منتديات حصن عمان - فتاوى وأحكام عـامـة
منتديات حصن عمان

منتديات حصن عمان (http://www.hesnoman.com/vb/index.php)
-   البرج الإسلامي (http://www.hesnoman.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   فتاوى وأحكام عـامـة (http://www.hesnoman.com/vb/showthread.php?t=18060)

البراء 12-10-2008 06:45 PM

*هل وضع اليد للتثاؤب في الصلاة ينافي الخشوع ؟

** التثاؤب يؤمر الإنسان أن يكافحه بحسب ما يمكن ، والحركة التي هي لمصلحة الصلاة لا تعتبر منافية للخشوع ، وبما أن مكافحة التثاؤب من مصلحة الصلاة فإنه لا يمنع ، لكن على أن يحرص الإنسان بأن يغلق فاه من غير أن يحرك يده إن أمكن ذلك ، وإن اضطر إلى تحريك يده فلا حرج .


* بالنسبة للعطس ، البعض يعطس ويحمد الله سبحانه وتعالى .

** العطاس لا مانع من أن يحمد الله من بعده ، وهذا مما جاء في السنة فقد روي أن قول من قال : ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً كان على أثر عطاس .

* رنين جرس الساعات المعلقة على الحائط ورنين أيضاً الساعات الموجود على أيدي المصلين ، هل هذا يدخل ضمن الكلام على الهاتف النقال ؟

** كل ما يشغل المصلين يجب أن يكافح ، وأنا أعجب لماذا تكون في المساجد ساعات ترن ، ينبغي أن تكون ساعات صامتة ، الناس ليسوا بحاجة إلى أن يعدوا رنين الساعات وإنما هم بحاجة إلى أن يعرفوا الساعة من خلال نظرهم إلى عقاربها قبل دخولهم في الصلاة.

* هناك صور نقلت عن بعض الخاشعين في الصلاة من أن أحدهم كان يصلي فانهدم جانب من المسجد فلم يشعر به ، وبعضهم مرت عليه طبول وزمور فلم يسمعها ، هل هذه حقيقة ، وهل هذا ممكن حقاً ؟

** الناس يختلفون في ذلك ، منهم من يكون إذا شغله شاغل لا يتلفت إلى أي شيء آخر ، ولا يمكن أن يحس بأي شيء آخر ، وهذا مما يقع كثيراً حتى عندما تجد بعضهم مشغولاً بأمر الدنيا عندما يشغله شاغل أنت تحدثه وأنت تكلمه وهو لا يتلفت إليك ولا يفهم ما يصدر منك ، فإذاً هؤلاء الذين هم أهل الله وخاصته وقد أكرمهم الله سبحانه وتعالى بما أكرمهم به من التعلق به عز وجل ، هؤلاء عندما يقبلون على صلاتهم يكونون كأنما خرجوا من هذه الدنيا ، ليسوا في هذه الدنيا قط ، فلا يلتفتون إلى أي صوت ، ولأجل هذا كثير منهم لا يستنكر منهم أن يشغله ما هم مقبلون عليه من أمر الصلاة ، وأن يشغلهم الخشوع في الصلاة عن سماع أي صوت كان من صوت طبول أو مزامير أو صوت قضة مسجد مثلاً يسقط أو صوت أي شيء آخر مما يقع ، بل روي عن بعضهم أنه أرادوا أن يجروا له عملية قبل وجود التخدير أن يقطعوا رجله فأمرهم أن يقطعوها عندما يكون في الصلاة لأنه لا يحس بشيء عندما يقبل على ربه سبحانه وتعالى ، هذه مواهب يهبها الله تبارك وتعالى من يشاء من عباده .

* هناك تساؤلات حول هذا الموضوع نفسه ذكرتم بأن هذا ممكن ، وإنما يكون لبعض الناس الذين يخشعون خشوعاً تاماً ، نحن قرأنا في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلّم سمع صياح طفل فعجّل في الصلاة لأنه أمه ربما كانت تصلي خلفه .

** النبي صلى الله عليه وسلّم أوسع الناس قلبا ، فهو مع إقباله المطلق على الله تبارك وتعالى يظل أيضاً مراعياً لحاجة الناس ولضرورات الناس ولأحوال الناس فلذلك مع هذا الإقبال المطلق ومع كونه أخشع الناس في الصلاة وأكثرهم استحضاراً للمقام يكون أيضاً هنالك من قبله ما يشغله من أمر الناس حتى لا ينفّر الناس عن الصلاة .

* ذكرتم سماحة الشيخ في حديثكم عن حكم الهواتف النقالة ورنينها في الصلاة جملة مهمة (يحافظون على سلامتهم في الدنيا بالنسبة للراكبين في الطائرة ولا يحافظون على سلامتهم في الأخرى) هل هذا يشير إلى أن رنين الهاتف النقال في الصلاة يؤثر عليها من حيث الصحة والفساد ؟

** نعم ، ما دام هذا الإنسان تعمّد أن يأتي بشاغل يشغله في صلاته فإن هذه الصلاة تتأثر بذلك لأنه تعمد أن يأتي بشاغل ، وهذا الشاغل يتنافى مع قدسية الصلاة ، يشغله عن الخشوع ، بل نفس هذا الشغل من النوع الذي لا يجوز في المساجد كما ذكرنا موسيقى .

* شخص استكمل قراءة الفاتحة وعندما فرغ منها كان الإمام قد انتهى من قراءة السورة فركع ، فلم يستمع هو إلى السورة بمعنى أنه لم ينصت إليها من الإمام مباشرة ؟

** قد كان عليه أن ينصت للقراءة ، فإذا فاتت الفاتحة فليستدركها ، ولا يدخل في قراءتها إن فاتت الفاتحة وكان الإمام في حال قراءة السورة ، ولكن بما أنه قرأها يعذر فيما مضى ، ونرجو أن لا يتكرر منه هذا الصنيع .

* استأجر أحدً أرضاً موقوفة للمسجد بمبلغ ألفي ريال عماني وبنى فيها بناية يستثمرها بنفسه مقابل أن يعطي القائمين على تلك الأرض مبلغ ألفي ريال عماني في كل سنة في هذه الحالة هل العقد صحيحاً وهل سيظل الوضع كما هو عليه أم لا بد من تحديد فترة زمنية معينة ؟

** لا بد من تحديد فترة زمنية لأن مثل هذا العقد الذي تجهل غايته لا يصح ولا سيما أن المال هو مال المسجد والمسجد تجب مراعاة حقه ، لا بد من تحديد فترة زمنية لا يكون فيها إجحاف على المسجد .
بحيث يعود البنيان إلى المسجد أو أن يُشترى من صاحبه إن كان يدفع حق المسجد كاملاً من غير أن يكون منقوصا .














يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


جريدة الوطن الأحد 12 من شوال 1429 هـ

البراء 14-10-2008 02:52 PM

*هناك عدد من المفاهيم يقول البعض بأن دعاة المسلمين يوضحونها بصورة تخالف الواقع الذي يعيشه الناس اليوم، من بين ذلك يقولون بأن هنالك عداوة مستحكمة بين العقيدة الإسلامية وعقيدة أهل الكتاب حيث أن الصورة المدفوع بها هو أن أصحاب هذه العقيدة لا يحملون شيئاً من الخير للأمة المسلمة، ولكن الذي يشاهده الناس الآن هو أن أصحاب هذه العقيدة يندفعون الآن بأعداد كبيرة للدفاع عن شعوب مسلمة في حين لا يرى شيء من ذلك عند المسلمين بالطرق السلمية نفسها ، فهل هذا يشكك في عقيدة المسلم ؟

** عقيدة المسلم عقيدة واضحة لا غبار عليها ، ويجب أن نعلم قبل كل شيء أن العقيدة الصحيحة التي جاء بها الكتاب المنزل قبل القرآن الكريم لا تتصادم مع عقيدة القرآن ولا تختلف مع عقيدة القرآن ، ولم يكن نسخ في المعتقدات أبداً ، ليس هنالك نسخ في شيء من المعتقدات ، وإنما حصل ما حصل من التحريف ، والقرآن الكريم جاء ليصوب هذا الذي حصل ، جاء ليرد الناس إلى الجادة التي كان عليها الأنبياء المتقدمون .

ونحن نجد القرآن الكريم ينصف أهل الكتاب فلا يعمم الحكم عليهم بالانحراف جميعاً لأن بعض أهل الكتاب في عصر النبوة أدركوا الحقيقة وأتبعوا الحق بل وكانوا على الحق من قبل أن ينزل القرآن ، الله تبارك وتعالى يقول في هؤلاء ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) (القصص:52-55)، هكذا يصف طائفة من أهل الكتاب ، هؤلاء اتبعوا الحق ، وآمنوا به وارتضوه ولم يفرطوا فيه .

كذلك يقول الله تعالى ( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران:113-114) ، وكذلك يقول الله تبارك وتعالى( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة:82-83) إلى آخر ما وصفهم الله تعالى به .
فإذاً هذا ثناء من الله تبارك وتعالى على طائفة من أهل الكتاب ، أنزل فيهم الحق تعالى قرآناً يتلى في الصلوات وفي غيرها ، وهو مما يدل على إنصاف من كان منصفاً ومن كان متبعاً للحق ومن كان حريصاً على الحق .


ونحن لا نشك أن كثيراً من الناس على الفطرة . كثير من الناس لو تبينوا الحقيقة لاعتنقوها ، ولو تبينوا الحق لاتبعوه ، ولكن هنالك ضباب حال ما بينهم وبين معرفة الحق ، فبما أنهم على الفطرة ينساقون إلى الخير وينساقون إلى الإنصاف .

ونحن نرجو أن يكون هنالك عرض حسن للإسلام من قبل المسلمين ، وهذا يتوقف كما قلت إلى أن تصوغ الأمة نفسها صياغة جديدة ، صياغة تكون نابعة من القرآن ومن السنة الثابتة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ، عندئذ تكون هذه الأمة حقيقة بأن تعرض الإسلام الحق ، أما وهي على ما هي عليه من الانحراف في الفكر ومن الاختلاف في المناهج والمسالك ومن اتباع ذات اليمين وذات الشمال وإيثار الهوى على الهدى فإن ذلك مما يجعل ظهور الإسلام عند هؤلاء ظهوراً مكتنفاً بضباب ، فلذلك من المهم أن يقشع هذا الضباب ، وأن تسطع شمس الحقيقة حتى يذوب هذا الضباب ويتبين الناس حقيقة الإسلام دين الله تعالى الحق .

*هل الأخلاق الإسلامية أخلاق نسبية ، أم أنها تتسم بالثبات ولا تتغير بتغير الزمان والمكان ؟

** الأخلاق الإسلامية بطبيعة الحال أخلاق ثابتة لأنها نابعة من الفطرة ، والإسلام هو دين الفطرة ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الروم:30 ) .

* الدعوة إلى الله بالأخلاق كيف يمارسها المسلم ؟

** نعم، نحن ذكرنا فيما تقدم أن الداعية يجب أن يكون أدمث الناس خلقا وأحسنهم معاشرة وألطفهم قولا وأصدقهم حديثا، الداعية إلى الله تعالى إنما يمثل الدعوة بمعاملته وبخلقه ، فلذلك كان جديراً بأن تتجسد الدعوة من خلال الأخلاق ، وأن تكون أخلاقه جذابة إلى الذين يدعوهم إلى الخير ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، لا أن يكون قاسي المعاملة مكفهر الوجه عابس الجبين لا يلقى الناس إلا بوجه منقبض، لا ينظر إليهم إلا شزرا فهذا مما يتنافى مع الدعوة التي يدعو إليها المؤمن ، وكما ذكرنا الله تبارك وتعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلّم ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125) ، وقال ( وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت:46) ، وقال كذلك ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:33-34) ، فالأخلاق مطلوبة من الداعية ، الداعية لا يمكن أن يؤثر على الناس من خلال دعوته إلا بحسن معاملته وبطيب معشره ، فلذلك نحن ننبه جميع إخواننا الدعاة بأن يتقوا الله في أنفسهم ، وأن يتقوا الله في دعوتهم ، وأن يحرصوا على الملاطفة الحسنة والمعاشرة الطيبة .





سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 16-10-2008 01:43 PM

*رجل طلق زوجته عشرين طلقة والآن بعد سنتين يطلب الزوج مراجعتها، فما قولكم فيما سبق من الطلاق؟

**حقيقة الأمر تكرار الطلاق إن كان المراد بذلك أنه كرر الطلاق بحيث قال لها طلقتك ثم قال لها وهي لا تزال في عدتها طلقتك ثم قال لها مثل ذلك أيضا فهذه المسألة مما وقع فيه الأخذ والرد بين أهل العلم، وقول جمهور العلماء أن الطلاق يتبع الطلاق ما دامت المرأة في العدة، حتى أن من العلماء من حكى الإجماع عليه، ونحن لا نقول بانعقاد الإجماع على ذلك ولكن هو قول مشهور وعليه أكثر أهل العلم، وهو الراجح، هذا إن قصد تأسيس الطلاق، أي إن قصد بتكراره أن ينشئ طلاقاً جديداً، أما إن كّرر ولم يكن له قصد تأسيس الطلاق وكان ذلك خالياً من النية، أو كان بقصد التأكيد فعلى كلا الحالين يُحمل تكراره على التأكيد ويكون تأكيداً للطلاق الأول.


فهنا إذن المرجع إلى قصد المتكلم، فلعله عندما كّرر الطلاق قصد التأكيد ولذلك راجعها، فإن كان قصد التأكيد أو كان خالياً من القصد ولم يقصد التأسيس ففي هذه الحالة يُحمل قصده على التأكيد وتكون طلقة واحدة.

أما كونه يراجعها بعد مضي سنتين فهذه المراجعة في الظاهر بعد انقضاء العدة، لأنه لا يُعقل وهي امرأة على عادتها أن يمر عليها عامان ولا تنقضي عدتها لأن الأصل في العدة أن تكون بالحِيض إلا الحوامل، فعدة الحامل أن تضع حملها، وعدة الآيس أو الصغيرة التي لم تحض أن تعتد ثلاثة أشهر، أما من تحيض فعدتها ثلاث حيضات.

ولا يعقل في المرأة العادية - إلا إن كانت شاذة عن العادة - أن ينقضي عليها عامان وهي لم تحض ثلاث حيضات، فلذلك نرى إنها إن كانت قد حاضت ثلاث حيضات فقد انقضت عدتها ولا خلاف في ذلك والقرآن يدل على ذلك حيث قال تعالى
(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوء )(البقرة: من الآية228والقروء هي الحيض، ومعنى هذا أنه إن أرادها فبعقد جديد مع جميع لوازمه الشرعية، ولوازمه الشرعية هي: أولاً رضاها، ثم إذن وليها، ثم صداق جديد، ثم إشهاد شاهدين فصاعداً على العقد.

*امرأة وقع بينها وبين زوجها خصام فعلّق الرجل الطلاق بالثلاث إن دخل الابن إلى المنزل ولم يكن هذا الزوج واعياً الآن هذا الابن يريد الرجوع إلى المنزل، وهذا الزوج يريد أن يرجع عن كلمته التي تلفظ بها؟

**ما معنى كونه غير واعٍ؟ أما إن كان في حالة سكر فأكثر العلماء على أن طلاق السكران واقع كطلاق الصاحي، هذا قول أكثر العلماء، ومن العلماء من قال بأن طلاق السكران لا يقع، هذا إن كان فاقداً لوعيه، أما إن كان سكران ولكنه لم يفقد وعيه فإن طلاقه ماضٍ بلا خلاف.


وهكذا تصرف الناس عادة، قد يكون شقاق بين أحد وأبيه، أو بين أحد وابنه ، أو بينه وبين أخيه ، أو بينه بين قرابته أو بينه وبين جاره ، وإذا به يُقحم الزوجة في هذا الخلاف ويعلّق طلاقها ثلاثاً على دخوله هو بيت من خاصمه أو دخول من خاصمه بيته، ويؤدي ذلك إلى القطيعة، ويؤدي ذلك إلى تعريض العلاقة الزوجية للانفصام، هذا مما يدل على عدم وعي هؤلاء الناس، وعدم معرفتهم بحقوق الزوجية.

للزوجية لها حقوق عظيمة، الزوجية يجب أن تصان، وأن لا تكون معرضة للانفصام بسبب ما يطرأ على الناس من الانفعالات، وبسبب ما يكون من الخصومات بين الأخ وأخيه وبين الأب وابنه وبين الجار وجاره وبين القريب وقريبه وبين الإنسان وأياً كان من الناس، ما الذي يقحم الزوجة في خلاف يكون بين الرجال أنفسهم أو بين الرجل وشخص آخر لا سبب للزوجة في هذا الخصام ما كان ينبغي ذلك، فهذا من غير الإمساك بالمعروف وأنه يؤمر أن تُمسك المرأة بالمعروف

(فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) (البقرة: من الآية229)، فهذا ليس من الإمساك بالمعروف، وليس من التسريح بالإحسان أيضا.

فعلى الرجال أن يتقوا الله تبارك وتعالى، وأن يدركوا ما هي الزوجية وما هي حقوقها وكيف قداستها وكيف يجب أن تصان.

وعلى أي حال الإنشاءات مثل هذه لا يملك الإنسان الرجوع عنها ما دام أنشأ الطلاق هو باختياره وبوعيه فإنه لا يملك الرجوع، أما إن كان فاقداً للوعي تماماً بحيث لم يكن واعياً لما يقوله فإنه غير مؤاخذ بما قال هذا إن كان فقدانه لوعيه بدون سبب سكر، أما إن كان بسبب سكر ففي ذلك خلاف كما تقدم، والله تعالى أعلم.

*من صف يمين الإمام ولم يكن هناك تواصل بينه وبين سترة الإمام؟

**أما إن فعل ذلك اختياراً فذلك مخالف للسنة لأن السنة توسيط الإمام، وأما كان لسبب بحيث اجتذب رجلاً من طرف الصف وكان من الصعب أن يذهبوا إلى وسط الصف ففي هذه الحالة لا حرج عليهم أخذاً بالرخصة وإن أُنشئ صف وراء الإمام فعليهما أن يذهبا إلى ذلك الصف، والله تعالى أعلم.



*إذا امتلأ الصف بين الساريتين وكان على مقربة من السارية أولاد وأطفال بينهم بين السارية فجوة لا تسع لإنسان وكذا بعد السرية فأنشئوا صفا آخر؟

**حقيقة الأمر مما يؤسف له أن الناس بعدوا كثيراً عن التطبيق السليم للفقه الديني في عبادتهم، فكثير من الناس قد يتعمدون أن يصفوا ما بين السواري من غير حاجة تلجئهم إلى ذلك، أنا أرى أحياناً جماعة تدخل المسجد وإذا بالإمام يقف قريباً مما بين السواري والصف يُنشأ بين السواري، ما الداعي إلى ذلك؟ هذا من عدم الفقه في دين الله، فإن الصلاة ما بين السواري مكروهة ذلك لأن الصفوف غالباً يكون فيها خلل عندما تصطف بين السواري لوجود بعض الفراغات فيما بين المصلي والسارية، كثيراً ما يكون هذا الفارغ غير مملوء، فما كان ينبغي ذلك، ما الذي يدعوهم إلى ذلك؟ أما بالنسبة إلى إنشاء صف جديد لهذا السبب فلا حرج فيه فيما أراه إن كان لهذا السبب، وهذا مما يجب أن يُراعى، أما الصف بين السواري ينبغي تفاديه بقدر المستطاع، والله تعالى أعلم.



يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


جريدة الوطن الخميس 16 من شوال 1429 هـ


البراء 17-10-2008 01:47 PM

** كيف نوفّق بين حديث الرسول الكريم (ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فعني وما خالفه فليس عني) وبين وجود السنة النبوية التي تنفرد بأحكام عن القرآن الكريم؟

*تلك الأحكام هل هي معارضة لما في القرآن أو هي مخصصة لعمومات القرآن أو مقيدة لمطلقات القرآن، فإن كانت مخصصة فلا تعارض بين الخصوص والعموم، حكم القرآن يحمل على العموم وهذا يحمل على الخصوص، والخصوص يُقدّم على العموم، لأن العام ظني الدلالة وإن كان قطعي المتن، ولو كان متنه متلقى بطريق القطع كالقرآن أو الأحاديث المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلّم إلا أنه بما أنه عام والعام يحتمل التخصيص بل احتماله للتخصيص احتماله قوي فإن معظم العمومات مخصصات ما عدا العمومات التي لا يمكن أن يطرقها التخصيص وبما أنها بمثل هذه الحالة أحكام العمومات يمكن أن يطرأ التخصيص ولو من الأحاديث الآحادية فيؤخذ بالحديث الآحادي عندما يكون مخصصاً في شيء يحتمل التخصيص لا فيما لا يحتمل التخصيص، في ما لا يحتمل التخصيص لا يمكن أن يؤخذ، لأن هناك أمورا لا تحتمل التخصيص قد يكون ذلك راجعاً إلى العقل، العقل لا يقبل التخصيص في بعض العمومات، بل العقل والشرع جميعاً مثل قول الله تعالى (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ) (المؤمنون: من الآية91)، فلو جاءت رواية ذُكرت، قد يكون بعض المغرضين ينسب رواية يذكرها السلف هذه ترد مهما كان لأن العقل والنقل قاضيان باستحالة التخصيص، لا يمكن إن يتخذ الله من ولد وما كان معه من إله، كذلك مثل قول الله سبحانه وتعالى (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (الإخلاص:3-4)، وقوله ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )(الشورى: من الآية11)، وقوله سبحانه وتعالى (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ )(الأنعام: من الآية103)، وقوله سبحانه وتعالى (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (الكهف: من الآية49)، وقوله (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ)(الإسراء: من الآية111)، هذه العمومات لا يمكن أن تُخصص بحال من الأحوال .

وقد يكون مَنْعُ التخصيص بسبب الإجماع على أنه لا يُخصص هذا الحكم مثل قول الله سبحانه وتعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أرضعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فإن لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ ) (النساء: من الآية23)، فإن الأمة متواطئة جميعاً بلا خلاف أن الأمهات داخلات في الحكم ولا يمكن أن يُخصص عموم من هذا بحيث تحل الأم لولدها بحال من الأحوال، وكذلك البنات وكذلك الأخوات وكذلك العمات وكذلك الخالات....، فمثل هذا لا يمكن أن يُخصص لو جاءت رواية تفيد التخصيص، هذه الرواية لا يمكن أن تكون ثابتة عن الرسول صلى عليه وسلّم بحال من الأحوال أما فيما عدا فيؤخذ بالخصوص.

*رجل غطى ثوبه الجوزة فهل هذا من الإسبال؟
**النبي صلى الله عليه وسلّم يقول: إزرة المؤمن إلى نصف الساقين لا حرج فيما بين ذلك وبين الكعبين وما كان أسفل الكعبين فهو في النار.

في هذا الحديث سكت عن الكعب وإنما بيّن أن إزرة المؤمن إلى أنصاف الساقين ولا حرج في ما بين أنصاف الساقين وما بين الكعبين، إلا أن هناك رواية أخرى عنه صلى الله عليه وسلّم تقول: لا حظ للكعبين في الإزار. ومعنى ذلك أنه لا بد من إظهار الكعبين.

يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة



جريدة الوطن الجمعة 17 من شوال 1429 هـ

البراء 17-10-2008 02:14 PM

لا يصح

٭ الإمام يعيش مع أسرته في بيت مستأجر وعلى بعد كيلومترين من المسجد وصاحب المنزل اعطاه مهلة لكي يخلي المنزل وشرح مشكلته لبعض من جماعة المسجد على ان يجدوا له حلا، وسؤالنا هو ان بعض جماعة المسجد قدرت مشكلة الإمام ووجدت له حلا وهو بان يتم توفير سكن عائلي له في محيط المسجد يتطلب ذلك زيادة بعض المرافق حتى تكفيه للسكن.

على ان يتم صرف تلك النفقات من وقف المسجد وقد تساءل بعض من جماعة المسجد بأي حق أنتم تقومون بتوفير سكن عائلي للإمام وهو موظف مثله مثل بقية موظفي الوزارات، ثانيا هذه أموال مسجد وأنتم تسألون عنها أمام الله وليس لكم أي حق في تبذيرها أو التصرف بها كما تشاؤون؟ هل يمكن صرف تلك النفقات من وقف المسجد (أموال المسجد) أم لا؟

- لا يصح بناء منزل لإمام المسجد من اوقاف المسجد والله أعلم.

كفارة مرسلة

٭ امرأة تمنت شيئاً وتحققت هذه الأمنية بعد سنتين وهي لا تتذكر هل نذرت أم تعهدت ولكنها تقول بانها الارجح نذرت ولكنها لا تتذكر بماذا نذرت وأمورها تدهورت وهي تسأل ماذا عليها ان تفعل، جزاكم الله خيراً؟

- تتخلص من هذا النذر الذي تشك فيه بانفاذ كفارة مرسلة وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن لم تجد فعليها صيام ثلاثة أيام متتابعة والله أعلم.

تنتظر يومين

٭ امرأة لم ينقطع عنها الحيض بل زاد أكثر عن أربعة ايام الى تسعة ايام فأكثر؟ ما حكم الشرع بالنسبة للصلاة؟

- إذا كانت للمرأة ايام معتادة للحيض فاستمر فوق أيام عادتها فإنها تنتظر يومين وبعدهما تغتسل وتصلي ولو استمر بها الدم لأنه دم استحاضة لا حيض ولزوجها مباشرتها لأن حكمها طاهر والله أعلم.

أمير نفسه

٭ رجل لم يكمل صوم الست من شوال بسبب السفر فماذا عليه؟

- صائم النفل أمير نفسه فإن شاء استمر على صيامه وان شاء قطعه.

* ما حكم من صام تطوعاً وعليه قضاء؟

- العلماء مختلفون في ذلك منهم من قال: (لا يصوم تطوعاً من كان عليه قضاء لأن القضاء الزم) ومنهم من قال: (لا مانع من التطوع ممن عليه قضاء) وهذا هو الراجح ويدل على ذلك أن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - كانت تؤخر قضاءها الى شهر شعبان مراعاة لكونه صلى الله عليه وسلم يصوم غالبا شهر شعبان حتى يكون صيامها موافقا لصيامه صلى الله عليه وسلم ولا يعقل ان تبقى عائشة رضي الله عنها طوال أيام العام لا تصوم تطوعا مع حرصها على الفضل ومع كونها في بيت النبوة والنبي صلى الله عليه وسلم كان كثير الصيام، وفي هذا ما يدل على جواز التطوع لمن عليه قضاء والله أعلم.

ميراث

٭ توفيت امرأة عجوز ولديها من الورثة النسب التالي ابناء خال وابن خالة وابن بنت عمه متوفياً ولكن لديه ابناء وابن ابن خاله.

من هو الأحق بورثها مع العلم بان الأخير (رقم 4) قام برعايتها مدة (35) عاما منذ وفاة زوجها والذي هو عم المذكور وحتى وفاتها؟

- الوارثون من هؤلاء الأرحام ابناء الخال وابن الخالة الذين هم بعد (1) ورقم (2) لأنهم أقرب عن باقي المذكورين والله أعلم.

