![]() |
ربي يعطيك العافيةاخوووووووووووووي تسلم ايدك
|
السؤال
امرأة تفوتها في بعض الأحيان صلاة الفجر فتصليها في وقت متأخر بعد طلوع الشمس ، وهناك من قال لها عليك أن تصليها مع الظهر ، لكنها سمعت أيضاً أنها تصليها فور قيامها فما الحكم ؟ الجواب : الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا تذكرها . فمن نام فليصلها في وقت يقظته ، ومن نسي صلاة فتذكرها فليصلها إذا تذكرها ، وإن كان ذلك الوقت وقتاً لا تصح فيه الصلاة فلينتظر حتى ينتهي الوقت الذي لا تجوز فيه الصلاة . والأوقات التي لا تجوز فيها الصلاة هي ثلاثة أوقات : وهي حال طلوع الشمس ، بداية طلوع الشمس عندما يخرج شعاع من الشمس حتى تستكمل طلوعها ، وعندما يبتدأ غروب الشمس حتى ينتهي غروبها أي تكون غاربة تماماً ، وعندما تكون في كبد السماء في الحر الشديد أي عندما تتكون في وسط السماء بين المشرق والمغرب في وقت شدة الحر ، وأما في بقية الأوقات فإن من استيقظ في وقت فعليه أن يصلي في ذلك الوقت الذي استيقظ فيه وأن لا يؤخر الصلاة إلى ما بعد ذلك ، وكذلك الذي تذكر الصلاة في وقت فعليه أن يصليها في حال تذكره وأن لا يؤخرها إلى ما بعد ذلك ، والله تعالى أعلم . السؤال امرأة استلفت مبلغاً من المال ليس لها وإنما لغيرها وأرادت أن تذهب إلى الحج أو العمرة ، هل يعتبر ذلك ديناً عليها ؟ الجواب : نعم ، بما أن ذلك الحق هو في ذمتها أخذته لم تكن مجرد واسطة ، وإنما أخذته على أنها هي المستدينة ، فهي التي عليها وفاء ذلك الدين ، هي المدينة ، وإن كان الدين حالّ الأجل فلتبدأ أولاً بوفائه إن كان الدائن يطالبها ، وإن لا يطالبها ونفّس لها ووسع لها وعندها وفاء الدين ووسع لها أن تذهب إلى الحج أو العمرة فلا عليها أن تحج أو تعتمر . السؤال رجل عندما ينام يصدر أصواتاً حيث إنه كان في الصباح يقلد أصوات الحيوانات ويظهر ذلك عليه عندما ينام ، والأشخاص الذين ينامون معه يتضايقون من هذا الأمر فهل من حل له ؟ الجواب : حل هذه المسألة أن يدع التقليد ، هو إنسان ، لماذا ينزل إلى دركات الحيوانات ، ويرضى لنفسه أن يكون حيواناً ؟! أيسخط على الله تعالى أن خلقه إنساناً ؟! هذا دليل حماقة هذا الرجل . السؤال امرأة تريد أن تذهب إلى العمرة وعندها أبقار وأغنام إلا أنها تركت أمر رعايتها على جاراتها ، هل يسعها ذلك ؟ الجواب : ما المانع من ذلك !! السؤال رجل أطلق كلمة قيد بها حركة زوجته وهو نادم عليها الآن ويريد أن يتخلص من هذه الجملة ، قال لزوجته ( إذا ذهبت إلى مكان لا أعلم به اعتبري نفسك طالقا ) ؟ الجواب : حقيقة الأمر هذه من الأخطاء التي يقع الناس فيها كثيراً ويورطون أنفسهم ، وقد تذهب المرأة ناسية أو ذاكرة ، وقضية الطلاق إن كان معلقاً على شيء هو مما يسمى عند الأصوليين من خطاب الوضع ، فهو يقع بوقوع المعلق عليه سواءً كان ذلك عن طريق القصد أو عن طريق غير القصد ، لأن الطلاق المعلق على شيء يقع بوقوع ذلك الشيء المعلق عليه ، فلذلك كان ينبغي له أن يحتاط لئلا يورط نفسه ، قد تذهب وتنسى ، وقد تكون أحياناً امرأة لا تخشى الله تعالى فتذهب وتستحب أن تبقى في كنف الزوج ولو كانت هي خارجة من عصمته بسبب فعلها ما علق طلاقها عليه . فهذه من الأخطاء ، ولكن أرى المخلص في ذلك أن تذهب إلى مكان لا يعلمه ، وعندما تذهب إلى ذلك المكان تخبره فوراً ويراجعها ، وبعد المراجعة هذه الكلمة تسقط لا يبقى لها أثر بعد أن يراجعها ، إن كان لم يسبق له أن طلقها تطليقتين قبل هذه الطلقة . السؤال امرأة قالت لها أمها لا ترضى لها أن تلبس الزي الطويل ( الجلابية ) حيث لم تكن شائعة في ذلك الوقت بل تحب أن تراها بالزي التقليدي وقد توفيت أمها منذ عشر سنوات وبناتها الآن ينصحنها بأن تلبس الزي الطويل في بعض المواقف لأنه ساتر ، لكنها من ورعها تقول بأنها لم تعص أمها في حياتها فكيف يمكن أن تعصيها بعد مماتها ، فما رأي سماحتكم ؟ الجواب : طاعة الله سبحانه مقدمة على طاعة الأم ، والمرأة مأمورة بأن تلبس اللباس الساتر لا اللباس الذي يبرز شيئاً من مفاتن جسدها . السؤال طلبة عمانيون في أميركا يقولون : نواجه بعض الصعوبات في الحصول على محلات لبيع اللحم الحلال وإن وجدت فهي بعيدة جداً ، والسؤال ما رأيكم في الأطعمة المقدمة في المطاعم والمحلات غير المسلمة اللحم والدجاج الطازج منها أو المعلب ، ما حكمه ؟ الجواب : أولاً علينا أن ندرك بأن ذبح الحيوان لا بد أن يكون بطريقة مشروعة ، بطريقة لا تختلف عما شرع الله سبحانه وتعالى ، والله سبحانه قد حرّم كثيراً من أنواع الحيوانات مما أُحل لكن بسبب من الأسباب ، والله تعالى يقول ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ)(المائدة: من الآية3) ، فلئن كانت هذه اللحوم مذبوحة بطريقة شرعية ممن تجوز ذكاته شرعا ، وذلك بأن يكون المذكي مسلماً ، أو يكون المذكي كتابياً مع اليقين بكتابيته لا مع الشك فيها ففي هذه الحالة لا مانع من أكلها إن لم تكن بطريقة لا تجوز ، أي ما لم تكن موقوذة ، إذ لم يكن الله تبارك وتعالى ليحرم الوقذ من مسلم ويبيح الموقوذة إن كانت من كتابي ، إنما الموقوذة هي محرمة سواءً كان الواقذ مسلماً أو كان الواقذ كتابياً ، وكذلك حرّم الله تبارك وتعالى المنخنقة ، فالمخنوقة سوءاً كان الخانق كتابياً أو كان الخانق مسلماً إنما المخنوقة لا تحل ، وهكذا كل ما كان على غير الطريقة الشرعية . أما إن كان الذبح بطريقة شرعية ليس فيها شيء مما يعاب قط بحيث تكون مستوفية لجميع شروطها فلا مانع من أكل ما ذبحه الكتابي مع التيقن من كتابيته فإن معظم الغربيين أصبحوا اليوم ملاحدة ولم يعودوا كتابيين ، والله المستعان . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
السؤال :
الكثير من الفتيات والشبان في أيامنا هذه يستخدمون الدردشة عن طريق الانترنت فلو تكرمكتم فضيلة الشيخ تعطينا الحكم في الدخول إلى مواقع الدردشة ، وهل هو حرام أم لا ؟ الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلّم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد : فقبل كل شيء ينبغي أن نحدد معنى الدردشة ، لأن الحكم على الشيء فرع تصوره ، وما الذي يترتب عليها من منافع أو مضار ، ومن أمور سلبية أو أمور إيجابية . حقيقة الأمر الإنسان مسئول عما يقول وعما يقدم وما يؤخر ( أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى) (القيامة:36- 37) ، نعم إن الإنسان مرده إلى الله تعالى ، والله سائله عما قدّم وما أخّر ، وقد قال سبحانه ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (قّ:18) ، والنبي صلى الله عليه وسلّم يقول : إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يحسب أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يحسب أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه . فالإنسان مسئول عن فلتات لسانه ، ولذلك عندما كان يوصي رسول الله صلى الله عليه وسلّم معاذاً رضي الله تعالى عنه أشار إلى فيه - إلى لسانه - وقال له : ألا أدلك على ملاك ذلك كله احفظ هذا . مشيراً إلى اللسان . فقال له : أإنا مؤاخذون بما نقول يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلّم : ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على مناخرهم أو على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم . فحصائد الألسنة هي التي تسوق الناس والعياذ بالله إلى النار سوقا . وكذلك عندما تكون حصائد الألسنة حصائد إيجابية خيرة بحيث يتحرى الإنسان في كلامه مرضاة الله تبارك وتعالى تسوقه إلى الجنة سوقا . فلئن كانت هذه الدردشة فيها كذب وافتراء فذلك ليس من شأن المؤمن ، إذ الله تبارك وتعالى يقول ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) (النحل:105) وهو دليل قاطع على أنه لا يمكن أن يصدر الكذب من المؤمن ، وكذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلّم : يطبع على المؤمن على الخلال كلها ليس الخيانة والكذب . وعندما سئل النبي صلى الله عليه وسلّم عن صفات المؤمن فقيل له : أيكون المؤمن كذابا ؟ قال : لا . أي ليس من شأن المؤمن أن يكذب ، ونحن نرى أن الله سبحانه وتعالى عندما توعد المنافقين قال فيما توعدهم عليهم ( وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)(البقرة: من الآية10) ، هذه على قراءة من قرأ ( يكذبون ) وهي قراءتنا المعتمدة في المشرق . والدخول في مثل هذه الأمور يجب أن يضبط بضوابط ، أولاً قبل كل شيء يجب أن يكون حقاً لا باطل فيه ، أي أن يكون كل ما يقوله الإنسان وما ينشره إنما هو حق ليس فيه باطل ، ومعنى ذلك أن يكون صدقاً غير ممزوج بكذب ، هذا من ناحية ، من ناحية ثانية ألا يكون ذلك يؤدي إلى الإفساد ، فقد تكون الكلمة في ذلك حق ولكن يراد بها باطل ، يراد بها إفساد ، يراد بها جرف الناس إلى الشر ، يراد بها خداع المؤمنين والمؤمنات ، فقد تغرر المرأة بالكثير من الأحابيل التي يصنعها أولئك الماكرون الذين لا يريدون بها إلا السوء ولا يريدون بها إلا الكيد ، فلذلك كان من اللازم أن يتفطن الإنسان في ذلك إلى أي غاية تؤدي هذه الدردشة فإن كانت تؤدي إلى باطل فلا ريب أنها محرمة ويجب اجتنابها ولو لم تخرج عن حدود الصدق وحدود الحق ، لكن إذا كانت عاقبتها أن تؤدي إلى باطل فإن ذلك مما يجب اجتنابه ، ولذلك يقول بعض المتفطنين من الحكماء والعلماء يقول : ما علمت أن كلمة (سبحان الله ) تكون معصية إلا اليوم . فسئل عن ذلك فقال : حضرت مجلساً كان فيه أحد الظلمة ينزل على أحد من الناس لأنه يتهمه بباطل ، وكان أحد الحاضرين يريد أن يغري ذلك الظالم بذلك المظلوم فكان يقول ( سبحان الله ) كأنه يفخم هذا الأمر ويعجّب مما جاء به ذلك الرجل حتى يوقع به ذلك الظالم . فكانت كلمة سبحان الله التي هي تنزيه لله سبحانه عز وجل مستخدمة من أجل باطل ، فهي كلمة حق ولكن استخدمت من أجل باطل ، لذلك كان يجب اتقاء مثل هذه الأمور إن كانت تؤدي إلى باطل ولو كانت في حقيقتها حقا . والله تعالى المستعان . السؤال: المجتمع الشرقي أو فلنقل العربي له من التحفظ والثقافة ما يجدر به أن يتمسك بأهدابه وهنا تطرح قضية بإلحاح وهي الثقافة الجنسية فما هي نظرة الشرع إليها وكيف يوجّه إليها الأبناء ، وإلى أي حد يفصح عنها ويصرح بمضامينها ؟ الجواب : حقيقة الأمر هذه قضية فطرية ، وينبغي أن لا يتعدى إفهام أولئك الأولاد من الجنسين الذكور والإناث بمضامين هذه القضية يجب أن لا يتعدى إفهامهم حدود الأدب وحدود الحشمة والوقار والحياء ، يجب أن لا تقال كلمة تخدش الحياء ، ولا يعني الحياء أن لا يتفقه الإنسان في دين الله فأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها تقول : لله در نساء الأنصار ما منعهن الحياء من التفقه في دين الله . ولكن الحياء أن لا يتعدى الإنسان حدود الحق وحدود الجائز ، فإن الله تبارك وتعالى جعل الحياء من الأخلاق المحمودة إذ هو خصلة من خصال الإيمان كما دل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلّم : الإيمان بضع وسبعون شعبة ، وفي رواية بضع وستون شعبة أعلاها كلمة لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى من الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان . ولما كان الحياء شعبة من الإيمان فيجب أن يحافظ عليه ، ومعنى هذا أن يُفهّم الأولاد حقيقة الأمر بقدر ما يصونهم من الوقوع في المزالق ومن الانجرار وراء الشهوات بحيث يفطّنون وينبّهون بأن هذه الشهوة قد تقود صاحبها إلى سوء المصير والعياذ بالله عندما يسلس لها القياد فعليه أن يتفطن ، وإنما جعل الله تبارك وتعالى إطفاء هذه الشهوة بممارستها في الناحية البناءة وذلك باللقاء ما بين الزوجين في حدود الحشمة وحدود الفضيلة وحدود التعمير لهذه الحياة ، لا أن يكون انسياقاً وراء هذه الشهوة من غير مبالاة كما هو شأن الشهوانيين من الجنسين الذين لا يبالون بالمصير الذي ينقلبون إليه في سبيل إرواء هذا السعار الذي لا يقف عند حد . وهناك أيضاً النواحي الفقهية لا بد من إفهامهم إياها ليتفطنوا لذلك وخصوصاً عندما يكونون مشارفين للزواج سواء ذلك في حق الذكور أو في حق الإناث ، ونحن نجد صوراً ونماذج في حياة السلف الصالح تدل على ما كان عليه السلف الصالح من الحرص على التفقه في دين الله من غير أن يكون الحياء الذي يتصفون به مانعاً لهم من ذلك ، فمن ذلك ما روي عن ابنة أبي مسور رحمهما الله ، وكان أبو مسور أحد علماء أهل الحق والاستقامة في جربة ، في القطر التونسي ، قبل نحو اثني عشر قرناً ، ولا يزال مسجده موجوداً إلى الآن ويسمى باسمه ، كان من الفقهاء الكبار ، وكانت عنده ابنة في منتهى الذكاء والفطنة ، وكانت تسأل أباها كثيراً ، وعندما أتاها الحيض أخذت تسأله عن مسائل تتعلق بالحيض حتى وصفت كيف يأتيها الحيض وماذا رأت ، فقال لها : أما تستحين يا بنيتي تسألينني عن مثل هذا ؟ قالت له : إني أخشى أن يمقتني الله إن استحييت . فقال له : لا مقتك الله . وكانت هذه الفتاة في منتهى الفطنة وكان أبوها يعترف لها كثيراً بفطنتها وبذكائها فيما يكون بينهما من حوار حتى إنه كان بينه وبنيها حوار في يوم من الأيام في الأعمال ، هل الأعمال هي أفضل من العاملين ، أو العاملون أفضل من الأعمال ، فكان رأي أبيها أن العاملين هم أفضل من أعمالهم ، فردت عليه بل الأعمال أفضل لأنهم يفنون وتبقى أعمالهم . ومما يؤيد رأيها أن العمل لا يشرف بالعامل وإنما العامل هو الذي يشرف بالعمل ، والعامل لا يرفع قدر العمل وإنما العمل هو الذي يرفع قدر العامل . وكان في يوم الأيام أيضاً جالساً بجنبها وكانت تغسل ملابسه فقال : أتمنى أن يطهر الله قلبي مثل هذا الثوب . فقالت له : أتمنى أن يجعل الله تطهير قلبي بيدي فأطهره بيدي فأطهره مثل هذا الثوب . فقال لها : أنت أفقه مني حتى في الأماني . فهذه الفتاة صورة مما كان عليه السلف الصالح من الحرص على التفقه في دين الله وعدم حيلولة الحياء دون ذلك ، فهكذا يجب على الجنسين جميعاً أن يتفقهوا في دين الله وأن يعرفوا ما يأتون وما يذرون ، وأن يقبلوا على الحياة الزوجية وهم عارفون بحقيقتها وبجميع شعبها حتى لا يقعوا في شيء من محارم الله سبحانه وتعالى ، هذا الذي ينبغي أن يُعلّمه الناشئون عندما يصلون إلى حدود الاحتلام أو يناهزون ذلك ، والله تعالى أعلم . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
*شاع مؤخراً عدم جواز قول كلمة ( تحياتي ) لأنها خاصة بربنا التي ربطت بكلمة التحيات في تشهد الصلاة ، فهل هذا صحيح ؟
