منتديات حصن عمان - فتاوى وأحكام عـامـة
منتديات حصن عمان

منتديات حصن عمان (http://www.hesnoman.com/vb/index.php)
-   البرج الإسلامي (http://www.hesnoman.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   فتاوى وأحكام عـامـة (http://www.hesnoman.com/vb/showthread.php?t=18060)

البراء 26-12-2008 11:33 AM

*ما نصيحتكم للعالم الإسلامي وهو يستقبل عاماً هجرياً جديداً؟
نبدأ أولاً بتهنئة المسلمين جميعاً بهذه المناسبة الغالية العزيزة، ونحن نرفع أكف الضراعة إلى الله تبارك وتعالى أن يجعل العام المستقبل عام يمن وبركة وخير ووئام ووفاق ما بين الأمة الإسلامية، بحيث يجمع الله فيه شتاتها، ويؤلف فيه بين قلوبها، ويوحد فيه كلمتها، ويغمرها الله تبارك وتعالى بألطافه، وينتشلها مما وقعت فيه من الضياع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يمن على هذه الأمة بالنصر العتيد والتمكين في الأرض وتمكين دينها الذي ارتضاه لها سبحانه وتعالى.
ثم مع هذا نقول بأن مرور الأعوام فيه عِبر للأفراد وللمجتمعات وللأمم، فلذلك على كلٍ أن يحاسب في مثل هذه المناسبة نفسه.
هذه مرحلة من حياة البشر، مرحلة من حياة الفرد مرت، ومرحلة من حياة المجتمع، ومرحلة من حياة الأمة، فإذن على الأمة أن تحاسب نفسها.
نحن عندما أشرقت إشراقة القرن الهجري الجديد بعدما مر القرن الرابع عشر تطلعنا إلى أن يكون القرن الجديد قرن وئام ووفاق بين الأمة، وأن يريح الله تبارك وتعالى فيه هذه الأمة بعدما أصيبت بما أصيبت به في القرن الذي مضى من التفرق والاختلاف والشقاق والنزاع والهزيمة وضياع المقدسات إلى غير ذلك مما رُزأت به هذه الأمة، ورجونا أيضاً للإنسانية الخير في القرن الهجري الذي نحن فيه، ذلك لأن القرن الذي مضى كان قرن مآسي لا بالنسبة إلى الأمة الإسلامية فحسب بل بالنسبة إلى الإنسانية قاطبة، وحسبنا لو نظرنا نظرة إلى الحربين العالميتين وما خلفتاه من دمار كبير، وما كان فيهما من حصد أرواح لا تحصى، هذا دمار، هذا مما لا يتمناه أي أحد فيه ذرة من خير لهذه الإنسانية، إنما الكل يتمنى أن تكون الإنسانية في خير وأن تسعى إلى الخير دائماً لا أن تسعى إلى دمارها.
ومضى الآن ربع قرن، والآن نستقبل الربع الثاني من هذا القرن الهجري فهل نجد أن المسلمين حاسبوا أنفسهم؟
فنحن على أي حال نذكّر المؤمنين جميعاً بأن من واجبهم أن يحاسبوا أنفسهم، وأن يسعوا إلى جمع شتاتهم وتوحيد صفهم والتفاف بعضهم حول بعضهم من أجل التعاون على الخير، من أجل الدعوة إلى الله، من أجل إبلاغ رسالة الإيمان إلى الخلق، من أجل تبصير هذه النفوس بما فيه صلاحها وبما فيه رشدها وبما فيه منفعتها.
هذا من واجب المسلمين أن تتضافر عليه جهودهم، ومع هذا فإن على كل فرد أيضاً أن يحاسب نفسه بماذا أسهم في هذا، فإن الأمم إنما تتكون من الأفراد، والمجتمعات تتكون من الأفراد، فلا يمكن أن تسعد أمة إلا عندما يكون أفرادها ساعين إلى الخير، دعاة له، حاملين له إلى الناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فهذه مسئولية الأفراد، فعلى كل فرد إذن وهو يمر بهذه المناسبة أن يحاسب نفسه على ذلك.

الدرجة التي بلغها الصحابة مهاجرين وأنصارا في بذلهم وعطائهم، فالمهاجرون تركوا ما تركوا والأنصار استقبلوا المهاجرين بذلك الصدر الرحب فقاسموهم أموالهم وأزواجهم، هل هذا محض توفيق من الله عز وجل، وهو لا شك أنه توفيق، ولكن هل هناك تسبب مسبق من قبل هؤلاء للعناية بأنفسهم زكاة وطهارة، أو أن هذا كان من قبيل الذي قد لا يتصور أنه يتكرر هيأه الله عز وجل للتكوين الإسلامي في ميلاده؟
هذا إنما يعود إلى الإيمان، عمق الإيمان هو الذي يفعل العجب في الإنسان، فالإيمان رسخ في قلوب هؤلاء، وبقدر رسوخ هذا الإيمان كانت العناية الإلهية بهؤلاء الناس حتى استعلوا على الطبائع البشرية المألوفة، فكانوا أمة مثالية في مودة بعضهم لبعض وترحيب بعضهم ببعض وحرص بعضهم على مصلحة بعض، هكذا كل ذلك إنما كان بعمق أثر الإيمان في نفوسهم.














سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الجمعة 27 ذي الحجة 1429 هـ
الموافق 26 من ديسمبر 2008م


البراء 31-12-2008 11:35 AM

*المكان الذي نصلي فيه تقوم بتنظيفه نساء، فهل تجوز الصلاة فيه؟

**أنا أعجب من هذا السؤال، وكيف يصدر من طالب يدرس في مرحلة جامعية!! هل المرأة رجس؟ عجب كيف يقال بأن الصلاة لا تجوز في مكان تنظفه النساء. ما هو السبب في ذلك؟ هذه نظرة غير نظرة إسلامية، هذه نظرة جاهلية، فالمرأة ليست نجسة، إنما المرأة طاهرة كالرجل حتى ولو كانت في فترة حيض مثلاً، حيضتها لا تعني نجاسة جسمها كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه كان يدخل مع الحائض في لحاف واحد، وثبت عنه عليه أفضل الصلاة والسلام أنه كان يتعرق اللحم الذي تتعرقه الحائض فيضع فاه حيثما وضعت فاها كما جاء ذلك في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها .
وعندما طلب منها أن تناوله الخمرة أي الفراش الذي يصلي فيه وقالت له إني حائض قال لها: ليست حيضتك في يدك. فهذا يدل على أن بدن الحائض طاهر فلا يقال بأن المرأة هي نجسة، هذا كلام لا يسوغ.
ولو قدرنا أن بدنها نفسه نجس ـ لو قدرنا ذلك بطريق الفرض لا بطريق التسليم ـ فإن ذلك لا يعني أن كل ما لاقى هذا البدن يتنجس، إذ البدن النجس لا يؤثر على الطاهر الذي يلقاه إن كانا جميعاً يابسين .
فكيف يقال بأن المكان الذي تنظفه المرأة لا تجوز الصلاة فيه .

أنا أعجب من هذا السؤال وأن يصدر من طالب ولعله في المرحلة الجامعية أو ما بعد هذه المرحلة الجامعية .

*امرأة تفوتها في بعض الأحيان صلاة الفجر فتصليها في وقت متأخر بعد طلوع الشمس، وهناك من قال لها عليك أن تصليها مع الظهر، لكنها سمعت أيضاً أنها تصليها فور قيامها فما الحكم؟

**الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا تذكرها. فمن نام فليصلها في وقت يقظته، ومن نسي صلاة فتذكرها فليصلها إذا تذكرها، وإن كان ذلك الوقت وقتاً لا تصح فيه الصلاة فلينتظر حتى ينتهي الوقت الذي لا تجوز فيه الصلاة.
والأوقات التي لا تجوز فيها الصلاة هي ثلاثة أوقات: وهي حال طلوع الشمس، بداية طلوع الشمس عندما يخرج شعاع من الشمس حتى تستكمل طلوعها، وعندما يبتدأ غروب الشمس حتى ينتهي غروبها أي تكون غاربة تماماً، وعندما تكون في كبد السماء في الحر الشديد أي عندما تتكون في وسط السماء بين المشرق والمغرب في وقت شدة الحر، وأما في بقية الأوقات فإن من استيقظ في وقت فعليه أن يصلي في ذلك الوقت الذي استيقظ فيه وأن لا يؤخر الصلاة إلى ما بعد ذلك، وكذلك الذي تذكر الصلاة في وقت فعليه أن يصليها في حال تذكره وأن لا يؤخرها إلى ما بعد ذلك، والله تعالى أعلم .


*ماذا يلزمنا إن وجدنا اسماً من أسماء الله الحسنى مكتوباً في ورقة أو آية من آيات القرآن الكريم، هل يجوز لنا حرقها أو قص كل حرف منها؟

**هي ولو قطعت حروفاً صغيرة فإن ذلك لا يقضي على حرمتها، حرمتها تكون باقية، ولذلك ينبغي في مثل هذه الحالة أن تؤخذ أسماء الله تعالى وما كان من الآيات القرآنية التي لا تمكن المحافظة عليها وما كان من كل ما هو مقدس أي بما فيه أسماء لله تعالى يجب أن يؤخذ ذلك ويتلف بطريقة إما أن يُرمى في بئر مهجورة بحيث تكون هناك طمأنينة بأنه لن يصل أحد إلى هتك حرمتها، وإما أن تدفن في أماكن بعيدة بعد وضعها في الأكياس، وإما أن تلقى في البحر، وإن تعذر ذلك كله فلا مانع من الإحراق، والله تعالى أعلم .

*رنين جرس الساعات المعلقة على الحائط ورنين أيضاً الساعات الموجود على أيدي المصلين، هل هذا يدخل ضمن الكلام على الهاتف النقال؟

**كل ما يشغل المصلين يجب أن يكافح، وأنا أعجب لماذا تكون في المساجد ساعات ترن، ينبغي أن تكون ساعات صامتة، الناس ليسوا بحاجة إلى أن يعدوا رنين الساعات وإنما هم بحاجة إلى أن يعرفوا الساعة من خلال نظرهم إلى عقاربها قبل دخولهم في الصلاة.



سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الاربعاء 3 محرم 1429 هـ
الموافق 31 من ديسمبر 2008م

البراء 06-01-2009 07:28 PM



* هل المأموم مطالب بقراءة الاستعاذة ؟
** نعم ، ما الفارق بين المأموم والإمام ؟ كل من يقرأ فعليه أن يستعيذ لا فرق بين إمام ومأموم ومنفرد .

*حديث ( يدخل الجنة سبعون ألفاً بغير حساب ولا عذاب وهم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) ، فهل مفاد هذا الحديث أن الإنسان لا يأخذ بالأسباب ؟

** لا ، فالأخذ بالأسباب مما يؤمر به ، والنبي صلى الله عليه وسلّم حض على العلاج ورقى عليه أفضل الصلاة والسلام بآيات قرآنية ، وكذلك رقى لنفسه عليه صلوات الله وسلامه ، وأخذ بالأسباب في كل شيء ، والقرآن يأمرنا بالأخذ بالأسباب في كل شيء ، فكيف مع ذلك لا يقال بأنه لا ينبغي للإنسان أن يأخذ بالأسباب .

* هل للمرأة حكم يغاير حكم الرجل في السجود ؟

** المشهور عند العلماء بأن المرأة تؤمر بأن تضم بعضها إلى بعض في سجودها ، وأن لا ترفع مؤخرتها كثيراً في حال السجود بخلاف الرجل ، هذا هو المشهور .
ومن العلماء من يرى أنه لا فرق بين المرأة والرجل في هذا ، ذلك لعدم وجود التخصيص في الشرع ، وإنما التخصيص مما يُفهم من وجوب الستر على المرأة ، وهي قد تكون تصلي داخل بيتها بحيث لا يطلع عليها رجل ولا يراها أحد إلا زوجها مثلاً أو من يراها من بنات جنسها ، فلا حرج في هذه الحالة أن تصلي كصلاة الرجل من حيث الهيئة .

** إذا أسقطت المرأة قبل أربعة أشهر فمتى تطهر ؟

** هذه المسألة وقع فيها خلاف كثير إذا كان ما أسقطته غير كامل الخلقة ، والذي نأخذ به هو رأي قطب الأئمة رحمه الله التفرقة ما بين المراحل ، فإن كان ما أسقطته علقة فحكمه سبعة أيام ، وإن كان مضغة فحكمه أربعة عشر يوماً ، وإن كان مضغة مخلقة فحكمه واحد وعشرون يوماً ، وإن كان كامل الخلقة فالمدة كلها وهي أربعون يوماً ، هذا إن استمر بها الدم ، أما إن رأت الطهر قبل ذلك فعليها أن تغتسل وتصلي .

*هل يصح أن تختلف نية الإمام عن المأموم في الصلاة بحيث يصلي الإمام فرضاً ويصلي المأموم فرضاً آخر ؟

** هذا مما اختلف فيه أهل العلم ، ونحن نود مع التوسع أن لا يكون ذلك ، أما مع الضيق فلا حرج إن شاء الله .

** هل يصح للمسافر أن يؤم الناس في الفريضة الثانية كأن يصلي المغرب ويؤم الناس في العشاء ويصلون معه سنة المغرب ، أو أنهم صلوا الظهر فيؤمهم في العصر ويصلون خلفه سنة الظهر ؟

* صلاة المتسنن خلف المفترض جائزة بلا خلاف .



سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 09-01-2009 11:40 AM



*بعض الناس يتصيدون الرخص ولربما أيضاً نيتهم أخرى فيسألون عالماً من العلماء مسألة من المسائل ويعملون بها حيناً من الزمن ثم يسألون عنها عالماً فيتركون ذلك الحكم ليأخذوا بالحكم الجديد فهل يصح لهم ذلك؟

**ما هو الداعي لتكرار السؤال؟ وما هو الباعث على ذلك؟ هل هذا كله من أجل محاولة التماس الرخص؟ ومحاولة الخروج من الدليل الشرعي أي الانفكاك من الدليل الشرعي؟ أو المحاولة هي محاولة استفادة علم ومعرفة، أما إذا كان ذلك العالم أفتى برأي واحد وفي المسألة آراء متعددة وهم يريدون الاستفادة من الآراء المتعددة، أو لأنه وقع في نفوسهم أنه ربما كان ذلك العالم عندما أفتى وهو غير حاضر الذهن فأرادوا التأكد من كونه حاضر الذهن إلى غير ذلك من الأسباب التي هي تعد مشجعة على هذا التصرف أما إذا كان المقصود من هذا أن يتصيدوا الرخص أو المقصود بهذا أن يوقعوا بين أهل العلم شيئاً من الاختلاف وشيئاً من الشقاق فذلك أمر غير جائز وعليهم أن يكفوا عنه والله تعالى يعلم سرائرهم .


*يحدث خلافاً بين العلماء ونحن لا نسميه خلافاً وإنما نسميه تعدد آراء لكن بعض الذين يأخذون برأي عالم من العلماء عندما يرون الآخرين قد أخذوا برأي عالم آخر يقرعونهم ويدعون أنهم هم الأفضل وعلى ذلك أن يترك الرأي الذي أخذه، ما هي نصيحتكم لهؤلاء؟

**إن كان الطرف الثاني عول على رأي عالم بلغ رتبة من العلم تمكنه من النظر في الأدلة الشرعية وإعطاء الحكم الشرعي بناء على نظره فليس لهم أن يقرعوه، وليس لهم أن يوبخوه، وليس لهم أن ينالوا منه قط، وإن كان إنما حاول أن يخالف ذلك العالم لهوى في نفسه ورغبة في المخالفة لا غير ذلك هذه مسألة أخرى والله يعلم السرائر.
والمسائل الفرعية يسع فيها الاختلاف، ولا يجوز فيها قطع العذر، ومن قطع عذر أحد فيها قُطع عذره لأنها مسائل فرعية، وكل واحد من العلماء يقول: قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب، هذا هو قول كثير من العلماء حسبما قرأنا عنهم .


*الذي يتردد أن الاختلاف بين العلماء رحمة، هل هذا الاختلاف في المسائل الفقهية أم أيضاً يشمل المسائل العقائدية؟

**الاختلاف في المسائل الفقهية هو اختلاف رحمة ولئن كانت المسائل العقدية لا تصل إلى القطع بحيث لم يكن هنالك دليل قطعي لقول أحد من الناس وإنما كان يترجح رأي من الآراء عند أحد بسبب ما يراه من القرائن التي تؤيد رأيه فالقضية أيضاً لا تتعدى أن تكون قضية رأي ويجوز فيها الاختلاف .

أما إن كان الأمر بخلاف ذلك بحيث يرد أحد دليلاً قطعياً ثابتاً في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم المتواترة وكانت دلالته نصية ولم تكن دلالته ظاهرة فحسب فإن هذا هو الذي يرد، والذي لا يجوز الاختلاف معه، ويكون الاختلاف معه نقمة بدلاً من أن يكون رحمة. وأيضاً حتى في المسائل الفقهية لو رد أحد من الناس حكماً فقهياً منصوصاً عليه في كتاب الله تعالى أو في السنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه فإنه لا يعتبر ذلك الاختلاف رحمة. الاختلاف الذي هو رحمة إنما هو الاختلاف في فهم الأدلة إذا كانت هذه الأدلة ليست نصية، ويكون الاختلاف في أيضاً رحمة في ترجيح دليل على دليل إذا كانت هذه الأدلة في نفسها ظنية بحيث كانت ظنية المتن وذلك كالأحاديث الآحادية، والله تعالى أعلم .


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 13-01-2009 12:32 PM

*هل يجوز شرعأ اختيار جنس الجنين، الآن هناك بحوث مكثفة تجرى من أجل أن يتحكم الأب والأم في جنس الجنين فيختارونه تارة ذكرا ًويختارونه تارة أثنى، وهذه البحوث وإن لم تظهر على الساحة بشكل واسع إلا أنها بدت تخطو خطواتها الأولى واقعاً، فهل يجوز ذلك شرعا ؟

**بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن حكمة الله تبارك وتعالى اقتضت أن يكون الجنس البشري كسائر الأجناس الحية الأخرى يتكون من نوعين من الذكر والأنثى ليتم بينهما التكامل. هو تعالى حكمته اقتضت أن يتفاوت الناس فيما يوهبون من هذين النوعين منهم من يوهب الذكور، ومنهم من يوهب الإناث، ومنهم من يوهب من كلا الجنسين، ومنهم من يحرمهما جميعا، يقول تعالى (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً) (الشورى:49ـ50).
هذه هي إرادة الخالق وهذه هي حكمته، والإنسان مهما أوتي من طاقات العقل وملكات التفكير إلا أن عقله يرتد خاسئاً ذليلاً أمام جبروت العزة الإلهية وأمام حكمة الله تبارك وتعالى البالغة التي تعجز عقول البشر أن تكتنهها كما هي، فلذلك ما كان على الإنسان إلا أن يسلم تسليما .

والله سبحانه وتعالى هو العليم بضرورات هذه الحياة وبمتطلباتها، وقد اقتضت حكمته هذا التنويع، فلذلك نحن نرى خطورة بالغة أن يطلق للإنسان العنان في الاختيار والتحكم في أمر النسل لأن ذلك يتصادم مع الحكمة الربانية، فقد يوجد أناس فيهم الحمية الجاهلية، هم لا ينظرون إلى الأنثى إلا نظرة احتقار وازدراء، هؤلاء قد تسول لهم أنفسهم أن يتحكموا في أجنتهم فلا يريدوا إلا أن يولد لهم ذكور، وقد يكون هنالك اتجاه آخر أيضا، فهذا الأمر يؤدي إلى خطر بالغ، ومن طرق الإسلام في معالجة القضايا سد ذرائع الفساد .
وبناء على ذلك نرى أن هذه ذريعة إلى أمر قد يكون فيه الكثير من الفساد فلذلك يجب أن تسد هذه الذريعة. كما أنه قد يؤدي ذلك إلى التغلغل في البحوث المتعلقة بهذا الجانب إلى أن يحصل ما حصل فعلاً مما يسمى بالاستنساخ ، وألا يقف ذلك عند حدود الحيوانات بل تتناول التجربة الإنسان، في هذا من المساس ما هو معلوم لكل ذي عقل، فلذلك نحن نرى أن الاسترسال في هذه البحوث قد يفضي إلى مخاطر كثيرة، فيجب أن يوقف هذا الأمر عند حده وألا نعترض على حكمة الله سبحانه (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) (القصص:68)، والله تعالى المستعان.


