منتديات حصن عمان - فتاوى وأحكام عـامـة
منتديات حصن عمان

منتديات حصن عمان (http://www.hesnoman.com/vb/index.php)
-   البرج الإسلامي (http://www.hesnoman.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   فتاوى وأحكام عـامـة (http://www.hesnoman.com/vb/showthread.php?t=18060)

البراء 20-04-2009 01:55 PM

سؤال
إذا كانت امرأة تراسل رجلاً متعلماً صاحب دين عن طريق الانترنت تسأل عن مسائل متعلقة بالدين دون علم أهلها هل هذا يعتبر من الخلوة؟

الجواب :
السؤال عبر هذه الأجهزة ليس هو من الخلوة في شيء، ولكن على أي حال أنا أقول لا بد من أن يكون هذا أمراً مضبوطاً ومأموناً لأن كثيراً من الناس يتظاهرون بمظاهر الدين ثم لا يبالون بعد ذلك أن يضعوا فخاخاً للنساء ويؤدي ذلك إلى أمور خطيرة جداً، اطلعنا على الكثير الكثير من تصرفات هؤلاء الذين يتظاهرون بمظاهر الدين ثم يتحولون إلى ذئاب، فعلى المرأة أن تكون شديدة الحذر حتى لا تقع في فخ ويؤدي الأمر إلى أن تصل إلى حالة لا تحمد عاقبتها، فعليها أن تتقي الله في هذا، وأن تحافظ على عفتها.


وعفة الرجل وعفة المرأة هي من أهم الأمور، ولكن عفة المرأة هي أشد أهمية لأنها إن لم تبالِ بعفتها كان ذلك عاراً عليها وعلى أسرتها وعلى عشيرتها وعلى مجتمعها، فلذلك كانت المحافظة على العفة من أهم الواجبات سواءً على الرجال أو النساء، ولكن ذلك أأكد بالنسبة إلى المرأة بسبب ما ذكرته، ولذلك نجد في القرآن الكريم النص الصريح على تحريم قذف المحصنات والوعيد على ذلك ومشروعية الحد على قذف المحصنات: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إلا الذين تابوا000) (النور:4)، وكذلك بالنسبة إلى الوعيد يقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور:23)، ما ذكر قذف المحصنين ولا يعني هذا جواز قذف المحصنين وأن قاذف المحصن لا يقام عليه الحد، ولكن ذكر قذف المحصنات لأجل ما في ذكر المرأة بما يؤدي إلى انتهاك عرضها عار كبير يجب أن الناس أن يتشددوا في اتقائه وأن تشتدد في دفعه ومحاربته.

فعلى أي حال المرأة مطالبة بأن تكون شديدة اليقظة، محافظة على عرضها، فإن العرض والدين هما أغلى شيء في حياة الرجل وحياة المرأة.

سؤال :
رجل أراد أن يتزوج من فتاة علم عنها أنها ذات خلق ودين لكن بعد أن رأوها رأوا أن فيها سمرة فلم يوافقوا أن تكون هذه المرأة زوجة له، ما قام هو به أنه عرض عليهم جواباً قمتم بالإجابة على سؤال مشابه، وهو الآن يحملهم إثم عدم الموافقة، وهم يطلبون كلمة منكم هل في هذا هم مخطئون أو لا؟

الجواب :
ليس لهم أن يعترضوا، وليس لهم أن يحولوا بينه وبين الزواج بمن أراد الزواج بها، والسمرة ليست عيبا، وعلى الناس أن يتقوا الله وأن يزنوا الأمور بموازين الحق (وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) (البقرة:221) (وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) (البقرة: 221)، وعلى الإنسان أن يتقي الله تعالى في ذلك.






سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

الأثنين 24 ربيع الثاني 1430هـ
الموافق 20 من ابريل 2009م

*إبن الباطنة* 21-04-2009 02:46 PM

شكرالك أخي البراء....جزاك الله خيرا

البراء 24-04-2009 10:47 AM

* كيف يكون الإنسان مجاهداً في سبيل الله بدون قتال ؟

الجهاد ليس كله جهاد قتال ، فالجهاد أنواع ، فأول جهاد يجاهده الإنسان أن يجاهد نفسه، فنفس الإنسان تجاذبه إلى شهواتها ورغباتها، وهذه الشهوات تدفع به إلى الانزلاق والبعد، فهو عليه أن يضبط هذه الشهوات.

والشهوات متنوعة، فالعين تشتهي أن تنظر، وأن تمتد إلى محارم الله ، فعليه أن يغض من بصره، وهذا مما يعد جهاداً في سبيل الله تعالى لأنه يكافح الشيطان ويقاومه.


كذلك الأذن تحب أن تتنصت وتستمع إلى حديث الناس ولو كان سراً من الأسرار وهذا لا يجوز، والإنسان مأمور أن يكف سمعه عن مثل ذلك، كذلك عليه أن يكف سمعه عن سماع الغيبة، وعن سماع النميمة، وعن سماع كل ما هو قبيح غير جائز شرعاً .


كذلك بالنسبة إلى شهوة الفرج فإن الإنسان يشتهي كثيراً ولكن مع ذلك عليه أن يمنع هذه الشهوة إلا عندما تكون في الحلال الطيب الذي أباحه الله تعالى .


كذلك بالنسبة إلى اللسان ، اللسان يشتهي الحديث والحديث كثير ما تكون فيه مزالق عظيمة ، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبينها تهوي به في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب) ، وجاء في حديث آخر عنه عليه أفضل الصلاة والسلام (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه) ، معنى ذلك أن الإنسان مطالب أن يمتنع عن كثرة القول، وأن يضبط كلامه، عليه أن يمتنع من الغيبة، وعليه أن يمتنع من النميمة، وعليه أن يمتنع من الكلام الذي فيه تحقير للناس، وعليه أن يمتنع أيضاً من الكذب بجميع أنواعه حتى من نقل الأخبار من غير تأكد منها، فإن نقل الأخبار من غير تأكد منها يعتبر من ضروب الكذب، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم كما في صحيح مسلم من طريق أبي هريرة ( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع) ، ولهذا أشار النبي صلى الله عليه وسلّم إلى ضبط اللسان وأنه هو ملاك الأمر فقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام في نصيحته لمعاذ رضي الله تعالى عنه (ألا أدلك على ملاك ذلك أن تحفظ هذا وأشار إلى لسانه . فقال له : أإنا مؤاخذون بما نقول يا رسول الله ؟ قال له: ثكلتك أمك ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال في النار على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم ) ، كون الإنسان أن يمنع لسانه عن التحدث بما يشتهيه من الحديث الذي هو خارج عن سنن الحق يعد جهاداً في سبيل الله .

كذلك إذا جئنا إلى شهوة البطن أيضاً ، فإن الإنسان عليه أن يتحرى الحلال الطيب فيما يأكل وما يشرب، في كل ما يطعم عليه أن يتحرى الحلال الطيب، وأن يمتنع من الحرام .

كذلك بالنسبة إلى شهوة المال، فإن شهوة المال شهوة جامحة في النفس كما قال الله تعالى ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً) (الفجر:20) ، وكما قال أيضاً ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (العاديات:8) ، يصف الإنسان بذلك ، فالإنسان بطبيعته يحب المال حباً جما ، وهذا الحب عندما يتمكن في النفس يُعمي البصيرة ويجعل الإنسان بعيداً عن رشده مستأسراً لهذه الشهوة تتسلط عليه في عقله وفكره ووجدانه وتصرفاته وأعماله ، ولذلك أمر الإنسان أن يقاوم هذه الشهوة ومن مقاومتها أن ينفق المال فيما أمر الله تعالى بالإنفاق فيه ، ومن ذلك أن ينفق الزكاة الواجبة عليه ، وأن يتصدق على الفقراء والمساكين ليتعود السخاء وليتعود رقة القلب ورقة المشاعر في مواجهة الآخرين ، عليه أن يحرص على ذلك ، كما عليه أيضاً أن يتحرى الكسب الحلال في كل ما يكتسبه من المال وهكذا .

فهذا كله مما يدخل في جاهد النفس .
كذلك أيضاً بالنسبة إلى المجتمع ، فهناك جهاد في المجتمع ، قيام الإنسان بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله وتبصير الناس بدين الله هذا مما يدخل في الجهاد .
تعلم العلم وتعليمه للغير مما يدخل في أيضاً في الجهاد ، كل ما يعود على المجتمع بالمصالح إنما يدخل في الجهاد .

* قد يكون هناك غموض عند البعض في تحديد مفهوم المنكر خاصة في المسائل الظنية أو في المسائل التي يكون فيها خلاف بين العلماء ، فبعض العلماء يعدها منكراً والبعض يعدها أمراً مباحاً كاستخدام آلات اللهو أو الفنون في بعض الأحيان أو تغطية المرأة وجهها أو حتى قيادتها للسيارة ، فهناك من يقوم بإنكار هذا المنكر بحيث يعتبره منكراً صارخاً ، وهناك من لا يقوم بهذا ، ففي هذه الحالة كيف يتصرف المسلم ؟

يجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يرتّب الأولويات ، فيُقدّم أولاً المُجمع عليه قبل المختلف فيه ، ويُقدّم ما كانت مفسدته أكبر عما كانت مفسدته أصغر ، ويُقدّم ما كانت مفسدته أعم مما كانت مفسدته أخص .
فلا ريب أن الإنسان مطالب أن ينهى عن كل المنكرات، ولكن هذه المنكرات تتفاوت، كذلك أيضاً المعروف يتفاوت ، فالإنسان عندما يأتي إلى قوم ليست لهم عقيدة، لا يفرقون بين الحق والباطل، ولا يميزون بين الخرافة والحقيقة يجب أولاً أن يصحح المفاهيم عندهم ، لأن تصحيح المفاهيم هو الذي يؤدي إلى زوال غبش التصور، ويؤدي أيضاً إلى الاستقامة على الحق بعد فهم مفاهيمه، ولذلك كانت دعوات المرسلين جميعاً إنما هي إلى توحيد الله سبحانه وتعالى قبل كل شيء ، فما من رسول من رسل الله عز وجل إلا وكان داعياً إلى توحيد الله كما يقول سبحانه ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )(النحل: من الآية36) ، فما من نبي أرسله الله إلا وكان داعياً إلى عبادة الله تعالى واجتناب الطاغوت قبل كل شيء ، والنبي صلى الله عليه وسلّم إنما دعا قبل كل شيء إلى العقيدة ، فلما تبلورت هذه العقيدة واتضحت وظهرت للناس ووصل الناس إلى الاقتناع بها أخذ يدعوهم شيئاً فشيئاً إلى بقية الأمور التي تتنافى مع الأخلاق والتي تتنافى مع الفطرة السليمة، وهكذا تدرج بهم في المدارج ، فهكذا الداعية، الداعية كالطبيب .


ثم إنه لا ريب أن المسائل التي يُختلف فيها أيضاً تتفاوت ، لأن الأقوال تتفاوت قوة وضعفا ورجحاناً وخفة ، بعض الأقوال تدعمها أدلة واضحة قوية ، فما كان مدعوماً بالدليل هو مما ينبغي أن يُعول عليه أكثر مما كان غير مدعوم بالدليل، إذ الأقوال وإن جلت منزلة قائلها لا تتعدى أن تكون دعاوى إن لم تعضدها الأدلة ، هي فاقدة للبينات التي تعضدها ، فهكذا يجب أن يكون التركيز على ما دل عليه الدليل قبل أن يكون التركيز على أشياء جانبية لم يأت دليلها .

ثم الأدلة أيضاً تتفاوت ، ما كان دليله قطعياً يختلف عما كان دليله ظنياً ، إذ ما كان دليله قطعياً ليس هو مكاناً للخلاف ، لا يجوز الاختلاف فيه ، وكيف يختلف فيما دل عليه دليل قطعي .

فمثل هذه الأشياء يجب أن يكون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر متفطنين لها وواضعين كل شيء منها في موضعه .





سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

الجمعة 28 ربيع الثاني 1430هـ

الموافق 24 من ابريل 2009م


نور الهدى 24-04-2009 10:52 AM

اول ما شفت المووضوع ع بالي انت من عندك تجاوب

قلت صار مفتي وما عندنا خبر هههههه

عيل اروح اجهز اسألتي !!

لي عوده ..

البراء 01-05-2009 10:44 AM

السؤال
في بعض الأحيان قد يكون ممن يمارسون الدعوة دور في تحطيم بعض القيم الإسلامية كقيمة الوعد ، مثال ذلك أن يدعى الناس لمحاضرة ويتجمع الناس ثم لا يحضر المحاضر دون أن ينيب عنه محاضر آخر يقوم بالمهمة .

إن تحطيم هذه القيم يدعو ببعض الناس إلى أن يستدعوا أو يمتدحوا قيماً أخرى . فقيمة الوعد عندما ساهم المسلمون في تحطيمها صار الناس يقولون أعدك وعداً إنجليزيا أو ما شابه ذلك ، فكيف تعالج مثل هذه الأمور ؟

الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فإن الوعد من الأمور التي يسئل عنها الإنسان يوم القيامة ، ذلك لأن الوعد إنما هي كلمة يؤديها الناس تترتب عليها أمور عظيمة .

ولذلك نحن نجد أن الحق سبحانه وتعالى يحكي عن إبراهيم عليه السلام عندما وعد أباه أن يستغفر له لم يمتنع من هذا الاستغفار مع كون استغفار الإنسان المسلم للمشركين غير جائز ، ولكنه إنما استغفر له لأجل وعده الذي وعده إياه ( وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (التوبة:114) .


والله تعالى يقول ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً)(الإسراء: من الآية34) ، ولا ريب أن الوعد مما يدخل مما في ضمن العهد لأن الذي وعد أحداً شيئاً إنما هو بمثابة الذي يقطع له عهداً أن ينجز له ذلك الشيء .

ونحن نرى في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم ما يدل على أن إخلاف الوعد من ضمن خصال النفاق فالرسول صلى الله عليه وسلّم يقول ثلاث من كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق من إذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر وإذا اؤتمن خان . وجاء في حديث آخر ( وإذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان) . مع أنه من المعلوم أن إخلاف الوعد مما يدخل في الكذب ، فهو يجمع بين صفتين من صفات النفاق والعياذ بالله وهذا من أخطر الأمور .

فلذلك كان على الإنسان أن يحذر كل الحذر من إخلافه وعده . على أن هذا الإخلاف كما تفضلتم هو قد يؤدي لا إلى مجرد اتهام المخلف بل يؤدي أيضاً إلى اتهام نفس الفكر الذي يتبناه المخلف أو الذي يدعو إليه والمنهج الذي يسير عليه ، فلذلك كان ذلك من أخطر المخاطر .
إن على الإنسان أن يفي بوعده ، وأن يحرص على إنجازه ، وأن يسارع إليه .

على أن الناس الذين يدعو إلى حضور محاضرة مثلاً على أن فلاناً سيلقيها ، هذه الدعوة تثير في نفوسهم الحماس ، وتبعث في قلوبهم الرجاء ، وتجعلهم يتطلعون إلى ذلك اليوم الذي يلتفون فيه حول المحاضر ليستفيدوا منه وليستمعوا إليه ، ولكن عندما يفاجئون بأن الرجل لم يحضر بل ولم يعتذر ولم ينب عنه من يقوم مقامه فإن ذلك يؤدي إلى تحطمهم ، وقد يؤدي ذلك إلى اتجاه مسلك مخالف ، قد يؤدي بهم ذلك إلى ترك الدين جانباً وعدم الاكتراث به عندما يرون الذين يتمسحون بالدين وينتسبون إليه تصدر منهم هذه المخالفات الصريحة فيما يدعو إليه الدين .

فلذلك يجب على هؤلاء أن ينقوا أنفسهم من هذه الأدران التي تلبسوا بها ، وأن يعرفوا قيمة الكلمة التي يعطونها .

على أن الكلمة مهما كانت هي مما يسئل عنه الإنسان ، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم : إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبينها تهوي به في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب . والنبي صلى الله عليه وسلّم قال لمعاذ في وصيته له رضي الله تعالى عنه : ألا أدلك على ملاك ذلك كله أمسك عليك هذا وأشار إلى لسانه . فقال له : أئنا مؤاخذون بما نقول يا رسول الله ؟ فقال له : ثكلتك أمك ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم ، أو قال على مناخرهم ، إلا حصائد ألسنتهم . ومن جملة هذه الحصائد أن يتكلم الإنسان بالكلمة الكاذبة التي لا وفاء لها ، بحيث يعد ولا ينجز هذا الوعد ، والله تعالى المستعان .

السؤال
إذاً ترون مع هذا سماحة الشيخ ما يتردد على ألسنة الناس من الإعجاب بما عند الآخرين من غير المسلمين من المحافظة على الوعد ومن نظام ومن غيرها من الأمور راجع إلى تحطيم المسلمين أنفسهم إلى قيمهم أم إلى الإعجاب بالحضارة وما يصحبها من تكنولوجيا وتقنيات ؟

الجواب :
مهما كان من أمر فإن المسلم هو أولى بأن يكون متصفاً بجميع الصفات الحميدة ، وهو أولى بأن يكون مثالاً في حسن تعامله مع الناس ووفائه بوعده وحرصه على أمانة الكلمة التي يقولها ، وحرصه على أن لا يعثر عليه كذب .


نحن نرى أن السلف كانوا حراصاً على الوفاء بالوعد كيفما كان بما تعلموه من رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، بل نرى أهل الجاهلية على جاهليتهم كانوا يربأون بأنفسهم من أن يعثر عليهم كذب . عندما مثل أبو سفيان أمام هرقل ليسأله عن أوصاف النبي صلى الله عليه وسلّم وأمر أصحابه أن يكونوا خلفه ، وقال : إن كذبني فكذبوه . قال أبو سفيان : ما كنت أخشى أن يكذبوني ، ولكنني رأيت أنني رجل شريف فخشيت أن يعثروا على كذب مني . حاذر على نفسه بأن يعثر على كذب منه . فأمانة الكلمة أمانة عظيمة ، وقيمة الإنسان إنما هي كلمته التي يقولها .





سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

الجمعة 6 جمادي الأولى 1430هـ

الموافق 1 من مايو 2009م

البراء 08-05-2009 11:21 AM

السؤال :
كثر الحديث خصوصاً في السنوات الأخيرة عن حوار الحضارات وأعدت هناك الكثير من الدراسات والأطروحات وعقدت الكثير من المؤتمرات .
وهو موضوع يمكن بحثه من جوانب مختلفة قد تكون اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو ثقافية ، ونحن في هذا اللقاء ننظر إلى حوار الحضارات من خلال رؤية شرعية مستمدة من هذه الشريعة الغراء ، وباعتبار أننا أمة تستمد تصوراتها وأفكارها وتهتدي في سلوكياتها وتصرفاتها بهدي الكتاب العزيز ، فهل هناك من نصوص أو إشارات في كتاب الله أو في سنة الرسول صلى الله عليه وسلّم يمكن أن نستلهم منها مشروعية الدخول في حوار الحضارات ؟

الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فإن الله تبارك وتعالى بعث عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلّم كما بعث إخوانه من الرسل من قبل برسالة الحق ، رسالة الهدى ، رسالة الإنقاذ لهذه الإنسانية ، رسالة وصل الدنيا بالآخرة ووصل المخلوق بخالقه تبارك وتعالى أولاً ، رسالة وصل هذا الإنسان المستخلف في هذه الأرض ببني جنسه ، ووصله بهذا الكون بأسره ، لأن الإنسان مستخلف في جزء منه وهو الأرض ، وممكن في الانتفاع بجميع أجزاء هذا الكون .
فلذلك كانت هذه الرسالة رسالة عقل . والله سبحانه وتعالى شرف الإنسان بالعقل ، وميزه به على غيره ، وجعله مناط تكليفه وسبب هدايته . ونجد في كتاب الله سبحانه وتعالى ما يدل على تكريم العقل ورفع قدره فالله تعالى يقول ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ، ويقول ( لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ) ، و( لقوم يذكرون ) ، و ( لقوم يتفكرون ) ، و( لقوم يعلمون ) ، مما يدل على أن العقل عندما يستخدم استخداماً سوياً سليماً يؤدي بهذا الإنسان إلى أن يهتدي بفضل الله تبارك وتعالى وتوفيقه .
ولما كان العقل هو مناط تكريم الإنسان والإسلام جاء بهذه الرسالة مبنية على أسس من العقل السليم والشرع الصحيح فإن خطابه للعقلاء من الأمم مبني على هذا الأساس .
ولذلك نحن نجد في كتاب الله تعالى حواراً لجميع الفئات من البشر ، للضالين من مختلف الفئات .
الله تبارك وتعالى يأمر نبيه صلى الله عليه وسلّم بمحاورة المشركين الذين اتخذوا مع الله آلهة أخرى ، ويبين له من خلال النظرة العقلية الفاحصة لهذا الكون وسننه ونواميسه التي طبعه الله تبارك وتعالى عليها ما يدل على وحدانية الله سبحانه ، فالله تعالى يقول ( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) (الرعد:16) .
ويقول سبحانه وتعالى أيضاً موجهاً لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلّم إلى محاورة أولئك الذين ضلت عقولهم ، وانحرفوا عن سواء الصراط ، واتخذوا مع الله آلهة أخرى ، وعوّلوا على مخلوقات لا تنفع ولا تضر في طلب قضاء الحاجات وفي التوصل إلى الرغائب ، وفي الوصول إلى المقاصد ، فالله تبارك وتعالى يقول ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) (النمل:59-64) ، فهذا كله حوار مع الإنسان على أسس العقل . فإن القرآن الكريم يفتح مدارك هذا العقل ، ويبين لهذا الإنسان أن حقائق الوجود كلها تنبئ بلسان حالها أنها مفتقرة إلى واجب الوجود لذاته ، وأنها لا يمكن أن تقوم بنفسها . ولذلك يقول أحد علمائنا ( إن كل ذرة من ذرات الكون هي كلمة من كلمات الله ناطقة بوجوده سبحانه وما عداها فهو كالشرح لتلك الكلمة ) .


فالقرآن الكريم جاء بخطاب العقل ، جاء بتوجيه الإنسان إلى الخير ، جاء بمحاورة هذا الإنسان الذي آتاه الله تبارك وتعالى ما آتاه من عقل ، ولكن طمس هذا العقل بضلاله وبانحرافه ، بمخلفات أسلافه التي جعلها مقدمة على العقل ، ورأى أن سلامته في أن يغمض عينيه ويسد أذنيه ولا يعول إلا على ذلك الموروث الذي ورثه هدى كان أو ضلالاً ، حقاً كان أو باطلاً .

وكما أنه يحاور المشركين من العرب هذا الحوار بحيث إنه يوقفهم على الحقيقة التي يجب أن يسلّموا لها إن كانوا عقلاء وهي وحدانية الله سبحانه وتعالى فإنه يحاور أيضاً أهل الكتاب ويبين لهم أن الحق يقتضي أن يفردوا الله تبارك وتعالى بالعبادة وأن لا يشركوا معه غيره ، فالله تبارك وتعالى يقول ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران:64) ، هذا هو منطق العقل .

الله سبحانه وتعالى يدعوهم إلى أن يجتمعوا إلى كلمة سواء بين المؤمنين وبين أهل الكتاب ، وهذه الكلمة السواء أن لا يشركوا بالله ما لم يأذن به ، وأن لا يتخذ بعضهم بعضا أرباباً ، وأن لا يدعوا مع الله إله آخر . هذا كله هو حوار جاء به الإسلام دين الله تعالى الحق .

فالإسلام يفتح مجالاً واسعاً للحوار مع أي أحد ، ولكن لا يعني ذلك أن هذا يعني التشكيك في أي قضية من قضايا الإسلام . الإسلام جاء من عند الله ، ليس لأحد فيه دخل ، فلا يعني هذا أن ينزل الإنسان عن شيء من قضايا الإسلام ، من عقيدة الإسلام ، من موروث الإسلام ، مما جاء في كتاب الله ، مما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، لا يمكن أن يكون لأي أحد في ذلك دخل ، ولا يملك أي أحد أن ينزل عن أي شيء من ذلك ، وكل من رد شيئاً من ذلك فهو ناقض للإسلام من أساسه .

وإنما هذا الحوار من أجل أن هذه الرسالة رسالة الإسلام هي رسالة عالمية ، هي رسالة لا تقف عند حدود الزمان والمكان ، جاءت لتكون هدى للناس ، جاءت لتكون هدى للعالمين ( لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً )( الفرقان: من الآية1) ، جاءت هذه الرسالة من أجل إخراج هذا العالم بأسره من فساده وانحرافه وباطله إلى الصلاح والحق والاستقامة على سواء الصراط .
الله تبارك وتعالى أخبر فيما أنزله في مكة المكرمة في الآيات المكية أن هذا الإسلام هو رحمة للعالمين ، الله تعالى يقول ( إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ )(يوسف: من الآية104) (التكوير:27) (صّ:87) ، ويقول ( وَمَا هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) (القلم:52) ، جاء ذلك كما نرى في سورة يوسف وهي سورة مكية ، في سورة ص ، في سورة القلم ، في سورة التكوير ، هذه كلها سور مكية .

وكثير من الناس حاولوا أن يكابروا أولئك الذين كبر عليهم أن تكون دعوة الإسلام دعوة عالمية حاولوا أن يكابروا ويزعموا بأن عالمية الإسلام ما كانت مذكورة في الدعوة المكية وإنما دعا إليها رسول الله صلى الله وسلّم أو نادى بها بعدما انتقل إلى المدينة المنورة ولاحت له علائم النصر فرجا أن تكون دعوته دعوة عالمية . هذا من كذبهم وافترائهم والكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلّم ، وإلا فالآيات المكية تدل على هذا . الدعوة الإسلامية قامت على أساس أن تكون دعوة عالمية من أول أمرها .


السؤال(2)
لعل الهاجس المؤرق لكثير من العلماء والمفكرين عند تطرقهم لقضية حوار الحضارات هو التخوف من المساس بالهوية ، والرغبة في الحفاظ على الخصوصية العربية والإسلامية ، برأيكم سماحة الشيخ كيف يمكن الدخول في حوار الحضارات مع المحافظة على الهوية والخصوصية ؟

الجواب :
أولاً أنا أريد أن أعلق على كلمة العربية والإسلامية .
الإسلام ليس ديناً عنصرياً ، القومية العربية وغيرها هذه دعوات إنما هي ردة فعل ، وقد ولدت في محاضن غير إسلامية .

الإسلام جاء بدعوة إسلامية من غير تفرقة بين عربي وأعجمي ، نعم جعل الله تبارك وتعالى اللسان العربي وعاء للإسلام ، وسمعت أحد العلماء المفكرين وقد أجاد في هذا يقول ( إن كلمة عروبة وهي مفرغة من الإسلام تساوي صفرا ) ، لا تساوي شيئاً . العرب لم يكن لهم شأن يذكر قبل الإسلام .

كان ملكهم النعمان بن المنذر عندما يذكر أمام كسرى يقال له عبدك نعمان ، كانوا أذلة ولكن الله تعالى أعزهم بالإسلام ، فالإسلام هو كل مجد .

نعم العرب شرفهم الله بأن جعلهم طليعة هذا الفتح الإسلامي ، طليعة هذه البشارة الإسلامية .

فنحن علينا أن نعتز بإسلامنا لا بعنصرنا ، أما لو اعتززنا بعنصرنا فإن في تاريخ الأمم الأخرى من غير العرب من الأمجاد المادية الدنيوية ما تتضاءل معه أمجاد العرب ، أقاموا امبراطوريات وفتحوا الدنيا واستذلوا الناس وعبدوا الناس وفعلوا وفعلوا وفعلوا ، وإنما الإسلام هو الذي رفع من شأن العرب ، ورفع أيضاً من شأن الأمم الأخرى ، وسوّى بين الجميع .

فعلى كل حال الهوية الإسلامية لا يمكن المساس بها ، لا يمكن أن تنال بأي شيء . المسلم لا يكون مسلماً حقاً إلا عندما يستسلم لله تبارك وتعالى في ظاهره وباطنه .

الله تبارك وتعالى بيّن الإسلام ما هو عندما قال ( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) ( الأنعام : 161- 163) ، نعم المسلم مأمور هكذا أن يكون ظاهره وباطنه ، روحه وجسمه ، قلبه وعقله ضميره وغرائزه كل ذلك خاضعاً لله تعالى مستسلماً له منقادا .

معنى الإسلام هو الاستسلام ، وهذا الاستسلام ليس هو للمخلوق ، وإنما هو استسلام لرب المخلوقين ، لمن خلق السماوات والأرض ، لمن صرّف هذا الوجود ، لمن يتجلى كبرياؤه في كل جزء من مملكته ، في أدنى جزء من مخلوقاته ، من يتجلى في كل موجود وجوده ويغمر كل مشهود شهوده ، هذا هو الذي يستسلم له وينقاد . هذا الاستسلام فيه تحرير للرقاب من أن تخضع لغيره سبحانه وتعالى ، فيه تحرير للنفوس من أن تتطامن إلا لجلاله تبارك وتعالى وكبريائه .

فهذا الإسلام هو الذي ينقذ هذه الإنسانية الحائرة التعيسة ، عندما يكون الإنسان غير عبد لشهواته ، وغير عبد لرغباته ، وغير عبد لبيئته ، وغير عبد لموروثاته الفكرية وغير ذلك إنما عبوديته لله ، عبوديته لمن خلق السموات والأرض ، ولذلك يسلم له حياته بأسرها .

( قُلْ إِنَّ صَلاتِي ) أي الصلاة هي رمز العبادات .
( وَنُسُكِي ) النسك وهو إن كان عبادة من العبادات لكن فيه قضاء منافع دنيوية وهو الذبح .
( وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) أن يكون المحيا لله ، وأن يكون الممات لله سبحانه وتعالى عندئذ يكون الإنسان حقاً مسلماً ، بهذا يكون الإنسان مسلماً حقاً ، أما بما دون ذلك فهذه دعوى إسلام ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) (الأحزاب:36) .

السؤال(3)
من المعروف في القواعد الفقهية أن الأمور بمقاصدها ، ويمكن القول أيضاً أن الأمور بنتائجها ومآلاتها ، وبما أن حوار الحضارات أصبح أمراً حتمياً ، هل يمكن أن ندخل هذا الحوار ونعود منه محققين أكبر قدر من المكاسب ؟

الجواب :
هذا يعود إلى عقلية المحاور ومؤهلاته الفكرية ورسوخ العقيدة في نفسه ، لأن المسلم الحق الذي رسخت في نفسه عقيدة الإسلام لا يمكن أن يتزعزع ، لأن أي زعزعة ولو قيد شعرة تؤدي به إلى التقهقر . فمن رضي لنفسه أن يتقهقر خطوة واحدة فإنه ستتقهقر اضطراراً خطوات ، إذ من تقهقر خطوة لا بد أن تلي تلك الخطوة خطوات أخرى ، فلذلك كان من الضرورة بمكان أن يكون هذا المحاور متمكناً في عقيدته ، قادراً على استلهام الحقائق وعرضها على الأسس الثابتة على القضايا المسلمة ، على كتاب الله وعلى هدي رسوله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام .

عندما يكون هناك تسليم تام لأمر الله سبحانه وتعالى بحيث لا يكون هنالك أي تردد فلا ريب أن الإسلام بقوته التي لا تقف عند حد سوف يتغلب على جميع التيارات .

الإسلام قوي وإن ضعف أهله ، ما نراه من ضعف ليس هو في الإسلام ، وإنما هو في الذين حُمّلوا هذا الإسلام فلم يحملوه بجدارة ، إنما هو في المنتسبين إليه والمنتمين إليه .

الإسلام مشكلته من أبنائه أكثر من مشكلته من قبل أعدائه ، ولو أن الإسلام رسخ في أبنائه رسوخاً حقاً فإنه لا يمكن أن تقف أمامه أي قوة من القوى لأنه يستمد قوته من حقيقته ، وحقيقته جاءت من عند الله ، ليس هو نظاماً بشرياً وإنما هو نظام رباني جاء من عند الله .

ثم إن الإسلام له الكثير من المزايا ، لا يمكن أن نقارنه بأي فلسفة ، ولكن لو شئنا أن نقول بأن مزايا الإسلام التي تثبته وترسخه وتدعمه وتجعله لا يتزعزع ولا يتضعضع كثيرة ، من تلكم المزايا أنه جمع ما بين الجانب الروحي والجانب المادي ، فهو مع كونه عقيدة راسخة في النفس هو نظام حياة يشمل كل جانب من جوانب الحياة البشرية ، وهو صلة بين العبد وربه ولكنه أيضاً رابط بين هذا العبد وبين مخلوقات الله تبارك وتعالى ، هو واصل ما بين هذا الإنسان المسلم وما بين إخوانه المسلمين ، وواصل ما بينه وما بين الجنس البشري بأسره ، بل هو واصل بين هذا الإنسان المسلم وبين الكون المترامي الأطراف الذي تسبح ذراته بحمد الله وتسجد خاضعة لجلال الله .

فالإسلام لا يخشى من هذه الناحية ، وإنما كل الخشية من قبل هذه الهزيمة النفسية التي أصابت أمة الإسلام حتى أخذت تتقهقر وترضى لنفسها الدنية . أمة الإسلام أصيبت بما أصيبت به ، وهذا بسبب أنها حُمّلت رسالة الإسلام ولم تحملها بجدارة فصدق عليها ما قاله الله تبارك وتعالى في من حُمّل التوراة ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ) (الجمعة: من الآية5) ، كذلك نفس الشيء هذه الأمة لا يمكن أبداً أن تكون على شيء إلا عندما تقيم موازيين الحق التي أنزلها الله تعالى في هذا الكتاب العزيز ، ولئن كان الله تعالى يخاطب أهل الكتاب بقوله ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ ) ( المائدة: من الآية68) فإن أمة القرآن ليست على شيء حتى تقيم القرآن ، ومعنى إقامتها للقرآن أن تأخذ بالقرآن الكريم في كل جزئية من جزئيات حياتها بحيث لا تفرط أبداً في القرآن الكريم ، هي مطالبة بأن تقيم القرآن في حياتها عقيدة ومنهجاً وسلوكاً وأخلاقا .

السؤال(4)
بالنسبة للنتاج الفقهي عبر خمسة عشرة قرناً من الزمان وكذلك أيضاً النتاج الفقهي المعاصر هل ترون سماحتكم أنه يدعم الحوار ؟

الجواب :
يجب علينا أن نفرق بين الفقه الذي هو بمعنى الشريعة المنزلة من قبل الله سبحانه وتعالى ، وبين الفقه الذي هو بمعنى الوعي البشري لهذه الشريعة .

أما الشريعة المنزلة من عند الله سبحانه وتعالى فإنها بطبيعة الحال شريعة صالحة لكل عصر من العصور ، تستوعب مشكلات الإنسانية بأسرها ، فيها ما يشفي غلة كل صادي ، فيها ما يقضي على كل مشكلات هذه الحياة لأنها جاءت من عند الله الذي هو الخبير بمصالح العباد ، والخبير بطوايا فطرهم ، والخبير بدخائل نفوسهم ، والخبير بالطبيعة التي تربطهم بهذا الكون من حولهم ، فالله سبحانه وتعالى يعلم ذلك كله ، ولذلك جاءت شريعته منسجمة مع نواميس الكون وسنن الوجود ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (الملك:14) .

وأما إذا جئنا إلى الفقه بمعنى فهم العباد ، فإن الافهام تتباين ، ويكون فيها القاصر ويكون فيها الموفي ، ولكن هذه التوفية في حدود القدرات البشرية المحدودة لأن الطاقات البشرية هي بأسرها محدودة ، ولذلك يتجدد الاجتهاد باختلاف العصور واختلاف الأحوال ، وقد نجد المجتهد الواحد تكون له اجتهادات في مرحلة من عمره ثم تأتي من بعد اجتهادات أخرى في مرحلة ثانية كما كان ذلك للإمام الشافعي ما بين قديمه وجديده في فقهه الواسع . كذلك بقية الأئمة والعلماء الآخرين نجد عندهم نحو هذا . فهذا لا يعني بطبيعة الحال أن هنالك تصاماً ما بين هذا الاجتهاد وذلك الاجتهاد ، ولكن يعني هذا أن فهم الإنسان يتجدد والبيئة تختلف والظروف تتنوع .

ونحن نجد في عهد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم حصل ما حصل من الاجتهاد ، وتجدد هذا الاجتهاد في تلكم المرحلة التي عاشوها بسبب الانفتاح الذي حصل على العالم عندما توسعت الفتوحات الإسلامية ، بل نجد أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه مع قربه من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومع قربه من عهد أبي بكر رضي الله تعالى عنه كانت له اجتهادات قد تكون نوعاً ما تبدو اختلفت عن الواقع الذي كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم والذي كان في عهد أبي بكر ، ولكن هذا لا يعني أنه صادم ما كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم ولا صادم ما كان في عهد أبي بكر إنما تلكم ظروف .

بل نجد أن عمر اجتهد في فهم النص اجتهاداً راعى فيه مقصد الشارع ، فطبق النص تطبيقاً يتلاءم مع الظروف التي كانت تكتنف حياة الأمة الإسلامية في عهده ، نجد ذلك واضحاً في سهم المؤلفة قلوبهم ، هو لم يلغ النص قط ، ولم يردّ حكم الله تعالى قط ، وإنما طبق النص تطبيقاً يتواءم مع مقصد الشارع الحكيم . فإعطاء المؤلفة قلوبهم هذا السهم إنما هو لأجل كفاف شرهم واستدرار خيرهم في وقت كانت الأمة تحتاج إليهم ، فلما قويت شوكة الأمة وأصبحت يحسب لها كل حساب إذ صارت تهز عروش الأكاسرة والقياصرة بفتوحاتها العظيمة لم يعد هنالك احتياج إلى أن تتألف قلوب هؤلاء المؤلفة بل صاروا مغمورين بهذه الكثرة المؤمنة وبهذا المد الإسلامي الواسع ، فلم تعد هنالك حاجة إليهم وإنما كانت مصارف الزكاة الأخرى هي أحوج إلى هذا السهم .

فهو لم يلغ النص ، ولا نقول بأن النص ملغى ، نقول إلى الآن بأن هذا النص يطبق عندما تكون هنالك حاجة من الأمة إلى إعطاء المؤلفة قلوبهم سهماً من الزكاة فإنهم يعطون ، أما عندما يكونون مستغنين بحيث يكون أبناء الأمة الأوفياء هم بمقدرة على أن يسوسوا أمرهم من غير احتياج إلى أولئك فإنه يستغنى عنهم ويصرف هذا السهم للمصارف الأخرى التي هي بحاجة إليه ، فهكذا كان .