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة عمان الجمعة 17 من شوال 1429 هـ


البراء 17-10-2008 09:37 PM

الســؤال: امرأة توفيت في حادث سير وتركت مالا وذهبا، غير أنها لم توص بحج، وأراد الورثة أن يحجوا عنها. فهل لهم ذلك؟

الجــواب:هذا من البر والإحسان، وهذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم، فعند أصحابنا والمالكية والحنفية أن حقوق الله تعالى الواجبة على الإنسان إن لم يوص بها فإنه لا يجب إخراجها من مال الميت ولو عرف ذلك الورثة، وإنما ينبغي لهم أن يخرجوا هذه الحقوق، وذهب الشافعية والحنابلة إلى وجوب إخراج الحق الواجب على الإنسان من ماله عندما يتضح ذلك ولو لم يوص به وهذا القول هو الذي أميل إليه، بدليل حديث النبي-صلى الله عليه وسلم- في مسند الإمام الربيع بن حبيب من طريق ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام- جاءته امرأة خثعمية وقالت له: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج، أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع الثبوت على الراحلة أفأحج عنه، فقال لها: { أرأيت أن لو كان على أبيك دين فقضيته أكان مجزيا } فقالت: نعم، فقال: { فذاك ذاك }، وجاء في رواية الشيخين من طريق عائشة وغيرها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بأن يقضى الحق الذي على الميت وقال: { فاقضوا فدين الله أحق بالقضاء } وقوله: (فدين الله أحق بالقضاء) يدل على أن دين الله تبارك وتعالى مقدم من حيث القضاء، وإن قال كثير من أهل العلم: إن دين الناس مقدم على دين الله؛ وذلك لتيسيره سبحانه، وإلا فالأصل في دين الله أنه مقدم على دين الخلق، ولما كان مقدما على دين الخلق، ودين الخلق ولو لم يوص به إذا ثبت أنه في ذمته وجب أداؤه من ماله، وكان ذلك مقدما على الوصية، كما يقول التلمساني: إن امرؤ قد قدرت منونه كفن ثم أديت ديونه وبعد ذاك تنفذ الوصية ويقع الميراث في البقية فدين الله من باب أولى يجب إنفاذه. هذا وإنما ذكرت الوصية قبل الدين في أربعة مواضع من سورة النساء في قول الله تعالى: { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ }، وقوله: { مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ }، وقوله تبارك وتعالى: { مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ }، وقوله تعالى: { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍِ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ } لأجل التأكيد على الوصية؛ لأن الناس قد يتساهلون في أمر الوصية ما لا يتساهلون في الدين. والله أعلم.

الســـؤال: في رجل مات ولم يوص بشيء من ماله أبدا، فأراد ورثته أن يتبرعوا بإخراج ثلث التركة عنه، فمن الأولى بذلك؟ وما هي الأوجه التي يستحسن أن يوضع فيها ذلك المخرج؟ وهل هناك فرق بين من كان مستقيما في دينه ففاجأته المنية قبل أن يوصي، وبين من لا يعلم حاله أو علم عدم صلاحه؟

الجــواب: من مات ولم يوص، وأراد ورثته أن يتبرعوا له بثلث التركة ينفق في الغير، فالأولى أن يبدأوا بما كان لازما عليه مما لم يوص به، سواء كان من حقوق الله أو حقوق الناس نحو حق الأقربين المفروض؛ لأن الوصية به لازمة بنص الكتاب، وكذلك أجرة من يحج عنه إن لم يحج بنفسه، وهكذا كل ما أضاعه من الحقوق الواجبة عليه، ثم تأتي بعد ذلك الأمور الاحتياطية كالاحتياط عما أضاعه من الزكوات أو بقي عليه من الضمانات التي لا يعرف ربها، ثم يأتي بعد ذلك الإنفاق المندوب إليه، كمواساة الفقراء من غير الزكاة الواجبة، وعون المحتاجين، وبناء المساجد والمدارس الدينية، وحج النفل، وكل ما كانت الحاجة إليه أمس فالانفاق فيه أولى، ومن كان على استقامة وتقوى فهو أولى بأن يبرّ بعد موته بانفاق ذلك عنه. والله أعلم.


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة



جريدة الشبيبة الجمعة 17 من شوال 1429 هـ

البراء 18-10-2008 06:33 PM

تقول السائلة: لست أدري لماذا أعمل ولمن أعمل، ما كاد يصل راتبي لأول مرة حتى امتدت إليه يد الأب الحنون تحت هذا الصوت: ابنتي العزيزة أحسن الله إليك عندما أصبحت الآن مصدر سعادة لهذه الأسرة الفقيرة.
كنت فرحة على كل حال، فهذا أبي أنفق علي طويلاً وجاء يوم الجزاء، لكن تلك اليد الحنون واصلت امتدادها في كل شهر فشعرت عندئذ بالقلق، وتعاظم قلقي عندما سمعت صوت الباب يُغلق في وجه الخطاب كل مرة، لقد قرر أبي أن أعمل له وحده، وليس لي مع هذا بارقة أمل في زواج، وليس علي إلا أن اعمل حتى أموت أو يموت أبي، تجاوز عمري الأربعين، ولاحت في الأفق رايات الخمسين، فهل يا ترى قررت هذا بنفسي عندما وافقت على العمل؟ وهل من فعل كل هذا أنا أم أبي؟ وهل جاز لي أن ادخر وقفة محاسبة لأبي يوم القيامة مادمت قد عجزت عنه هنا في الدنيا؟


**هذه إحدى المصائب، وهي من البلاوى الكبرى أن يبلغ الجشع بأولياء أمور النساء إلى هذا المبلغ غير مبالين بما يؤدي إليه هذا الجشع من انتهاك لحرمة الأعراض، فإنهم بهذا يدفعون ببناتهم دفعاً إلى ارتكاب الفحشاء إذ يحولون بينهن وبين مبتغاهن الفطري، يحاولون بقدر جهدهم أن يستغلوا عملهن، وأن يستغلوا طاقاتهن لأجل الإثراء، وما قيمة هذا الإثراء في مقابل تعريض العرض لمثل ذلك، ما قيمة هذا الإثراء الذي يأتي الإنسان من طريق دفعه لعرضه ، دفعه لابنته لأن ترتكب محارم الله سبحانه إشباعاً رغبتها الجامحة التي يحول بينها وبين إشباعها بالطريق السليم الذي شرعه الله سبحانه وتعالى.
فعلى هؤلاء الآباء أن يتقوا الله، وكم من أبٍ من أمثال هؤلاء رزء في عرض ابنته، فالابنة المسكينة إما أن تكون صابرة محتسبة تتجرع المآسي جرعة بعد جرعة، وتستمر على هذه المأساة يوماً بعد يوم، لا تودع يوماً إلا بمأساة ولا تستقبل آخر إلا بمأساة جديدة، وتتعرض بسبب ذلك لضغوط نفسية وأمراض عصبية ونفسية، وإما أن تنفجر غريزتها بما يحطم الأخلاق ولا يُبقي لها باقية. كم من أبٍ من أمثال هؤلاء رزء في عرض ابنته وأصبحت الابنة بين عشية وضحاها حاملا، هذا مما اطلعت عليه أيضاً في كثير من القضايا التي وصلتني، كثير من القضايا وصلتني نحو هذا، آباء عضلوا بناتهم عن الزواج رغبة في أموالهن رغبة في رواتبهن فإذا بالأمر يؤدي إلى أن لا تطيق هذه البنت صبرا، وأن ترتكب ما حرم الله تبارك وتعالى، فأين الكرامة، أين الحرية، أين الشرف، أين تركوا هذه الأمور، أَكُلُها طووها من أجل حفنة من المال؟
هذا أن دل على شيء فإنما يدل على أن هؤلاء أصبحوا متعفنين في فطرهم، وأصبحوا منحرفين في طبائعهم، وأصبحت عقولهم مطموسة لا تبصرهم بمنهج السلامة، فما عليهم إلا أن يراجعوا أنفسهم وأن يفكروا إن كانت فيهم بقية، هؤلاء محاسبون أمام الله سبحانه وتعالى، البنات خُلقن لما خُلقن له، وما خلقن لئن يكون هن يكدحن من أجل آبائهن، وآباؤهن يستأثرون بثرواتهن ويحولون بينهن وبين مبتغاهن الفطري ، إنما خُلقن لأن يعشن في كنف أزواج يحمونهن ويرعوهن ويقومون بإشباع غرائزهن ، فعليهم أن يتقو الله تبارك وتعالى في ذلك هذه إحدى المآسي الكبرى ، والله المستعان.


*رجل أراد أن يتزوج من امرأة وليس لديه المهر الكافي فعرضت عليه تلك المرأة أن تقرضه من مالها ليكون صداقاً لها ثم يرده فيما بعد؟

**لا حرج في ذلك، بما أنه لم ينو ظلمها، ولم ينو غمطها حقها، وإنما نوى أن يوفيها حقها كاملاً غير منقوص فلا حرج في ذلك، بل لو أهدته هذا الصداق هدية منها إليه في سبيل تحقيق هذه الأمنية فليس في ذلك حرج ، ولكن مع ذلك عليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى في هذه المرأة التي آثرته بهذا المال ، وأن يرعى إحسانها وبرها ، وأن يقابل هذا الإحسان بالإحسان ، وأن يجعله قيداً له في طول عمره .

*هل يمكن تحويل النسب من شخص إلى آخر بعد انقضاء عشر سنوات من تحرير شهادة الميلاد علماً أنه سبق بين الزوجين لعان وأقرت الزوجة بأن هذا الحمل هو حمل الزوج نفسه وبعد عشر سنوات من الطلاق بين الزوجين تراجعت هذه الزوجة وأهلها واعترفت بأن هذا الحمل هو حمل سفاح وأن صاحب الحمل هو لشخص لم يصرح عنه، فما رأي سماحة الشيخ؟

**إن تم اللعان بينهما فلا يلحق به نسبه وإنما يلحق بها، والله تعالى أعلم.

*يشاع في بعض الأحيان أن الزوجين لا يمكن أن يتآلفا أو أن يصلا إلى مرحلة جيدة من السعادة والسرور في حياتهما إلا إذا كان هناك توافق في مختلف الأمور، توافق في النواحي العلمية والاجتماعية والمالية ، ما مدى صحة هذا الكلام؟

**هذا كلام سخيف إن دل على شيء فإنما يدل على سخف قائله، وإلا فكم من زيجة كانت موفقة، وكان فيها الود، وكان فيها العطف مع أن المرأة قد تكون فقيرة والرجل في قمة الغنى، وقد يكون العكس، وكم من رجل جمع علماً كثيراً وتزوج أمية ولكن بسبب أخلاقها وحسن معاشرتها كانت بينهما الألفة والمودة والحنان طول حياته وحياتها، وهذا ما لمسناه وشاهدناه عند الكثير من الناس، فعلى هؤلاء أن يتقوا الله ، وأن يفكروا هذا التفكير، فإن التباين بين الناس في أحوالهم سنة من سنن هذه الحياة التي أرادها الله سبحانه وتعالى.












سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


جريدة الوطن السبت 18 من شوال 1429 هـ

البراء 23-10-2008 12:36 PM

*الزوجة عندما تعلم أن زوجها قدّم قرابين للأشجار أو للمساجد، عندما تعلم بهذه الحرمة واستمرت معه دون أن تنفصل عنه هل معنى ذلك أنها مكثت مع رجل حرام عليها؟

**نعم إذا كان هو يعتقد هذا المعتقد الخاطئ الباطل، يعتقد النفع والضر من قبل الشجرة أو الحجرة التي يتقرب إليها، أو من قبل العين التي يقرب إليها النذور، أو منق قبل القبر أو صاحب القبر الميت، أو قبل الجني الذي يتعلق به لقضاء حاجته فالله تعالى يقول (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) (الجـن:6)، ومثل هذا ما يصنعه جهلة الناس وعوامهم عندما يصابون بشيء بحيث يأتون ببخور يتقربون به إلى الجن يقولون إن كان لكم فخذوه وإن لغيركم فادفعوه إليهم أو فأبلغوهم إياه.



*كيف تكون توبة هذا الإنسان؟

**توبة هذا الإنسان بالرجوع إلى عقيدة الإسلام الصحيحة، والتنصل من هذا الأمر، التبرؤ من هذا المعتقد الباطل، واعتقاد أن غير الله تعالى لا يجدي نفعاً ولا يدفع ضرا.

*وهل ينطق بالشهادتين مرة أخرى؟

**نعم

*وهل ترجع الزوجة إليه بدون عقد؟

**نعم ترجع إليه برجوعه إلى عقيدة التوحيد كحكم المرتد هكذا، من العلماء من قال بأن المرتد يُجدد عقد النكاح هذا رأي، والرأي الآخر أنه برجوعه إلى الإسلام تعود إليه امرأته.

*صدمت شخصاً بغير عمد بدراجة نارية أثناء قطعه للطريق فسقط على الأرض فسببت له خدوشاً بسيطة، ما قيمة هذه الخدوش في الجبهة وخروج الدم الخفيف منها؟

**هذه الخدوش منهم من قال فيها حكومة، ومن جعل فيها شيء شيئا من الأرش المقدر المحدد ولكن الذي نراه أن يتفق مع هذا الرجل ويصطلح معه ويدفع إليه ما يرضيه وبهذا تنتهي هذه المشكلة إن شاء الله، وليحذر في المستقبل من الإسراع بالدراجة وليحسب حسابه لكل من يمر في الطريق ولكل راكب أو ماشٍ، والله تعالى الموفق.

*الإمام الذي يصلي بالناس إذا ثبت عنه أنه أتى عرافاً هل تصح الصلاة خلفه وقد ورد أنه لا تقبل منه الصلاة أربعين يوما؟

**الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم: من أتى عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد. ذلك لأن الله تعالى أنزل على عبده ورسوله صلى الله عليه وسلّم قوله (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النمل:65)، فالإنسان أياً كان لا يمكن أن يعلم الغيب اللهم إلا أن يوحى إليه من قبل الله، ولذلك استثنى الله تعالى رسله، وبيّن أن ذلك بطريق الوحي لا لأنهم بأنفسهم يعلمون الغيب، فإن الرسل هم أيضاً كغيرهم من الناس لا يعلمون الغيب، ولذلك قال الله تعالى (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) (الجـن:26-27)، ذلك الرسول إنما يوحي إليه الله تعالى وحياً ينبئه بالغيب وإلا فالرسول بذاته لا يعلم الغيب، كيف والنبي صلى الله عليه وسلّم الذي هو أفضل الرسل جميعاً والذي وصفه الله تعالى بقوله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الانبياء:107) أمره الله تعالى أن يعلن أنه لا يعلم من الغيب شيئا، فقد قال الله تعالى له (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ)(الأعراف: من الآية188)، فالآية الكريمة هي نص صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يكن يعلم الغيب، ولئن كان هو كذلك فسائر الرسل أيضاً لم يكونوا يعلمون الغيب.













سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


جريدة الوطن الخميس 23 من شوال 1429 هـ


البراء 24-10-2008 11:03 AM

السؤال :
ماذا على الإمام إذا صلى ثلاث ركعات اعتقاداً منه أنه صلى أربعا في صلاة العشاء ولم ينبهه المأمومون إلا بعد أن سلّم ؟ وماذا عليه لو نبهه بعد أن جلس للتشهد ؟


الجواب :
إن نبهوه بعد الجلوس للتشهد فعليه أن يتم الرابعة ، وكذلك إن انتبه قبل السلام فعليه أن يتم الرابعة بل لو تنبه بعد السلام وقبل أن يأتي بما ينقض الصلاة فعليه أن يتم الرابعة وعليه أن يسجد لسهوه ولا حرج عليه في ذلك . أما إن أتى بما ينقض الصلاة في حال انصرافه من الصلاة ففي هذه الحالة عليه أن يعيد الصلاة من جديد وذلك عندما يكون متيقناً بأن ما قيل له صحيح ، أما إن كان بخلاف ذلك فلا يلتفت إلى الشك بعد اليقين ، والله تعالى أعلم .

السؤال :
رجل مصاب بشلل كامل ومتأثر من ذلك نفسياً ومعنوياً وأشيع عنه أنه طلق زوجته وصدقت الزوجة ولم تعتد عليه ولكن لم تحضر ذلك الطلاق ولم يخبرها أي أحد شهد الطلاق ، فهل يحرمها ذلك من حق الميراث ؟؟

الجواب :
الأصل أنها زوجته حتى تقوم البينة العادلة على أنها طلقت ، وإن كانت طلقت طلاقاً رجعياً وماتت في أثناء العدة عدة الطلاق فإنها في هذه الحالة ترث أيضاً وتلزمها عدة الوفاة أي تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة ، والله تعالى أعلم .

السؤال :
طالبة تدرس في كلية تبعد عن بيتها أكثر من أربعين كيلومترا فهل لها أن تقصر الصلاة ؟

الجواب :
بل عليها أن تقصر لأن هذه هي السنة الثابتة عن رسول صلى الله عليه وسلّم ، فالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام صلى الظهر بالمدينة أربعاً وصلى العصر في ذي الحليفة ركعتين لما بين ذي الحليفة والمدينة من مسافة القصر ، فعليها أن تقصر الصلاة بل يجب عليها ذلك ، والله تعالى أعلم .

السؤال :
كان المصلون في جماعة ولكن الإمام سها فسبح له عدد غير قليل حتى الصبيان مما دفع ذلك بعض كبار السن أن يناديهم فيقول لا ينبغي أن يتكلم كلكم ، فهل تجب إعادة الصلاة على ذلك الرجل فقط أم على الصف بأكمله ؟

الجواب :
ذلك الذي تكلم بما هو خارج مما يقال في الصلاة وخارج عن مصلحة الصلاة هو الذي عليه أن يعيد الصلاة أما غيره فلا ينطبق عليه هذا الحكم .












يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي

جريدة الوطن الجمعة 24 من شوال 1429 هـ


البراء 26-10-2008 06:49 PM

*هل يصح طلب الشفعة عن طريق الوسائل الحديثة كالاتصال أو كتابة رسالة عن طريق البريد الالكتروني ؟

**الشفعة إن طلبها بهذه الطريقة ولم يكن هنالك ارتياب يمكن أن يعتبر طالباً بطريقة مشروعة ، إن لم يكن هنالك ارتياب بأنه هو الذي طلب .
أما إن أمكن أن يكون هذا الذي طلب الشفعة غير الذي له الشفعة وإنما انتحل شخصيته بحيث يتصور أن يكون قد انتحل شخصيته رجل آخر فالريبة في مواطن الريبة لا يعتد بمثل هذه الاتصالات .

*ما هي المسافة المعتبرة بين المنزلين أو المزرعتين لطلب الشفعة ؟

**القضية ليست هي قضية المسافة ، إذ الجوار وحده غير موجب للشفعة ، وإنما الموجب للشفعة أن يكون بينهما اشتراك ، فلا شفعة إلا لشريك ، والشركة إما أن تكون شركة مشاع وإما أن تكون شركة منافع ، فمما بين المنزلين شركة منافع أن يكون جدارهما مثلاً واحداً ، أو أن يكون هنالك تداخل في بعض الأشياء التي لا بد منها كأن يكون السلم الذي يصعد منه هذا ويصعد منه هذا إلى منزله سلماً واحدا هذا هو الاشتراك في المنافع .

*من سها في الفريضة ولم يتذكر ذلك إلا بعد انتهائه من السنة وأيضاً قد يكون سها في السنة نفسها ؟

**فليسجد لفرضه بعد السلام من السنة ، وليسجد للسنة بعد ذلك .

*ما حكم صلاة من يلبس ثوبا مجسداً للعورة ؟

**من شرط الثوب أن لا يشف ولا يصف ، فكونه يصف يشخص العورة ، فإذا كان مشخصاً للعورة فهو ثوب لا يجوز في الصلاة ، ولا تجوز إمامة من لبسه .

*من ارتكب الزنا عدة مرات وأراد أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى كيف تكون توبته ؟

**التوبة إلى الله سبحانه وتعالى مفتوح بابها ، ولا يعني هذا أن يشهر الإنسان بنفسه وأن يكشف سوأته ، وأن يجاهر بما فعل ، لا ، بل عليه أن يتوب بينه وبين ربه فالنبي صلى الله عليه وسلّم يقول : من أصاب شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فإن من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله . فلا يشترط في التوبة من الزنا ولا للتوبة من أي معصية تجب فيها عقوبة معينة أي يجب فيها الحد الشرعي أن يعلن هذا الإنسان هذه المعصية حتى يقام عليه الحد ، وإنما يكفيه أن يتوب بينه وبين ربه والله تعالى مطلع على أمره . وإنما من أبدى صفحته بحيث كشف عن أمره وأبان عن سوأته واعترف بجريمته هذا هو الذي يقام عليه الحد الشرعي ، وإلا فالأصل في الإنسان أن يتوب بينه وبين ربه وكفى ذلك .


وإنما هناك أمر لا بد من اعتباره وهو أن التوبة إلى الله إنما تختلف باختلاف الذنب ، فإن كان هذا الذنب بينه وبين ربه سبحانه فتوبته منه تمحوه ولا تُبقي له أثراً ، وإن كان هذا الذنب بينه وبني العباد فلا بد من أن يؤدي الحقوق إليهم سواء كان ذلك مما يتعلق بالدماء ، أو كان ذلك مما يتعلق بالأموال ، أو كان ذلك مما يتعلق بالأعراض .

ومما يتعلق بالأعراض الزنا ، فهذه التي زنا بها إما أن تكون امرأة حرة بالغة عاقلة مختارة بحيث لم يغتصبها وإنما كانت راضية بزناه بها ، وإما أن تكون بخلاف ذلك . فإن كانت حرة بالغة عاقلة راضية بفعله فقد أسقطت حقها بنفسها ، أما إن كانت بخلاف ذلك كأن تكون مملوكة أو تكون صبية أو تكون مجنونة أو تكون متغصبة بحيث أكرهها على فعله الزنا بها ففي هذه الحالة يجب لها عليه العقر وهو الصداق ، وقد قُدر ذلك إن كانت بكراً بعشر ديتها ، وإن كانت ثيباً بنصف عشر ديتها ، وذلك في كل مرة يطأها وهي بهذه الحالة هي صبية أو هي مملوكة أو هي مجنونة أو مغتصبة بحيث لم تكن راضية بفعله.












سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن الأحـد 26 من شوال 1429 هـ

البراء 26-10-2008 06:53 PM

**الســــــــــــــؤال: أوصى رجل بجميع أمواله وعقاراته من أفلاج وغيرها بعد موته لأولاد أولاده، فهل يجوز لهم بيعها وتقسيم ثمنها؟

الجــــــــــــــواب: لا يخلو إما أن يكون أوصى بهذه الأموال أن تكون ملكا لأولاد أولاده أو أنها موقوفة عليهم، فإن كانت موقوفة فلا يجوز اقتسام أصلها وإنما يقتسمون منفعتها، ولكن لهم أن يبيعوها إن اقتضت المصلحة ذلك، ويشترى بثمنها ما يكون بدلا عنها من العقار أو المياه أو الأموال، ليكون ريعه أيضا بين الموقوف لهم، وإن أوصى بها ملكا فلهم أن يبيعوها ويقتسموا ثمنها. والله أعلم

**الســــــــــــــؤال: رجل أوصى قبل موته بنخلات معدودة لأقربائه تقسم غلتهن بينهم، وكما تعلمون بأن النخيل في هذه الأيام تحتاج إلى مؤونة أكثر من الغلة، وقد لا ينتفع الموصى لهم بشيء من ذلك مع ما تحتاج إليه من وكيل وغيره. فهل يجوز بيع هذه النخلات وإعطاء أهلها كل بقدر حقه؟

الجــــــــــــــواب: إذا كانت الوصية لمحصورين فلا مانع من بيع الأصل الموصى به، وقد أجاز الإمام الخليلي -رحمه الله- بيع مال موقوف لعدد محصور إن اتفقوا على ذلك، والوصية كالوقف. والله أعلم.

**الســــــــــــــؤال: امرأة أوصت بقطعة أرض للنباهنة بمنطقة ما منذ عشرات السنين، حيث إن الأشخاص الموجودين في تلك الفترة قليلون وقد تكاثروا، منهم من يصل امتداد أسرته الآن إلى أكثر من خمسين شخصا، ومنهم من لا يتعدى خمسة أشخاص، ومن ذلك الوقت منهم من ترك المنطقة بعد الوصية، ومنهم من جاء إلى المنطقة وسكن فيها حتى يومنا هذا، وقد توفي أغلب الأشخاص الموجودين ولم يبق إلا الأبناء أو الأحفاد، وقد تم بيع هذه الأرض الآن. فكيف يكون تقسيم هذا؟

الجــــــــــــــواب: إن كانت أوصت بها لمعينين فهي لهم فإن بيعت من بعد فثمنها يرجع إلى ورثتهم كل بقدر نصيبه في الإرث، إلا إن تعذرت معرفتهم فتؤول إلى ذريتهم بعدد رؤوسهم. والله أعلم.

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الشبيبة

البراء 29-10-2008 10:38 AM

* كيف يكون سجود التلاوة عندما يقرأ الإنسان الآية التي فيها سجدة وهو في الطائرة أو في السيارة ؟

** بسم الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلّم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :

فإن سجود التلاوة ليس بأعظم من سجود الصلاة ، ولئن كان المصلي إن كان في حالة لا يتمكن فيها من السجود ينتقل الفرض الواجب عليه من السجود إلى الإيماء له ، فإن سجود التلاوة كذلك .
فمن كان راكباً في الطائرة وكان متمكناً أن يصلي إذا كانت الصلاة حضر وقتها قياماً متوجهاً إلى القبلة حسب تحديد الخبراء من ملاحي الطائرة له أو مع سؤال الطيار بواسطة الملاحين فإن عليه أن يصلي قائماً متوجهاً إلى القبلة مع إمكان ذلك ، وذلك يحصل في الطائرات كثيراً عندما تكون الطائرات فيها اتساع لا سيما الدرجة الأولى .


وعندما يكون ذلك متعسراً أو متعذراً عليه بحيث لا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة للضيق الذي في الطائرة ، ولا يستطيع أن يصلي قائماً أيضاً بحيث لا يجد مكاناً يتمكن فيه من أن يصلي قائماً ففي هذه الحالة يصلي على كرسيه أينما توجهت به طائرته ويومئ لركوعه وسجوده ، ومثل هذا الحكم أيضاً لقارئ القرآن عندما يسجد سجود التلاوة، فإن حكم سجود التلاوة لا يختلف عن حكم سجود الصلاة ، والله تعالى أعلم .

* هل المصلي مطالب أن يتفاوض مع الملاحين حتى يحصل على مكان جيد يصلي فيه بدلاً من أن يصلي على كرسيه؟

** ذلك يختلف باختلاف أوضاع الطائرات ، في بعض الأحيان يكون الطائرات فيها متسع لأن تقام الصلاة فيها ، بل أحياناً يمكن حتى إن يصلى جماعة ، ونحن بأنفسنا صلينا جماعة على الطائرة ، وأحياناً لا يكون فيها مكان لإقامة الصلاة ، فالأمور تراعى فيها الأحوال والظروف .

* بالنسبة إلى السيارة كيف يكون سجوده ؟

** كذلك نفس الشيء راكب السيارة إن قرأ آية سجدة فإنه يومئ لسجوده .

* الإيماء الذي يتمكن فيه من القيادة أم الأفضل له أن يقف ...

** أما إذا كان متمكناً من القيادة وكان بإمكانه أن يقف ولا يتعذر عليه ذلك أو يتعسر عليه ذلك فالأولى له أن يقف إن أمكنه ذلك .