*هناك أمور تعارف عليها بعض الناس يستطيعون من خلالها كما يقولون أن يتحكموا في جنس الجنين، لا يستخدمون شيئاً من الأجهزة أو من العقاقير وإنما هي عملية توقيت فمثلا ًعند انتهاء الطمث وبدء تكون البييضة يبدأ الجماع مثلاً في تلك اللحظة حتى يأتي المولود ذكرا، وهلم جرا . هل مثل هذه الأشياء تدخل ضمن هذا الحكم؟

**أما قصد أن يكون الجنين ذكرا ًفقط، وأن لا يكون هنالك تقبل للأنثى هذا شيء حرمه الله تبارك وتعالى (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) (النحل:58ـ59) ، فيجب أن يكون الإنسان متقبلاً للأنثى كما يتقبل الذكر، فالله تعالى امتن بالأنثى قبل أن يمتن بالذكر عندما قال (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً) (الشورى:49ـ50) وهذا مما يدل على أن حكمة الله تعالى في هذا بالغة فلا داعي إلى أن يتصرف الإنسان من تلقاء نفسه وبحسب هواه بطريقة تؤدي إلى التصادم مع الحكمة الربانية .

*هل يجوز استخدام هذا العلم الذي قرره العلم الحديث في اختيار جنس الجنين فيما إذا كان مرض معين يصيب أحدهما، فمثلا لو كان الجنين ذكراً فإنه يصاب بمرض وراثي إذا ما ولد فيختارون الأنثى خشية وقوع هذا المرض؟

**ومن الذي يستطيع أن يحدد بأن الذكر هو الذي يصاب بهذا المرض دون الأنثى، هل هناك قدرة على هذا التحديد، هذه أمور لا بد من استقرائها من جميع الجوانب، وإعطاء الحكم فيها يتوقف على تصورها تمام التصور فإن الحكم على الشيء فرع تصوره، والاستقراء مطلب شرعي من أجل إعطاء الأحكام الشرعية ، فإن الإنسان إن لم يستقرء الأحداث لا يستطيع أن يحكم عليها .

*هل يجوز كشف هوية الجنين إذا كان ذكراً أو أنثى من أجل الميراث؟

**الجنين مادام هو في عالم الغيب لا تترتب عليه أحكام ولو كشف ولو عرف أنه ذكراً أو أنثى من خلال الوسائل الحديثة، ولكن بما أنه في عالم الغيب لا يعطى الأحكام التي يعطاها من انتقل إلى عالم الشهادة، فنفس الإرث لا يستحقه بمجرد كونه جنيناً في رحم أمه حتى يخرج حياً إلى هذا الوجود أي إلى عالم الشهود فعندئذ يحكم بتوريثه أما لو مات وهو جنين فإنه لا يورث ولو ثبتت حياته من قبل موته لأنه لم ينتقل إلى عالم الشهود، فلا داعي إلى مثل هذه التصرفات .


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الثلاثاء 16 محرم 1430 هـ
الموافق 13 من يناير 2009م

البراء 24-01-2009 02:25 PM



*رجل ملتزم ويصلي ويحافظ على الواجبات كلها إلا أنه يدخن الشيشة فما الحكم؟
**نعوذ بالله من عادات السوء، هذه الشيشة هي من البلايا العظيمة، وهي أخت التدخين، والتدخين ثبت ضرره. مضار التدخين مضار كثيرة وهي مضار مهلكات منها ما يؤدي إلى الهلكة بسبب أنواع من السرطان، ومنها ما يؤدي إلى الهلكة بسبب أنواع من الجلطات، ومنها إلى الهلكة بسبب أمراض الشرايين، ومنها ما يؤدي إلى الهلكة بسبب أمراض الكبد، هناك أكثر من علة من العلل الخطيرة تنشا عن التدخين فالتدخين ضرره بالغ، والشيشة لا ريب أنها هي أخت التدخين والله تبارك وتعالى حرم على الإنسان أن يقدم على قتل نفسه قال تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) (النساء:29ـ30).

وجاء في الحديث الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أن من قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، وكذلك جاء في القرآن الكريم ما يدل على أن تبديل النعمة مؤد إلى سخط الله فالله تبارك وتعالى يقول (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)(البقرة: من الآية211).

على أن الصحة هي نعمة، نعمة عظيمة، والمال هي نعمة، والأخلاق هي نعمة وكل من ذلك يُتلف بالتدخين، فالصحة يتلفها الإنسان بالتدخين بسبب تعريضه نفسه لأنواع من الأمراض الفتاكة القاتلة من خلال هذه الآفة الخطيرة جداً، وبالنسبة إلى المال يُتلف هذا المال ولو كان يرى الإنسان ما ينفقه شيئاً يسيراً، لنقدر أن هذا المدخن لا ينفق في كل يوم إلا مائة بيسة فإنه في الشهر ينفق ثلاثة ريالات في السنة ستة ثلاثين ريالاً فهب أحداً لا يدخن ولكنه على رأس كل سنة يأخذ من ماله ستة وثلاثين ريالاً ويلقيها في النار ألا يقال بأنه مبذر وأنه جدير بأن يقبض على يده ويمنع من التصرف في ماله لأنه ملحق بالسفهاء، فكيف بهذا الذي ينفق هذه النفقات وهو بسببها يقتل نفسه، يعرض نفسه للقتل.

على أن عائد هذا التدخين إلى من يعود؟ إنما يعود على أعداء الإسلام، فشركة واحدة من شركات التدخين تعود بالدخل على المؤسسة الصهيونية العالمية التي تحارب الإسلام وتقتل المسلمين وتفعل الأفعال بالمسلمين، تعود عليها بالدخل في كل سنة باثني عشر مليار دولار، ومعنى ذلك أنه لو امتنع عن الناس التدخين فهذه الشركة الواحدة تخسر اثني عشر مليار دولار وذلك مما يؤدي إلى ضعف الكيان الصهيوني الذي يعادي المسلمين ويقتل المسلمين ويحارب المسلمين، فضلاً عن الشركات الأخرى الكثيرة التي تعود بالدخل عليهم وعلى أمثالهم .

فلو انقطع الناس عن التدخين جميعاً لأدى ذلك إلى خسارة تطيح باقتصاد أولئك. أليس ذلك واجباً على المسلمين وهم يتعرضون الآن لهذه الحروب حروب الإبادة من قبل أعداء الإسلام وعلى رأسهم الصهيونية العالمية؟ فضلاً عن كونهم يقتّلون أنفسهم فأولئك يستنزفون أموال المسلمين من خلال هذا التصدير تصدير الموت الزؤام الموت من خلال هذه السموم التي يبثونها فيما بينهم، وهذا كله من نعمة المال وهو نعمة من نعم الله فكيف يتلفه الإنسان .

كذلك الأخلاق فإن المدخن يضر بغيره، المدخن ينفث الدخان أمام غيره وذلك يتنافى مع الأخلاق، وهو يضر بغيره ضرراً بالغاً فإن التدخين غير المباشر قد يكون أشد ضرراً من التدخين المباشر أي الذي يشتمّه غير المدخن من روائح الدخان من خلال ما يخرج من الدخان من أفواه المدخنين هو أشد ضرراً عليهم من ضرر أولئك الذين يدخنون مع أن الذين يموتون من التدخين في كل سنة نحو أربعة ملايين في هذا الوقت، والعدد يتزايد باستمرار، ويمكن أن يصل بعد فترة إلى عشرة ملايين في كل سنة. هؤلاء يموتون بسبب التدخين فكيف يُقر المسلمون في أوساطهم هذه العلة الفتاكة.

وأنا أعجب من محاربة الناس للمخدرات مع إقرارهم التدخين. التدخين لا يقل ضرراً عن المخدرات بل الذين يموتون بسبب التدخين في كل عام أضعاف أضعاف أضعاف الذين يموتون بطريق المخدرات، حتى قيل بأنه أكثر من مائة ضعف الذين يموتون بالتدخين أكثر من مائة ضعف من الذين يموتون بالمخدرات، وهم عشرة أضعاف الذين يموتون بسبب مرض نقص المناعة المكتسب.

ومع هذا لا يبالي الناس بهذه الآفة الفتاكة التي سرت في أوساطهم هذا السريان العجيب .
فالتدخين لا يضر الشخص المدخن وحده بل يضر بأولاده لأنهم يقتدون به ويتبعون خطواته، ولربما كان أيضاً تدخين الأب سبباً لسريان مرض التدخين وآفته إلى الأولاد الذين يتكونون منه، وتدخين الأم معلوم بالضرورة أنه يسري في أولادها، يضر بأولادها عندما تحمل وتلد وترضعهم فإن حملها لهم وولادتها إياهم وإرضاعها لهم كل من ذلك مما ينقل إليهم عدوى هذه الآفة الفتاكة. فيجب التنبه لذلك وإغلاق هذا الباب نهائياً. وعلى جميع المؤسسات الإعلامية والثقافية والدينية وغيرها أن تقف في وجه هذه الآفة الفتاكة، والله تعالى الموفق .

*البعض سماحة الشيخ يقول بأنه لم يأت نص في القرآن الكريم يحرم أو الأحاديث النبوية الشريفة يحرم التدخين ولذلك فما دام لم يرد نص في تحريمه فلذلك هو مكروه فحسب، هل هذا الكلام صحيح؟
**طيب، كذلك أيضاً الهيروين وغيره من هذه الآفات المنتشرة لم ينص على شيء منه في القرآن الكريم. أنا أتحدى أولئك الذين يطالبون بالنص على تحريم التدخين أن يأتوا بنص أيضاً على تحريم هذه الأشياء فإما أن يقولوا بإباحتها، وإما أن يقولوا بتحريمها وتحريم التدخين معها .

وكذلك هنالك أشياء كثيرة من الضرر، السم لم يأت نص صريح بأنه لا يجوز تناول السم، ولكن نُهي عن قتل الإنسان نفسه (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (النساء: من الآية 29)، على أن النبي صلى الله عليه وسلّم جاء وصفه في التوراة والإنجيل والقرآن بأنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث، ومن الذي يقول بأن التدخين من الطيبات، رائحته خبيثة وطعمه خبيث وأثره خبيث كل ما فيه خبيث، هو ضرر لا نفع فيه قط، فكيف مع ذلك يقال بإباحته؟

* وجدت بعض الناس أيضاً الذين ابتلوا بهذه الآفة الخطيرة يحاول أن يدافع عن ذلك ويقول أيضاً الشحوم تضر بالجسم فلماذا لا يقال بحرمة الشحوم؟

الجواب الشحوم قد يحتاج إليها الجسم لا بد من نسبة من الشحوم في الجسم، وعدم وجود نسبة قط عدم تغذي الجسم بشيء من الشحوم يؤدي ذلك إلى الضرر في الجسم بخلاف التدخين، فإن التدخين لا يحتاجه الجسم أبداً بل ما يلج إلى الجسم من الدخان إنما هو سم زعاف قاتل فكيف يقاس التدخين على الشحوم أو يحمل عليها ، الشحوم شيء آخر .

نعم المبالغة في كل شيء حتى الطعام الطيب الذي هو في الأصل لا ضرر فيه، حتى التمر لو أكثر الإنسان منه إلى حد الإسراف فإن ذلك يعد حراما لأن الله تعالى يقول (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا )(الأعراف: من الآية31)، فإن كان يؤدي إلى التخمة وهو يعلم ذلك ويأكل إلى يتخم نفسه عمداً فإنه بهذه الحالة يكون قد أضر بنفسه، ويكون بتجاوزه حدود الاعتدال قد وقع في الحرام .

وكذلك الماء الذي هو سبب في الحياة عندما يكثر الإنسان منه إلى أن يضر بنفسه وهو متعمد لذلك، يحمل نفسه على شرب الماء من غير أن تكون نفسه بحاجة إلى هذا الماء ، من غير أن يكون جسمه بحاجة إلى هذا الماء ، وإنما يكره نفسه على نفس الماء إلى أن يؤدي ذلك إلى الضرر به فذلك أيضاً حرام ، كما دلت الآية الكريمة (ولا تسرفوا) بعد إباحة الأكل والشرب (وكلوا واشربوا) فإن كل شيء مقدر بمقدار الاعتدال، وكذلك تناول الشحوم إنما هو مقدر بمقدار الاعتدال بقدر ما ينفع ولا يضر ، ولا يقال بحرمة الشحوم على الإطلاق كيف وفيها نفع للجسم بل الجسم بحاجة إليها ولا يقوم بدونها ، وإنما هذه من باب مغالطة الحقائق، والله تعالى المستعان.

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
السبت27 محرم 1430 هـ
الموافق 24 من يناير 2009م

البراء 29-01-2009 07:16 PM

*الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة على كل مسلم، فما هو المقصود بالمعروف وما هو المقصود بالمنكر؟
**بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
فإن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان خلقاً سويا، وشرّفه وفضّله على غيره تفضيلا، وكرمه تكريماً إذ مَنّ عليه بما لم يمنّ به على غيره ، وجعله الله سبحانه مناط تكليفه. وقد شُرّف هذا الإنسان بهذه التكاليف الربانية التي ينوء بأوزارها ويتحمل تبعاتها، فإن هو قام بواجبها كان ذلك سبباً لسعادته ، وإن كان بخلاف ذلك فلا يلومن إلا نفسه. فالله تعالى يقول (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) (الأحزاب:72) . إن حمل هذه الأمانة أمر ليس هو بالأمر الهين، والإنسان بطبعه ميّال إلى راحة نفسه ولو كان ذلك على حساب راحته في مستقبله، وهو ميّال إلى إيتاء نفسه رغباتها ولو كان ذلك على حساب سعادته، لذلك كان الإنسان بحاجة إلى أن يأمر بالمعروف ويأتمر به، أي هو بحاجة إلى أن يُؤمر به ويَأمر به، وأن يُنهى عن المنكر وأن ينتهي عنه. ومعنى ذلك أن يكون ناهياً عن المنكر وأن يكون هو منتهياً عنه متلقياً النهي من غيره حتى يكون منتهياً عنه.


فلذلك نحن نجد في كتاب الله سبحانه أن الله سبحانه بيّن صفات أولئك الذين استثناهم من الخسران الذي حكم به على الجنس البشري عند قال سبحانه
(وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (سورة العصر)، فالتواصي بالحق مما يشد المؤمن إلى المؤمن، فالمؤمنون والمؤمنات لا بد من أن يكون بينهم رباط، ولا بد من أن يكون بينهم تواصل، وهذا التواصل لا يتم إلا من خلال هذا التواصي بالحق الذي هو أمر بالمعروف ونهي عن المنكر كما نجد ذلك واضحاً في قوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71)، ويقول الله سبحانه وتعالى (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104)، وليس معنى هذا أن المطالب بهذا بعض الناس دون بعض، وإنما الكل مطالبون بذلك، فالمؤمنون والمؤمنات جميعاً مطالبون بأن يكونوا هذا شأنهم، بأن يكونوا يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

والمعروف معروف، والمنكر منكر، المعروف معروف لأن المعروف تطمئن إليه النفس، ويسكن إليه القلب، فهو ما وافق حكم الله تعالى المُنزّل، وما وافق سنة نبيه المرسل .

المعروف إنما قيل له معروف نظراً إلى هذه الطمأنينة التي تحصل بفعله والتي أيضاً تحصل عندما يرى الإنسان غيره يمارس هذا المعروف، فإن هذه الممارسة تفيض الطمأنينة على الجميع .بينما المنكر تأباه الفطر السليمة، وتنكره الطبائع المستقيمة، فلذلك كان منكراً بسبب هذا النكران له من قِبل هذه الطبائع، فجدير به أن يُنكر على الناس وأن لا يُقر فلذلك سمي منكراً .فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب للسلامة في الدنيا والسعادة في العقبى ، والله تعالى المستعان .

*إذا كان الأمر بالمعروف واجباً والنهي عن المنكر كذلك فهل هما واجبان على الشخص التقي بحيث لا يصح للمرابي أن ينهى عن الربا وكذلك للزاني أن ينهى عن الزنا وكذلك لتارك الصلاة أن يأمر بالصلاة؟

**الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على الكل، سواءً كان الإنسان فاعلاً لما به يأمر وتاركاً لما عنه ينهى أو كان بعكس ذلك ، إذ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كوجوب الصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر العبادات، ولكن مع هذا كله فإن الإنسان يطالب بأن يكون هو بنفسه من أهل المعروف، فكيف يأمر بالمعروف من لم يكن من أهل المعروف، وكيف ينهى عن المنكر من كان متلبساً بالمنكر.

لذلك نحن نجد في كتاب الله سبحانه وتعالى النعي على أولئك الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، فأمرهم إياهم بالبر إنما هو نصيحة ، ولكن من أولى بالنصيحة ، إنما أولى بالنصيحة نفس الإنسان، فمن لم ينصح نفسه كيف ينصح غيره، لذلك قال سبحانه وتعالى خطاباً لبني إسرائيل (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (البقرة:44)، وهذا التقريع ليس هو على الأمر بالبر وإنما هو على ترك الائتمار بما يأمرون به، فالتقريع إنما هو بسبب ذلك (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ)، إنما التقريع بسبب هذا النسيان، نسيان الإنسان نفسه مما يأمر به غيره من الخير.

ومن المعلوم أن فعل الإنسان للخير مدعاة لائتمار الناس بما يأمرهم به عندما يأمرهم بهذا الخير، وكذلك تركه للشر هو مدعاة لئن يترك الناس الشر عندما ينهاهم عنه، أما عندما يكون بخلاف ذلك فإن الواقع يكون عكس هذا، فأولئك الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم إنما يجرون التهم لا إلى أنفسهم فحسب وإنما يجرون التهم إلى نفس الأوامر التي يأمرون بها والنواهي التي ينهون عنها بل إلى نفس المبادئ التي ترتبط بها هذه الأوامر وترتبط بها هذه النواهي كما يقول بعض عمالقة الفكر الإسلامي (إن الكلمة لتخرج ميتة وتصل هامدة مهما تكن طنّانة رنّانة إذا هي لم تخرج من قلب يؤمن بها، ولن يكون الإنسان مؤمناً بما يقول حتى يستحيل هو ترجمة حية لما يقول وتصويراً واقعياً لما ينطق، حينئذ تخرج الكلمة كلها دفعة حياة، لأنها تستمد قوتها من واقعها لا من طنينها، وجمالها من حقيقتها لا من بريقها) فالإنسان يطالب هكذا .

ونحن نرى أن السلف الصالح استطاعوا أن يتغلبوا على الصعاب، وأن يتحدوا جميع المشكلات، وأن يتجاوزوا جميع العقبات عندما كانوا على هذا النحو.

السلف الصالح عندما دعوا إلى الحق وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر لم تكن لهم وسائل إعلام كالوسائل الموجودة في وقتنا هذا، إذ لم تكن عندهم وسيلة بث مباشر أو غير مباشر، لم تكن عندهم وسيلة اتصال عبر هاتف أو عبر شبكات المعلومات أو غيرها بالناس، وإنما كانت الكلمة وحدها تخرج من أعماق القلوب فتتغلغل في أعماق القلوب ولا تقف حتى تحوّل الناس من واقع إلى واقع آخر بسبب عمق تأثيرها وذلك لأن الذي قالها هو بنفسه متأثر بها، عندما يقول الإنسان الحق ويعمل به يكون عمله أكثر دعوة إلى هذا الحق من قوله ، ويكون لعمله تأثير أبلغ من هذا التأثير الذي يكون لقوله ، فلذلك كان جديراً بمن تحمل أمانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون هو مثالاً في الائتمار لما به يأمر وفي الانتهاء عما عنه ينهى.