فإذن فقه الأمة لا بد من أن يكون متجددا ، ونحن نرى فقهائنا توسع فقههم بحسب توسع الزمن الذي عاشوا فيه ، بقدر ما يكون الزمن الذي يعيشون فيه زمناً واسعا تتجدد اجتهاداتهم نظراً إلى القضايا المستجدة.

ونحن نرى أن طبيعة البشر طبيعة متطورة ، الإنسان لم يخلق ليظل جامداً كما كان من قبل ، وإنما خلق متطوراً فلذلك تتطور البيئة من حوله بتطور عقله وبتطور فكره ، فهو يؤثر على هذه البيئة تأثيراً إيجابياً وسلبياً من حيث النهج الذي يكون عليه وبحسب العقلية التي يكون عليها .

ولئن كان هذا التطور سنة من سنة الله في جميع القرون المتتالية فإنه في قرننا هذا شهد طفرة عجيبة ، فلئن كان تطور البشرية يقاس في ذلك الوقت بالمقاييس السهلة القريبة في العصور السابقة فإنه في عصرنا هذا يكاد يكون يقاس بسرعة الضوء ، لذلك كان عصرنا بحاجة إلى تجديد الاجتهاد مع هذه التطورات المذهلة ومع المشكلات التي تفرزها هذه التطورات .

فالفقه بحاجة أن يوسع ، والنظرة نظرة الفقهاء بحاجة إلى أن تكون واسعة سواءً في المجالات الاقتصادية أو في المجالات الطبية أو في العلاقات الدولية أو في أي مجال من مجالات هذه الحياة .




سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

الجمعة 13 جمادي الأولى 1430هـ
الموافق 8 من مايو 2009م

البراء 15-05-2009 11:04 AM

ـ هل هو إحساس من الدعاة بالكمال ففي بعض الأحيان قد يشعر الإنسان أن ما وصل إليه من مرتبة مقنعة بالنسبة له لا يتساءل عن قصور آخر في شخصيته وفي حياته ولذلك تجد بعض من يتصف بهذه الصفات لديه قصور ولكن لا يحاسب نفسه عليه ، في حين تجد الآخرين الذي لا يلتزمون ظاهرياً بسنة رسول الله صلى الله عليه يحافظون أكثر منه هل ذلك يعود إلى شعورهم هم بالنقص ؟

ـ مما يؤسف له أن يدب الغرور في نفوس الناس الذين يتمسحون بالإسلام ويستمسكون به مع أنه يجب على الإنسان أن لا يغتر ، يجب على الإنسان أن يحرص دائماً على الخير ، وأن يسابق إليه وأن يشعر من نفسه بالتقصير، وأن يشعر من نفسه بأن لم يؤد شيئاً من حق الله تبارك وتعالى ولم يؤد شيئاً من حق العباد ، وأن عليه أن يسد خلله ويصلح عيبه ويقوّم اعوجاجه ويحرص على المسارعة إلى الخير .

الناس عندما يدب إلى نفوسهم الغرور تنقلب أمورهم رأساً على عقب ، وما أصيب من أصيب إلا بسبب الغرور، الله تبارك وتعالى حكى عن الذين أبطرتهم نعمة الله تعالى كيف انقلب أمرهم إلى خسر شديد، الله تبارك وتعالى ذكر عن فرعون كيف اغتر فقال ( وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ)(الزخرف: من الآية51) ، اغتر بذلك فكان ذلك سببا لغرقه وهلاكه بالغرق .
وكذلك حكى الله تبارك وتعالى عن قارون قوله(إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) (القصص: من الآية78) ، وكان ذلك سببا لأن أهله الله تعالى بأن خسف به الأرض وبكل ما آتاه من مال .

وكذلك الذي يتصور نفسه أنه بلغ من الدين مبلغاً ، وأنه لا يحتاج إلى أن يصلح نفسه ويقوّم اعوجاجه ويهذّب أخلاقه ويحاسب نفسه على تقصيرها في حق الله وعلى تقصيرها في حق العباد ، من كان يصل به الأمر إلى ذلك فإن ذلك من الغرور والعياذ بالله وهو يؤدي به إلى الهلاك والتبات .

ومع الأسف الشديد نجد أناساً ليسوا من العمل الصالح في شيء ولكن مع ذلك يدب في نفوسهم هذا الغرور ويتصورون أنهم قاموا بما لم يقم به غيرهم من الصلاح والاستقامة ، حتى أن أحداً من هؤلاء كان يكلمني في الأيام القريبة ويشكو ما يصيبه ويقول ( مع أنني لم أقصر في حق الله شيئا ). أعوذ بالله كيف هذا الغرور يشعر أنه لم يقصر في حق الله ، ومن هو حتى يكون لم يقصر في حق الله ، مع أن النبي صلوات الله وسلامه عليه مع عظم قدره ورفعة شأنه وكونه أرسله الله تعالى رحمة للعالمين وكان هو سبب هداية هذه البشرية التي اهتدت إلى الخير ، هو مع هذا القدر العظيم يقول بأنه لا يدخله الجنة عمله إلا أن يتغمده الله برحمته الواسعة . يعني أنه يرى أن عمله لا يدخله الجنة ، وإنما رحمة الله تعالى هي التي يجو بها دخول الجنة . إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلّم بهذا القدر .

والله تعالى يحكي عن عباده الذين يبلغوا ما بلغوا من الصلاح والاستقامة أنهم دائماً يشعرون بالقلق بسبب ما يشعرون به من تقصير في حق الله تبارك وتعالى ( إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) (المؤمنون:57-60) ، يعني هم يسارعون إلى الخير ويسابقون إليه فيؤتون من أموالهم ويواسون بها الناس ولكنهم مع ذلك يشعرون بالوجل ، بالخوف والاضطراب بسبب أنهم يوقون بأنهم إلى ربهم راجعون ، ويرون أنهم لم يأتوا من ألأعمال ما بما يزكيهم عند الله تبارك وتعالى . فكيف بمن كان غارقاً في الفساد لا يعرف قبيله من دبيره ولا نفعه من ضره . كيف بمثل هذا يتجرأ ويقول إنني لم أقصر في حق الله تعالى شيئاً . هذا مما يدل على جهل الناس والعياذ بالله .

على الإنسان أن يشعر دائماً بالتقصير في حق الله تبارك وتعالى ، ولذلك عندما سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها النبي عن المؤمن هل يخشى عندما يرتكب المعصية ؟ أجابها أنه يخشى وهو يأتي الطاعة ، استشهد لها بقول الله تعالى ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) (المؤمنون:60) .

ـ ما هو برنامج المحاسبة الذي تقترحونه على الإنسان كي يحس دائماً بنقصه وتقصيره ؟
الإنسان عليه أن يستشعر أولاً عظم حق الله تعالى عليه، لأن الله خلقه من عدم وهو ملك لله تبارك وتعالى، والله سبحانه الذي خلقه من عدم أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة ، فقد منّ عليه بهذه الحياة ، منّ الله سبحانه وتعالى بما تزخر به الحياة من نعم .

لو أن هذا الإنسان أمد الله تعالى في عمره وعاش عمر نوح وقصر حياته كلها من أول عمره إلى آخر عمره في شكر أدنى نعمة من هذه النعم لما وفى بشكرها ، فكيف بعظام هذه النعم .

كيف لو أن هذا الإنسان انقطع عنه النفس ، لو ارتفع هذا الأكسجين الذي جعله الله تبارك وتعالى في هذا الجو الذي يعيش فيه الإنسان وضاق به الخناق ، كيف تكون حالته ، الله تبارك وتعالى منّ عليه بهذا النفس الذي يتنفسه ، أوجد في نفسه جهاز التنفس ، أوجد فيه الرئتين ثم مع ذلك هيأ له هذا الجو الطيب اللطيف الذي يستنشق منه الأكسجين في نومه وفي يقظته في حركته وفي سكونه ، في ذكره وفي غفلته ، في فرحه وفي ترحه في جميع أحواله .
ما قيمة هذا الأكسجين ؟ قيمة عظيمة . لو أنه انقطع عن الإنسان وكانت الدنيا كلها بيده فإنه يبذل هذه الدنيا من أجل هذا الأكسجين .


والله تعالى هيأ له الغذاء وهيأ له الشراب ( قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ * كَلا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ * فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً* مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ) (عبس:17-32) ، بأي قدرة يمكن للإنسان أن يفعل ذلك ؟ بأي وسيلة لو أن الله تعالى أمسك قطر سمائه أو أمسك نبات أرضه يمكن للإنسان أن يستخرج هذا النبات أو يستنزل هذا الماء .

-لو أن الماء لم توجد فيه خاصية الإنبات ، والأرض لم توجد فيها خاصية النبات كيف كان الأمر ؟
ثم إن الإنسان لو لم يهيئ له الحق سبحانه وتعالى جهاز الهضم بأي وسيلة كان يمكن أن يستمرئ هذا الطعام ؟


كل من ذلك يدعو الإنسان إلى أن يفكر في أمره ، وأن يذكر حق الله تبارك وتعالى عليه .
ثم إن الله تعالى أمره بواجبات ونهاه عن مناه . أمره بأن يعبده حق عبادته ، وأن يطيعه في سره وعلانيته فعليه أن يحاسب نفسه في هذه العبادة ، وأن يحاسب نفسه في هذه الطاعة ، في امتثال أوامر الله وفي الازدجار عن نواهيه ، والله تعالى المستعان .

ـ امرأة سكتت عن حقها في الميراث ، توفيت أمها وتركت ولدين وابنتين قام الولدان ببيع جميع ما خلفته أمهما بدون علم الأخوات ولم يعطوا أختهما شيئاً من الميراث فتقاسماه فيما بينهما ، فهل سكوت المرأة عن هذا الحق يسقط حقها ؟

هل سكتت عن رضا أو عن غير رضا ، ثم لماذا تسكت ؟ وحسب ما جاء في السؤال بأنها ما كانت عالمة ببيع الأخوين لمال الأم ، فإن كانت غير راضية بهذا فعليها أن تطالب بحقها ولها حقها فالله تعالى يقول ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) (النساء:7) .






سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

الجمعة 20 جمادي الأولى 1430هـ

الموافق 15 من مايو 2009م

البراء 22-05-2009 10:26 AM

السؤال :
البعض سماحة الشيخ يقول بأنه لم يأت نص في القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية الشريفة يحرم التدخين ولذلك فما دام لم يرد نص في تحريمه فلذلك هو مكروه فحسب ، هل هذا الكلام صحيح ؟.

الجواب :
طيب ، كذلك أيضاً الهيروين وغيره من هذه الآفات المنتشرة لم ينص على شيء منه في القرآن الكريم . أنا أتحدى أولئك الذين يطالبون بالنص على تحريم التدخين أن يأتوا بنص أيضاً على تحريم هذه الأشياء فإما أن يقولوا بإباحتها ، وإما أن يقولوا بتحريمها وتحريم التدخين معها .
وكذلك هناك أشياء كثيرة من الضرر ، السم لم يأت نص صريح بأنه لا يجوز تناول السم ، ولكن نُهي عن قتل الإنسان نفسه ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) ( النساء : من الآية 29) ، على أن النبي صلى الله عليه وسلّم جاء وصفه في التوراة والإنجيل والقرآن بأنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث ، ومن الذي يقول بأن التدخين من الطيبات ، رائحته خبيثة وطعمه خبيث وأثره خبيث كل ما فيه خبيث ، هو ضرر لا نفع فيه قط ، فكيف مع ذلك يقال بإباحته ؟

وجدت بعض الناس أيضاً الذين ابتلوا بهذه الآفة الخطيرة يحاول أن يدافع عن ذلك ويقول أيضاً الشحوم تضر بالجسم فلماذا لا يقال بحرمة الشحوم ؟
الجواب الشحوم قد يحتاج إليها الجسم لا بد من نسبة من الشحوم في الجسم ، وعدم وجود نسبة قط عدم تغذي الجسم بشيء من الشحوم يؤدي ذلك إلى الضرر في الجسم بخلاف التدخين ، فإن التدخين لا يحتاجه الجسم أبداً بل ما يلج إلى الجسم من الدخان إنما هو سم زعاف قاتل فكيف يقاس التدخين على الشحوم أو يحمل عليها ، الشحوم شيء آخر .

نعم المبالغة في كل شيء حتى الطعام الطيب الذي هو في الأصل لا ضرر فيه ، حتى التمر لو أكثر الإنسان منه إلى حد الإسراف فإن ذلك يعد حراما لأن الله تعالى يقول ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا )(الأعراف: من الآية31) فإن كان يؤدي إلى التخمة وهو يعلم ذلك ويأكل إلى يتخم نفسه عمداً فإنه بهذه الحالة يكون قد أضر بنفسه ، ويكون بتجاوزه حدود الاعتدال قد وقع في الحرام .

وكذلك الماء الذي هو سبب في الحياة عندما يكثر الإنسان منه إلى أن يضر بنفسه وهو متعمد لذلك ، يحمل نفسه على شرب الماء من غير أن تكون نفسه بحاجة إلى هذا الماء ، من غير أن يكون جسمه بحاجة إلى هذا الماء ، وإنما يكره نفسه على نفس الماء إلى أن يؤدي ذلك إلى الضرر به فذلك أيضاً حرام ، كما دلت الآية الكريمة ( ولا تسرفوا ) بعد إباحة الأكل والشرب ( وكلوا واشربوا ) فإن كل شيء مقدر بمقدار الاعتدال ، وكذلك تناول الشحوم إنما هو مقدر بمقدار الاعتدال بقدر ما ينفع ولا يضر ، ولا يقال بحرمة الشحوم على الإطلاق كيف وفيها نفع للجسم بل الجسم بحاجة إليها ولا يقوم بدونها ، وإنما هذه من باب مغالطة الحقائق ، والله تعالى المستعان .

السؤال(20)
هل يجوز أن نختار بين رأيين لمفتيين في مسألة معينة بحيث نعمل بالذي يتناسب مع مصالحنا وأحوالنا ؟

الجواب :
هذا الأمر إن أطلق للإنسان فيه العنان أدى به إلى فساد كبير ، فالإنسان يجب عليه أن يتحرى الأعدل من الآراء عندما يريد أن يعمل . الإنسان متعبد في المسائل المختلف فيها أن يحرص على الأخذ بالرأي الأرجح من خلال الدليل الشرعي سواء كان ذلك في إفتاء أو كان ذلك في قضاء أو كان ذلك في عمل وتطبيق ، هذا إن كان قادراً على ذلك ، أما غير القادر فإنه يرجع في ذلك إلى من يملك القدرة على بيان الدليل الشرعي من العلماء المعاصرين ، فإن دله على الدليل الشرعي وتبين له هذا الدليل الشرعي فليعمل بذلك ، وإن كان لم يتبين له وذلك العالم هو متمكن بحيث كان قادراً على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية فإنه يأخذ برأيه ، إذ خير له أن يأخذ برأي من كان قادراً على التمييز بين الأدلة الشرعية وقادراً على التمييز بين مقتضيات الأحوال لأن المفتي إنما ينظر في أحوال الذين يستفتونه فقد يفتي هذا برأي ويفتي آخر برأي آخر نظراً إلى وضع كل واحد من المستفتيين ، فقد جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وسأله عن القبلة للصائم فأفتاه بجوازها ، وجاء إليه آخر فأفتاه بالمنع ، الذي أفتاه بالجواز كان شيخاً وقد اطمئن إلى أن هذه القبلة لا تثيره ، والذي أفتاه بالمنع كان شاباً وقد خاف من أن تكون مثيرة له فلذلك أفتاه بالمنع . وهكذا الذين يفتون ينظرون في أحوال الناس ما بين وقت وآخر .


والذي لا يقدر على الترجيح أي ليس قادراً على التمييز ما بين الأدلة ، وليس قادراً على التمييز ما بين الأحوال حتى يأخذ بالرأي الأرجح بحسب ما تقتضيه الأدلة وبحسب ما تقتضيه الأحوال ، لذلك كان عليه أن يرجع إلى العالم الذي هو متمكن وقادر على التمييز بين الأدلة وقادر على ترجيح الرأي الأرجح ، فإن تعذر عليه العالم أو وجد عدد من العلماء وكل من هؤلاء أفتى برأي فليأخذ برأي الأعلم الأورع لأنه في هذه الحالة لا بد من يأخذ بما تطمئن إليه نفسه ، فإن لم يجد عالماً قط في وقته كأن يكون في بلد لا يوجد فيه عالم ولا يتمكن من الاتصال بعالم وكانت القضية قد عنت ووجد خلافاً ما بين العلماء فليأخذ برأي الأكثرية . أخذه برأي الأكثرين خير من أخذه برأي الأقلين ، والله تعالى أعلم .

السؤال(21)
ما حكم لبس الحجاب الملون أو المزخرف والخروج به ؟

الجواب :
المرأة تؤمر أن تخرج وليس عليها من الثياب الظاهرة ما يشد الأنظار إليها . فإن كان هذا اللون لوناً واحداً لا يشد الأنظار كأن يكون الغطاء الذي تلتحف به كله أسود أو كله على لون لا يشد الأنظار فذلك خير ، أما أن يكون ملوناً بألوان شتى بحيث يشد الأنظار ، أو يكون مزيناً بزينات مختلفة فذلك مما لا ينبغي أن تفعله المرأة المسلمة .





سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

الجمعة 27 جمادي الأولى 1430هـ

الموافق 22 من مايو 2009م

البراء 24-05-2009 11:19 PM

سؤال :
ما معنى إسباغ الوضوء على المكاره ؟ هل هو يعني أن يتوضأ أو يجيد الوضوء هل هذا مع شدة البرد أو شدة الحر ولو كان يضر به نفسه أو ماذا يعني إسباغ الوضوء ؟

الجواب :
إسباغ الوضوء على المكاره أن يسبغ الوضوء ، والأصل في الإسباغ بمعنى أن يجعل الشيء سابغاً ، والسابغ هو الشامل العام ، يقال أسبغ الله عليه نعمته أي شمله الله تعالى بنعمته ، والثوب السابغ هو الثوب الشامل ، فمعنى الإسباغ الشمول بحيث يشمل العضو بالوضوء ، لا يُقصّر في توضئة ذلك العضو ، كأن يوضئ يده جميعاً من أطراف الأصابع إلى المرفق من غير إخلال شيء ، هذا هو الإسباغ ، وكذلك بالنسبة إلى القدمين هذا هو الإسباغ ، فإسباغ الوضوء هو بمعنى أن يشمل الوضوء العضو الموضئ بحسب الحدود التي أُمر بها في الإسلام .


أما بالنسبة إلى كون ذلك على المكاره فنعم ، أن يسبغ الوضوء على المكاره هذا هو المعني في حيث رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( إلا أنبئكم بما يرفع الله به الدرجات ويمحو به الخطايا : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطى إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ) ، فإسباغ الوضوء على المكاره بمعنى أن يتوضأ الإنسان ولو كان يحس بشدة في وضوئه ذلك أن يتوضأ وضوءاً كاملاً ولو كان يحس بشدة بسبب البرد الشديد مع برودة الماء ، أو بسبب حرارة الماء مع سخونة الجو ، فإن ذلك هو إسباغ الوضوء على المكاره ، ولكن إن كان ذلك يؤدي إلى ضرر متيقن بحيث إن البرد يضر بعضوه الذي يوضئه حتى ربما يؤدي ذلك إلى شلل ذلك العضو أو يؤدي إلى إصابة ذلك العضو بأي مرض من الأمراض في هذه الحالة لا يكلف ، إن استطاع أن يسخن الماء فليسخنه ، وإن تعذر عليه ذلك ولم يستطع أن يسخن الماء فليعدل إلى التيمم ، والإنسان مطالب بأن يحافظ على صحته ، الله تبارك وتعلى لم يكلف النفس ما يعسر عليها ويشق عليها (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) (البقرة : 286 ) (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا) (الطلاق : 7 ) ، والنبي صلى الله عليه وسلّم يقول : إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم . فالمأمور أن يأتي الإنسان بالعمل بقدر استطاعته وأن لا يكلف نفسه ما لا تستطيع .

