون كبيرا جدا ومثل الطلاق المبكر وذلك للزواج الغصب من قبل الأقارب ورفض الفتاة للشاب وأيضا رفض الشاب للفتاة وذلك لعدم وجود اقتناع داخلي لديهما ، وتحدثت عن الأمراض الوراثية وقالت ان هذه الأمراض بدأت تنتشر في المجتمع وكل المؤشرات بدأت تشير الى سبب واحد وهو زواج الاقارب ، فترى امراض الدم وامراض الجينات المتناحية ، فهناك توعية في المجتمع وهي الكشف قبل الزواج أو البعد عن زواج الأقارب وأيضا رفضهم للزواج من داخل العائلة وذلك لوجود مشاعر الأخوة بينهم فمن المستحيل تغيير مشاعرهم الأخوية وهذا له أثر إذا تم الارتباط. وتحدثت الدكتورة منال عن الجذور التاريخية والمستجدات التي تهدئ من هذا التراكم فقالت أن الجذور التاريخية تشير إلى أن غلاء المهور موجود منذ القدم ولكن تبقى المستجدات من هذا التراكم هي جانب المباهاة وقالت انه للأسف أصبحنا نقلد ونباهي في اعراسنا وفي ارتباطات الزواج وفي شروط الزواج بأشياء أساسا لا تنتمي الى ثقافتنا العربية ، وذكرت أن هناك تضخيم في كيفية عمل مراسم العرس دون الاهتمام بالشعائر ، وذكرت أيضا جانب الاسراف وقالت: ان الولائم التي تمد في العرس كثير منها يرمى واشياء تكون مبالغ بها دون اية ضرورة ... وتحدثت الدكتورة عن الجانب الأصعب وهو كيفية الحد من هذه الظاهرة وقالت يجب علينا التكاتف وتكامل مؤسسات كثيرة في المجتمع بالاضافة الى الجانب الاهم وهو التوعية.
رأي ديني
تحدث ناصر العزري مدير دائرة الافتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية عن المهر وقال انه شرط من شروط الزواج بنص الأحاديث الواردة عن النبي – صلى الله عليه وسلم - وتبقى المغالاة الزائدة التي سار عليها كثير من الناس والتي لا تحمد عقباها من بعده ، وذكر أن المهر إباحة كما قالت طائفة من أهل العلم ، ولكن يبقى هو شرط من الشروط في جميع الأحوال ، وقال أيضا ان الكثيرين في هذا الزمن يغالون بقيمة المهر وكثير من أولياء الأمور بأن البنات سلعة من السلع تباع وتشترى ، ويبقى هذا المفهوم هو المفهوم الخاطئ ، والاسلام لا يبيحه مطلقا ، وذكر أن الحياة الزوجية هي التعاون والتواد والرحمى والألفة وبالتالي يبقى المهر الزائد عائقا ، وقال أن الرجل إذا ما تكلف هذه التكاليف الباهضة من الأموال فيظل يعيش طول حياته في سداد هذه الأموال التي تكلفها وبالتالي كيف تكون هذه العشرة صالحة وعشرة فيها انفاق وتأدية الواجبات التي يطالب بها الرجل ، وحين تتوسع هذه الأسرة تزيد النفقات ،فيزيد الهم والغم على هذا الرجل ، فيعيش بعد ذلك في جو خال من السعادة مع زوجته ، فإذن تجر الزيادة في المهور إلى ما يعقبه بعد ذلك من مساوئ كثيرة جدا ، وذكر انه لا بد أن ينتبه أولياء الأمور إذا ما أرادوا السعادة الحقيقية فعلا لهذه المرأة بأن لا يغالوا في هذه المهور ، لأن السعادة الحقيقية تكمن في الرجل نفسه الذي اختاره هذا الولي أن يكون صالحا لابنته بحيث يستطيع أن يؤسس أسرة ناجحة تقوم بواجباتها ولا ينتقدها المجتمع ، أما أسرة تتفكك بمجرد أن تدخلها الأشياء المادية فهذه أسرة لا تقبل أساسا لأنها تجر الويلات على هذا المجتمع وتبقى فيها نزاعات وخصومات ومحاكم ومن مكان إلى آخر ليحل قضاياه ، وقال ان الغلاء في المهر أصبح واضحا من أنه عائق كبير في إنشاء أسرة سعيدة أرادها الإسلام ... وتحدث العزري عن المغالاة من قبل أولياء الأمور ولماذا يسعون إلى هذه الظاهرة ، فقال أن بعض أولياء الأمور ينظر على أنه انفق على هذه البنت منذ صغرها فبالتالي هو يريد أن يسترد جزءا من الانفاق الذي انفقه ، فهذه النظره خاطئة وذكر المنظور الشرعي لهذه المسالة وقال