**لا ، التحيات جمع تحية ، وتشمل ما يكون بين الناس من التحايا ، فالإنسان يحيي غيره بتحية الإسلام إن كان مسلماً ، وتحية الإسلام هي قول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ولا مانع من أن تجمع التحية على تحيات ، هذا لا يختص بالتشهد وحده . *شاب كان يظن أن الغسل من الجنابة والذي تقبل به الصلاة هو أن يزيل النجاسة ثم ينوي للاغتسال ثم يبدأ بالاستنجاء ثم يتمضمض ثم يستنشق ثم يبدأ بغسل رأسه وسائر جسده مبتدءاً بالميامن ثم المياسر حتى يصل إلى رجليه ولكن عندما تبين له أنه أخطأ في ذلك حيث ينقصه الإتيان بالوضوء بعد أن يتمضمض ويستنشق ويمرر الوضوء على سائر جوارحه كما يصنع للصلاة ، فما حكم الصلاة التي صلاها ذلك الشاب ؟ **على أي حال أولاً اختلف العلماء في وجوب الوضوء مع الغسل ، من العلماء من قال بأنه لا يجب الوضوء مع الغسل ذلك لأن الله تبارك وتعالى قسّم الناس إلى قسمين عندما قال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )(المائدة: من الآية6) ، هذا حكم من لم يكن ذا جنابة ، ثم جاء إلى حكم الجنب فقال ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(المائدة: من الآية6) أي الطهارة المعهودة وهي الغسل ، فمعنى ذلك أن الجنب يجب عليه الغسل ولئن اغتسل فغسله يجزيه ولا يحتاج معه إلى وضوء . هذا قول طائفة من العلماء ، وطائفة أخرى ذهبت إلى خلاف ذلك ، ذهبت طائفة أخرى إلى أن قول الله سبحانه وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(المائدة: من الآية6) شامل لمن كان على جنابة ولمن كان على غير جنابة ، وقوله سبحانه وتعالى بعد ذلك ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(المائدة: من الآية6) معناه إن كنتم على جنابة فاطهروا بالغسل من الجنابة بجانب الطهارة المطلوبة منكم وهي غسل وجوهكم وأيدكم إلى المرافق والمسح برؤوسكم وغسل أرجلكم إلى الكعبين فهذه الطهارة المطلوبة وهي الغسل من الجنابة إنما هي بجانب الوضوء المطلوب . والإمام السالمي رحمه الله تعالى يقول ( إن هذا القول أرجح لولا الحديث الذي جاء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يكن يحدث بعد الغسل وضوءا ) ، ولكن هذا الحديث في الحقيقة لا ينافي ما قيل من أن الآية الكريمة خطابها يتوجه إلى الجميع ، فالنبي صلى الله عليه وسلّم ما كان يحدث بعد الغسل من الجنابة وضوءا ، وإنما كان يتوضأ من قبل ، وذلك الوضوء رافع للحدث الأصغر ، وإن كان صاحبه متلبساً بالحدث الأكبر ، فبارتفاع الحدث الأصغر بقي معه الحدث الأكبر فقط ، والحدث الأكبر يلزم معه الغسل ، فإذاً هو مطالب بالغسل . ويتبين بهذا أن الراجح بأن من اغتسل من الجنابة عليه أن يتوضأ سواءً قدّم الوضوء قبل الغسل أو آخره إلى ما بعد الغسل ، ولا يصلي بدون وضوء ، هذا هو القول الراجح . ولكن من فعل خلاف ذلك في الأيام السابقة فهو معذور لأنه أخذ برأي من آراء علماء الأمة وهم يستندون في رأيهم إلى دليل ولو كان لمن كان من أهل العلم نظر في ذلك الدليل إلا أنهم ما قالوا هذا القول عن هوى وإنما قالوه استناداً إلى دليل ، فلا مانع فيما فعله ، وإنما إذا طلب الترجيح فالراجح أنه لا بد من وضوء سواءً قدّم هذا الوضوء أو أخره ، والله تعالى أعلم . *من اغتسل وهو لا يريد الصلاة لأن وقت الصلاة لا يزال بعيداً ، هل عليه وضوء ؟ **على أي حال نحن نقول بأن الوضوء يلزم لا لأجل رفع الحدث الأكبر ولكن لأجل رفع الحدث الأصغر . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
تسلم أخوي ع الموضوع
الرائع |
السؤال :
ما حكم زيارة القبور والدعاء للموتى ؟ الجواب : زيارة القبور شرعت أو أبيحت لأجل تذكر الآخرة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم نهى أولاً عن زيارتها عندما كان الناس جديدي عهد بالجاهلية حتى لا يحملوا معهم أوزاراً من عادات أهل الجاهلية وهم يزورون هذه القبور ، فحذر النبي صلى الله عليه وسلّم أولاً من زيارتها ، ثم قال : (ألا فزوروها ولا تقولوا هُجرا) . ولا حرج في أن يدعو الإنسان لمن زاره من أهل الصلاح والخير كما فعل النبي صلى الله عليه وسلّم . أما أن يتخذ ذلك موسماً أو أن يجعل القبر مكان عبادة بحيث يصلي هنالك أو يقرأ القرآن هنالك فذلك غير سائغ ، فإن الصلاة نهى النبي صلى الله عليه وسلّم عنها عند المقابر . وكذلك شدد النبي صلى الله عليه وسلّم في أمر القرآن حيث أمر أن يقرأ القرآن في البيوت وأن لا تتخذ قبورا إشارة إلى أن القبور ليست مكاناً لتلاوة القرآن الكريم ، كما أنه شدد في اتخاذ القبور مساجد ،وقد أجاد الإمام السالمي رحمه الله عندما قال : أتُعمًرن قبورنا الدوارس ** ويترددن إليها الدارس وهذه المساجد المعدة ** نتركها وهي لذاك عدة والمصطفى قد زارها وما قرا ** إلا سلاما ودعا وأدبرا حسبك أن تتبع المختارا ** وإن يقولوا خالف الآثارا السؤال : كيف يستطيع المسلم أن يوازن بين عمارة دنياه وعمارة آخرته ؟ الجواب : نعم ليعط الدنيا بقدر ما تستحق والأخرى بقدر ما تستحق ، ولينظر ما قيمة الدنيا بمقدار قيمة الأخرى ، ومعنى هذا أن يجعل الدنيا وسيلة للآخرة ، وأن لا يجعلها غاية ، إذ لو جُعلت الدنيا غاية لأدى ذلك إلى نسيان الدار الآخرة ، فالإنسان يعمر دنياه لتكون وسيلة له إلى آخرته ، بحيث يصلح هذه الدنيا من أجل إصلاح الآخرة لا من أجل العناية بالدنيا وحدها ، فإن العناية بالدنيا تُنسي الدار الآخرة ، وقد قال الله تعالى ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (هود:15-16) ، ويقول سبحانه ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً ) (الإسراء:18-19) ، ويقول ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ) (الشورى:20) ، ويقول ( فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) (النازعـات:37-41) ، فعلى الإنسان أن يكون همه في الآخرة وإنما يعمر دنياه لأجل إصلاح آخرته فقط . السؤال : مسجد من المساجد تحت منبره دولاب فيه مصاحف ، ويقوم الخطيب على المنبر ، هل يصح هذا الوضع ؟ الجواب : هل هذه المصاحف يكون عليها الخطيب ؟ أو هي نازلة بحيث يوجد فراغ ؟ فإن لم يكن فراغ بحيث تكون متواصلة هذه المصاحف إلى أعلى بحيث يكون الخطيب يقف عليها فذلك غير جائز ، لأن حرمة المصاحف حرمة عظيمة إذ القرآن هو كلام الله ، ويجب على الإنسان أن يرعى حق هذا الكلام العظيم الذي جاء من رب العالمين سبحانه وتعالى . وأما إن كان هنالك فراغ فمثل ذلك كمثل من يصلي فوق غرفة وتحتها حجرة فيها مصاحف أيضا فلا يمنع ذلك مع وجود الفراغ ، ولكن مع ذلك إن وجد لهذه المصاحف مكان آخر توضع فإنه يجب أن يراعى ذلك حرصاً على تنزيه كتاب الله تبارك وتعالى وتقديساً لكلام الله عز وجل . السؤال : إذا مرت عليه سجدة في المصحف فأين يضع المصحف ، هل يضعه على الأرض على الرغم من أنها طاهرة ؟ الجواب : المصحف يجب أن يصان ، ونحن من وجدنا من علمائنا من يقول بأن الكتاب الذي فيه آيات من كتاب الله ، وفيه أسماء لله تبارك وتعالى ، وفيه علم نافع من حرمته أن لا يترك على الأرض ، بل يوضع على مكان مرتفع ، وهذا من تقدير العلم ، ومن تعظيم أسماء الله تعالى وآياته ، فكيف بكلام الله تبارك وتعالى ، كيف بكتاب الله المنزل الذي هو كلامه يضعه الإنسان على الأرض حيثما يضع قدمه ، لا ينبغي أن يصدر ذلك ممن يعظم حرمات الله ويجلها بل عليه أن ينظر له مكاناً رفيعاً يضعه عليه ، فإن لم يجد فليجعله تحت إبطه وليسجد ثم بعد ذلك ليمسكه بيديه ، والله تعالى أعلم . السؤال : هل يجوز حرق القرآن المبعثر على الأرض على شكل أوراق ، وإذا لم يجز فما هي أفضل طريقة للتخلص من أوراق المصحف المبعثرة إذا لم يستطع صاحبها الاحتفاظ وخشي عليها من الضياع ، وما عقاب من قام بحرق القرآن الكريم ؟ الجواب : حقيقة الأمر القرآن الكريم لا ريب أن له حرمات ولذلك اختار كثير من العلماء أن يكون التخلص من التبعية أو من المسئولية عن المحافظة على القرآن الكريم عندما تتعذر هذه المحافظة قالوا بأنه ينبغي أن تكون إما بإلقاء هذه الأوراق المبعثرة المقطعة في آبار مهجورة بعد وضعها في أكياس لأجل صونها ، وإما أن تدفن على أسس مساجد أي أسس أماكن معظمة مقدسة ، وإما أن تلقى في البحر ، وإما أن تدفن في أماكن بعيدة في الصحاري بحيث تكون بعيدة عن وضع الأقدام ، ولكن إن تعذر ذلك كله فلا مانع من الإحراق . وقد وقع الإحراق في عهد الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، وإن كان من الناس من أنكر ذلك ، وقع ذلك في أيام الخليفة الثالث عثمان بن عفان عندما أراد أن يتخلص من المصاحف التي أراد أن لا تتشعب القراءات بها ، وأن يجتمع الناس على مصحف واحد حتى لا يقول بعض الناس قراءتي خير من قراءتك ، تخلص من هذه المصاحف بإحراقها وأيده في ذلك الكثير ، ولا نرى حرجاً في الأخذ بذلك مع الضرورة . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
السؤال :
نسمع الكثير في أوساط الناس أن فلانا مسحور وأنه خرج بعد أن كان ميتا وأن أهله وذويه يشاهدونه عدة مرات ، إلى أي مدى يمكن أن نحكم على صحة هذا القول ؟ الجواب على هذا السؤال ، هذه من الأوهام الباطلة فإن الله تبارك وتعالى وعد كل نفس بالموت ، يقول - سبحانه وتعالى - " كل نفس ذائقة الموت " ويقول لنبيه " إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ " الزمر (30) ويقول سبحانه وتعالى : " كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ " القصص(88) ، ويقول : " كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ " الرحمن (26) فالموت هو مرهون بالسن كما يتصور ، قد يموت الإنسان وهو شاب صغير ، قد يموت وهو في ريعان شبابه ، وزهرة عمره ، ومنتهى قوته ، هكذا اقتضت سنة الله تبارك وتعالى ، إنما هنالك سباق بين الناس في هذا الميدان والغاية هي الوصول إلى الحتف وكل واحد يسعى إلى حتفه بسرعة غريبة ، كما يقول الشاعر في هذه وهو يرثي ولده : ولقد جريت وما جريت لغاية ** فبلغتها وأبوك في المضمار الولد بلغ إلى الغاية قبل أن يبلغ الأب لأن سنة الله اقتضت أن يستوفي كل واحد أجله قصيرا كان