مشاهدة النسخة كاملة : الرحيل الساحر


الرحيل الساحر
01-04-2007, 12:14 PM
نحو جيل بلا معتقدات خاطئة.
بقلم: الرحيل الساحر


شرع الله تعالى التشريعات والقوانين التي تكفل بقاء واستمرارية الجنس البشري ضمن أطر وأساليب معينة تتضمنها الشريعة السمحاء.ولمن يتدبر ويعتبر في هذه التشريعات والأسس يجد عظمة الله العلي الخبير في الإحاطة التامة بكل مايعني البشرية جمعاء من احتياجات ومتطلبات مهما اختلفت العصور والأزمنة. والى جانب كون الدين الإسلامي دين السماحة والتساهل في المعاملات يعتبر أيضا دينا معتزا ومنفردا بقوانينه وتشريعاته التي لاينبغي التساهل فيها مثلما يتم التساهل والتسامح في فقه المعاملات بين الناس.ففي العقائد لاينبغي التساهل أو التسامح أما في المعاملات الفقهيه فلقد أجاز اللطيف الخبير الليونة والتساهل بين الناس لكي ينفس عنهم وينمي ملكة الإبداع في تيسير معاملاتهم اليومية في الحياة.

في هذه الأيام كثيرا ما نسمع كلمة حرام تتردد على ألسنة صغارنا يطلقونها على الكثير من الأشياء والأفعال جنبا إلى جنب إلى كلمة حلال التي تستخدم عفويا وبلا حس بالمنطق أو بالمسؤولية بكبر وقعها في واقع الحياة العام.
من أين تأتي لصغارنا وأجيالنا الفتية( التي تتراوح أعمارهم بين العاشرة والثالثة عشرة) أن يدركوا المعنى الحقيقي لهاتين الكلمتين وأن يطبقوها في واقع حياتهم؟ طبعا من أبائهم وأمهاتهم.

مجتمعنا يزخر بالكثير من الأشياء الخاطئة التي نحسبها حلالا ونعتبرها جزءا من الدين الحنيف بينما هي لاتمت إلى الدين بصلة تذكر وإنما تناقلناها أبا عن جد لنطبقها في واقع حياتنا اليومية. مثلا أم تجيز لابنتها أن تخرج لترى من يدق جرس الباب منذ صغرها فتشب البنت على هذه العادة وتعتبرها شيئا طبيعا مألوفا لاحرج فيه ولا حياء. ومثال أخر أم تنهر ابنها الصغير عن اللعب بالتراب مع أقرانه وفي كل مرة تنهره فيها ينمو الطفل الصغير وهو يحمل هذه الفكرة أن اللعب مع الأقران أو الخروج معهم أو اللعب بالتراب هو سلوك خاطئ ومحرم لاينبغي الإتيان به أبدا وكما نعرف أن عقل الطفل مثل الصفحة البيضاء التي تستقبل العديد والعديد من الأفكار المستمدة من البيئة المحيطة. هذه الأفكار ستشب وتكبر في عقلية هذه الطفل وتفكيره حتى يكبر معها ويتخذها أساسيات له ستؤثر في شخصيته فيما بعد. يطبقها لأنه أخذها من من يعتبرهم قدوة له وهم عائلته أباه وأمه.
ومن مايهول فضاعة الأمر أن أباءنا وأمهاتنا يقرنون دوما السلوكيات التي نقوم بها ولا تعجبهم بالدين فيطلقون عبارة( لاتعمل هذا فانه حرام) وغالبا مايرافق هذا الزجر والوعيد فتتأصل فكرة ربط الدين بالعادات أو السلوكيات في أذهان ألأطفال بكلمة حرام أو حلال.

نحن لم نعد في زمن الجاهلية حيث توجد عادات خاطئة مئة في المئة يقوم الكبار بتعليمها للصغار. نحن في زمن الإسلام الذي صحح العديد من المفاهيم والسلوكيات الخاطئة وأنار العقل البشري وأبعده عن ظلمات الجهل والتقليد.

في إحدى المرات كنت أتمشى وقت العصر في أحدى القرى بالولاية فوجدت مجموعة من الصبية أخوة يقومون بضرب قطة صغيرة حتى الموت فأسرعت إلى إنقاذها من بين أيديهم متسائلا: لماذا تعذبون هذه القطة المسكينة؟ فقال أحدهم بعناد: لأن جنيا يسكن فيها. كل القطط يسكن فيها الجن ويجب أن نضرب الجني الذي بداخلها.
فاستغربت وقلت: ومن قال لك هذا؟ فأجابوا كلهم بصوت واحد: أمنا قالت لنا ذلك.
تصوروا مدى فداحة ألأمر ! أين ذهبت رقة الأطفال وعفويتهم وبراءتهم؟ لقد حلت الوحشية والقسوة محل العطف والحنان اللذان يعتبران سمتين مهمتين في مرحلة الطفولة. وكل هذا بسبب عبارة بسيطة لقنتها ألأم لأبنائها وأباحت لهم بضرب ومطاردة القطط.ياترى لو كانت تدري أن هذه الوحشية ستؤثر في ابناها مستقبلا هل كانت ستخبرهم بما أخبرتهم به؟
مايعيبنا أننا نتساهل في بعض الأمور والكلمات التي تخرج من أفواهنا ولا نحسب لها حسابا خصوصا أمام أطفالنا ونستصغر ونستحقر العديد من الأشياء التي هي مهمة جدا على المدى البعيد.

ومن نتائج هذا الخلط بين الدين والعادات الخاطئة الذي يزرعه الأباء والأمهات في عقول أبناءهم:
1)-
نشوء طفل غير قادر على التمييز بين الصح والخطأ والحقيقة والوهم


2)-
يتعلم هذا الطفل أن يتقبل وينصاع لكل مايقال له حتى ولو كان خطئا.

3)-
تأثر شخصية الطفل بسيل المحرمات والمباحات التي لاتمت إلى الدين بصلة فينشأ الطفل غير مستوعب لماهية الأشياء والأفعال المحرمة وماهية الأشياء والأفعال المحللة
4)-
نمو عقلية الطفل وفق نسق مشتت مما يؤثر على شخصيته وفهمه للعالم المحيط به عندما يكبر

وكخاتمة لهذا المقال, ينبغي علينا أن نثقف مجتمعاتنا إسلاميا وأن نعي الأسلوب الأمثل لتربية أبناءنا التربية الصحيحة الخالية من الشبهات والسلوكيات الخاطئة.فهؤلاء هم أجيال المستقبل الذي سيخرجون إلى العالم بأفكار جديدة ترافق تلك الأفكار والعادات التي استمدوها من أباهم وأمهاتهم والبيئة المحيطة بهم.
معا نحو جيل بلا معتقدات خاطئة.