أن الأب ملزم أساسا أن ينفق هذه البنت حتى تكبر أو حتى تتزوج ، فبالتالي هذه النفقة واجبة لا تسترد ، وذكر أيضا أن هذه النظرة نظرة خاطئة كونه يسترد جزءا مما أنفقه ، وتحدث عن نظرة أخرى وهي حب المال وقال انها طبيعة في البشر ويبقى الانسان مقيدا بقيود شرعية تعطي مفهوم أن حبه للمال لا يعني أن يغالي فيه ولا يجره للإفساد ، فبالتالي يجب على الانسان أن يوازي بين الأمور كلها ، وذكر ان أسباب المغالاة عند أولياء الأمور تبقى واضحة من هذا الباب ومن ناحية أخرى أن المجتمع يرفض هذه الأشياء ، فينظر ولي الأمر إلى أن بنت الجيران زوجت بكذا وكذا فهل يزوج ابنته بأقل من هذا المهر ، وأيضا تبقى هذه النظرة خاطئة ومرفوضه لأن المقياس الحقيقي هو أن ينظر ولي الأمر إلى سعادة البنت دون النظر إلى المال ، وأشار أيضا إلى نظرة أخرى وهي أن البنت تكون متعلمه ، والبنت المتعلمة يغالى في سعرها وكأننا في سوق ييساوم فيه على سلعة ، فالبنت المتعلمة والتي وصلت للدكتوراه سعرها كذا والتي تملك الماجستير سعرها كذا وهذه النظرة أيضا خاطئة مثل سابقاتها ، وقال أن الاسلام لم يبح هذه النظرات لأن اساس الأسره هو تكوين شخصي واعتباري له وزن في المجتمع وإذا ما أعطي هذا الوزن حقه فسرعان ما تتفكك هذه الأسرة .... وتحدث عن مسألة الطمع المرتبطة بالمغالاة وقال أن الطمع لا تحمد عقباه ، لأن بعض أولياء الأمور يتطمع على أن يأخذ الكثير من هذه الأموال كونه انفق عليها من ناحية ومن ناحية أخرى انها فرصه أن يأخذ هذا المال ، وأضاف "أقلهن مهرا أكثرهن بركة" وقال أن الذي يؤسف أن الناس ابتعدوا عن المنظور الشرعي من هذه النواحي.
معاناة مستمرة
تحدث محمد العبري عن هذه الظاهرة وقال انها ظاهرة أصبحت تهدد مجتمعنا المحلي ونحن كشباب نعاني من هذه الظاهرة ، وقال أيضا معظمنا يعمل في القطاع الخاص والراتب كله دون انتقاض للديون لربما يكون كافيا لتغطية مصاريف الحياة الزوجية ولكن لا نستطيع تحمل الديون التي نقوم باقتراضها للزواج ، وقال أن عنصر المغالاة والتباهي أصبح هو العنصر الأساسي في الوقت الحالي للزواج، فيجب علينا الاقتراض للمهر والعرس والولائم والقاعة والفندق والسفر وهذا سيكلفنا مبلغا لا يقل عن 10 الاف ريال فنصبح نسدد هذا المبلغ لحساب المستلزمات الأخرى الأساسية والمهمة في الحياة وذكر أن هناك العديد من الحالات التي رأيناها وشاهدنا عواقبها الوخيمة وللأسف عنصر الفهم والتوعية لدى بعض أولياء الأمور قليل وذلك لتمسكهم ببعض العادات والتقاليد الخاطئة ، وقال من خلال محور ما ذكر أن فئة من الشباب يضطرون الى العزف عن الزواج وذلك لوجود معوقات وعقبات تواجههم إذا اتجهوا للزواج في الوقت الحالي ، وقال أنه لا يعمم ولكن هناك فئة كبيرة منهم من يهمهم التباهي والتفاخر بقيمة المهر ومراسم العرس وأيضا الولائم والتي معظمها سوف يرمى وهذا دليل على الاسراف ، وذكر أن هناك عدد من الشباب لا يستطيعون دفع القروض وذلك لتغطية الحاجات اليومية فتحدث المشاكل المنزلية والبنكية وتتجه هذه المشاكل الى المحاكم والى السجون والطلاق ، وقال أنهم يريدون أن يعي كل ولي أمر أن الزواج ستر والبنت لا تقدر بالمال لأنها جوهرة مكنونه ، فيجب حفظها وصونها لمن يرون أنه يستطيع أن يحافظ عليها بأخلاقه وقيمه ومبادئ دينه الاسلامية ، وتحدث عن جانب اخر وهو أنه في الوقت الحالي في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها العالم وارتفاع الأسعار وهذا بحد ذاته يشكل عليهم عبئا كبيرا ، وقال كيف نستطيع الزواج في ظل الظروف الحالية ، وقال أنهم يتمنون من أولياء الأمور مراعاة هذا الأمر.