* يوجد في كتاب تلقين الصبيان (اللهم يا فارق القرآن ومنزل الفرقان ) ، فما هو تفسير هذه الجملة ، وهل هي هكذا بالفعل ؟

** لعله التبس عليه أن يضاف التنزيل إلى الفرقان ، وأن يضاف الفرق إلى القرآن ، القرآن هو مفروق ، والفرقان أيضاً هو منزّل . الله تبارك وتعالى يقول ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ) (الفرقان:1) ، فالفرقان هنا هو نفس القرآن وهو منزّل من عند الله سبحانه وتعالى على قلب عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلّم ، والقرآن مفروق فإن الله تعالى يقول ( وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً) (الإسراء:106) ، وصفه الله تعالى بأنه مفروق ، ووصفه أيضاً بأنه مُنزّل ، فهو مفروق من حيث إن الله سبحانه وتعالى جعله نجوماً ولم يجعله منزلاً إنزالاً واحداً كما أنزلت الكتب السابقة حسبما ذكر، بل كان تنزيله نجوماً لأجل حكمة رآها الله تبارك وتعالى ( لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ) ، أي بترسل ، فالله سبحانه وتعالى من لطفه بهذه الأمة أنه عندما أنزل القرآن عليها لم ينزله جملة واحدة وإنما جعله منزلاً نجوماً لتتحمل تبعاته الأمة شيئاً فشيئاً ، إذ في إنزاله عليها دفعة واحدة كلفة عليها ، والله سبحانه وتعالى أراد الرحمة بهذه الأمة ، فلذلك كان تنزيل القرآن نجوماً كما هو معروف ، وهو على أي حال مفروق كما ذكرنا .

والقرآن هو الفرقان والفرقان هو القرآن إذا نظرنا إلى ذكره في آية الفرقان وذكر القرآن مثلاً في سورة الإسراء وفي غيره من السور ، القرآن هو الفرقان والفرقان هو القرآن ، وقد يأتي معنى الفرقان بمعنى التفريق بين الحق والباطل ، فالقرآن يسمى فرقاناً لأنه هو مُفرّق بين الحق والباطل فلذلك سمي فرقاناً ، ويكون أيضاً الفرقان بمعنى النصر والتأييد ، ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً )(الأنفال: من الآية29) ، فالله سبحانه وعد المتقين من عباده بالنصر والتمكين ، وهذا مثل قوله سبحانه وتعالى ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ )(محمد: من الآية7) ، وقوله ( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ) (الحج:40-41) ، وقوله ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً )(النور: من الآية55) .

فهذه الأمور يجب أن يتنبه لها ، كذلك سمّى الله سبحانه وتعالى يوم بدر يوم الفرقان لأنه كان فرقاناً بين الحق والباطل إذ ثبت في ذلك اليوم العظيم انتصار الحق على الباطل ، فقد دمغ الله سبحانه وتعالى الباطل بنصر حزب الحق عليه .

فالفرقان كما ذكرنا يكون بمعنى القرآن ويكون بمعنى النصر ويكون بمعنى الحجة الفارقة ما بين الحق والباطل ، كذلك القرآن أصله من قرأ يقرأ بمعنى جمع ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) (القيامة:17) ، فقرأ بمعنى جمع ، والقرآن هو مقروء بمعنى أنه مجموع لأن الله بارك وتعالى يسّر جمعه بعد تنزيله نجوماً متفرقة ، والله تعالى أعلم .













سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة



جريدة الوطن الأربعاء 29 من شوال 1429 هـ

البراء 31-10-2008 11:31 AM

* ما هي الحدود الممنوعة في التعامل بين الزوج وزوجته في عدة طلاقها الرجعي ؟

** بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :

فإن المرأة عندما تكون مطلقة طلاقاً رجعياً تكون هناك صلة بينها وبين زوجها ، وإن كان لا يحل له أن يستمتع بها إلا بعد أن يراجعها مراجعة شرعية ، والصلة إنما هي تظهر في كونه يرثها وترثه ، وفي كونها مأمورة بأن تبقى في نفس بيته كما دل على ذلك قول الله تعالى ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) (الطلاق: من الآية1) ، وفي هذا ما يدل على جواز أن ينظر إليها ويراها ، وأن يخلو بها خلوة من غير استمتاع ، أما أن يستمتع بها فالمتعة غير جائزة ، أي متعة كانت ، فلا يحل له أن يواقعها ، ولا يحل له أن يضمها ، ولا يحل له أن يقبلها ، وإنما يجوز له النظر إليها لعل في هذا النظر ما يشجعه على مراجعتها ، ومن أجل ذلك استُحب لها أن تتزين حتى يكون في ذلك ما يدفعه إلى مراجعتها في خلال العدة ، أما الاستمتاع كما قلنا بأي وجه من الوجوه فهو لا يحل ، وإنما تُظهر له ظاهر زينتها دون باطن زينتها ، وليحذرا من الوقوع في محارم الله ، فإن مالت نفسه إليها فلا يأتينها إلا بعد أن يراجعها مراجعة شرعية ، والمراجعة الشرعية عندنا تتوقف على شهادة شاهدين أخذاً بما دل عليه قول الله تعالى ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (الطلاق: من الآية2) ، فلا بد من أن يشهد شاهدان على مراجعتها ، على أن يكون ذلك إبان عدتها قبل أن تنسلخ عدتها ، أما بعد أن تنسلخ عدتها فإنه في هذه الحالة يكون كواحد من الخطاب وهي أملك بنفسها منه ، فلا تحل له إلا بعقد جديد مع جميع لوازمه الشرعية وهي رضاها وإذن وليها وصداق جديد وبينة ، والله تعالى أعلم .

* يوصي البعض بأن يكفن من ماله ولا ينتبه لذلك إلا بعد أن يدفن الميت ، فكيف يتصرف الوصي في هذه الحالة ؟

** في هذه الحالة أي عندما يتعذر تنفيذ الوصية فإن الوصية ترجع إلى الورثة ، فإن كان الورثة كلهم بُلّغاً عُقّالا بحيث يسوغ لهم أن يتصرفوا في التركة كما يشاءون فإنه ينبغي لهم أن ينفقوا ذلك في الخير من غير أن يكون ذلك لازماً عليهم ، ولكن ذلك أبر لميتهم وأفضل لهم ، وإن لم يفعلوا ذلك فإن هذا الأمر يرجع إليهم .

أما إن كان الورثة أيتاماً أو كان بعضهم يتامى فإن ذلك لا يسوغ في مال اليتامى وإنما يسوغ في مال البُلّغ العقلاء المالكين لأمرهم ، والله تعالى أعلم .

* ما رأي سماحتكم فيما يوصي به البعض من إعطاء مبلغ معين لمن شارك في الدفن أو الحفر لقبره حيث إن عدد المشاركين في ذلك كبير يشق على الوصي معرفتهم ؟

** عندما يتعذر الوصول إلى الموصى لهم فإن الوصية ترجع إلى الورثة ، إلا إن كانت هذه الوصية من ضمان ففي هذه الحالة لا بد من البحث عن الموصى لهم أو عن ورثتهم إن كانوا قد ماتوا ، فإن تعذر ذلك فحكم ذلك حكم المال الذي جُهل ربه ، وكل مال جُهل ربه فإن فقراء المسلمين أولى به ، والله تعالى أعلم .

* أصبحت عيادات الفحص قبل الزواج تكشف عن وجود بعض الأمراض الوراثية في أحد الزوجين ، وقد يحكم الأطباء أن احتمال انتقال هذا المرض إلى الأبناء بنسبة مرتفعة .

ففي حال تعلق رجل وامرأة بعضهما ببعض فهل لهما أن يتزوجا مع هذه النتيجة من الفحص الطبي ؟

** هذه نتيجة فيها خطورة ، إن كانت نسبة احتمال انتقال الأمراض إلى الذرية نسبة عالية فالإقدام على الزواج فيه تعريض للذرية للخطر ، ولا ينبغي للإنسان أن يعرّض ذريته للخطر إنما عليه أن يحرص على سلامة الذرية .


وإنما يُنظر في هذا التعلق ، هل هو تعلق قد يفضي إلى ارتكاب الفحشاء ، بحيث يكون بالزواج درء لمصيبة أكبر ، فإن كان كذلك ففي هذه الحالة ليقدما على بركة الله ولكن مع التوقي من النسل خشية أن تكون الذرية كما يقول الأطباء ذرية معرضة للأمراض .












سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


جريدة الوطن الجمعة غرة ذي القعدة 1429 هـ

البراء 04-11-2008 06:37 PM

سؤال
هناك أيضاً من يحاول من المسلمين في هذه المجتمعات أن يكون فعلاً رسول إسلام غير أنه ربما يسلك باب عدم التشدد وعدم الأخذ بالحزم في كثير من المسائل ويأخذ بما قد يجد فيه قولاً من أقوال العلماء من رُخص أو التجويز فهل مثل هذه الشخصية التي تقوم بدور تمثيل رسالة الإسلام بمثل هذا السلوك في نظركم أنها تخدم فكرة الإسلام ؟


الجواب :
هناك على أي حال اختلاف بين الأقوال ، هناك قول قد يكون قولاً مرجوحاً ولكنه يستند إلى دليل ولو كان الدليل مرجوحاً ، وليس هو معارضاً لنص ثابت عن الله تعالى أو عن رسوله صلى الله عليه وسلّم ، فإذن من أخذ بهذا القول لا سيما في المواقف الحرجة لا يقال بأنه خالف الحق أو خرج عن طريقة الإسلام الصحيحة أو خالف الدين ، وإنما أخذ بغير القول الأشد .


وقد يكون القول شاذاً لا دليل عليه بل الأدلة تضاده وتعاكسه ، وهنا لا يُسمح للمسلم أن يهجر الدليل وأن يأخذ بالقول الذي لا دليل عليه قط ، إذ لا قول لأحد مع قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلّم ، ولا عبرة بالرأي ، الله تبارك وتعالى يقول ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً) (الأحزاب : 36 ) .

وفي هذا يقول الإمام السالمي رحمه الله تعالى :
ولا تناظر بكتاب اللهِ *** ولا كلام المصطفى الأواهِ
معناه لا تجعل له نظيرا *** ولو يكون عالماً خبيرا


لو قدرنا أن أحداً من العلماء نسي أو ذهل عن الدليل الشرعي ، ذهل عن الدليل من كتاب الله أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم وقال قولاً مخالفاً للأدلة الشرعية فإنه لا عبرة بقوله مهما كان قدره ومهما كان شأنه ولكن لا يُعارض بكلامه كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلّم ، كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلّم مقدمان على كلام أي أحد من الناس ، والله تعالى الموفق.

سؤال :
إذا دخل المسجد ووجد الجماعة تصلي الظهر في الركعة الأخيرة وهو لا يعرف إن كانوا يصلون أربع ركعات أو أنهم يقصرون الصلاة كيف يستدرك ؟


الجواب :
أولاً حاله هو كيف يكون ؟ هل هو متم ؟ إن كان متماً على أي حال الأصل في الصلاة الإتمام فليتم الصلاة .
وأما إذا كان بخلاف ذلك ، إذا كان هو ممن يقصر الصلاة فإنه يُنظر في حال هذه الجماعة التي تصلي في المسجد ، هل هذه الجماعة تصلي في الوقت الذي اعتاد جماعة المسجد أن يصلوا فيه أو لا ؟ فإن كان ذلك في الوقت فالأصل أيضاً الإتمام ، وأما إن كان في غير ذلك الوقت فالأصل فيه هو نظراً إلى حاله أنه في حالة السفر القصر ، إذا جاء متوسطاً ما بين الوقتين ، والأصل في هذه الأوقات أن يأتي هؤلاء الذين يجمعون بين الصلاتين ، وأن يتوسطوا ما بين الوقتين فلا حرج في هذه الحالة أن يأخذ بالأصل الذي هو عليه ، وهذا قلته من باب الاستحسان ، وينبغي فيه أن ينظر في هذه المسالة بدقة أكثر.


سؤال :
شخص يقوم بشراء أرض وهو لا يستطيع تحديد موقعها كونه لم يُدل عليها ولكن أرقامها واضحة وبياناتها واضحة عادة تكون في المواصفات ، ما حكم هذه المعاملة ؟


الجواب :
البيع والابتياع لا بد من أن يكون بطريقة واضحة سليمة ليس فيها غرر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن بيع الغرر ، والغرر بيع الشيء الذي يُجهل ، كأن يبيع شيئاً في ظرف من غير أن يُنقش الظرف ويُعرف ذلك الشيء و تُعرف ماهيته أو يُعرف وصفه كما هو ، أو بيع ما لم يُدرِك كذلك هو من بيوع الغرر ، وكذلك بالنسبة إلى ما جُهل الشيء المجهول ، لأن هذه الأرض قد يختلف ثمنها بين مكان وآخر ، قد تكون في مكان ما أكثر ثمناً وفي مكان آخر أقل ثمناً ، ولذلك يجب أن يكون الموقع معروفاً لأجل تفادي الغرر ، فإن الغرر يُمنع إذ لا يجوز لأحد أن يأخذ مال أخيه إلا بحق ، وهذا ليس حقاً ما دام هو لا يعرف حقيقة المبيع ، ولا عبرة بمعرفة مواصفات الأرض ، فقد تكون الأرض بمواصفات معينة هذه المواصفات تختلف قيمتها ما بين مكان ومكان آخر فإن للأمكنة تأثيراً في رفع السعر أو خفضه .

سؤال :
هل يجوز شراء شقة بواسطة مكاتب عقارية هي لم تزل قيد التخطيط ، واضح في التخطيط حجمها وواضح أيضاً ربما ما قد يستخدم فيها ولكن هي غير مشيدة إلى الآن ؟


الجواب :
هذا من بيع غير الحاضر ، بيع غير الحاضر لا يكون إلا بطريقة السَلَمْ ، وطريقة السَلَمْ أباحها النبي صلى الله عليه وسلّم عندما جاء إلى المدينة المنورة أباح البيع بطريقة السَلَمْ لأجل رفع الحرج عن الناس كانوا يُسلمون في الحبوب التي كانوا يشترونها ، فالنبي صلى الله عليه وسلّم أباح على أن يكون السَلَمْ في كيل معلوم أو وزن معلوم بحيث يضبط المُسْلَم فيه من حيث الكيل أو من حيث الوزن مع ضبط الجنس لا بد من ذلك ، أما ما عدا ذلك فقد اختلف الفقهاء فيه ، منهم من رخص في العروض أن يُسْلَم فيها قبل أن تحضر ولو كانت غير طعام ، ومنهم من حصر السَلَمْ في الطعام كما كان فعل النبي صلى الله عليه وسلّم إذا أقر أهل المدينة على هذه المعاملة .


ونحن نرى بالنسبة إلى العروض إن كانت مما يمكن ضبطه بالدقة بحيث يضبط طوله وعرضه إن كان مما لا يوزن وتضبط جميع أوصافه كأن يكون السَلَمْ في سيارة مثلاً يؤتى بها من مكان بعيد فلا حرج ، أما في الأصول فإن السَلَمْ في الأصول لم أجد دليلاً على جوازه ، كيف يجوز السَلَمْ في الأصول هذه أصول ثابتة وليست بعروض ، والسَلَمْ هو بيع غائب بحاضر أي أن يباع بنقد بكيل معلوم أو وزن معلوم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم .

سؤال :
ما معنى زكاة الرِكاز ؟


الجواب :
الرِكاز هو فِعال بمعنى مفعول أي مركوز ككتاب بمعنى مكتوب ، فالركاز هو دفين الجاهلية الذي دفن في أيام الجاهلية قبل الإسلام ، فإن وجد دفين الجاهلية فهو بمثابة المغنم ، ولذلك عُرِض في الخمس لأنه بمثابة المغنم ، لكن على أن فيه علامة أهل الجاهلية كأن تكون فيه علامة وثن من الأوثان أو شيء مما كان مقدساً عند أهل الجاهلية ، وفي هذه الحالة يكون ذلك الذي اكتشف هذه الركاز أولى به من غيره إلا أنه يُخرِج منه الخمس كما قال الرسول صلى الله عليه وسلّم ( وفي الركاز الخمس ) .


السؤال :
هل الخمس على إطلاقه ؟


الجواب :
الخمس كما قلنا هو في الركاز فيما كان من أشياء مدفونة في أيام الجاهلية ، أما إن لم تكن هنالك علامة جاهلية فهذه بمثابة اللقطة ، إن كان من الممكن التعريف فيعرف بها وإلا كان فقيراً فهو أولى بها ، وقيل بأن اللقطة للاقطها إن كانت هذه اللقطة يتعذر عليه أن يعرف ربها بحيث لا يمكن أن يُعرّف بها على الإطلاق .


سؤال :
وإن لم يكن فقيراً ؟


الجواب :
من الناس من ترخص في هذا أن تكون للاقطها ، لكن الذي يمكن تعريفه لا بد من تعريفه أولاً ، وعلى أي حال قيل بأن الركاز على الإطلاق فيه الخمس قل أو كثر ، وقيل ما دون كان دون خمسة دوانق فليس فيه شيء ، لا بد من أن يكون من خمسة دوانق فصاعدا .


سؤال :
ما مقدار الدانق ؟


الجواب :
هو واحد من ستة من الدرهم .













سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


جريدة الوطن الثلاثاء 5 ذي القعدة 1429 هـ

البراء 12-12-2008 01:06 AM


لا

٭ اشتريت سيارة وكان الاتفاق النهائي بيني وبين البائع بأن اعطيه جزءا من المبلغ والباقي بعد تغيير ملكية السيارة وتم تغيير المسمى بالملكية وبعد ذلك ذهبت لاعطيه المبلغ المتبقي الذي له وفاجأني بطلب مبلغ زيادة وقلت له ما اتفقنا على ذلك من قبل (الاتفاق النهائي) وبعدها لم اعده بأي شيء سوى أني تماشيت مع كلامه قائلا: سأرى اذا شاء الله حتى اخلص نفسي ويستلم المبلغ الذي له المتفق عليه. سؤالي هل له شيء في المبلغ الذي طلبه بعد الاتفاق النهائي وبعد تغيير الملكية.

- عليك ان تسلم للذي اشتريت السيارة منه القيمة المتفق عليها بينكما وإن اختلفتما فالمرجع القضاء الشرعي والله أعلم.

لا تعتبر دينا مع العلم

٭ كان والدي قد أعطى احد اخواني عطية لانه كان يساعده ويحافظ على مال ولده (والابن كان يعمل عملا حرا ويجمع مبلغه مع والدي والاب يخاف على مال ولده من الضياع وكلما تجمع مبلغ للولد اراد الاب ان يشتري قطعة ارض من مال الابن المتجمع ولكن عندما ينقص المبلغ المتفق عليه عند الشراء يبادر الاب بالعطية للابن أي بمعنى يكمل المبلغ المتبقي ويقول هذا عطية من عندي لك، وايضا اراد الابن شراء سيارة وساعده في تكملة المبلغ وعلما بأن الاب تكلم عن اثنين من الورثة بأن هذا المبلغ عطية من عندي لولدي ولا يحسب دينا عليه وكذلك الابن كان يخاطب الاب بأنه هل هذا دين عليّ؟ ويقول هذه مساعدة من عندي ومالي ومالك واحد ولكن قال الاب لواحد من الورثة اكتب هذه الورقة بأنه على ابني فلان كذا مبلغ من المال وقال الكاتب الوارث انا الذي اعرفه ان المبلع عطية من عندك قال نعم، عطية ولكنني اريده ان يجتهد في عمله ولا يتركه وكان يخبر الورثة بأنه سوف يمزق هذه الورقة ولكن وفاه الاجل قبل بلوغ الأمل وبعد وفاته رأينا الورقة فأخذ الورثة يقولون هذا دين على أخي وبعضهم يقول هذه عطية ولا نرضى ان نأخذ شيئا من هذا المبلغ فما رأي سماحتكم في ذلك.


- اذا كان يعلم الاولاد جميعا ان ما يعطي والدهم أخاهم مساعدة منه له فلا تعتبر تلك الكتابة دينا على الولد والله أعلم.

يردها ذكر الله

٭ إصابة العين هل بالامكان ان يردها أي ذكر من الاذكار وهل يحتمل ان يذهب ضر العين بغير سبب بمعنى انها تذهب بلا شيء اخرجها؟

-يرد إصابة العين ذكر الله والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولعل المصاب بالعين يعافيه الله تعالى بغير سبب من الاسباب والله أعلم.

عليه ان يفرد

٭ رجل يبعد مقر عمله عن محل اقامته 60كم، علما بأن عمله يتطلب وجوده في مقر عمله من يوم السبت الى يوم الاربعاء حيث انه يصلي جمعا وقصرا، فهل يجوز لهذا الشخص بأن يجمع ويقصر طوال فترة اقامته في مقر عمله ام يصلي صلاة تامة افيدونا أفادكم الله.

- على مثل هذا الرجل ان يفرد الصلوات كل صلاة في وقتها ويقصر الرباعيات فيصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين كل صلاة في وقتها إلا اذا صلى عند الامام فيصلي بصلاته والله أعلم.

لا يجزي مع المقدرة

٭ امرأة عليها قضاء شهر رمضان فصامت منه 23 يوما، وتبقى عليها 7 ايام ولم تستطع اتمامها بسبب ظروف الحمل. فهل يجوز ان تقضي ما تبقى عليها بالتصدق بالمال؟ واذا كان يجوز ما هو المبلغ الواجب عليها التصدق به.

- اذا كانت تستطيع الصيام بعد وضع حملها فعليها ان تقضي ما بقي عليها من الايام بعد الوضع ولا يجزي عنها
الاطعام والله أعلم.

فتاوى
لفضيلة الشيخ سعيد بن خلف الخروصي

جريدة عمان
الجــمـعة 13 من ذي الحجة 1429 هـ
الموافق 12 من ديسمبر 2008م

البراء 16-12-2008 03:04 PM

وُضِعَ حزام الأمان وأدى إلى شيء من الحلول على كل حال لأنه منع من بعض الأشياء التي تقع للإنسان أثناء الحوادث لكن لا تزال السرعة مستمرة ولا يزال التهور موجوداً ، فهل العقل يحتاج أيضاً إلى حزام ؟

** العقل نعم .
العقل عقّال إذا مازجه *** برد النسيم وجريء إن سطا
العقل إنما سُمي عقلاً لأنه يعقل الإنسان، يضبط شهواته ونزغاته ونزعاته، ويؤطر مسلكه في الإطار السليم، ولكن هذا عندما يستخدم استخداماً صحيحاً، أما عندما يكون الإنسان مغتراً بما يظنه عقلاً ويكون غير مبال بأمر الله سبحانه وتعالى ونهيه، وغير مبال بسلامته وسلامة من حوله لا ريب أن هذا العقل يضيع في مهب هذه الأعاصير أعاصير الأهواء التي تريد بالإنسان ذات اليمين وذات الشمال. وعلى أي حال أنا أقول وقد قلت هذا أكثر من مرة وإنني لأعلن ذلك براءة إلى الله سبحانه وتعالى الذي أوجب علينا أن نقول كلمة الحق: الإنسان أصبح الآن يضيع عقله بنفسه، شُرّاب الخمور، والخمور أصبحت كأنها مظهر من مظاهر المدنية، وأصبحت كأنها ضرورة من ضرورات الحياة حسب واقع حياتنا اليوم ، فشُرّاب الخمور هم الذين يجنون على أنفسهم ويجنون على المجتمع بأسره ، ما وراء شرب الخمور، وماذا عسى أن يجني المجتمع من شرب الخمر ، وماذا عسى أن تجني الأمة من هذه الآفة المنتشرة ، ماذا عسى أن تجني الإنسانية من هذا الداء الوبيل من هذه الآفة التي لا تبقي ولا تذر ، التي تطمس العقل وتطفئ النور وتذهب به ، وتجعل الإنسان شراً من البهيمة العجماء ، هذا الإنسان الذي شرب الخمر هل يؤمن على نفسه عندما يقود السيارة، هل يؤمن على من يركب معه ، هل يؤمن على غيره ممن يقودون السيارات في الطرق، هل يؤمن على المارة في الطرق ، لا يؤمن على أحد ، ثم مع ذلك يجر شرب الخمر ما يجر من بلاء وفساد ومحن لا تعد ولا تحصى ، لعل البعض يقول بأن وراء ذلك جدوى اقتصادية من خلال ترويج السياحة، نحن نقول مهما كان ذلك ، أولاً هذه الجدوى هي حرام في حرام في حرام ، ثم بجانب ذلك أيضاً مع هذا كله ما الذي يُدفع ضريبة لهذا الأمر، كم من الضحايا ، أولاً الأرواح التي تزهق من خلال هذه الحوادث التي تكون بسبب شرب الخمور وعدم المبالاة في الحياة ، ثم مع ذلك أيضاً علاج الذين يصابون من خلال هذه الحوادث وتعطيل الناس عن الأعمال، كل ذلك أليس هو خسارة في خسارة في خسارة إن كان النظر إلى هذه الأمور بالمقاييس المادية .
فأنا أناشد ولاة الأمر وأناشد المسئولين أن يتقوا الله ، وأن يحرصوا على منع هذه الآفة التي لا تبقي ولا تذر، والله المستعان .


* إذا تكلم السائق بالهاتف النقال أثناء قيادة السيارة يخالفه شرطي المرور بمخالفة مالية، فهل يعطي رشوة لإعفائه منه إذا كان معه مال، مع العلم أنه إذا لم لديه مال فسيجسن؟

** الراشي والمرتشي ملعونان، (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش)، كل منهم ملعون. فعلى هذا الذي دفع هذه الرشوة أن يتقي الله وأن يحاول أن يسترجع رشوته وأن يخضع للحكم كيفما كان الحكم عليه، وكذلك بالنسبة إلى المرتشي ، عليه أن يرد هذه الرشوة وأن يتقي الله تعالى فيما أخذ عليه من الباطل.

* لو توجهون كلمة للآباء الذين يمنحون أبناءهم فرصة القيادة وسياقة السيارة دون أن يتعلموا القيادة جيداً ودون أن يحصلوا على الرخصة فيعيثون بذلك في طريق الفساد.

** هؤلاء مهملون لأولادهم ، الأولاد يجب ضبطهم ، ويجب عدم إرخاء العنان لهم، وهؤلاء يعرضون هؤلاء الأولاد أنفسهم للهلاك، إذ لا يمكن أن يحافظ على سلامتهم مع عدم ضبطهم وعدم صونهم عن مثل هذه التصرفات. وكذلك هم يعرضون الآخرين للخطر، هؤلاء الأولاد غير مأمونين ، كم من حوادث تقع بسبب تصرف مثل هؤلاء الحمقى الذين لا يبالون بما يفعلون ، كم من أمور تقع ، ربما حاول أحدهم الهروب عن أن يقع تحت مسئولية الشرطة بحال من الأحوال عندما يرى شرطياً أو عندما سيارة المرور فيسرع السير ويؤدي به ذلك إلى أن يقع في أمر يذهب بأرواح الناس، وقد يعرض حياته نفسه للتلف ، فإذن إرخاء العنان لهؤلاء الأولاد مفسدة في الأرض، فعلى الناس أن يتقوا الله وأن يدرءوا هذه المفسدة عن أنفسهم وعن أولادهم .

* البعض يتأثر عاطفياً لأن ولده يبكي إذا حرمه من القيادة .

