مشاهدة النسخة كاملة : بَصِيرُ الْقَلْب وَالْعَقْل | قِصة |


** طموحة **
01-12-2009, 12:19 AM
" دُمُوعِي تَشِي بِالكَثِيرْ ، وَصَوْتِي بَاتَ شَاحِباً مخنوقاً ..

إِلى أَيْنْ الْمَفَرْ يَا إِلَهِي .. وَلمِنْ الْمَلْجَأ سِواكَ يِا رَب !

كُنْ بِعَوْنِي ، وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ الْتِي وَسَعَتْ كُلَّ شَيْء "

الْسَاعَة تُشِيرُ إِلَى الْثَالِثَةُ فَجْراً وَعُمَرْ لَمْ يَذُق طَعْمَ الْنَوْم الْهَانِئْ مُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْم ، فَقَدْ بَاتَ أَمْرُ الْنَوْمَ وَالْصَحْوَ شَيْئَان مُتَمَاثِلان ،

فِي كُلْ مَسَآء ، وَعِنْدَمَا يَسْكُنُ كُلْ مَنْ عَلَى هَذِه الْأَرْض وَمَنْ فَوْقِهَا ، يَفْرِشُ عُمَر سَجَادَتُهُ فِي مِحْرَابِه ، يُنَاجِي رَبَّهُ ، يَتَرَجَاهُ عَفَواً وَغُفْرَاناً عَلَى مَا مَضَى ، وَدُمُوعِهِ تَئِنُ بِحِكاياتِ وَجِعٍ وَأَلَمْ .

فِي نَوْمِه لا يَرَى سِوَى سَوَاداً يَحْتِضُنُ أَحْلَامُه الْمُزْعِجَة ، وَفِي صَحْوِهِ يَغْشَاهُ سَواداً يَحِفّهُ وَيَحْجِبُهُ عَنْ مَا يَدُور حَوْلَه

يُفَضًّلُ شَائِعَة صَحْوِه عَنْ تِلْكَ الْأحَلَام الْبَائِسَة الْتِي يَرَاهَا وَتَزِيِدَهُ عُقْدَةً وَبُؤْسَاً وَسَوَاداً فَوْقَ كُلْ سَوَاد .

مُنْذُ 3سَنًوَات وَقِصَتَهُ لَمْ تَعْرِف الْقِدَمَ يَوْماً ، وَلَمْ يَكْتَسِيهَا الْغُبَار كَبَاقِي الْقَصَص فِي قَلْبِ عُمَر ..

عَمَر ، شَاب كَبَاقِي الْشَبَاب ، اتًّخَذَ مِنْ الْحَيَاة سَبِيِلَ لَعْب وَلَهْو ، وَلَايَهمهُ شَيْءٌ فِي هَذِه الْدُنْيَا بِقَدَرِ مَاتُهِمُهُ سَعَادَتَهُ الْتِي يَجِدُهَا فِي الإِسْتِمْتَاعِ بِشَبَابِه ،

مُتَهَوِرٌ دَائِماً ، مُتَعَجِلٌ فِي اتْخَاذِ قَرَارَاتِهْ ، حَتَّى فِي أَصْعَب الْمَواقِف ، يَتَسَاهَل فِيِها ، فَهُو بِالمُخْتَصَر وَمِن آَخِر الْسَطر غَيْرُ مُبَالِيٍ أَبَداً ، بِنَفْسِه وَبِمَنْ حَوْلِه .

الْخَامِسَةُ عَشَر مِنْ مَارِس ، ذلِكَ الْيَوْم الْذِي لَمْ تَنْسَاهُ ذَاكِرَة عُمَر وَمَا أَخْوَنَهَا مِنْ ذَاكِرَة ، حِينَمَا تَأْتِي بِالسَوادِ دَائماً وَتَتْرُك الْأَلْوَان بشَتَى أَنْوَاعِه كَيْفَ

يَسْتَطِيع أَنْ يَنْسَى تِلْكَ الْحَادِثَة ، الْتَي بَاتَ وَجَعْهَا يَرُنُ فِي قلُوبِ كُل مَنْ يَسْمَع تِلْكَ الْقِصَة، قِصَة شَاب ، لَمْ يَعْرِف يَوْماً مَعْنَى أَنْ يَسْتَمْتِعُ فِي حَياتهِ !


يُتبع ،

** طموحة **
01-12-2009, 12:20 AM
لا يبدو الشارع مزدحماً ، فهو كعادته هادئٌ في هذا الوقت من الليل .

حيث أخذ عمر راحته في القيادة ، ورفع معدل السرعة إلى 180 وبدا مسروراً ومرتاح البال ، فجأة يرن هاتفه ، فيجيب بمنتهى الهدوء ..

يرى لافتة كبيرة قد رفعت في أحد جوانب الشارع – لاتتصل حتى تصل –

قرأها نعم بعينيه ، ولكن ليس بعقله ، ابتسم بسخرية ، واكمل محادثته مع أسامة ..

- أتعلم يا أسامة ، في بعض الأحيان أشعر بأن رجال الشرطة هم أناس متفرغون حقيقة !
- عمر.. ما بالكَ يارجل ، إنهم يسهرون على راحتنا ..
- هه .. أي راحة يا أسامة ، إنهم يتعاملون معنا كأطفال افعل هذا ولا تفعل هذا ..
- ...
- لمَ سكت ؟ ألا يعجبك كـ ... لاااااااا لاااا !!
- عمر ، عمر ما بالك !
عمر اجبني ماذا حدث !

هدوء قاتل يتسلل إلى المكان بخفية ، ضوء أحمر، وصوت سيارة إسعاف تبث الرعب في قلوب سامعيها

تتخالط الأصوات ببعضها .