طريق للعنوسة
تحدثت سلمى الزدجالية عن الحالة التي عاشتها من خلال هذه الظاهرة وقالت ان الذين تقدموا لها كثير ولكن تتم المغالاة من قبل والديها ، وقالت ايضا أنها وأختيها يعانين من هذه المشكلة ، وهي المغالاة من قبل ولي أمرهن للمتقدم ، وذكرت أن أخوتها الذكور تزوجوا وقدموا المهور الميسرة التي يستطيع منها الشاب الزواج بطريقة سليمة خالية من الديون المرهقة ، وذكرت أنها تبلغ من العمر 30 عاما والمتقدمون أقبلوا للزواج بها منذ أن كان عمرها 23 عاما أي ما يقارب سبعة أعوام ، وذكرت أيضا أنها تعاني من حالة نفسية سيئة وذلك بسبب تأخير الزواج وأن سبب التأخير سيقع عبئه على الأب والأم ، وتقول ان حالهم المادي ممتاز ولا تدري ما سبب هذه المغالاة مع عدم الحاجة ، وذكرت أن مبلغ المهر المطلوب من المتقدم هو 6 آلاف ريال بالإضافة إلى مصاريف أخرى تخص مراسم العرس والولائم ...الخ ، ويصل المبلغ الإجمالي ما يقارب 12 ألف ريال ، وتقول لا أدري لماذا كل هذه المصاريف مع أن الرسول زوج بناته بأيسر المهور ويجب على والدها الاقتداء بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في مسألة المهر وأيضا المسائل الأخرى ، وقالت ان حالتها النفسية تجعلها تفكر أحيانا في الخروج من المنزل بدون الرجوع إليه وأحيانا تريد رفع قضية على والدها وأحيانا تحس بالكراهية له ، ولكن تقول عندما يأتيها هذا الإحساس تتذكر أن رضاهم واجب لدخول الجنة ولكنها تخاف من أن حالتها النفسية تثور وتجعلها تعمل عملا خارجا عن إرادتها والذي يخص ما ذكرته ، وتحدثت عن حالة أختيها واللاتي لا تقل حالتيهما النفسية عن حالتها ، ولا تدري متى سوف تتزوج هي وأختيها ومتى ستنتهي هذه المسألة المعقده والتي تحتاج إلى حل .
اعتراض الأخ
تحدثت أمينة الفارسية في إطار هذه الظاهرة وقالت انها موظفة وراتبها يزيد عن الـ700 ريال ، ومن تقدموا لها ما يقارب 5 أشخاص ولكن أخيها الكبير يرفض بحجة خوفه من أن راتبها يذهب لشخص آخر ، وقالت ان التصرف الذي يتصرفه أخوها يدل على الطمع والجشع ، ومنذ وفاة والدها وهي تقوم بدفع فواتير الكهرباء والماء وشراء أغراض البيت ونواقصه براتبها مع العلم أن أخاها لا يدفع غير متطلبات زوجته ويقوم أحيانا بأخذ المبلغ منها ، وقالت انها تريد أن تتزوج تحال أي فتاة وأن جميع صديقاتها تزوجن وأنجبن ولم يبق أحد غيرها ، وهي تعيش حالة نفسية جدا صعبة ، وذكرت أنه عندما يأتي المتقدم للزواج فيجيب عليهم أخيها بأنه بعبارة (ليس لدينا بنات للزواج) ، وتقول أنها تعرف عدد من الفتيات يعانين بعضهم من نفس معاناتها وبعضهم معاناة أخرى ولكن في إطار هذه الظاهرة المتفشية التي أصبحت تهدد المجتمع ، وذكرت أن الظاهرة ليست بظاهرة جديدة ولكن تستحدث كل فترة متقدمة ، وتقول أن من خلال الأزمة المالية والوضع الإقتصادي الظاهرة أصبحت في وضع خطير تجعل من بنات حواء سلعا تباع وتشترى وترفع نسبة العنوسة لدرجة كبيرة .