هذا مع أن الذي يرتكب المنكرات ويترك العمل بالمعروف غير معذور بتركه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما أنه غير معذور بفعله المنكر وتركه المعروف، بل هو مطالب بالفرضين جميعاً، مطالب بفرض أن يأتمر بالمعروف وأن يأمر به، ومطالب بفرض أن ينتهي عن المنكر وأن ينهى عنه، فهو مطالب بكلا الأمرين بالأمر والائتمار، ومطالب بالنهي والانتهاء، والله تعالى أعلم.






سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الخميس 2 صفر 1430 هـ
الموافق 29 من يناير 2009م

البراء 03-02-2009 06:06 PM

* المذهبية من القضايا التي كانت مقلقة في تاريخنا الإسلامي القديم وسبباً من أسباب التطاحن ، ويراد لها أيضاً أن تكون متكررة في تاريخنا الحديث ، قد ذكر ياقوت الحموي في زياراته شيئاً من الصور ومن الأحداث التي شاهدها كان منطلقها من هذا النوع .
كيف ينظر المسلم إلى مسألة المذاهب ، وكيف يفهمها حتى لا تكون مدخلاً من مداخل الفتنة بينه وبين إخوانه ؟

**لا ريب أن المسلم يحرص دائماً على حسن الظن بإخوانه المسلمين ، ولا يسيء الظن إلا بمن وجده يقف أمام الحق وقفة المتعنت الرافض للحق ، أما من لم يكن كذلك فإنه يحرص دائماً على حسن الظن .
والقضايا التي فيها خلاف ما بين المسلمين إما أن تكون قضايا فرعية ، وهذه القضايا الفرعية الأمر فيها يسير ، ليس الأمر فيها بالعسير ، وُجد الخلاف في القضايا الفرعية حتى بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم .
وإما أن تكون قضايا عقدية ، تعود إلى العقيدة ، وكلٌ يدّعي أن الحق عنده ، وهذه القضية أيضاً حلها سهل وميسر وذلك بتنقية القلوب والحرص على التجرد من العصبيات ، والحرص على إبداء النصيحة لوجه الله سبحانه وتعالى بحيث يجلس بعض إلى بعض ويتناقشون على ضوء الكتاب العزيز والثابت المتفق عليه عن الرسول صلى الله عليه وسلّم ، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه القضايا أيضاً يُتسامح فيها إلا إن خالف أحد ما كان الدلالة عليه دلالة نصية من كتاب الله أو من المتواتر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أما إن كانت جاءت بذلك أحاديث آحادية فالقضية لا تستدعي مثل هذه الشحناء ما بين المسلمين ، بل عليهم أن يتسامح بعضهم مع بعض لأن الآحادي هو ظني من حيث الثبوت ، الآحادي ليس بقطعي الثبوت ، وكذلك الأدلة التي هي قطعية الثبوت إن لم تكن نصية وكانت ظاهرة لا تعتبر قطعية الدلالة ، إذ الظاهر إنما هو ظني الدلالة ولو كان قطعي المتن ، هذا مما هو معروف عند الأصوليين ، فمثل هذه الأشياء يجب الاعتبار بها .
فإن وُجد أحد خرج عن نص قطعي والنص ثبوته أيضاً ثبوت قطعي عندئذ تُقام عليه الحجة بكتاب الله تعالى أو بالمتواتر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع بيان أن دلالتهما دلالة نصية بحيث لا تكون مجرد دلالة ظاهرة فحسب ، وعندما تقام الحجة أرجو أن من كان يحب السلامة لنفسه أن لا يعترض على حجة قامت عليه بنص قطعي من كتاب الله أو من المتواتر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، هذا يبعد أن يكون أحد من الناس إلا من كان متعنتاً شديد التعنت .
والله سبحانه وتعالى أمرنا مع الاختلاف ومع النزاع أن نحتكم إلى كتابه وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم وذلك في قوله عز من قائل ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )(النساء: من الآية59) .


*إذا صلى الرجل بامرأته أين تقف ؟

**هذه المسألة حقيقة وجدنا للفقهاء فيها قولاً لم نجد له دليلا ًمن السنة. وجدنا الفقهاء يقولون بأنها تقف على يساره وعللوا ذلك بأنه لو دخل داخل عليهما فإن ذلك الداخل هو الذي يقف على يمين الإمام وهي تتأخر فلذلك حتى لا تمنع الداخل من الوقوف على يمين الإمام . ولئن كانت العلة هذه فإن هذا فينبغي أن يحصر فيما إذا كان هنالك إمكان لئن يدخل عليهما داخل ، أما إن كانا وحدهما في غرفتهما ولا يدخل عليهما داخل فإنه لا ينبغي أن يفرق بينها وبين الرجل فتقف في هذه الحالة على جنبه الأيمن .

*هل يجوز أن يصلي بزوجته الفرض أيضاً ؟

**لا مانع من ذلك .

*إذا كان الإمام يصلي بالناس ويوجد خلف المسجد ملحق للنساء وتصلي النساء على صوت الإمام عن طريق لاقط الصوت ، وحدث أن سقط لاقط الصوت من الإمام ، فهل يصح للسترة أن يذهب فيضعه على الإمام ، هل يعد هذا مخلاً بالصلاة ، لأن النساء هناك لا يسمعن صوتاً بعد ذلك ؟

**حقيقة الأمر ينبغي للإمام نفسه أن يحاول بأن يأتي بالأمر فيه مصلحة الصلاة ، فإن رفعه لأجل مصلحة الصلاة فلا حرج في ذلك . وإن تعذر أن يقوم الإمام بذلك فليقم بذلك غيره إن كان ذلك أمراً ضرورياً لأجل مصلحة الصلاة . ويسحب رجليه في ذهابه وإيابه .

*هذه حدثت وسقط لاقط الصوت من الإمام فبقيت النساء بلا صوت فبعضهن أتممن الصلاة وبعضن توقفن وأعدن الصلاة من جديد فمن منهن الصائب ؟

**بما أنهن دخلن في الصلاة فإن أتممن الصلاة مع تعذر الائتمام بالإمام فلا حرج عليهن في ذلك ، ومن أعادت فإنها احتاطت لنفسها ، والله تعالى أعلم .


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الثلاثاء 7 صفر 1430 هـ

الموافق 3 من فبراير 2009م

البراء 13-02-2009 11:45 AM


* إذا اقترض إنسان من آخر مبلغاً من المال وقدره ألفان وسبعمائة ريال ولم يحدد دفعة معينة لاسترجاع هذا المبلغ وذلك الشخص أخذ يجمع المبلغ شيئا فشيئاً لمدة ثلاث سنوات حتى اكتمل فهل كان عليه أن يدفع الزكاة عن ذلك المال خلال تلك المدة، أم أن الزكاة تجب على صاحب المال الحقيقي؟

** زكاة المدين الذي دينه غير محدد بأجل يسقط عنه مقدار ذلك الدين من الزكاة أي تسقط الزكاة بمقدار ذلك الدين إن كان الدين غير مؤجل أو كان مؤجلاً وحضر أجله . وأما بالنسبة إلى الدائن فعليه أن يزكي الدين الحاضر أي الدين الذي لم يحدد بوقت أو الذي حدد وقته وحضر فهو عليه أن يزكيه إلا إن كانت الزكاة على غير وفي أو كانت الزكاة على غير ملي ، ومعنى ذلك إن كان الدين على معسر أو كان الدين على مماطل فليس عليه أن يزكيه حتى يقبضه، والله تعالى أعلم .

* أعطى رجل مالاً لشركة من أجل المضاربة على من تجب الزكاة إذا كان على صاحب المال وهو قد قدم ذلك المال في رجب وهو يزكي في رمضان والشركة لا يمكن أن تخبره بالربح أو الخسارة إلا في ذي الحجة فكيف يزكي ذلك المال؟

** من المفروض أن تكون هذه الشركة قائمة من أول الأمر على الأحكام الشرعية ومن بين هذه الأحكام تزكية هذا المال، من المفروض هكذا لأن المال المشترك فيه كالمال الواحد فهذا يدفع من عنده وذلك يدفع من عنده وباشتراك المجموعة في التجارة يكون حكم أموالهم كالمال الواحد، أما عندما تكون الشركة غير متقيدة بهذا ففي هذه الحالة على صاحب كل سهم أن يدفع الزكاة عن نصيبه عن حصته عندما يحين موعد زكاته، والله تعالى أعلم، وعليه في هذه الحالة أن يتحرى الربح بقدر مستطاعه .

* كان المصلون في جماعة ولكن الإمام سها فسبح له عدد غير قليل حتى الصبيان مما دفع ذلك بعض كبار السن أن يناديهم فيقول لا ينبغي أن يتكلم كلكم، فهل تجب إعادة الصلاة على ذلك الرجل فقط أم على الصف بأكمله؟

** ذلك الذي تكلم بما هو خارج مما يقال في الصلاة وخارج عن مصلحة الصلاة هو الذي عليه أن يعيد الصلاة أما غيره فلا ينطبق عليه هذا الحكم .

* قرية تبعد عن مسجد تقام فيه صلاة الجمعة مسافة 13 كيلومترا ، هل الواجب عليهم الصلاة الذهاب إلى صلاة الجمعة ، أم أنها لا تلزمهم ؟


**بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فإن تلبية الداعي إلى الحق سبحانه وتعالى من خلال نداء الجمعة أمر واجب بنص الكتاب العزيز وبنصوص أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم ومن خلال إجماع الأمة، فإن الله تبارك وتعالى يقول ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (الجمعة : 9) ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم : لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين.

وجاء في حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلّم : من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه . إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة .

ونجد علماء السلف كانوا حراصاً على تلبية الداعي يوم الجمعة فنجد في المأثور عن صحار بن العباس العبدي رضي الله تعالى عنه أنه كان يسعى إلى الجمعة بالبصرة من مسافة طويلة فقد كان يسعى إليها بعد أن يصلي الفجر ويصل إليها ثم يقفل راجعاً إلى أهله ولا يصل إلى أهله إلا عند المغرب.

وقد قال الإمام أبو سفيان محبوب بن الرحيل رحمه الله كتب أهل عمان إلى أبي الشعثاء جابر بن زيد يستفتونه عن صلاة الجمعة هل يلزم السعي إليها من لم يسمع نداءها ؟ فأجاب لو لم يسع إليها إلا من سمع نداءها لقل الساعون إليها ، بل يسعى إليها من فرسخين وثلاثة .

وكذلك ذكر الإمام أبو سفيان عن الإمام أبي مودود حاجب بن مودود الطائي رحمه الله ورضي عنه أنه كان في سجن الحجاج بالبصرة وكان ينوي حج بيت الله المحرم فلم يطلق سراحه الحجاج إلا بعد أن ضاق الوقت بحيث لم يبق عن دخول رؤية هلال ذي الحجة إلا ثمانية أيام فلما أطلق سراحه أخذ زاده وراحلته والتحق برفقة إلى الحج فتذكر أن اليوم يوم جمعة فقال: إن في نفسي من الجمعة لحاجة .


فقالوا له: يا حاجب بيننا وبين الموسم ثمانية وأنت تنتظر الجمعة . فقال : إنني لأجد في نفسي من الجمعة حاجة. فتأخر عنهم وتقدمت الرفقة، ثم ركب على أثرهم ولحق بهم بعد يومين في مكان يسمى لحيب. وهذا مما يدل على حرص السلف رحمهم الله ورضي عنهم على تلبية داعي الله سبحانه وتعالى وعدم التردد في السعي إلى الجمعة . فالسعي إلى الجمعة فيه خير كثير. وإن كان هذا الشخص في هذا المكان يقصر الصلاة بحيث لم يوطن الحوزة ففي هذا ترخيص من أهل العلم نظراً إلى كونه مسافرا بأن لا يلزمه السعي، وإن كان في السعي خير كثير . أما إن كان غير قاصر للصلاة في ذلك المكان بحيث هو داخل في الحوزة التي يتم فيها الصلاة، أو ليس بينه وبين الحوزة التي يتم فيها الصلاة مقدار مسافة القصر فعليه أن يسعى إلى الجمعة، لأن الجمعة تلزم من كان مقيماً حيث لا يقصر الصلاة ، والله تعالى أعلم .

جريدة الوطن
الجمعة 17 صفر 1430 هـ

الموافق 13 من فبراير 2009م



البراء 14-02-2009 02:40 PM

* رجل عنده بنتان وولد أنهوا الثانوية العامة ولكنه لا يمتلك مبلغاً يجعلهم يكملون الدراسة فهل يعد مقصراً في حقهم فيؤثم على ذلك ؟

**(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا)(البقرة: من الآية286) ، (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا مَا آتَاهَا)(الطلاق: من الآية7) ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم . فهو لا يكلف حتى في فروض العبادات لا يكلف بما لا يستطيع ، إن لم يطق القيام في الصلاة له أن يصلي قاعداً ، إن لم يطق أن يصلي قاعداً له أن يصلي مضطجعاً ، فكيف بما عدا ذلك ، فهو إنما يحسن إلى أولاده بقدر مستطاعه ، والله تبارك وتعالى يفتح لهم أبواب الخير ، والله الموفق .


* رجل لم يؤد عن أولاده النسيكة فهل عليه شيء في ذلك ؟

**لا شيء عليه ، وعندما يبلغون إن شاءوا أن يؤدوا بأنفسهم كان ذلك خيراً لهم .

* هل يعني ذلك أنها (النسيكة) تبقى في ذمتهم ؟

**لا ، لا تبقى في ذمتهم ، لكن لو شاءوا أن يفعلوا ذلك .


* توفي رجل منذ سنتين وكان وكيلاً للمسجد ويوجد لدى المسجد أموال تبلغ النصاب ، وفي هذه الفترة منذ وفاة الرجل طُلب من ولده أن يسير الأمور وهو لا توجد له دراية بمثل هذه المواضيع ، وهو يسأل هل تجب الزكاة على أموال المسجد سواء مبالغ أو غيره ، وإذا كانت تجب فماذا يجب على هذا الولد تجاه هذا الموضوع علماً بأنه يخاف من المساءلة القانونية إذا أخرج أي مبلغ من هذه المبالغ ؟


** الزكاة إنما تجب على المتعَبدين ، ولا تجب ما يسمى بالشخصيات الاعتبارية ، إنما تجب على الشخصيات الحقيقة أي تجب على الإنسان المتعبد ، ولا تجب على المسجد ، ولا تجب على الوقف العام ، ولا تجب على الوقف الخيري لمدرسة أو نحو ذلك فهذا مما لا تجب فيه الزكاة ، والله تعالى أعلم .


* عندي مجموعة من الذهب لم أزكها منذ سنوات لا أعلمها ، وهذا الذهب كنت أبيع منه لأشتري ذهباً آخر بنفس القيمة أو أكثر فكيف أزكي عن الذهب ؟

** في هذه الحالة تعود إلى التحري وتخرج الزكاة إلى أن تطمئن نفسها بأنها أدت ما عليها وتكون بذلك أبرأت ذمتها إن شاء الله .

* الشغالة التي تعمل في البيت على من تكون زكاة فطرها ؟

** هي على نفسها لأنها ليست داخلة في من يعولهم الإنسان أي يعولهم صاحب البيت عولاً واجباً عليه شرعا .

* وإذا أعطته هي المال ليخرج عنها أيصح ذلك ؟

** نعم .

* رجل يريد أن يتملك أرضاً لم يمض عليها خمس وثلاثون سنة وإنما اثنتا عشرة سنة ، والقاضي لا يملكه إياها إلا إذا مضى عليها خمس وثلاثون سنة ، هل يصح له أن يأتي بشهود يشهدون معه على أن الأرض مضى عليها خمس وثلاثون سنة ؟

** هذه شهادة الزور ، ولا يتوصل إلى الحق بشهادة الزور ، بل يجب اجتنابها فإن الله تبارك وتعالى شدّد في شهادة الزور قال (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) (الفرقان:72) والنبي صلى الله عليه وسلّم أيضاً عندما ذكر الكبائر شدّد في شهادة الزور وكرر كلمة (ألا وشهادة الزور ألا قول الزور) ذلك لأجل التغليظ في هذه الشهادة ، ويجب على الإنسان اجتنابها فلا يحوم حولها بأي حال من الأحوال ، والله تعالى أعلم .

* ما هي ضوابط الخلوة المحرمة بين الرجل والمرأة ؟

** نعم ، حقيقة الأمر الخلوة التي تكون بين الرجل والمرأة هي داعية الفتنة ، ولذلك جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال : ألا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم .

وقال عليه أفضل الصلاة والسلام : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة إلا مع ذي محرم .
وقال : إياكم والدخول على النساء فقال له رجل من الأنصار : أرأيت الحمو يا رسول الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : الحمو الموت . وذلك لخطورة دخوله على امرأة أخيه ، والمقصود بالحمو هو أخ الزوج ، فأخ الزوج هو الموت لأن دخوله على امرأة أخيه أمر فيه من الخطر ما ليس بعده ، فهو من المحارم التي يجب أن تتقى .


ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس لا يبالون بهذا الأمر ، لا يبالون بهذا التوجيه النبوي الشريف ، ولا يبالون بهذا الضابط الشرعي الذي ينفي عن الأمة كل ريبة وكل خطر أخلاقي ، فلذلك تقع أمور سلبية ناتجة عن هذه الخلوة التي تكون بين الرجل والمرأة الأجنبية .

والخلوة هي أن يكون رجل وامرأة في مكان يمكن أن يتصرفا فيه من غير أن تمتد إليهما عين ومن غير أن يراقبهما أحد ، ففي هذا المكان لا يجوز لرجل أن يكون معه امرأة أجنبية إلا أن يكون معها محرم لها ، أما مع عدم وجود المحرم فإن ذلك أمر فيه من الخطورة ما ليس بعده فيجب أن يتقى ذلك ، والله تعالى أعلم .



جريدة الوطن
السبت 18 صفر 1430 هـ

الموافق 14 من فبراير 2009م

البراء 19-02-2009 02:52 PM


*هل قضاء الأوقات الطوال أمام شاشة الحاسب الآلي في تصفح الأخبار مثلاً، تعد أيضاً من ضمن التضييع والهدر للأوقات؟

**حقيقة الأمر كل شيء بمقدار، وكل ما خرج عن حده انقلب إلى ضده، ولا ينبغي للإنسان أن يفوّت الفرص وإنما عليه أن يزن الأمور بمعايير دقيقة، فالأخبار يعطيها الإنسان فرصة، لا أقول أنا بأنه يعيش في منأى عما يدور في العالم لأن المسلم مطالب بأن يكون خبيراً بما يدور في العالم ولا أدل على ذلك من أن الله سبحانه وتعالى أنزل في كتابه أنباء الأمم السابقة من أجل أن تتبصر هذه الأمة وتتربى على كونها أمة عالمية تحمل إلى الإنسانية رسالة عالمية.

بل أنزل الله تعالى قرآناً يتلى في الصلوات وفي غيرها إلى قيام الساعة يُحدث المسلمين وكانوا يومئذ فئة قليلة، كانوا أفراداً قليلين لا يكادون يصلون إلى العشرات، كانوا مغمورين بالكثرة الكاثرة من أهل الجاهلية أنزل الله تعالى قرآنا يتلى ينبئهم بما وصل إليه الصدام المسلح بين دولتين كبريين كانتا تتقاسمان معظم العالم المتحضر، مع أن أولئك المؤمنين في ذلك الوقت لم يكونوا حسب الظاهر يعنيهم من هذا شيء إذ كانوا مشغولين بأنفسهم وكانوا في معزل عن معترك هاتين الدولتين إذ لم يكن يمتد إليهم نفوذ أي واحدة منهما ولكن مع ذلك أنبأهم الله سبحانه وتعالى بما وصل إليه الأمر وما سينقلب إليه فيما بعد عندما قال (غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ) (الروم : 5ـ2) .