** هل الأولى أن تمسح دموعه بتعريضه للتلف.

* لدي صديق كان يقود سيارته وبجانبه زوجته وفجأة صدمتهم سيارة من ناحية الزوجة مما أدى إلى وفاتها في الحال مع العلم أن سرعته لم تتجاوز خمسين كيلو متراً في السيارة وأن سبب الحادث صاحب تلك السيارة التي صدمتهم ، فهل على صديقي كفارة ارتكاب القتل الخطأ؟

** بما أنه لم يتسبب في القتل وإنما المتسبب الطرف الآخر تكون الكفارة على المتسبب وليست على غير المتسبب .














سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

الثلاثاء 17 ذي الحجة 1429 هـ
الموافق 16 من ديسمبر 2008م

البراء 17-12-2008 10:58 PM

* أنا رجل أشكو من أمراض القلب كالكبر والحسد وعدم الإخلاص الحقيقي لوجه الله تعالى ، وأحس في أكثر الأحيان وكأنني أعمل أشياء وأراعي فيها ماذا سيقول الناس في ، وأنا مستاء من حالتي وكثيراً ما يقع لي هذا ، ولكنني أسرع في مراجعة نفسي وإهانتها لكي يذهب عني ما بي ، فما الحكم في هذا ، ما الحل لكي أنزع هذه الأمراض تماماً من قلبي ؟ وأريد أن أكون مثلكم في الإخلاص ؟

** استغفر الله ، استغفر الله ، استغفر الله ، نسأل الله تعالى العفو والعافية ، على أي حال نسأل الله تبارك وتعالى لنا جميعاً العفو والعافية والمعافاة التامة في الدين والدنيا والآخرة ، لا ريب أن القلب يقع بين جزر ومد ، تطغى عليه مؤثرات نفسية ومؤثرات أخرى فيتزعزع ويتزلزل ، وطبيعة الإنسان الضعف ، الإنسان ضعيف جداً ، وإنما عليه أن يعتصم بالله ، ولذلك الله تبارك وتعالى أمر أن يفزع الإنسان إليه مستعيذا بالله سبحانه وتعالى من الشيطان الرجيم يقول عز من قائل ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (الأعراف:200-201) ، يقول سبحانه وتعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأعراف:200) ، فالإنسان مأمور أن يلجأ إلى ربه سبحانه وتعالى مع إحساسه بمثل هذه المؤثرات التي تطغى على نفسه .
ولا ريب أن الإنسان عندما يدّكر ويتراجع يدرك أن ما كان عليه إنما هو خطأ ، فإن كان يرائي الناس فماذا عسى أن يفيده الناس إن عمل من أجلهم ؟ الناس كلهم لا يملكون لأي أحد نفعاً ولا ضرا ، على أن كل أحد منهم فاني ، ولو كان وصل إليه ما وصل من علم ذلك العمل فامتلأ إعجاباً به فإن هذا الإنسان هو فانٍ . ماذا عسى أن يفيد هذا العامل من إعجاب هذا الإنسان الفاني مثله لعمله ؟ أو ليس أولى له أن يعمله لوجه الله تبارك وتعالى الباقي الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، الذي يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، لا ريب أن العاقل يدرك أن المصلحة إنما في أن يعمل ذلك لوجه الله تبارك وتعالى لا من أجل الناس ، وما قيمة الناس ؟ الناس كلهم مهما كانت أقدراهم ، ومهما كانت منازلهم ومهما كان شأنهم في هذه الحياة إنما هم عباد لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرا ، ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشورا ، فضلاً عن أن يملكوا لغيرهم ، فلا يحق أن يُعمل لأي أحد منهم ، إنما العمل يجب أن يكون لله سبحانه وتعالى .
ثم إن كان الإنسان أيضاً مغروراً بعمله ، أو مغروراً بعلمه ، أو مغروراً بجماله ، أو مغروراً بماله ، أو مغروراً بمنصبه ، أو مغروراً بأي شيء مما خوله في هذه الحياة الدنيا فعليه أن يدرك أن ذلك إنما هو خيال عابر وظل زائل ، الدنيا كلها لا تسوى شيئا . فماله وللإعجاب بما أوتي في هذه الدنيا من علم أو ما صدر منه من عمل وما أوتيه من مال ، أو أوتيه من جاه ، أو أوتيه من منصب أو أوتيه من جمال أو أوتيه من أي شيء من هذا القبيل . هذه حلية معارة لا تلبث أن تسترد ، فلذلك على الإنسان يستبصر ، وأن لا يغتر بشيء من ذلك .
ولا ريب أن الإدّكار من شأن المؤمنين ، فبما أن هذا الرجل يخبر عن نفسه بأنه يدرك ويرعوي ويحاول أن يهين النفس ، وهو في الحقيقة يعزها بهذا لا يهينها ، إنما كلما أهانها أعزها ، فبقدر ما يشتغل الإنسان بكبح جماح النفس يكون قد أعزها وقد انتشلها من ضياعها وقد سلك بها السبيل الأمثل الذي يؤدي بها إلى الكرامة ، فهو على أي حال مادام على هذه الحالة نرجو له التوفيق ، ونرجو له السداد إن شاء الله ، والله تبارك وتعالى يعينه ، وقد قال عز من قائل ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69) ، فعليه أن يجاهد نفسه في الله ، والله سبحانه وتعالى يهديه إلى السبيل الأمثل ، وهو بهذا يكون في عداد المحسنين إن شاء الله .


* من ذهل عن ذكر اسم الله تعالى أثناء الذبح ثم تذكر بعد ذلك بقليل فذكر اسم الله حين ذاك ، فما الحكم الآن وقد وقع ذلك مع أن هذه الذبيحة ملك للغير وقد أُكلت فهل يجب الضمان وعلى من ؟


** هذه المسألة وقع فيها خلاف بين أهل العلم كثيرا ، وقع خلاف في وجوب ذكر اسم الله تعالى عند الذبح أو عدم وجوبه ، وهل تحرم الذبيحة إن لم يذكر الله تعالى عليها أو لا تحرم ، وهل يُفرّق بين حالة وحالة . هذا مما وقع فيه الخلاف ، وقد وصلت الأقوال إلى ستة أقوال وإنما أشهرها ثلاثة : قول من قال بأن تارك ذكر اسم الله تعالى تحرم ذبيحته على الإطلاق . وقائل آخر بأنه لا تحرم على الإطلاق ، وقائل بالتفرقة بين حالتي العمد والنسيان . هذه هي الأقوال التي اشتهرت وإن كانت هنالك أقوال ثلاثة أخرى أيضا .
والقول بأنه تحرم الذبيحة إن لم يذكر اسم الله عليها على الإطلاق هو القول الراجح ، لأن الله تبارك وتعالى يقول ( فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْه)(الأنعام: من الآية118) ، ومعنى ذلك الأمر وهو أمر إباحة بأكل ما ذكر اسم الله عليه ، ويستفاد من هذا المنطوق مفهوم أن ما لم يذكر الله عليه لا يؤكل ، وهذا الذي دل عليه المفهوم هنا دل عليه منطوق في قوله تعالى ( وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ)(الأنعام: من الآية121)، وكذلك ما نراه من الأمر بالذكر في قول الله سبحانه وتعالى ( يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ )(المائدة: من الآية4)، كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلّم : ما قطع الجلد وأنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ليس السن والظفر . إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي تدل على اشتراط ذكر اسم الله تبارك وتعالى سواء عند إرسال السهم أو إغراء الجارحة أو عند استعمال النصل في الذبح أو النحر إنما يشترط ذكر اسم الله تبارك وتعالى حسب دلالة القرآن وحسب دلالة السنة .
أما الذين قالوا بخلاف ذلك فقد تأولوا هذه الآيات وهذه الروايات تأويلات قد تكون بعيدة أحياناً ، ذلك لأنهم قالوا مثلاً في قول الله تعالى ( وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ)(الأنعام: من الآية121)، بأن الآية الكريمة إنما قيدت المنع بكون ما لم يذكر اسم الله تعالى عليه فسقاً والفسق بينته آية أخرى وهي قوله تعالى ( أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِه)(الأنعام: من الآية145) ، أي ما نُحر لغير وجه الله تبارك وتعالى ، فما نحر به مثلاً للصنم أو لقبر أو لأي شيء مما يتقرب إليه من دون الله سبحانه وتعالى فذلك مما أهل به لغير وجه الله تعالى فلا يحل أكله ، هؤلاء قالوا كذلك بأنهم جعلوا الواو في قوله ( وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ)(الأنعام: من الآية121) ، واو حال ولم يجعلوها عاطفة ، وقالوا بان العطف هنا لا يصح لأجل تغاير ما بين المعطوف والمعطوف عليه بحيث إن الجملة المعطوف عليها جملة إنشائية والجملة المعطوفة جملة خبرية فلا يعطف الخبر على الإنشاء ولا العكس ، هكذا قالوا ولكن هذا الكلام مردود ، والعطف عطف الخبر على الإنشاء سائغ وله شواهد كثيرة في القرآن من ذلك قول الله تبارك وتعالى ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّه)(البقرة: من الآية282) ، وقوله ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ)(البقرة: من الآية221) ، فنجد هنا عطف الخبر على الإنشاء ، وكذلك قول الله تبارك وتعالى ( وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)(النور: من الآية4) ، هذا أيضاً فيه عطف خبر على إنشاء . هذا مما يتكرر كثيراً في القرآن فهو دليل على أنه لا مانع من عطف الخبر على الإنشاء والإنشاء على الخبر ، والواو لا تحمل على أنها واو حال إلا عند تعذر العطف ولم يتعذر العطف هنا ، فلذلك لا يمكن أن تُحمل على معنى الحال مع أن الحال في مثل هذه الحالة لا تحتاج إلى تأكيد وقد أكدت هذه الجملة بقوله تعالى ( إن ) وبدخول اللام ( وَإِنَّهُ لَفِسْق)(الأنعام: من الآية121) ، هذا كله ما يدل على أن الجملة هذه غير جملة حالية وإنما هي جملة خبرية سيقت لأجل تأكيد ذلك الحكم المذكور في الجملة المعطوفة السابقة .
هذا هو الذي يتبين فلذلك نحن نأخذ برأي من قال بالتشديد في هذا أخذاً بدلالة القرآن وبدلالة الأحاديث الكثيرة عن الرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام ، ولكن بقي أن بعض العلماء قالوا بأن من نسي فهو معذور ، وهؤلاء استدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلّم : عفي عن أمتي الخطأ والنسيان . وفي هذا الاستدلال أيضاً نظر لأن الله تعالى لم يقل ولا تذبحوا إلا بذكر اسم الله . وإنما قال ( وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ)(الأنعام: من الآية121) ، فالنهي منصرف إلى نفس الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه سواء كان ترك الذكر عمداً أو نسياناً ، ولا دليل على تخصيص النسيان ، ولكن بما أن هذا الرجل وقع في هذا الخطأ ، ولم يكن متعمداً له ، وقد نسي أو تناسى في ذلك الوقت أن ينبه الذين أكلوا من هذه الذبيحة ، وقد أكلوها وهم يعتقدون حلها مع أن هنالك قولاً لبعض علماء المسلمين بالحل فلا نرى تضمينه بسبب ذلك ، وإنما عليه أن يحذر في المستقبل ، والله تعالى أعلم .














سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الأربعاء 18 ذي الحجة 1429 هـ
الموافق 17 من ديسمبر 2008م

البراء 19-12-2008 10:59 AM

معاملة غير صحيحة
∎ عندي ناقة صغيرة وأريد أن أعطيها أحد جماعتي لرعايتها وتأديبها ويكون هو يتحمل الانفاق عليها من اطعامها ورعايتها وإذا اردنا بيعها يكون له نصف القيمة ولي النصف الآخر وذلك يرضي نفسي ونفسه وإذا لم نبعها يرجع لي ناقتي ولا أرجع له أي مبلغ وهو راض بذلك وهكذا اتفقنا؟
- هذه معاملة غير صحيحة فأطعم ناقتك بنفسك ولا توليها غيرك والله أعلم.

نعم
∎ رجل له اخت تعيش معه في بيت واحد من العائلة التي يعولها وفي قبضته مال لها وأموال مشتركة بينها وهو المنفق على اصلاح الاموال ويأخذ غلتها لنفسه وقد صارت عليه لها بذمته نقود من ثمن ما باعه من مالها وغير ذلك وعاشا معا سنين والنقود التي عليه لها بذمته ثم سلمها ما عليه منها. والسؤال ان تلك النقود التي عليه لها لم تزك طوال تلك السنين التي عاشت معه فهو الآن يريد ان يزكيها عن تلك السنين من ماله فهل تبرأ ذمتها وذمته إذا زكاها هو فهو يعتبر نفسه انه السبب في تضييع الزكاة لأن اخته فوضته غاية التفويض في مالها فيصعب عليه ان يثقل عليها بزكاتها نرجو ان تتفضلوا بالجواب؟ أما أموالها فهو يقيمها ويستغلها وهي تعيش معه وحصل شيء من تضييع زكاة ثمارها فهو يريد ان يخرج ما ضاع من زكاة ثمارها، هل يجزي ذلك ايضا؟


- إذا أخرج زكاة هذه النقود من ماله بسبب إهماله لاخراجها في أوانها فإنه تبرأ ذمته وذمة اخته من هذه الزكاة والله أعلم.

حسن العشرة واجب
∎ إذا كانت المرأة تكره زوجها ولا تريد البقاء معه بسبب اسلوبه ومعاملته السيئة لها وهو يعلم بذلك فماذا عليها ان تفعل مع العلم انه يمنعها من الاتصال بأي أحد من أقاربها أو أهلها لتخبرهم بما يحصل لها ويمنعها من الخروج من البيت؟

- على الرجل ان يحسن عشرة زوجته وأن يؤدي لها جميع ما يجب عليه لها فإن أساء العشرة او قصّر فيما يجب عليه فلترفع أمرها الى القضاء الشرعي والله أعلم.

لوليها الحق
∎ إذا تعلقت بنت كبيرة برجل غير كفء (من الموالي) وهي تريده وتصر عليه، والولي يرفض فهل يزوجها الشرع بغير رضا وليها من هذا غير الكفء؟

- لوليها الحق في عدم تزويجها بغير الكفء لها ولو اتفق أولياؤها إذا كان لها جملة من الأولياء على تزويجها له واعترض واحد منهم وعارضهم في تزويجها كان له الحق في ذلك والله أعلم.

الصلاة أولى
∎ ان المصلين في يوم الجمعة يأتون متأخرين وقد بدأ الامام بالخطبة فيصلون سنة تقديم. فهل الأولى أن يصلي أم يجلس ويستمع للخطبة؟

- الأولى ان يصلي سنة التحية ركعتين ولا يطيل فيهما القراءة والله أعلم.

يجوز ان يوصي
∎ رجل أراد أن يوصي بمائة ريال من زكاة ماله وان يوصي بمائة ريال لزمته من زكاة مال غيره وبخمسين ريالا لزمته من زكاة شخص آخر فهل يجزيه أن يوصي بذلك كله جملة واحدة فيقول في وصيته أوصيت بمائتين وخمسين ريالا زكاة وهو في بيته وقصده ذلك الذي لزمه من زكاة ماله والذي لزمه من زكاة مال غيره أم عليه ان يعين ويفصّل؟

- يجوز أن يوصي بهذه الزكاة جملة واحدة مع نيته بإيصاء ما عليه بنفسه وما بذمته من الزكاة الواجبة على غيره والله أعلم.

فتاوى
لفضيلة الشيخ سعيد بن خلف الخروصي


جريدة عُمان
الجــمعة 20 من ذي الحجة 1429 هـ
الموافق 19 من ديسمبر 2008م



البراء 19-12-2008 11:15 AM

*ما حكم إزالة شعر اللحية والشارب لدى المرأة بقتل جذور هذا الشعر وكيه؟

**على أي حال المرأة لها طبيعة خاصة، ولها مظهر خاص، فعندما تكون المرأة بهذه الحالة أي يكتسي وجهها بالشعر لا ريب أن ذلك يشوه جمالها ويؤثر على أنوثتها، وقد يُنفّر ذلك الرجل منها، فلذلك كان لا حرج عليها في أن تزيل الشعر.
ولكن من حيث قتل الجذور بالكي بالنار فإن ذلك يتوقف على عدم تشويه الوجه وعدم الإضرار بالصحة، لا بد من اجتماع هذين العنصرين في ذلك .

*ما حكم زراعة ونقل الشعر سواء كان الطبيعي أو الصناعي بالنسبة للأصلع أو المتعرض
للأمراض التي أدت إلى تساقط شعره أو الحروق أو الحوادث التي أدت أيضاً إلى زوال الشعر؟

**على أي حال إن كان هذا الصلع أدى إلى تشوه وأمكن زرع شعر صناعي من غير أن يكون ذلك ضاراً بالجسم فلا حرج في ذلك، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلّم أباح لعرفجة لما قُطعت أنفه في الحرب أن يصنع أنفاً من الورق أي من الفضة، ولما نتنت أنفه أباح له أن يستبدل بها أنفاً من الذهب، في هذا ما يدل على أن ما يؤدي إلى التشوه، ويؤدي إلى انقلاب الصبغة بسبب حادث من الحوادث فلا حرج.
وكذلك بالنسبة إلى المرأة ، لو كانت هذه المرأة هي بحاجة إلى زرع الشعر بسبب صلعها ولو كان هذا الصلع أمراً طبيعياً فيها، أي لم يكن بسبب حادث من الحوادث إلا أنه بسبب كونه منفراً للرجل منها ، فقد ينفر منها زوجها، وإن كانت غير ذات زوج وهي تتطلع إلى الزواج قد لا تجد من يتزوجها وهي على هذه الحالة، فلا حرج عليها في أن تكتسي بشعر يزيل عنها هذا المنظر المشوه لها، لا حرج عليها في هذا، ولا يعد ذلك تبديلا لخلق الله، وفي إباحة النبي صلى الله عليه وسلّم لعرفجة دليل على جواز هذا.

*بالنسبة للصلع المشوه للرجل ما هو الضابط حتى يقال بأن هذا الصلع مشوه أو لا؟

**قد يكون الصلع طبيعياً وهذا طبيعة في بعض الرجال، بعض الناس يأتيهم الصلع، لكن قد يكون مشوهاً بحيث أنه وقع نتيجة حادث حرق للرأس أو لجلدة الرأس حتى صار الرأس مشوهاً، في هذه الحالة لا حرج من علاج هذا التشوه .
سؤال: تابع
وفي الحالات الاعتيادية ؟

الجواب :
الحالات الاعتيادية لا . لا داعي إلى ذلك .


*ما حكم تصغير الأنف أو تكبيرها؟

**على أي حال كل خلق الله حسن كيفما كان، وليصبر الإنسان على ما ابتلي به، لأن التصغير والتكبير وغير ذلك من هذه الأمور قد تؤدي بالإنسان إلى الإقدام على شيء لا يحمد عاقبته، نفس العمليات هذه فيها مخاطرة.
نعم لو وصل الأمر إلى حد استقباح الإنسان بحيث كان الرجل مثلاً لا يجد زوجة أو كانت المرأة لا تجد زوجاً ، ولم يكن في ذلك شيء من الخطورة عليهما فإن العلاج بقدر ما يمكن أن يعيش الإنسان في حياة طبيعية اجتماعية لا حرج عليه في ذلك، أما بدون هذا فإنه ينبغي للإنسان أن يكون حذراً من الإقدام على مثل هذه الأمور.


*هل يصح لمن فقد عضواً من أعضائه أن يشتري مثل ذلك العضو من كافر؟

**أولاً ليس من السائغ لا للمؤمن ولا للكافر أن يبيع شيئاً من أعضائه، الأعضاء لا يتصرف فيها الإنسان.
هب أن أحداً من الناس قُطعت يده أو قطعت رجله أو قُطع شيء من ذلك هل يجوز لأحد من الناس أو يؤثره برجله، أو أن يؤثره بيده، أو أن يؤثره بأي شيء من أعضائه؟ لا.
ولئن كان لا يجوز الإيثار في هذا فكذلك البيع .
والإنسان عليه أن يستشعر نعمة الله فكيف يبيع عضواً من أعضائه لغيره مع أنه يملك منفعة ذلك العضو ولا يملك رقبته، الإنسان لا يملك أي شيء من أعضاء جسمه وإنما يملك المنفعة فلا ينبغي أن يُفتح هذا الباب.
ثم من ناحية أخرى فإن الإنسان في أمور ما قد ينتفع بما عند الكافر، لو كان هذا الكافر عنده دم زائد عن حاجته لا حرج إن تبرع به لمسلم أو إن أخذه منه مسلم بطريقة أو بأخرى لا حرج في ذلك لدفع الضرورة عنه لأن الضرورة تبيح مثل هذه التصرفات بشرط أن تكون بقدر الحاجة من غير خروج عن حدود الاعتدال.














سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة





جريدة الوطن
الجــمعة 20 من ذي الحجة 1429 هـ
الموافق 19 من ديسمبر 2008م



البراء 25-12-2008 11:20 AM

* إلى أي حد يمكن أن تتنازل المرأة عن حقوقها للرجل ؟
** إن كانت هي نزلت عن حقوقها برضاها ، ومكنته من مالها برضاها فليس عليه حرج في أن ينتفع بذلك ، أما إذا كان ذلك بسبب الحياء ، أو كان بسبب الضغط عليها فذلك حرام ولا يجوز أن يرزأها ولا فلسا واحدا .

* تلجأ بعض النساء إلى عمليات ربط الرحم ، فما قولكم في مثل هذا لأن البعض عمل مثل هذه العمليات ووجه من قبل البعض إلى الكفارة ؟
** ربط الرحم لا يصار إليه إلا مع الضرورة القصوى ، الضرورة تقدر بقدرها ، فإن كانت هنالك مشكلة في الحمل وكانت هذه المشكلة مشكلة آنية فإنها يمكن أن تتجنب الحمل بعلاج آني لا بعلاج أبدي ، وإن كانت المشكلة مستعصية بحيث لا يمكن أن تحمل مطلقاً في الحال ولا في المستقبل عندئذ لا مانع من ربط العنق ، ولا داعي إلى إلزامها الكفارة ، ما معنى هذه الكفارة ؟
أما إن كانت تورطت ووقعت في ورطة فنحن لا نقول بلزوم الكفارة وإن كان أصحابنا من أهل المغرب يرون أن على كل معصية كبيرة كفارة ، ولكن لا دليل على ذلك ، فلا نستطيع إلزام أحد أن يكفّر إلا بدليل ثابت إما من الكتاب العزيز أو من السنة النبوية ولا سيما أن الكفارات كالحدود ، والحدود إنما تثبت بالنص ولا تثبت القياس ، ولكن مع ذلك نقول بأنها مأمورة بأن تفعل خيراً لتكفّر خطيئتها يقول الله تبارك وتعالى ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)(هود: من الآية114) ، والنبي صلى الله عليه وسلّم يقول : أتبع السيئة الحسنة تمحها .



* هل المرأة ملزمة بخدمة أم الزوج ؟
** أما كونها ملزمة فهي غير ملزمة ، وإنما ذلك من البر والإحسان ، ومن حسن المعاملة ما بين الزوجين ، وعلى أسرة الزوج أيضاً أن ترعى هذه الزوجة ، وأن تحسن إليها ، وأن يكون الإحسان ما بين الجانبين متبادلاً ، وأن تكون العلاقة بين الجانبين موطدة بحسن المعاملة ما بينهما ، هذا هو الواجب على الجميع .


* ما حكم المرأة التي ترفض الذهاب مع زوجها إلى بيته لعدم راحتها النفسية هل يسعها ذلك ؟
** إن كانت تحس بضيق فعلى أي حال لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، لكن إن كان ذلك محتملاً فلتطع زوجها ولتحتمل ذلك ولتحتسب أجرها والله تبارك وتعالى يشرح صدرها ، ولتسأل الله أن يشرح صدرها .


* من يتزوج زوجتين وربما يفضي به الغضب إلى منع أبنائه من بعض الأمور مقابل إباحة شيء للأبناء الآخرين ، محور القضية عدم العدل بين الأبناء أو الزوجات سبب للخلاف كيف يتم حل ذلك ؟

**على من تزوج امرأتين فصاعداً أن يعدل بين نسائه ، وأن يتقي الله تعالى ، مثال مما جاء عن الإمام أبي الشعثاء رحمه الله تعالى أنه قال كما جاء في تفسير الألوسي قال : إن لي امرأتين وإني لأعدل بينهما حتى أني أعد القبل . أي يقبل هذه بقدر ما يقبل هذه ، لا يزيد في تقبيل هذه عما يكون منه تجاه هذه ، هكذا الحرص على العدل بين النساء .
وبالنسبة إلى الأولاد أيضاً عليه أن يحرص على العدل بينهم ، والنبي صلى الله عليه وسلّم بيّن ذلك عندما جاء بعض أصحابه وأراد أن يعطي بعض بنيه شيئاً من المال قال : أكل ولدك نحلت مثل هذا ؟. .قال : لا . قال : لا تشهدني على جور . قال : لا أشهد على باطل . وقال : أشهد غيري . ومعنى ذلك أنه معرض عن ذلك ، لا يقبل هذه المعاملة ، فهذا يدل على أن الأب عليه أن يعدل بين أولاده ، وأن يتلطف بهم جميعاً ، وأن يحسن عشرتهم جميعاً ، وأن يحرص على أن لا يحس أحد منهم بميله إلى الطرف الآخر أكثر من ميله إليه ، بل يجعلهم سواء ، وهذا لأجل التواد والتراحم فيما بينهم ، ولتكون العلاقة ما بين الأولاد علاقة حميمة قائمة على تقوى الله تبارك وتعالى وعلى المودة والمحبة والوئام ، لا أن تكون علاقة تنافر وتشاجر ما بين هؤلاء الأولاد فإن ذلك ليس من مصلحة الأب في حياته ولا في مماته ، فليتق الله وليحرص على العدل بينهم .



* هل يصح قطع النسل إذا وجد مرض وراثي مشترك بين الزوجين ؟

** الضرورة تقدر بقدرها ، فإن كان ذلك أمراً متيقناً ويفضي إلى ما لا يحتمل فإن ذلك يقدر بقدره .


* هل يجوز للمرأة التصرف في مالها الخاص بدون إذن زوجها ؟
** المرأة ذات حق في الملكية ، ولذلك كانت وارثة كما يرث الرجل ، فقد فرض الله تبارك وتعالى لها حصة في الميراث كما فرض للرجل أيضاً حصة في الميراث وقال عز وجل ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) (النساء:7) ، فللرجل حق في الإرث وللمرأة حق في الإرث ، ومعنى ذلك أن لكل واحد منهما حقاً في التملك ، فبما أن كلاً منهما يتملك فإذن لكل منهما التصرف في ملكه ولا يلزم أن يرجع إلى الآخر ، فالمرأة لها أن تتصرف في ملكها بالعطاء والتصدق أو بغير ذلك من وجوه التصرف من غير أن ترجع إلى زوجها ، وإن وجدت رواية عن الرسول صلى الله عليه وسلّم تمنع من ذلك فإن في هذه الرواية من حيث المتن نظراً بسبب أن الأصل في الملكية لصاحبها أن يتصرف فيها ، والمرأة مطالبة بالصدقة ، ومطالبة بأداء الواجب المالي كما أن الرجل مطالب بذلك ، فلا معنى لربطها بالرجل وهذا مما يدل على أن الحديث من حيث المتن لا يخلو من نظر .













سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن

الخــميـس 26 من ذي الحجة 1429 هـ
الموافق 25 من ديسمبر 2008م

البراء 26-12-2008 11:33 AM

*ما نصيحتكم للعالم الإسلامي وهو يستقبل عاماً هجرياً جديداً؟
نبدأ أولاً بتهنئة المسلمين جميعاً بهذه المناسبة الغالية العزيزة، ونحن نرفع أكف الضراعة إلى الله تبارك وتعالى أن يجعل العام المستقبل عام يمن وبركة وخير ووئام ووفاق ما بين الأمة الإسلامية، بحيث يجمع الله فيه شتاتها، ويؤلف فيه بين قلوبها، ويوحد فيه كلمتها، ويغمرها الله تبارك وتعالى بألطافه، وينتشلها مما وقعت فيه من الضياع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يمن على هذه الأمة بالنصر العتيد والتمكين في الأرض وتمكين دينها الذي ارتضاه لها سبحانه وتعالى.
ثم مع هذا نقول بأن مرور الأعوام فيه عِبر للأفراد وللمجتمعات وللأمم، فلذلك على كلٍ أن يحاسب في مثل هذه المناسبة نفسه.
هذه مرحلة من حياة البشر، مرحلة من حياة الفرد مرت، ومرحلة من حياة المجتمع، ومرحلة من حياة الأمة، فإذن على الأمة أن تحاسب نفسها.
نحن عندما أشرقت إشراقة القرن الهجري الجديد بعدما مر القرن الرابع عشر تطلعنا إلى أن يكون القرن الجديد قرن وئام ووفاق بين الأمة، وأن يريح الله تبارك وتعالى فيه هذه الأمة بعدما أصيبت بما أصيبت به في القرن الذي مضى من التفرق والاختلاف والشقاق والنزاع والهزيمة وضياع المقدسات إلى غير ذلك مما رُزأت به هذه الأمة، ورجونا أيضاً للإنسانية الخير في القرن الهجري الذي نحن فيه، ذلك لأن القرن الذي مضى كان قرن مآسي لا بالنسبة إلى الأمة الإسلامية فحسب بل بالنسبة إلى الإنسانية قاطبة، وحسبنا لو نظرنا نظرة إلى الحربين العالميتين وما خلفتاه من دمار كبير، وما كان فيهما من حصد أرواح لا تحصى، هذا دمار، هذا مما لا يتمناه أي أحد فيه ذرة من خير لهذه الإنسانية، إنما الكل يتمنى أن تكون الإنسانية في خير وأن تسعى إلى الخير دائماً لا أن تسعى إلى دمارها.
ومضى الآن ربع قرن، والآن نستقبل الربع الثاني من هذا القرن الهجري فهل نجد أن المسلمين حاسبوا أنفسهم؟
فنحن على أي حال نذكّر المؤمنين جميعاً بأن من واجبهم أن يحاسبوا أنفسهم، وأن يسعوا إلى جمع شتاتهم وتوحيد صفهم والتفاف بعضهم حول بعضهم من أجل التعاون على الخير، من أجل الدعوة إلى الله، من أجل إبلاغ رسالة الإيمان إلى الخلق، من أجل تبصير هذه النفوس بما فيه صلاحها وبما فيه رشدها وبما فيه منفعتها.
هذا من واجب المسلمين أن تتضافر عليه جهودهم، ومع هذا فإن على كل فرد أيضاً أن يحاسب نفسه بماذا أسهم في هذا، فإن الأمم إنما تتكون من الأفراد، والمجتمعات تتكون من الأفراد، فلا يمكن أن تسعد أمة إلا عندما يكون أفرادها ساعين إلى الخير، دعاة له، حاملين له إلى الناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فهذه مسئولية الأفراد، فعلى كل فرد إذن وهو يمر بهذه المناسبة أن يحاسب نفسه على ذلك.

الدرجة التي بلغها الصحابة مهاجرين وأنصارا في بذلهم وعطائهم، فالمهاجرون تركوا ما تركوا والأنصار استقبلوا المهاجرين بذلك الصدر الرحب فقاسموهم أموالهم وأزواجهم، هل هذا محض توفيق من الله عز وجل، وهو لا شك أنه توفيق، ولكن هل هناك تسبب مسبق من قبل هؤلاء للعناية بأنفسهم زكاة وطهارة، أو أن هذا كان من قبيل الذي قد لا يتصور أنه يتكرر هيأه الله عز وجل للتكوين الإسلامي في ميلاده؟
هذا إنما يعود إلى الإيمان، عمق الإيمان هو الذي يفعل العجب في الإنسان، فالإيمان رسخ في قلوب هؤلاء، وبقدر رسوخ هذا الإيمان كانت العناية الإلهية بهؤلاء الناس حتى استعلوا على الطبائع البشرية المألوفة، فكانوا أمة مثالية في مودة بعضهم لبعض وترحيب بعضهم ببعض وحرص بعضهم على مصلحة بعض، هكذا كل ذلك إنما كان بعمق أثر الإيمان في نفوسهم.














سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الجمعة 27 ذي الحجة 1429 هـ
الموافق 26 من ديسمبر 2008م


البراء 31-12-2008 11:35 AM

*المكان الذي نصلي فيه تقوم بتنظيفه نساء، فهل تجوز الصلاة فيه؟

**أنا أعجب من هذا السؤال، وكيف يصدر من طالب يدرس في مرحلة جامعية!! هل المرأة رجس؟ عجب كيف يقال بأن الصلاة لا تجوز في مكان تنظفه النساء. ما هو السبب في ذلك؟ هذه نظرة غير نظرة إسلامية، هذه نظرة جاهلية، فالمرأة ليست نجسة، إنما المرأة طاهرة كالرجل حتى ولو كانت في فترة حيض مثلاً، حيضتها لا تعني نجاسة جسمها كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه كان يدخل مع الحائض في لحاف واحد، وثبت عنه عليه أفضل الصلاة والسلام أنه كان يتعرق اللحم الذي تتعرقه الحائض فيضع فاه حيثما وضعت فاها كما جاء ذلك في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها .
وعندما طلب منها أن تناوله الخمرة أي الفراش الذي يصلي فيه وقالت له إني حائض قال لها: ليست حيضتك في يدك. فهذا يدل على أن بدن الحائض طاهر فلا يقال بأن المرأة هي نجسة، هذا كلام لا يسوغ.
ولو قدرنا أن بدنها نفسه نجس ـ لو قدرنا ذلك بطريق الفرض لا بطريق التسليم ـ فإن ذلك لا يعني أن كل ما لاقى هذا البدن يتنجس، إذ البدن النجس لا يؤثر على الطاهر الذي يلقاه إن كانا جميعاً يابسين .
فكيف يقال بأن المكان الذي تنظفه المرأة لا تجوز الصلاة فيه .

أنا أعجب من هذا السؤال وأن يصدر من طالب ولعله في المرحلة الجامعية أو ما بعد هذه المرحلة الجامعية .

*امرأة تفوتها في بعض الأحيان صلاة الفجر فتصليها في وقت متأخر بعد طلوع الشمس، وهناك من قال لها عليك أن تصليها مع الظهر، لكنها سمعت أيضاً أنها تصليها فور قيامها فما الحكم؟

**الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا تذكرها. فمن نام فليصلها في وقت يقظته، ومن نسي صلاة فتذكرها فليصلها إذا تذكرها، وإن كان ذلك الوقت وقتاً لا تصح فيه الصلاة فلينتظر حتى ينتهي الوقت الذي لا تجوز فيه الصلاة.
والأوقات التي لا تجوز فيها الصلاة هي ثلاثة أوقات: وهي حال طلوع الشمس، بداية طلوع الشمس عندما يخرج شعاع من الشمس حتى تستكمل طلوعها، وعندما يبتدأ غروب الشمس حتى ينتهي غروبها أي تكون غاربة تماماً، وعندما تكون في كبد السماء في الحر الشديد أي عندما تتكون في وسط السماء بين المشرق والمغرب في وقت شدة الحر، وأما في بقية الأوقات فإن من استيقظ في وقت فعليه أن يصلي في ذلك الوقت الذي استيقظ فيه وأن لا يؤخر الصلاة إلى ما بعد ذلك، وكذلك الذي تذكر الصلاة في وقت فعليه أن يصليها في حال تذكره وأن لا يؤخرها إلى ما بعد ذلك، والله تعالى أعلم .


*ماذا يلزمنا إن وجدنا اسماً من أسماء الله الحسنى مكتوباً في ورقة أو آية من آيات القرآن الكريم، هل يجوز لنا حرقها أو قص كل حرف منها؟

**هي ولو قطعت حروفاً صغيرة فإن ذلك لا يقضي على حرمتها، حرمتها تكون باقية، ولذلك ينبغي في مثل هذه الحالة أن تؤخذ أسماء الله تعالى وما كان من الآيات القرآنية التي لا تمكن المحافظة عليها وما كان من كل ما هو مقدس أي بما فيه أسماء لله تعالى يجب أن يؤخذ ذلك ويتلف بطريقة إما أن يُرمى في بئر مهجورة بحيث تكون هناك طمأنينة بأنه لن يصل أحد إلى هتك حرمتها، وإما أن تدفن في أماكن بعيدة بعد وضعها في الأكياس، وإما أن تلقى في البحر، وإن تعذر ذلك كله فلا مانع من الإحراق، والله تعالى أعلم .

*رنين جرس الساعات المعلقة على الحائط ورنين أيضاً الساعات الموجود على أيدي المصلين، هل هذا يدخل ضمن الكلام على الهاتف النقال؟

**كل ما يشغل المصلين يجب أن يكافح، وأنا أعجب لماذا تكون في المساجد ساعات ترن، ينبغي أن تكون ساعات صامتة، الناس ليسوا بحاجة إلى أن يعدوا رنين الساعات وإنما هم بحاجة إلى أن يعرفوا الساعة من خلال نظرهم إلى عقاربها قبل دخولهم في الصلاة.



سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الاربعاء 3 محرم 1429 هـ
الموافق 31 من ديسمبر 2008م

البراء 06-01-2009 07:28 PM



* هل المأموم مطالب بقراءة الاستعاذة ؟
** نعم ، ما الفارق بين المأموم والإمام ؟ كل من يقرأ فعليه أن يستعيذ لا فرق بين إمام ومأموم ومنفرد .

*حديث ( يدخل الجنة سبعون ألفاً بغير حساب ولا عذاب وهم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) ، فهل مفاد هذا الحديث أن الإنسان لا يأخذ بالأسباب ؟

** لا ، فالأخذ بالأسباب مما يؤمر به ، والنبي صلى الله عليه وسلّم حض على العلاج ورقى عليه أفضل الصلاة والسلام بآيات قرآنية ، وكذلك رقى لنفسه عليه صلوات الله وسلامه ، وأخذ بالأسباب في كل شيء ، والقرآن يأمرنا بالأخذ بالأسباب في كل شيء ، فكيف مع ذلك لا يقال بأنه لا ينبغي للإنسان أن يأخذ بالأسباب .

* هل للمرأة حكم يغاير حكم الرجل في السجود ؟

** المشهور عند العلماء بأن المرأة تؤمر بأن تضم بعضها إلى بعض في سجودها ، وأن لا ترفع مؤخرتها كثيراً في حال السجود بخلاف الرجل ، هذا هو المشهور .
ومن العلماء من يرى أنه لا فرق بين المرأة والرجل في هذا ، ذلك لعدم وجود التخصيص في الشرع ، وإنما التخصيص مما يُفهم من وجوب الستر على المرأة ، وهي قد تكون تصلي داخل بيتها بحيث لا يطلع عليها رجل ولا يراها أحد إلا زوجها مثلاً أو من يراها من بنات جنسها ، فلا حرج في هذه الحالة أن تصلي كصلاة الرجل من حيث الهيئة .

** إذا أسقطت المرأة قبل أربعة أشهر فمتى تطهر ؟

** هذه المسألة وقع فيها خلاف كثير إذا كان ما أسقطته غير كامل الخلقة ، والذي نأخذ به هو رأي قطب الأئمة رحمه الله التفرقة ما بين المراحل ، فإن كان ما أسقطته علقة فحكمه سبعة أيام ، وإن كان مضغة فحكمه أربعة عشر يوماً ، وإن كان مضغة مخلقة فحكمه واحد وعشرون يوماً ، وإن كان كامل الخلقة فالمدة كلها وهي أربعون يوماً ، هذا إن استمر بها الدم ، أما إن رأت الطهر قبل ذلك فعليها أن تغتسل وتصلي .

*هل يصح أن تختلف نية الإمام عن المأموم في الصلاة بحيث يصلي الإمام فرضاً ويصلي المأموم فرضاً آخر ؟

** هذا مما اختلف فيه أهل العلم ، ونحن نود مع التوسع أن لا يكون ذلك ، أما مع الضيق فلا حرج إن شاء الله .

** هل يصح للمسافر أن يؤم الناس في الفريضة الثانية كأن يصلي المغرب ويؤم الناس في العشاء ويصلون معه سنة المغرب ، أو أنهم صلوا الظهر فيؤمهم في العصر ويصلون خلفه سنة الظهر ؟

* صلاة المتسنن خلف المفترض جائزة بلا خلاف .



سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 09-01-2009 11:40 AM



*بعض الناس يتصيدون الرخص ولربما أيضاً نيتهم أخرى فيسألون عالماً من العلماء مسألة من المسائل ويعملون بها حيناً من الزمن ثم يسألون عنها عالماً فيتركون ذلك الحكم ليأخذوا بالحكم الجديد فهل يصح لهم ذلك؟

**ما هو الداعي لتكرار السؤال؟ وما هو الباعث على ذلك؟ هل هذا كله من أجل محاولة التماس الرخص؟ ومحاولة الخروج من الدليل الشرعي أي الانفكاك من الدليل الشرعي؟ أو المحاولة هي محاولة استفادة علم ومعرفة، أما إذا كان ذلك العالم أفتى برأي واحد وفي المسألة آراء متعددة وهم يريدون الاستفادة من الآراء المتعددة، أو لأنه وقع في نفوسهم أنه ربما كان ذلك العالم عندما أفتى وهو غير حاضر الذهن فأرادوا التأكد من كونه حاضر الذهن إلى غير ذلك من الأسباب التي هي تعد مشجعة على هذا التصرف أما إذا كان المقصود من هذا أن يتصيدوا الرخص أو المقصود بهذا أن يوقعوا بين أهل العلم شيئاً من الاختلاف وشيئاً من الشقاق فذلك أمر غير جائز وعليهم أن يكفوا عنه والله تعالى يعلم سرائرهم .


*يحدث خلافاً بين العلماء ونحن لا نسميه خلافاً وإنما نسميه تعدد آراء لكن بعض الذين يأخذون برأي عالم من العلماء عندما يرون الآخرين قد أخذوا برأي عالم آخر يقرعونهم ويدعون أنهم هم الأفضل وعلى ذلك أن يترك الرأي الذي أخذه، ما هي نصيحتكم لهؤلاء؟

**إن كان الطرف الثاني عول على رأي عالم بلغ رتبة من العلم تمكنه من النظر في الأدلة الشرعية وإعطاء الحكم الشرعي بناء على نظره فليس لهم أن يقرعوه، وليس لهم أن يوبخوه، وليس لهم أن ينالوا منه قط، وإن كان إنما حاول أن يخالف ذلك العالم لهوى في نفسه ورغبة في المخالفة لا غير ذلك هذه مسألة أخرى والله يعلم السرائر.
والمسائل الفرعية يسع فيها الاختلاف، ولا يجوز فيها قطع العذر، ومن قطع عذر أحد فيها قُطع عذره لأنها مسائل فرعية، وكل واحد من العلماء يقول: قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب، هذا هو قول كثير من العلماء حسبما قرأنا عنهم .


*الذي يتردد أن الاختلاف بين العلماء رحمة، هل هذا الاختلاف في المسائل الفقهية أم أيضاً يشمل المسائل العقائدية؟

**الاختلاف في المسائل الفقهية هو اختلاف رحمة ولئن كانت المسائل العقدية لا تصل إلى القطع بحيث لم يكن هنالك دليل قطعي لقول أحد من الناس وإنما كان يترجح رأي من الآراء عند أحد بسبب ما يراه من القرائن التي تؤيد رأيه فالقضية أيضاً لا تتعدى أن تكون قضية رأي ويجوز فيها الاختلاف .

أما إن كان الأمر بخلاف ذلك بحيث يرد أحد دليلاً قطعياً ثابتاً في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم المتواترة وكانت دلالته نصية ولم تكن دلالته ظاهرة فحسب فإن هذا هو الذي يرد، والذي لا يجوز الاختلاف معه، ويكون الاختلاف معه نقمة بدلاً من أن يكون رحمة. وأيضاً حتى في المسائل الفقهية لو رد أحد من الناس حكماً فقهياً منصوصاً عليه في كتاب الله تعالى أو في السنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه فإنه لا يعتبر ذلك الاختلاف رحمة. الاختلاف الذي هو رحمة إنما هو الاختلاف في فهم الأدلة إذا كانت هذه الأدلة ليست نصية، ويكون الاختلاف في أيضاً رحمة في ترجيح دليل على دليل إذا كانت هذه الأدلة في نفسها ظنية بحيث كانت ظنية المتن وذلك كالأحاديث الآحادية، والله تعالى أعلم .


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 13-01-2009 12:32 PM

*هل يجوز شرعأ اختيار جنس الجنين، الآن هناك بحوث مكثفة تجرى من أجل أن يتحكم الأب والأم في جنس الجنين فيختارونه تارة ذكرا ًويختارونه تارة أثنى، وهذه البحوث وإن لم تظهر على الساحة بشكل واسع إلا أنها بدت تخطو خطواتها الأولى واقعاً، فهل يجوز ذلك شرعا ؟

**بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن حكمة الله تبارك وتعالى اقتضت أن يكون الجنس البشري كسائر الأجناس الحية الأخرى يتكون من نوعين من الذكر والأنثى ليتم بينهما التكامل. هو تعالى حكمته اقتضت أن يتفاوت الناس فيما يوهبون من هذين النوعين منهم من يوهب الذكور، ومنهم من يوهب الإناث، ومنهم من يوهب من كلا الجنسين، ومنهم من يحرمهما جميعا، يقول تعالى (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً) (الشورى:49ـ50).
هذه هي إرادة الخالق وهذه هي حكمته، والإنسان مهما أوتي من طاقات العقل وملكات التفكير إلا أن عقله يرتد خاسئاً ذليلاً أمام جبروت العزة الإلهية وأمام حكمة الله تبارك وتعالى البالغة التي تعجز عقول البشر أن تكتنهها كما هي، فلذلك ما كان على الإنسان إلا أن يسلم تسليما .

والله سبحانه وتعالى هو العليم بضرورات هذه الحياة وبمتطلباتها، وقد اقتضت حكمته هذا التنويع، فلذلك نحن نرى خطورة بالغة أن يطلق للإنسان العنان في الاختيار والتحكم في أمر النسل لأن ذلك يتصادم مع الحكمة الربانية، فقد يوجد أناس فيهم الحمية الجاهلية، هم لا ينظرون إلى الأنثى إلا نظرة احتقار وازدراء، هؤلاء قد تسول لهم أنفسهم أن يتحكموا في أجنتهم فلا يريدوا إلا أن يولد لهم ذكور، وقد يكون هنالك اتجاه آخر أيضا، فهذا الأمر يؤدي إلى خطر بالغ، ومن طرق الإسلام في معالجة القضايا سد ذرائع الفساد .
وبناء على ذلك نرى أن هذه ذريعة إلى أمر قد يكون فيه الكثير من الفساد فلذلك يجب أن تسد هذه الذريعة. كما أنه قد يؤدي ذلك إلى التغلغل في البحوث المتعلقة بهذا الجانب إلى أن يحصل ما حصل فعلاً مما يسمى بالاستنساخ ، وألا يقف ذلك عند حدود الحيوانات بل تتناول التجربة الإنسان، في هذا من المساس ما هو معلوم لكل ذي عقل، فلذلك نحن نرى أن الاسترسال في هذه البحوث قد يفضي إلى مخاطر كثيرة، فيجب أن يوقف هذا الأمر عند حده وألا نعترض على حكمة الله سبحانه (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) (القصص:68)، والله تعالى المستعان.


*هناك أمور تعارف عليها بعض الناس يستطيعون من خلالها كما يقولون أن يتحكموا في جنس الجنين، لا يستخدمون شيئاً من الأجهزة أو من العقاقير وإنما هي عملية توقيت فمثلا ًعند انتهاء الطمث وبدء تكون البييضة يبدأ الجماع مثلاً في تلك اللحظة حتى يأتي المولود ذكرا، وهلم جرا . هل مثل هذه الأشياء تدخل ضمن هذا الحكم؟

**أما قصد أن يكون الجنين ذكرا ًفقط، وأن لا يكون هنالك تقبل للأنثى هذا شيء حرمه الله تبارك وتعالى (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) (النحل:58ـ59) ، فيجب أن يكون الإنسان متقبلاً للأنثى كما يتقبل الذكر، فالله تعالى امتن بالأنثى قبل أن يمتن بالذكر عندما قال (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً) (الشورى:49ـ50) وهذا مما يدل على أن حكمة الله تعالى في هذا بالغة فلا داعي إلى أن يتصرف الإنسان من تلقاء نفسه وبحسب هواه بطريقة تؤدي إلى التصادم مع الحكمة الربانية .

*هل يجوز استخدام هذا العلم الذي قرره العلم الحديث في اختيار جنس الجنين فيما إذا كان مرض معين يصيب أحدهما، فمثلا لو كان الجنين ذكراً فإنه يصاب بمرض وراثي إذا ما ولد فيختارون الأنثى خشية وقوع هذا المرض؟

**ومن الذي يستطيع أن يحدد بأن الذكر هو الذي يصاب بهذا المرض دون الأنثى، هل هناك قدرة على هذا التحديد، هذه أمور لا بد من استقرائها من جميع الجوانب، وإعطاء الحكم فيها يتوقف على تصورها تمام التصور فإن الحكم على الشيء فرع تصوره، والاستقراء مطلب شرعي من أجل إعطاء الأحكام الشرعية ، فإن الإنسان إن لم يستقرء الأحداث لا يستطيع أن يحكم عليها .

*هل يجوز كشف هوية الجنين إذا كان ذكراً أو أنثى من أجل الميراث؟

**الجنين مادام هو في عالم الغيب لا تترتب عليه أحكام ولو كشف ولو عرف أنه ذكراً أو أنثى من خلال الوسائل الحديثة، ولكن بما أنه في عالم الغيب لا يعطى الأحكام التي يعطاها من انتقل إلى عالم الشهادة، فنفس الإرث لا يستحقه بمجرد كونه جنيناً في رحم أمه حتى يخرج حياً إلى هذا الوجود أي إلى عالم الشهود فعندئذ يحكم بتوريثه أما لو مات وهو جنين فإنه لا يورث ولو ثبتت حياته من قبل موته لأنه لم ينتقل إلى عالم الشهود، فلا داعي إلى مثل هذه التصرفات .


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الثلاثاء 16 محرم 1430 هـ
الموافق 13 من يناير 2009م

البراء 24-01-2009 02:25 PM



*رجل ملتزم ويصلي ويحافظ على الواجبات كلها إلا أنه يدخن الشيشة فما الحكم؟
**نعوذ بالله من عادات السوء، هذه الشيشة هي من البلايا العظيمة، وهي أخت التدخين، والتدخين ثبت ضرره. مضار التدخين مضار كثيرة وهي مضار مهلكات منها ما يؤدي إلى الهلكة بسبب أنواع من السرطان، ومنها ما يؤدي إلى الهلكة بسبب أنواع من الجلطات، ومنها إلى الهلكة بسبب أمراض الشرايين، ومنها ما يؤدي إلى الهلكة بسبب أمراض الكبد، هناك أكثر من علة من العلل الخطيرة تنشا عن التدخين فالتدخين ضرره بالغ، والشيشة لا ريب أنها هي أخت التدخين والله تبارك وتعالى حرم على الإنسان أن يقدم على قتل نفسه قال تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) (النساء:29ـ30).

وجاء في الحديث الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أن من قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، وكذلك جاء في القرآن الكريم ما يدل على أن تبديل النعمة مؤد إلى سخط الله فالله تبارك وتعالى يقول (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)(البقرة: من الآية211).

على أن الصحة هي نعمة، نعمة عظيمة، والمال هي نعمة، والأخلاق هي نعمة وكل من ذلك يُتلف بالتدخين، فالصحة يتلفها الإنسان بالتدخين بسبب تعريضه نفسه لأنواع من الأمراض الفتاكة القاتلة من خلال هذه الآفة الخطيرة جداً، وبالنسبة إلى المال يُتلف هذا المال ولو كان يرى الإنسان ما ينفقه شيئاً يسيراً، لنقدر أن هذا المدخن لا ينفق في كل يوم إلا مائة بيسة فإنه في الشهر ينفق ثلاثة ريالات في السنة ستة ثلاثين ريالاً فهب أحداً لا يدخن ولكنه على رأس كل سنة يأخذ من ماله ستة وثلاثين ريالاً ويلقيها في النار ألا يقال بأنه مبذر وأنه جدير بأن يقبض على يده ويمنع من التصرف في ماله لأنه ملحق بالسفهاء، فكيف بهذا الذي ينفق هذه النفقات وهو بسببها يقتل نفسه، يعرض نفسه للقتل.

على أن عائد هذا التدخين إلى من يعود؟ إنما يعود على أعداء الإسلام، فشركة واحدة من شركات التدخين تعود بالدخل على المؤسسة الصهيونية العالمية التي تحارب الإسلام وتقتل المسلمين وتفعل الأفعال بالمسلمين، تعود عليها بالدخل في كل سنة باثني عشر مليار دولار، ومعنى ذلك أنه لو امتنع عن الناس التدخين فهذه الشركة الواحدة تخسر اثني عشر مليار دولار وذلك مما يؤدي إلى ضعف الكيان الصهيوني الذي يعادي المسلمين ويقتل المسلمين ويحارب المسلمين، فضلاً عن الشركات الأخرى الكثيرة التي تعود بالدخل عليهم وعلى أمثالهم .

فلو انقطع الناس عن التدخين جميعاً لأدى ذلك إلى خسارة تطيح باقتصاد أولئك. أليس ذلك واجباً على المسلمين وهم يتعرضون الآن لهذه الحروب حروب الإبادة من قبل أعداء الإسلام وعلى رأسهم الصهيونية العالمية؟ فضلاً عن كونهم يقتّلون أنفسهم فأولئك يستنزفون أموال المسلمين من خلال هذا التصدير تصدير الموت الزؤام الموت من خلال هذه السموم التي يبثونها فيما بينهم، وهذا كله من نعمة المال وهو نعمة من نعم الله فكيف يتلفه الإنسان .

كذلك الأخلاق فإن المدخن يضر بغيره، المدخن ينفث الدخان أمام غيره وذلك يتنافى مع الأخلاق، وهو يضر بغيره ضرراً بالغاً فإن التدخين غير المباشر قد يكون أشد ضرراً من التدخين المباشر أي الذي يشتمّه غير المدخن من روائح الدخان من خلال ما يخرج من الدخان من أفواه المدخنين هو أشد ضرراً عليهم من ضرر أولئك الذين يدخنون مع أن الذين يموتون من التدخين في كل سنة نحو أربعة ملايين في هذا الوقت، والعدد يتزايد باستمرار، ويمكن أن يصل بعد فترة إلى عشرة ملايين في كل سنة. هؤلاء يموتون بسبب التدخين فكيف يُقر المسلمون في أوساطهم هذه العلة الفتاكة.

وأنا أعجب من محاربة الناس للمخدرات مع إقرارهم التدخين. التدخين لا يقل ضرراً عن المخدرات بل الذين يموتون بسبب التدخين في كل عام أضعاف أضعاف أضعاف الذين يموتون بطريق المخدرات، حتى قيل بأنه أكثر من مائة ضعف الذين يموتون بالتدخين أكثر من مائة ضعف من الذين يموتون بالمخدرات، وهم عشرة أضعاف الذين يموتون بسبب مرض نقص المناعة المكتسب.

ومع هذا لا يبالي الناس بهذه الآفة الفتاكة التي سرت في أوساطهم هذا السريان العجيب .
فالتدخين لا يضر الشخص المدخن وحده بل يضر بأولاده لأنهم يقتدون به ويتبعون خطواته، ولربما كان أيضاً تدخين الأب سبباً لسريان مرض التدخين وآفته إلى الأولاد الذين يتكونون منه، وتدخين الأم معلوم بالضرورة أنه يسري في أولادها، يضر بأولادها عندما تحمل وتلد وترضعهم فإن حملها لهم وولادتها إياهم وإرضاعها لهم كل من ذلك مما ينقل إليهم عدوى هذه الآفة الفتاكة. فيجب التنبه لذلك وإغلاق هذا الباب نهائياً. وعلى جميع المؤسسات الإعلامية والثقافية والدينية وغيرها أن تقف في وجه هذه الآفة الفتاكة، والله تعالى الموفق .

