البراء
21-10-2006, 03:01 PM
اسئله حول زكاة الفـــطر يجيب عليها الشيخ سعيد بن مبروك القنوبــــي
س: ما حكم زكاة الفطر ؟
ج: الصحيح أنها واجبة-وعبّر بعض العلماء عن الوجوب بالفرْضية؛ ولا إشكال في ذلك، فإنّ الفرض والواجب مترادفان على قول جمهور الأمة-فليس لأحد أن يفرط في ذلك، وهو الذي ذهب إليه الجمهور؛ والصحيح أنّ حكمها باق إلى يوم القيامة، ولا يمكن أن يقال بأنه منسوخ.
س: ما الذي يجوز أن يُخرَج فيها ؟
ورد الحديث بذكر خمسة أنواع من الطعام ( البر والشعير والزبيب والتمر والاقط )، وأكثر العلماء يُعدَّي ذلك إلى غيرها؛ إلا أنهم اختلفوا في ما الذي يجوز أن يُخرَج في زكاة الفطر؛ فمثلا بعض العلماء منع من " الأرز "، لأنه لم يأت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ ولكنّ الجمهور على خلاف ذلك، وهو الصحيح، لأنّ الأرز يقوم مقام تلك الأنواع، ثم إنّ كثيرا من الناس-في عمان وفي كثير من بلدان المشرق-يستعملون الأرز في هذه الأيام أكثر من استعمالهم لبقية الحبوب الأخرى فلا يمكن أن يقال بحال من الأحوال بأنّ ذلك ممنوع؛ وأما بعض الأنواع الأخرى فينبغي التريث في بعضها، والأفضل الخروج من الخلاف في بقية تلك الأمور، لأنّ كثيرا من تلك الأنواع لا تصل إلى قيمة هذه الأنواع التي وردت في الحديث وإن كان الخلاف موجودا في كثير من تلك الأنواع.
س: كم يجب على الإنسان أن يُخرِج ؟
ج: الصحيح أنّ الواجب من ذلك صاع سواء كان ذلك من البر أو غيره؛ وهو الذي ذهبت إليه طائفة كبيرة من أهل العلم.
ولم أجد حديثا ثابتا عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-يدل على التفريق بين البر وغيره وأنه يُخرَج من البر نصفُ صاع؛ وإنما وجدت رواية جاءت في سنن الترمذي وكذلك رواها في " العلل الكبير " وكذا رواها الدارقطني وهي موجودة-أيضا-عند عبد الرزاق، ولكنّ تلك الرواية لا تثبت؛ وأما فعل معاوية فلا عبرة به في هذا الباب، ولاسيما أنه هو مخالف لنصّ السنّة الصحيحة الثابتة وما كان مخالفا للسنّة فإنه لا يُلتفَت إليه ولا يعوَّل عليه.
س: ما مقدار الصاع بالكيلوجرام ؟
ج: الصاع كيْل، والكيلو وزن، ووزن الصاع يختلف من شيء إلى آخر؛ والصاع بالنسبة إلى الأرز يساوي تقريبا كيلوين وخمسين جراما.
س: تجب على الغني، فهل تجب على الفقير ؟
ج: في ذلك خلاف بين أهل العلم، قيل:
1-لا.
2-نعم ولكن بشرط أن يكون يجد ( يملك ) مقدار ما يسد حاجته وحاجة من يقوم بمؤونته في ذلك اليوم ويجد الحاجات الأساسية له ولمن يقوم بمؤونته ويتبقى لديه من المال ما يساوي صاعا من الحبوب التي ذكرناها؛ بل بعضهم ذهب إلى أنه حتى ولو كان لا يجد صاعا يزيد على ما ذكرناه فإنه عليه أن يقوم بإخراج ما استطاع عليه.
3-نعم إذا كان يملك ما يكفيه ويكفي من يقوم بمؤونته لعشرة أيام.
وهنالك أقوال كثيرة متعددة.
