مشاهدة النسخة كاملة : عيد الفطر: هدايا وذبائح في موريتانيا.. وحلوى وفطائر في المغرب وشواء في سلطنة عمان


ذكووور
17-09-2009, 12:14 AM
عواصم عربية ـ لندن: «الشرق الأوسط»
يتميز الخليج عن غيره من دول العالم بأن احتفاله بالعيد لا يقتصر على أبناء البلد فحسب بل يشاركهم الفرحة والاحتفال أبناء عشرات الدول العربية والأجنبية من مختلف الديانات.
فعلى أرضها يجتمع سكان من مختلف دول العالم، وفدوا إليها للعمل في مشروعاتها التي تتزايد رقعتها يوما بعد الآخر. وفي سلطنة عمان، يشتهر المطبخ في العيد بعدة أكلات منها «الشواء» و«المشاكيك» و«المفور» و«الهريس» و«الثريد»، وكلها تدخل اللحوم في إعدادها، ولعل أشهرها لحم «الشواء» الذي يتم وضعه في حفرة تحت الأرض توقد بداخلها النار ويتم استخراجه في اليوم الثاني أو الثالث للعيد. وفي المغرب تحرص العديد من العائلات المغربية على ارتداء الزي الشعبي كذلك خلال أيام شهر رمضان، بل أن أغلب النساء تلتزمن بارتداء الجلباب التقليدي والذهاب به إلى أماكن العمل، وكذلك الرجال. وفي موريتانيا تشكل زيارة الأهل طيلة أيام العيد الثلاثة أبرز السمات المميزة للعيد حيث يعمد الأهل والأقارب لتبادل الزيارات وطلب الصفح والرضا والاعتذار عن الأخطاء والتجاوزات والظلم الذي قد يشعر به البعض تجاه البعض الآخر. وفي الاردن ستجمع العطلة، التي ستمتد من السبت حتى الثلاثاء، الأقارب والأصدقاء في حلقات اجتماعية تتحول لصالونات سياسية تناقش فيها قضايا ساخنة تبدأ من العراق، وصولا لاجتماع السلام الدولي المزمع عقده في الولايات المتحدة في منتصف الشهر المقبل. وفي قطاع غزة عزف الفلسطينيون عن الإقبال على شراء الحلوى والثياب الجديدة مع اشتداد وطأة الأزمة الاقتصادية والانقسام السياسي.

> وفي الامارات العربية يخرج الإماراتي والى جواره الباكستاني والهندي والمصري والنيجيري والفلبيني والبريطاني من المسلمين إلى المسجد لتأدية صلاة العيد، ثم ينتقلون إلى الحدائق والمتنزهات التي تنتشر في الإمارات السبع التي تتألف منها الدولة.

وتتحول هذه الحدائق إلى كرنفالات للأزياء الشعبية لمختلف دول العالم، فأزياء الشعوب الآسيوية تجاور الجلباب والعمامة السودانية، والجلباب المصري الصعيدي، إلى جانب العباءة الموريتانية، والطربوش المغربي. كما تختلط اللهجات الشامية بالمصرية بالمغاربية والإنجليزية.

وتقول نادية عباس وهي مصرية مقيمة في إمارة الشارقة: «في عيد الفطر تتجمع الأسر العربية في الحدائق، وكل أسرة تقدم الحلوى والمأكولات التي تشتهر بها بلادها».

وتضيف بالقول «يحرص المصريون على تقديم كعك العيد لأبناء الجاليات الأخرى باعتبارهم من أشهر صناع الحلوى والكعك في العيد».

ومن العادات البارزة للإماراتيين في أيام العيد حرصهم قبل صلاة العيد على «التبخر» بأجود أنواع البخور ذات الروائح الفواحة لتلتصق بملابسهم.

ويقول سيف عبيد، وهو من إمارة الفجيرة: «نحرص على التبخر، والتعطر بأفخر أنواع العطور خصوصا (دهن العود) باهظ الثمن قبل صلاة العيد، ونرتدي أفخر أنواع الكنادير (الجلاليب) والغتر (أغطية الرأس) والأحذية الجديدة».

ويضيف بالقول: «عقب صلاة العيد يخرج المصلون أمام المسجد ويصطفون في حلقات ليتبادلوا المصافحة للتهنئة بالعيد». ويشير عبيد إلى أن العائلات تفتح أبواب منازلها لاستقبال المهنئين من مختلف الأعمار.

ومن جانبها، تقول منى كشوان، وهي من مدينة العين: «ترحب السيدات بالمهنئين بتقديم أنواع مختلفة من الحلوى الشعبية مثل اللقيمات والساجو والعصيد والبلاليط». وتشير إلى أن السيدات يتزين في العيد بأنواع مختلفة من «الحناء» وهو تقليد أساسي «يصعب التنازل عنه».