ولكن لا أن يكون ذلك على حساب طلب العلم وعلى حساب ضرورات الحياة وعلى حساب العبادة، وعلى حساب الأوراد والأذكار والتقرب إلى الله تعالى بصنوف الطاعات وإنما ذلك وقت بقدر ما يأخذ الإنسان العظة والعبرة والدرس ويتزود من أجل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى .

*من المواضيع الحساسة حول شبكة الانترنت الساحات التي يتم فيها الحوار بين مختلف الثقافات وبين مختلف طوائف المسلمين ومذاهبهم لكن المؤسف جداً أن الساحات الدينية بالذات يحدث فيها سباب وتراشق بالاتهامات بل حتى في المذهب الواحد يصطرع أتباعه على أمور لا تخدم الدعوة الإسلامية ولا تقدم للإسلام شيئاً، فهل يصح استخدام هذه الساحات في هذا التراشق والاختلاف؟

**أنا كما قلت أولاً أرى بأن هذه جميعاً نعم الله تبارك وتعالى ويجب شكرها، ومن شكرها عدم استخدامها فيما لا يرضي الله سبحانه وتعالى، وما ذكرتموه من التراشق بالتهم والترامي بألقاب السوء والفساد كل ذلك مما يتنافي مع الدين الصحيح، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والإنسان مسئول عما يقول وكذلك هو مسئول عما يكتب، ولعل المسئولية على الكتابة أعظم من المسئولية التي تترتب على القول لأن القول قد يقول لحظة وينتهي أثر قوله لا يبقى لقوله أثر، ولكن الكتابة يمتد أثرها عند كل قارئ يقرأها وخصوصاً عندما تكون الكتابة في مثل هذه الآلات التي تنشر المكتوب وقد تنشر الصوت أيضاً فذلك مما يضاعف على الإنسان الوزر إن استخدم هذه الآلات فيما لا يرضي الله تبارك وتعالى، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم: إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يتبينها تهوي به في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب. ويقول أيضا: إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه. فعلى الإنسان أن يتقي الله فيما يقوله، وأن يتقي الله فيما يكتبه، وقد أجاد الشاعر الذي قال :
لسانك لا تذكر به عورة امرئ *** فكلك عورات وللناس ألسن
على أن هذا ليس من مصلحة الأمة وإنما هو مما يضاعف الشرخ الذي فيها والصدع الذي في جدارها، ويؤدي إلى تمزقها كل ممزق، وذلك مما لا يرضي الله سبحانه وتعالى، فنسأل الله تعالى العافية.

*إذا نظرنا إلى هذه الساحات معظم الأشخاص الذين يشاركون فيها يستخدمون أسماء مبهمة وألقاباً مختلفة، نحن نعلم سماحة الشيخ أن المعلومات في ديننا الإسلامي في الأحاديث وفي المعلومات التاريخية وغيرها موثقة من خلال السند فإذا كان في السند رجل مجهول لا يقبل، الآن المعلومات في أمور الدين وغيرها أيضاً من القضايا المذهبية معظمها تأتي من أسماء مجهولة فهل تأخذ هذه نفس الحكم؟

**هذه المعلومات توزن بموازين الحق فما وافق الحق وما خالفه رفض، وإن من خير ما قرأناه لعلمائنا كلاماً قاله الإمام أبو نبهان رحمه الله تعالى (إياك أن تلتفت إلى من قال بل إلى ما قال) فالالتفات إلى حقيقة القول الذي يقوله القائل لا إلى القائل نفسه فلا عبرة بكون القائل حبيباً أو بغيضاً، وإنما العبرة بما يقوله حقاً أو باطلا .

*بسبب التطور الكبير للإعلام الحديث هناك شبكات للدعوة النصرانية، فهل هناك من ضير في محاورة هؤلاء لمعرفة ما عندهم لعله يجد باباً لدعوتهم إلى الإسلام؟

**باب الحوار مفتوح في الإسلام فالله تبارك وتعالى يقول (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت:46)، فمحاورة أولئك بطريقة فيها إقناع بالحجة الواضحة والحق اليقين سبب لاهتداء من كتب الله تبارك وتعالى له الهداية، ولكن لا بد من أن يكون الإنسان متمكناً حتى لا يكون حواره حوار جاهل يؤدي إلى نتائج سلبية، وإنما يجب أن يكون هذا الحوار حوار ملم بأبعاد الموضوع الذي يحاور فيه حتى يؤدي بمشيئة الله إلى نتائج إيجابية .

*من الملاحظ أن الإنسان يقضي الساعات الطويلة ولو كان في عمل الخير كالدعوة ولكنه يتقاعس عن الأعمال الأخرى كزيارة الأقارب والمرضى والأعمال الخيرية في بلده، ما رأي الشرع في هذا العمل؟ وما نصيحتكم لهذا الإنسان ؟

**كما قلت أولاً كل شيء خرج عن حده انقلب إلى ضده ولو كان نافعاً فإنه عندما يخرج عن حده ينقلب إلى الضرر، وهب الجرعة من الدواء إن لم يأخذها الإنسان بقدر ما تنفعه فإنها تنقلب إلى مضرته، ومن هنا كذلك على الإنسان أن يعطي هذه الآلات من الوقت بقدر ما ينفع ولا يضر بحيث لا يكون كما قلت على حساب الدين والواجبات ومن بين هذه الواجبات صلة الأرحام وزيارة المرضى وتشييع الموتى والقيام بالواجبات الاجتماعية المتنوعة فإن ذلك كله مما يجب أن لا يفرط فيه، والله تعالى أعلم .

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الخميس 23 صفر 1430 هـ

الموافق 19 من فبراير 2009م

البراء 20-02-2009 11:41 AM

* شاب لديه المقدرة الكافية لقراءة الكتب الفقهية وللتفقه فيها ولديه ذاكرة جيدة للحفظ ويريد أن يقرأ في كتب أهل الحق والاستقامة في كتب المذهب، ويريد منكم أن ترشده إلى الطريقة التي يتمكن بها من ذلك ؟

** يبتدئ في القراءة بالأهم قبل المهم، بحيث يبتدئ بالمختصرات قبل أن يقرأ المطولات فيقرأ مثلاً كتاب الوضع وحاشيته، وكتاب القواعد وكذلك حاشية القواعد إن وجدت عنده ، ويقرأ كتاب الإيضاح وجامع أبي الحسن وجامع أبي محمد ، ثم يتدرج بعد ذلك إلى الموسوعات بحيث يقرأ مثلاً شرح النيل وكتاب التاج وغيرها من الكتب الموسعة ففي ذلك خير كثير إن شاء الله. هذا بالنسبة إلى الفقه أما بالنسبة إلى الأصول فإنه يتدرج أيضا من المختصرات إلى المطولات وهكذا وكذلك كتب العقيدة ، والله تعالى أعلم .

* هل على الجمعيات الأهلية زكاة؟

** نعم ، إن كانت هذه الجمعية خاصة بحيث لم تكن وقفاً عاماً ينتفع منه الكل فهي ملك خاص ولما كانت ملكاً خاصاً ففيه الزكاة .

** الجمعيات هذه التي أصبحت معروفة لدى الناس التي تستمر مثلاً لعشر سنوات أو أقل يشترك فيها مئة أو مئتان فيحصل الواحد على دوره بعد سنة أو سنتين فيستلم مبلغاً طيباً ، فهل فيه زكاة ؟

** أما ما كان في صندوق الجمعية مشتركاً ما بين الجميع بحيث لم يسلم إلى شخص بعينه فزكاته إنما هي على الجميع لأنه لم ينتقل بالملك إلى شخص معين بحيث كان ملكاً له وحده وإنما هو ملك للكل فإذاً من نفس الصندوق تكون تزكيته. أما ما دفع إلى شخص معين فهذا الذي دفع إليه إن ظل عنده إلى أن حال عليه الحول أو ظل عنده إلى الوقت الذي يؤدي فيه زكاة جنسه أي زكاة نقده ، وكان عنده من النقد ما تجب فيه الزكاة ، أي عنده الأصل الذي يرد إليه هذه الزيادة التي يعبر عنها الفقهاء بالفائدة ففي هذه الحالة تجب عليه الزكاة. أما إن استهلكه قبل أن يحول عليه الحول وقبل أن يحول عليه حول زكاته أي الميقات الذي يزكي فيه ففي هذه الحالة لا تكون عليه الزكاة لأنه قد استهلكه .
أما بالنسبة إلى الآخرين فإنهم في هذه الحالة تسقط عنهم الزكاة لأن هذا بمثابة الدين الذي لم يحضر أجله ، والدين الذي لم يحضر أجله فإن زكاته لا تكون على الدائن إنما تكون على المدين إن كان موسراً .
أما عندما يحضر وقته ويتمكن الدائن من استرداده ففي ذلك الوقت تكون زكاته على الدائن، ومعنى هذا أن القسط الذي حضر وقته فزكاته على الجميع إن كان هذا القسط الذي حضر وقته على وفيّ مليّ أي على شخص من عادته الوفاء لا يماطل في أداء ما عليه، وفي نفس الوقت مليّ أي واجد عنده ما يقضي به دينه، والله تعالى أعلم .

* لكن هذا الصندوق لا تبقى فيه الأموال فهي بعد كل شهر تصرف إلى واحد منهم .

** فلما كان كذلك فالجواب كما قلنا ، هذا الذي صرف إليه المبلغ إن ظل ذلك المبلغ في يده فعليه زكاته لأنه صار ملكاً له ، أما إن لم يبق في يده بحيث استهلكه فلا زكاة عليه ، ليست هنالك عين تزكى .

* ما حكم من وجبت عليه الزكاة مليونين فأخرج مليوناً وترك الآخر في متجره ليستخدمه ثم أخرجه في آخر السنة ؟ وكيف يتنصل ؟

** ما معنى وجوب زكاة مليونين وإخراجه مليوناً ، فإن الزكاة إنما هي ربع العشر في النقود وما في حكم النقود، إلا إذا كانت الزكاة نفسها هي بمقدار مليونين، أي لم يكن ما يملكه مليونين وحدهما بل هو مبلغ كبير بمقدار ثمانين مليوناً ، فنعم زكاة ثمانين مليوناً هي قدر مليونين لأن زكاة النقود تجب بمقدار الواحد من الأربعين ، فإن كان على حسب الذي تبين لي أخيراً فإنه في هذه الحالة إن أخرج الشطر من الزكاة الواجبة عليه وأخر الشطر الثاني واستخدمه في هذه الحالة عليه أن يدفع ذلك الشطر، وإن أخره إلى مضي عام ثان فعليه أن يخرج زكاته لذلك العام ويخرج زكاته مع ما ربحه منه في العام الثاني ومع ما ربحه من غيره ، والله تعالى أعلم .

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الجمعة 24 صفر 1430 هـ

الموافق 20 من فبراير 2009م

البراء 27-02-2009 11:38 AM

ـ هل يجوز للمسلم أن يجمع السباحة والوضوء ؟

لعل المقصود بالسباحة الاغتسال الاستحمام ، لا أدري ما الذي يعني بسؤاله هذا ؟
هل يعني بسؤاله هذا أن نفس السباحة نظراً إلى كونها تعم الجسد بالماء تكفيه عن الوضوء ، وكذلك الاغتسال نظراً إلى كونه يعم الجسد بالماء يكفيه عن الوضوء ؟ أو قصده أنه يجمع ما بين الأمرين بمعنى أنه يستحم وهو في حالة غير ساترة ؟

فعلى الأول أي على تقدير أن مراده بأن نفس الاغتسال أو نفس السباحة بالماء نفس تعميم الجسد بالماء يكفي عن الوضوء ؟ فالجواب لا ، أي لا بد من أن يتوضأ ولو عمّم جسده بالماء ، وأتى على جوارح الجسم جميعها ، فإن ذلك لا يكفيه عن الوضوء ، إذ الوضوء عبادة مقصودة لا بد لها من نية ، وفي نفس الوقت هذه العبادة لا يكفي عنها غيرها .

هذا إن كان هذا الاغتسال ليس اغتسالاً رافعاً من الحدث . أما إن كان اغتسالاً رافعاً من الحدث كأن يكون غسلاً من الجنابة مثلاً ففي ذلك خلاف بين أهل العلم . من أهل العلم من قال بأنه يكفيه الغسل من الجنابة عن الوضوء ذلك لأن الله تبارك وتعالى خاطب عباده خطابين ، خطاب غير الجنب بقول عز من قائل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(المائدة: من الآية6) ، وخاطب من كان جنباً بقوله ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(المائدة: من الآية6) .

فهناك خطابان خطاب وُجّه إلى غير ذوي الجنابة هؤلاء خوطبوا بالوضوء ، وخطاب خوطب به من كان على جنابة وهو خطاب التطهر ومعنى ذلك الاغتسال من الجنابة المفروض .

هذا ما ذهب إليه طائفة من أهل العلم ، وتعقب ابن بركة هذا بأن الخطاب الأول إنما هو خطاب شامل للجميع ، شامل لمن كان على جنابة ومن لم يكن على جنابة ، ولا معنى لتخصيصه بمن كان على غير جنابة .

وأما الخطاب الأخير فهو خطاب خاص لمن كان جنباً مع مراعاة الخطاب الخاص الأول أي يجتمع على الجنب فرضان فرض الغسل وفرض الوضوء معا .

وقد قال الإمام السالمي رحمه الله بأن هذا التوجيه الذي وجهه ابن بركة توجيه حسن لولا ما جاء في الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يغتسل ولا يحدث بعد غسله وضوءا . وهذا أيضاً فيه نظر ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يتوضأ قبل الغسل وإنما كان تارة يقدم غسل الرجلين قبل اغتساله وتارة يؤخر غسل الرجلين إلى ما بعد اغتساله ، فقد كان يتوضأ وكان يجمع ما بين الطهارتين . فإذاً قول من قال بأنه لا بد من الجمع بين الطهارتين ولو كان الغسل غسلاً رافعاً للحدث هو القول الراجح الذي نعتمد عليه ، والله تعالى أعلم .

أما إذا كان المراد بأنه حال اغتساله أو حال سباحته في مكان ما ، وهو على غير ستر يتوضأ ، فالجواب لا يخلو ذلك إما أن يكون في مكان لا يراه فيه أحد من الناس ، أو في مكان يمكن أن يرى فيه ؟ فإن كان في مكان ساتر أو إنما كان على غير ثياب أي كان عرياً ولكن المكان مكان ساتر ففي هذا الحالة وضوءه صحيح ويكره له ذلك أي يكره له أن يتوضأ وهو بهذه الحالة .

وإن كان في مكان غير ساتر أي إنه يمكن أن يرى ففي هذه الحالة هو معرض نفسه لأن ترى عورته وبسبب هذا التعريض هو واقع في الإثم ، والوضوء هو قربة وطاعة وعبادة ، والعبادة تنافي المعصية ، وقد جمع بين الإتيان بهذه العبادة وبين المعصية فوضوءه غير صحيح ، والله تعالى أعلم .

ـ رجل ابتلى الله زوجه بمرض فشل الكلى ، وهو يتردد على المستشفى مرتين في الأسبوع لأجل الغسيل الكلوي وقد أصحبت حياته ابتلاء عظيم من الله كما يصفها هو فهو يعمل من الصباح إلى الثانية ظهرا ثم يرجع إلى البيت ليقوم بأداء معظم الواجبات المنزلية لعدم قدرة الزوجة على العمل في معظم الأحيان وأيضاً القيام بالعناية بالأولاد وما يتخلل ذلك من عمل خارج المنزل ، وقد أكد له معظم الأطباء المسلمون منهم والكافرون بأن العلاج الأمثل لمثل هذه الحالات هو نقل كلية من شخص إلى زوجه، يقول الزوج : فهل يجوز لي أتبرع بإحدى كليتي ليس بيعاً وتصرفاً بشيء من جسمي ولكن إيثاراً ومشاطرة لنعمة من نعم الله عز وجل ؟

حقيقة الأمر هذه القضية قضية بحثت في المجامع الفقهية وغيرها ، والعلماء منهم من تشدد وقال بأن على المبتلى أن يصبر إلى أن يأتي الله تعالى بالفرج. وهذا الذي هو معافى ليس له أن يؤثر غيره بشيء من جسمه ، لأن الإيثار ليس بالنفس وإنما الإيثار على النفس . ومنهم من قال بأن ذلك إن لم يكن ذلك تجارة - وهذا قول أكثر علماء العصر - إن لم يكن ذلك تجارة ، ولا كان ذلك من شخص لا يملك أمره ، ولا كان ذلك بتأثير من ضغوط نفسية أو غيرها وإنما ذلك اختياراً فلا مانع من أن يستفاد ، ونحن نرى من توسع بهذا الرأي وأخذ بهذا الرأي فنرجو أن لا يؤاخذه الله تبارك وتعالى ، ونسأل الله تعالى لهذا الرجل السلامة ، ونسأل الله لامرأته العافية والصحة وزوال البأساء والضراء وأن يجعل حياتهما حياة هانئة سعيدة ، وأن يبدلهما بالسقم صحة وبالبلاء عافية ، وبالمرض سلامة من كل داء ، والله تعالى ولي التوفيق .






سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الجمعة غرة ربيع الاول 1430 هـ

الموافق 27 من فبراير 2009م

جامعي متميز 01-03-2009 03:25 PM

السؤال
رجل كان يقرأ التشهد بدل الفاتحة في الركعة الثالثة ثم انتبه والإمام قد ركع لكنه بدأ في قراءة الفاتحة وأكملها ففاته الركوع وأدركهم في السجود ، فما الحكم ؟

الجواب :
ما كان ينبغي له ذلك ، ولكن بما أنه فعل هذا فعند من اعتبر الركعة كلها حداً واحداً لا يمنعه من هذا الفعل ، وبما أنه وقع فليأخذ بأرخص الأقوال . وفي المستقبل لا يفعل ذلك .

السؤال (تابع )
هل يقضي الركعة كاملة ؟

الجواب:
يصلي ما أدركه وليقض ما فاته .

السؤال
إمام سها فسجد سجدة واحدة ثم قام منتصباً فسبح له المأمومون فهل يعود ليسجد السجدة الثانية ؟

الجواب :
نعم . يعود إلى المكان الذي كان فيه ثم يسجد بتكبيرة .

السؤال
من جاء من سفر وبقي عن العمران خمسة كيلومترات وأرد أن يجمع الصلاتين ، فهل يصح له ذلك ؟

الجواب :
الذي نأخذ به إن كان قصر للصلاة خارج الأميال بحيث صلى الرباعية ركعتين فإنه يصطحب القصر داخل الأميال .
أما إن كان خرج ولم يقصر الصلاة بحيث لم تحضره صلاة مطلقاً أو حضرته صلاة لا تقصر كصلاة المغرب وصلاة الفجر ، أو أنه صلى رباعية وراء إمام متم ففي هذه الحالة إن دخل الأميال فلا يقصر الصلاة بل يتم .
هذا الذي نأخذ به وإن قال بعض العلماء بخلاف ذلك .
ولكن مع هذا فإن الجمع يسوغ حتى مع الإتمام عندما تكون هنالك حاجة ملحة داعية إلى ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلّم صلى الظهر والعصر معاً والمغرب والعشاء الآخرة معاً من غير خوف ولا سفر ولا سحاب ولا مطر ، كما جاء ذلك في رواية ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عند الربيع رحمه الله ، والحديث مروي عند الشيخين وغيرهما بلفظ ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الظهر والعصر معاً والمغرب والعشاء معاً من غير خوف ولا سفر ) ، وفي رواية ( من غير خوف ولا مطر ) .