ولعل أقوى الأقوال قول من يقول: " إنّ من يملك ما يسد حاجته وحاجة من يقوم بمؤونته مع الحاجات الأساسية فإنه عليه أن يخرج الزكاة " .. نعم إذا كان لا يتمكن من الكسب في الأيام القريبة جدا-أي التي تلي العيد-فإنه قد يُترخص له، لأنه ليس من المعقول أن نُلزمه بذلك وهو يَتيقن بأنه لن يستطيع على الكسب فيبقى عالة على غيره، فمثل هذا يمكن أن يُترخص فيه.
س: هل يجوز إخراجها بالقيمة ( بالعملة ) ؟
ج: اختلف أهل العلم في ذلك، قيل:
1-لا، بل لابد من أن يخرج الطعام.
2-نعم، ومقدار هذه القيمة يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة ويمكن أن ينظر إلى قيمة صاع من الطعام ويخرج مقدار ذلك.
*ولكنّ الأوْلى أن يُخرج الإنسان الطعام، وإن شاء بعد ذلك أن يتصدق بشيء أو يتبرع به فذلك إليه.
س: لمن تجب ؟
ج: أهل العلم قد اختلفوا في ذلك، قيل:
1-تعطى لمن تعطى له الزكاة؛ وهذا قول ضعيف جدا.
2-الصحيح أنها تعطى ( تدفع ) للفقراء والمساكين؛ وذهب إليه جمهور الأمة.
س: على من تجب ؟
ج: تجب على الكبير والصغير والمرأة والرجل والحر والعبد ممن يملك المقدار الذي ذُكِر سابقا.
س: المجمع عليه والمتفق عليه هو أن الإنسان يجب عليه أن يُخرجها عن نفسه، سواء كان رجلا أو امرأة وسواء كان كبيرا أو صغيرا، ولكن للعلماء خلاف طويل عريض:
*س: هل يجب على الزوجة أن تُخرِجها عن نفسها أو أنه يجب على الزوج أن يُخرج عنها ؟
ج: الذي نراه أنّ الزوجة يجب عليها أن تُخرج عن نفسها إن كانت تملك المال؛ وإذا كانت لا تملك شيئا فيمكن أن يُؤخذ برأي من يقول بأنّ الزوج يُخرج عنها، وهل ذلك على الوجوب أو على الاستحباب ؟ كما ذُكر ما جاء عن أهل العلم في ذلك من خلاف.
*س: الآباء والأبناء إذا كان يجب على الإنسان أن يقوم بعولهم، هل يجب عليه أن يُخرجها عنهم أو لا ؟
ج: أما إذا كان:
-الأب وكذا الأم يملكان المال فإنه ليس على الولد أن يُخرج عنهما، والأحوط للإنسان أن يخرج عن آبائه الذين يجب عليه عولهم إذا كانوا لا يملكون المال أما أن نوجب عليه ذلك فهذا مما لا نقوى عليه.
-الأبناء بالغين ليس عليه أن يُخرج عنهم، بل على كل واحد منهم أن يُخرج عن نفسه.
-الأبناء الصغار الذين يقوم بعولهم ( بمؤونتهم ):
*يملكون المال فإنّ الأب يُخاطَب بأن يخرج عنهم من أموالهم؛ وهو الذي ذهب إليه الجمهور؛ وهو الذي يدل عليه الحديث الصحيح الثابت.
*لا يملكون شيئا فذهب الجمهور-بل حكى بعض العلماء الإجماع وإن كنا لا نقوى على القول بثبوت هذا الإجماع-أنّ الأب يجب عليه أن يُخرج عنهم؛ وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجب عليه أن يُخرج عنهم؛ وعلى كل حال فإنه ينبغي للإنسان أن يحتاط لأمر دينه وأن يخرج عنهم.
والمراد بالولد هو المولود-أي الذي خرج من بطن أمه-وأما بالنسبة إلى الحمل فإنه لا يجب على الإنسان أن يُخرج عن الولد الذي في بطن أمه، وإنما استحب ذلك بعض أهل العلم؛ منهم من أطلق؛ ومنهم من قيَّده بمن نُفخت فيه الروح-أي كان قد بلغ أربعة أشهر في بطن أمه أو أكثر-وعلى القول بالاستحباب فلابد من التقييد بنفخ الروح، لأنه قبل ذلك لا يعطى شيئا من أحكام البشر فلا يصلى عليه ولا يُغسَّل ولا يُكفن وإنما يوارى في التراب.