ويطوف الأطفال منازل الأحياء أو كما تسمى في الإمارات «الفريج» ليجمعوا النقود الجديدة التي يعطيها لهم الكبار في هذه المناسبة والتي تسمى بـ«العيدية» وكذلك الحلوى، ثم ينطلقون إلى الشوارع للعب ألعاب تراثية مثل «الحجلة» و«الخيلة».

أما الرجال فيتجهون عقب صلاة العيد إلى قصور حكام الإمارات والشيوخ، التي تفتح أبوابها لاستقبالهم، ويقدمون التهاني لهم.

وفي المساء تقيم العائلات ولائم طعام فاخرة تدعو لها الجيران والأقارب، في حين تتجه نسبة كبيرة من الإماراتيين إلى الصحراء لينصبوا فيها خيامهم لقضاء أيام العيد.

ويقول خالد الزرعوني، من إمارة رأس الخيمة: «نتوجه إلى البرّ (الصحراء) ونقيم مخيمات مجهزة بمختلف وسائل المعيشة، ونقضي أيام العيد».

ويمضي قائلا: «الغالبية من الإماراتيين يتوجهون إلى صحراء مدينة دبا لطبيعتها الساحرة، وتجذب هذه المدينة خليجيين من السعودية وعمان ليقضوا العيد في صحرائها».

ويضيف الزرعوني بالقول: «نسترجع في الصحراء حياة البدو التي عاش عليها أجدادنا، ونمارس شواء اللحم، فيما يتجه الشباب إلى ممارسة رياضات السفاري بسيارات الدفع الرباعي والدراجات النارية الرباعية».

> وفي سلطنة عمان تعرف أسواق بيع الماشية بـ«الهبطات» حيث بدأ الإقبال على شراء الأبقار والخراف والماعز هذا العام مبكرا بسبب غلاء الأسعار، وذلك لضمان الحصول عليها، نظرا للطلب المتزايد على شراء هذه الأغنام الصغيرة في مثل هذا الوقت سنويا.

ومن جانبها، أعلنت إدارة المسلخ المركزي التابع لبلدية مسقط هذا الأسبوع زيادة طاقته التشغيلية لمواكبة الإقبال المتزايد على خدماته خلال فترة العيد، حيث يستفيد المواطنون والمقيمون والشركات من تجهيزاته في ذبح وسلخ وتقطيع الذبائح.

ويشتهر المطبخ العماني في العيد بعدة أكلات منها «الشواء» و«المشاكيك» و«المفور» و«الهريس» و«الثريد»، وكلها تدخل اللحوم في إعدادها، ولعل أشهرها لحم «الشواء» الذي يتم وضعه في حفرة تحت الأرض توقد بداخلها النار ويتم استخراجه في اليوم الثاني أو الثالث للعيد.

وتقول مريم بنت عيسى الزدجالية رئيسة جمعية «دار العطاء» الخيرية إن عيد الفطر يشكل مناسبة تتميز بالكثير من الألفة والسعادة والتكافل..حيث قام قبيل حلول العيد عدة أنشطة خيرية لصالح المحتاجين وأسر محدودي الدخل مثل الأسواق الخيرية التي تقام بمشاركة عدد من المحلات التجارية التي تعرض منتجاتها للجمهور بأسعار مخفضة من أجل توفير مستلزمات المرأة والطفل..ويتم تخصيص ريع تذاكر الدخول لهذه الأنشطة لشراء كسوة العيد للأسر المحتاجة.

وفي صبيحة أول أيام العيد يجتمع العمانيون رجالا ونساءً وشيوخا وأطفالا في حلقات «العيود»، وهي عبارة عن أسواق شعبية مفتوحة تقام عقب أداء صلاة العيد، وتباع فيها السلع المتعلقة بالعيد وتهم الكبار والصغار، مثل الحلوى والملابس والألعاب والمكسرات بجانب الفعاليات الترفيهية التي تقام في الحدائق والمتنزهات على مدار أيام العيد.

> وفي المغرب، بدت فرحة العيد في محال بيع ثياب الأطفال التي باتت تشهد رواجا منقطع النظير، حيث يجد المرء الآباء يتجولون برفقة أبنائهم لاختيار ثياب العيد.

ورغم ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ، إلا أن الآباء لا يجدون بدا من شراء ثياب جديدة لأطفالهم، نظرا لأنه من المعتاد في المجتمع المغربي أن يخرج الصغار في أول أيام العيد بملابس جديدة، وأن يتباهى كل طفل بما اشتراه له والده.