سؤال :
أيعتبر مسبغاً إن اقتصر مرة مع التعميم ؟

الجواب :
إذا كانت هذه المرة سابغة شاملة بحيث لم تخل قط فلا حرج ، ( هذا لا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ) ، معنى ذلك مفهوم المخالفة يدل على أن الصلاة مقبولة إن تحقق ذلك الوضوء .


سؤال :
من رأى نموذجاً مثلاً رأى ثوبا مخيطاً أخذ هذا النموذج أما أن يشتري هذا الثوب أو أن يتصور ما فيه من تصميم ثم يقوم بخياطة مثله ، هل يعتبر في هذه الحالة تصرفه جائزاً كونه أخذ هذا التصميم ، وهل يُفرق بين إذا ما اشتراه أو إن صوّر ذلك وصنعه بنفسه ؟

الجواب :
ما المانع من أن يُصمم الثوب كما وجده مصمماً ، ليس هناك مانع شرعي من ذلك .


سؤال :
وهل له أن يبيعه بأقل مما يبيعه الأول ؟

الجواب :
لماذا يبيعه بأقل ؟ هو على كل حال إن كان لا يخسر فلا حرج .


سؤال :
هناك أحياناً ما يدفع صانع الثوب يشتري ثمن هذا التصميم أو لوحة معينة يصممها يُدفع لرسامها أو لمصممها ثمناً وربما هنا من المؤسسات من تجعل راتباً شهرياً لمن يقوم بعملية التصميم ثم يأتي من يأخذ مثل هذا الجانب ؟


الجواب :
على أي حال الأصل في هذا أن يستفيد الناس بعضهم من بعض ، ولكن إن أدى ذلك إلى مضرة فالضرر مزال ( لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ) ، إن كان هذا يؤدي إلى أن يخسر ذلك المصمم ، وأن يذهب تصمميه هباءا ، وأن لا يستفيد من عمله ففي هذه الحالة يدفع الضرر إذا لا ضرر ولا ضرار في الإسلام .


سؤال :
موظفة بإحدى الشركات تصلي الظهر عندما ترجع إلى بيتها هل لها ذلك ؟

الجواب :
أن اضطرت إلى ذلك ولم تجد مناصاً عن هذا الأمر فلتجمع بين الصلاتين ولو رجعت إلى بيتها ولكن مع الإتمام لا مع القصر ، إذ لا تقصر وهي في وطنها في حضرها ، وإنما تقصر إذا سافرت .


سؤال :
ما يسبق فترة الدورة الشهرية وما يعقبها هل هذه الاستحاضة ما حكم الصلاة فيها ؟

الجواب :
أما الاستحاضة إن تيقن أن هذه استحاضة وليست حيضا فالاستحاضة لا تعتبر حيضا ، لا تعطي أحكام الحيض ، وتؤمر المرأة في إبان استحاضتها أن تصلي وتؤمر أن تصوم أيضاً إذ لا تعطى أحكام الحائض ، وعلى أي حال الاستحاضة أما هو بالدم أما التوابع فلا تعد استحاضة .


سؤال :
هل تصلي صلاة المقيم في حالة سفرها إذا كانت ستظل في هذا البلد أكثر من ثلاث سنوات ؟

الجواب :
نعم ( صلاة المسافر ركعتان حتى يؤب إلى أهل أو يموت ) ، هذا الذي استقرت عليه السنة ومضى عليه فعل الرسول صلى الله عليه وسلّم ، ومضى عليه فعل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ، فلذلك هي مطالبة بأن تقصر الصلاة ما دامت في سفرها .

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

الأحد 29 جمادي الأولى 1430هـ
الموافق 24 من مايو 2009م

شذى الريحان 25-05-2009 01:22 AM

(اذا احب الله عبدا فقهه في الدين)

يعطيك العافيه اخي البراء...
ان شاالله تعم الفايده للجميع.....
جعله الله في ميزان حسناتك..


اشكرك عالافاده.................

البراء 26-05-2009 05:45 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شذى الريحان http://hesnoman.com/vb/img_hesn2008/...s/viewpost.gif
(اذا احب الله عبدا فقهه في الدين)

يعطيك العافيه اخي البراء...
ان شاالله تعم الفايده للجميع.....
جعله الله في ميزان حسناتك..


اشكرك عالافاده.................




وجزيت ِ روضة الجنان يـا شذى الريحان

البراء 26-05-2009 05:48 PM

الســــــــــــــؤال:

هل تصح إعادة الصلاة المنتقضة في جماعة أم تعاد فرادى ؟

الجــــــــــــــواب:

لا أجد مانعاً من إعادة الصلاة جماعة لو بطلت ، وإن ذهبت طائفة من العلماء إلى خلاف ذلك ، ففي بعض الآثار عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه أعاد الصلاة جماعة في غير وقتها ، كما صنع ذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة الخندق عندما صلى الظهر والعصر والمغرب في وقت العشاء جماعة ، ولا أرى الذين ذهبوا إلى خلاف هذا الرأي إلا أنهم واقعون في التقليد من غير إمعان فيما بنوا عليه رأيهم ، وذلك أنهم رأوا في الأثر عن بعض أهل العلم كراهة تكرار الجماعة في المسجد الواحد ولم يقصدوا بذلك إلا قطع دابر الفرقة بين الجماعات خشية أن يجد روادها سبيلاً إليها من خلال تعدد الجماعات ، بحيث يعتمد بعضهم التأخر عن الصلاة في الجماعة الأولى من أجل إنشاء جماعة ثانية ، وهكذا يتمزق الصف وتتشتت الكلمة وتفوت الحكمة التي من أجلها شرعت الجماعة ، وهي وحدة الصف وراب الصدع وتأليف القلوب ، ولا ريب أن رأيهم هذا مبني على أصل أصيل من الفقه وهو سد ذرائع الفساد ، وهو أمر ملحوظ في مقاصد الشرع الحنيف ، فلا غرو إن أخذ به أصحابنا وكثير من أصحاب المذاهب الأخرى ، ولكن هذه العلة لا وجود لها فيما إذا أعادة الجماعة نفسها صلاتها من أجل فسادها في جماعة فإن الجماعة الأولى هي عين الثانية ولا محذور في هذا الأمر ، فكيف يصلون مع ذلك فرادى والأحاديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحض على إقامة الصلوات في الجماعات وتدل على البون الشاسع بين صلاة الجماعة وصلاة المنفرد في الفضل ، على أن الصحيح بأن صلاة الجماعة واجبة على الأعيان ، لأدلة لا تقاوم وقد بسطتها في غير هذا الوضع ، فكيف يسوغ مع ذلك أن يصلوا فرادى ؟ هذا والذي أذهب إليه أنه لا مانع من تعدد الجماعات في المسجد الواحد ، ولو لم يكن لإعادة الصلاة السابقة من الأمن من قصد تشتيت الجماعة ، لما صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه رأي أحداً لم يدرك الجماعة فقال : (( هل من أحد يتصدق على هذا فيصلي معه )) ، وكفى بذلك حجة ، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل . والله أعلم .

الســــــــــــــؤال:

استغرقت في النوم حتى فات وقت صلاة العصر ، فاستيقظت وقت صلاة المغرب ، فقدمتها وأخرت العصر بعدها ، فهل أصبت في ذلك ، وهل عليَّ إعادة صلاتها في اليوم التالي ؟

الجــــــــــــــواب:

لقد كان الأولى أن تصلي العصر ثم المغرب ، ولكن بما أنك قدمت المغرب ثم صليت العصر فنسأل الله لك القبول ، ولا داعي إلى صلاتها في اليوم التالي ، وإنما تصلى بعد الاستيقاظ . والله أعلم .

الســــــــــــــؤال:

ما قولكم فيمن ترك الصلاة لفترة وذلك بسبب مرضه ، حيث أجريت له عملية جراحية في عضو من أعضاء الوضوء ، مما يجعله يشعر بآلام شديدة إذا أراد الصلاة أو الوضوء ، فهل عليه شيء ؟

الجــــــــــــــواب:

قد كان عليه أن يصلي على أي حال ولو مستلقياً ، فإن لم يقدر على الوضوء تيمم ، وإن لم يقدر عليها صلى بدونهما ، وبما أنه لم يصل فعليه قضاء ما فوَّت من الصلوات مع التوبة إلى الله . والله أعلم .

الســــــــــــــؤال:

امرأة أصابها مرض الشلل ، وتركت الصلاة والصوم حتى توفيت ، فكيف يقضى عنها الصوم والصلوات ؟

الجــــــــــــــواب:

قد كان عليها أن تصلي حسب استطاعتها ولو مضطجعة ، وأما الصيام فعليها أن تطعم عن كل يوم منه مسكيناً ، وبما أنها لم تطعم في حياتها فليطعم ورثتها عنها ، أما الصلاة فقد فاتت ولا يصلي أحد عن أحد . والله أعلم .


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 26-05-2009 05:51 PM

الســــــــــــــؤال:

ما هي الأحوال التي يجب فيها إعادة الصلاة ؟

الجــــــــــــــواب:

إن صلاها بغير طهارة في جسمه أو في ثوبه أو في المكان الذي صلى فيه ، وذلك أن يصليها مثلاً بلا وضوء أو بغير اغتسال من الحدث الأكبر أو مع التلبس بنجاسة في جسمه يمكن التخلص منها ، أو في ثوبه أو مكانه أو أتى بناقض ، سواء كان فعلاً أو تركا فعليه في جميع ذلك إعادة الصلاة . والله أعلم

الســــــــــــــؤال:

هل تشبيك الأصابع في الصلاة يبطلها ؟

الجــــــــــــــواب:

كل عبث في الصلاة ينافي الخشوع فيها هو من مبطلاتها . والله أعلم .


الســــــــــــــؤال:

هل تبطل الصلاة إذا ابتسم الإنسان في صلاته ؟

الجــــــــــــــواب:

قال كثير من العلماء : إن الابتسام ينقض الصلاة إذا كان أثناء الصلاة ، ولكن ذهب بعض المحققين ومنهم القطب ـ رحمه الله ـ إلى أن الابتسام لا ينقض الصلاة لأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ابتسم في صلاته ، وعندما سئل عن سبب ابتسامه أجاب : بأنه تبسم له جبريل فابتسم له ، ولهذا رأى القطب ـ رحمه الله ـ عدم نقض الصلاة بالابتسام فيها، بخلاف الضحك أو ما زاد على الضحك كالقهقة مثلاً .

الســــــــــــــؤال:

رجل صلى الظهر ثم ذهب إلى صلاة العصر فشاهد في ثوبه دماً يابساً ، فغسل ثوبه وصلى الظهر ثم العصر فهل صلاته صحيحة ؟

الجــــــــــــــواب:

إذا غسل الدم فصلاته صحيحة تامة ، ولكن اختلف العلماء في وجوب إعادته للصلوات الخمس إذا كان الدم يابساً ، فمن قال بذلك فقد بنى رأيه على الاحتياط فحسب ، وإلا فمن المحتمل أن ييبس الدم في الوقت الذي بين صلاة الظهر وبين صلاة العصر ، ولذلك لا أرى عليه وجوباً أن يعيد إلا تلك الصلاة الواحدة التي تيقن أنه صلاها وقد كان الدم في ثوبه . والله أعلم .

الســــــــــــــؤال:

ما حكم صلاة من أدرك صلاة الجماعة وهو في حالة سهو ؟ وهل يلزمه أن يعيد صلاته ؟

الجــــــــــــــواب:

ليس للإنسان إلا ما عقل من صلاته ، ومن صلى وهو غير حاضر القلب في كل صلاته فلا صلاة له ، لأن صلاته فقدت روحها وهو الخشوع . والله أعلم

الســــــــــــــؤال:

ما قولكم فيمن يتلفت دائما في صلاته ؟

الجــــــــــــــواب:

الالتفات في الصلاة ناقض للصلاة ، لأنه مخل بالخشوع فيها ، فقد جاء في الحديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( إياك والالتفات في الصلاة فإنه هلكة )) ، وسألت عائشة ـ رضي الله عنها ـ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الالتفات في الصلاة ، فقال : (( هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد )) ، وناهيك بهذا تحذيراً منه . والله أعلم .


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 29-05-2009 10:35 AM

السؤال
كيف يكون سجود التلاوة عندما يقرأ الإنسان الآية التي فيها سجدة وهو في الطائرة أو في السيارة ؟

الجواب :
بسم الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلّم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فإن سجود التلاوة ليس بأعظم من سجود الصلاة ، ولئن كان المصلي إن كان في حالة لا يتمكن فيها من السجود ينتقل الفرض الواجب عليه من السجود إلى الإيماء له ، فإن سجود التلاوة كذلك .

فمن كان راكباً في الطائرة وكان متمكناً أن يصلي إذا كانت الصلاة حضر وقتها قياماً متوجهاً إلى القبلة حسب تحديد الخبراء من ملاحي الطائرة له أو مع سؤال الطيار بواسطة الملاحين فإن عليه أن يصلي قائماً متوجهاً إلى القبلة مع إمكان ذلك ، وذلك يحصل في الطائرات كثيراً عندما تكون الطائرات فيها اتساع لا سيما الدرجة الأولى .

وعندما يكون ذلك متعسراً أو متعذراً عليه بحيث لا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة للضيق الذي في الطائرة ، ولا يستطيع أن يصلي قائماً أيضاً بحيث لا يجد مكاناً يتمكن فيه من أن يصلي قائماً ففي هذه الحالة يصلي على كرسيه أينما توجهت به طائرته ويومئ لركوعه وسجوده ، ومثل هذا الحكم أيضاً لقارئ القرآن عندما يسجد سجود التلاوة ، فإن حكم سجود التلاوة لا يختلف عن حكم سجود الصلاة ، والله تعالى أعلم .

السؤال
هل المصلي مطالب أن يتفاوض مع الملاحين حتى يحصل على مكان جيد يصلي فيه بدلاً من أن يصلي على كرسيه ؟

الجواب :
ذلك يختلف باختلاف أوضاع الطائرات ، في بعض الأحيان يكون الطائرات فيها متسع لأن تقام الصلاة فيها ، بل أحياناً يمكن حتى أن يصلي جماعة ، ونحن بأنفسنا صلينا جماعة على الطائرة ، وأحياناً لا يكون فيها مكان لإقامة الصلاة ، فالأمور تراعى فيها الأحوال والظروف .

السؤال
بالنسبة إلى السيارة كيف يكون سجوده ؟

الجواب :
كذلك نفس الشيء راكب السيارة إن قرأ آية سجدة فإنه يومئ لسجوده .

سؤال (تابع):
الإيماء الذي يتمكن فيه من القيادة أم الأفضل له أن يقف ...

الجواب :
أما إذا كان متمكناً من القيادة وكان بإمكانه أن يقف ولا يتعذر عليه ذلك أو يتعسر عليه ذلك فالأولى له أن يقف إن أمكنه ذلك .


السؤال
عند تعليم الأطفال الصلاة في سن السادسة أو السابعة نضطر لتحفيظهم النية لفظاً ويصلون هكذا لمدة سنة أو سنتين ريثما يفهمون حقيقة النية ، فما قولكم ؟

الجواب :
جعل هذه الألفاظ وسيلة لا غاية بحيث تكون وسيلة لأجل أن يفهموا النية فلا حرج في ذلك .

السؤال
من ابتلي بالتهاب في فروة الرأس هل يجوز له أن يغسل رأسه في دورة المياه بماء أو سائل قد قرئ فيه آيات من القرآن الكريم ؟

الجواب :
على أي حال الآيات لم تقع بنفسها في الماء ، لم تتحلل في الماء ، وإن كان في الماء بركة تلك الآيات ، وإن أمكن التنزه عن الغسل بذلك الماء في دورة المياه فذلك أفضل .






سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 05-06-2009 10:15 AM

السؤال :
خدمة الهاتف النقال تكون عن طريق الاتفاق مع البائع نفسه الذي هو بدوره متفق مع شركة من الشركات ، يقوم هذا المشتري بدفع إيجار شهري لتلك الشركة التي توفر له خدمة الهاتف النقال ، لكن هذه الشركة نفسها في كل عام تقدم عروضاً معينة ، العرض الذي تقدمه يساوي إيجاراً شهرياً من الإيجارات التي يدفعها المشترك ، فهل له أن يأخذ ذلك المبلغ الذي تقدمه الشركة ؟

الجواب :
هل هذا داخل في صفقة بيع ما بين المشتري والبائع من أول الأمر ، أو هو غير داخل في صفقة البيع ؟ فإن كان غير داخل في صفقة البيع فمعنى ذلك أن هذه الشركة ترد إليه بعض ما دفعه ، ولا حرج في ذلك فإن لها أن تتصرف .


أما إن كان ذلك داخل في صفقة البيع وكان ذلك أمراً مجهولاً فهنا تدخل الجهالة إذ ربما يحصل وربما لا يحصل ، فهنا تكون جهالة ، والجهالة تؤثر على صفقات البيع .

فلا بد أن يكون الأمر واضحاً لا جهالة فيه ، هذا إن لم تكن هناك مقامرة ، أما إن كان هذا الدفع لأجل المقامرة بحيث يدفع لبعض الناس دون بعض فذلك بطبيعة الحال غير جائز .

سؤال (تابع ) :
إن كانت هذه الشركات تقدم هذه المبالغ فقط من أجل أن تجلب الزبون إليها ؟

الجواب :
لا حرج .


السؤال :
إذا ضاق نفس المصلي أثناء قراءة سورة الفاتحة عند كلمة لا يحسن الوقوف عليها ، هل يصل القراءة بأن يعيد قراءة كلمة أو كلمتين كي يكتمل المعنى أم أن ذلك يعد تكراراً ؟

الجواب :
على أي حال هو إن وقف وقفاً اضطرارياً من أجل أنه لم يستطع مواصلة القراءة فلا حرج في هذه الحالة أن يستمر ولو كان هنالك فصل ما بين كلمتين مترابطتين لا حرج في أن يستمر ، وهذا مما ذكره العلماء بأنه يستثنى في أي قراءة لا في الفاتحة فكيف بالفاتحة ، مع أن الفاتحة يمنع أن تكرر في الركعة الواحدة .


السؤال :
من وجد قولين في مسألة لعالمين مجتهدين فبأي القولين يأخذ ؟

الجواب :
هل وجد هذين القولين لعالمين مجتهدين في عصره ، أو لعالمين مجتهدين ميتين ؟ الإنسان مطالب في عصره إن وجد العالم المجتهد أن يرجع إليه من أجل أن يبين له القول الراجح ، ذلك لأن ترجيح الأقوال يختلف أيضاً حتى باختلاف الزمان ، إذ لعامل الزمان تأثير في ترجيح الأقوال ، فإن العالم الفقيه كالطبيب فيعالج المشكلة بحسب ما يمكن أن يكون أجدى وأنفع في العلاج ، والطبيب قد يختلف العلاج عنده بين فصل وفصل ، فتجد مثلاً في فصل الصيف يعطي جرعة لا يعطيها في فصل الشتاء وكذلك العكس ، وهكذا العالم الفقيه عليه أن ينظر في اختلاف الأوقات وفي اختلاف الأزمنة بل في اختلاف الأشخاص أيضاً ، كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما انه استفتاه مستفت في قبلة الصائم فأجابه بالإباحة واستفتاه آخر فأجابه بالمنع ، وقد لوحظ أن الذي إجابة بالإباحة كان شيخاً ، والذي إجابه بالمنع كان شاباً ، ومن المعلوم أن فوران الشهوة عند الشاب أكثر من الشيخ فلذلك أجابه بالمنع ، والشيخ يكون أهدأ أعصاباً من هذه الناحية فلذلك أجابه بالإباحة .