س: ما هو وقت وجوبها ؟
ج: قيل:
1-تجب بغروب الشمس من ليلة العيد-وبعض العلماء يقول ـ وهو الأولى في التعبير ـ بأنها تجب بدخول ليلة العيد؛ والمعنى متقارب، فإنّ الذين يقولون بذلك يريدون الليلة التي يدخل بها العيد، لأنه لو كان الشهر مثلا ثلاثين يوما لا يقولون إنه يجب بدخول ليلة الثلاثين وإنما بغروب شمس اليوم الأخير من شهر رمضان، ولكنّ التعبير بدخول ليلة العيد هو الأولى-فإذا غربت الشمس من تلك الليلة فقد وجبت زكاة الفطر .. هذا هو قول كثير من أهل العلم بل هو لعله قول أكثرهم؛ وذهب بعضهم إلى أنها تجب بالأمرين جميعا.
2-تجب بطلوع شمس يوم العيد.
وهنالك أقوال أخرى؛ والقول بوجوبها بغروب الشمس من ليلة العيد قول قوي جدا وهو الذي نعمل به.
وثمرة الخلاف تظهر في بعض الفروع الفقهية، من ذلك من تزوج امرأة وقام بنقلها إليه .. أما مجرد العقد ليس عليه زكاة الفطر لأنها تابعة في ذلك الوقت لأهلها إلا إذا كان مُكَّن من ذلك فذلك الأمر قد يختلف .. فإذا تزوج ونقل زوجته فإنّ زكاة الفطر عن تلك المرأة تجب عليه على رأي من يقول إنّ الرجل يخرج عن زوجته أما على الرأي الآخر وهو الصحيح فلا تجب عليه كما هو معلوم؛ وكذلك من يقول بغروب الشمس إذا تزوج بعد غروب الشمس لا تجب عليه وإذا تزوج قبل غروب الشمس تجب عليه لأنه قد غربت الشمس عليه وتلك المرأة زوجته وقد قام بنقلها أما ما كان بعد غروب الشمس فلا أما على رأي من يقول إنها تجب بطلوع فجر يوم العيد فتجب عليه إذا قام بنقلها بعد غروب الشمس فإذن إذا كان قبل لا وإذا كان بعد فتجب عليه؛ وكذلك لو ولد مولود للإنسان بعد غروب الشمس فعلى رأي من يقول إنها تجب بغروب الشمس فلا تجب عليه لأنه قد غربت الشمس-أي دخل وقت الغروب-وذلك المولود لم يولد بعد أما على رأي من يقول بطلوع الفجر فتجب عليه؛ وكذلك لو ملك الإنسان عبدا فعلى رأي من يقول بغروب الشمس إذا ملك بعد غروب الشمس فلا تجب عليه وأما على رأي من يقول بطلوع الفجر فتجب عليه؛ وكذلك لو باع عبدا فعلى قول من يقول بغروب الشمس فلا تجب عليه إذا باعه بعد غروب الشمس وأما على رأي من يقول بطلوع الفجر فتجب عليه؛ وكذا لو طلق زوجته بعد غروب الشمس .. وهكذا كثير من هذه الفروع تترتب على هذه القضية، ومن قال بالأمرين معا فهو لم يتحقق في حقه الأمران.
س: متى يخرجها الإنسان ؟
ج: الأوْلى أن يقوم بإخراجها ( تُدفع ) بعد طلوع فجر يوم العيد وقبل صلاة العيد، ولكن إذا قدمها يوما أو يومين-ولاسيما إذا كان محتاجا لذلك بأن كان يصعب عليه أن يقوم بإيصال هذه الزكاة إلى أصحابها لبعدهم عنه أو ما شابه ذلك-فلا بأس.
س: هل يجوز تعجيلها ؟
ج: لأهل العلم في ذلك خلاف؛ منهم من يجيز ذلك من وقت مبكر حتى من بداية الشهر ( رمضان )؛ ومنهم مِن بداية النصف الثاني من الشهر؛ ولكن الأوْلى ألاّ يتقدم إلا بمقدار يوم أو يومين-أي ألاّ يخرج زكاته إلا قبل يوم أو يومين-ولا ينبغي له أن يتقدم على ذلك.