الزمن
المغالاة ترفــع نسبة العنوسة... والاقتراض أسوأ الحلول
تحقيق - محمد البلوشي :
ظاهرة المغالاة في المهور أصبحت ظاهرة تهدد المجتمع وخاصة الشباب منهم تبعا للأزمة المالية وارتفاع الأسعار ، ما يجعلهم في قلق نفسـي ومعنوي ، فالمهر هو اسم للمال الواجب للمرأة على الرجل بالنكاح وقد سمـاه الـقرآن الكريم (صداقاً) و (أجراً) و (فريضة) يبذله الزوج على سبيل العطية والتي تعين على أن يحقق الزواج ثمرته، والمـغالاة فيـه هـي اشتراطات مبالغة أو طلبات غالية الثمن مع عدم مراعاة قدرات وإمكانيات الزوج المتقدم في ظل الظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار، ومن خلال هـذا التحقيق تطرقنا إلى عدة جوانب منها الديني والاجتماعي والنفسي وأيضا رأي فئة من الشباب الذين يعانون من هذه الظاهرة والعديد من المحاور التي من خلالها نستنتج محتوى هذه الظاهـرة والـتي أصبحت آفـة تهدد المجتمع.
علم الاجتماع
تحدثت الدكتورة منال فاروق اخصائية علم اجتماع بجامعة السلطان قابوس عن ظاهرة غلاء المهور ووصفتها بأنها حجر عثرة أمام الزوجين بممارسة الحياة الزوجية بشكل طبيعي وقالت ان الشاب عندما يتخرج ويريد بعد ذلك أن يكمل نصف دينه فيضطر إلى أن يقترض مبلغا كبيرا حتى يستطيع أن يدفع المهر والمتطلبات الأخرى وبالتالي سيكون لهذا الأمر عواقبه بعد الارتباط وذكرت أن هناك مبالغة كبيرة ليست فقط على المهر وإنما على المتطلبات الأخرى مثل الحلي وأيضا المنزل والسيارة ، وقالت ان غلاء المهور في الوقت الحالي ومضاره الكبيرة المرتبطة بالأزمة المالية والاقتصادية أصبحا تشكل ان عبئا وقالت إن تغاضينا عن هذا العبء قبل الزواج سيؤثر في الارتباط بين الزوجين بعد الزواج ، مثل ممارسة الحياة الزوجية بشكل طبيعي ومتطلبات الحياة الأساسية وأيضا التخطيط لنشأة الأبناء النشأة الصحيحة فكل هذه العوامل ستؤثر بطريقة ليست مرغوبة، وتحدث عن الجذور الاجتماعية والثقافية المرتبطة لهذه الظاهرة وقالت ان هذه الجذور ثابتة في مجتمعنا نتيجة العادات والتقاليد غير المرغوب فيها والمتعارف عليها في بعض المناطق والتي تصر عليها بعض المناطق ، وقالت : للأسف أصبحت غلاة ومكانة الفتاة تقاس عند أهلها بما يدفعه المتقدم لها وذكرت أن النظرة المادية غيرت الكثير من الأشياء المهمة الأساسية والموجودة في ديننا الإسلامي ، حيث قال الرسول – صلى الله عليه وسلم - : (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادا كبيرا) .. فعلى محور حديث رسولنا الكريم أصبح الأهل يهتمون بالمال أكثر من الخلق والدين وقالت عندما يتقدم الشخص فالسؤال الأول هو عن الوظيفة وعن الراتب وبعد ذلك إن تمت الموافقة فسوف يقومون بالمغالاة بالمهر ، وأحيانا تصبح المغالاة من جهة الزوج نفسه حين يربط مكانة أهله وقبيلته الاجتماعية بما يقدمه من مهر ، وظن ان نجاح الزواج مرتبط بما يقدمه من مغالاة في المهر ، وقالت ان بعض أولياء الأمور يسعون للمغالاة في المهور نتيجة الطمع والتباهي والتقليد وأيضا ربط زواج البنت الكبرى أو أختها التي سبقتها ، فهذه عوامل تؤثر على الشاب المتقدم وذكرت أن التباهي يكمن في كيفية إقامة العرس والهدايا المقدمة من قبل العريس وأيضا الولائم التي تقام بعد العرس وغيرها من الأمور وهذا جزء مرتبط بالتباهي والتفاخر وأيضا بتقييم العائلة للبنت نفسها ، فبالتالي لا توجد مراعاة في وقتنا الحالي بناء على الوضع الاقتصادي المرتبط بالأزمة المالية وأيضا بارتفاع الأسعار، وتطرقت الدكتورة منال إلى الجانب المهم وهو الجانب النفسي وذكرت الأثر النفسي المترتب على هذه الظاهرة وقالت ان هذه الظاهرة مرتبطة بالحالة النفسية لدى الشاب والشابة ونحن لمسناها في مجتمعاتنا العربية على الرغم من أننا اتهمنا بالزواج المبكر ، وبالارتباط بين الشاب والفتاة أما الآن أصبح الشاب يعزف عن الزواج رغبة منه ، وأيضا ظاهرة العنوسة التي أصبحت تنتشر في المجتمعات العربية ، لأسباب كثيرة منها أن الشباب أصبح يعزف عن الزواج وأيضا صارت البنات يحاولن أن يقعن في دائرة الاختيار والمفاضلة بين الشباب المتقدمين وفقا للجانب المادي وأحيانا يفضلن الارتباط بكبار السن أكثر من الشباب فنجد هنا أن المنظور في التوازن الاجتماعي أصبح فيه خلل في الحياة الاجتماعية بين الشباب والشابات وقالت انه يمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى الطلاق المبكر والخلافات الزوجية بين الشاب والشابة في الأسرة وأحيانا تشعر الفتاة أنها تعيش في حياة اجتماعية واقتصادية اقل مما كانت تعيشه في أسرة والدها فتبدأ بالتذمر ورفض الحياة ولا تتحمل المسؤولية وقالت ان الشباب في الوقت الحالي يعيشون في قلق وتوتر نفسي ناتج عن كيفية قضاء الدين الموجود لديهم نتيجة القرض الذي تم أخذه من البنك للزواج مع الفوائد المترتبة من هذا القرض وقالت انهم يعيشون سنين في دفع هذا القرض وهذا بحد ذاته يشكل حالة نفسية لديهم وذكرت أن هناك فئة من الشباب عندما نقوم بسؤالهم لماذا يتم تأخير الزواج فيقولون انهم لم يأخروه بسبب الاستعداد وإنما لرفض فكرة الزواج وذلك للخوف من الوقوع في دائرة الاستغلال الاقتصادي من أسرة الفتاة وقالت ان هناك جانب نفسي آخر وهو الانحراف وقالت الدكتورة ان هناك فئة من الشباب يستسهلوا تكوين علاقات غير شرعية أفضل من الزواج وذلك بدون مقابل أو مسؤولية مع زوجة ... وذكرت ان هناك أثرا نفسيا قريبا وبعيدا مترتبا على هذه الظاهرة ، فالأثر القريب ما نلاحظه في زيادة الفلتات و التفكك الأسري وخاصة في السنة الاولى من الارتباط ، فنجد كثير من الفتيات يقلن انهن وجدن الزوج بشكل مخالف تماما لما اعتدن عليه او كما عرفنه قبل فترة الإرتباط ، وقالت انه بمجرد ما يدخل الشاب والشابة إلى حيز المسؤولية الاجتماعية وتحمل مسؤولية الزواج داخل الاسرة فيكتشفوا الحقيقة ، فالفتاة تكتشف أنها ارتبطت برجل ارهق ماديا فبالتالي هو غير متفرغ يعطيها الجانب العاطفي والوجدان الذي كانت تامل فيه وبالتالي هي ترفض تحمل المسؤولية معه ، فالجانب القريب هو وجود اهمال الجانب العاطفي داخل الأسرة ووجود خلافات زوجية متكررة من الزوجين في السنة الأولى من الزواج ، ورغبة الفتاة في التخلي عن المسؤولية وعودتها إلى منزل والدها وأيضا رفض انجاب الأطفال في بداية الزواج لتجنب المسؤولية وأيضا جانب الاقتراض وتأثيره على الحرمان من الأساسيات داخل الأسرة وهذا المدى له أثر نفسي كبير ، وتحدث عن المدى البعيد وقالت أن مجتمعاتنا بدأت تعاني منه وهي عدة حالات منها الطلاق وبنسبة كبيرة وأيضا نسبة العنوسة بين الشباب وأيضا العزوف عن الزواج وفي بعض الأحيان عنوسة اختيارية وهذا العنصر بدأ بالظهور وبشده في مجتمعنا ، فترى الفتاة لا توجد عندها أية مشكلة لا من الناحية الشكلية أو التعليمية أو ما شابه لهم فعندما نقوم بسؤالها لماذا لم ترتبطي فتقول أن لديها الوظيفة والراتب الجيد وتخشى أنها عندما ترتبط فسوف تستغل من قبل الزوج ، فأصبحت فئة من الفتيات يفضلن العنوسة الاختيارية من الاستغلال المادي وأصبح أيضا هناك اختلال في معايير اختيار الزوج والزوجة في المجتمع ففي السابق كان المعيار هو الخلق والدين والأسرة الكريمة وأما الآن أصبح الشاب بيحث عن زوجة تعمل لكي تساعده في الانفاق على الاسرة وأما أن تكون قبيلتها كبيرة للتباهي ، وقالت ان المعيار في الوقت الحالي هو معيار مادي بحت، وتحدثت أيضا عن زواج الأقارب وقالت أن هذه الظاهرة بدأت تقل عن السابق ولكن لا زالت موجودة وله أسباب كثيرة مثل حفاظ القبيلة على هويتها ومحاولة التمسك بالجانب