أم طويلا ، والسحر الذي ذكر في القرآن هو نوعان . سحر هو بمعنى إلقاء العداوات والبغضاء بين الناس حتى يؤدي ذلك إلى التفريق بين المرء وزوجه هذا على كل حال من الفساد في الأرض ، و السحر الآخر ما يكون فيه إيهام الناس ، يتصور الإنسان أنه رأى حركة ولكن ليست هناك حركة ، ويتصور أن هناك طيرا وليس هناك طير ، ويتصور أن هنالك إنسانا وليس هناك. إنسان ، هكذا خيالات ، فالسحر هذا خيال ، كما كان مع سحرة فرعون عندما أرادوا أن يصوروا لموسى - عليه السلام - غير الواقع واقعا ، هكذا السحر الذي ذكر في القرآن ، أما ما يذكره عوام الناس وجهلتهم من أن من السحر ما يكون بأخذ الإنسان وهو حي بحيث يصور أنه ميت ويدفن بدله جذع أو خشبة ، هذا غير صحيح ، وأنا بنفسي تتبعت قضيتين فوجدت القضيتين كذبا ، وصلت إلى هذه الغاية ، إحدى هذه القضايا رجل تصور أن ولده الذي مات في الكويت ودفن هناك أنه حي وادعى أنه ولده وأخبر امرأته بذلك فذهبت إلى الشخص وضلت تقول ولدي ، ولدي ، فظنوا أن الشخص هو بعينه ، وحاولوا أن ينسبوه إليهم وأخيرا جاء الأب والأم معا وأخبروني بهذه القضية وإذ القضية وجدت أن الرجل معروف ومنسوب إلى أبيه وأمه ، هناك من يشهد أنه ابن لهذا الشخص الذي يدعون أنه ساحر وأنه أمسك بهذا الولد وأخيرا ادعوا أن فيه علامات كانت موجودة في ولدهم ، وكادت الشرطة أن يسلموه للمرأة التي تتدعي أنه ولدها لولا أن خال هذا الرجل من الأسرة المالكة اتصل في ذلك الوقت بمحافظ العاصمة ذكر أن هذا ابن خالتي وهو معروف وأخيرا رد إلى أهله . قضية أخرى ظهر رجل أنه ادعى من العشيرة الفلانية وأنه هو الذي مات قبل نحو عشرين سنة ، وذهب إلى أنه ذلك الميت وادعى أنه ابنها وتقول بأنها اكتشفت العلامات التي كانت في ابنها ، وأخذ يحدث المجتمع عن الكثير من القضايا ، حتى صدق في المجتمع ونشر عنه في المجتمع ونشر عنه في الجريدة مقابلة طويلة ، بعد هذا كله ، الرجل كان له اتصال بامرأة فاسقة وأقام معها علاقة غير شريفة وأدى الأمر أن اتفقا على قتل زوجها والتخلص منه وتم ذلك بمساعدتها ، ورمي في البحر ، وبعد خمسة وعشرين يوما البحر لفظه ، وظهرت الجثة وصار التحقيق في القضية وأخيرا وجد هذا الرجل قتل ذاك الرجل بمعاونة زوجة ذلك التي كانت على قدر من الفسق والانحلال ، على أي حال النتيجة اكتشفت الأمر وسألته بنفسي أثناء المحاكمة أنه قال : اسمي فلان بن فلان الفلاني وأمي فلانة وهي ميتة من سنين ووالدي فلان وهو ميت من سنين ، طيب ما الذي دعاك إلى ما قلته ؟ اكتشفت أمرا غريبا ، وتجد هذه الأمور كثيرا ما تقع ، والشيطان يملي للناس ويصور لهم ونجد من الناس من يتعاونون معه على نشر هذه الأفكار البعيدة عن الحق والحقيقة ، فلا ينبغي لمسلم أن يشك في ذلك قط والله تعالى أعلم . السؤال : هل إخراج الجيل القرآني منصب حول التربية فقط ؟ أم من خلال الانتقال إلى أبناء المجتمع ؟ وكيف تستطيع المرأة أن تبني جيلا قرآنيا من خلال أبناء المجتمع ؟ الجواب : بالنسبة إلى دور المرأة فهي مؤثرة في بنات جنسها ، فبإمكان المرأة أن تتصل بالأمهات وأن توعيهن وأن تنبهن على حسن تربية أبنائهن ، وبإمكان المرأة أيضا أن تشارك عبر وسائل الدعوة المختلفة بحيث تدعو الجميع ، تدعو الآباء ، تدعو الأمهات ، تدعو المجتمع كله إلى التمسك بالقرآن الكريم ، بإمكانها أن تشارك بالكتابة في شبكة المعلومات العالمية ، بإمكانها أن تبث هذه الأفكار النيرة ، فالله تبارك وتعالى هيأ لها الأسباب فعليها أن لا تفرط في هذه الأسباب . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
السؤال :
كيف تستطيع المرأة إيصال فكرة التصور لبناء الجيل القرآني من خلال أسلوب تربوي ؟ وسؤال آخر ، ما معنى التصور القرآني؟ الجواب : نجيب على السؤالين معا لارتباط أحدهما بالآخر ، التصور القرآني هو : أن يكون كل فكر في الإنسان يتعلق بالله ، أو يتعلق باليوم الآخر ، أو يتعلق بما وراء هذا الكون المشاهد يدعو إلى القرآن يؤمن بالله تبارك وتعالى إيمانيا قرآنيا ، ومعنى ذلك أن الإيمان القرآني هو الذي يجعل الإنسان يتعلق بالله وحده لا يتعلق بغيره ، الإنسان يتلو ذلك في كتاب ربه سبحانه وتعالى ، ويتلو ذلك في صلواته على الأقل في اليوم والليلة ستة عشرة مرة ، يتلو " إياك نعبد وإياك نستعين " الفاتحة (5) أي : لا نعبد إلا إياك ولا نستعين إلا إياك. فما بال هذا الإنسان مع ذلك يتعلق بالأوهام ويتشبث بها ويعتقد أن البشر ينفعون أو يضرون من تلقاء أنفسهم ، القرآن الكريم يقول في وصف الله تعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ " الشورى (11) جاء هذا الإنسان وشبه الله تعالى بخلقه ، هذا مما يتصادم مع التصور القرآني ، فالقرآن الكريم يصف الله - سبحانه وتعالى - بأنه لا شريك له في مثله ، " وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا " الإسراء (111) . ويقول القرآن الكريم : " قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ " الرعد ( 16 ) . هذا هو التصور القرآني الصحيح ؛ لأن كل شيء يتصرف بأمر الله ، لا يملك لأحد نفعا ولا ضرا إلا بمشيئة الله ، " وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ " الأنعام (17) " وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " يونس(107) " إلى غير ذلك من النصوص القرآنية الكثيرة التي على الإنسان أن يتذكرها . هذا هو التصور الصحيح أنه لا حكم إلا لله " إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه " فليس للإنسان أن يخترع من تلقاء نفسه حكما كيفما ما كان ولو أوتي ما أوتي ، فالقرآن الكريم يدعو إلى الاحتكام إلى الله ورسوله قبل الاختلاف في أي شيء " فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " هذا هو التصور الصحيح بالنسبة لما يتعلق بحق الله ، أما فيما يتعلق باليوم الآخر فالله - سبحانه وتعالى - بين أن الناس يومئذ يجزون بأعمالهم ، كل مجزي بعمله " لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا " النساء (123) . وقوله : " مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ " النمل (89) ، والله سبحانه وتعالى يقول : " مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " القصص (84) إلى غير ذلك كيف يتصور أنه في ذلك اليوم يعفى عن كبائره ولو فعل ما فعل ، فيكفي أنه يشهد بالوحدانية ، وأن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - جاء بالرسالة ، هذا كلام غير سائغ ، كلام يتصادم مع حجة القرآن التي أنزلها الله ، وحجة القرآن تدعو الإنسان إلى أن يعمل ، أما تلك الحجة هي عقيدة يهودية حكاها الله تعالى عن اليهود ، يقول الله - سبحانه وتعالى : " فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مُّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ " الأعراف (169)، هذه عقيدة اليهود ، عقيدة الإرجاء ، هذه المفروض أن يتخلى عنها المسلم وأن يتمسك بعقيدة القرآن مهما كانت تصورات الناس وأفكار الناس ، هكذا بالنسبة إلى علاقة الإنسان بعالم الغيب ، عليه أن يبني هذه العلاقة على أساس هذا التصور القرآني الصحيح ، بهذا يمكن للمرأة تربية أولادها على هذا بإشاعة هذا الفكر ونشره في وسط المجتمع أن تؤسس أمة قرآنية . أما مدى أهمية هذا التصور القرآني في تنشئة هذا الجيل فمعنى ذلك أن الجيل ينشأ على هذا التصور على الإيمان بالله ، الإيمان الحق ليس الإيمان الشكلي ، والإيمان باليوم الآخر أيضا الإيمان الحق وليس بالإيمان الشكلي ،هذا الجيل يتشفع ويحرص على طاعة الله لأن إيمانه بالله إنما إيمانه بالمبدأ ، وإيمانه باليوم الآخر إنما إيمانه بالمصير . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
*أنا فتاة رزقني الله زيارة بيته الحرام مرتين، ذهبت إلى العمرة ثم إلى الحج، ولكني أعمل في إحدى الشبكات العالمية ولا يوجد فيها نساء غيري ومكاني منعزل عنهم ولا أخالطهم إلا في حدود العمل، لكن الأمر الذي يزعجني هو أنني لا أرغب في العمل وأفضل أن أكون داعية ولكن أمي ـ هداها الله ـ لا توافقني أبدا في أن أترك العمل مع أني والحمد لله غير محتاجة ولكنها تفكر بشكل مادي بحت ولا أدري ما أصنع؟
**ينبغي لهذه الفتاة أن توعِّي أمها أن المادة ليست هي كل شيء، أولا هناك محافظة على الدين، ومحافظة على الكرامة والشرف، والقيام بواجب الدعوة إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ ثم إن المرأة مكانها الطبيعي أن تكون في بيتها، فهي المسؤولة عن تربية الأولاد وتنشئتهم، المهم أن تتأسس أسرة بالزواج الشرعي ثم يترتب على ذلك ما يترتب من الذرية الطيبة وبهذا أرجو أن توفق لما فيه الخير . *كيف تكون رحلتي مع القرآن؟ وكيف تكون رحلتي مع التصور القرآني؟ ورحلتي مع تطبيق أوامر القرآن ؟ ورحلتي مع حفظ كتاب الله ؟ وكل ذلك من أجل تنشئة جيل قرآني؟ **أولا بالنسبة لتصور القرآن على الإنسان أن يهدم كل التصورات الباطلة بإقامة التصور القرآني الصحيح كما فعل ذلك السلف الصالح، فقد نزل القرآن والناس يعيشون في الأوهام بعيدين كل البعد عن الحقيقة، كانوا يتخبطون في حياتهم، كانوا يعبدون الأحجار، ويقدسون الأشجار، ويعبدون غير الله ـ تبارك وتعالى ـ فالبنسبة لوقتنا هذا هناك أيضا موجات من أمثال هذه الضلالات من يعتقد أن بعض الضر من قبل الجن ، أومن قبل الموتى ، أو من قبل الأشجار والأحجار ، أو من أمثال هذا النوع، هذه الأمور يجب أن تجتث جميعا، وأن يكون التصور تصورا قرآنيا؛ لأن الله وحده هو الذي خلق الخلق وبسط الرزق، وهو الذي يصرف الأمر بين السماء والأرض وكل ما في الكون لا يخرج عن أمره، ولا يخرج عن قدرته ولا يخرج عن إحاطته، ولو أن أهل السماوات والأرض اجتمعوا على نفع أحد لم ينفعوه إلا بشيء كتبه الله له، ولو اجتمعوا على أن يضروه لم يضروه إلا بشيء كتبه الله عليه، مع هدم