س: هل يصح أن يدفعها أحد عن غيره مع قدرته على إخراجها ؟
ج: الأصل أنّ الإنسان يُخرج زكاة الفطر عن نفسه فهي طهرة له، وإذا أخرجها عنه غيره بأن اتفق معه على أن يُخرج عنه الزكاة فلا بأس بذلك، ولكن عند كثير من أهل العلم لابد من أن يكون ذلك من قبل أن يخرج الزكاة حتى ينوي-ذلك الذي تُخرج عنه-بذلك الزكاة، أما إذا أخرجها من قبل-أي من قبل أن يخبره بذلك-ثم أخبره بأنه قد أخرج عنه الزكاة فهاهنا قد اختلف أهل العلم؛ منهم من قال: إنّ ذلك لا يجزي، إذ إنّ ذلك لم يكن عن نية من ذلك الشخص فلابد-من إعادة تلك الزكاة، أو بعبارة أخرى لابد-من أن يُخرج ذلك الإنسان الزكاة وليس له أن يكتفي بذلك المقدار الذي أخرجه عنه غيره؛ وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا وافق على ذلك فإنه يجزيه.
س: من وجبت عليه وهو خارج بلاده، فهل له أن يطلب من أهله إخراجها ببلاده الأم أم عليه أن يُخرجها في البلاد التي اغترب فيها ؟
ج: الأوْلى والأفضل له أن يقوم بإخراجها في المكان الذي هو فيه في وقت وجوبها عليه وإن كان يجوز له أن يأمر أهله أو غيرهم-أي أن يقوم بتوكيلهم-بإخراج الزكاة عنه في موطنه الأصلي؛ وهذا إذا كان يجد من يستحق زكاة الفطر أما إذا كان في مكان لا يعرف فيه الناس ولا يستطيع أن يتوصل إلى الناس الذين يستحقون ذلك فلا شك أنه لابد من أن يأمر أهله بذلك.
س: وهل له أن يدفعها إلى المراكز التي تتولى مثلا هناك دفعها للفقراء ؟
ج: إن كان الذين يقومون بتوزيع ( دفع ) هذه الأموال يثق بهم تمام الثقة أنهم من الذين يُمكن أن يعتمد عليهم في مثل هذه الأمور ولا يشك فيهم أبدا أنهم لا يتحرون في مثل هذه الأمور فله ذلك، أما إذا كان يشك في أمرهم فلا ينبغي له ذلك.
س: من ترك زكاة الفطر في الأعوام السابقة، هل عليه أن يدفعها أم فات أمرها ؟
ج: أما بعد صلاة العيد فلا تُدفع فقد انتهى وقتها، وقال بعض أهل العلم بأنها تُدفع إلى آخر شهر شوال؛ ومنهم: إلى آخر يوم من السنة.
وإذا كان هذا الإنسان جاهلا للحكم أو كان ناسيا فإنه ينبغي له أن يقوم بدفعها وينبغي له ألاّ يفرط فيها؛ بل بعض العلماء يوجبها على الناسي؛ وهو قول قويّ جدا؛ وبعضهم يلحق الجاهل بالناسي.
وأما إذا كان بخلاف ذلك ( المتعمد ) فليتب إلى ربه وإن شاء أن يدفعها ( يتبرع ) فذلك حسن ( فيه خير كثير إن شاء الله تبارك وتعالى)، وإن كنا لا نقوى في حقه أن نقول بأنها زكاة ولكنها صدقة من الصدقات.
فائدتان:
-إنّ الإنسان لا يُؤمر بتحصيل المال من أجل أن يُخرجه عن الزكاة وإنما تجب عليه الزكاة-سواء كانت زكاة الفطر أو زكاة المال-إذا كان مالكا للمال الذي تجب فيه الزكاة أما أن يُؤمر بأن يُحصِّل المال حتى تجب عليه الزكاة فهذا مما لا يمكن أن يصار إليه.
-الزكاة طُهْرَة للصائم ومن كان من الكفار فليس بأهل لأن تكون له هذه الطهرة لأنه نجس ولأنه لا يُؤجر على شيء من أعماله-وإن كان مخاطبا بفروع الشريعة-بل لا تصح منه.
والله-تبارك وتعالى-أعلم.