فلئن كان واجداً عالماً مجتهداً في زمانه فعليه أن يرجع للعالم المجتهد ، أما إن كان في زمانه عالمان مجتهدان وقد اختلفا في مسألة ما فإنه في هذه الحالة ينظر إلى من كان أعلم وأورع ، يرجع إلى رأي الأعلم والأورع فيأخذ برأيه فذلك أسلم ، والله تعالى أعلم .

سؤال(تابع)
لكنه إذا وجد قولين لعالم مجتهد واحد ؟


الجواب :
أيهما أسبق ، فالقول الأسبق يُترك للقول الأحدث .
أما الضعيف فعليه يرجع *** إن رجع المقلَد المتبع
الضعيف عليه أن يرجع ، ليس في الرأي نسخ ، لو رأى العالم المجتهد رأياً ورجع عنه فيما بعد فإن ذلك الرجوع لا يقال بأنه نسخ لرأيه ذلك فيمكن أن يًُعمل بذلك الرأي لكن من أبصر وجهه ، لا حرج في حق من أبصر وجهه أن يعمل به ، أي بذلك الرأي الذي رجع عنه من رآه من العلماء المجتهدين . أما الضعيف فعليه أن يرجع إذا رجع المقلَد أي العالم المجتهد المتبع عليه أن يرجع إلى رأيه ، والله تعالى أعلم .


السؤال :
شخص يستطيع الصلاة قائماً فهل يجوز له أن يصلي جالساً في النوافل ؟


الجواب :
نعم ، لا مانع من أن يصلي الإنسان متنفلاً قاعداً ، ولكن صلاته قاعداً على النصف من صلاة القائم .


السؤال :
الذي يعمل في الغربة وحان عليه وقت الزكاة ، أين يؤدي هذه الزكاة في دار غربته أم في وطنه ؟


الجواب :
على أي حال إن أداها في وطنه فذلك خير ، وإن وجد فقراء مستحقين في غربته ودفعها إليهم فذلك أيضاً خير .







سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 12-06-2009 10:30 AM

السؤال :
ما هو برنامج المحاسبة الذي تقترحونه على الإنسان كي يحس ائماً بنقصه وتقصيره ؟

الجواب:
الإنسان عليه أن يستشعر أولاً عظم حق الله تعالى عليه ، لأن الله خلقه من عدم وهو ملك لله تبارك وتعالى ، والله سبحانه الذي خلقه من عدم أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة ، فقد منّ عليه بهذه الحياة ، منّ الله سبحانه وتعالى بما تزخر به الحياة من نعم .

لو أن هذا الإنسان أمد الله تعالى في عمره وعاش عمر نوح وقصر حياته كلها من أول عمره إلى آخر عمره في شكر أدنى نعمة من هذه النعم لما وفى بشكرها ، فكيف بعظام هذه النعم .

كيف لو أن هذا الإنسان انقطع عنه النفس ، لو ارتفع هذا الأكسجين الذي جعله الله تبارك وتعالى في هذا الجو الذي يعيش فيه الإنسان وضاق به الخناق ، كيف تكون حالته ، الله تبارك وتعالى منّ عليه بهذا النفس الذي يتنفسه ، أوجد في نفسه جهاز التنفس ، أوجد فيه الرئتين ثم مع ذلك هيأ له هذا الجو الطيب اللطيف الذي يستنشق منه الأكسجين في نومه وفي يقظته في حركته وفي سكونه ، في ذكره وفي غفلته ، في فرحه وفي ترحه في جميع أحواله .

ما قيمة هذا الأكسجين ؟ قيمة عظيمة . لو أنه انقطع عن الإنسان وكانت الدنيا كلها بيده فإنه يبذل هذه الدنيا من أجل هذا الأكسجين .

والله تعالى هيأ له الغذاء وهيأ له الشراب ( قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ * كَلا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ * فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً* مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ) (عبس:17-32) ، بأي قدرة يمكن للإنسان أن يفعل ذلك ؟ بأي وسيلة لو أن الله تعالى أمسك قطر سمائه أو أمسك نبات أرضه يمكن للإنسان أن يستخرج هذا النبات أو يستنزل هذا الماء .

لو أن الماء لم توجد فيه خاصية الإنبات ، والأرض لم توجد فيها خاصية النبات كيف كان الأمر ؟
ثم إن الإنسان لو لم يهيئ له الحق سبحانه وتعالى جهاز الهضم بأي وسيلة كان يمكن أن يستمرئ هذا الطعام ؟
كل من ذلك يدعو الإنسان إلى أن يفكر في أمره ، وأن يذكر حق الله تبارك وتعالى عليه .
ثم إن الله تعالى أمره بواجبات ونهاه عن مناه . أمره بأن يعبده حق عبادته ، وأن يطيعه في سره وعلانيته فعليه أن يحاسب نفسه في هذه العبادة ، وأن يحاسب نفسه في هذه الطاعة ، في امتثال أوامر الله وفي الازدجار عن نواهيه ، والله تعالى المستعان .


سؤال :
ما نصيحتكم للذي يحمل الجانب العلمي في حياته وقد نذر نفسه لتعليم الأبناء وتفهيمهم الأمور العملية كيف يستغل الإجازة ؟


الجواب :
يستغل الإجازة في الخير ، يجب على كل إنسان أن يحرص على أن يجعل من نفسه أستاذاً لجيله ، ويجب على كل أب وعلى كل أم أن يجعل من بيتهما أيضاً مدرسة للطفل ، ويجب على كل من آتاه الله سبحانه وتعالى مقدرة في العلم وملكة في الفهم أن يستغل ذلك في جذب الناس إلى الخير وتبصيرهم بالحق وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وتعليمهم ما خفي عليهم من أمر دينهم ، من خلال هذا تسير السفينة إلى الأمام في خط الملاحة الصحيح .

سؤال :
كيف نطبق حديث النبي صلى الله عليه وسلّم (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) ، والحديث الآخر ( اغتنم خمسا قبل خمس منها فراغك قبل شغلك ) ؟


الجواب :
الفراغ نعمة كبيرة يُسئل عنها العبد يوم القيامة ، وكما قلنا الحياة كلها يُسئل عنها الإنسان لأنها هي وعاء النعم جميعاً ، وهذا الفراغ يجب أن يسخره الإنسان في المصلحة ، وكم من أمور تتطلب هذا الفراغ ، هناك إصلاح للمجتمع ، هناك دعوة إلى الخير وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، هناك تعليم للعلوم النافعة ، هناك دعوة للبشرية إلى الإسلام وتعريفهم بحقيقة الإسلام ، هذه الدعوة يمكن أن تستغل لها الآن الوسائل الحديثة وسائل الإعلام المختلفة ، ومن بينها الآن شبكة المعلومات التي يمكن أن تقرب البعيد وأن يتوصل الإنسان من خلالها إلى بث الأفكار في أنحاء مختلفة من العالم وعلى صنوف مختلفة من الناس ، هكذا يجب على الإنسان لا يفوت هذه الفرصة ، فالفراغ إذن تتنازعه نوازع مختلفة ، وعلى الإنسان أن يحرص على تسخيره في الخير .


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 19-06-2009 11:22 AM

* امرأة تعبت في الحمل، وعندما وضعت قالت إن شاء الله تعالى أني لا أحمل مرة ثانية لمدة سنتين، وعندما تتحقق أمنيتي ولا أحمل لمدة سنتين أنوي أن أصوم شهراً كاملاً ، وقالت هذا الكلام في ساعة غضب، وبعد ذلك تحققت أمنيتها ولم تحمل لمدة سنتين، وبعد السنتين حملت مرة ثانية، فما قولكم سماحة الشيخ في هذا الكلام علماً بأن هذه المرأة تعبت في هذا الحمل أكثر من السابق ولا تقدر على الصيام شهراً كاملاً في هذه الفترة، هل يجوز أن تصوم بعد الولادة أم يكون هناك حل آخر؟


** في الأصل ينظر في قصدها ، فإن كانت قصدت بهذا النذر فذلك حسب قصدها، إذ النذر ليس باللفظ نفسه، إنما اللفظ نفسه نية يعبر عن نيتها التي تعتلج في نفسها، وأما إن كانت قاصدة النذر فعليها الوفاء بما نذرت، وإن كانت غير قاصدة النذر فلا يلزمها الوفاء بذلك. وبناء على أن الوفاء يلزمها فلا حرج عليها إن أخرت هذا الوفاء إلى أن تضع حملها.

* ما هي التميمة، وما حكم تعليقها، وما حكم تعليق الحروز إذا كانت مكتوبة بالقرآن بقصد التبرك بالقرآن لأجل الشفاء .؟

** أما بالنسبة إلى التميمة، فالتميمة في الأصل ما كان يعلقه الناس في أيام جاهليتهم من الأشياء التي يعتقدون فيها دفعاً للضرر، فلربما تصور متصور بأن ما يعلق على الطفل مثلاً من أنواع بعض الأشياء مما يدفع الضرر عنه .
نحن أدركنا بعض الناس في حالة جهلهم يعلقون بعض الأشياء من الحيوانات على الأطفال كأظفار الأسود مثلا ، هذه هي التمائم وذلك لا يجوز، بل من علق تميمة فقد أشرك لأنه اعتقد أن ذلك المعلَق يدفع عنه ضررا ويحقق له خيرا وهذا أمر لا يجوز قط، إذ لا يملك أحد لآخر نفعاً ولا ضررا إلا الله تبارك وتعالى وحده فهو الذي يصرف هذا الكون .
والآيات القرآنية تدلنا على أن المعتقد الصحيح يحول بين الإنسان وبين أن يفعل شيئاً من هذه الأشياء من ذلك اعتقاد الإنسان بأن شيئاً من هذه التمائم يضر أو ينفع اعتقاد مخالف للنصوص القاطعة من كتاب الله تبارك وتعالى، فإن القرآن الكريم جاء ليقرر عقيدة التوحيد ، ومن التوحيد أن يعتقد الإنسان أن الله تبارك وتعالى وحده هو الذي يدفع الضراء وأنه وحده هو الذي يحقق السراء، فالله سبحانه وتعالى يقول (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (التوبة:51) .
ويقول ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الأنعام:17) .

ويقول (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (يونس:107) .
ويقول سبحانه وتعالى( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (الرعد:16) ز
ويقول ( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (فاطر:2) .
ويقول ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) (الزمر:38) .
ويقول في أولئك الذين كانوا يتشبثون بالجن ويتعلقون بهم ويرجون منهم أن يعيذوهم من الشرور (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) (الجـن:6) .
فإذاً لا يملك أحد لغيره نفعاً ولا ضراً إلا الله تبارك وتعالى، فإن الله هو الذي يحقق المنفعة ويدفع المضرة، ولئن كان النبي صلى الله عليه وسلّم على عظم شأنه وقدره وما كان له من منزلة عند الله تعالى يقول الله تعالى له (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ) (الأعراف: من الآية188) ، فكيف بغيره صلوات الله وسلامه عليه، بل كيف بالجمادات، كيف بهذه التمائم التي لا تسمع ولا تعقل ولا تبصر ولا أثر لها في الحياة، لا إحساس لها قط ( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا) (الأعراف: 194-195) ، هؤلاء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرا .
فكيف للإنسان يدع أن يتعلق بالله ويتعلق بالتمائم أو يتعلق بمثل هذه الأشياء. فلذلك نقول بحرمة اتخاذ هذه التمائم ومن اعتقد منفعتها أو مضرتها فهو مرتد عن الإسلام لأن الأمر كله بيد الله وذلك ينافي ما جاء به القرآن ، ينافي العقيدة الصحيحة التي هي قطعية متواترة .
أما إن كان يتبرك بآيات من كتاب الله ففي هذا خلاف، أي إن كانت تكتب هذه الآيات ويعلقها تبركاً. منهم من كره ذلك لئلا يتشبه بأولئك الذين يعلقون التمائم، ولئلا يعتقد أن كتابة هذه الآيات هي التي تنفع وتدفع المضرة، فلذلك قالوا بكراهة ذلك، ومنهم من أباح ذلك، مع أن الإمام السالمي رحمه الله تعالى يشير إلى أن الكتابة لا ينبغي للإنسان أن يتشبث بها لأن الكتابة غير معهودة في الرعيل الأول وإنما هي حادثة، وهي وصلت إلى المسلمين من طريق اليهود فلذلك يرى تركها يقول :

ثم الكتابة التي قد ذكرت** لا أعرف الوجه لها لو شهرت
حادثة في جمعنا المعهود** وأصلها قد كان في اليهود
والله قد أغنى العباد عنها** بأدعيات يستجاب منها
فينبغي للإنسان أن يتعلق بالدعاء، وأن يتبرك بتلاوة الآيات القرآنية، وإن كان الذي يعَوذ طفلاً فإنه يعوذه بتلاوة الآيات من الكتاب الكريم كتلاوة سورة الفاتحة الشريفة وآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين، وكل القرآن بركة، وكل القرآن خير، فكل ما يتلى من القرآن الكريم على الصغار والكبار إنما هذه التلاوة خير .
ولا ينبغي للناس أن يسلسوا قيادهم لهذه الأوهام وأن يستأثروا بهذه الخيالات ، بل عليهم أن يكابروا هذه الخيالات قدر مستطاعهم .
أصبح الناس يتصورون الآن تصورات عجيبة . بالأمس كان اتصال من امرأة في قضية معينة وتتعلق في أمر لا يملك أحد أن يحقق فيه منفعة أو أن يدفع فيه مضرة فأجبتها ، وآخر الأمر تقول على من تدلني؟ فقلت لها : أدلك على الله العليم الخبير السميع البصير ، الذي يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، ويخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، الله سبحانه وتعالى هو الذي يصرف الوجود .
فما للناس وهم لا يقتنعون بهذا، إن دلوا على الله تبارك وتعالى اشمأزوا ، هذه عادة جاهلية ( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ ) (الزمر:45) ، تشمئز نفوسهم من دلالتهم على الله سبحانه وتعالى، ويعتقدون في البشر تحقيق المنافع ودفع المضار، هذه لوثة عقدية خطيرة جداً ، وعلى الناس أن يتقوا الله وأن يدركوا المعتقد الصحيح، أن يعرفوا المعتقد الصحيح ويلتزموه ، وعليهم أن يتداركوا أنفسهم لإنقاذها من هذه الورطة، والله تعالى المستعان .







سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 21-06-2009 11:51 AM

الســــــــــــــؤال:

ما حكم وفاء الدَين في المسجد؟

الجــــــــــــــواب:

ينبغي تنزيه المسجد عن ذلك، خشية أن يصحب ذلك حديث يتعلق بالمداينة، والله أعلم.



الســــــــــــــؤال:

أرجو توضيح الفرق بين الدَين المؤجل والحاضر؟


الجــــــــــــــواب:

الدَين المؤجل هو الذي ضُرب لوفائه أجل ولم يحضر ذلك الأجل، والدَين الحاضر هو الذي لم يضرب لوفائه أجل أو ضرب لوفائه أجل وحضر ذلك الأجل، والله أعلم.


الســــــــــــــؤال:

عليَّ دَين كثير، وجاءني رجل يريد أن أسلفه مبلغاً من المال، وحسب كلامه أنه في أشد الحاجة إليه، فهل يجوز لي أن أؤجل الدَين إلى أجل غير مسمى وأعطي السائل حاجته؟

الجــــــــــــــواب:

إن كان الدَين لم يحضر أجله فلك أن تقرضه، وإلا فعليك قضاء الدَين أولاً، والله أعلم.


الســــــــــــــؤال:

هل يلزم الإشهاد على الاقتراض؟ فإن كان المقترض منه أمينا هل يلزم هنا؟


الجــــــــــــــواب:

نعم، على المقترض أن يشهد أو يكتب على نفسه صكاَ، خشية غشيان الموت، والله أعلم.


الســــــــــــــؤال:

هل تعتبر الاستدانة لغير حاجة ضرورية أمر محرمَ؟


الجــــــــــــــواب:

إن كانت الاستدانة لمصلحة ولو لم تكن ضرورية لا تحرم والله أعلم.


الســــــــــــــؤال:

أحد عليه دَين لأحد مبلغ وقدره خمسة ريالات وعندما أراد أن يوفيه دَينه ولم يجده فماذا يفعل؟

الجــــــــــــــواب:

يبحث عنه، فإن آيس من معرفته فليعط ذلك لفقراء المسلمين فإن وجده خيَّره بين الأجر أوغرمه له، والله أعلم.


الســــــــــــــؤال:

هل يجوز لمن استلف ريالات عمانية أن يفي بدراهم الإمارات مثلاً؟


الجــــــــــــــواب:

إذا كان يقضي بسعرها وقت القضاء فلا بأس والله أعلم.


الســــــــــــــؤال:

شخص له دَين على آخر، وماطل المدَين عشرات السنين، ثم نزلت قيمة العملة، وأصبح ثمنها بخساً، وأراد أن يدفع الآن، فكيف يكون الدفع؟


الجــــــــــــــواب:

إن الذي عليه أهل العلم من السلف والخلف واعتمده المعاصرون أن العملة وإن انحطت قيمتها تكون هي المعيار لوفاء الدَين المبني عليها ما لم تلغَ أو تفقد جميع قيمتها، والله أعلم.



سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

**المالكي** 22-06-2009 10:12 AM

جزاك الله ألف خير أخي البراء وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك.

البراء 26-06-2009 10:01 AM

سؤال :
الإجازة الصيفية هي فراغ ، ومفهوم الفراغ يتناوله الكثير من الناس حسب تفسيراتهم وتأويلاتهم ، فهل هذه الإجازة هي توقف للنشاط وأخذ الراحة والفرصة مع النفس والبدن أم هي انتقال من عمل إلى آخر ؟


الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :


فالإنسان مادام حياً لا تتوقف حركته ، فهو ينتقل من حركة إلى حركة ، ومن نوع إلى آخر من الأعمال ، ويدأب جاهداً في حياته هذه إما للعمل الأخروي الذي يدخره ليوم معاده ، وإما للعمل الدنيوي الذي يتقوى به في دنياه هذه ويتوصل به إلى مآربه .
ومن المعلوم أن الإنسان إذا ما قايس ما بين الحياتين ما بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة فإن الدنيا يجدها لا تسوى شيئا بجانب الحياة الآخرة ، إذ الفاني لا يقاس بالباقي ، وحياة الانتهاء لا تقاس بحياة الاستمرار والبقاء ، فلذلك كان جديراً بالإنسان أن ينصبّ همه على الدار الآخرة ، ولكن بما أن الدنيا هي ممره وأن لم تكن مقره فإن هذا الممر لا بد أيضاً من أن يكون معتنياً به حتى يتزود من ممره لمقره ، فلو أفسد ممره لفسد أيضاً مقره ، فالدنيا هي أحقر من أن تكون غاية ، ولكنها وسيلة ، فهي أهم من أن تُضاع ولا يُعتنى بها ، لأنها لو أضيعت لضاعت مع ضرتها الدار الآخرة .