ولذلك يسعى الآباء إلى تدبير المال اللازم لهذا الغرض، بل أن مؤسسات الإقراض تقدم قروضا خاصة بمناسبة عيد الفطر، خاصة أن مناسبة العيد وما سبقها من حلول شهر رمضان تزامنا هذا العام مع بداية العام الدراسي، الذي يثقل بدوره كاهل الأسر المغربية ويجعلها في حرج أمام أطفالها الذين لا يرضون بديلا عن اقتناء ثياب يتباهون بها أمام أصدقائهم.

ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للكبار، إذ تشهد محال بيع الثياب التقليدية المغربية هذه الأيام إقبالا كبيرا من قبل شريحة عريضة من المواطنين المغاربة الذين يفضلون ارتداء هذا الزي في أيام عيد الفطر.

وتحرص العديد من العائلات المغربية على ارتداء هذا الزي كذلك خلال أيام شهر رمضان، بل أن أغلب النساء يلتزمن بارتداء الجلباب التقليدي والذهاب به إلى أماكن العمل، وكذلك الرجال.

وتتفاوت أسعار بيع الجلابيب التقليدية من مدينة مغربية إلى أخرى، بل ومن محل إلى آخر ، حيث بدأ المتخصصون في حياكتها يدويا يشكون من منافسة من قبل أولئك الذين بدأوا يعتمدون على الآلات في حياكتها مما أدى لاندلاع حرب ضروس بين الجانبين جعلت سعر الجلباب التقليدي للنساء يتراوح ما بين 300 درهم ( 5. 37 دولار ) وما يتجاوز 2000 درهم (250 دولارا).

كما يقبل الكثيرون على شراء الأحذية التقليدية (البلغة) المصنوعة من الجلد التي تتخذ أشكالا مختلفة، سواء تلك الخاصة بالنساء أو الرجال وحتى الأطفال، إذ يتفنن الصانع التقليدي المغربي في صنعها بأشكال مختلفة.

ومن جهة أخرى، تعكف بعض الأسر المغربية على إعداد الحلوى، فيما يكتفي البعض الآخر بشرائها.

وفي هذا الإطار، يتم إعداد أنواع خاصة من الفطائر والخبز استعدادا لتلك المناسبة التي تزداد فيها الزيارات بين العائلات والأقارب فور انتهاء صلاة العيد في المساجد. أما الأطفال الصغار فيحتفلون بطريقتهم الخاصة، إذ يجتمعون صباحا للعب، بينما يتوجهون في المساء إلى مدن الملاهي للاستمتاع أكثر وأكثر بفرحة العيد. ورغم وجود قواسم مشتركة بين مختلف المدن المغربية في ما يتعلق بالاحتفال بالعيد، إلا أنه يظل لكل منها سمات خاصة في هذا الشأن.

> وفي موريتانيا، يغتنم الموريتانيون فرصة حلول عيد الفطر لإحياء عادات وتقاليد مهددة بالاندثار بفعل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها البلاد خلال العقدين الأخيرين فضلا عن الانعكاسات السلبية لسياسات التكيف الهيكلي التي أملتها الهيئات المالية الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين.

وتشكل زيارة الأهل طيلة أيام العيد الثلاثة أبرز السمات المميزة للعيد حيث يعمد الأهل والأقارب لتبادل الزيارات وطلب الصفح والرضا والاعتذار عن الأخطاء والتجاوزات والظلم الذي قد يشعر به البعض تجاه البعض الآخر.

غير أن تبادل الزيارات ليس السمة الوحيدة للعيد، فهناك عدد كبير من الموريتانيين يشترون الذبائح كرمز لانتهاء الصيام ، ويتناولون اللحم المشوي وهو طبق رئيسي يتفاخر الناس بإعداده وتناوله يوم العيد، ولكن من الطقوس الأبرز شراء ثياب للأطفال يتباهون ويفاخرون بها كفرحة للعيد. ويرى محمد ولد أحمياده، وهو باحث في علم الاجتماع، أن التحولات المتسارعة الاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها المجتمع الموريتاني لم تسهم في القضاء على هذه الطقوس التي توصف بأنها من مظاهر التبذير وتبديد الثروة من قبل البعض.

ويضيف أحمياده أن مما يميز المجتمع الموريتاني حتى عن المجتمعات العربية والإسلامية الأخرى كونه لا يزال «يعض بالنواجذ على بعض الطقوس التي تجاوزتها المجتمعات الأخرى كالذبح في يوم عيد الفطر» بالنظر إلى أن هذه العادة ليست تقليدا دينيا خلال هذا العيد.