نــقــل للفــائدة في هـذه الأيام المباركة
س: ما حكم زكاة الفطر ؟
ج: الصحيح أنها واجبة-وعبّر بعض العلماء عن الوجوب بالفرْضية؛ ولا إشكال في ذلك، فإنّ الفرض والواجب مترادفان على قول جمهور الأمة-فليس لأحد أن يفرط في ذلك، وهو الذي ذهب إليه الجمهور؛ والصحيح أنّ حكمها باق إلى يوم القيامة، ولا يمكن أن يقال بأنه منسوخ.
س: ما الذي يجوز أن يُخرَج فيها ؟
ورد الحديث بذكر خمسة أنواع من الطعام ( البر والشعير والزبيب والتمر والاقط )، وأكثر العلماء يُعدَّي ذلك إلى غيرها؛ إلا أنهم اختلفوا في ما الذي يجوز أن يُخرَج في زكاة الفطر؛ فمثلا بعض العلماء منع من " الأرز "، لأنه لم يأت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ ولكنّ الجمهور على خلاف ذلك، وهو الصحيح، لأنّ الأرز يقوم مقام تلك الأنواع، ثم إنّ كثيرا من الناس-في عمان وفي كثير من بلدان المشرق-يستعملون الأرز في هذه الأيام أكثر من استعمالهم لبقية الحبوب الأخرى فلا يمكن أن يقال بحال من الأحوال بأنّ ذلك ممنوع؛ وأما بعض الأنواع الأخرى فينبغي التريث في بعضها، والأفضل الخروج من الخلاف في بقية تلك الأمور، لأنّ كثيرا من تلك الأنواع لا تصل إلى قيمة هذه الأنواع التي وردت في الحديث وإن كان الخلاف موجودا في كثير من تلك الأنواع.
س: كم يجب على الإنسان أن يُخرِج ؟
ج: الصحيح أنّ الواجب من ذلك صاع سواء كان ذلك من البر أو غيره؛ وهو الذي ذهبت إليه طائفة كبيرة من أهل العلم.
ولم أجد حديثا ثابتا عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-يدل على التفريق بين البر وغيره وأنه يُخرَج من البر نصفُ صاع؛ وإنما وجدت رواية جاءت في سنن الترمذي وكذلك رواها في " العلل الكبير " وكذا رواها الدارقطني وهي موجودة-أيضا-عند عبد الرزاق، ولكنّ تلك الرواية لا تثبت؛ وأما فعل معاوية فلا عبرة به في هذا الباب، ولاسيما أنه هو مخالف لنصّ السنّة الصحيحة الثابتة وما كان مخالفا للسنّة فإنه لا يُلتفَت إليه ولا يعوَّل عليه.
س: ما مقدار الصاع بالكيلوجرام ؟
ج: الصاع كيْل، والكيلو وزن، ووزن الصاع يختلف من شيء إلى آخر؛ والصاع بالنسبة إلى الأرز يساوي تقريبا كيلوين وخمسين جراما.
س: تجب على الغني، فهل تجب على الفقير ؟
ج: في ذلك خلاف بين أهل العلم، قيل:
1-لا.
2-نعم ولكن بشرط أن يكون يجد ( يملك ) مقدار ما يسد حاجته وحاجة من يقوم بمؤونته في ذلك اليوم ويجد الحاجات الأساسية له ولمن يقوم بمؤونته ويتبقى لديه من المال ما يساوي صاعا من الحبوب التي ذكرناها؛ بل بعضهم ذهب إلى أنه حتى ولو كان لا يجد صاعا يزيد على ما ذكرناه فإنه عليه أن يقوم بإخراج ما استطاع عليه.
3-نعم إذا كان يملك ما يكفيه ويكفي من يقوم بمؤونته لعشرة أيام.
وهنالك أقوال كثيرة متعددة.
ولعل أقوى الأقوال قول من يقول: " إنّ من يملك ما يسد حاجته وحاجة من يقوم بمؤونته مع الحاجات الأساسية فإنه عليه أن يخرج الزكاة " .. نعم إذا كان لا يتمكن من الكسب في الأيام القريبة جدا-أي التي تلي العيد-فإنه قد يُترخص له، لأنه ليس من المعقول أن نُلزمه بذلك وهو يَتيقن بأنه لن يستطيع على الكسب فيبقى عالة على غيره، فمثل هذا يمكن أن يُترخص فيه.