والإنسان مسئول عن أوقاته كما جاء في الحديث عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه ( لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسئل عن خمس عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وماذا علم فيما علم ) ، فهو يُسئل عن هذا العمر ، يُسئل عن جميع العمر لأن كل لحظة من لحظات العمر فرصة من الفرص للعمل الصالح وللتزود لما هو خير وأبقى ، ويُسئل سؤالاً خاصاً عن الشباب من بين سائر مراحل العمر لأنه المرحلة الذهبية المتميزة بالفتوة والقوة ، والمتميزة بكثرة العطاء وغزارته ، فلذلك يُسئل الإنسان سؤالاً خاصا عن شبابه فيما أبلاه ، وهذا يقتضي بطبيعة الحال وهو ينتقل من وقت إلى آخر ، ينتقل من شتاء إلى ربيع إلى صيف أن يكون معنياً بجميع هذه المراحل التي يمر بها ، وأن يعطي كل شيء منها ما يناسبه .
فالإجازة الصيفية ليست فرصة للهو والدعة ، وإنما هي فرصة للعمل بحيث ينتقل الإنسان من نوع إلى نوع آخر من العمل ، إذ قد لا يتيسر له ما يريد أن يحققه في إجازته في إبان زحمة أعماله ، فلذلك كانت هذه الفرصة جديرة بأن تُستغل في الخير .

سؤال :
هناك من يدرس العلوم الشرعية في الصيف أي من صيف إلى صيف ولكنه مع ذلك سيعطي لنفسه مستقبلاً فرصة الإفتاء أو التوجيه ، ويرى البعض أن هذا سيؤدي إلى كثير من الاجتزاءات والتأويلات ، هل من يدرس هذه العلوم يؤهل نفسه بها إلى الفتوى أم لأجل يتقوى بها في أمور العبادة ؟


الجواب :
أولا يجب أن يحرص الإنسان على أن يتعلم العلم من أجل أن يتقن عبادته لربه سبحانه ، فالله تعالى يقول (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات : 56 ) ، ومعنى هذا أن عبادة الله مسئولية في عنق كل أحد من الجن والإنس ، كل واحد مطالب بأن يعبد الله سبحانه على بصيرة ، وأن يحرص على رضوان الله ، وأن يتكيف مع أمر الله تعالى فعلاً وتركاً ، وأن يفيد غيره أيضاً بقدر الاستطاعة إذ هذه أمانة كما يتلقاها الإنسان عن الغير يؤديها إلى الغير ، ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلّم ( يحمل هذا العلم من كل خَلَف عدول ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) ، هذه مسئولية أي على عاتق كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر والنبي صلى الله عليه وسلّم يقول ( بلغوا عني ولو آية فرب مُبَلَغ أوعى من سامع ) .
فعلى أي حال الإنسان مطالب بأن يقوم بهذا الواجب ، وأن يضطلع بهذه الأمانة وأن يؤديها إلى الغير كما يتلقاها عن لا غير ، ولكن هذا لا يعني أن يندفع إلى الفتيا وإلى القول على الله بغير علم ، هناك خط أحمر يجب على الإنسان أن لا يتجاوزه وهو أن لا يقول شيئاً فيما لا علم له به فإن ذلك مقرون بالإشراك بالله سبحانه وتعالى كما جاء واضحاً في قوله تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (الأعراف : 33 ) ، ونجد أن هذه هي دعوة الشيطان والعياذ بالله أي يدعو الشيطان أوليائه إلى أن يقولوا على الله ما لا يعلمون ، الله سبحانه وتعالى يقول (إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (البقرة : 169 ) ، فإذن ليس للإنسان أن يتجاوز حدود ما علمه إلى ما لم يعلمه ، ومع وجود من هو أقدر منه على الفتيا وعلى إيصال المعرفة إلى الغير عليه أن يرجع إليه ، وأن يأمر الغير بالرجوع إليه لأن هذه من الضرورات التي لا بد منها .


وإتقان الفتيا يتوقف على الكثير من العلوم الشرعية ، يتوقف على دراسة الفقه دراسة معمقة ، وعلى دراسة القرآن الكريم وعلومه ، وعلى دراسة الحديث الشريف ، وعلى دراسة أصول الفقه ، وعلى دراسة علوم العربية لأن العربية وعاء لكلام الله تعالى وكلام الرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام ، فلذلك كانت دراستها تتوقف عليها دارسة العلوم الشرعية ، لأن كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلّم هما ينبوعا العلوم الشرعية ، فلذلك لا يمكن للإنسان أن يتقن العلوم إلا بإتقان الكتاب العزيز وإتقان السنة النبوية ، ومن المعلوم قطعاً أنه لا يمكن أن يتوصل إلى الفهم الصحيح للكتاب العزيز وللسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام إلا بإتقان العربية التي جعلها الله تعالى وعاءً لكلامه الخالد ووعاءً لحديث رسوله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام .

سؤال :
هناك رغبة لدى أبنائنا الصغار في متابعة برامج الرسوم المتحركة التي تقدم بصورة تجذبهم جذباً شديداً مع ما فيها من مخالفات عقدية كثيرة وما فيها أيضا من خيال يفوق قدرة الطفل ، كيف يتعامل الأب مع هذه البرامج ؟


الجواب :
الطفل كالعجينة التي يمكن أن تعجن كما يريدها العاجن ، وهو كاللوحة التي تخلو من أي نقوش ، وتصرف الأب يمكن أن يكون له أثر على الطفل .
أولاً على الأب أن يكون دائماً حريصاً على وصل هذا الطفل بربه سبحانه وتعالى من خلال ذكره لمشاهد هذا الوجود المسبح بحمد الله الخاضع لجلال الله الشاهد بوحدانيته سبحانه وتعالى ، وعليه مع ذلك أن يكون حريصاً أيضاً على غرس محبة الله وتعالى وخشيته بهذا الطفل ، لأنه هو ولي النعمة وهو القادر على سلبها في أي وقت ، وهو مع ذلك أيضاً يجزي بالإحسان إحساناً ويجزي بالإساءة ما يماثلها وما يناسبها ، وعليه -أي الأب- أن يغرس في هذا الطفل حب المثل العليا وذكر الصالحين ، ولا حرج أن يفتح له آفاقاً من المعرفة والفكر سواءً فيما يتعلق بالجانب المعرفي الديني أو فيما يتعلق بالثقافات الأخرى من خلال غرس الاعتزاز بما هو موصول بالدين وموصول بحبل الله تعالى المتين والزهد فيما يؤدي إلى الانفصام عن هذا الدين والبعد عنه ، من خلال هذا يمكن أن يدفع بهذا الطفل إلى الأمام ، وأن يدعه يصور في ذهنه لوحات متعددة من واقع هذه البشرية ومن واقع هذه الكون وهذا مما يؤدي بطبيعة الحال إلى أن يغلب جانب الحق على جانب الباطل وأن يغلب الخير الشر بمشيئة الله سبحانه .


سؤال :
كيف نطبق حديث النبي صلى الله عليه وسلّم (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) ، والحديث الآخر ( اغتنم خمسا قبل خمس منها فراغك قبل
شغلك ) ؟


الجواب :
الفراغ نعمة كبيرة يُسأل عنها العبد يوم القيامة ، وكما قلنا الحياة كلها يُسأل عنها الإنسان لأنها وعاء النعم جميعاً ، وهذا الفراغ يجب أن يسخره الإنسان في المصلحة ، وكم من أمور تتطلب هذا الفراغ ، هناك إصلاح للمجتمع ، هناك دعوة إلى الخير وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، هناك تعليم للعلوم النافعة ، هناك دعوة للبشرية إلى الإسلام وتعريفهم بحقيقة الإسلام ، هذه الدعوة يمكن أن تستغل لها الآن الوسائل الحديثة وسائل الإعلام المختلفة ، ومن بينها الآن شبكة المعلومات التي يمكن أن تقرب البعيد وأن يتوصل الإنسان من خلالها إلى بث الأفكار في أنحاء مختلفة من العالم وعلى صنوف مختلفة من الناس ، هكذا يجب على الإنسان لا يفوت هذه الفرصة ، فالفراغ إذن تتنازعه نوازع مختلفة ، وعلى الإنسان أن يحرص على تسخيره في الخير .









سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 10-07-2009 10:36 AM


الشيشة
* ما قولكم في متعاطي وسيلة التدخين (الشيشة) وحكم من يجالس متعاطيها لفترة قصيرة أو حتى طويلة؟ وما هو المفروض عليّ كزوجة تجاه زوجي، علما بانني قد قمت بنصحه كثيرا؟

- التدخين حرام في مذهبنا معشر الأباضية بجميع أنواعه ومنه التدخين بالشيشة وحيث أن زوجك لم يقبل النصح فلا شيء عليك من أثمه لقوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) وإن أردت الطلاق منه فلك أن تطلبي الطلاق منه. والله أعلم.

* إن مما لا شك فيه وكما هو معلوم أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، فهي دعوة مستجابة ونافذة بإذن الله تعالى.. لكن هذه الدعوة هل هي مقتصرة الإجابة على المسلمين، أم انها تشمل الكل والجميع من المسلمين وغيرهم.. دعوة المظلوم، المسلم، مستجابة.. هل كذلك دعوة المظلوم غير المسلم، أيا كانت ديانته؟

- الظاهر أن المراد بدعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب هي دعوة المسلم عندما يتعرض لظلم أحد الظلمة أما المشرك فهو بنفسه ظالم لشركه بالله تعالى وكفره. وقيل تستجاب دعوة المظلوم ولو كافرا. والله أعلم.

لمن عينت له

* توفي أبي منذ عدة سنوات وترك لنا بيتين وأرض مزروعة بها بعض النخيل فقط و6 دكاكين وبعدما تمت القسمة من قبل المحكمة ووزع الورثة لكل شخص من ورثة الهالك نصيبه ولم يبق لهم حق باقي وتبين بعد التخطيط الجديد للأرض وهي التي كتبت لأخي يوجد بها تعرج وليست مستقيمة. وواحد من البيتين الذي كتب لي ولامي و3 من أخوتي تبين بأن مساحة البيت 1000 متر وليست مثل الذي كتبت في الملكية 700 متر. ومنحتنا وزارة الإسكان والكهرباء والمياه أرض بدل التعرج الذي وجد في الأرض وزيادة في مساحة البيت.
سؤالي: لمن تكون هذه الأرض التي منحت لنا من الوزارة هل للورثة جميعا وهم 12 شخصا أم للأشخاص الذين كانت الأرض والبيت من نصيبهم بعد القسمة؟ علما بأن التخطيط تم بعد القسمة؟


- من حيث أن وزارة الإسكان عينت هذه الأرض الممنوحة انها بدل عن التعرج والاعوجاج التي هي في ارض أخيك ومنها زيادة لمساحة البيت فهي لمن عينتها الوزارة لا لجميع الورثة. والله أعلم.

الجاهل

* قيل: كن عالما أو متعلما أو مستمعا ولا تكن الرابع فتهلك. والسؤال من هو الرابع المذكور هنا وما معنى فتهلك وهل هي للمبالغة؟

- الرابع هو الجاهل الذي يهمل نفسه عن سؤال أهل العلم فيما يتعينه وفيما يجب عليه. والله أعلم.

* فيمن يذكر صفات قبيلة من القبائل ولكنه اخطأ في ذكر بعض هذه الصفات ماذا عليه؟ هل عليه أن يخبر من أخبرهم بانه قد اخطأ في ذكر بعض تلك الصفات علما انه كان يذكرهم بخير وهل يختلف الأمر اذا ذكرهم بسوء ام ان التوبة تكفيه اذا تاب من ذلك بينه وبين ربه ولا يلزم عليه إخبار المستمعين؟

- ان كان اخطأ فيما تلزم فيه التوبة والاستغفار فليتب إلى الله. والله أعلم.

لا يغسلها

* هل يجوز للرجل ان يغسل والدته اذا توفت؟

- ليس للمسلم أن يغسل أمه غسل الموتى بل تغسلها النساء وله أن يغسل زوجته وللزوجة ان تغسل زوجها. والله أعلم.

* من يصلي سنة الفجر في بيته ثم يسعى إلى المسجد لأداء فريضة الفجر جماعة ويجد متسعا من الوقت قبل أداء الفريضة ففي هذه الحالة هل يجلس وينتظر إقامة الصلاة أم انه يصلي سنة تحية المسجد؟

- لا صلاة بين سنة الفجر وفريضة الفجر فمن صلى السنة في بيته ثم جاء إلى المسجد قبل ان تقام الصلاة بدقائق فانه عندما يدخل المسجد يتلو الباقيات الصالحات اربع مرات قبل ان يجلس وهي (سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر) فانها تعدل سنة تحية المسجد ويذكر الله تعالى إلى ان تقام الصلاة. والله أعلم.

فتاوى
لفضيلة الشيخ سعيد بن خلف الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة

البراء 11-07-2009 12:12 PM

* الإجازة الصيفية هي فراغ، ومفهوم الفراغ يتناوله الكثير من الناس حسب تفسيراتهم وتأويلاتهم، فهل هذه الإجازة هي توقف للنشاط وأخذ الراحة والفرصة مع النفس والبدن أم هي انتقال من عمل إلى آخر؟

**بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالإنسان مادام حياً لا تتوقف حركته، فهو ينتقل من حركة إلى حركة، ومن نوع إلى آخر من الأعمال، ويدأب جاهداً في حياته هذه إما للعمل الأخروي الذي يدخره ليوم معاده، وإما للعمل الدنيوي الذي يتقوى به في دنياه هذه ويتوصل به إلى مآربه.


ومن المعلوم أن الإنسان إذا ما قايس ما بين الحياتين ما بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة فإن الدنيا يجدها لا تسوى شيئا بجانب الحياة الآخرة، إذ الفاني لا يقاس بالباقي، وحياة الانتهاء لا تقاس بحياة الاستمرار والبقاء، فلذلك كان جديراً بالإنسان أن ينصبّ همه على الدار الآخرة، ولكن بما أن الدنيا هي ممره وأن لم تكن مقره فإن هذا الممر لا بد أيضاً من أن يكون معتنياً به حتى يتزود من ممره لمقره، فلو أفسد ممره لفسد أيضاً مقره، فالدنيا هي أحقر من أن تكون غاية، ولكنها هي وسيلة، فهي أهم من أن تُضاع ولا يُعتنى بها، لأنها لو أضيعت لضاعت مع ضرتها الدار الآخرة.

والإنسان مسئول عن أوقاته كما جاء في الحديث عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه (لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسئل عن خمس عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وماذا علم فيما علم)، فهو يُسئل عن هذا العمر، يُسئل عن جميع العمر لأن كل لحظة من لحظات العمر فرصة من الفرص للعمل الصالح وللتزود لما هو خير وأبقى، ويُسئل سؤالاً خاصاً عن الشباب من بين سائر مراحل العمر لأنه المرحلة الذهبية المتميزة بالفتوة والقوة ، والمتميزة بكثرة العطاء وغزارته، فلذلك يُسئل الإنسان سؤالاً خاص عن شبابه فيما أبلاه ، وهذا يقتضي بطبيعة الحال وهو ينتقل من وقت إلى آخر ، ينتقل من شتاء إلى ربيع إلى صيف أن يكون معنياً بجميع هذه المراحل التي يمر بها ، وأن يعطي كل شيء منها ما يناسبه.

فالإجازة الصيفية ليست فرصة للهو والدعة، وإنما هي فرصة للعمل بحيث ينتقل الإنسان من نوع إلى نوع آخر من العمل ، إذ قد لا يتيسر له ما يريد أن يحققه في إجازته في إبان زحمة أعماله ، فلذلك كانت هذه الفرصة جديرة بأن تُستغل في الخير.

*هذه الفرصة وهذه الأعمال التي يطالب بها المسلم ما نوعها في فترة الإجازات لأن الخطاب في بعض الأحيان يتجه إلى المسلم مطالباً له بالعمل والانتقال إلى عمل آخر في حين أن البعض يقول أن حق بدن الإنسان عليه أن يرتاح، فما هي نوعية هذا العمل؟

**أما البدن ففي كل يوم يرتاح، ما من يوم من الأيام إلا والإنسان يفضي فيه إلى الراحة بحيث يُقضّي ساعات في النوم، هذه هي راحة البدن، وقد يُقضّي أيضا ساعات في الاستجمام، هذه أيضاً هي راحة البدن، ويُقضّي ساعات في الجلوس من الأهل ومع الأولاد ومع الأحبة ويتبادل معهم أطراف الحديث وهذا أيضاً من ضمن حقوق البدن عليه ، فإذن هو يريح نفسه في كل يوم من الأيام، ما من يوم وإلا وفيه فرصة للراحة، ولكن الإنسان مطالب أن يقوم بواجب في هذه الحياة، يبين هذا الواجب قول الله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ)
(الذاريات : 56 ) ، هناك عبادات مستمرة في كل وقت لا تنقطع بتغير الأوقات، لا تنقطع بتغير الوقت من الليل إلى النهار أو من النهار إلى الليل أو من الصيف إلى الشتاء أو من الشتاء إلى الصيف وإنما هي في كل الأوقات، العبادة هي عبادة مطلوبة في كل وقت، إقام الصلاة ذكر الله تبارك وتعالى في كل الأوقات، تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى، تعلم العلم النافع الذي يقرب إلى الله سبحانه وتعالى زلفى، هذا مما ينبغي للإنسان أن لا يفوت فيه أية فرصة في أي يوم من الأيام.

أما بالنسبة إلى العمل الآخر الذي هو أكبر من حيث إنه يحتاج إلى جَهد أكثر فهو القيام بالدعوة، لأن الإنسان يحمل رسالة، الإنسان يحمل رسالة إلى الإنسانية بأسرها، المسلم واجب عليه أن يحمل رسالة العالم بأسره، الله تبارك وتعالى يقول (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران : 104)، ويقول تعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) (آل عمران : 110)، ويبين سبحانه العلاقة التي تشد المؤمنين والمؤمنات بعضهم إلى بعض فيقول (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة : 71)، فإذن هذه هي رسالة المسلم في هذه الحياة لا بد من أن يبلغ.

ونجد أن المؤمنين جميعاً مطالبون بأن يتأسوا برسول الله صلى الله عليه وسلّم. ونحن نجد في كتاب الله ما يدلنا دلالة واضحة على أن التأسي بالرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام من معالم الإيمان بالله واليوم الآخر إذ يقول تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب : 21)، فإذن التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلّم يُطلب من أي إنسان ، أي واحد مطالب بأن يجعل إمامه في هذه الحياة هو النبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام.


كيف هذا التأسي؟

نحن نرى سبيل الرسول واضحاً في كتاب الله (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف : 108)، فإذن كلنا مطالبون بأن ندعو إلى الله ، وأن نحرص على السير على هذه البصيرة التي كان عليها رسول الله صلى عليه وسلّم وكان عليها أتباعه حتى نكون قائمين بالواجب مبلغين لرسالة الإسلام ، المؤمن مطالب أن يجسد الإسلام بقيمه ومثله وأخلاقه وفضائله وعقيدته وعباداته وكل ما اشتمل عليه في سلوكه وفي أعماله حتى يتجسد هذا الإسلام للناس، وعندما يرون المؤمن يرون الإسلام ماثلاً في شخصيته، متحركاً بحركته، متفاعلاً مع متطلبات هذه الحياة بحيث يكون في كل جزئية من جزئيات الحياة يتجسد الإسلام بمزاياه التي لا تبارى ، هذا هو الذي يجب أن يكون عليه المسلم ، فعندما يكون المسلم على هذه الحالة لا ريب أن هذا السلوك نفسه يعد دعوة إلى الإسلام، وفي نفس الوقت لا بد من أن يشرح للناس ما غمض عليهم وما لم يتبين لهم بحيث يفهمهم حقيقة الإسلام، فإذن الدعوة إلى الإسلام مطلب إسلامي يطالب به كل من يؤمن بالله واليوم الآخر من المؤمنين والمؤمنات.