بيد أن هذه العادة منتشرة في موريتانيا نظرا لانخفاض أسعار الأغنام. ويقوم الموريتانيون يوم العيد وخاصة قبل الصلاة بإخراج الصدقات المعروفة محليا بـ«الفطرات»، وغالبا ما يتهافت الناس على محال بيع الأرز والدقيق والقمح لإخراج هذه الصدقات وتوزيعها على المحتاجين .

كما أن من بين العادات التي لا تزال قائمة رغم الأزمة المالية التي يشهدها هذا البلد إعطاء نقود للأطفال، وتوزيع الطعام والذبائح والملابس القديمة على الفقراء والمساكين وعلى المساجد، وهي عادات ربما تراجع الاهتمام بها من قبل البعض في السنوات الماضية بيد أن بعض الأغنياء لا يزالون حريصين عليها.

> وفي الاردن يحتفل الأردنيون بعيد الفطر بما يحمله من فواتير إضافية ستثقل ميزانية غالبية الأسر التي عانت من استنزاف مالي طيلة شهر رمضان، وذلك في الوقت الذي يستعد فيه الميسورون لقضاء العطلة في منتجعات سياحية لاسيما شرم الشيخ المصري.

وبينما قصد مئات الأردنيين، وبينهم عشرات المسؤولين الحاليين والسابقين، ذاك المنتجع المطل على البحر الأحمر، يعتزم آخرون قضاء عطلة العيد في منتجعات أردنية مطلة على البحر الأحمر أو على شاطئ البحر الميت. وفي المقابل، يحاول معظم سكان هذا البلد، مواجهة مصروفات العيد في ظل ارتفاع الأسعار وتصاعد مؤشر التضخم. ووسط هذه الأوضاع، يكتفي الأردنيون بالتزاور وتبادل التهنئة في العيد، حسبما يؤكد غالبيتهم. وبعد أداء صلاة فجر أول أيام العيد، يزورون «المناقيص» أو من فقدوا أحد أفراد العائلة القبور بحسب تقاليد اجتماعية.

وتجمع العطلة، التي تمتد من السبت حتى الثلاثاء، الأقارب والأصدقاء في حلقات اجتماعية تتحول لصالونات سياسية تناقش فيها قضايا ساخنة تبدأ من الفوضى في العراق، وصولا لاجتماع السلام الدولي المزمع عقده في الولايات المتحدة في منتصف الشهر المقبل.

وبدأ مئات المرشحين لهذه الانتخابات زيارة دواوين وبيوت العشائر ضمن حملة علاقات عامة موسمية بحثا عن الأصوات.

أما العراقيون الذين فروا من بلادهم فيتبادلون التهنئة بحزن فيما يحاولون الاتصال هاتفيا أو الكترونيا بأحبائهم وجيرانهم في بلدهم.

ويقيم في الأردن زهاء 750 ألف عراقي غالبيتهم ممن طحنهم الفقر في الغربة، أما الأردنيون، فيحاولون تغطية نفقات العيد من مكرمة (منحة) ملكية شملت نصف مليون موظف ومتقاعد مدني وعسكري.

ويقول خالد،40 عاما، إن الـ100 دينار (140 دولارا) التي أمر بها الملك ساعدت أسرته التي تضم ثلاثة أطفال على تدبير مصروفات العيد.

أما أم أحمد ،45 عاما، فترى أن «المكارم الموسمية، على أهميتها، لا تسد العجز المتزايد في موازنات الأسر». وذكر مصدر رسمي أردني أن المنحة، وهي الثالثة خلال عامين، تكلّف خزينة الدولة 70 مليون دينار (100 مليون دولار).

وتضاعفت تكاليف المعيشة في الأردن في ظل رفع أسعار المحروقات أربع مرات خلال عامين فضلا عن تسارع صعود معدلات التضخم. ويفيد مسح أجري العام الماضي حول دخول ونفقات الأسر الأردنية بأن الزيادة في النفقات تفوق الزيادة في الدخول بنسبة 25%. وتوقعت مصادر اقتصادية انتعاشا في سوق الصرافة عشية العيد مع وجود نحو نصف مليون أردني في دول الخليج يضخون قرابة مليارين ونصف المليار دولار سنويا في موازنة المملكة.

> وفي فلسطين، اعتاد المواطنون في قطاع غزة الإقبال على شراء الحلوى والثياب الجديدة لأطفالهم قبيل نفادها من السوق مع انقضاء شهر رمضان وحلول العيد، ولكن خلال هذا العام ومع اشتداد وطأة الأزمة الاقتصادية والانقسام السياسي، عزف الكثيرون عن هذه العادة.