س: هل يجوز إخراجها بالقيمة ( بالعملة ) ؟
ج: اختلف أهل العلم في ذلك، قيل:
1-لا، بل لابد من أن يخرج الطعام.
2-نعم، ومقدار هذه القيمة يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة ويمكن أن ينظر إلى قيمة صاع من الطعام ويخرج مقدار ذلك.
*ولكنّ الأوْلى أن يُخرج الإنسان الطعام، وإن شاء بعد ذلك أن يتصدق بشيء أو يتبرع به فذلك إليه.
س: لمن تجب ؟
ج: أهل العلم قد اختلفوا في ذلك، قيل:
1-تعطى لمن تعطى له الزكاة؛ وهذا قول ضعيف جدا.
2-الصحيح أنها تعطى ( تدفع ) للفقراء والمساكين؛ وذهب إليه جمهور الأمة.
س: على من تجب ؟
ج: تجب على الكبير والصغير والمرأة والرجل والحر والعبد ممن يملك المقدار الذي ذُكِر سابقا.
س: المجمع عليه والمتفق عليه هو أن الإنسان يجب عليه أن يُخرجها عن نفسه، سواء كان رجلا أو امرأة وسواء كان كبيرا أو صغيرا، ولكن للعلماء خلاف طويل عريض:
*س: هل يجب على الزوجة أن تُخرِجها عن نفسها أو أنه يجب على الزوج أن يُخرج عنها ؟
ج: الذي نراه أنّ الزوجة يجب عليها أن تُخرج عن نفسها إن كانت تملك المال؛ وإذا كانت لا تملك شيئا فيمكن أن يُؤخذ برأي من يقول بأنّ الزوج يُخرج عنها، وهل ذلك على الوجوب أو على الاستحباب ؟ كما ذُكر ما جاء عن أهل العلم في ذلك من خلاف.
*س: الآباء والأبناء إذا كان يجب على الإنسان أن يقوم بعولهم، هل يجب عليه أن يُخرجها عنهم أو لا ؟
ج: أما إذا كان:
-الأب وكذا الأم يملكان المال فإنه ليس على الولد أن يُخرج عنهما، والأحوط للإنسان أن يخرج عن آبائه الذين يجب عليه عولهم إذا كانوا لا يملكون المال أما أن نوجب عليه ذلك فهذا مما لا نقوى عليه.
-الأبناء بالغين ليس عليه أن يُخرج عنهم، بل على كل واحد منهم أن يُخرج عن نفسه.
-الأبناء الصغار الذين يقوم بعولهم ( بمؤونتهم ):
*يملكون المال فإنّ الأب يُخاطَب بأن يخرج عنهم من أموالهم؛ وهو الذي ذهب إليه الجمهور؛ وهو الذي يدل عليه الحديث الصحيح الثابت.
*لا يملكون شيئا فذهب الجمهور-بل حكى بعض العلماء الإجماع وإن كنا لا نقوى على القول بثبوت هذا الإجماع-أنّ الأب يجب عليه أن يُخرج عنهم؛ وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجب عليه أن يُخرج عنهم؛ وعلى كل حال فإنه ينبغي للإنسان أن يحتاط لأمر دينه وأن يخرج عنهم.
والمراد بالولد هو المولود-أي الذي خرج من بطن أمه-وأما بالنسبة إلى الحمل فإنه لا يجب على الإنسان أن يُخرج عن الولد الذي في بطن أمه، وإنما استحب ذلك بعض أهل العلم؛ منهم من أطلق؛ ومنهم من قيَّده بمن نُفخت فيه الروح-أي كان قد بلغ أربعة أشهر في بطن أمه أو أكثر-وعلى القول بالاستحباب فلابد من التقييد بنفخ الروح، لأنه قبل ذلك لا يعطى شيئا من أحكام البشر فلا يصلى عليه ولا يُغسَّل ولا يُكفن وإنما يوارى في التراب.