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 17-07-2009 11:13 AM

السؤال
ما قولكم في المبهور بالعلم بالحديث ويجعلها في المقام الأول دون ما جاء في القرآن الكريم ؟


الجواب :
حقيقة الأمر لا ريب أن العلم الحديث كشف كثير من الأمور التي كانت غامضة بالنسبة إلى الناس ، ونحن لسنا مع الجامدين الذين يريدون أن يغمضوا أبصارهم عن معطيات العلم الحديث ، بل نؤيد الانتفاع بهذا العلم دينياً ودنيوياً ، ولكن مع ذلك كله لا نأخذ من هذا العلم الحديث قشوره وندع لبابه ، فالعلم الحديث هو وسيلة لتعميق الإيمان في النفوس ، فالله سبحانه وتعالى عندما يخاطب عباده بترسيخ عقيدة التوحيد في نفوسهم يأخذ ببصائرهم وأبصارهم ليطوف بها في هذا العالم الفسيح مُعرّفاً للإنسان بأن وراء هذا العالم تدبيراً وتقديراً من لدن عزيز حكيم لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ، فقد قال سبحانه وتعالى ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) (البقرة:163) ، ثم أتبع ذلك قوله ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة:164) ، نعم هذه الآيات إنما تُوصل الإنسان لتعميق مفهوم الاعتقاد الحق ، اعتقاد وحدانية الله لأن الكون كله وحدة متكاملة ، نظامه نظام متوحد يجمع ما بين أطرافه المترامية ، فهذا يدل على أن مكوّنه واحد ، إذ لو كان هنالك أكثر من مُكّون لكان لكل واحد منهم إرادة مستقلة عن إرادة الآخر وذلك مما يؤدي إلى الاختلاف في المراد كما يؤذن به قوله سبحانه وتعالى ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا )(الأنبياء: من الآية22) ، وكذلك الآيات الكثيرة .


كذلك نجد أن الله سبحانه وتعالى يعد عباده بأن يكشف لهم حقائق الوجود ليتبين لهم من خلال هذا الكشف سواء كان في آياته في الأنفس أو في آياته في الآفاق ليتبين لهم من خلال هذا الكشف أن القرآن حق من عنده ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ )(فصلت: 52-53) .

فنحن نؤيد التقدم في مجالات العلم مع الاستمساك بالعقيدة وترسيخ العقيدة من خلال النظر في آيات الله تعالى في الأنفس وفي الآفاق حتى لا نكون نعلم ظاهراً من الحياة ونحن عن الآخرة غافلون ، بل علينا أن نتوصل بهذا العلم إلى تعميق إيماننا بالله سبحانه وتعالى وإيماننا باليوم الآخر .

أما بالنسبة إلى هذه الظواهر الكونية فمهما كانت مرتبطة كما قلت بأسباب إلا أن تلكم الأسباب لا تُفضي إلى مُسَبَباتها بنفسها وإنما تُفضي إليها بتأثير قدرة مُسَبّب الأسباب سبحانه وتعالى الذي هو على كل شيء قدير .
وفي هذا المقام ننتهز هذه الفرصة لنوجه ندائنا إلى العالم بأسره أن يستبصر ويدّكر فإن هذه آية لجميع الناس ، نحن ندعو المؤمنين وغير المؤمنين .

ندعو المؤمنين إلى مزيد من الإيمان ، وإلى الاستمساك بحبل الإيمان من ناحية العمل والتطبيق ، بحيث لا يكون هذا الإيمان إيماناً نظرياً فحسب مع الغفلة عن العمل والتطبيق ، بل يجب أن يكون هذا الإيمان إيماناً يتجسد في الأعمال والتصرفات بحيث تكون جميعاً مستوحاة من عند الله سبحانه وتعالى .

وندعو غير المؤمنين إلى أن يراجعوا حساباتهم ، وأن يفكروا في المنقلب ، فهذه آية تُصوّر لهم مشاهد القيامة ، وتُصوّر لهم ما يقع بما أخبر الله سبحانه وتعالى به عند قيام الساعة من اختلال نظام هذا الكون وتهاوي الأجرام ووقوع بعضها على بعض حتى تُدك هذه الأرض دكاً دكا ، وتُسيّر جبالها تسيارا بسبب هذه الاندكاك الذي يقع فيها .
فنحن ندعو هؤلاء إلى أن يستبصروا ، وأن يراجعوا وأن ينظروا في ما وصلوا إليه من الحقائق العلمية مع ما جاء في كتاب الله تعالى المُعجِز الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه مما يدل دلالة قاطعة على أنه حق من عند الله سبحانه وتعالى . فعليهم أن لا يُفوّتوا هذه الفرصة ، هذا ما ندعوهم إليه ، والله تعالى المستعان .


السؤال :
ولدت بفرنسا وترعرعت هنا بعيداً عن القيم الإسلامية ونتيجة لذلك أتيت بثلاثة أطفال بدون زواج من امرأة واحدة ، والآن قد تبت إلى الله سبحانه وتعالى ورجعت لديني ، ما حكم هؤلاء الأولاد وهل هم أبنائي ، وبالنسبة لأمهم هل يجوز لي الزواج بها بعد أن تدخل الإسلام ؟ وهل يجب أن أطلع من سأتزوجها غير هذه المرأة أن أخبرها هذه القصة أم أستر على نفسي ؟

الجواب :
أولاً بالنسبة إلى الأبناء فهم من حيث الحكم أولاد أمهم لا يلحقون بمن زنى بها فإن النبي صلى الله عليه وسلّم يقول : الولد للفراش وللعاهر الحجر . فإن كانت هذه الأم فراشاً لرجل بحيث كانت زوجة له إبان حملها بهؤلاء الأولاد أو كانت في حكم من يلحقه أولادها بحيث إنه منذ طلقها أو منذ مات عنها لم تمض مدة انقطاع الصلة الشرعية على اختلاف فيها ما هي مدتها ، فإن الأولاد يكونون في هذه الحالة أي إن لم تكن هي فراشاً لرجل آخر من قبل يكونون أولادها ، وإن كانت زوجة لرجل آخر فالأولاد يتبعون ذلك الزوج ، والزاني ليس له إلا الحجر أي الرجم على بعض التفسير للحديث أو الخيبة على التفسير الآخر كما يقال في فيك الحجر وفي فيك الكثكث أي الحجر كما فسروا ذلك .


فعلى كلا التفسيرين الأولاد لا يلحقون بالزاني ، أما زواجه بالمرأة التي زنى بها فإن رأينا نحن أنه لا يتزوجها اللهم إلا إن كانا جميعاً في حال الزنا على غير ملة الإسلام ثم أسلما بعد ذلك فلا مانع من أن يتزوجها لأن الإسلام جب لما قبله ، وعليه حُمل كلام ابن عباس رضي الله عنهما : أوله سفاح وآخره نكاح .

أما بالنسبة إلى المرأة التي يتزوجها ويريد أن يعف نفسه بها فلا يجوز له أن يطلعها على هذا الأمر ، بل عليه أن يستر نفسه ففي الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلّم يقول عليه أفضل الصلاة والسلام : من أصاب شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فإن من يُبد لنا صفحته نقوم عليه كتاب الله .

على أن المرأة العفيفة لا يجوز لها أن تقترن بالزاني ، كما أن الرجل العفيف لا يجوز له أن يقترن بالزانية أي من كان زناه ظاهراً وذلك بأن تقوم عليه البينة الشرعية بالزنا ، أو يعترف اعترافاً صريحاً بالزنا أمام من يريد أن يتزوج بها ، أو تعترف هي أمام من تريد هي أن تتزوج به فإن في هذه الحالة لا يجوز لهذا العفيف أن يتزوج الزانية ، ولا لتلك العفيفة أن تتزوج الزاني أي اللذين اعترفا بالزنا بصريح العبارة ، وأما إذا كان ذلك بينهما وبين الله فعلى أي حال أمرهم إلى الله ، وعليهم التوبة.

ولا يمنع من الاقتران بين العفيفة ومن وقع في الزنا مع كونه أخفى هذا الزنا وتاب بينه وبين الله ، وكذلك بالنسبة إلى المرأة والدليل على ما ذكرناه قول الله تبارك وتعالى ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ) (النور: من الآية3) ، وقد نُسخ حكم الشرك بقول الله تبارك وتعالى ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ) (البقرة: من الآية221) ، ومن الدليل على ذلك أيضاً قول الله تبارك وتعالى في سورة المائدة وهي كما قالوا آخر القرآن نزولا ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) (المائدة: من الآية5) ، فقد اشترط الله تعالى الإحصان ، ومعنى الإحصان العفة ، فليس للمسلم أن يتزوج مسلمة غير محصنة أي غير عفيفة ، وكذلك ليس للمسلم أن يتزوج كتابية غير عفيفة ، فلا بد من أن يكونا عفيفين حسب الظاهر أما الباطن فأمره إلى الله ، والله تعالى المستعان .

السؤال :
فتاة كانت تستأجر لقراءة القرآن الكريم وتأخذ على ذلك مبالغ معينة هل هذا جائز وإذا كان غير جائز فكيف تكفّر عن ذلك مع العلم بأن بعض الذين استأجرت لهم قد فارقوا الحياة ؟


الجواب :
إن استطاعت أن ترد الثمن أو الأجرة إلى من أجّرها أو إلى ورثته فذلك وإلا فلتصرف ذلك إلى فقراء المسلمين إن تعذر عليها ، وإن كان في المسالة خلاف ولكن نحن لا نرى جواز أخذ الأجرة على قراءة القرآن .








سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 21-07-2009 11:13 AM

السؤال :
سماحة الشيخ : قلتم بأن الإسراء ثبت بنص الكتاب العزيز أما بالنسبة للمعراج فثبت بإشارة القرآن الكريم ، ما هو البعد العقائدي لحادثة الإسراء والمعراج ، بمعنى هل يقع حادثا الإسراء والمعراج ضمن دائرة المعلوم من الدين بالضرورة ؟


الجواب :
نعم ، أما بالنسبة إلى الإسراء فلأجل النص القطعي في سورة الإسراء ، وأما المعراج فمن حيث الإشارة إلى ذلك التي تكاد تكون صريحة في سورة النجم ، مع الأحاديث المستفيضة ، ولذلك قالوا بأن من أنكر الإسراء فهو كافر كفر شرك لأنه رد نصاً صريحاً لا يقبل الجدل ، ومن أنكر المعراج فهو فاسق .

السؤال :
البعض يستدل بقوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) (النجم: 13 ) أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلّم رأى ربه ليلة المعراج ، فما قولكم ؟


الجواب :
ثبت في رواية الإمام الربيع وفي رواية الشيخين البخاري ومسلم ورواية غيرهم من أئمة الحديث من رواية مسروق أنه سمع أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها تقول : من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية . قال مسروق : وكنت متكئاً فجلست وقلت يا أم المؤمنين أمهليني ولا تعجليني ، ألم يقل الله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) (النجم:13) ، ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ) (التكوير:23) ؟ فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ذلك ، فقال : ذلك جبريل لم أره في صورته التي خلقه الله عليها إلا مرتين رأيته منهبطاً من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض .


فهذا نص صريح على أن المرئي إنما هو جبريل عليه السلام ، وأن ذلك من كلام الرسول صلى الله عليه وسلّم فهو المبلغ .


قال من قال بأن هذا مجرد كلام من عائشة رضي الله تعالى عنها ، ليس كما قال ، بل هي تروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلّم بصريح العبارة ، على أنها استدلت بهذا النفي بقوله تعالى ( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الأنعام:103) . كما ثبت ذلك في رواية هؤلاء الأئمة ، والله تعالى أعلم .

السؤال :
البعض يشكك في الروايات حول حادثة المعراج ويقول إنها بعيدة عن التصديق من خلال تحليل متون تلك الروايات ، فما حكم من أنكر المعراج استناداً إلى مثل تلك التحليلات ؟

الجواب :
نحن كما قلنا سابقاً نعوّل على قول من قال بأن من أنكر المعراج يُفسّق ، لأن الإشارة إليه واضحة في القرآن الكريم ، ومن أنكر الإسراء يُشرّك .
أما بالنسبة إلى الروايات ليست متونها كلها متساوية ، طبعاً قد يكون في بعض المتون ما يدعو إلى النظر ويدعو إلى التأمل ، ولكن هي في مجموعها قوية وتدل على أمر ثابت ، هذا في مجموعها ، لا أعني أن كل واحد من هذه المتون كذلك ، ولكن في مجموعها تدل على ثبوت ما جاءت دالة عليه بمجموعها ، فيعوّل على مثل هذه الرواية مع استفاضة هذه الروايات وشد بعضها أزر بعض .

السؤال :
يرى بعض العلماء أن المعراج حدث مرتين ويستدلون على ذلك بقول الله سبحانه وتعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى) (النجم:13-14) ، فما هو رأيكم سماحة الشيخ ؟

الجواب :
هذا كلام من لم يطلع على الحديث أو من تجاهل الحديث ، لأن حديث النبي صلى الله عليه وسلّم يقول بأن ذلك جبريل لم أره في صورته التي خلقه الله عليها إلا مرتين ، رأيته منهبطاً من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض .


فالمرة الأولى التي رأى فيها النبي صلى الله عليه وسلّم جبريل كهيئته التي خلقه الله تعالى عليها إنما كانت في بداية الوحي عندما ناداه من السماء فرفع بصره إليه فرآه في السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض ، فرجع النبي صلى الله عليه سلّم وهو ترجف بوادره مما ألم به من الخوف الطبيعي الذي ينتاب كل أحد عندما يرى أمراً كهذا الأمر الذي هو خارج عن المألوف ، فهذا بطبيعة الحال روّع النبي صلى الله عليه وسلّم ورجع إلى أهله وقال زملوني زملوني كما ثبت ذلك ، وأنزل الله تعالى فيه ( يا أيها المدثر ) و( يا أيها المزمل ) إلى آخره .

والمرة الثانية هي هذه المرة التي وقع فيها هذا الحدث كما أخبر الله تعالى فيها بقوله ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) (النجم:13-18) .

فهذا مما دل عليه القرآن ، والسنة جاءت موضحة لما أجمله القرآن الكريم .

فيعوّل على ذلك . أما أن يقال بأن الحدث تكرر مرتين . فالمرة الثانية متى كانت ؟ هل بعدما فتح النبي صلى الله عليه وسلّم مكة ؟ أو عندما سار في عمرة القضية بعدما صد عن الحديبية ؟
لا . فإذا كان إنما كان هذا الحدث قبل الهجرة فليس هنالك دليل على وقوعه مرة أخرى ، القرآن ذكر ذلك مرة واحدة ، سورة النجم سورة مكية ، سورة الإسراء سورة مكية ، فكيف يقال بأن هذا الحدث وقع مرة بالمدينة ومرة بمكة ، ليس هنالك من دليل على هذا قط .


ـ حب الوطن وأجب على كل فرد يعيش على ارضه لذا لا بد له من أمور لكي يكون قد أدى ما عليه من حقوق ، على هذا ماهي حقوق المواطن للوطن وما هي حقوق الوطن للمواطن؟

لا ريب أن الوطن يتكون من المواطنين فالإنسان مطالب بأن يكون فرداً صالحاً في مجتمعه وأن يكون شاعراً بمشاعر الأخوة التي تشد المؤمنين بعضهم إلى بعض وهي التي جسدها النبي في قوله ( ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد اذا اشتكي عضوا تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).









سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 24-07-2009 11:01 AM

* ما حكم صوم يوم الإسراء والمعراج ؟

** هذا يوم كسائر الأيام ، لم يأت دليل بمسنونية صومه ، ولم يأت دليل أيضاً بمنع صومه.

فمن أراد أن يصوم هذا اليوم على أنه صيام عادي ، صيام لم تدل عليه سنة ثابتة فلا حرج عليه ، لأن الحديث الذي روي باستحباب صومه إنما هو حديث ضعيف ، ولكن مع ذلك لم يأت أي دليل يمنع من صومه .

فمن أراد أن يصومه على أنه كسائر الأيام ، يصومه كما يصوم أي يوم يريد أن يصومه تقرباً إلى الله تبارك وتعالى فلا يقال بمنعه من هذا الصوم .

وأما اعتقاده بأن ذلك سنة فهذا مما يتوقف على ثبوت مسنونية صيام هذا اليوم وذلك مما لم يثبت .

* ما هي أوصاف دابة البراق ، وهل صحيح أنها طلبت من الرسول صلى الله عليه وسلّم الشفاعة ؟

** هذه الأوصاف إنما تتوقف على الأدلة الصحيحة الثابتة ، وهذه أمور هي من الغيبيات التي نحن لم نكلف تفاصيلها ، فلا داعي إلى التساؤل عنها أو الخوض فيها ، إذ الإنسان في هذه الأمور الغيبية لا يتحدث إلا بدليل قاطع يعتمد عليه ، أما الأدلة الضعيفة بل حتى الأدلة الصحيحة التي هي غير قطعية لا يعوّل عليها في مثل هذه القضايا إنما يعوّل على الأدلة القطيعة لأنها أمور غيبية .

* ما هو المعراج ؟

** المعراج يقصد به العروج إلى المقامات العلى ، هذا هو المقصود . الأصل معراج مفعال ، ومفعال يطلق على الآلة ، ولكن يراد به هنا العروج .

* ما هي وسيلة المعراج ؟

** نحن نعلم أن الله تعالى يصنع ما يشاء ويفعل ما يريد ، الله تبارك وتعالى يدّبر هذا الكون كما يريده ، ينقل الشمس من مكان إلى مكان كما يقول العلماء الآن بأنها تقطع في الثانية الواحدة اثني عشر ميلاً ، والشمس هي أكبر من الأرض بمليون ضعف ومع ذلك تقطع هذه المسافة ، ما هي الوسيلة ؟ إنما هي قدرة الله تعالى التي أحاطت بكل شيء ، فضلاً عن الأجرام الفلكية الأخرى التي هي أكبر من الشمس بكثير ، وهي أسرع من الشمس بكثير ، كل ذلك مما يدل على أن الله على كل شيء قدير .

فهل الله سبحانه وتعالى يعجزه أن يعرج بعبده ورسوله صلى الله عليه وسلّم من غير وسيلة ، وهل هو بحاجة إلى الوسيلة ، إنما علينا أن نسلّم الأمر لله تبارك وتعالى وأن لا نخوض في ذلك .

* هل صلى النبي صلى الله عليه وسلّم بالأنبياء إماماً ؟ وهل معنى ذلك أنهم أحيوا ؟

** ورد ذلك في روايات وإن كانت هذه الروايات لم تبلغ مبلغ التواتر ، ولذلك لا يُقطع بهذا الأمر ، ولكن مهما يكن فإنه لا يجوز لأحد أن يقدم على رد ذلك .