المادي من الخروج الى خارج القبيلة وطمع اهل الفتاة من البعد عنهم في السكني وأيضا رغبة منهم في الاستمرار في القبيلة وأحيانا عدم قبول الارتباط ببعض القبائل وهذا من المعايير العصبية القبلية الموجودة في المجتمع العماني وقالت أن تأثير ظاهرة زواج الأقارب يكون كبيرا جدا ومثل الطلاق المبكر وذلك للزواج الغصب من قبل الأقارب ورفض الفتاة للشاب وأيضا رفض الشاب للفتاة وذلك لعدم وجود اقتناع داخلي لديهما ، وتحدثت عن الأمراض الوراثية وقالت ان هذه الأمراض بدأت تنتشر في المجتمع وكل المؤشرات بدأت تشير الى سبب واحد وهو زواج الاقارب ، فترى امراض الدم وامراض الجينات المتناحية ، فهناك توعية في المجتمع وهي الكشف قبل الزواج أو البعد عن زواج الأقارب وأيضا رفضهم للزواج من داخل العائلة وذلك لوجود مشاعر الأخوة بينهم فمن المستحيل تغيير مشاعرهم الأخوية وهذا له أثر إذا تم الارتباط. وتحدثت الدكتورة منال عن الجذور التاريخية والمستجدات التي تهدئ من هذا التراكم فقالت أن الجذور التاريخية تشير إلى أن غلاء المهور موجود منذ القدم ولكن تبقى المستجدات من هذا التراكم هي جانب المباهاة وقالت انه للأسف أصبحنا نقلد ونباهي في اعراسنا وفي ارتباطات الزواج وفي شروط الزواج بأشياء أساسا لا تنتمي الى ثقافتنا العربية ، وذكرت أن هناك تضخيم في كيفية عمل مراسم العرس دون الاهتمام بالشعائر ، وذكرت أيضا جانب الاسراف وقالت: ان الولائم التي تمد في العرس كثير منها يرمى واشياء تكون مبالغ بها دون اية ضرورة ... وتحدثت الدكتورة عن الجانب الأصعب وهو كيفية الحد من هذه الظاهرة وقالت يجب علينا التكاتف وتكامل مؤسسات كثيرة في المجتمع بالاضافة الى الجانب الاهم وهو التوعية.
رأي ديني
تحدث ناصر العزري مدير دائرة الافتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية عن المهر وقال انه شرط من شروط الزواج بنص الأحاديث الواردة عن النبي – صلى الله عليه وسلم - وتبقى المغالاة الزائدة التي سار عليها كثير من الناس والتي لا تحمد عقباها من بعده ، وذكر أن المهر إباحة كما قالت طائفة من أهل العلم ، ولكن يبقى هو شرط من الشروط في جميع الأحوال ، وقال أيضا ان الكثيرين في هذا الزمن يغالون بقيمة المهر وكثير من أولياء الأمور بأن البنات سلعة من السلع تباع وتشترى ، ويبقى هذا المفهوم هو المفهوم الخاطئ ، والاسلام لا يبيحه مطلقا ، وذكر أن الحياة الزوجية هي التعاون والتواد والرحمى والألفة وبالتالي يبقى المهر الزائد عائقا ، وقال أن الرجل إذا ما تكلف هذه التكاليف الباهضة من الأموال فيظل يعيش طول حياته في سداد هذه الأموال التي تكلفها وبالتالي كيف تكون هذه العشرة صالحة وعشرة فيها انفاق وتأدية الواجبات التي يطالب بها الرجل ، وحين تتوسع هذه الأسرة تزيد النفقات ،فيزيد الهم والغم على هذا الرجل ، فيعيش بعد ذلك في جو خال من السعادة مع زوجته ، فإذن تجر الزيادة في المهور إلى ما يعقبه بعد ذلك من مساوئ كثيرة جدا ، وذكر انه لا بد أن ينتبه أولياء الأمور إذا ما أرادوا السعادة الحقيقية فعلا لهذه المرأة بأن لا يغالوا في هذه المهور ، لأن السعادة الحقيقية تكمن في الرجل نفسه الذي اختاره هذا الولي أن يكون صالحا لابنته بحيث يستطيع أن يؤسس أسرة ناجحة تقوم بواجباتها ولا ينتقدها المجتمع ، أما أسرة تتفكك بمجرد أن تدخلها الأشياء المادية فهذه أسرة لا تقبل أساسا لأنها تجر الويلات على هذا المجتمع وتبقى فيها نزاعات وخصومات ومحاكم ومن مكان إلى آخر ليحل قضاياه ، وقال ان الغلاء في المهر أصبح واضحا من أنه عائق كبير في إنشاء أسرة سعيدة أرادها الإسلام ... وتحدث العزري عن المغالاة من قبل أولياء الأمور ولماذا يسعون إلى هذه الظاهرة ، فقال أن بعض أولياء الأمور ينظر على أنه انفق على هذه