وضاق أبو سمير ،45 عاماً، ذرعا من المناداة بصوته الرخيم على المتسوقين، لدرجة انه استخدم مكبر للصوت ليصدح صوته في أرجاء ميدان فلسطين (الساحة) وسط غزة لجذب الزبائن بدون جدوى.

وقال: «كانت الناس تزدحم حول بسطتي في الأعوام الماضية لكن كما ترى الناس لم تأت للشراء وإنما للمشاهدة فحسب» مضيفا أنه لولا الاتفاق المسبق بينه وبين تاجر الجملة على أن يعيد للتاجر كل البضائع غير المباعة لما قدم إلى السوق. وتعاني غزة التي يبلغ عدد سكانها 5. 1 مليون نسمة من مصاعب اقتصادية مستمرة بسبب تحكم إسرائيل في كافة المنافذ والمعابر المؤدية إليها، لكن منذ أن استولت حركة حماس على السلطة في القطاع في منتصف يونيو (حزيران) الماضي، بدأ السكان في الشعور بوطأة الأزمة أكثر بسبب ارتفاع معدلات البطالة وإغلاق إسرائيل المعابر بدعوى منع هجمات الناشطين بجانب الحصار الغربي المفروض على حماس.

ورغم اكتظاظ الشوارع والميادين بالمتجولين إلا أن الأسواق تشهد كسادا وافتقارا للبضائع بشكل منقطع النظير، خيب آمال التجار الذين تزداد مبيعاتهم في هذه الفترة من كل عام.

وعبر سلام الخالدي صاحب أحد المحال التجارية الكبيرة في شارع عمر المختار التجاري عن تذمره فيما يقف حوله العاملون لديه بدون أن يجدوا ما يشغلهم بسبب قلة الزبائن. وقال الخالدي وهو يشير لقلة المواد المعروضة للبيع: «لقد هيمن الحصار على كل حياتنا ونحن لا نجد ما نبيعه فكيف سنجد الزبائن».

وتقف خديجة محمود ،39 عاما، الموظفة في إحدى الدوائر الحكومية حائرة أمام القائمة الطويلة من المواد التي تريد شراءها للعيد، على الرغم من أنها تسلمت راتبها الذي صرفته لها حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية في رام الله. وتقول: «جئت لشراء بعض مستلزمات العيد لكني فوجئت بالأسعار المرتفعة..سأضطر إلى عدم شراء بعض الحاجيات حتى أدخر بعض النقود».

ولكن بالنسبة لرزق، 28 عاما، العاطل عن العمل منذ أشهر والذي اكتفى باسمه الأول فالوضع مختلف، حيث قال إنه تلقى مساعدة بقيمة 100 دولار من رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية «لكنها غير كافية.. لدي أربعة أطفال صغار ولا أستطيع شراء ملابس جديدة لهم ولا حلوى ..سيكون عيدا سيئا علي وعلى عائلتي». وقال تجار فلسطينيون إن إغلاق المعابر أدى لافتقار السوق المحلي للكثير من السلع والبضائع والمواد الخام، باستثناء المواد الغذائية الأساسية. وتفيد الأرقام الرسمية الفلسطينية بأن أكثر من نصف سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر و45% على الأقل من الأيدي العاملة عاطلة عن العمل.

ومن جانبهم، نفض باعة الملابس الغبار عن بضائع راكدة ظلت لسنوات في مخازنهم، لبيعها اليوم وبأسعار مرتفعة لأن الحصار منع استيراد ملابس جديدة.

وأخذ أحدهم ويدعى محمود يرتب بعض القمصان والبنطلونات في جنبات محله، وهو يقول لكل زبون «هذه ملابس الموسم الماضي.. لا يوجد شيء جديد يمكن عرضه لأننا هنا في سجن حقيقي لا استيراد ولا تصدير».

ويتبادل أنصار حماس والسلطة الفلسطينية الاتهامات عن المسؤولية عن الوضع الراهن في غزة، غير أنهم يجمعون في نهاية المطاف على ضرورة إيجاد حل للأزمة. وفي أحد محال بيع الكعك، قللت الحاجة أم فاروق على غير عادتها من كمية المقادير لكعك العيد هذا العام قائلة: «غابت كل أجواء العيد..كان رمضان حزينا وعيدا يبدو أكثر حزنا حتى الكعك لم نفرح به».

وأضافت وهي تهم بالخروج من المحل «رجاء قولوا لـ(الرئيس الفلسطيني محمود) عباس وهنية أن الناس ضاقوا ذرعاً بما تفعلان».

(تقرير لوكالة الأنباء الالمانية)