*البعض سماحة الشيخ يقول بأنه لم يأت نص في القرآن الكريم يحرم أو الأحاديث النبوية الشريفة يحرم التدخين ولذلك فما دام لم يرد نص في تحريمه فلذلك هو مكروه فحسب، هل هذا الكلام صحيح؟
**طيب، كذلك أيضاً الهيروين وغيره من هذه الآفات المنتشرة لم ينص على شيء منه في القرآن الكريم. أنا أتحدى أولئك الذين يطالبون بالنص على تحريم التدخين أن يأتوا بنص أيضاً على تحريم هذه الأشياء فإما أن يقولوا بإباحتها، وإما أن يقولوا بتحريمها وتحريم التدخين معها .

وكذلك هنالك أشياء كثيرة من الضرر، السم لم يأت نص صريح بأنه لا يجوز تناول السم، ولكن نُهي عن قتل الإنسان نفسه (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (النساء: من الآية 29)، على أن النبي صلى الله عليه وسلّم جاء وصفه في التوراة والإنجيل والقرآن بأنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث، ومن الذي يقول بأن التدخين من الطيبات، رائحته خبيثة وطعمه خبيث وأثره خبيث كل ما فيه خبيث، هو ضرر لا نفع فيه قط، فكيف مع ذلك يقال بإباحته؟

* وجدت بعض الناس أيضاً الذين ابتلوا بهذه الآفة الخطيرة يحاول أن يدافع عن ذلك ويقول أيضاً الشحوم تضر بالجسم فلماذا لا يقال بحرمة الشحوم؟

الجواب الشحوم قد يحتاج إليها الجسم لا بد من نسبة من الشحوم في الجسم، وعدم وجود نسبة قط عدم تغذي الجسم بشيء من الشحوم يؤدي ذلك إلى الضرر في الجسم بخلاف التدخين، فإن التدخين لا يحتاجه الجسم أبداً بل ما يلج إلى الجسم من الدخان إنما هو سم زعاف قاتل فكيف يقاس التدخين على الشحوم أو يحمل عليها ، الشحوم شيء آخر .

نعم المبالغة في كل شيء حتى الطعام الطيب الذي هو في الأصل لا ضرر فيه، حتى التمر لو أكثر الإنسان منه إلى حد الإسراف فإن ذلك يعد حراما لأن الله تعالى يقول (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا )(الأعراف: من الآية31)، فإن كان يؤدي إلى التخمة وهو يعلم ذلك ويأكل إلى يتخم نفسه عمداً فإنه بهذه الحالة يكون قد أضر بنفسه، ويكون بتجاوزه حدود الاعتدال قد وقع في الحرام .

وكذلك الماء الذي هو سبب في الحياة عندما يكثر الإنسان منه إلى أن يضر بنفسه وهو متعمد لذلك، يحمل نفسه على شرب الماء من غير أن تكون نفسه بحاجة إلى هذا الماء ، من غير أن يكون جسمه بحاجة إلى هذا الماء ، وإنما يكره نفسه على نفس الماء إلى أن يؤدي ذلك إلى الضرر به فذلك أيضاً حرام ، كما دلت الآية الكريمة (ولا تسرفوا) بعد إباحة الأكل والشرب (وكلوا واشربوا) فإن كل شيء مقدر بمقدار الاعتدال، وكذلك تناول الشحوم إنما هو مقدر بمقدار الاعتدال بقدر ما ينفع ولا يضر ، ولا يقال بحرمة الشحوم على الإطلاق كيف وفيها نفع للجسم بل الجسم بحاجة إليها ولا يقوم بدونها ، وإنما هذه من باب مغالطة الحقائق، والله تعالى المستعان.

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
السبت27 محرم 1430 هـ
الموافق 24 من يناير 2009م

البراء 29-01-2009 07:16 PM

*الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة على كل مسلم، فما هو المقصود بالمعروف وما هو المقصود بالمنكر؟
**بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
فإن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان خلقاً سويا، وشرّفه وفضّله على غيره تفضيلا، وكرمه تكريماً إذ مَنّ عليه بما لم يمنّ به على غيره ، وجعله الله سبحانه مناط تكليفه. وقد شُرّف هذا الإنسان بهذه التكاليف الربانية التي ينوء بأوزارها ويتحمل تبعاتها، فإن هو قام بواجبها كان ذلك سبباً لسعادته ، وإن كان بخلاف ذلك فلا يلومن إلا نفسه. فالله تعالى يقول (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) (الأحزاب:72) . إن حمل هذه الأمانة أمر ليس هو بالأمر الهين، والإنسان بطبعه ميّال إلى راحة نفسه ولو كان ذلك على حساب راحته في مستقبله، وهو ميّال إلى إيتاء نفسه رغباتها ولو كان ذلك على حساب سعادته، لذلك كان الإنسان بحاجة إلى أن يأمر بالمعروف ويأتمر به، أي هو بحاجة إلى أن يُؤمر به ويَأمر به، وأن يُنهى عن المنكر وأن ينتهي عنه. ومعنى ذلك أن يكون ناهياً عن المنكر وأن يكون هو منتهياً عنه متلقياً النهي من غيره حتى يكون منتهياً عنه.


فلذلك نحن نجد في كتاب الله سبحانه أن الله سبحانه بيّن صفات أولئك الذين استثناهم من الخسران الذي حكم به على الجنس البشري عند قال سبحانه
(وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (سورة العصر)، فالتواصي بالحق مما يشد المؤمن إلى المؤمن، فالمؤمنون والمؤمنات لا بد من أن يكون بينهم رباط، ولا بد من أن يكون بينهم تواصل، وهذا التواصل لا يتم إلا من خلال هذا التواصي بالحق الذي هو أمر بالمعروف ونهي عن المنكر كما نجد ذلك واضحاً في قوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71)، ويقول الله سبحانه وتعالى (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104)، وليس معنى هذا أن المطالب بهذا بعض الناس دون بعض، وإنما الكل مطالبون بذلك، فالمؤمنون والمؤمنات جميعاً مطالبون بأن يكونوا هذا شأنهم، بأن يكونوا يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

والمعروف معروف، والمنكر منكر، المعروف معروف لأن المعروف تطمئن إليه النفس، ويسكن إليه القلب، فهو ما وافق حكم الله تعالى المُنزّل، وما وافق سنة نبيه المرسل .

المعروف إنما قيل له معروف نظراً إلى هذه الطمأنينة التي تحصل بفعله والتي أيضاً تحصل عندما يرى الإنسان غيره يمارس هذا المعروف، فإن هذه الممارسة تفيض الطمأنينة على الجميع .بينما المنكر تأباه الفطر السليمة، وتنكره الطبائع المستقيمة، فلذلك كان منكراً بسبب هذا النكران له من قِبل هذه الطبائع، فجدير به أن يُنكر على الناس وأن لا يُقر فلذلك سمي منكراً .فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب للسلامة في الدنيا والسعادة في العقبى ، والله تعالى المستعان .

*إذا كان الأمر بالمعروف واجباً والنهي عن المنكر كذلك فهل هما واجبان على الشخص التقي بحيث لا يصح للمرابي أن ينهى عن الربا وكذلك للزاني أن ينهى عن الزنا وكذلك لتارك الصلاة أن يأمر بالصلاة؟

**الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على الكل، سواءً كان الإنسان فاعلاً لما به يأمر وتاركاً لما عنه ينهى أو كان بعكس ذلك ، إذ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كوجوب الصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر العبادات، ولكن مع هذا كله فإن الإنسان يطالب بأن يكون هو بنفسه من أهل المعروف، فكيف يأمر بالمعروف من لم يكن من أهل المعروف، وكيف ينهى عن المنكر من كان متلبساً بالمنكر.

لذلك نحن نجد في كتاب الله سبحانه وتعالى النعي على أولئك الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، فأمرهم إياهم بالبر إنما هو نصيحة ، ولكن من أولى بالنصيحة ، إنما أولى بالنصيحة نفس الإنسان، فمن لم ينصح نفسه كيف ينصح غيره، لذلك قال سبحانه وتعالى خطاباً لبني إسرائيل (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (البقرة:44)، وهذا التقريع ليس هو على الأمر بالبر وإنما هو على ترك الائتمار بما يأمرون به، فالتقريع إنما هو بسبب ذلك (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ)، إنما التقريع بسبب هذا النسيان، نسيان الإنسان نفسه مما يأمر به غيره من الخير.

ومن المعلوم أن فعل الإنسان للخير مدعاة لائتمار الناس بما يأمرهم به عندما يأمرهم بهذا الخير، وكذلك تركه للشر هو مدعاة لئن يترك الناس الشر عندما ينهاهم عنه، أما عندما يكون بخلاف ذلك فإن الواقع يكون عكس هذا، فأولئك الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم إنما يجرون التهم لا إلى أنفسهم فحسب وإنما يجرون التهم إلى نفس الأوامر التي يأمرون بها والنواهي التي ينهون عنها بل إلى نفس المبادئ التي ترتبط بها هذه الأوامر وترتبط بها هذه النواهي كما يقول بعض عمالقة الفكر الإسلامي (إن الكلمة لتخرج ميتة وتصل هامدة مهما تكن طنّانة رنّانة إذا هي لم تخرج من قلب يؤمن بها، ولن يكون الإنسان مؤمناً بما يقول حتى يستحيل هو ترجمة حية لما يقول وتصويراً واقعياً لما ينطق، حينئذ تخرج الكلمة كلها دفعة حياة، لأنها تستمد قوتها من واقعها لا من طنينها، وجمالها من حقيقتها لا من بريقها) فالإنسان يطالب هكذا .

ونحن نرى أن السلف الصالح استطاعوا أن يتغلبوا على الصعاب، وأن يتحدوا جميع المشكلات، وأن يتجاوزوا جميع العقبات عندما كانوا على هذا النحو.

السلف الصالح عندما دعوا إلى الحق وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر لم تكن لهم وسائل إعلام كالوسائل الموجودة في وقتنا هذا، إذ لم تكن عندهم وسيلة بث مباشر أو غير مباشر، لم تكن عندهم وسيلة اتصال عبر هاتف أو عبر شبكات المعلومات أو غيرها بالناس، وإنما كانت الكلمة وحدها تخرج من أعماق القلوب فتتغلغل في أعماق القلوب ولا تقف حتى تحوّل الناس من واقع إلى واقع آخر بسبب عمق تأثيرها وذلك لأن الذي قالها هو بنفسه متأثر بها، عندما يقول الإنسان الحق ويعمل به يكون عمله أكثر دعوة إلى هذا الحق من قوله ، ويكون لعمله تأثير أبلغ من هذا التأثير الذي يكون لقوله ، فلذلك كان جديراً بمن تحمل أمانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون هو مثالاً في الائتمار لما به يأمر وفي الانتهاء عما عنه ينهى.

هذا مع أن الذي يرتكب المنكرات ويترك العمل بالمعروف غير معذور بتركه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما أنه غير معذور بفعله المنكر وتركه المعروف، بل هو مطالب بالفرضين جميعاً، مطالب بفرض أن يأتمر بالمعروف وأن يأمر به، ومطالب بفرض أن ينتهي عن المنكر وأن ينهى عنه، فهو مطالب بكلا الأمرين بالأمر والائتمار، ومطالب بالنهي والانتهاء، والله تعالى أعلم.






سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الخميس 2 صفر 1430 هـ
الموافق 29 من يناير 2009م

البراء 03-02-2009 06:06 PM

* المذهبية من القضايا التي كانت مقلقة في تاريخنا الإسلامي القديم وسبباً من أسباب التطاحن ، ويراد لها أيضاً أن تكون متكررة في تاريخنا الحديث ، قد ذكر ياقوت الحموي في زياراته شيئاً من الصور ومن الأحداث التي شاهدها كان منطلقها من هذا النوع .
كيف ينظر المسلم إلى مسألة المذاهب ، وكيف يفهمها حتى لا تكون مدخلاً من مداخل الفتنة بينه وبين إخوانه ؟

**لا ريب أن المسلم يحرص دائماً على حسن الظن بإخوانه المسلمين ، ولا يسيء الظن إلا بمن وجده يقف أمام الحق وقفة المتعنت الرافض للحق ، أما من لم يكن كذلك فإنه يحرص دائماً على حسن الظن .
والقضايا التي فيها خلاف ما بين المسلمين إما أن تكون قضايا فرعية ، وهذه القضايا الفرعية الأمر فيها يسير ، ليس الأمر فيها بالعسير ، وُجد الخلاف في القضايا الفرعية حتى بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم .
وإما أن تكون قضايا عقدية ، تعود إلى العقيدة ، وكلٌ يدّعي أن الحق عنده ، وهذه القضية أيضاً حلها سهل وميسر وذلك بتنقية القلوب والحرص على التجرد من العصبيات ، والحرص على إبداء النصيحة لوجه الله سبحانه وتعالى بحيث يجلس بعض إلى بعض ويتناقشون على ضوء الكتاب العزيز والثابت المتفق عليه عن الرسول صلى الله عليه وسلّم ، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه القضايا أيضاً يُتسامح فيها إلا إن خالف أحد ما كان الدلالة عليه دلالة نصية من كتاب الله أو من المتواتر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أما إن كانت جاءت بذلك أحاديث آحادية فالقضية لا تستدعي مثل هذه الشحناء ما بين المسلمين ، بل عليهم أن يتسامح بعضهم مع بعض لأن الآحادي هو ظني من حيث الثبوت ، الآحادي ليس بقطعي الثبوت ، وكذلك الأدلة التي هي قطعية الثبوت إن لم تكن نصية وكانت ظاهرة لا تعتبر قطعية الدلالة ، إذ الظاهر إنما هو ظني الدلالة ولو كان قطعي المتن ، هذا مما هو معروف عند الأصوليين ، فمثل هذه الأشياء يجب الاعتبار بها .
فإن وُجد أحد خرج عن نص قطعي والنص ثبوته أيضاً ثبوت قطعي عندئذ تُقام عليه الحجة بكتاب الله تعالى أو بالمتواتر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع بيان أن دلالتهما دلالة نصية بحيث لا تكون مجرد دلالة ظاهرة فحسب ، وعندما تقام الحجة أرجو أن من كان يحب السلامة لنفسه أن لا يعترض على حجة قامت عليه بنص قطعي من كتاب الله أو من المتواتر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، هذا يبعد أن يكون أحد من الناس إلا من كان متعنتاً شديد التعنت .
والله سبحانه وتعالى أمرنا مع الاختلاف ومع النزاع أن نحتكم إلى كتابه وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم وذلك في قوله عز من قائل ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )(النساء: من الآية59) .


*إذا صلى الرجل بامرأته أين تقف ؟

**هذه المسألة حقيقة وجدنا للفقهاء فيها قولاً لم نجد له دليلا ًمن السنة. وجدنا الفقهاء يقولون بأنها تقف على يساره وعللوا ذلك بأنه لو دخل داخل عليهما فإن ذلك الداخل هو الذي يقف على يمين الإمام وهي تتأخر فلذلك حتى لا تمنع الداخل من الوقوف على يمين الإمام . ولئن كانت العلة هذه فإن هذا فينبغي أن يحصر فيما إذا كان هنالك إمكان لئن يدخل عليهما داخل ، أما إن كانا وحدهما في غرفتهما ولا يدخل عليهما داخل فإنه لا ينبغي أن يفرق بينها وبين الرجل فتقف في هذه الحالة على جنبه الأيمن .

*هل يجوز أن يصلي بزوجته الفرض أيضاً ؟

**لا مانع من ذلك .

*إذا كان الإمام يصلي بالناس ويوجد خلف المسجد ملحق للنساء وتصلي النساء على صوت الإمام عن طريق لاقط الصوت ، وحدث أن سقط لاقط الصوت من الإمام ، فهل يصح للسترة أن يذهب فيضعه على الإمام ، هل يعد هذا مخلاً بالصلاة ، لأن النساء هناك لا يسمعن صوتاً بعد ذلك ؟

**حقيقة الأمر ينبغي للإمام نفسه أن يحاول بأن يأتي بالأمر فيه مصلحة الصلاة ، فإن رفعه لأجل مصلحة الصلاة فلا حرج في ذلك . وإن تعذر أن يقوم الإمام بذلك فليقم بذلك غيره إن كان ذلك أمراً ضرورياً لأجل مصلحة الصلاة . ويسحب رجليه في ذهابه وإيابه .

*هذه حدثت وسقط لاقط الصوت من الإمام فبقيت النساء بلا صوت فبعضهن أتممن الصلاة وبعضن توقفن وأعدن الصلاة من جديد فمن منهن الصائب ؟

**بما أنهن دخلن في الصلاة فإن أتممن الصلاة مع تعذر الائتمام بالإمام فلا حرج عليهن في ذلك ، ومن أعادت فإنها احتاطت لنفسها ، والله تعالى أعلم .


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الثلاثاء 7 صفر 1430 هـ

الموافق 3 من فبراير 2009م

البراء 13-02-2009 11:45 AM


* إذا اقترض إنسان من آخر مبلغاً من المال وقدره ألفان وسبعمائة ريال ولم يحدد دفعة معينة لاسترجاع هذا المبلغ وذلك الشخص أخذ يجمع المبلغ شيئا فشيئاً لمدة ثلاث سنوات حتى اكتمل فهل كان عليه أن يدفع الزكاة عن ذلك المال خلال تلك المدة، أم أن الزكاة تجب على صاحب المال الحقيقي؟

** زكاة المدين الذي دينه غير محدد بأجل يسقط عنه مقدار ذلك الدين من الزكاة أي تسقط الزكاة بمقدار ذلك الدين إن كان الدين غير مؤجل أو كان مؤجلاً وحضر أجله . وأما بالنسبة إلى الدائن فعليه أن يزكي الدين الحاضر أي الدين الذي لم يحدد بوقت أو الذي حدد وقته وحضر فهو عليه أن يزكيه إلا إن كانت الزكاة على غير وفي أو كانت الزكاة على غير ملي ، ومعنى ذلك إن كان الدين على معسر أو كان الدين على مماطل فليس عليه أن يزكيه حتى يقبضه، والله تعالى أعلم .

* أعطى رجل مالاً لشركة من أجل المضاربة على من تجب الزكاة إذا كان على صاحب المال وهو قد قدم ذلك المال في رجب وهو يزكي في رمضان والشركة لا يمكن أن تخبره بالربح أو الخسارة إلا في ذي الحجة فكيف يزكي ذلك المال؟

** من المفروض أن تكون هذه الشركة قائمة من أول الأمر على الأحكام الشرعية ومن بين هذه الأحكام تزكية هذا المال، من المفروض هكذا لأن المال المشترك فيه كالمال الواحد فهذا يدفع من عنده وذلك يدفع من عنده وباشتراك المجموعة في التجارة يكون حكم أموالهم كالمال الواحد، أما عندما تكون الشركة غير متقيدة بهذا ففي هذه الحالة على صاحب كل سهم أن يدفع الزكاة عن نصيبه عن حصته عندما يحين موعد زكاته، والله تعالى أعلم، وعليه في هذه الحالة أن يتحرى الربح بقدر مستطاعه .

* كان المصلون في جماعة ولكن الإمام سها فسبح له عدد غير قليل حتى الصبيان مما دفع ذلك بعض كبار السن أن يناديهم فيقول لا ينبغي أن يتكلم كلكم، فهل تجب إعادة الصلاة على ذلك الرجل فقط أم على الصف بأكمله؟

** ذلك الذي تكلم بما هو خارج مما يقال في الصلاة وخارج عن مصلحة الصلاة هو الذي عليه أن يعيد الصلاة أما غيره فلا ينطبق عليه هذا الحكم .

* قرية تبعد عن مسجد تقام فيه صلاة الجمعة مسافة 13 كيلومترا ، هل الواجب عليهم الصلاة الذهاب إلى صلاة الجمعة ، أم أنها لا تلزمهم ؟


**بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فإن تلبية الداعي إلى الحق سبحانه وتعالى من خلال نداء الجمعة أمر واجب بنص الكتاب العزيز وبنصوص أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم ومن خلال إجماع الأمة، فإن الله تبارك وتعالى يقول ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (الجمعة : 9) ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم : لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين.

وجاء في حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلّم : من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه . إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة .

ونجد علماء السلف كانوا حراصاً على تلبية الداعي يوم الجمعة فنجد في المأثور عن صحار بن العباس العبدي رضي الله تعالى عنه أنه كان يسعى إلى الجمعة بالبصرة من مسافة طويلة فقد كان يسعى إليها بعد أن يصلي الفجر ويصل إليها ثم يقفل راجعاً إلى أهله ولا يصل إلى أهله إلا عند المغرب.

وقد قال الإمام أبو سفيان محبوب بن الرحيل رحمه الله كتب أهل عمان إلى أبي الشعثاء جابر بن زيد يستفتونه عن صلاة الجمعة هل يلزم السعي إليها من لم يسمع نداءها ؟ فأجاب لو لم يسع إليها إلا من سمع نداءها لقل الساعون إليها ، بل يسعى إليها من فرسخين وثلاثة .

وكذلك ذكر الإمام أبو سفيان عن الإمام أبي مودود حاجب بن مودود الطائي رحمه الله ورضي عنه أنه كان في سجن الحجاج بالبصرة وكان ينوي حج بيت الله المحرم فلم يطلق سراحه الحجاج إلا بعد أن ضاق الوقت بحيث لم يبق عن دخول رؤية هلال ذي الحجة إلا ثمانية أيام فلما أطلق سراحه أخذ زاده وراحلته والتحق برفقة إلى الحج فتذكر أن اليوم يوم جمعة فقال: إن في نفسي من الجمعة لحاجة .


فقالوا له: يا حاجب بيننا وبين الموسم ثمانية وأنت تنتظر الجمعة . فقال : إنني لأجد في نفسي من الجمعة حاجة. فتأخر عنهم وتقدمت الرفقة، ثم ركب على أثرهم ولحق بهم بعد يومين في مكان يسمى لحيب. وهذا مما يدل على حرص السلف رحمهم الله ورضي عنهم على تلبية داعي الله سبحانه وتعالى وعدم التردد في السعي إلى الجمعة . فالسعي إلى الجمعة فيه خير كثير. وإن كان هذا الشخص في هذا المكان يقصر الصلاة بحيث لم يوطن الحوزة ففي هذا ترخيص من أهل العلم نظراً إلى كونه مسافرا بأن لا يلزمه السعي، وإن كان في السعي خير كثير . أما إن كان غير قاصر للصلاة في ذلك المكان بحيث هو داخل في الحوزة التي يتم فيها الصلاة، أو ليس بينه وبين الحوزة التي يتم فيها الصلاة مقدار مسافة القصر فعليه أن يسعى إلى الجمعة، لأن الجمعة تلزم من كان مقيماً حيث لا يقصر الصلاة ، والله تعالى أعلم .

جريدة الوطن
الجمعة 17 صفر 1430 هـ

الموافق 13 من فبراير 2009م



البراء 14-02-2009 02:40 PM

* رجل عنده بنتان وولد أنهوا الثانوية العامة ولكنه لا يمتلك مبلغاً يجعلهم يكملون الدراسة فهل يعد مقصراً في حقهم فيؤثم على ذلك ؟

**(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا)(البقرة: من الآية286) ، (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا مَا آتَاهَا)(الطلاق: من الآية7) ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم . فهو لا يكلف حتى في فروض العبادات لا يكلف بما لا يستطيع ، إن لم يطق القيام في الصلاة له أن يصلي قاعداً ، إن لم يطق أن يصلي قاعداً له أن يصلي مضطجعاً ، فكيف بما عدا ذلك ، فهو إنما يحسن إلى أولاده بقدر مستطاعه ، والله تبارك وتعالى يفتح لهم أبواب الخير ، والله الموفق .


* رجل لم يؤد عن أولاده النسيكة فهل عليه شيء في ذلك ؟

**لا شيء عليه ، وعندما يبلغون إن شاءوا أن يؤدوا بأنفسهم كان ذلك خيراً لهم .

* هل يعني ذلك أنها (النسيكة) تبقى في ذمتهم ؟

**لا ، لا تبقى في ذمتهم ، لكن لو شاءوا أن يفعلوا ذلك .


* توفي رجل منذ سنتين وكان وكيلاً للمسجد ويوجد لدى المسجد أموال تبلغ النصاب ، وفي هذه الفترة منذ وفاة الرجل طُلب من ولده أن يسير الأمور وهو لا توجد له دراية بمثل هذه المواضيع ، وهو يسأل هل تجب الزكاة على أموال المسجد سواء مبالغ أو غيره ، وإذا كانت تجب فماذا يجب على هذا الولد تجاه هذا الموضوع علماً بأنه يخاف من المساءلة القانونية إذا أخرج أي مبلغ من هذه المبالغ ؟


** الزكاة إنما تجب على المتعَبدين ، ولا تجب ما يسمى بالشخصيات الاعتبارية ، إنما تجب على الشخصيات الحقيقة أي تجب على الإنسان المتعبد ، ولا تجب على المسجد ، ولا تجب على الوقف العام ، ولا تجب على الوقف الخيري لمدرسة أو نحو ذلك فهذا مما لا تجب فيه الزكاة ، والله تعالى أعلم .


* عندي مجموعة من الذهب لم أزكها منذ سنوات لا أعلمها ، وهذا الذهب كنت أبيع منه لأشتري ذهباً آخر بنفس القيمة أو أكثر فكيف أزكي عن الذهب ؟

** في هذه الحالة تعود إلى التحري وتخرج الزكاة إلى أن تطمئن نفسها بأنها أدت ما عليها وتكون بذلك أبرأت ذمتها إن شاء الله .

* الشغالة التي تعمل في البيت على من تكون زكاة فطرها ؟

** هي على نفسها لأنها ليست داخلة في من يعولهم الإنسان أي يعولهم صاحب البيت عولاً واجباً عليه شرعا .

* وإذا أعطته هي المال ليخرج عنها أيصح ذلك ؟

** نعم .

* رجل يريد أن يتملك أرضاً لم يمض عليها خمس وثلاثون سنة وإنما اثنتا عشرة سنة ، والقاضي لا يملكه إياها إلا إذا مضى عليها خمس وثلاثون سنة ، هل يصح له أن يأتي بشهود يشهدون معه على أن الأرض مضى عليها خمس وثلاثون سنة ؟

** هذه شهادة الزور ، ولا يتوصل إلى الحق بشهادة الزور ، بل يجب اجتنابها فإن الله تبارك وتعالى شدّد في شهادة الزور قال (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) (الفرقان:72) والنبي صلى الله عليه وسلّم أيضاً عندما ذكر الكبائر شدّد في شهادة الزور وكرر كلمة (ألا وشهادة الزور ألا قول الزور) ذلك لأجل التغليظ في هذه الشهادة ، ويجب على الإنسان اجتنابها فلا يحوم حولها بأي حال من الأحوال ، والله تعالى أعلم .

* ما هي ضوابط الخلوة المحرمة بين الرجل والمرأة ؟

** نعم ، حقيقة الأمر الخلوة التي تكون بين الرجل والمرأة هي داعية الفتنة ، ولذلك جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال : ألا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم .

وقال عليه أفضل الصلاة والسلام : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة إلا مع ذي محرم .
وقال : إياكم والدخول على النساء فقال له رجل من الأنصار : أرأيت الحمو يا رسول الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : الحمو الموت . وذلك لخطورة دخوله على امرأة أخيه ، والمقصود بالحمو هو أخ الزوج ، فأخ الزوج هو الموت لأن دخوله على امرأة أخيه أمر فيه من الخطر ما ليس بعده ، فهو من المحارم التي يجب أن تتقى .


ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس لا يبالون بهذا الأمر ، لا يبالون بهذا التوجيه النبوي الشريف ، ولا يبالون بهذا الضابط الشرعي الذي ينفي عن الأمة كل ريبة وكل خطر أخلاقي ، فلذلك تقع أمور سلبية ناتجة عن هذه الخلوة التي تكون بين الرجل والمرأة الأجنبية .