البنت منذ صغرها فبالتالي هو يريد أن يسترد جزءا من الانفاق الذي انفقه ، فهذه النظره خاطئة وذكر المنظور الشرعي لهذه المسالة وقال أن الأب ملزم أساسا أن ينفق هذه البنت حتى تكبر أو حتى تتزوج ، فبالتالي هذه النفقة واجبة لا تسترد ، وذكر أيضا أن هذه النظرة نظرة خاطئة كونه يسترد جزءا مما أنفقه ، وتحدث عن نظرة أخرى وهي حب المال وقال انها طبيعة في البشر ويبقى الانسان مقيدا بقيود شرعية تعطي مفهوم أن حبه للمال لا يعني أن يغالي فيه ولا يجره للإفساد ، فبالتالي يجب على الانسان أن يوازي بين الأمور كلها ، وذكر ان أسباب المغالاة عند أولياء الأمور تبقى واضحة من هذا الباب ومن ناحية أخرى أن المجتمع يرفض هذه الأشياء ، فينظر ولي الأمر إلى أن بنت الجيران زوجت بكذا وكذا فهل يزوج ابنته بأقل من هذا المهر ، وأيضا تبقى هذه النظرة خاطئة ومرفوضه لأن المقياس الحقيقي هو أن ينظر ولي الأمر إلى سعادة البنت دون النظر إلى المال ، وأشار أيضا إلى نظرة أخرى وهي أن البنت تكون متعلمه ، والبنت المتعلمة يغالى في سعرها وكأننا في سوق ييساوم فيه على سلعة ، فالبنت المتعلمة والتي وصلت للدكتوراه سعرها كذا والتي تملك الماجستير سعرها كذا وهذه النظرة أيضا خاطئة مثل سابقاتها ، وقال أن الاسلام لم يبح هذه النظرات لأن اساس الأسره هو تكوين شخصي واعتباري له وزن في المجتمع وإذا ما أعطي هذا الوزن حقه فسرعان ما تتفكك هذه الأسرة .... وتحدث عن مسألة الطمع المرتبطة بالمغالاة وقال أن الطمع لا تحمد عقباه ، لأن بعض أولياء الأمور يتطمع على أن يأخذ الكثير من هذه الأموال كونه انفق عليها من ناحية ومن ناحية أخرى انها فرصه أن يأخذ هذا المال ، وأضاف "أقلهن مهرا أكثرهن بركة" وقال أن الذي يؤسف أن الناس ابتعدوا عن المنظور الشرعي من هذه النواحي.
معاناة مستمرة
تحدث محمد العبري عن هذه الظاهرة وقال انها ظاهرة أصبحت تهدد مجتمعنا المحلي ونحن كشباب نعاني من هذه الظاهرة ، وقال أيضا معظمنا يعمل في القطاع الخاص والراتب كله دون انتقاض للديون لربما يكون كافيا لتغطية مصاريف الحياة الزوجية ولكن لا نستطيع تحمل الديون التي نقوم باقتراضها للزواج ، وقال أن عنصر المغالاة والتباهي أصبح هو العنصر الأساسي في الوقت الحالي للزواج، فيجب علينا الاقتراض للمهر والعرس والولائم والقاعة والفندق والسفر وهذا سيكلفنا مبلغا لا يقل عن 10 الاف ريال فنصبح نسدد هذا المبلغ لحساب المستلزمات الأخرى الأساسية والمهمة في الحياة وذكر أن هناك العديد من الحالات التي رأيناها وشاهدنا عواقبها الوخيمة وللأسف عنصر الفهم والتوعية لدى بعض أولياء الأمور قليل وذلك لتمسكهم ببعض العادات والتقاليد الخاطئة ، وقال من خلال محور ما ذكر أن فئة من الشباب يضطرون الى العزف عن الزواج وذلك لوجود معوقات وعقبات تواجههم إذا اتجهوا للزواج في الوقت الحالي ، وقال أنه لا يعمم ولكن هناك فئة كبيرة منهم من يهمهم التباهي والتفاخر بقيمة المهر ومراسم العرس وأيضا الولائم والتي معظمها سوف يرمى وهذا دليل على الاسراف ، وذكر أن هناك عدد من الشباب لا يستطيعون دفع القروض وذلك لتغطية الحاجات اليومية فتحدث المشاكل المنزلية والبنكية وتتجه هذه المشاكل الى المحاكم والى السجون والطلاق ، وقال أنهم يريدون أن يعي كل ولي أمر أن الزواج ستر والبنت لا تقدر بالمال لأنها جوهرة مكنونه ، فيجب حفظها وصونها لمن يرون أنه يستطيع أن يحافظ عليها بأخلاقه وقيمه ومبادئ دينه الاسلامية ، وتحدث عن جانب اخر وهو أنه في الوقت الحالي في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها العالم وارتفاع الأسعار وهذا بحد ذاته يشكل عليهم عبئا كبيرا ، وقال كيف نستطيع الزواج في ظل الظروف الحالية ، وقال أنهم يتمنون من أولياء الأمور مراعاة هذا الأمر.