السؤال
رجل عثر على قطعة من الذهب في سوق مزدحم وبقرب محل للذهب ماذا يصنع بها ؟

الجواب :
هذه القطعة تعتبر لُقَطة ، وفي هذه الحالة يؤمر بأن يُعرّف بها إن كانت عليها علامة تعريف بحيث يمكن أن تُعرّف بشيء ، فإن مضت المدة التي يمكن أن يتصور بأن يأتي صاحبها ولم يأت أحد سائلاً عنها بحيث لم يظهر لها رب ، في هذه الحالة تدفع إلى فقراء المسلمين ويكون في ذلك خلاص لصاحبها .

سؤال ( تابع )
هل يكفي هذا التعريف أن يعلق إعلانا في ذلك المحل مثلاً
؟
الجواب :
هذا من جملة التعريفات ، لكن ينبغي أن يعرف من خلال إعلان ذلك عند خروج الناس من المساجد على أبواب المساجد ، وإن كان ذلك في السوق فعند خروج الناس إلى السوق .

السؤال
ما حكم ما مضى من الصلاة بعد الوقت بالنسبة لصلاة الصبح لاحتمال أنه قد صلى مع الطلوع وهو لم يراقب الشمس لجهله ؟
الجواب :
في هذه الحالة يصطحب الأصل ، وباصطحابه الأصل لا حرج عليه ، والأصل أن الوقت باق حتى يُتيقن خروج الوقت ، أي يتيقن أن الشمس شرعت في الطلوع ، فإن لم يتيقن ذلك فلا حرج عليه فيما مضى ، وليحتط في المستقبل .
السؤال
ما حكم ما مضى من الصلاة قبل الوقت بالنسبة لصلاتي العصر والعشاء ، أي بدأ بالصلاة قبل دخول الوقت ودخل الوقت وهو لا يزال في صلاته ؟

الجواب :
إذاً أحرم لها قبل الوقت وبما أنه أحرم لها قبل الوقت فلا يسوغ له ذلك اللهم إلا إن كان في حال الجمع بين الصلاتين .




يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


جريدة الوطن

جامعي متميز 16-03-2009 03:29 PM

السؤال
رجل توفي وعنده مال وأثر ماء يتجاوز الثلاثة آلاف وعنده زوجة وأربعة أولاد فهل يجب على أولاده الإنفاق بحجة وعمرة وصيام رمضان وكفارة أم لا ؟

الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فمما يؤسف له أن كثيراً من الناس يغادرون هذه الحياة الدنيا وقد أُنسأ في آجالهم ولكنهم مع ذلك لا يتهيئون للقاء الله سبحانه وتعالى ، فلا يكتب أحدهم وصية مع أن القرآن الكريم بيّن فرضية الوصية ، الوصية للأقربين ذلك لأن الله تبارك وتعالى يقول ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) (البقرة:180) ، فهذه الوصية واجبة عندنا بدليل أن الله تبارك وتعالى بيّن أنها مما كُتب أي فُرض ، ولا يمكن أن يصرف هذا اللفظ إلى غير معنى الوجوب ، كذلك قال بعد ذلك ( حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ) فمعنى ذلك أن كل من أراد أن يكون من زمرة المتقين فحق عليه أن يوصي بهذه الوصية وهي الوصية للأقربين الذين لا يرثون .
ولماذا أدرج الوالدان هنا في ضمن الذين يوصى لهم مع أن الوالدين لهما حق في الإرث منصوص عليه في كتاب الله في سورة النساء ؟ كثير من الناس من قال بأن هذه الآية الكريمة نُسخ ما فيها ما دل على الوصية للوالدين بآيات المواريث ، ومنهم من قال بأن النسخ إنما هو بحديث ( لا وصية لوارث ) مع انعقاد الإجماع على مدلول هذا الحديث . ومنهم من قال بالجمع بين الحديث والآية .
وذهب بعض العلماء من السلف ورّجحه بعض أشياخنا المتأخرين إلى أن الوالدين المقصودين هنا هما الوالدان اللذان لا يرثان وهما الوالدان اللذان لهما عقيدة دينية تخرجهما من ملة الإسلام وذلك بأن يكونا غير مسلمين فلا حق لهما في الإرث ، ولكن لهما حق في الوصية بسبب أبوة الأب وأمومة الأم ، فإن هذه الوالدية لها حق ولذلك يجب أن يراعى هذا الحق وأن يوصي لهما ولدهما المسلم . وهذا القول هو في الحقيقة من القوة بمكان إذا ما رأينا إلى الدلائل الأخرى وهي عدم جواز أن يوصى للوارث .

وكذلك يجب على الإنسان أن يوصي بما عليه من الحقوق التي يخشى أن لا يتمكن من أدائها في حياته ، لأن الإنسان لا يدري متى يفجئه ريب المنون ، فإن كانت عليه حقوق لله تبارك وتعالى أو حقوق للبشر فعليه أن يوصي بهذه الحقوق مع أمره بأن يعجّل في أدائها ، ولكن الوصية للإحتياط لا لأجل أن يتكل على الوصية ولا يؤدي هذه الحقوق .
أما الوصية للأقربين الذين لا يرثون فهي وصية واجبة ولو بر هؤلاء الأقربون ووصلهم في حياته فإن الله تبارك وتعالى أراد أن تكون هذه الصلة مستمرة بعد مماته فلذلك فرض ما فرض من الوصية لهم .
وإن أوصى أحد بما عليه من الحقوق سواء كانت هذه حقوقاً لله تبارك وتعالى أو كانت حقوقاً للبشر فإن ذلك ينفذ من وصيته ، وقد أجمع الكل على أن حقوق العباد تنفذ من أصل المال ، واختلفوا في حقوق الله هل هي من أصل المال أو أنه من الثلث ، والراجح أنها من أصل المال ولو ذهب كثير من العلماء أنها من الثلث بدليل أن النبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام قال ( فاقضوا فدَين الله أحق بالقضاء ) ، وكلمة أحق إن لم تدل على أسبقية حقوق الله تبارك وتعالى على حقوق الناس فلا أقل من أن تدل على أن حقوق الله تبارك وتعالى وحقوق الناس جميعاً مشتركة في هذه الأحقية ، فلا تكون حقوق الله أقل من حقوق الناس .
واختلفوا فيما إذا كانت عليه حقوق لله تبارك وتعالى ولم يوص بها مع الإجماع أن حقوق البشر - أي ما كان عليه من ديون أو ما كان عليه من تبعات أو ما كان عليه من أي حق من حقوق الناس المفروضة عليه التي هي واجبة عليه - فإن أدائها يكون من المال ولو لم يوص بهذه الحقوق إذا ثبتت الحجة بها .
وأما حقوق الله فقد اختلفوا فيها فذهب أصحابنا وطائفة من علماء المذاهب الأخرى إلى أن هذه الحقوق لا تجب إن لم يوص بها ، ومنهم من قال بأنها تجب إن ثبتت لدى الوارث تجب في ماله ولو لم يوص بها ، وهذا القول هو أرجح ذلك لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ فاقضوا فدين الله أحق بالقضاء ) هو دليل على ذلك .
ومن العلماء من فرّق بين الحقوق الواجبة في الذمة - أي حقوق الله الواجبة في الذمة - وبين حقوقه التي هي واجبة في المال فلم ير وجوب أن تنفذ الحقوق الواجبة في الذمة ورأى وجوب أن تنفذ الحقوق الواجبة في المال ، وهذا هو الذي ذهب إليه الإمام نور الدين السالمي رحمه الله تعالى .
وبجانب هذا فإنه مما ينبغي للأولاد أن يبروا أباهم وكذلك أمهم بعد وفاتهما ، ومن هذا البر أن يكثروا من الصدقة عنهما ، وأن يفعلوا ما يمكن أن ينفعهما عند الله تبارك وتعالى كالحج والعمرة فإن ذلك مما يرجى خيره للوالدين وللأولاد الذين يأتون بهذه الأعمال ، أما أن نقول بالوجوب فإنه لا دليل على الوجوب ولكن ذلك من البر ومما ينبغي للإنسان أن يفعله ، والله تبارك وتعالى أعلم .

السؤال
ترك أحد أقربائي وصية ليحج عنه أحد أقرباه ، ثم رآه أحد أقاربه في المنام يطلب منه أن يحج عنه ويقول له : حج عني . فرد عليه هذا الرجل : لماذا لا تحج أنت عن نفسك ؟ فقال : أنا مشغول . فهل هذه الرؤيا تلزم القريب بالحج عن ذلك الرجل الذي رآه في المنام ؟
الجواب:
أما الإلزام فلا ، لأن الأحكام الشرعية لا تتلقى في المنامات ، وإنما تترتب هذه الأحكام على موجباتها ، ولكن مع ذلك فإن قول الميت حق لأنه في دار حق ، ولذلك ينبغي لهذا القريب أن يحج عنه ، وقوله إنني مشغول لا ريب أنه كذلك لأنه بسبب وفاته صار لا يتمكن من أداء الحج ، فمما ينبغي أن يحج عنه هذا فلعل في هذه الحجة خيراً للميت وخيراً لمن يحج عنه .



يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 19-03-2009 10:30 AM

أخي إبن الصحراء يسعدني تواجدك وإضافتك

جزيت َ كـل الخير

البراء 19-03-2009 11:05 AM

* دخل رجل المسجد ووجد الصف الأول مكتملاً ووجد مجموعة من الناس قد صفوا في الصف الثاني على جانب من جانبي المسجد ولا يوجد أحد في سترة الصف الثاني؟
فماذا على هذا الداخل أن يفعل في هذه الحالة؟


** عليه أن يأتي بأحد إلى السترة خلف الإمام، وفي هذه الحالة عليهم أن يلئموا صفهم مع صفه ويصلوا معه في ذلك المكان.

* علمنا من بعض المشايخ أن فهم الحساب وسط الصلاة ناقض لها، فهل هذا الحكم عام بحيث إن أي فهم للحساب ولو كان سهلاً يسيراً يعتبر ناقضاً؟

** أما إن كان شغل الإنسان نفسه بذلك فنعم، أما إن كان لم يشغل بذلك نفسه وإنما هذه واردات أفكار وردت عليه من غير أن يتسبب لها وكان مدافعاً لها فلا يكلف ما لا يطيق.

* تصاب البلاد بجدب ومحل شديد فما هو الخلاص، وكيف يتضرع الناس إلى ربهم، وماذا يصنعون حتى يأتيهم الغيث؟

** نسأل الله تعالى أن يغيث العباد والبلاد، (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30)، إنما مصائبنا مما كسبت أيدينا، فعلينا أن نتوب إلى الله ونستغفره.


والاستغفار سبب للغيث، الله تبارك وتعالى حكى عن نوح قوله ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) (نوح:10-12) .

فالناس مطالبون بأن يستغفروا الله، على أن يكون هذا الاستغفار ليس هو مجرد لقلقة اللسان، وإنما هو استغفار نابع من القلب بحيث يكون معه ندم على المعاصي وإقلاع عنها وعقد العزم على عدم العودة إليها، ففي هذه الحالة الله تبارك وتعالى يغيث عباده ويرحمهم ويلطف بهم ويرفع عنهم الشدائد، هذا مع التصدق على الفقراء والمساكين، بجانب دفع الزكاة الواجبة، فإن منع الزكاة هو الذي أدى إلى حبس القطر (وما منعوا زكاة أموالهم إلا حبس عنهم القطر، ولولا البهائم لم يمطروا) هكذا جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلّم. ومما يؤسف له أن الناس منعوا حقوق الله وحقوق الناس الواجبة في أموالهم، وهم يريدون من الله تعالى أن يسبغ عليهم نعمه، ولكن لا يؤدون شكر هذه النعم، ولا يقومون بواجب طاعة المنعم جل جلاله، فعليهم أن يطيعوا المنعم وأن يثوبوا إلى رشدهم، هذا مع التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، فإن المعاصي إنما هي سبب لسخط الله تعالى على عباده، الله تبارك وتعالى أنذرنا شر المعاصي في كتابه الكريم وقص علينا أنباء الأمم التي قبلنا (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) (الأنعام:6) .


والحق تبارك وتعالى يقول (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الإسراء:16) ، ثم يقول ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) (الإسراء:17)

فعلى الناس جميعاً ـ ونحن معهم على أي حال ـ أن يتقوا الله وأن يخلصوا عبادتهم له، وأن يتوبوا إليه توبة نصوحاً، ونسأل الله أن يتقبل توبتنا وإنابتنا.

* بعض الناس يفهم صيام الكفارة على أنه ثلاثة أيام متتالية بنهارها وليلها؟

** هذا كلام غير صحيح. كفارة اليمين لا يفزع الإنسان فيها إلى الصيام ، بل الصيام إن لم يجد ما خُيّر فيه بين أنواع التكفير، هو مخير بين أن يطعم عشرة مساكين أو يكسوهم أو يعتق رقبة، من لم يجد ذلك ولم يستطع شيئاً منه عندئذ يعدل عن ذلك إلى الصيام، فقد قال الله تعالى (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) (المائدة: من الآية89)، فغير الواجد هو الذي يصوم ثلاثة أيام .

على أن هذا الصيام كالصيام المعهود في شهر رمضان وغيره، يبدأ بطلوع الفجر الصادق وينتهي بغروب الشمس، فبعد غروب الشمس يحين وقت الإفطار، ولا يؤمر بالاستمرار على الصيام، إذا غربت الشمس من هنا وطلع الليل من هنا أفطر الصائم. فالصائم يعتبر مفطراً بمجرد غروب الشمس وظهور الليل من جهة الأفق الشرقي.



سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الخميس 21 ربيع الاول 1430 هـ

الموافق 19 من مارس 2009م



جامعي متميز 19-03-2009 03:32 PM

* المذهبية من القضايا التي كانت مقلقة في تاريخنا الإسلامي القديم وسبباً من أسباب التطاحن ، ويراد لها أيضاً أن تكون متكررة في تاريخنا الحديث ، قد ذكر ياقوت الحموي في زياراته شيئاً من الصور ومن الأحداث التي شاهدها كان منطلقها من هذا النوع .
كيف ينظر المسلم إلى مسألة المذاهب ، وكيف يفهمها حتى لا تكون مدخلاً من مداخل الفتنة بينه وبين إخوانه ؟
**لا ريب أن المسلم يحرص دائماً على حسن الظن بإخوانه المسلمين ، ولا يسيء الظن إلا بمن وجده يقف أمام الحق وقفة المتعنت الرافض للحق ، أما من لم يكن كذلك فإنه يحرص دائماً على حسن الظن .
والقضايا التي فيها خلاف ما بين المسلمين إما أن تكون قضايا فرعية ، وهذه القضايا الفرعية الأمر فيها يسير ، ليس الأمر فيها بالعسير ، وُجد الخلاف في القضايا الفرعية حتى بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم .
وإما أن تكون قضايا عقدية ، تعود إلى العقيدة ، وكلٌ يدّعي أن الحق عنده ، وهذه القضية أيضاً حلها سهل وميسر وذلك بتنقية القلوب والحرص على التجرد من العصبيات ، والحرص على إبداء النصيحة لوجه الله سبحانه وتعالى بحيث يجلس بعض إلى بعض ويتناقشون على ضوء الكتاب العزيز والثابت المتفق عليه عن الرسول صلى الله عليه وسلّم ، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه القضايا أيضاً يُتسامح فيها إلا إن خالف أحد ما كان الدلالة عليه دلالة نصية من كتاب الله أو من المتواتر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أما إن كانت جاءت بذلك أحاديث آحادية فالقضية لا تستدعي مثل هذه الشحناء ما بين المسلمين ، بل عليهم أن يتسامح بعضهم مع بعض لأن الآحادي هو ظني من حيث الثبوت ، الآحادي ليس بقطعي الثبوت ، وكذلك الأدلة التي هي قطعية الثبوت إن لم تكن نصية وكانت ظاهرة لا تعتبر قطعية الدلالة ، إذ الظاهر إنما هو ظني الدلالة ولو كان قطعي المتن ، هذا مما هو معروف عند الأصوليين ، فمثل هذه الأشياء يجب الاعتبار بها .
فإن وُجد أحد خرج عن نص قطعي والنص ثبوته أيضاً ثبوت قطعي عندئذ تُقام عليه الحجة بكتاب الله تعالى أو بالمتواتر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع بيان أن دلالتهما دلالة نصية بحيث لا تكون مجرد دلالة ظاهرة فحسب ، وعندما تقام الحجة أرجو أن من كان يحب السلامة لنفسه أن لا يعترض على حجة قامت عليه بنص قطعي من كتاب الله أو من المتواتر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، هذا يبعد أن يكون أحد من الناس إلا من كان متعنتاً شديد التعنت .
والله سبحانه وتعالى أمرنا مع الاختلاف ومع النزاع أن نحتكم إلى كتابه وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم وذلك في قوله عز من قائل ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )(النساء: من الآية59) .

*إذا صلى الرجل بامرأته أين تقف ؟
**هذه المسألة حقيقة وجدنا للفقهاء فيها قولاً لم نجد له دليلا ًمن السنة. وجدنا الفقهاء يقولون بأنها تقف على يساره وعللوا ذلك بأنه لو دخل داخل عليهما فإن ذلك الداخل هو الذي يقف على يمين الإمام وهي تتأخر فلذلك حتى لا تمنع الداخل من الوقوف على يمين الإمام . ولئن كانت العلة هذه فإن هذا فينبغي أن يحصر فيما إذا كان هنالك إمكان لئن يدخل عليهما داخل ، أما إن كانا وحدهما في غرفتهما ولا يدخل عليهما داخل فإنه لا ينبغي أن يفرق بينها وبين الرجل فتقف في هذه الحالة على جنبه الأيمن .

*هل يجوز أن يصلي بزوجته الفرض أيضاً ؟

**لا مانع من ذلك .

*إذا كان الإمام يصلي بالناس ويوجد خلف المسجد ملحق للنساء وتصلي النساء على صوت الإمام عن طريق لاقط الصوت ، وحدث أن سقط لاقط الصوت من الإمام ، فهل يصح للسترة أن يذهب فيضعه على الإمام ، هل يعد هذا مخلاً بالصلاة ، لأن النساء هناك لا يسمعن صوتاً بعد ذلك ؟
**حقيقة الأمر ينبغي للإمام نفسه أن يحاول بأن يأتي بالأمر فيه مصلحة الصلاة ، فإن رفعه لأجل مصلحة الصلاة فلا حرج في ذلك . وإن تعذر أن يقوم الإمام بذلك فليقم بذلك غيره إن كان ذلك أمراً ضرورياً لأجل مصلحة الصلاة . ويسحب رجليه في ذهابه وإيابه .

*هذه حدثت وسقط لاقط الصوت من الإمام فبقيت النساء بلا صوت فبعضهن أتممن الصلاة وبعضن توقفن وأعدن الصلاة من جديد فمن منهن الصائب ؟

**بما أنهن دخلن في الصلاة فإن أتممن الصلاة مع تعذر الائتمام بالإمام فلا حرج عليهن في ذلك ، ومن أعادت فإنها احتاطت لنفسها ، والله تعالى أعلم .


يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 20-03-2009 10:57 AM

سؤال:

بما أننا الآن في أجواء الاحتفال بالمولد النبوي الشريف كيف يمكن للمسلمين عموماً أن يصنعوا من هذا الحدث العظيم الكريم الجليل فرصة لتجديد الولاء والعهد ولنشر الإسلام والتعريف به كما يصنع غيرنا على الأقل عندما يقيمون ضجة إعلامية كبيرة في احتفالهم بأعياد ميلاد أنبيائهم أو ما شابه ذلك؟

الجواب :

أولا أنا أريد استدرك بأنه أولئك الأنبياء نحن أولى بهم، نحن لا نفرق بين أحد من الرسل، ونؤمن بأن ما نحن مستمسكون به من العقيدة هو ما كان عليه أولئك الأنبياء، الله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:25)، ويقول (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل: من الآية36)، ويقول عز من قائل حكاية عن نوح وهود وصالح وشعيب (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)، وحكى عن المسيح عيسى عليه السلام أنه قال (اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ) (المائدة: من الآية72)، فإذن نحن أولى بأولئك الأنبياء، وأولئك أنبياؤنا وليسوا بأنبيائهم، نحن أولى بهم، نحن متمسكون بهديهم، متبعون لهم (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (آل عمران:67).