س: ما هو وقت وجوبها ؟
ج: قيل:
1-تجب بغروب الشمس من ليلة العيد-وبعض العلماء يقول ـ وهو الأولى في التعبير ـ بأنها تجب بدخول ليلة العيد؛ والمعنى متقارب، فإنّ الذين يقولون بذلك يريدون الليلة التي يدخل بها العيد، لأنه لو كان الشهر مثلا ثلاثين يوما لا يقولون إنه يجب بدخول ليلة الثلاثين وإنما بغروب شمس اليوم الأخير من شهر رمضان، ولكنّ التعبير بدخول ليلة العيد هو الأولى-فإذا غربت الشمس من تلك الليلة فقد وجبت زكاة الفطر .. هذا هو قول كثير من أهل العلم بل هو لعله قول أكثرهم؛ وذهب بعضهم إلى أنها تجب بالأمرين جميعا.
2-تجب بطلوع شمس يوم العيد.
وهنالك أقوال أخرى؛ والقول بوجوبها بغروب الشمس من ليلة العيد قول قوي جدا وهو الذي نعمل به.
وثمرة الخلاف تظهر في بعض الفروع الفقهية، من ذلك من تزوج امرأة وقام بنقلها إليه .. أما مجرد العقد ليس عليه زكاة الفطر لأنها تابعة في ذلك الوقت لأهلها إلا إذا كان مُكَّن من ذلك فذلك الأمر قد يختلف .. فإذا تزوج ونقل زوجته فإنّ زكاة الفطر عن تلك المرأة تجب عليه على رأي من يقول إنّ الرجل يخرج عن زوجته أما على الرأي الآخر وهو الصحيح فلا تجب عليه كما هو معلوم؛ وكذلك من يقول بغروب الشمس إذا تزوج بعد غروب الشمس لا تجب عليه وإذا تزوج قبل غروب الشمس تجب عليه لأنه قد غربت الشمس عليه وتلك المرأة زوجته وقد قام بنقلها أما ما كان بعد غروب الشمس فلا أما على رأي من يقول إنها تجب بطلوع فجر يوم العيد فتجب عليه إذا قام بنقلها بعد غروب الشمس فإذن إذا كان قبل لا وإذا كان بعد فتجب عليه؛ وكذلك لو ولد مولود للإنسان بعد غروب الشمس فعلى رأي من يقول إنها تجب بغروب الشمس فلا تجب عليه لأنه قد غربت الشمس-أي دخل وقت الغروب-وذلك المولود لم يولد بعد أما على رأي من يقول بطلوع الفجر فتجب عليه؛ وكذلك لو ملك الإنسان عبدا فعلى رأي من يقول بغروب الشمس إذا ملك بعد غروب الشمس فلا تجب عليه وأما على رأي من يقول بطلوع الفجر فتجب عليه؛ وكذلك لو باع عبدا فعلى قول من يقول بغروب الشمس فلا تجب عليه إذا باعه بعد غروب الشمس وأما على رأي من يقول بطلوع الفجر فتجب عليه؛ وكذا لو طلق زوجته بعد غروب الشمس .. وهكذا كثير من هذه الفروع تترتب على هذه القضية، ومن قال بالأمرين معا فهو لم يتحقق في حقه الأمران.
س: متى يخرجها الإنسان ؟
ج: الأوْلى أن يقوم بإخراجها ( تُدفع ) بعد طلوع فجر يوم العيد وقبل صلاة العيد، ولكن إذا قدمها يوما أو يومين-ولاسيما إذا كان محتاجا لذلك بأن كان يصعب عليه أن يقوم بإيصال هذه الزكاة إلى أصحابها لبعدهم عنه أو ما شابه ذلك-فلا بأس.
س: هل يجوز تعجيلها ؟
ج: لأهل العلم في ذلك خلاف؛ منهم من يجيز ذلك من وقت مبكر حتى من بداية الشهر ( رمضان )؛ ومنهم مِن بداية النصف الثاني من الشهر؛ ولكن الأوْلى ألاّ يتقدم إلا بمقدار يوم أو يومين-أي ألاّ يخرج زكاته إلا قبل يوم أو يومين-ولا ينبغي له أن يتقدم على ذلك.