صوت من الخلف يأتي – يارب سترك !

بعد نصف ساعة تماماً ،
تتناوله أيدي الممرضات ، والرجل الذي يكسوه البياض يحاول أن يسرع التصرف ، وينقذه
ولكنه قلق بأن يفقده من بين يديه ،

عجوز يرى المنظر يميل رأسه يمنةً ويسرة ببطئ شديد – لا حول ولا قوة إلا بالله .

شرع الطبيب في إدخاله إلى غرفة العمليات ، مع تزويده بكل ما يحتاج إليه ليبقى حياً ،

عَلِم الطبيب بوجود نزيف داخلي ، حاول السيطرة عليه ..

- الحمدلله ، الآن حالته مستقرة بعض الشيء ..
- هل استطيع أن اطمئن على حاله ؟
- بالطبع .. هو بخير ..

اذكر إني سمعت الطبيب يقول في ذلك اليوم : – إنه في غيبوبة وقد لا يخرج منها إلا بعد أيام .
بعد 5 أيام ، زاره اثنان من اصدقائه ، بالكاد استطاع أن يتسمع إلى ما يقولانه ،
-بحاجة لوقوفنا بجانبه ، مواساتنا له

ولكن يرجع السؤال ويتكرر مرة أخرى ، كيف حدث كل ذلك ؟!

اصطدم عمر بمركبة في نفس الوقت الذي كان يتكلم فيه على هاتفه النقال ،ركاب تلك المركبة أم وطفليها ،كان الحادث عنيفاً جداً / جداً ، تناثرت أشلاء الأجساد في كل مكان ، قفز طفل صغير لايتجاوز عمره 7 سنوات من نافذة السيارة حينما شعر بأن الموت شيء واقع لا محالة ، أما الطفلة المسكينة ظلت ممسكة بأمها التي لاتجيبها بشيء ، وهي تبكي وتزيد في البكاء.

– أمي اجيبيني .

أمي لاتتركيني وحيدة ، من لي غيرك يا أمي ..!!

خاب رجاؤها لم تستطع أمها أن تجيبها ولكن لعلها سمعتها ، فتحت عينيها قليلاً و بسمت لها ، قبلت يديها وضمتهما ، تناثرت حبات لؤلؤ من عينيها فوق يد أمها . سمعت صرخة من خلفها " ماتت " !

مات قلب عمر ، ومات جسده ، وماتت عيناه , وخارت قواه ، ولم يبقى شيء حي بداخله غير دموعه ، التي تتجدد كل ولهة ،

يبكي ندماً ، يبكي فقداً ، يبكي أغلى ما لديه ، عيناه ..
هو أعمى .. !

انزل يديه ، حاول أن ينام ، ليهدأ قليلاً .. استجابة لرغبة عيناه العاطلتين عن العمل .. !

ونبض قلبه من جديد ، وأصبح أعمى العينين بصيراً بقلبه وعقله .




طموحة
30/11

** طموحة **
01-12-2009, 12:21 AM
مشاركتي في مسابقة - نحو جيل مروري واع -
اترقب أراؤكم .. جداً ستفيدني http://talk.fanateq.com/vb/images/smilies5/ba8.gif ،

شكر خآآص جداً لـ جوهرة http://talk.fanateq.com/vb/images/smilies5/aq5.gif
حفظكِ البارئ حبيبتي ،ووفقكِ بإذنه ..


ملاحظة ..
عدم اكمال تشكيل الكلمات عجزاً وكسلاً ليس إلا ، ولكن سأكمله في وقتٍ لاحق بإذن الله ..

انتظركم http://talk.fanateq.com/vb/images/smilies5/az1.gif

حوراء الحصن
01-12-2009, 10:22 AM
ما شاء الله قصة وأسلوب سرد رائع جداً يا *طموحة*
قصة مؤثرة جداً ..
الله يحفظ الجميع من كل سوء..
بوركت أناملك يا طموحة..
دمتِ مميزة,,

نور الهدى
01-12-2009, 02:03 PM
رووووووووووووووووعه صراحه

كادت الدموع تتساقط من مقلتي :(

دمتي مبدعه خيتوو ^^

درة الإيمان
02-12-2009, 11:13 PM
اسلوبك رائع جدا في السرد ..
وكلماتك منتقاة بعناية راقية ..

مبدعة دوما
طموحة تستحقي النجوم ..

ودي

رؤيــا
07-12-2009, 12:11 AM
طَموحْ ،!

نَص جميل ،
وليكونَ أجمل يحتاج إلى تكثيفْ أكبَر .. واختزال الكثير من الجمَل في واحدة!
ليخرُج بصورة كاملة أو غير ناقِصة ~

الفكرة واقعيّة جداً ، وقريبة جدّاً من الخاطِرْ ..
أما من ناحية التشكيل ، فصدّقيني ، لجنة التحكيم لن تكترث لهكذا أمر !
إلا إذا كانت ذائقتُكِ تقولُ لكِ ذلك .. فضعي حركة آخر الكلمة وذلك يكفِيْ !

اممم نصائح مجربة ~
حاولي إخراج نصوصك لـ أساتذة النحو .. نصائحهم ستفيدُكِ حتماً !
هنالكَ مسابقات عديدة خرجت هذا العام ، ^^ وجميل اشتراكك في احدها !



أتمنى لكِ التوفيق يا جميلة ~
(f)

** طموحة **
09-12-2009, 03:23 PM
اهلاً عزيزتي رؤيا

أجل جميلتي قد تم تعديلها ، قبل التسليم

دعواتكم