علينا أن ندرك هذا ثم على أي حال نحن ندرك أن السلف الصالح عندما كانوا قريبين من المنبع الصافي النقي الطاهر ما كانوا بحاجة إلى أن يجددوا عواطفهم تجاه الرسول صلى الله عليه وسلّم باحتفالات يقيمونها ذكرى لأي حدث من أحداثه صلى الله عليه وسلّم سواء كان ذلك حدث ولادته أو كان حدث مبعثه أو كان حدث هجرته أو كان حدث أي موقف وقفه صلى الله عليه وسلّم، ما كانوا بحاجة إلى ذلك لأنهم كانوا جديدي عهد بالنبوة، وكانت عواطفهم تتأجج تجاه شخص الرسول صلى الله عليه وسلّم لا تخمد بحال من الأحوال، ولا يطرأ عليها ما يجعلها تبرد أو يجعلها تتراجع، بل كانت عواطفهم عواطف تجاه شخص الرسول ثائرة باستمرار، ونحن بحاجة إلى هذه الروح الوثابة، بحاجة إلى هذه الروح الدعوية أن تكون فينا، بحاجة إلى ما يوقظ منا هذه العواطف تجاه شخص الرسول صلى الله عليه وسلّم والغيرة عليه صلوات الله وسلامه عليه والحفاظ على كرامته صلوات الله وسلامه عليه، والتفاني من أجل إبلاغ دعوته إلى الناس أجمعين، بحاجة إلى هذا كله، فلذلك علينا أن ندرك أن القضية ليست قضية احتفال، ليست قضية أن يخرج الناس في اجازة في يوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلّم منهم من يُقضّي وقته في اللهو، ومنهم من يزيد على ذلك بحيث يُقضّي وقته في معاصي الله سبحانه، هذا ليس من حب الرسول صلى الله عليه وسلّم في شيء، إنما حب الرسول صلى الله عليه وسلّم يتجسد في حسن الاقتداء به وفي الغيرة على دينه وفي الغيرة على سنته صلى الله عليه وسلّم، وفي الحرص على إحياء هذه السنة وجعلها تتجسد في حياة كل فرد من أفراد هذه الأمة، هذا هو الحب الصحيح لشخص الرسول صلى الله عليه وسلّم.
إن حب النبي صلى الله عليه وسلّم ليس مجرد عاطفة لا تكاد تثور حتى تغور ولا تكاد تتأجج حتى تخمد، وإنما حب النبي صلى الله عليه وسلّم قبل كل شيء عقيدة راسخة في النفس، مستحكمة في العقل والقلب، مسيطرة على الفكر والواجدان، توجه الإنسان الوجهة الصحيحة، وتقوده في الصراط المستقيم إلى مرضاة رب العالمين.
فنحن إن أدركنا هذا على أي حال أدى ذلك بنا إلى أن نحرص على التفاني في خدمة هذا الدين، وإحياء ما اندرس من سنته صلوات الله وسلامه عليه.


سؤال :

في مجتمعنا يقومون في عيد المولد النبوي بإقامة رباط يبدأ من العاشرة صباحاً إلى الثالثة زوالاً، يبدأون بالاستغفار والحمد والتسبيح والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم سرا، ثم يقرأون القرآن، وبعض الأخوات يصمن هذا اليوم، فهل تخصيص هذا اليوم بكل هذه العبادات فيه شيء؟

الجواب :

لا داعي إلى تخصيص هذا اليوم بهذا، الوقت كله وقت عبادة، والزمن كله زمن صلة بالله سبحانه وتعالى، نعم الأوقات التي خُصصت بعبادات معينة توقيفية جاءت من الشارع علينا أن نحرص على تلكم العبادات فيها، أما بقية الأوقات فإننا نعمل ما نستطيعه من ذكر الله تعالى، ويؤمر الإنسان أن يذكر الله سبحانه وتعالى على أي حال، نحن نجد في كتاب الله سبحانه كيف يأمرنا الله سبحانه بأن نذكره بعد أداء عباداتنا (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ) (النساء: من الآية103)، ويقول تعالى (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة:10)، ويقول (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) (البقرة: من الآية200) ، هكذا يؤمر الإنسان أن يحرص على ذكر الله عز وجل على كل حال، ولذلك الذكر شُرع عند طلوع الشمس وعند غروبها في بداية الليل وبداية النهار وأدبار الصلوات، كما نجد دلائل ذلك في القرآن الكريم خلافاً لمن يعرضون عن ذكر الله أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم فإن الله عز وجل يقول (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (الكهف:28).
على أي حال ذكر الله سبحانه وتعالى مطلوب، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم مطلوبة أمر الله تعالى بها في كتابه قال عز وجل (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56)، فالإنسان عليه أن يحرص على الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلّم في جميع الأوقات لا في هذا اليوم.

وليست هنالك خصوصية لصيام مولده صلى الله عليه وسلّم أو يوم اليوم الذي يصادف ذكرى مولده لا دليل على ذلك، ولكن مع هذا كله نحن نرغب في أن تكون عاطفة الناس قوية تجاه الرسول صلى الله عليه وسلّم ولو كانت هذه العاطفة تتجدد عاماً بعد عام، نحن نريدها دائماً مستمرة بحيث لا تفتر من وقت إلى آخر بل تستمر هذه العاطفة متأججة بين حنايا مشاعر الإنسان.





سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

جريدة الوطن
الجمعة 22 من ربيع الاول 1430هـ

الموافق 20 من مارس 2009م



جامعي متميز 21-03-2009 03:42 PM

*ما هي مظاهر حب أهل عمان للنبي صلى الله عليه وسلّم، وما هي صوره وصور الإخلاص والتضحية للإسلام؟
**على أي حال لقد منّ الله سبحانه وتعالى على أهل عمان بأن هداهم للإسلام في مرحلة مبكرة في عهده صلى الله عليه وسلّم مع بُعد دارهم عن مهبط الوحي ومشرق النور، عن الكعبة المشرفة وعن المدينة المنورة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، ولكنهم تسارعوا إلى اعتناق هذا الدين قبل أن تفتح مكة المكرمة، فُتحت عمان بالدعوة قبل أن تفتتح مكة المكرمة بالجنود، هذا من فضل الله سبحانه على هؤلاء الذين يقول فيهم العلامة أبو مسلم رحمه الله يقول في عمان:
ولكن شجاني معهد بان عهده *** فبان الهدى في إثرهم والمكارم
هو المعهد الميمون أرضا وأمة *** وإن زمجرت للجور حيناً زمام
هو المعهد المعمور بالرحمة التي *** سقت من إمام المرسلين المراحم
سيكثر وراداً على الحوض أهله *** إذا جاء يوم الحشر والكل هائم
لقد صدّقوا المختار من غير رؤية *** وتكذيبُ جُل الشاهدين مقاوم
ولا ريب أن أهل عمان تفانوا في حب النبي صلى الله عليه وسلّم ، شاركوا في الجهاد ، شاركوا في الفتوحات العظيمة التي كانت في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم، وشاركوا في نشر دعوة الإسلام في أرجاء الأرض، في ديار كثيرة من الأرض، وشاركوا أيضاً في الحفاظ على سنة النبي صلى الله عليه وسلّم، فكان من بينهم الإمام أبو الشعثاء جابر بن زيد رحمه الله تعالى من فرق التي هاجر منها إلى مدينة المنورة ثم إلى البصرة واجتمع بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم ونقل علماً كثيراً غزيراً عنهم حتى قال ابن عباس رضي الله عنه: عجباً من أهل العراق يحتاجون إلينا وعندهم جابر بن زيد لو قصدوا نحوه لوسعهم علمه.
وكذلك تلامذة جابر رحمه الله مع حفاظهم على الدعوة النقية الصافية الصحيحة، وكذلك تدوينهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلّم كما كان من الإمام الربيع بن حبيب الذي كان من أوائل من دونوا سنة النبي صلوات الله وسلامه عليه.


*أخت زوجتي ستتزوج قريباً وهي متخوفة من نوعية الشخص الذي ستتزوج به وحتى أكون واضحا معكم فقد سألتني ما إذا كان يصح الزواج برجل يؤيد بشدة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلّم، والصعوبة تكون فيما إذا كان يمكن للمسلمة أن تتزوج بمن يقيمون الموالد، وفي هذه المناسبة يُدعى الناس لحضور الاحتفال حيث تُقرأ بعض الأحاديث، ويقال الدعاء، فهل يجوز للمسلمة الزواج ممن يفعل هذا الفعل؟
**هذا كلام عجيب، هل معنى ذلك خرج من ملة الإسلام حتى يُسأل عن جواز الزواج بمن يفعل ذلك؟؟
لا ريب ـ كما قلت ـ إن السلف الصالح ما كانوا بحاجة إلى أن يقيموا لهذه المناسبات احتفالات لأنهم كانوا قريبي عهد.
فلئن كان هذا الاحتفال تُردد فيه قصة مولد النبي صلى الله عليه وسلّم وما كان من تفانيه في الدعوة، وما كان من إبلاغ الإسلام للناس فإن ذلك لا يضير شيئا حتى يقتدي الناس بشخص الرسول صلى الله عليه وسلّم في ما قام به.
أما كانت هنالك أشياء تخرج عن الحق إلى الباطل أو تخرج بصاحبها من الإسلام إلى الكفر بالله تعالى كأن يُجعل النبي صلى الله عليه وسلّم في مقام الإلوهية أو أن يُجعل شريكاً لله في ملكه أو يُجعل لله في تصريف هذا الكون أو في إيجاد هذا الكون فذلك بطبيعة الحال لا يُقره مسلم مؤمن بالله واليوم الآخر.
وأنا أدعو جميع المسلمين إلى التسامح فيما بينهم حتى لو اختلفوا في أمور من الرأي أن لا يدفعهم هذا الاختلاف إلى الشقاق والتمزق وتكفير بعضهم بعضا وتضليل بعضهم بعضا، عليهم أن يتقوا الله سبحانه، وأن يحرصوا على اجتماع الشمل والألفة بين قلوبهم فإنه سبحانه وتعالى يقول (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:92)، ويقول (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (المؤمنون:52) ، ويقول ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا )(آل عمران: من الآية103) ويقول ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران: 105)

*يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) (الحجرات: من الآية2)، هذه الآية القرآنية الآن كيف نطبقها والنبي صلى الله عليه وسلّم ليس بيننا؟
**نعم نطبقها إذا قرأت علينا سنة النبي صلى الله عليه وسلّم لا يتطاول على أحد رفع صوته فوق صوت قارئ هذه السنة لأنه يبلغ ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلّم، ثم مع هذا لا يعارَض ما قاله صلى الله عليه وسلّم بما قاله أحد من الناس كما يقول في ذلك الإمام السالمي رحمه الله:
ولا تناظر بكتاب الله *** ولا كلام المصطفى الأواه
معناه لا تجعل له نظيرا *** ولو يكون عالماً خبيرا .


*إذا قلنا أن اليهود في المدينة المنورة حسدوا النبي صلى الله عليه وسلّم كما وصفهم القرآن الكريم، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلّم ظهر عليهم والمسلمون صاروا هم المهيمنين، لكن الذي يحدث من غيرهم في هذا العالم الآن وفي هذا العصر المتأخر هؤلاء يروا أن المسلمين متخلفين عنهم مسافات بعيدة، ويروا أنهم هم أسياد العالم، فلماذا هذا الحسد؟
**هذا الحسد لأنهم مع مؤامراتهم لهذا الإسلام ومع تنكرهم لدعوة الإسلام يشرق نور الإسلام في الأرض على رغم أنفوهم، هم يحاولون أن يطمسوا نوره ويأبى الله سبحانه وتعالى إلا أن يتمه (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة:32ـ33) ، فهؤلاء حسدوا هذه الدعوة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلّم، وهم يريدون من خلال تشويه صورة الرسول صلى الله عليه وسلّم والإساءة إليه أن يقللوا من قيمة الدعوة إلى دينه الذين جاء به، ومن قيمة الكتاب الذي بعث به، ومن قيمة الرسالة التي أرسل بها، فلذلك يتطاولون على هذه المقدسات بما يتطاولون به، كأنهم يتصورون أنهم من خلال ذلك يمكنهم أن يطفئوا هذا النور أو أن يحدوا من انتشار هذا الدين ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره، فإنهم كلما أوغلوا في هذه التصرفات الرعناء تنقلب الأمور على عكس ما يتصورون وعلى عكس ما يخططون فإذا بالدين ينتشر، الآن في الغرب ينتشر الدين انتشاراً عجيباً، والعقلاء منهم يدركون أن المستقبل إنما هو لهذا الدين، وأن الله سبحانه وتعالى سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأن الإنسانية ولو أوغلت في الضلالة وتمادت في الغي وبعدت عن الحق ستعود إلى هذا الحق وستستمسك به، وسيكون تحول في هذا العالم من الشر إلى الخير ومن الفساد إلى الصلاح ومن التنافر إلى التواد والتقارب ومن التشتت إلى الاجتماع ومن البغضاء التي تسود إلى المودة والوئام بسبب هذا الدين الذي سيجمع ما بين هذه الأمم المتنافرة في هذه الأرض وسينتزع من قلوبها السخائم والأحقاد.



يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


جريدة الوطن
21 من مارس 2009

جامعي متميز 24-03-2009 04:21 PM

مفتي عام السلطنة:

السماح للأولاد بالقيادة دون رخصة مفسدة في الأرض

من يسرع بغير حدود إنما هو قاتل قتل عمد وعليه إثم قتله
للآخرين وإن مات فهو منتحر

شارب الخمر عندما يقود السيارة لا يؤمن على نفسه
فكيف يؤمن على المارة في الطريق

ليس للإنسان أن يعتدي على حياته ولا أن يعتدي على حياة الآخرين

متابعة ـ أحمد بن سعيد الجرداني:في هذا العالم هناك أمور كثيرة نحتاج إلى الحديث عنها، مثلاً جناية الإنسان على بني الإنسان بصور متعددة، وكذلك قتل الأطفال والنساء والأبرياء من بعض قائدي المركبات بسبب إنشغالهم بالهاتف النقال والسرعة وغيرها والتي تسبب الحوادث، وبمناسبة أسبوع المرور لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي انطلق مؤخرا بشعار (لا تتصل.. حتى تصل) ننشر بعض الأسئلة التي تتحدث عن المرور وغيرها.. والتي وجهت لسماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي من خلال البرنامج الديني (سؤال أهل الذكر) الذي يبثه تلفزيون سلطنة عمان يوم الأحد من كل أسبوع وهذه الأسئلة والإجابة من الحلقات السابقة وهي من إعداد وتقديم سيف بن سالم الهادي..

كلمة للآباء
لو توجهون كلمة للآباء الذين يمنحون أبناءهم فرصة القيادة وسياقة السيارة دون أن يتعلموا القيادة جيداً ودون أن يحصلوا على الرخصة فيعيثون بذلك في طريق الفساد.
هؤلاء مهملون لأولادهم، الأولاد يجب ضبطهم، ويجب عدم إرخاء العنان لهم، وهؤلاء يعرضون هؤلاء الأولاد أنفسهم للهلاك، إذ لا يمكن أن يحافظ على سلامتهم مع عدم ضبطهم وعدم صونهم عن مثل هذه التصرفات.
وكذلك هم يعرضون الآخرين للخطر، هؤلاء الأولاد غير مأمونين، كم من حوادث تقع بسبب تصرف مثل هؤلاء الحمقى الذين لا يبالون بما يفعلون، كم من أمور تقع، ربما حاول أحدهم الهروب عن أن يقع تحت مسئولية الشرطة بحال من الأحوال عندما يرى شرطياً أو عندما يرى سيارة المرور فيسرع السير ويؤدي به ذلك إلى أن يقع في أمر يذهب بأرواح الناس، وقد يعرض حياته للتلف، فإذن إرخاء العنان لهؤلاء الأولاد مفسدة في الأرض، فعلى الناس أن يتقوا الله وأن يدرءوا هذه المفسدة عن أنفسهم وعن أولادهم.

العقل وحزام الأمان
وُضِعَ حزام الأمان وأدى إلى شيء من الحلول على كل حال لأنه منع من بعض الأشياء التي تقع للإنسان أثناء الحوادث لكن لا تزال السرعة مستمرة ولا يزال التهور موجوداً، فهل العقل يحتاج أيضاً إلى حزام؟
العقل نعم.
العقل عقّال إذا مازجه *** برد النسيم وجريء إن سطا
العقل إنما سُمي عقلاً لأنه يعقل الإنسان، يضبط شهواته ونزغاته ونزعاته، ويؤطر مسلكه في الإطار السليم، ولكن هذا عندما يستخدم استخداماً صحيحاً، أما عندما يكون الإنسان مغتراً بما يظنه عقلاً ويكون غير مبال بأمر الله سبحانه وتعالى ونهيه، وغير مبال بسلامته وسلامة من حوله لا ريب أن هذا العقل يضيع في مهب هذه الأعاصير أعاصير الأهواء التي تريد بالإنسان ذات اليمين وذات الشمال.
وعلى أي حال أنا أقول وقد قلت هذا أكثر من مرة وإنني لأعلن ذلك براءة إلى الله سبحانه وتعالى الذي أوجب علينا أن نقول كلمة الحق: الإنسان أصبح الآن يضيع عقله بنفسه، شُرّاب الخمور، والخمور أصبحت كأنها مظهر من مظاهر المدنية، وأصبحت كأنها ضرورة من ضرورات الحياة حسب واقع حياتنا اليوم، فشُرّاب الخمور هم الذين يجنون على أنفسهم ويجنون على المجتمع بأسره، ما وراء شرب الخمور، وماذا عسى أن يجني المجتمع من شرب الخمر، وماذا عسى أن تجني الأمة من هذه الآفة المنتشرة، ماذا عسى أن تجني الإنسانية من هذا الداء الوبيل من هذه الآفة التي لا تبقي ولا تذر، التي تطمس العقل وتطفئ نوره وتذهب به، وتجعل الإنسان شراً من البهيمة العجماء، هذا الإنسان الذي شرب الخمر هل يؤمن على نفسه عندما يقود السيارة، هل يؤمن على من يركب معه، هل يؤمن على غيره ممن يقودون السيارات في الطرق، هل يؤمن على المارة في الطرق، لا يؤمن على أحد، ثم مع ذلك يجر شرب الخمر ما يجر من بلاء وفساد ومحن لا تعد ولا تحصى، كم من الضحايا، أولاً الأرواح التي تزهق من خلال هذه الحوادث التي تكون بسبب شرب الخمور وعدم المبالاة في الحياة، ثم مع ذلك أيضاً علاج الذين يصابون من خلال هذه الحوادث وتعطيل الناس عن الأعمال، كل ذلك أليس هو خسارة في خسارة في خسارة إن كان النظر إلى هذه الأمور بالمقاييس المادية.