س: هل يصح أن يدفعها أحد عن غيره مع قدرته على إخراجها ؟
ج: الأصل أنّ الإنسان يُخرج زكاة الفطر عن نفسه فهي طهرة له، وإذا أخرجها عنه غيره بأن اتفق معه على أن يُخرج عنه الزكاة فلا بأس بذلك، ولكن عند كثير من أهل العلم لابد من أن يكون ذلك من قبل أن يخرج الزكاة حتى ينوي-ذلك الذي تُخرج عنه-بذلك الزكاة، أما إذا أخرجها من قبل-أي من قبل أن يخبره بذلك-ثم أخبره بأنه قد أخرج عنه الزكاة فهاهنا قد اختلف أهل العلم؛ منهم من قال: إنّ ذلك لا يجزي، إذ إنّ ذلك لم يكن عن نية من ذلك الشخص فلابد-من إعادة تلك الزكاة، أو بعبارة أخرى لابد-من أن يُخرج ذلك الإنسان الزكاة وليس له أن يكتفي بذلك المقدار الذي أخرجه عنه غيره؛ وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا وافق على ذلك فإنه يجزيه.
س: من وجبت عليه وهو خارج بلاده، فهل له أن يطلب من أهله إخراجها ببلاده الأم أم عليه أن يُخرجها في البلاد التي اغترب فيها ؟
ج: الأوْلى والأفضل له أن يقوم بإخراجها في المكان الذي هو فيه في وقت وجوبها عليه وإن كان يجوز له أن يأمر أهله أو غيرهم-أي أن يقوم بتوكيلهم-بإخراج الزكاة عنه في موطنه الأصلي؛ وهذا إذا كان يجد من يستحق زكاة الفطر أما إذا كان في مكان لا يعرف فيه الناس ولا يستطيع أن يتوصل إلى الناس الذين يستحقون ذلك فلا شك أنه لابد من أن يأمر أهله بذلك.
س: وهل له أن يدفعها إلى المراكز التي تتولى مثلا هناك دفعها للفقراء ؟
ج: إن كان الذين يقومون بتوزيع ( دفع ) هذه الأموال يثق بهم تمام الثقة أنهم من الذين يُمكن أن يعتمد عليهم في مثل هذه الأمور ولا يشك فيهم أبدا أنهم لا يتحرون في مثل هذه الأمور فله ذلك، أما إذا كان يشك في أمرهم فلا ينبغي له ذلك.
س: من ترك زكاة الفطر في الأعوام السابقة، هل عليه أن يدفعها أم فات أمرها ؟
ج: أما بعد صلاة العيد فلا تُدفع فقد انتهى وقتها، وقال بعض أهل العلم بأنها تُدفع إلى آخر شهر شوال؛ ومنهم: إلى آخر يوم من السنة.
وإذا كان هذا الإنسان جاهلا للحكم أو كان ناسيا فإنه ينبغي له أن يقوم بدفعها وينبغي له ألاّ يفرط فيها؛ بل بعض العلماء يوجبها على الناسي؛ وهو قول قويّ جدا؛ وبعضهم يلحق الجاهل بالناسي.
وأما إذا كان بخلاف ذلك ( المتعمد ) فليتب إلى ربه وإن شاء أن يدفعها ( يتبرع ) فذلك حسن ( فيه خير كثير إن شاء الله تبارك وتعالى)، وإن كنا لا نقوى في حقه أن نقول بأنها زكاة ولكنها صدقة من الصدقات.
فائدتان:
-إنّ الإنسان لا يُؤمر بتحصيل المال من أجل أن يُخرجه عن الزكاة وإنما تجب عليه الزكاة-سواء كانت زكاة الفطر أو زكاة المال-إذا كان مالكا للمال الذي تجب فيه الزكاة أما أن يُؤمر بأن يُحصِّل المال حتى تجب عليه الزكاة فهذا مما لا يمكن أن يصار إليه.
-الزكاة طُهْرَة للصائم ومن كان من الكفار فليس بأهل لأن تكون له هذه الطهرة لأنه نجس ولأنه لا يُؤجر على شيء من أعماله-وإن كان مخاطبا بفروع الشريعة-بل لا تصح منه.
والله-تبارك وتعالى-أعلم.
نــقــل للفــائدة في هـذه الأيام المباركة