والخلوة هي أن يكون رجل وامرأة في مكان يمكن أن يتصرفا فيه من غير أن تمتد إليهما عين ومن غير أن يراقبهما أحد ، ففي هذا المكان لا يجوز لرجل أن يكون معه امرأة أجنبية إلا أن يكون معها محرم لها ، أما مع عدم وجود المحرم فإن ذلك أمر فيه من الخطورة ما ليس بعده فيجب أن يتقى ذلك ، والله تعالى أعلم .



جريدة الوطن
السبت 18 صفر 1430 هـ

الموافق 14 من فبراير 2009م

البراء 19-02-2009 02:52 PM


*هل قضاء الأوقات الطوال أمام شاشة الحاسب الآلي في تصفح الأخبار مثلاً، تعد أيضاً من ضمن التضييع والهدر للأوقات؟

**حقيقة الأمر كل شيء بمقدار، وكل ما خرج عن حده انقلب إلى ضده، ولا ينبغي للإنسان أن يفوّت الفرص وإنما عليه أن يزن الأمور بمعايير دقيقة، فالأخبار يعطيها الإنسان فرصة، لا أقول أنا بأنه يعيش في منأى عما يدور في العالم لأن المسلم مطالب بأن يكون خبيراً بما يدور في العالم ولا أدل على ذلك من أن الله سبحانه وتعالى أنزل في كتابه أنباء الأمم السابقة من أجل أن تتبصر هذه الأمة وتتربى على كونها أمة عالمية تحمل إلى الإنسانية رسالة عالمية.

بل أنزل الله تعالى قرآناً يتلى في الصلوات وفي غيرها إلى قيام الساعة يُحدث المسلمين وكانوا يومئذ فئة قليلة، كانوا أفراداً قليلين لا يكادون يصلون إلى العشرات، كانوا مغمورين بالكثرة الكاثرة من أهل الجاهلية أنزل الله تعالى قرآنا يتلى ينبئهم بما وصل إليه الصدام المسلح بين دولتين كبريين كانتا تتقاسمان معظم العالم المتحضر، مع أن أولئك المؤمنين في ذلك الوقت لم يكونوا حسب الظاهر يعنيهم من هذا شيء إذ كانوا مشغولين بأنفسهم وكانوا في معزل عن معترك هاتين الدولتين إذ لم يكن يمتد إليهم نفوذ أي واحدة منهما ولكن مع ذلك أنبأهم الله سبحانه وتعالى بما وصل إليه الأمر وما سينقلب إليه فيما بعد عندما قال (غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ) (الروم : 5ـ2) .

ولكن لا أن يكون ذلك على حساب طلب العلم وعلى حساب ضرورات الحياة وعلى حساب العبادة، وعلى حساب الأوراد والأذكار والتقرب إلى الله تعالى بصنوف الطاعات وإنما ذلك وقت بقدر ما يأخذ الإنسان العظة والعبرة والدرس ويتزود من أجل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى .

*من المواضيع الحساسة حول شبكة الانترنت الساحات التي يتم فيها الحوار بين مختلف الثقافات وبين مختلف طوائف المسلمين ومذاهبهم لكن المؤسف جداً أن الساحات الدينية بالذات يحدث فيها سباب وتراشق بالاتهامات بل حتى في المذهب الواحد يصطرع أتباعه على أمور لا تخدم الدعوة الإسلامية ولا تقدم للإسلام شيئاً، فهل يصح استخدام هذه الساحات في هذا التراشق والاختلاف؟

**أنا كما قلت أولاً أرى بأن هذه جميعاً نعم الله تبارك وتعالى ويجب شكرها، ومن شكرها عدم استخدامها فيما لا يرضي الله سبحانه وتعالى، وما ذكرتموه من التراشق بالتهم والترامي بألقاب السوء والفساد كل ذلك مما يتنافي مع الدين الصحيح، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والإنسان مسئول عما يقول وكذلك هو مسئول عما يكتب، ولعل المسئولية على الكتابة أعظم من المسئولية التي تترتب على القول لأن القول قد يقول لحظة وينتهي أثر قوله لا يبقى لقوله أثر، ولكن الكتابة يمتد أثرها عند كل قارئ يقرأها وخصوصاً عندما تكون الكتابة في مثل هذه الآلات التي تنشر المكتوب وقد تنشر الصوت أيضاً فذلك مما يضاعف على الإنسان الوزر إن استخدم هذه الآلات فيما لا يرضي الله تبارك وتعالى، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم: إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يتبينها تهوي به في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب. ويقول أيضا: إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه. فعلى الإنسان أن يتقي الله فيما يقوله، وأن يتقي الله فيما يكتبه، وقد أجاد الشاعر الذي قال :
لسانك لا تذكر به عورة امرئ *** فكلك عورات وللناس ألسن
على أن هذا ليس من مصلحة الأمة وإنما هو مما يضاعف الشرخ الذي فيها والصدع الذي في جدارها، ويؤدي إلى تمزقها كل ممزق، وذلك مما لا يرضي الله سبحانه وتعالى، فنسأل الله تعالى العافية.

*إذا نظرنا إلى هذه الساحات معظم الأشخاص الذين يشاركون فيها يستخدمون أسماء مبهمة وألقاباً مختلفة، نحن نعلم سماحة الشيخ أن المعلومات في ديننا الإسلامي في الأحاديث وفي المعلومات التاريخية وغيرها موثقة من خلال السند فإذا كان في السند رجل مجهول لا يقبل، الآن المعلومات في أمور الدين وغيرها أيضاً من القضايا المذهبية معظمها تأتي من أسماء مجهولة فهل تأخذ هذه نفس الحكم؟

**هذه المعلومات توزن بموازين الحق فما وافق الحق وما خالفه رفض، وإن من خير ما قرأناه لعلمائنا كلاماً قاله الإمام أبو نبهان رحمه الله تعالى (إياك أن تلتفت إلى من قال بل إلى ما قال) فالالتفات إلى حقيقة القول الذي يقوله القائل لا إلى القائل نفسه فلا عبرة بكون القائل حبيباً أو بغيضاً، وإنما العبرة بما يقوله حقاً أو باطلا .

*بسبب التطور الكبير للإعلام الحديث هناك شبكات للدعوة النصرانية، فهل هناك من ضير في محاورة هؤلاء لمعرفة ما عندهم لعله يجد باباً لدعوتهم إلى الإسلام؟

**باب الحوار مفتوح في الإسلام فالله تبارك وتعالى يقول (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت:46)، فمحاورة أولئك بطريقة فيها إقناع بالحجة الواضحة والحق اليقين سبب لاهتداء من كتب الله تبارك وتعالى له الهداية، ولكن لا بد من أن يكون الإنسان متمكناً حتى لا يكون حواره حوار جاهل يؤدي إلى نتائج سلبية، وإنما يجب أن يكون هذا الحوار حوار ملم بأبعاد الموضوع الذي يحاور فيه حتى يؤدي بمشيئة الله إلى نتائج إيجابية .

*من الملاحظ أن الإنسان يقضي الساعات الطويلة ولو كان في عمل الخير كالدعوة ولكنه يتقاعس عن الأعمال الأخرى كزيارة الأقارب والمرضى والأعمال الخيرية في بلده، ما رأي الشرع في هذا العمل؟ وما نصيحتكم لهذا الإنسان ؟

**كما قلت أولاً كل شيء خرج عن حده انقلب إلى ضده ولو كان نافعاً فإنه عندما يخرج عن حده ينقلب إلى الضرر، وهب الجرعة من الدواء إن لم يأخذها الإنسان بقدر ما تنفعه فإنها تنقلب إلى مضرته، ومن هنا كذلك على الإنسان أن يعطي هذه الآلات من الوقت بقدر ما ينفع ولا يضر بحيث لا يكون كما قلت على حساب الدين والواجبات ومن بين هذه الواجبات صلة الأرحام وزيارة المرضى وتشييع الموتى والقيام بالواجبات الاجتماعية المتنوعة فإن ذلك كله مما يجب أن لا يفرط فيه، والله تعالى أعلم .

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الخميس 23 صفر 1430 هـ

الموافق 19 من فبراير 2009م

البراء 20-02-2009 11:41 AM

* شاب لديه المقدرة الكافية لقراءة الكتب الفقهية وللتفقه فيها ولديه ذاكرة جيدة للحفظ ويريد أن يقرأ في كتب أهل الحق والاستقامة في كتب المذهب، ويريد منكم أن ترشده إلى الطريقة التي يتمكن بها من ذلك ؟

** يبتدئ في القراءة بالأهم قبل المهم، بحيث يبتدئ بالمختصرات قبل أن يقرأ المطولات فيقرأ مثلاً كتاب الوضع وحاشيته، وكتاب القواعد وكذلك حاشية القواعد إن وجدت عنده ، ويقرأ كتاب الإيضاح وجامع أبي الحسن وجامع أبي محمد ، ثم يتدرج بعد ذلك إلى الموسوعات بحيث يقرأ مثلاً شرح النيل وكتاب التاج وغيرها من الكتب الموسعة ففي ذلك خير كثير إن شاء الله. هذا بالنسبة إلى الفقه أما بالنسبة إلى الأصول فإنه يتدرج أيضا من المختصرات إلى المطولات وهكذا وكذلك كتب العقيدة ، والله تعالى أعلم .

* هل على الجمعيات الأهلية زكاة؟

** نعم ، إن كانت هذه الجمعية خاصة بحيث لم تكن وقفاً عاماً ينتفع منه الكل فهي ملك خاص ولما كانت ملكاً خاصاً ففيه الزكاة .

** الجمعيات هذه التي أصبحت معروفة لدى الناس التي تستمر مثلاً لعشر سنوات أو أقل يشترك فيها مئة أو مئتان فيحصل الواحد على دوره بعد سنة أو سنتين فيستلم مبلغاً طيباً ، فهل فيه زكاة ؟

** أما ما كان في صندوق الجمعية مشتركاً ما بين الجميع بحيث لم يسلم إلى شخص بعينه فزكاته إنما هي على الجميع لأنه لم ينتقل بالملك إلى شخص معين بحيث كان ملكاً له وحده وإنما هو ملك للكل فإذاً من نفس الصندوق تكون تزكيته. أما ما دفع إلى شخص معين فهذا الذي دفع إليه إن ظل عنده إلى أن حال عليه الحول أو ظل عنده إلى الوقت الذي يؤدي فيه زكاة جنسه أي زكاة نقده ، وكان عنده من النقد ما تجب فيه الزكاة ، أي عنده الأصل الذي يرد إليه هذه الزيادة التي يعبر عنها الفقهاء بالفائدة ففي هذه الحالة تجب عليه الزكاة. أما إن استهلكه قبل أن يحول عليه الحول وقبل أن يحول عليه حول زكاته أي الميقات الذي يزكي فيه ففي هذه الحالة لا تكون عليه الزكاة لأنه قد استهلكه .
أما بالنسبة إلى الآخرين فإنهم في هذه الحالة تسقط عنهم الزكاة لأن هذا بمثابة الدين الذي لم يحضر أجله ، والدين الذي لم يحضر أجله فإن زكاته لا تكون على الدائن إنما تكون على المدين إن كان موسراً .
أما عندما يحضر وقته ويتمكن الدائن من استرداده ففي ذلك الوقت تكون زكاته على الدائن، ومعنى هذا أن القسط الذي حضر وقته فزكاته على الجميع إن كان هذا القسط الذي حضر وقته على وفيّ مليّ أي على شخص من عادته الوفاء لا يماطل في أداء ما عليه، وفي نفس الوقت مليّ أي واجد عنده ما يقضي به دينه، والله تعالى أعلم .

* لكن هذا الصندوق لا تبقى فيه الأموال فهي بعد كل شهر تصرف إلى واحد منهم .

** فلما كان كذلك فالجواب كما قلنا ، هذا الذي صرف إليه المبلغ إن ظل ذلك المبلغ في يده فعليه زكاته لأنه صار ملكاً له ، أما إن لم يبق في يده بحيث استهلكه فلا زكاة عليه ، ليست هنالك عين تزكى .

* ما حكم من وجبت عليه الزكاة مليونين فأخرج مليوناً وترك الآخر في متجره ليستخدمه ثم أخرجه في آخر السنة ؟ وكيف يتنصل ؟

** ما معنى وجوب زكاة مليونين وإخراجه مليوناً ، فإن الزكاة إنما هي ربع العشر في النقود وما في حكم النقود، إلا إذا كانت الزكاة نفسها هي بمقدار مليونين، أي لم يكن ما يملكه مليونين وحدهما بل هو مبلغ كبير بمقدار ثمانين مليوناً ، فنعم زكاة ثمانين مليوناً هي قدر مليونين لأن زكاة النقود تجب بمقدار الواحد من الأربعين ، فإن كان على حسب الذي تبين لي أخيراً فإنه في هذه الحالة إن أخرج الشطر من الزكاة الواجبة عليه وأخر الشطر الثاني واستخدمه في هذه الحالة عليه أن يدفع ذلك الشطر، وإن أخره إلى مضي عام ثان فعليه أن يخرج زكاته لذلك العام ويخرج زكاته مع ما ربحه منه في العام الثاني ومع ما ربحه من غيره ، والله تعالى أعلم .

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الجمعة 24 صفر 1430 هـ

الموافق 20 من فبراير 2009م

البراء 27-02-2009 11:38 AM

ـ هل يجوز للمسلم أن يجمع السباحة والوضوء ؟

لعل المقصود بالسباحة الاغتسال الاستحمام ، لا أدري ما الذي يعني بسؤاله هذا ؟
هل يعني بسؤاله هذا أن نفس السباحة نظراً إلى كونها تعم الجسد بالماء تكفيه عن الوضوء ، وكذلك الاغتسال نظراً إلى كونه يعم الجسد بالماء يكفيه عن الوضوء ؟ أو قصده أنه يجمع ما بين الأمرين بمعنى أنه يستحم وهو في حالة غير ساترة ؟

فعلى الأول أي على تقدير أن مراده بأن نفس الاغتسال أو نفس السباحة بالماء نفس تعميم الجسد بالماء يكفي عن الوضوء ؟ فالجواب لا ، أي لا بد من أن يتوضأ ولو عمّم جسده بالماء ، وأتى على جوارح الجسم جميعها ، فإن ذلك لا يكفيه عن الوضوء ، إذ الوضوء عبادة مقصودة لا بد لها من نية ، وفي نفس الوقت هذه العبادة لا يكفي عنها غيرها .

هذا إن كان هذا الاغتسال ليس اغتسالاً رافعاً من الحدث . أما إن كان اغتسالاً رافعاً من الحدث كأن يكون غسلاً من الجنابة مثلاً ففي ذلك خلاف بين أهل العلم . من أهل العلم من قال بأنه يكفيه الغسل من الجنابة عن الوضوء ذلك لأن الله تبارك وتعالى خاطب عباده خطابين ، خطاب غير الجنب بقول عز من قائل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(المائدة: من الآية6) ، وخاطب من كان جنباً بقوله ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(المائدة: من الآية6) .

فهناك خطابان خطاب وُجّه إلى غير ذوي الجنابة هؤلاء خوطبوا بالوضوء ، وخطاب خوطب به من كان على جنابة وهو خطاب التطهر ومعنى ذلك الاغتسال من الجنابة المفروض .

هذا ما ذهب إليه طائفة من أهل العلم ، وتعقب ابن بركة هذا بأن الخطاب الأول إنما هو خطاب شامل للجميع ، شامل لمن كان على جنابة ومن لم يكن على جنابة ، ولا معنى لتخصيصه بمن كان على غير جنابة .

وأما الخطاب الأخير فهو خطاب خاص لمن كان جنباً مع مراعاة الخطاب الخاص الأول أي يجتمع على الجنب فرضان فرض الغسل وفرض الوضوء معا .

وقد قال الإمام السالمي رحمه الله بأن هذا التوجيه الذي وجهه ابن بركة توجيه حسن لولا ما جاء في الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يغتسل ولا يحدث بعد غسله وضوءا . وهذا أيضاً فيه نظر ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يتوضأ قبل الغسل وإنما كان تارة يقدم غسل الرجلين قبل اغتساله وتارة يؤخر غسل الرجلين إلى ما بعد اغتساله ، فقد كان يتوضأ وكان يجمع ما بين الطهارتين . فإذاً قول من قال بأنه لا بد من الجمع بين الطهارتين ولو كان الغسل غسلاً رافعاً للحدث هو القول الراجح الذي نعتمد عليه ، والله تعالى أعلم .

أما إذا كان المراد بأنه حال اغتساله أو حال سباحته في مكان ما ، وهو على غير ستر يتوضأ ، فالجواب لا يخلو ذلك إما أن يكون في مكان لا يراه فيه أحد من الناس ، أو في مكان يمكن أن يرى فيه ؟ فإن كان في مكان ساتر أو إنما كان على غير ثياب أي كان عرياً ولكن المكان مكان ساتر ففي هذا الحالة وضوءه صحيح ويكره له ذلك أي يكره له أن يتوضأ وهو بهذه الحالة .

وإن كان في مكان غير ساتر أي إنه يمكن أن يرى ففي هذه الحالة هو معرض نفسه لأن ترى عورته وبسبب هذا التعريض هو واقع في الإثم ، والوضوء هو قربة وطاعة وعبادة ، والعبادة تنافي المعصية ، وقد جمع بين الإتيان بهذه العبادة وبين المعصية فوضوءه غير صحيح ، والله تعالى أعلم .

ـ رجل ابتلى الله زوجه بمرض فشل الكلى ، وهو يتردد على المستشفى مرتين في الأسبوع لأجل الغسيل الكلوي وقد أصحبت حياته ابتلاء عظيم من الله كما يصفها هو فهو يعمل من الصباح إلى الثانية ظهرا ثم يرجع إلى البيت ليقوم بأداء معظم الواجبات المنزلية لعدم قدرة الزوجة على العمل في معظم الأحيان وأيضاً القيام بالعناية بالأولاد وما يتخلل ذلك من عمل خارج المنزل ، وقد أكد له معظم الأطباء المسلمون منهم والكافرون بأن العلاج الأمثل لمثل هذه الحالات هو نقل كلية من شخص إلى زوجه، يقول الزوج : فهل يجوز لي أتبرع بإحدى كليتي ليس بيعاً وتصرفاً بشيء من جسمي ولكن إيثاراً ومشاطرة لنعمة من نعم الله عز وجل ؟

حقيقة الأمر هذه القضية قضية بحثت في المجامع الفقهية وغيرها ، والعلماء منهم من تشدد وقال بأن على المبتلى أن يصبر إلى أن يأتي الله تعالى بالفرج. وهذا الذي هو معافى ليس له أن يؤثر غيره بشيء من جسمه ، لأن الإيثار ليس بالنفس وإنما الإيثار على النفس . ومنهم من قال بأن ذلك إن لم يكن ذلك تجارة - وهذا قول أكثر علماء العصر - إن لم يكن ذلك تجارة ، ولا كان ذلك من شخص لا يملك أمره ، ولا كان ذلك بتأثير من ضغوط نفسية أو غيرها وإنما ذلك اختياراً فلا مانع من أن يستفاد ، ونحن نرى من توسع بهذا الرأي وأخذ بهذا الرأي فنرجو أن لا يؤاخذه الله تبارك وتعالى ، ونسأل الله تعالى لهذا الرجل السلامة ، ونسأل الله لامرأته العافية والصحة وزوال البأساء والضراء وأن يجعل حياتهما حياة هانئة سعيدة ، وأن يبدلهما بالسقم صحة وبالبلاء عافية ، وبالمرض سلامة من كل داء ، والله تعالى ولي التوفيق .






سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الجمعة غرة ربيع الاول 1430 هـ

الموافق 27 من فبراير 2009م

جامعي متميز 01-03-2009 03:25 PM

السؤال
رجل كان يقرأ التشهد بدل الفاتحة في الركعة الثالثة ثم انتبه والإمام قد ركع لكنه بدأ في قراءة الفاتحة وأكملها ففاته الركوع وأدركهم في السجود ، فما الحكم ؟

الجواب :
ما كان ينبغي له ذلك ، ولكن بما أنه فعل هذا فعند من اعتبر الركعة كلها حداً واحداً لا يمنعه من هذا الفعل ، وبما أنه وقع فليأخذ بأرخص الأقوال . وفي المستقبل لا يفعل ذلك .

السؤال (تابع )
هل يقضي الركعة كاملة ؟

الجواب:
يصلي ما أدركه وليقض ما فاته .

السؤال
إمام سها فسجد سجدة واحدة ثم قام منتصباً فسبح له المأمومون فهل يعود ليسجد السجدة الثانية ؟

الجواب :
نعم . يعود إلى المكان الذي كان فيه ثم يسجد بتكبيرة .

السؤال
من جاء من سفر وبقي عن العمران خمسة كيلومترات وأرد أن يجمع الصلاتين ، فهل يصح له ذلك ؟

الجواب :
الذي نأخذ به إن كان قصر للصلاة خارج الأميال بحيث صلى الرباعية ركعتين فإنه يصطحب القصر داخل الأميال .
أما إن كان خرج ولم يقصر الصلاة بحيث لم تحضره صلاة مطلقاً أو حضرته صلاة لا تقصر كصلاة المغرب وصلاة الفجر ، أو أنه صلى رباعية وراء إمام متم ففي هذه الحالة إن دخل الأميال فلا يقصر الصلاة بل يتم .
هذا الذي نأخذ به وإن قال بعض العلماء بخلاف ذلك .
ولكن مع هذا فإن الجمع يسوغ حتى مع الإتمام عندما تكون هنالك حاجة ملحة داعية إلى ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلّم صلى الظهر والعصر معاً والمغرب والعشاء الآخرة معاً من غير خوف ولا سفر ولا سحاب ولا مطر ، كما جاء ذلك في رواية ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عند الربيع رحمه الله ، والحديث مروي عند الشيخين وغيرهما بلفظ ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الظهر والعصر معاً والمغرب والعشاء معاً من غير خوف ولا سفر ) ، وفي رواية ( من غير خوف ولا مطر ) .

السؤال
رجل عثر على قطعة من الذهب في سوق مزدحم وبقرب محل للذهب ماذا يصنع بها ؟

الجواب :
هذه القطعة تعتبر لُقَطة ، وفي هذه الحالة يؤمر بأن يُعرّف بها إن كانت عليها علامة تعريف بحيث يمكن أن تُعرّف بشيء ، فإن مضت المدة التي يمكن أن يتصور بأن يأتي صاحبها ولم يأت أحد سائلاً عنها بحيث لم يظهر لها رب ، في هذه الحالة تدفع إلى فقراء المسلمين ويكون في ذلك خلاص لصاحبها .

سؤال ( تابع )
هل يكفي هذا التعريف أن يعلق إعلانا في ذلك المحل مثلاً
؟
الجواب :
هذا من جملة التعريفات ، لكن ينبغي أن يعرف من خلال إعلان ذلك عند خروج الناس من المساجد على أبواب المساجد ، وإن كان ذلك في السوق فعند خروج الناس إلى السوق .

السؤال
ما حكم ما مضى من الصلاة بعد الوقت بالنسبة لصلاة الصبح لاحتمال أنه قد صلى مع الطلوع وهو لم يراقب الشمس لجهله ؟
الجواب :
في هذه الحالة يصطحب الأصل ، وباصطحابه الأصل لا حرج عليه ، والأصل أن الوقت باق حتى يُتيقن خروج الوقت ، أي يتيقن أن الشمس شرعت في الطلوع ، فإن لم يتيقن ذلك فلا حرج عليه فيما مضى ، وليحتط في المستقبل .
السؤال
ما حكم ما مضى من الصلاة قبل الوقت بالنسبة لصلاتي العصر والعشاء ، أي بدأ بالصلاة قبل دخول الوقت ودخل الوقت وهو لا يزال في صلاته ؟

الجواب :
إذاً أحرم لها قبل الوقت وبما أنه أحرم لها قبل الوقت فلا يسوغ له ذلك اللهم إلا إن كان في حال الجمع بين الصلاتين .




يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


جريدة الوطن

جامعي متميز 16-03-2009 03:29 PM

السؤال
رجل توفي وعنده مال وأثر ماء يتجاوز الثلاثة آلاف وعنده زوجة وأربعة أولاد فهل يجب على أولاده الإنفاق بحجة وعمرة وصيام رمضان وكفارة أم لا ؟

الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فمما يؤسف له أن كثيراً من الناس يغادرون هذه الحياة الدنيا وقد أُنسأ في آجالهم ولكنهم مع ذلك لا يتهيئون للقاء الله سبحانه وتعالى ، فلا يكتب أحدهم وصية مع أن القرآن الكريم بيّن فرضية الوصية ، الوصية للأقربين ذلك لأن الله تبارك وتعالى يقول ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) (البقرة:180) ، فهذه الوصية واجبة عندنا بدليل أن الله تبارك وتعالى بيّن أنها مما كُتب أي فُرض ، ولا يمكن أن يصرف هذا اللفظ إلى غير معنى الوجوب ، كذلك قال بعد ذلك ( حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ) فمعنى ذلك أن كل من أراد أن يكون من زمرة المتقين فحق عليه أن يوصي بهذه الوصية وهي الوصية للأقربين الذين لا يرثون .
ولماذا أدرج الوالدان هنا في ضمن الذين يوصى لهم مع أن الوالدين لهما حق في الإرث منصوص عليه في كتاب الله في سورة النساء ؟ كثير من الناس من قال بأن هذه الآية الكريمة نُسخ ما فيها ما دل على الوصية للوالدين بآيات المواريث ، ومنهم من قال بأن النسخ إنما هو بحديث ( لا وصية لوارث ) مع انعقاد الإجماع على مدلول هذا الحديث . ومنهم من قال بالجمع بين الحديث والآية .
وذهب بعض العلماء من السلف ورّجحه بعض أشياخنا المتأخرين إلى أن الوالدين المقصودين هنا هما الوالدان اللذان لا يرثان وهما الوالدان اللذان لهما عقيدة دينية تخرجهما من ملة الإسلام وذلك بأن يكونا غير مسلمين فلا حق لهما في الإرث ، ولكن لهما حق في الوصية بسبب أبوة الأب وأمومة الأم ، فإن هذه الوالدية لها حق ولذلك يجب أن يراعى هذا الحق وأن يوصي لهما ولدهما المسلم . وهذا القول هو في الحقيقة من القوة بمكان إذا ما رأينا إلى الدلائل الأخرى وهي عدم جواز أن يوصى للوارث .