قائد السيارة مسئول عن الجميع
موضوع السرعة هل هناك سرعة معينة يقف عندها الإنسان ولا يتعداها أم أن الأمر موكول للاجتهاد الشخصي والأمر يعتمد على المهارات والطاقات؟
قائد السيارة هو مؤتمن على نفسه، ومؤتمن على الركاب الذين معه، ومؤتمن على من يقودون السيارات في الطرق، ومؤتمن على الركاب الذين عند غيره، ومؤتمن على المارة في الطريق، فهو مسئول عن الجميع، عليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى في ذلك، وأن يطيع الله فيما أمره به، الله سبحانه وتعالى جعل للنفس الإنسانية قيمة، ليس الإنسان أن يعتدي على حياته بنفسه، وليس له أن يعتدي على حياة الآخرين، الله سبحانه وتعالى قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) (النساء:29ـ30)، والله سبحانه وتعالى يقول (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخر وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاما * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان:68ـ70)، ويقول الله سبحانه وتعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93)، وهذا الذي ينطلق انطلاقاً من غير حدود إنما هو قاتل قتل عمد، لأنه بانطلاقته هذه يعلم ما ورائها من شر، فهو ناحر منتحر، عليه إثم قتله لنفسه، وعليه إثم قتله للآخرين، فإن مات فهو منتحر، والمنتحر إلى النار والعياذ بالله، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن تناول سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحاسه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن رمى نفسه من شاهق فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا.
هذا جزاء من قتل نفسه، وأما قتله لغيره فكذلك الجزاء نص عليه القرآن الكريم كما ذكرنا.
فعلى الإنسان أن يتقي الله تعالى في نفسه، وأن يتقي الله في الآخرين، هو مسئول، ليس له أن يسرع سرعة تؤدي به إلى أن لا يستطيع السيطرة على السيارة والتحكم فيها عندما يحدث أمر، لأنه قد يعترضه إنسان فجأة، قد يخرج من الشارع إنسان، قد تخرج سيارة إلى الشارع، قد يصادف حيواناً في الشارع، قد يصادق أي شيء من هذا النوع، فمن أسرع سرعة تخرج به عن حدود الاعتدال فعليه وزر ما جنت هذه السرعة، وعليه ضمان ذلك، يتحمل تبعة ذلك كله.
على أن الإنسان يؤمر أيضاً أن يكون في قيادته للسيارة قادراً على تصريفها تصريفاً سليماً، ليس له أن يتقدم الآخرين في المكان الذي لا يُسمح بالتقدم فيه، أو كذلك حتى في المكان الذي يُسمح إن كان يرى في الاتجاه الآخر سيارة مقبلة ليس له أن يتقدم، عليه أن يأخذ احتياطاته جميعاً قبل أن يحاول تجاوز من يسير أمامه. وفي الأماكن التي فيها منعطفات ليس له أن يتقدم ولو لم ير سيارة تأتي من الاتجاه الآخر لأن المنعطفات هي مظنة وجود السيارات آتية من الاتجاه الآخر من حيث لا يراها.
كذلك بالنسبة إلى التجاوز إن كان يرى سيارة آتية من الاتجاه الآخر لا تحدثه نفسه بأنه يمكنه أن يسبق ويمكنه أن يخرج من مظنة الخطر، لا، عليه أن يقدر أسوأ الاحتمالات حفاظاً على سلامته، وحفاظاً على سلامة الركاب الذين معه، وحفاظاً على سلامة الركاب في السيارات الأخرى، وحفاظاً على المارة في الطريق.

هذا من التزوير
ما الحكم في من قاد سيارته وهو لا يحمل رخصة قيادة ووقع في حادث، ومن أجل تلافي موضوع الغرامات والمخالفات أوكل المهمة إلى شخص يدّعي أنه هو القائد؟
هذا من التزوير، والزور نفسه حرام، وشهادة الزور محرمة، وقول الزور محرم، فعندما عدّد النبي صلى الله عليه وسلّم الكبائر قال في تعدادها: ألا وشهادة الزور، ألا وقول الزور. فما زال يرددها حتى قال الراوي وددنا لو سكت. فالزور نفسه محرم، ثم مع هذا أيضاً بجانب كونه محرماً هناك تحايل، والتحايل على النظام غير جائز، ولو سُمِح للناس أن يفعلوا ذلك لضاعت الحقوق وأهدرت وذهب القانون وذهب النظام وعاد الناس كل يحتال بما يستطيع أن يحتال به، لا يبقى حق، ولا يبقى أمان، ولا يبقى استقرار مع الناس، فعلى الناس أن يتقوا الله وأن يحرصوا على كلمة الصدق وأن لا يحتالوا. في هذا تشجيع للآخرين بأن يرتكبوا المخالفات وأن يقعوا في المحظورات، وبما أن هذا الإنسان لا يحمل رخصة قيادة لماذا يقود السيارة؟ لا يجوز له أن يقود السيارة، وعليه أن يلتزم النظام، وعليه بأن يحرص بأن يكون القائد للسيارة غيره، والآخر الذي يتحمل هذه المسئولية لأجل التخفيف عن هذا وتخفيف الغرامة ودرء المسئولية عنه أيضاً هو قائل زور فعليه أن يتقي الله تعالى في ما يقول.
لو حدث أثناء التحقيقات أن الخطأ جُعل على ذلك الرجل الذي صدمه من لا يحمل رخصة قيادة فهل ذلك الذي توكل عن الشخص يتحمل مسألة الغرامة وتبقى في ذمته؟
على أي حال بما أنه قيادته ـ هو لا يحسن القيادة ـ ربما أدت إلى عدم أخذ الاحتياطات وأدت إلى ارتكاب المخالفات فعلى أي حال لا يجوز ذلك.
تصادمت مركبتان الأولى بسبب السرعة الفائقة والثانية بسب التجاوز الخاطئ، لو حدث أن توفي كلاهما فالإثم على من؟ من منهما قتل الثاني؟
أما الذي تجاوز إن كان تجاوزه في المكان الذي لا يسمح بالتجاوز فيه سواءً كان عدم السماح بالتجاوز من حيث إن هناك منعطفاً أو من حيث إن السيارة المقبلة فهو يتحمل جانباً من الوزر. والآخر الذي خرج عن حدود الاعتدال في السرعة فهو أيضاً يتحمل جانباً آخر من الوزر، فكل واحد منهما مقتول من قبل الآخر، وكل واحد منهم قاتل للآخر.

السرعة في الخط السريع
ما حكم من يسرع على الخط السريع أثناء السفر عن طريق البر، هل يعتبر من يتوفى جراء السرعة على الخط السريع منتحراً، وما حكم من يتوفى بسبب السرعة أثناء نقل حالة طارئة إلى المستشفى؟
السرعة سواء كانت في الخط السريع أو في الخط البطيء السرعة غير مطلوبة، هب أنه في الخط السريع وانفجر الإطار أيستطيع أن يتحكم في السيارة مع السرعة المفرطة الخارجة عن حدود الاعتدال؟
على الإنسان أن يحسب حساباً لكل ذلك، عليه أن يحسب حسابه لانفجار الأطر، عليه أن يحسب حسابه لمرور المارة، عليه أن يحسب حسابه لخروج السيارة من الطرق الجانبية كل ذلك عليه أن يحسب له حسابه.
في من قتل نفسه عن طريق السرعة هل يعامل معاملة المسلمين في مسألة الصلاة عليه وغيرها من الأمور؟
نحن نأخذ بحديث الرسول صلى الله عليه وسلّم الذي يقول: الصلاة جائزة خلف كل بر وفاجر، وصلوا على بر وفاجر. والحديث الآخر الذي يقول: الصلاة على موتى أهل القبلة المقرين بالله ورسوله واجبة فمن تركها فقد كفر.
فعلى أي حال ما دام هو من أهل القبلة ولم يخرج عن الملة الإسلامية باعتقاد شيء يخرجه منها وذلك بأن ينكر ما عُلم من الدين بالضرورة نعتبره من جملة أهل القبلة فيصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين.
لدي صديق كان يقود سيارته وبجانبه زوجته وفجأة صدمتهم سيارة من ناحية الزوجة مما أدى إلى وفاتها في الحال مع العلم أن سرعته لم تتجاوز خمسين كيلو متراً في السيارة وأن سبب الحادث صاحب تلك السيارة التي صدمتهم، فهل على صديقي كفارة ارتكاب القتل الخطأ؟

بما أنه لم يتسبب في القتل وإنما المتسبب الطرف الآخر تكون الكفارة على المتسبب وليست على غير المتسبب.

ما الحكم فيمن حصل عليه حادث مروري وتوفي ثلاثة أشخاص وأن الحادث وقع بغير رضا الطرفين؟
لا يعتبر رضا وإنما يعتبر تسبب، من المتسبب في هذا الحادث، المتسبب حتى ولو كان بطريق الخطأ عليه التوبة من هذا الإهمال، وعليه أن يُكفّر عن كل ميت بأن يصوم شهرين متتابعين إن لم يستطع أن يعتق رقبة عن كل واحد منهم، وعليه مع ذلك أيضاً الدية لكل واحد منهم.
الحوادث تقع في كثير من الأحيان ولكن بعض المصابين يظل موجوداً في السيارة ينتظر من ينقذه، والذين يحضرون يقولون لا نستطيع أن نتعامل مع مثل هذا الموقف ولربما إذا أنقذناه أدى إلى إتلاف بعض أعضائه فيبقى ينتظر، فهل عليهم أن ينقذوه ولو أدى إلى إتلاف بعض أعضائه؟
يُنظر لو ترك وشأنه ما هي النتيجة، قد يكون ذلك سبباً لموته، يُتقى الشر الأكبر بالشر الأصغر إن لم يكن بد من الشرين، وعلى أي حال إذا أمكن أن يؤتى بمن كان خبيراً بالتصرف في هذا حتى يحافظ على سلامة ذلك المصاب فذلك أولى، لكن مع هذا يجب الإنقاذ بقدر المستطاع، عليهم جميعاً أن يتعاونوا وأن يتقوا مكامن الضرر، عليهم أن يتقوا مظنة الضرر به، وأن يحرصوا على سلامته.

من تسبب في قتل شخص في حادث سير هل ديته عليه أم على العاقلة؟

إن كان التسبب بسب الإهمال وعدم المبالاة فالدية عليه وليست على العاقلة، أما إن كان غير مهمل وإنما كان ذلك بخطأ لم يملك دفعه فعلى أي حال في هذه الحالة تكون الدية على عاقلته وإنما تجب عليه الكفارة.
لا يلزمه
إذا تيقن الشخص أنه لم يتسبب في موت ذلك الشخص الذي وقع له الحادث ولكن أثناء الإجراءات والتحقيقات جُعل الخطأ عليه هل يتحمل شيء من موضوع الكفارة والدية وغيرها؟
أما إن كان موقناً مع كونه خبيراً بهذه الأسباب وكان موقناً أن الخطأ من غيره ولم يكن الخطأ منه وإنما كان خطأ في الحقيق أو خطأ في التخطيط ففي هذه الحالة لا يلزمه ما لم يلزمه الله تعالى إياه.
الكفارة والدية
كنت أسير بسيارتي بسرعة ثمانين كيلومترا وهي أقل من السرعة المسموح بها في الطرق الساحلية المزدوجة وفجأة خرجت علينا حافلة من الطريق اجتازت الفاصل بين الطريقين وانقلبت أمامي عندها اصطدمت بها مباشرة لأنني لم أتمكن من تجنبها بسبب خروجها المفاجئ فتوفي اثنان من ركاب الحافلة، ومن خلال سؤالي لراكبين من الركاب الذين نجيا من الحادث اخبراني أن السائق الذي يقود السيارة لم يكن السائق الأصلي وليس لديه ترخيص، فهل تجب عليّ الكفارة والدية؟
الكفارة والدية على سائق الحافلة بما أنه هو المخطئ إن كان الأمر كما يقول هذا السائل.
هو عقوق للوالدين
بعض الناس يصطحب في سيارته أبويه وأولاده ومع ذلك يقود سيارته بسرعة جنونية ويتجاوز بهم غير مبالٍ بمن يحمل، هل يعتبر هذا من العقوق للوالدين ومن التسبب في إهانة الأسرة وإيذائها؟
هو عقوق للوالدين وهو إيذاء لهما، وإيذاء للأولاد وعدم مبالاة بحق الأولاد وعدم مبالاة بحق الأسرة. على الإنسان أن يحافظ على أسرته كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته وقائد السيارة راع والركاب هم رعيته وعليه أن يتقي الله تبارك وتعالى في هذه الرعية، بل في هذه الحالة هو راعٍ والمشاة في الطريق رعية له وأصحاب السيارات الأخرى أيضاً هم من رعيته لأنه عليه أن يرعى مصالحهم.

مهدر لدمه
هل يجوز دفع الدية للرجل الذي يصدم تحت جسر المشاة لم يذهب من الجسر إنما ذهب من الشارع؟

هو في الحقيقة خالف النظام، ولكن نظراً لقيمة الإنسان ولو كان الخطأ منه لا ينبغي أن يُهدر دمه اللهم إلا أن يُتقدم عليهم أن لا يمشوا في ذلك المكان ويُعلن لهم أن من مشى في الطريق وترك جسر المشاة فهو مهدر لدمه لو وقع عليه حادث.
الحيوانات والحوادث
قد يمر الإنسان بسيارته على مشهد حيوان يوشك أن يعبر من الطريق أو طفل أو حجر ملقي في الطريق ولا يقف وإنما يكتفي بتنبيه السيارة القادمة عن طريق الإشارة، ما الذي يجب عليه هل يقف لإزالة الأذى وما أجر من يزيل مثل هذا الأذى من الطريق؟
أما بالنسبة إلى الطفل فله حق أكبر، إذ المحافظة على سلامته واجب ضروري بالنسبة إلى الكل، فمن أبصر طفلاً يمشي في الطريق عليه أن يقف وعليه أن يحافظ على الطفل، وكذلك بالنسبة إلى الحيوان حقه أكبر من حق غيره من الكائنات الأخرى كالحجر وغيره، لأن الحيوان يتألم وإن كان دون حق الإنسان، وعليه ضمانه إن وقع حادث بسب إهماله له، وبالنسبة إلى الحجر الملقى في الطريق إن كان يسبب أذى الناس فلا ريب أن درء الأذى عن الناس أمر واجب، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم وما يدل على أن إماطة الأذى عن الطريق من شُعب الإيمان، فالنبي صلى الله عليه وسلّم يقول: الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها كلمة لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى من الطريق. والأذى الذي يعترض الطريق يختلف باختلاف مقدار ما يتأذى به الناس، فلئن كان الأذى بالغاً بحيث قد يسب حادثاً أو شيئاً من هذا النوع كالحجر الملقى في الطريق فلا ريب أن درءه يكون من أوكد المؤكدات، فعلى من مر هنالك أن يحرص على إزالته مع القدرة على ذلك.

في بعض الأحيان تعترض الطريق العام جملة من الحيوانات السائبة كالحمير مثلاً فتتسبب في حوادث كثيرة وتكبد الناس خسائر مادية ومعنوية، فهل يجوز قتلها والتخلص منها لهذا السبب؟

إما أن تكون هذه الحمير ملكاً لأحد ففي هذه الحالة تقام الحجة على أربابها بأن يحفظوها ويصونوها ويمنعوها من الإضرار بالغير، وإما أن تكون غير مملوكة لأحد ففي هذه الحالة إن كانت سبباً في وقوع الحوادث وتلف الأنفس فإن المحافظة على الأنفس البشرية أولى من المحافظة على الحيوانات، إذ كل ما في هذه الأرض إنما خلق للإنسان، فإن كان سبباً لإزعاجه والإضرار به ففي هذه الحالة يصرف الضرر، كل ما هو مضر بالإنسان يصرف أياً كان، فالإنسان كُرّم تكريماً من عند الله (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الإسراء:70)، فلذلك تصان حياة الإنسان من أجل قيامه بهذه الوظيفة التي نيطت به ويصرف عنه الأذى، والله تعالى المستعان

المفتي العام للسلطنة
المصدر / جريدة الوطن

لؤلؤة الجزائر 26-03-2009 03:10 PM

جزاك الله خيرا أخي على الإفادة وجعلت في ميزان حسناتك

فارس الفرسان 26-03-2009 03:19 PM

جزيل الشكر لك أخي البراء ع الفتـاوى

تحياتي لك

الفتاة الغامضة 26-03-2009 07:05 PM

جزاكم الله خيراً
على هذه الفتاوى..
بارك الله فيك
وسدد خطاك

نبــ المشاعر ــض 26-03-2009 10:46 PM

جزاك الله خير اخي البراء
موضوع رائع
جعله الله في ميزان حسناتك

جامعي متميز 27-03-2009 02:46 PM

الإنسان يسعى إلى تطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلّم والاقتداء به بقدر إمكانه ولكن في بعض الأحيان لا يجد تلك العاطفة المتنامية التي تدفعه إلى تقديم الكثير من صور القدوة ، فما هي الطرق التي يقوي بها الإنسان عاطفته تجاه النبي صلى الله عليه وسلّم ؟ وهل الذي قصّر في ذلك ينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلّم ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده ووالده ) ؟

النبي صلى الله عليه وسلّم بيّن أن حبه بعد حب الله سبحانه وتعالى من مقتضيات الإيمان بالله وبه صلى الله عليه وسلّم ، فالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام يقول : ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا في الله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار.
ويقول صلى الله عليه وسلّم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.
ويقول : والذي نفسي بيده لا يؤمن حتى أكون أحب إليه من والده وولده .
والرسول صلى الله عليه وسلّم يبين لنا قيمة حبه في موازين الإيمان وذلك بعد حب الله .
ولا ريب أن الحب ينشأ في نفس الإنسان تجاه غيره لأحد سببين: إما تفوقه عليه وعلى غيره، وإما بسبب يد سخية كانت منه عليه بحيث قدمت إليه خيرا .

وعلى كلا الأمرين النبي صلى الله عليه وسلّم يجب أن يفوق حبه حب الناس أجمعين، على كلا الاعتبارين، فإذا جئنا إلى عظم قدره صلى الله عليه وسلّم ، فمن من البشر من يسامي النبي صلى الله عليه وسلّم في قدره ؟ مَن مِن البشر يصل إلى ذلك المقام الرفيع الذي رفع الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلّم إليه ؟
حسبنا هذا الثناء الذي في القرآن الكريم على شخص النبي صلى الله عليه وسلّم ، وحسبنا أن الله عز وجل كما قرن كلمة التوحيد بالشهادة له صلى الله عليه وسلّم بالرسالة ، حيث أُمرنا أن نقول أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله .

وحسبنا أن في الأذن يتردد ذكر الله تعالى وذكر رسوله صلى الله عليه وسلّم .
وحسبنا أن نجد في كتاب الله سبحانه أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلّم تُقرن بطاعة الله عز وجل .
وحسبنا أننا نجد في كتاب الله أن الوعيد على معصية الرسول صلى الله عليه وسلّم يقترن بالوعيد على معصية الله عز وجل.

إذن هذا قدر رفيع رفع الله تعالى إليه النبي صلى الله عليه وسلّم .
فإذا جئنا إلى عظم شخصيته صلى الله عليه وسلّم نجد في القمة.
وإذا جئنا أيضاً في نفس الوقت إلى ما كان فضل على الإنسانية فهو يفوق الناس جميعاً في ذلك، بل النبي صلى الله عليه وسلّم كان رجلاً حانياً كريماً يحنو على هذه الإنسانية ويحب أن ينقذها من ورطتها ، ويحب أن يخلصها من مأزقها ، ويحب أن يدخلها في رحمة الله تعالى ، فإذن كان بهذا القدر وتفانى وصبر وصابر من أجل إبلاغ هذه الدعوة ، ولولا هذا التفاني ولولا هذا الصبر الذي كان بتوفيق الله لما وصلنا إلينا من الإسلام شيء ، فإذن هو أولى بأن يُحب فوق الناس جميعا .

هذه المشاعر عندما تمتزج بأحاسيس الإنسان لا ريب أنه في هذه الحالة يحس بقدر شخص النبي صلى الله عليه وسلّم ، ويجتمع الشعور النفسي مع التفكير العقلي حتى يصير الإنسان مقدراً لشخصه صلى الله عليه وسلّم ومعظماً له ومتفاعلاً مع هذا الإحساس الذي يصدر عنه .