من المحتمل أن يكون الله تبارك وتعالى مثّل له أرواحهم ، والأنبياء لا بد أن يعتقد الإنسان أن منزلتهم فوق منزلة الشهداء ، والله سبحانه وتعالى يقول ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (آل عمران:169) ، فمنزلة النبيين أكبر من هذه المنزلة ، هم ماتوا بطبيعة الحال كما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (الزمر:30) ، وقال ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ) (الأنبياء:34) ، لكن هذا لا يمنع أن يكون هنالك لهم إحساس ، وأن يكون لهم شيء من الطبيعة التي هي تتميز عن طبيعة غيرهم . فالله تعالى قادر على كل شيء ، كما أخبر سبحانه أنه أحيا الذي أماته مئة عام ، أليس قادراً على أن يحيي هؤلاء ، وأن يجمعهم بالنبي صلى الله عليه وسلّم ، أو أن تتمثل له أرواحهم وهم يصلون وراءه صلى الله عليه وسلّم ، إن الله على كل شيء قدير ، القدرة الإلهية قدرة مطلقة ، قدرة لا تحدها شيء ، صفات الله تعالى صفات مطلقة ، كما أن علم الله تعالى مطلق أحاط بكل شيء ، كذلك قدرته الله سبحانه وتعالى قدرة مطلقة أحاطت بكل شيء ، هو على كل شيء ، كما أنه سبحانه وتعالى بكل شيء عليم .

فليس هنالك ما يمنع من هذا ، ولا يجوز لأحد أن يرد مثل هذه الأخبار لمجرد خيال في نفسه بأن هذا يتصادم مع الواقع أو يتصادم مع المألوف عن الموتى ، فالله سبحانه وتعالى أخبر عن المسيح عليه السلام أنه من معجزته أنه كان يحيي الموتى ، هذا مما نص عليه القرآن الكريم ، وأمر الله تعالى أعظم شأناً ، ما كان على يدي المسيح إنما هو من باب رفع قدره وإعلاء شأنه والدلالة على صدق قوله فيما يبلغه عن ربه ، فكيف بالقدرة المطلقة لله سبحانه وتعالى .








سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 24-07-2009 11:10 AM

الســــــــــــــؤال: لماذا لم يوجب الشارع الزكاة على غير المسلمين؟ وما الفرق بين شرط الصحة والوجوب مع التمثيل؟

الجــــــــــــــواب: نحن لا نقول بأن الزكاة لا تجب عليهم، بل نقول بأنهم مخاطبون بفروع الشريعة كما أنهم مخاطبون بأصولها، لدلائل كثيرة من القرآن الكريم تنص على ذلك، منها قول الله تعالى ـ عندما حكى عن أهل النار أنهم يسألون ما سلككم في سقر فحكى إجابتهم يقوله: «قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ[43] وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ[44] وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ[45] وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ[46] حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ»

فهم مع كونهم معذبون لأنهم كانوا يخوضون مع الخائضين وكانوا يكذبون بيوم الدين حتى أتاهم اليقين، أيضاً يعذبون بسبب كونهم من غير المصلين وكونهم لم يطعموا المسكين، فهم متعبدون بفروع الشريعة كما أنهم متعبدون بأصولها، وكذلك من أدلة ذلك أن الله تبارك وتعالى يقول «يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ[40] وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ[41] وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ[42] وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ» بجانب كون الله تبارك وتعالى خاطبهم بالإيمان وبقبول هذا الدين وبالانضمام إلى هذا المعتقد، خاطبهم أيضاً بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولكن لا تصح منهم الصلاة ولا تصح منهم الزكاة إلا باعتناقهم الإسلام، فهنالك فرق بين شرط الوجوب وشرط الصحة، فالمحدث أخل بشرط من شروط الصحة إن صلى بحدثه وهو قادر على الوضوء، ولا يعني ذلك أن الصلاة غير واجبة عليه، كذلك إن كان محدثاً حدثاً أكبر وصلى بحدثه ذلك، فقد صلى متلبساً بما يخل بصحة الصلاة بتركه الاغتسال مع قدرته على الاغتسال، ولا يعني ذلك أنه ما لم يغتسل فالصلاة غير واجبة عليه، وهكذا يقال في كل العبادات التي تتوقف على شرائط لصحتها، لا يعني ذلك عدم وجوبها على من لم يوف بتلك الشرائط، وإنما هذه شرائط لصحة العمل لا لوجوب العمل، وكذلك إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وجميع الأعمال الواجبة في الإسلام، مما يتوقف على عقيدة الإسلام يعد الإسلام شرطاً لصحتها ولا يعد شرطاً لوجوبها. والله تعالى أعلم.

الســــــــــــــؤال: ما الحكمة من اشتراط الحول في الزكاة؟

الجــــــــــــــواب: الزكاة فرض تعبدي، والفروض التعبدية المؤقتة تجب في أوقات مخصوصة، فالصلاة شرعت في أوقات مخصوصة، والصيام والحج شرعا في وقت مخصوص، ولو فرضت الزكاة في كل الأوقات لكان ذلك أمراً فيه كلفة على الناس، والله تعالى يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، فلا يكلفهم إلا ما يطيقون.. فليس في اشتراط الحول في الزكاة اجتياح لحق الفقراء.ولا فيه كلفة على الأغنياء. والله أعلم.

الســــــــــــــؤال: ما قولكم فيمن أخرج مبالغ من المال صدقة للمضطرين من أهل مذهبه، ولم ينوها من الزكاة حال الإخراج، ثم تذكر بعد ذلك بأن عليه زكاة، فهل يصح تجديد نيتها بعد دفعها إلى المستحقين؟

الجــــــــــــــواب: الزكاة فرض واجب، وإخراجها عبادة والعبادة لا تصح إلا بنية، والنية لا تكون بعد العمل وإنما قبله، لذلك يجب على من عنده مال تجب فيه الزكاة، وأعطى الفقراء من غير أن يقصد الزكاة، أن يعيد دفعها مع النية. والله أعلم.

الســــــــــــــؤال: هل للرجل أن يمنع زوجته من أداء الزكاة؟

الجــــــــــــــواب: ليس للزوج أن يمنع زوجته من أداء الزكاة، وليس للمرأة أن تطيع زوجها في ذلك، فإن الزكاة فريضة واجبة لا تصح إضاعتها، (لا طـاعة لمخلوق في معصية الخالق). والله أعلم.

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


حوراء الحصن 24-07-2009 11:38 AM

لك الشكر أخي البراء ع المجهود الكبير,,
جزيت خيراً,,

البراء 29-07-2009 11:04 AM

* من تحصل على وظيفة بشهادات اكتسب درجاتها بالغش وقد ساعده بعض المدرسين على ذلك، فما حكم الوظيفة التي هو عليها والراتب الذي يستلمه؟

** نعوذ بالله من هذا التصرف العجيب، فإن مثل هذا الغش إنما هو غش للأمة ليس غشًا لفرد من أفراد الناس، ولئن كان النبي صلى الله عليه وسلّم يقول (من غشنا فليس منا)، أي من غش أي واحد منا فليس منا، فكيف إذا كان هذا الغش للأمة جميعًا، فإن هذا الذي يحمل شهادة زور ويتوظف بسببها، ويتحمل من الأمانة ما هو ليس له أهلاً لا ريب أنه بذلك يغش أمته جميعًا، فلذلك يجب على من وقع في ذلك أن يتوب إلى الله توبة نصوحا.
أما بالنسبة إلى العمل الذي هو فيه فلينظر هل هو يتقن ذلك العمل ولو كان لم يتقن تعلمه، هل هو يتقنه كما يتقنه من أتقن تعلمه أو غير متقن له، فإن كان غير متقن له فلا يجوز البقاء فيه، وعليه التخلص منه، ولا ريب أن الراتب المترتب على مثل هذا إنما يكون حرامًا لأنه ربما أضر لا سيما الأعمال التي فيها مصلحة ومضرة تتعلق بحياة الناس كالطب مثلاً ، فإن الذي لا يتقن الطب إن عالج الناس ربما أضر بهم ولربما أدى إلى إهلاكهم علاجه، فيجب أن يحترز من ذلك قدر مستطاعه.


* وجدنا سماحتكم حفظكم الله تأخذون بقول القطب يرحمه الله الذي بيّنه في كتابه (شامل الأصل والفرع) والذي حدّد فيه أن عدة النفاس من السقط تكون أربعة أيام من النطفة وتسعة أيام من العلقة وأربعة عشر يومًا من النطفة غير المخلقة وواحد وعشرين يومًا من النطفة المخلقة، فهل هناك انتظار بعد هذه المدة أو أنها تكون أقصى مدد النفاس ولا انتظار بعدها ؟

** هذه أقصى مدة وليس بعدها انتظار . وبدل تسعة أيام سبعة أيام في العلقة .

* ما حكم الذهاب إلى الأعراس إذا كان يوجد بها أغان واختلاط ونساء غير محتشمات؟

** كل أمر فيه منكر فلا تجوز المشاركة فيه. على الإنسان أن يحترز من المنكرات جميعها .

* كيف يستطيع المسلم أن يوازن بين عمارة دنياه وعمارة آخرته ؟

** نعم ليعط الدنيا بقدر ما تستحق والأخرى بقدر ما تستحق، ولينظر ما قيمة الدنيا بمقدار قيمة الأخرى، ومعنى هذا أن يجعل الدنيا وسيلة للآخرة، وأن لا يجعلها غاية، إذ لو جُعلت الدنيا غاية لأدى ذلك إلى نسيان الدار الآخرة، فالإنسان يعمر دنياه لتكون وسيلة له إلى آخرته، بحيث يصلح هذه الدنيا من أجل إصلاح الآخرة لا من أجل العناية بالدنيا وحدها، فإن العناية بالدنيا تُنسي الدار الآخرة، وقد قال الله تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (هود:15-16) ، ويقول سبحانه ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً ) (الإسراء:18-19) ، ويقول ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ) (الشورى:20) ، ويقول ( فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) (النازعات:37-41) ، فعلى الإنسان أن يكون همه في الآخرة وإنما يعمر دنياه لأجل إصلاح آخرته فقط .



* حب الوطن واجب على كل فرد يعيش على ارضه لذا لا بد له من أمور لكي يكون قد أدى ما عليه من حقوق، على هذا ما هي حقوق المواطن للوطن وما هي حقوق الوطن للمواطن؟

** لا ريب أن الوطن يتكون من المواطنين فالإنسان مطالب بأن يكون فردًا صالحًا في مجتمعه وأن يكون شاعرًا بمشاعر الأخوة التي تشد المؤمنين بعضهم إلى بعض وهي التي جسدها النبي في قوله ( ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد اذا اشتكي عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).








سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 31-07-2009 11:20 AM

* قلتم بأنه ينبغي رد أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم إلى دلالات الكتاب العزيز، بالنسبة للحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلّم قوله : تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار . مما مدى صحة هذا الحديث خصوصاً إذا ما رد إلى آيات الكتاب العزيز كقوله تعالى ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ )(النساء: من الآية32) ، وقوله سبحانه وتعالى ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97) ، فكيف يمكن الجمع بين الحديث وهذه الآيات ؟

** مهما بلغ هذا الحديث فهو حديث آحادي ، والله تبارك وتعالى وعد المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ، وإنما يؤخذ منه ومن غيره من الروايات ومن الأدلة الخاصة والعامة الدعوة إلى التصدق والإنفاق في سبيل الله ، والدعوة إلى عمل الخير.

فالمرأة مطالبة أن لا تنساق وراء رغباتها ، والرجل مطالب أن لا ينساق وراء رغباته . ومن غلب عقله شهوته ورغباته ، فهو ترجى له السلامة ، وترجى له السعادة ، ويرجى له الخير ، أما من غلبت شهواته ورغباته عقله فهو والعياذ بالله هوى إلى دركات الهون .

فعلى كل أن يكون متوكلاً على الله ، معتمداً عليه ، راجياً ثوابه ، مشفقاً من عقابه ، إذ الله تبارك وتعالى لا يجامل أحداً لأجل جنسه ولا لأجل نوعه، فلا يجامل الرجل لأجل أنه رجل ، ولا المرأة من أجل أنها امرأة ، فالكل عباد الله ، ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ) (فصلت:46) .

* متى تبدأ المرأة بحساب توقيت ذهبها الذي أصدقها إياه الزوج أو مهرها النقدي من الأوراق النقدية هل بعقد القران أو بالعرس ؟

** على أي حال المرأة إن سُلّم إليها الصداق أصبحت مالكة له ، عندما يُسلّم إليها ، فعندما تستلم هذا الصداق تبدأ الحساب من ذلك الوقت ، أما قبل تسليمها إياه فذلك دين لها أو على الأقل هو أمر لم يصل إليها مهما كان وإن كانت مستحقة له بالعقد ، ولكن عندما يُسلَّم إليها تبدأ في الحساب .

*النساء عند إرادتهن معرفة نصاب ذهبهن هل بلغ أو لا ، هل يخلطن مع ذهبهن ذهب بناتهن أم لا ؟

** لكل واحدة منهن نصاب مستقل إن لم تكن الملكية واحدة ، أما لو كانت الملكية واحدة فنعم يُخلط ، ولكن بما أن كل واحدة منهن مالكة لنصيبها فلكل واحدة منهن نصابها أيضا .

* هناك من يملك عدداً من العقارات سواءً كانت أراضي أو بيوتاً ، منها ما يعرضه للبيع ، ومنها ما يدخره إلى وقت يظن أن أسعارها سترتفع فيه ، فهل عند إرادته إخراج الزكاة يحسب كل هذه العقارات من ضمن أمواله أم يكتفي بحساب ما عرضه للبيع منها فقط ؟

** أما ما كان مُشترىً لأجل البيع من أول الأمر اشتراه ليبيعه - وهو يبيع ويشتري باستمرار - فحكمه حكم عروض التجارة في وجوب تزكيته ، أما ما كان بخلاف ذلك ، ما كان مشتريه ليبقى عنده ذخراً أو لينتفع بريعه فإنه لا يزكي قيمته وإنما يزكي الريع الذي يأتي منه بعد أن يتم عليه الحول .

* ما يوجد من مواد حيوانية من البقر في الأجبان وغيرها من المأكولات ، ومن دولة غير مسلمة ، فما حكم استخدامها ؟

** نحن قلنا مراراً بأن ما استورد من بلاد إسلامية فالأصل فيه الحل حتى يثبت أن فيه ما يدعو إلى تحريم المستورد ، وما استورد من بلاد غير إسلامية فإنه يمتنع عن استعماله إلا بضمان أنه من المحللات .


أولاً قبل كل شيء لا بد من مراعاة إذا كان ذلك من اللحوم أو الأدهان لا بد من مراعاة أن يكون الحيوان نفسه محللاً حتى لا يدخل الخنزير ونحوه .


ثانياً لا بد من أن يكون مزكى ذكاة شرعية ممن تجوز ذكاته شرعاً ، أي أن يكون المزكي مسلماً أو كتابياً تحققت كتابيته ، أما عامة الناس الذين هم غلبهم الإلحاد حتى لم يعودوا يعرفون الدين ما هو فلا يعدون كتابيين .

*من لا يستطيع الصلاة لغيبوبة أو لمرض لا يستطيع معه إلا التكبير فماذا يفعل بعدما ترجع له صحته ؟

** إنما يكبر إن كان عاجزاً عن الصلاة ، ثم بعد ذلك ليس عليه شيء ، لأن هذا هو المستطاع وليس عليه فرضان ، إنما عليه فرض واحد فقط .








سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 03-08-2009 11:18 AM

فتاوي الهواتف
 
* قد يرد خبر معين عن طريق الرسائل الهاتفية ويتناقله الناس بحكم اطمئنانهم إلى صدق ذلك الخبر كأخبار الوفاة ونحوها ، فهل في ذلك من بأس ؟

ـ إن كان الخبر غير مشكوك في صدقه وليست هنالك ريبة في نقله فلا يمنع من نقله ، أما أن ينقل الإنسان كل هب ودب وكل ما يُرسل إليه وكل ما يقال له فهذا غير سائغ لأنه جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم من طريق أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع . فالإنسان يعتبر كذاباً إن كان يحدث بكل ما سمع بحيث لا يطمئن إلى صدق الحديث الذي حُدّث به .

* أحياناً تُتناقل رسائل عاطفية عبر الهاتف فيها زخم عاطفي كبير قد لا تواءم مستوى الذي في نفس وشعور ذلك المرسل ، والمستقبل يعلم أن هذه الرسائل يتداولها الكل ، ويعلم أنها لا تعبر بالضرورة عن المستوى العاطفي الذي يكنه له المرسل ، فهل في هذا نوع من الكذب بين المرسل والمستقبل ؟

ـ كل ما كان إخباراً عن الشيء على خلاف حقيقته ، أو على غير حقيقته ، أو دون مستوى حقيقته، أو فوق مستوى حقيقته فهذا يُعد من الكذب، فلا يجوز استعمال ذلك .

* وإن كان متعارف بين الناس ؟

ـ لا عبرة ، قد يتعارف الناس على كذبة ما وتكون مألوفة عندهم ولكن مع ذلك لا تسوغ ، كما هو مشهور في كذبة أبريل وغير ذلك من الأكاذيب التي يستعملها الناس ، لا يسوغ الحديث بغير الواقع .

* ما حكم إرسال رسالة فيها شيء من العاطفة من قبل رجل أو امرأة للطرف الآخر وهما أجنبيان ؟

* هذا كما سبق من قبل .


حسب المرأة إن كانت راغبة في الرجل أن تعرض عليه الزواج من غير أن تستثير عواطفه بحديث أو برسالة فيها ما يثير العواطف لأن ذلك قد يؤدي إلى فتنة والعياذ بالله .

وكذلك الرجل إذا رغب في المرأة فإن أراد أن يوجه إليها رسالة من غير استثارة لعواطفها ، أما الرسائل المثيرة للعواطف فهذا باب يجب أن يُغلق وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى الفساد والعياذ بالله .

* يمكن الآن يُتلاعب بالصور ففي جسم معين تُركب صورة شخص آخر والجسم ليس له ، فمثلاً تُركّب صورة امرأة في صورة امرأة أخرى على غير الستر أو العكس ، فما حكم التلاعب بهذه الصور ؟

ـ هذا كله من التلبيس الذي لا يجوز ، وأنا سمعت بأن امرأة والعياذ بالله عثر بعض هؤلاء العابثين على صورتها فأخذوا صورة رأسها وركّبوها في جسم امرأة داعر ، امرأة فاسدة تمارس البغاء ، وصُورت وهي على أقبح حالة ووزعت هذه الصور ما بين الناس ، وهذا والعياذ بالله يُعد من هتك الأعراض ومن انتهاك الحُرَم فلا يجوز ذلك بحال من الأحوال .

* قد يدخل الرجل إلى المسجد وقد يدخل في الصلاة ويتذكر أن الهاتف ليس صامتاً أو ليس مغلقاً ، فهل يؤمر بعد أن كبّر للإحرام أن يتحرك ويغلق هاتفه ؟

ـ على الإنسان قبل ذلك أي قبل دخوله المسجد أن يكون متأكداً من هاتفه أنه مغلق ، على كل واحد أن يسعى إلى ذلك ، ثم مع هذا لو وقع الإنسان في هذا فنحن نرى أن يغلق هاتفه ، ولئن كان متهاوناً نرى أن يغلق هاتفه ويبدأ إعادة الصلاة من جديد لأن ذلك نتيجة تهاونه .

* على تقدير أنه نسي ؟

ـ إن كان متهاوناً ومن عادته التهاون فله هذا الحكم ، وأما إذا كان ناسياً من غير أن يعتاد التهاون فنرجو له المعذرة إن شاء الله .









سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


الساعة الآن 12:55 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها

a.d - i.s.s.w