وكذلك يجب على الإنسان أن يوصي بما عليه من الحقوق التي يخشى أن لا يتمكن من أدائها في حياته ، لأن الإنسان لا يدري متى يفجئه ريب المنون ، فإن كانت عليه حقوق لله تبارك وتعالى أو حقوق للبشر فعليه أن يوصي بهذه الحقوق مع أمره بأن يعجّل في أدائها ، ولكن الوصية للإحتياط لا لأجل أن يتكل على الوصية ولا يؤدي هذه الحقوق .
أما الوصية للأقربين الذين لا يرثون فهي وصية واجبة ولو بر هؤلاء الأقربون ووصلهم في حياته فإن الله تبارك وتعالى أراد أن تكون هذه الصلة مستمرة بعد مماته فلذلك فرض ما فرض من الوصية لهم .
وإن أوصى أحد بما عليه من الحقوق سواء كانت هذه حقوقاً لله تبارك وتعالى أو كانت حقوقاً للبشر فإن ذلك ينفذ من وصيته ، وقد أجمع الكل على أن حقوق العباد تنفذ من أصل المال ، واختلفوا في حقوق الله هل هي من أصل المال أو أنه من الثلث ، والراجح أنها من أصل المال ولو ذهب كثير من العلماء أنها من الثلث بدليل أن النبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام قال ( فاقضوا فدَين الله أحق بالقضاء ) ، وكلمة أحق إن لم تدل على أسبقية حقوق الله تبارك وتعالى على حقوق الناس فلا أقل من أن تدل على أن حقوق الله تبارك وتعالى وحقوق الناس جميعاً مشتركة في هذه الأحقية ، فلا تكون حقوق الله أقل من حقوق الناس .
واختلفوا فيما إذا كانت عليه حقوق لله تبارك وتعالى ولم يوص بها مع الإجماع أن حقوق البشر - أي ما كان عليه من ديون أو ما كان عليه من تبعات أو ما كان عليه من أي حق من حقوق الناس المفروضة عليه التي هي واجبة عليه - فإن أدائها يكون من المال ولو لم يوص بهذه الحقوق إذا ثبتت الحجة بها .
وأما حقوق الله فقد اختلفوا فيها فذهب أصحابنا وطائفة من علماء المذاهب الأخرى إلى أن هذه الحقوق لا تجب إن لم يوص بها ، ومنهم من قال بأنها تجب إن ثبتت لدى الوارث تجب في ماله ولو لم يوص بها ، وهذا القول هو أرجح ذلك لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ فاقضوا فدين الله أحق بالقضاء ) هو دليل على ذلك .
ومن العلماء من فرّق بين الحقوق الواجبة في الذمة - أي حقوق الله الواجبة في الذمة - وبين حقوقه التي هي واجبة في المال فلم ير وجوب أن تنفذ الحقوق الواجبة في الذمة ورأى وجوب أن تنفذ الحقوق الواجبة في المال ، وهذا هو الذي ذهب إليه الإمام نور الدين السالمي رحمه الله تعالى .
وبجانب هذا فإنه مما ينبغي للأولاد أن يبروا أباهم وكذلك أمهم بعد وفاتهما ، ومن هذا البر أن يكثروا من الصدقة عنهما ، وأن يفعلوا ما يمكن أن ينفعهما عند الله تبارك وتعالى كالحج والعمرة فإن ذلك مما يرجى خيره للوالدين وللأولاد الذين يأتون بهذه الأعمال ، أما أن نقول بالوجوب فإنه لا دليل على الوجوب ولكن ذلك من البر ومما ينبغي للإنسان أن يفعله ، والله تبارك وتعالى أعلم .

السؤال
ترك أحد أقربائي وصية ليحج عنه أحد أقرباه ، ثم رآه أحد أقاربه في المنام يطلب منه أن يحج عنه ويقول له : حج عني . فرد عليه هذا الرجل : لماذا لا تحج أنت عن نفسك ؟ فقال : أنا مشغول . فهل هذه الرؤيا تلزم القريب بالحج عن ذلك الرجل الذي رآه في المنام ؟
الجواب:
أما الإلزام فلا ، لأن الأحكام الشرعية لا تتلقى في المنامات ، وإنما تترتب هذه الأحكام على موجباتها ، ولكن مع ذلك فإن قول الميت حق لأنه في دار حق ، ولذلك ينبغي لهذا القريب أن يحج عنه ، وقوله إنني مشغول لا ريب أنه كذلك لأنه بسبب وفاته صار لا يتمكن من أداء الحج ، فمما ينبغي أن يحج عنه هذا فلعل في هذه الحجة خيراً للميت وخيراً لمن يحج عنه .



يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 19-03-2009 10:30 AM

أخي إبن الصحراء يسعدني تواجدك وإضافتك

جزيت َ كـل الخير

البراء 19-03-2009 11:05 AM

* دخل رجل المسجد ووجد الصف الأول مكتملاً ووجد مجموعة من الناس قد صفوا في الصف الثاني على جانب من جانبي المسجد ولا يوجد أحد في سترة الصف الثاني؟
فماذا على هذا الداخل أن يفعل في هذه الحالة؟


** عليه أن يأتي بأحد إلى السترة خلف الإمام، وفي هذه الحالة عليهم أن يلئموا صفهم مع صفه ويصلوا معه في ذلك المكان.

* علمنا من بعض المشايخ أن فهم الحساب وسط الصلاة ناقض لها، فهل هذا الحكم عام بحيث إن أي فهم للحساب ولو كان سهلاً يسيراً يعتبر ناقضاً؟

** أما إن كان شغل الإنسان نفسه بذلك فنعم، أما إن كان لم يشغل بذلك نفسه وإنما هذه واردات أفكار وردت عليه من غير أن يتسبب لها وكان مدافعاً لها فلا يكلف ما لا يطيق.

* تصاب البلاد بجدب ومحل شديد فما هو الخلاص، وكيف يتضرع الناس إلى ربهم، وماذا يصنعون حتى يأتيهم الغيث؟

** نسأل الله تعالى أن يغيث العباد والبلاد، (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30)، إنما مصائبنا مما كسبت أيدينا، فعلينا أن نتوب إلى الله ونستغفره.


والاستغفار سبب للغيث، الله تبارك وتعالى حكى عن نوح قوله ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) (نوح:10-12) .

فالناس مطالبون بأن يستغفروا الله، على أن يكون هذا الاستغفار ليس هو مجرد لقلقة اللسان، وإنما هو استغفار نابع من القلب بحيث يكون معه ندم على المعاصي وإقلاع عنها وعقد العزم على عدم العودة إليها، ففي هذه الحالة الله تبارك وتعالى يغيث عباده ويرحمهم ويلطف بهم ويرفع عنهم الشدائد، هذا مع التصدق على الفقراء والمساكين، بجانب دفع الزكاة الواجبة، فإن منع الزكاة هو الذي أدى إلى حبس القطر (وما منعوا زكاة أموالهم إلا حبس عنهم القطر، ولولا البهائم لم يمطروا) هكذا جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلّم. ومما يؤسف له أن الناس منعوا حقوق الله وحقوق الناس الواجبة في أموالهم، وهم يريدون من الله تعالى أن يسبغ عليهم نعمه، ولكن لا يؤدون شكر هذه النعم، ولا يقومون بواجب طاعة المنعم جل جلاله، فعليهم أن يطيعوا المنعم وأن يثوبوا إلى رشدهم، هذا مع التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، فإن المعاصي إنما هي سبب لسخط الله تعالى على عباده، الله تبارك وتعالى أنذرنا شر المعاصي في كتابه الكريم وقص علينا أنباء الأمم التي قبلنا (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) (الأنعام:6) .


والحق تبارك وتعالى يقول (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الإسراء:16) ، ثم يقول ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) (الإسراء:17)

فعلى الناس جميعاً ـ ونحن معهم على أي حال ـ أن يتقوا الله وأن يخلصوا عبادتهم له، وأن يتوبوا إليه توبة نصوحاً، ونسأل الله أن يتقبل توبتنا وإنابتنا.

* بعض الناس يفهم صيام الكفارة على أنه ثلاثة أيام متتالية بنهارها وليلها؟

** هذا كلام غير صحيح. كفارة اليمين لا يفزع الإنسان فيها إلى الصيام ، بل الصيام إن لم يجد ما خُيّر فيه بين أنواع التكفير، هو مخير بين أن يطعم عشرة مساكين أو يكسوهم أو يعتق رقبة، من لم يجد ذلك ولم يستطع شيئاً منه عندئذ يعدل عن ذلك إلى الصيام، فقد قال الله تعالى (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) (المائدة: من الآية89)، فغير الواجد هو الذي يصوم ثلاثة أيام .

على أن هذا الصيام كالصيام المعهود في شهر رمضان وغيره، يبدأ بطلوع الفجر الصادق وينتهي بغروب الشمس، فبعد غروب الشمس يحين وقت الإفطار، ولا يؤمر بالاستمرار على الصيام، إذا غربت الشمس من هنا وطلع الليل من هنا أفطر الصائم. فالصائم يعتبر مفطراً بمجرد غروب الشمس وظهور الليل من جهة الأفق الشرقي.



سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الخميس 21 ربيع الاول 1430 هـ

الموافق 19 من مارس 2009م



جامعي متميز 19-03-2009 03:32 PM

* المذهبية من القضايا التي كانت مقلقة في تاريخنا الإسلامي القديم وسبباً من أسباب التطاحن ، ويراد لها أيضاً أن تكون متكررة في تاريخنا الحديث ، قد ذكر ياقوت الحموي في زياراته شيئاً من الصور ومن الأحداث التي شاهدها كان منطلقها من هذا النوع .
كيف ينظر المسلم إلى مسألة المذاهب ، وكيف يفهمها حتى لا تكون مدخلاً من مداخل الفتنة بينه وبين إخوانه ؟
**لا ريب أن المسلم يحرص دائماً على حسن الظن بإخوانه المسلمين ، ولا يسيء الظن إلا بمن وجده يقف أمام الحق وقفة المتعنت الرافض للحق ، أما من لم يكن كذلك فإنه يحرص دائماً على حسن الظن .
والقضايا التي فيها خلاف ما بين المسلمين إما أن تكون قضايا فرعية ، وهذه القضايا الفرعية الأمر فيها يسير ، ليس الأمر فيها بالعسير ، وُجد الخلاف في القضايا الفرعية حتى بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم .
وإما أن تكون قضايا عقدية ، تعود إلى العقيدة ، وكلٌ يدّعي أن الحق عنده ، وهذه القضية أيضاً حلها سهل وميسر وذلك بتنقية القلوب والحرص على التجرد من العصبيات ، والحرص على إبداء النصيحة لوجه الله سبحانه وتعالى بحيث يجلس بعض إلى بعض ويتناقشون على ضوء الكتاب العزيز والثابت المتفق عليه عن الرسول صلى الله عليه وسلّم ، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه القضايا أيضاً يُتسامح فيها إلا إن خالف أحد ما كان الدلالة عليه دلالة نصية من كتاب الله أو من المتواتر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أما إن كانت جاءت بذلك أحاديث آحادية فالقضية لا تستدعي مثل هذه الشحناء ما بين المسلمين ، بل عليهم أن يتسامح بعضهم مع بعض لأن الآحادي هو ظني من حيث الثبوت ، الآحادي ليس بقطعي الثبوت ، وكذلك الأدلة التي هي قطعية الثبوت إن لم تكن نصية وكانت ظاهرة لا تعتبر قطعية الدلالة ، إذ الظاهر إنما هو ظني الدلالة ولو كان قطعي المتن ، هذا مما هو معروف عند الأصوليين ، فمثل هذه الأشياء يجب الاعتبار بها .
فإن وُجد أحد خرج عن نص قطعي والنص ثبوته أيضاً ثبوت قطعي عندئذ تُقام عليه الحجة بكتاب الله تعالى أو بالمتواتر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع بيان أن دلالتهما دلالة نصية بحيث لا تكون مجرد دلالة ظاهرة فحسب ، وعندما تقام الحجة أرجو أن من كان يحب السلامة لنفسه أن لا يعترض على حجة قامت عليه بنص قطعي من كتاب الله أو من المتواتر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، هذا يبعد أن يكون أحد من الناس إلا من كان متعنتاً شديد التعنت .
والله سبحانه وتعالى أمرنا مع الاختلاف ومع النزاع أن نحتكم إلى كتابه وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم وذلك في قوله عز من قائل ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )(النساء: من الآية59) .

*إذا صلى الرجل بامرأته أين تقف ؟
**هذه المسألة حقيقة وجدنا للفقهاء فيها قولاً لم نجد له دليلا ًمن السنة. وجدنا الفقهاء يقولون بأنها تقف على يساره وعللوا ذلك بأنه لو دخل داخل عليهما فإن ذلك الداخل هو الذي يقف على يمين الإمام وهي تتأخر فلذلك حتى لا تمنع الداخل من الوقوف على يمين الإمام . ولئن كانت العلة هذه فإن هذا فينبغي أن يحصر فيما إذا كان هنالك إمكان لئن يدخل عليهما داخل ، أما إن كانا وحدهما في غرفتهما ولا يدخل عليهما داخل فإنه لا ينبغي أن يفرق بينها وبين الرجل فتقف في هذه الحالة على جنبه الأيمن .

*هل يجوز أن يصلي بزوجته الفرض أيضاً ؟

**لا مانع من ذلك .

*إذا كان الإمام يصلي بالناس ويوجد خلف المسجد ملحق للنساء وتصلي النساء على صوت الإمام عن طريق لاقط الصوت ، وحدث أن سقط لاقط الصوت من الإمام ، فهل يصح للسترة أن يذهب فيضعه على الإمام ، هل يعد هذا مخلاً بالصلاة ، لأن النساء هناك لا يسمعن صوتاً بعد ذلك ؟
**حقيقة الأمر ينبغي للإمام نفسه أن يحاول بأن يأتي بالأمر فيه مصلحة الصلاة ، فإن رفعه لأجل مصلحة الصلاة فلا حرج في ذلك . وإن تعذر أن يقوم الإمام بذلك فليقم بذلك غيره إن كان ذلك أمراً ضرورياً لأجل مصلحة الصلاة . ويسحب رجليه في ذهابه وإيابه .

*هذه حدثت وسقط لاقط الصوت من الإمام فبقيت النساء بلا صوت فبعضهن أتممن الصلاة وبعضن توقفن وأعدن الصلاة من جديد فمن منهن الصائب ؟

**بما أنهن دخلن في الصلاة فإن أتممن الصلاة مع تعذر الائتمام بالإمام فلا حرج عليهن في ذلك ، ومن أعادت فإنها احتاطت لنفسها ، والله تعالى أعلم .


يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 20-03-2009 10:57 AM

سؤال:

بما أننا الآن في أجواء الاحتفال بالمولد النبوي الشريف كيف يمكن للمسلمين عموماً أن يصنعوا من هذا الحدث العظيم الكريم الجليل فرصة لتجديد الولاء والعهد ولنشر الإسلام والتعريف به كما يصنع غيرنا على الأقل عندما يقيمون ضجة إعلامية كبيرة في احتفالهم بأعياد ميلاد أنبيائهم أو ما شابه ذلك؟

الجواب :

أولا أنا أريد استدرك بأنه أولئك الأنبياء نحن أولى بهم، نحن لا نفرق بين أحد من الرسل، ونؤمن بأن ما نحن مستمسكون به من العقيدة هو ما كان عليه أولئك الأنبياء، الله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:25)، ويقول (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل: من الآية36)، ويقول عز من قائل حكاية عن نوح وهود وصالح وشعيب (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)، وحكى عن المسيح عيسى عليه السلام أنه قال (اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ) (المائدة: من الآية72)، فإذن نحن أولى بأولئك الأنبياء، وأولئك أنبياؤنا وليسوا بأنبيائهم، نحن أولى بهم، نحن متمسكون بهديهم، متبعون لهم (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (آل عمران:67).

علينا أن ندرك هذا ثم على أي حال نحن ندرك أن السلف الصالح عندما كانوا قريبين من المنبع الصافي النقي الطاهر ما كانوا بحاجة إلى أن يجددوا عواطفهم تجاه الرسول صلى الله عليه وسلّم باحتفالات يقيمونها ذكرى لأي حدث من أحداثه صلى الله عليه وسلّم سواء كان ذلك حدث ولادته أو كان حدث مبعثه أو كان حدث هجرته أو كان حدث أي موقف وقفه صلى الله عليه وسلّم، ما كانوا بحاجة إلى ذلك لأنهم كانوا جديدي عهد بالنبوة، وكانت عواطفهم تتأجج تجاه شخص الرسول صلى الله عليه وسلّم لا تخمد بحال من الأحوال، ولا يطرأ عليها ما يجعلها تبرد أو يجعلها تتراجع، بل كانت عواطفهم عواطف تجاه شخص الرسول ثائرة باستمرار، ونحن بحاجة إلى هذه الروح الوثابة، بحاجة إلى هذه الروح الدعوية أن تكون فينا، بحاجة إلى ما يوقظ منا هذه العواطف تجاه شخص الرسول صلى الله عليه وسلّم والغيرة عليه صلوات الله وسلامه عليه والحفاظ على كرامته صلوات الله وسلامه عليه، والتفاني من أجل إبلاغ دعوته إلى الناس أجمعين، بحاجة إلى هذا كله، فلذلك علينا أن ندرك أن القضية ليست قضية احتفال، ليست قضية أن يخرج الناس في اجازة في يوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلّم منهم من يُقضّي وقته في اللهو، ومنهم من يزيد على ذلك بحيث يُقضّي وقته في معاصي الله سبحانه، هذا ليس من حب الرسول صلى الله عليه وسلّم في شيء، إنما حب الرسول صلى الله عليه وسلّم يتجسد في حسن الاقتداء به وفي الغيرة على دينه وفي الغيرة على سنته صلى الله عليه وسلّم، وفي الحرص على إحياء هذه السنة وجعلها تتجسد في حياة كل فرد من أفراد هذه الأمة، هذا هو الحب الصحيح لشخص الرسول صلى الله عليه وسلّم.
إن حب النبي صلى الله عليه وسلّم ليس مجرد عاطفة لا تكاد تثور حتى تغور ولا تكاد تتأجج حتى تخمد، وإنما حب النبي صلى الله عليه وسلّم قبل كل شيء عقيدة راسخة في النفس، مستحكمة في العقل والقلب، مسيطرة على الفكر والواجدان، توجه الإنسان الوجهة الصحيحة، وتقوده في الصراط المستقيم إلى مرضاة رب العالمين.
فنحن إن أدركنا هذا على أي حال أدى ذلك بنا إلى أن نحرص على التفاني في خدمة هذا الدين، وإحياء ما اندرس من سنته صلوات الله وسلامه عليه.


سؤال :

في مجتمعنا يقومون في عيد المولد النبوي بإقامة رباط يبدأ من العاشرة صباحاً إلى الثالثة زوالاً، يبدأون بالاستغفار والحمد والتسبيح والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم سرا، ثم يقرأون القرآن، وبعض الأخوات يصمن هذا اليوم، فهل تخصيص هذا اليوم بكل هذه العبادات فيه شيء؟

الجواب :

لا داعي إلى تخصيص هذا اليوم بهذا، الوقت كله وقت عبادة، والزمن كله زمن صلة بالله سبحانه وتعالى، نعم الأوقات التي خُصصت بعبادات معينة توقيفية جاءت من الشارع علينا أن نحرص على تلكم العبادات فيها، أما بقية الأوقات فإننا نعمل ما نستطيعه من ذكر الله تعالى، ويؤمر الإنسان أن يذكر الله سبحانه وتعالى على أي حال، نحن نجد في كتاب الله سبحانه كيف يأمرنا الله سبحانه بأن نذكره بعد أداء عباداتنا (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ) (النساء: من الآية103)، ويقول تعالى (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة:10)، ويقول (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) (البقرة: من الآية200) ، هكذا يؤمر الإنسان أن يحرص على ذكر الله عز وجل على كل حال، ولذلك الذكر شُرع عند طلوع الشمس وعند غروبها في بداية الليل وبداية النهار وأدبار الصلوات، كما نجد دلائل ذلك في القرآن الكريم خلافاً لمن يعرضون عن ذكر الله أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم فإن الله عز وجل يقول (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (الكهف:28).
على أي حال ذكر الله سبحانه وتعالى مطلوب، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم مطلوبة أمر الله تعالى بها في كتابه قال عز وجل (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56)، فالإنسان عليه أن يحرص على الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلّم في جميع الأوقات لا في هذا اليوم.

وليست هنالك خصوصية لصيام مولده صلى الله عليه وسلّم أو يوم اليوم الذي يصادف ذكرى مولده لا دليل على ذلك، ولكن مع هذا كله نحن نرغب في أن تكون عاطفة الناس قوية تجاه الرسول صلى الله عليه وسلّم ولو كانت هذه العاطفة تتجدد عاماً بعد عام، نحن نريدها دائماً مستمرة بحيث لا تفتر من وقت إلى آخر بل تستمر هذه العاطفة متأججة بين حنايا مشاعر الإنسان.





سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الجمعة 22 من ربيع الاول 1430هـ

الموافق 20 من مارس 2009م



جامعي متميز 21-03-2009 03:42 PM

*ما هي مظاهر حب أهل عمان للنبي صلى الله عليه وسلّم، وما هي صوره وصور الإخلاص والتضحية للإسلام؟
**على أي حال لقد منّ الله سبحانه وتعالى على أهل عمان بأن هداهم للإسلام في مرحلة مبكرة في عهده صلى الله عليه وسلّم مع بُعد دارهم عن مهبط الوحي ومشرق النور، عن الكعبة المشرفة وعن المدينة المنورة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، ولكنهم تسارعوا إلى اعتناق هذا الدين قبل أن تفتح مكة المكرمة، فُتحت عمان بالدعوة قبل أن تفتتح مكة المكرمة بالجنود، هذا من فضل الله سبحانه على هؤلاء الذين يقول فيهم العلامة أبو مسلم رحمه الله يقول في عمان:
ولكن شجاني معهد بان عهده *** فبان الهدى في إثرهم والمكارم
هو المعهد الميمون أرضا وأمة *** وإن زمجرت للجور حيناً زمام
هو المعهد المعمور بالرحمة التي *** سقت من إمام المرسلين المراحم
سيكثر وراداً على الحوض أهله *** إذا جاء يوم الحشر والكل هائم
لقد صدّقوا المختار من غير رؤية *** وتكذيبُ جُل الشاهدين مقاوم
ولا ريب أن أهل عمان تفانوا في حب النبي صلى الله عليه وسلّم ، شاركوا في الجهاد ، شاركوا في الفتوحات العظيمة التي كانت في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم، وشاركوا في نشر دعوة الإسلام في أرجاء الأرض، في ديار كثيرة من الأرض، وشاركوا أيضاً في الحفاظ على سنة النبي صلى الله عليه وسلّم، فكان من بينهم الإمام أبو الشعثاء جابر بن زيد رحمه الله تعالى من فرق التي هاجر منها إلى مدينة المنورة ثم إلى البصرة واجتمع بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم ونقل علماً كثيراً غزيراً عنهم حتى قال ابن عباس رضي الله عنه: عجباً من أهل العراق يحتاجون إلينا وعندهم جابر بن زيد لو قصدوا نحوه لوسعهم علمه.
وكذلك تلامذة جابر رحمه الله مع حفاظهم على الدعوة النقية الصافية الصحيحة، وكذلك تدوينهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلّم كما كان من الإمام الربيع بن حبيب الذي كان من أوائل من دونوا سنة النبي صلوات الله وسلامه عليه.


*أخت زوجتي ستتزوج قريباً وهي متخوفة من نوعية الشخص الذي ستتزوج به وحتى أكون واضحا معكم فقد سألتني ما إذا كان يصح الزواج برجل يؤيد بشدة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلّم، والصعوبة تكون فيما إذا كان يمكن للمسلمة أن تتزوج بمن يقيمون الموالد، وفي هذه المناسبة يُدعى الناس لحضور الاحتفال حيث تُقرأ بعض الأحاديث، ويقال الدعاء، فهل يجوز للمسلمة الزواج ممن يفعل هذا الفعل؟
**هذا كلام عجيب، هل معنى ذلك خرج من ملة الإسلام حتى يُسأل عن جواز الزواج بمن يفعل ذلك؟؟
لا ريب ـ كما قلت ـ إن السلف الصالح ما كانوا بحاجة إلى أن يقيموا لهذه المناسبات احتفالات لأنهم كانوا قريبي عهد.
فلئن كان هذا الاحتفال تُردد فيه قصة مولد النبي صلى الله عليه وسلّم وما كان من تفانيه في الدعوة، وما كان من إبلاغ الإسلام للناس فإن ذلك لا يضير شيئا حتى يقتدي الناس بشخص الرسول صلى الله عليه وسلّم في ما قام به.
أما كانت هنالك أشياء تخرج عن الحق إلى الباطل أو تخرج بصاحبها من الإسلام إلى الكفر بالله تعالى كأن يُجعل النبي صلى الله عليه وسلّم في مقام الإلوهية أو أن يُجعل شريكاً لله في ملكه أو يُجعل لله في تصريف هذا الكون أو في إيجاد هذا الكون فذلك بطبيعة الحال لا يُقره مسلم مؤمن بالله واليوم الآخر.
وأنا أدعو جميع المسلمين إلى التسامح فيما بينهم حتى لو اختلفوا في أمور من الرأي أن لا يدفعهم هذا الاختلاف إلى الشقاق والتمزق وتكفير بعضهم بعضا وتضليل بعضهم بعضا، عليهم أن يتقوا الله سبحانه، وأن يحرصوا على اجتماع الشمل والألفة بين قلوبهم فإنه سبحانه وتعالى يقول (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:92)، ويقول (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (المؤمنون:52) ، ويقول ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا )(آل عمران: من الآية103) ويقول ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران: 105)

*يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) (الحجرات: من الآية2)، هذه الآية القرآنية الآن كيف نطبقها والنبي صلى الله عليه وسلّم ليس بيننا؟
**نعم نطبقها إذا قرأت علينا سنة النبي صلى الله عليه وسلّم لا يتطاول على أحد رفع صوته فوق صوت قارئ هذه السنة لأنه يبلغ ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلّم، ثم مع هذا لا يعارَض ما قاله صلى الله عليه وسلّم بما قاله أحد من الناس كما يقول في ذلك الإمام السالمي رحمه الله:
ولا تناظر بكتاب الله *** ولا كلام المصطفى الأواه
معناه لا تجعل له نظيرا *** ولو يكون عالماً خبيرا .


*إذا قلنا أن اليهود في المدينة المنورة حسدوا النبي صلى الله عليه وسلّم كما وصفهم القرآن الكريم، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلّم ظهر عليهم والمسلمون صاروا هم المهيمنين، لكن الذي يحدث من غيرهم في هذا العالم الآن وفي هذا العصر المتأخر هؤلاء يروا أن المسلمين متخلفين عنهم مسافات بعيدة، ويروا أنهم هم أسياد العالم، فلماذا هذا الحسد؟
**هذا الحسد لأنهم مع مؤامراتهم لهذا الإسلام ومع تنكرهم لدعوة الإسلام يشرق نور الإسلام في الأرض على رغم أنفوهم، هم يحاولون أن يطمسوا نوره ويأبى الله سبحانه وتعالى إلا أن يتمه (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة:32ـ33) ، فهؤلاء حسدوا هذه الدعوة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلّم، وهم يريدون من خلال تشويه صورة الرسول صلى الله عليه وسلّم والإساءة إليه أن يقللوا من قيمة الدعوة إلى دينه الذين جاء به، ومن قيمة الكتاب الذي بعث به، ومن قيمة الرسالة التي أرسل بها، فلذلك يتطاولون على هذه المقدسات بما يتطاولون به، كأنهم يتصورون أنهم من خلال ذلك يمكنهم أن يطفئوا هذا النور أو أن يحدوا من انتشار هذا الدين ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره، فإنهم كلما أوغلوا في هذه التصرفات الرعناء تنقلب الأمور على عكس ما يتصورون وعلى عكس ما يخططون فإذا بالدين ينتشر، الآن في الغرب ينتشر الدين انتشاراً عجيباً، والعقلاء منهم يدركون أن المستقبل إنما هو لهذا الدين، وأن الله سبحانه وتعالى سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأن الإنسانية ولو أوغلت في الضلالة وتمادت في الغي وبعدت عن الحق ستعود إلى هذا الحق وستستمسك به، وسيكون تحول في هذا العالم من الشر إلى الخير ومن الفساد إلى الصلاح ومن التنافر إلى التواد والتقارب ومن التشتت إلى الاجتماع ومن البغضاء التي تسود إلى المودة والوئام بسبب هذا الدين الذي سيجمع ما بين هذه الأمم المتنافرة في هذه الأرض وسينتزع من قلوبها السخائم والأحقاد.



يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


جريدة الوطن
21 من مارس 2009


الساعة الآن 03:17 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها

a.d - i.s.s.w