ـ شخص يقوم بشراء أرض وهو لا يستطيع تحديد موقعها كونه لم يُدل عليها ولكن أرقامها واضحة بياناتها واضحة عادة تكون في المواصفات ، ما حكم هذه المعاملة ؟
البيع والابتياع لا بد من أن يكون بطريقة واضحة سليمة ليس فيها غرر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن بيع الغرر، والغرر بيع الشيء الذي يُجهل، كأن يبيع شيئاً في ظرف من غير أن يُنقش الظرف ويُعرف ذلك الشيء وتُعرف ماهيته أو يُعرف وصفه كما هو، أو بيع ما لم يُدرِك كذلك هو من بيوع الغرر ، وكذلك بالنسبة إلى ما جُهل الشيء المجهول، لأن هذه الأرض قد يختلف ثمنها بين مكان وآخر، قد تكون في مكان ما أكثر ثمناً وفي مكان آخر أقل ثمناً، ولذلك يجب أن يكون الموقع معروفاً لأجل تفادي الغرر ، فإن الغرر يُمنع إذ لا يجوز لأحد أن يأخذ مال أخيه إلا بحق ، وهذا ليس حقاً ما دام هو لا يعرف حقيقة المبيع ، ولا عبرة بمعرفة مواصفات الأرض ، فقد تكون الأرض بمواصفات معينة هذه المواصفات تختلف قيمتها ما بين مكان ومكان آخر فإن للأمكنة تأثيراً في رفع السعر أو خفضه .

ـ هل يجوز شراء شقة بواسطة مكاتب عقارية هي لم تزل قيد التخطيط ، واضح في التخطيط حجمها وواضح أيضاً ربما ما قد يستخدم فيها ولكن هي غير مشيدة إلى الآن ؟
هذا من بيع غير الحاضر ، بيع غير الحاضر لا يكون إلا بطريقة السَلَمْ ، وطريقة السَلَمْ أباحها النبي صلى الله عليه وسلّم عندما جاء إلى المدينة المنورة أباح البيع بطريقة السَلَمْ لأجل رفع الحرج عن الناس كانوا يُسلمون في الحبوب التي كانوا يشترونها ، فالنبي صلى الله عليه وسلّم أباح على أن يكون السَلَمْ في كيل معلوم أو وزن معلوم بحيث يضبط المُسْلَم فيه من حيث الكيل أو من حيث الوزن مع ضبط الجنس لا بد من ذلك ، أما ما عدا ذلك فقد اختلف الفقهاء فيه ، منهم من رخص في العروض أن يُسْلَم فيها قبل أن تحضر ولو كانت غير طعام ، ومنهم من حصر السَلَمْ في الطعام كما كان فعل النبي صلى الله عليه وسلّم إذا أقر أهل المدينة على هذه المعاملة .
ونحن نرى بالنسبة إلى العروض إن كانت مما يمكن ضبطه بالدقة بحيث يضبط طوله وعرضه إن كان مما لا يوزن وتضبط جميع أوصافه كأن يكون السَلَمْ في سيارة مثلاً يؤتى بها من مكان بعيد فلا حرج ، أما في الأصول فإن السَلَمْ في الأصول لم أجد دليلاً على جوازه ، كيف يجوز السَلَمْ في الأصول هذه أصول ثابتة وليست بعروض ، والسَلَمْ هو بيع غائب بحاضر أي أن يباع بنقد بكيل معلوم أو وزن معلوم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم .



يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

المصدر / جريدة الوطن

بدور بنت فهد 27-03-2009 04:41 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

جزاك الله خير على المعلومات القيمة

البراء 03-04-2009 11:25 AM

يوصي البعض بأن يكفن من ماله ولا ينتبه لذلك إلا بعد أن يدفن الميت ، فكيف يتصرف الوصي في هذه الحالة ؟

الجواب :
في هذه الحالة أي عندما يتعذر تنفيذ الوصية فإن الوصية ترجع إلى الورثة ، فإن كان الورثة كلهم بُلّغاً عُقّالا بحيث يسوغ لهم أن يتصرفوا في التركة كما يشاءون فإنه ينبغي لهم أن ينفقوا ذلك في الخير من غير أن يكون ذلك لازماً عليهم ، ولكن ذلك أبر لميتهم وأفضل لهم ، وإن لم يفعلوا ذلك فإن هذا الأمر يرجع إليهم .
أما إن كان الورثة أيتاماً أو كان بعضهم يتامى فإن ذلك لا يسوغ في مال اليتامى وإنما يسوغ في مال البُلّغ العقلاء المالكين لأمرهم ، والله تعالى أعلم .

السؤال
ما رأي سماحتكم فيما يوصي به البعض من إعطاء مبلغ معين لمن شارك في الدفن أو الحفر لقبره حيث إن عدد المشاركين في ذلك كبير يشق على الوصي معرفتهم ؟

الجواب :
عندما يتعذر الوصول إلى الموصى لهم فإن الوصية ترجع إلى الورثة ، إلا إن كانت هذه الوصية من ضمان ففي هذه الحالة لا بد من البحث عن الموصى لهم أو عن ورثتهم إن كانوا قد ماتوا ، فإن تعذر ذلك فحكم ذلك حكم المال الذي جُهل ربه ، وكل مال جُهل ربه فإن فقراء المسلمين أولى به ، والله تعالى أعلم .

السؤال
هل يجوز الدعاء في السجود حيث إن النبي صلى الله عليه وسلّم يقول : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ؟

الجواب :
نعم في صلاة النفل ذلك جائز ، أما في صلاة الفرض فنحن نرى بأنه يقتصر على الذكر الوارد ولا يعدل عنه إلى ما زاد عليه ، لأن هذه الصلاة كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلّم لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين ، فيقتصر على المنصوص عليه ، ويترك ما زاد عليه ، أما في صلاة النفل فلا مانع من ذلك ، والله تعالى أعلم .


السؤال
قد يكون لمسجد أموال فائضة عن حاجته في حين توجد مساجد أخرى هي بحاجة لهذه الأموال ، فهل يصح نقل هذه الأموال إلى غير المسجد الموقوف له ؟

الجواب :
أما نقل الأصل إلى غير المسجد الموقوف له فلا يجوز ، وإنما يجوز على رأي جماعة المسلمين أن ينتفع بالفائض من ريع وقف المسجد عن حاجته ليصرف في منفعة مسجد آخر ، ذلك لا مانع منه ، أما أن يحول الأصل فإن ذلك من التبديل الذي هو محرم شرعا فإن الله تعالى قال في الإيصاء ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) (البقرة: من الآية181) وللوقف حكم الوصية ، والله تعالى أعلم .

السؤال
ما هي سنن الصلاة الواجبة ، وما هي سننها التي ليست واجبة ؟


الجواب :
الأصل في السنن التي حافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلّم ولم يفرط فيها أنها واجبة ، فالتشهد الأول هو واجب ولكنه يجبر بسجود السهو إن تركه الإنسان ناسيا ، أما أن يتعمد تركه فليس له ذلك ، وكذلك التكابير تكابير الانتقال أي ما عدا تكبيرة الإحرام هي واجبة ، فإن نسي شيئاً منها جُبر ما نسيه بسجود السهو ، وكذلك مثل قول سمع الله لمن حمده ، وبالجملة فإن كل ما حافظ عليه النبي صلى الله عليه وسلّم من السنن كان واجباً ، ومثل ذلك قول سبحان ربي العظيم في الركوع وقول سبحان ربي الأعلى في السجود لما ثبت في الحديث عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أنه لما نزل قول الله تبارك وتعالى ( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (الواقعة:74) قال : اجعلوها في ركوعكم ، ولما نزل قوله تعالى ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) (الأعلى:1) قال : اجعلوها في سجودكم . والأمر للوجوب ما لم تصرفه قرينة ، فهذه من الأمور التي ثبتت في السنة فهي من السنن الواجبة ، وإنما ما كان سنة لو نسيه الإنسان يجبر بسجود السهو ، والله تعالى أعلم .


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


جريدة الوطن
الجمعة 7 ربيع الثاني 1430هـ

الموافــق 3 من ابريل 2009م

البراء 10-04-2009 11:39 AM

* ما حكم إزالة شعر اللحية والشارب لدى المرأة بقتل جذور هذا الشعر وكيه ؟

** على أي حال المرأة لها طبيعة خاصة، ولها مظهر خاص، فعندما تكون المرأة بهذه الحالة أي يكتسي وجهها بالشعر لا ريب أن ذلك يشوه جمالها ويؤثر على أنوثتها، وقد يُنفّر ذلك الرجل منها، فلذلك كان لا حرج عليها في أن تزيل الشعر. ولكن من حيث قتل الجذور بالكي بالنار فإن ذلك يتوقف على عدم تشويه الوجه وعدم الإضرار بالصحة، لا بد من اجتماع هذين العنصرين في ذلك .

* ما حكم زراعة ونقل الشعر سواء كان الطبيعي أو الصناعي بالنسبة للأصلع أو المتعرض
للأمراض التي أدت إلى تساقط شعره أو الحروق أو الحوادث التي أدت أيضاً إلى زوال الشعر؟

** على أي حال إن كان هذا الصلع أدى إلى تشوه وأمكن زرع شعر صناعي من غير أن يكون ذلك ضاراً بالجسم فلا حرج في ذلك، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلّم أباح لعرفجة لما قُطعت أنفه في الحرب أن يصنع أنفاً من الورق أي من الفضة، ولما نتنت أنفه أباح له أن يستبدل بها أنفاً من الذهب، في هذا ما يدل على أن ما يؤدي إلى التشوه، ويؤدي إلى انقلاب الصبغة بسبب حادث من الحوادث فلا حرج.

وكذلك بالنسبة إلى المرأة ، لو كانت هذه المرأة هي بحاجة إلى زرع الشعر بسبب صلعها ولو كان هذا الصلع أمراً طبيعياً فيها، أي لم يكن بسبب حادث من الحوادث إلا أنه بسبب كونه منفراً للرجل منها، فقد ينفر منها زوجها ، وإن كانت غير ذات زوج وهي تتطلع إلى الزواج قد لا تجد من يتزوجها وهي على هذه الحالة ، فلا حرج عليها في أن تكتسي بشعر يزيل عنها هذا المنظر المشوه لها، لا حرج عليها في هذا ، ولا يعد ذلك تبديلا ًلخلق الله ، وفي إباحة النبي صلى الله عليه وسلّم لعرفجة دليل على جواز هذا .

* بالنسبة للصلع المشوه للرجل ما هو الضابط حتى يقال بأن هذا الصلع مشوه أو لا ؟

** قد يكون الصلع طبيعياً وهذا طبيعة في بعض الرجال ، بعض الناس يأتيهم الصلع ، لكن قد يكون مشوهاً بحيث إنه وقع نتيجة حادث حرق للرأس أو لجلدة الرأس حتى صار الرأس مشوهاً ، في هذه الحالة لا حرج من علاج هذا التشوه .

* وفي الحالات الاعتيادية ؟
** الحالات الاعتيادية لا. لا داعي إلى ذلك .


* ما حكم إزالة مظاهر الشيخوخة بعمليات التجميل ؟

** وهل يُصلح العطار ما أفسد الدهر ؟

ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما *** تبني الرجاء على شفير هار


فالإنسان وهو يعيش في هذه الحياة عليه أن يدرك بأن الحياة نفسها لا بد من أن يتبعها موت ، وأن الصحة هي مهددة بالسقم ، وأن الشباب لا بد من أن يعقبه هرم إن أُمهل صاحبه ، إن لم يتخطفه ريب المنون وهو في عنفوان شبابه ، وفي هذا حكمة بالغة أرادها الله سبحانه وتعالى من أجل أن تكون حياة الإنسان حياة فيها الشعور وفيها الإدراك بأنها حياة زائلة ، وفيها الإحساس بأن وراءه مسئولية ، وفيها الإحساس بالمنقلب الذي ينقلب إليه حتى يعمل لهذا المنقلب ، ويطمع وهو يعمل لهذا المنقلب في حياة لا يعقبها موت ، وفي شباب لا يعقبه هرم ، وفي صحة لا يهددها سقم ، وفي قوة لا يليها ضعف .

أما هذه الحياة فهي تتدرج من ضعف إلى قوة ثم من قوة إلى ضعف ، الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه ( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) (يّـس:68) ، ويقول ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً)(الروم: من الآية54) ، فلا بد من أن ينقلب الإنسان من حال إلى حال. ومظاهر الشيخوخة تذكّر الإنسان بهذا الانقلاب بهذا الفناء وإلا لبطر الإنسان وهو يعيش في صحة ويعيش في مظهر الشباب ويعيش في مثل هذا.

فما الداعي لعمليات التجميل من أجل إزالة آثار الشيخوخة ، أمن أجل أن يغر الناس ؟ قد يكون هذا طامعاً في أن يخطب فتاة وهي لا ترغب فيه عندما تدرك أن شيخ وتتطلع إلى شاب فهو يريد أن يغرها بمظهره ، هذا لا يجديه شيئاً ، عليه أن يتقي الله .

وحسبما روي في بعض الكتب - والله أعلم بصحة هذه الرواية - أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ترافع إليه قوم زوجوا أحداً من الناس وهو يخضب بالسواد فأوهمهم أنه شاب فزوجوه بسبب ذلك فتبين الأمر بخلاف ذلك ، ففسخ العقد ، هكذا يروى عنه رضي الله تعالى عنه ، وإنه لحقيق بمثل هذا الحكم ، ذلك دال على بصيرة من حكم به ، والله تعالى المستعان .

* إذا كانت هذه المرأة عجوزا تريد أن تتزين لزوجها ؟

** ما شاء الله. وإلى متى تبقى العجوز شابة ، عليها أن تعمل لحياة الأبد ، لحياة المصير. نعم تتناول ببعض العلاج الذي يُجمّل البشرة والذي ينشط الجسم، ولكن مع هذا لا تحاول أن تُقدم على عمليات من أجل هذا الأمر .






سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


الجمعة 14 ربيع الثاني 1430هـ
الموافق 10 من ابريل 2009م



البراء 17-04-2009 11:36 AM

* إذا كان شخص مصاب بمرض خطير ويخفي عنه أبناؤه هذا المرض خشية أن تتأثر معنوياته هل يأثم الأولاد ؟ وهل الأولى إخباره ؟

** أما الإثم فلا يأثمون بذلك ، بل في ذلك خير، إذ في إخفاء هذا المرض عنه رفع لمعنويته، ولا ريب أن انهيار معنوية المريض تؤدي به إلى خطر كبير، فقد يصاب المريض عندما يُخبر بأن به مرض شديد مرض خطير مرض يؤدي إلى هلاكه يصاب بأزمة نفسية حادة، وقد تكون تلك الأزمة هي السبب في وفاته.

وفي الأيام القريبة أُخبرت أن امرأة عُرضت على بعض الأطباء فأخبرها بأن بها مرضاً خطيراً فأصيبت بانهيار، بلغ الحد هذا الانهيار وحُملت إلى المستشفيات الخارجية، وقيل لها بأن هذا الذي قيل لها ليس له أثر من الواقع ليس بصحيح فعادت إليها معنويتها، وعادت بنفس هذا الخبر عادت وهي نشيطة قد زال عنها ما ألمّ بها من قبل .

فلا ينبغي أن يفجع المريض بمثل هذه الأخبار التي تذهب بعقله والتي تورثه الكآبة وتورثه الحزن ، وتؤدي به إلى القلق البالغ وقد تفقده حياته .

ولكن مع هذا ينبغي لهم أن يحسّسوه بضرورة التوبة والرجوع إلى الله ، والتخلص من التبعات، والمحاللة بينه وبين الناس الذين تعامل معهم بطريقة أو بأخرى من غير أن يفجعوه بمثل هذا الخبر .

* هل يصح لمن فقد عضواً من أعضائه أن يشتري مثل ذلك العضو من كافر ؟

* أولا ً ليس من السائغ لا للمؤمن ولا للكافر أن يبيع شيئاً من أعضائه ، الأعضاء لا يتصرف فيها الإنسان .

هب أن أحداً من الناس قُطعت يده أو قطعت رجله أو قُطع شيء من ذلك هل يجوز لأحد من الناس أو يؤثره برجله، أو أن يؤثره بيده، أو أن يؤثره بأي شيء من أعضائه ؟ لا .

ولئن كان لا يجوز الإيثار في هذا فكذلك البيع .
والإنسان عليه أن يستشعر نعمة الله فكيف يبيع عضواً من أعضائه لغيره مع أنه يملك منفعة ذلك العضو ولا يملك رقبته، الإنسان لا يملك أي شيء من أعضاء جسمه وإنما يملك المنفعة فلا ينبغي أن يُفتح هذا الباب .

ثم من ناحية أخرى فإن الإنسان في أمور ما قد ينتفع بما عند الكافر ، لو كان هذا الكافر عنده دم زائد عن حاجته لا حرج إن تبرع به لمسلم أو إن أخذه منه مسلم بطريقة أو بأخرى لا حرج في ذلك لدفع الضرورة عنه لأن الضرورة تبيح مثل هذه التصرفات بشرط أن تكون بقدر الحاجة من غير خروج عن حدود الاعتدال .

* ما حكم الاستنساخ ؟

قضية الاستنساخ قضية شائكة، قضية تكتنفها مخاطر جمة، وتؤدي إلى تغيير طبيعة هذه الحياة ، فإن الله سبحانه وتعالى جعل حياة البشر حياة تقوم على النظم الاجتماعية وعلى التعاون وهذا لأجل أن يتحمل الإنسان مسئوليته في الخلافة في هذه الأرض ، إذ وجوده في هذه الأرض ليس كوجود غيره ، هو وجود مسئولية وتكاليف .

الله تبارك وتعالى خلق الإنسان من أجل عمارة الأرض بعبادة الله وبكلمة الله وبشرعه ، وخلق له الأرض وما فيها ، وخلق له منافع الكون أيضا ، سخر له منافع الكون تكريماً لهذا الإنسان ، وجعل القيام بهذه المسئولية أمراً منوطاً بتعاون البشر بعضهم مع بعض ذلك لأن الإنسان مدني بطبعه ، فهو يفتقر إلى بني جنسه ولا يستغني فرد عن جنسه أبداً ، لا يستغني فرد من البشر ولا يستقل بحياته عن الآخرين ، وجعل الله تعالى العلاقة النسبية لها أثر كبير في هذه الحياة الاجتماعية فيما بين الجنس البشري ، وجعل الحق سبحانه وتعالى هذه العلاقة النسبية إنما تكون مع أصلين ، مع الأم ومع الأب ، فالأم لا تستقل بنفسها بشئون تربية الأولاد ، والأب أيضا لا يمكن أن يستقل بنفسه فيتعاونان جميعا ، فكيف إذا وُجد أحد وهو مبتور عن هذه العلاقة مقطوع عن الآخرين .

إن راحة الإنسان أن يعرف أن له أباً ينتمي إليه وأماً ولدته ، أما أن يدرك نفسه هكذا استنسخ من أحد فهذا أمر فيه حرج كبير ، أمر فيه حرج لهذا المُستنسَخ نفسه ، ويؤدي إلى الفساد في الأرض ، قد يؤدي إلى عدم التزاوج بين الناس استغناء بهذه الطريقة الشاذة الخارجة عن الطبيعة المألوفة .
نعم لو أمكن استنساخ الأعضاء حتى تُسد حاجة البشر ولا يحتاج مريض إن تلف عضو من أعضائه إلى أن يتبرع له بذلك العضو من غيره ، فلو أمكن أن تستنسخ أكباد مثلاً حتى تُسد حاجة مرضى الأكباد ، أو أن تستنسخ قلوب ، أو أن تستنسخ عيون، أو أن يستنسخ أي شيء من هذه الأشياء التي تدعو الحاجة إليها يكون الاستنساخ في هذا مؤدياً لغرض سام ومؤدياً لخدمة بشرية لها وزن في حياة البشر.

أما أن يُستنسخ إنسان بأسره فهذا أمر لا يمكن أن يُقر ولا يُقبل عقلا ًولا شرعا ، والله تعالى المستعان .







سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


الساعة الآن 08:32 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها

a.d - i.s.s.w