طريق للعنوسة
تحدثت سلمى الزدجالية عن الحالة التي عاشتها من خلال هذه الظاهرة وقالت ان الذين تقدموا لها كثير ولكن تتم المغالاة من قبل والديها ، وقالت ايضا أنها وأختيها يعانين من هذه المشكلة ، وهي المغالاة من قبل ولي أمرهن للمتقدم ، وذكرت أن أخوتها الذكور تزوجوا وقدموا المهور الميسرة التي يستطيع منها الشاب الزواج بطريقة سليمة خالية من الديون المرهقة ، وذكرت أنها تبلغ من العمر 30 عاما والمتقدمون أقبلوا للزواج بها منذ أن كان عمرها 23 عاما أي ما يقارب سبعة أعوام ، وذكرت أيضا أنها تعاني من حالة نفسية سيئة وذلك بسبب تأخير الزواج وأن سبب التأخير سيقع عبئه على الأب والأم ، وتقول ان حالهم المادي ممتاز ولا تدري ما سبب هذه المغالاة مع عدم الحاجة ، وذكرت أن مبلغ المهر المطلوب من المتقدم هو 6 آلاف ريال بالإضافة إلى مصاريف أخرى تخص مراسم العرس والولائم ...الخ ، ويصل المبلغ الإجمالي ما يقارب 12 ألف ريال ، وتقول لا أدري لماذا كل هذه المصاريف مع أن الرسول زوج بناته بأيسر المهور ويجب على والدها الاقتداء بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في مسألة المهر وأيضا المسائل الأخرى ، وقالت ان حالتها النفسية تجعلها تفكر أحيانا في الخروج من المنزل بدون الرجوع إليه وأحيانا تريد رفع قضية على والدها وأحيانا تحس بالكراهية له ، ولكن تقول عندما يأتيها هذا الإحساس تتذكر أن رضاهم واجب لدخول الجنة ولكنها تخاف من أن حالتها النفسية تثور وتجعلها تعمل عملا خارجا عن إرادتها والذي يخص ما ذكرته ، وتحدثت عن حالة أختيها واللاتي لا تقل حالتيهما النفسية عن حالتها ، ولا تدري متى سوف تتزوج هي وأختيها ومتى ستنتهي هذه المسألة المعقده والتي تحتاج إلى حل .
اعتراض الأخ
تحدثت أمينة الفارسية في إطار هذه الظاهرة وقالت انها موظفة وراتبها يزيد عن الـ700 ريال ، ومن تقدموا لها ما يقارب 5 أشخاص ولكن أخيها الكبير يرفض بحجة خوفه من أن راتبها يذهب لشخص آخر ، وقالت ان التصرف الذي يتصرفه أخوها يدل على الطمع والجشع ، ومنذ وفاة والدها وهي تقوم بدفع فواتير الكهرباء والماء وشراء أغراض البيت ونواقصه براتبها مع العلم أن أخاها لا يدفع غير متطلبات زوجته ويقوم أحيانا بأخذ المبلغ منها ، وقالت انها تريد أن تتزوج تحال أي فتاة وأن جميع صديقاتها تزوجن وأنجبن ولم يبق أحد غيرها ، وهي تعيش حالة نفسية جدا صعبة ، وذكرت أنه عندما يأتي المتقدم للزواج فيجيب عليهم أخيها بأنه بعبارة (ليس لدينا بنات للزواج) ، وتقول أنها تعرف عدد من الفتيات يعانين بعضهم من نفس معاناتها وبعضهم معاناة أخرى ولكن في إطار هذه الظاهرة المتفشية التي أصبحت تهدد المجتمع ، وذكرت أن الظاهرة ليست بظاهرة جديدة ولكن تستحدث كل فترة متقدمة ، وتقول أن من خلال الأزمة المالية والوضع الإقتصادي الظاهرة أصبحت في وضع خطير تجعل من بنات حواء سلعا تباع وتشترى وترفع نسبة العنوسة لدرجة كبيرة .
الزمن