جميع التصورات المنافية للقرآن سواء ما يتعلق بالإيمان بالله أو بالإيمان باليوم الآخر إلى غير ذلك . بالنسبة لتطبيق أوامر القرآن فإن الإنسان مطالب أن يتحرى مرضاة الله وأن يعمل صالحا ، وتحري مرضاة الله إنما هو بتطبيق ما في القرآن بحيث يشتغل الإنسان بما في القرآن الكريم من الأوامر والنواهي فيتبع الأوامر ويزدجر عن النواهي ، ويبادر إلى ذلك ويؤثر طاعة الله على هوى نفسه. أما بالنسبة إلى حفظ كتاب الله ، فالحديث الشريف عن النبي ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ يقول مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت". أي على صاحب القرآن أن يعاهد القرآن دائما بالتلاوة والذكر ، وينبغي لحافظ القرآن أن يتلوه في صلواته لا سيما صلوات الليل للتهجد، عليه أن يحرص بقراءة أكبر قدر ممكن من القرآن الكريم حتى يترسخ هذا القرآن في ذهنه ، وفي ذاك الوقت يكون صفاء النفس؛ بسبب عدم شغل البال وهدوء الحركات، فالنفس صافية فيمكن أن تنعكس عليها الأنوار القرآنية ما لا ينعكس في غير ذلك الوقت . *كيف يكون تكوين الجيل القرآني؟ وهل يستطيع المرء أن يكوّن جيلين قرآنيين من فئتين مختلفتين في آن واحد؟ **هذا بقدر عزيمة الإنسان: على قدر أهل العزم تأتي العزائم ** وتأتي على قدر الكرام المكارم وتعظم في عين الصغير صغارها ** وتصغر في عين العظيم العظائم . فالإنسان عندما تكون همته كبيرة وعزيمته متوقدة ومطلبه مطلبا إنسانيا وطموحه لا يقدر بحد فلا يعجزه شيء من ذلك بل يبارك الله - تبارك وتعالى - قدرته ، ويستطيع الإنسان أن ينسق ما بين أعماله وأن يهيء لنفسه فراغا ؛ حتى يكوّن جيلا قرآنيا يؤمن بالله واليوم الآخر، ويتبع أوامر الله ويزدجر عن نواهيه ، مع مراعاة أجيال أخرى في أماكن أخرى فبإمكان الإنسان فعل ذلك ولا سيما عندما تتاح له الفرص بحيث يكون عنده الوقت والفراغ وتكون عنده الوسائل التي تمكنه من ذلك . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
*: كيف بلغت الآية الكريمة (الم*غلبت الروم ) الى مسامع هرقل؟
**: انا ما قلت بأن الآية الكريمة بلغت الى مسامع هرقل، وانما قلت: ان نزول هذه الآية الكريمة كان مؤذنا للانتصار، وشاء الله سبحانه وتعالى لا بسبب انه قرأ هذه الاية الكريمة، تحولت نفسيته عما كانت عليه بمشيئة الله سبحانه تحقيقاً لهذا الوعد، وإذا أراد الله امراً هيَّأ له الأسباب، وقد أراد الله أن ينجز هذا الوعد، فهيأ له الأسباب، تحول هرقل عما كان عليه، حتى أن المؤرخ الانجليزي الذي أرَّخ لسقوط الدولة الرومية، وهو ( جبون ) الكاتب الانجليزي ذكر وضع هرقل الذي كان عليه، وقال ما معناه: بأنه كما يتلاشي الضباب أمام أشعة الشمس المحرقة كانت تتلاشي تلك الأحول التي كانت تلابس نفسية ذلك الإمبراطور الوادع الماجن؛ الذي يقف على أقدام (اركاديوس) أحد اباطرة الروم الذين كانوا مترفين ، يعنى كان كذلك الإمبراطور الذي كان في معنى الترف حتى صار فاتحاً يحكي في فتوحه احد الاباطرة الذي كان لهم دور في الفتوح، يعنى تحولت حالته عما كانت عليه، وذلك امر لم يكن يدور بخلد أحد من الناس، وانما شاء الله سبحانه وتعالى أن يكون ذلك سببا للانتصار الذي انتصره الروم على الفرس. *: الا يمكن ان يُتنبأ الآن بنصر المسلمين في فلسطين على اعداء الله؟ **: في الواقع قبل كل شيء نريد ان نفرق بين خبر الله سبحانه وخبر البشر، فالله سبحانه وتعالى عندما يخبر بخبر، يخبر عنه بطريقة جازمة، وقد يكون هذا الاخبار بطريقة محددة، فالله اخبر في كتابه بأن الروم سينتصرون على الفرس في بضع سنين، والبضع عند العرب بين الثلاثة والعشرة ، من منا يستطيع أن يقول الآن أننا سنفتح فلسطين، وسيدخلها المسلمون ويتنصرون على اعداء الله في ظرف سنة او سنين او ثلاث او اربع او عشرين او ثلاثين او اربعين، منذ وطئ اعداء الله اليهود ارض فلسطين لازال العرب يرددون: عائدون! ولكن هل عادوا؟! انما تقطع أرضهم قطعة بعد أخرى, ونحن موقنون لا بِتنبُؤٍ من قبل أنفسنا، ولكن موقنون بأننا اذا استمسكنا بالعروة الوثقى، اذا تمسكنا بالاسلام فالله سبحانه وتعالى سينصرنا على القوم الكافرين، على اليهود، على الشيوعيين وعلى غيرهم في أي مكان، الله سبحانه وتعالى سينصرنا ، ولكن اذا صدقنا الله ، فان الله سبحانه وتعالى يصدقنا على كل حال، اما ونحن ندعي الاسلام فقط ونتمسك منه بالقشور، ولكن لا يلامس الإيمان شغاف نفوسنا فذلك من أبعد البعيد، ونسأل الله سبحانه وتعالى العافية. الله سبحانه وتعالى وعد عبادة المؤمنين بالنصر (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)(الروم: من الآية47)، فإيجاد الايمان الحق هو الحق الواجب حتى نكون حقيقين بالنصر من قبل الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى يقول: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)(الحج:40ـ41). فالذين وعدهم الله سبحانه وتعالى بالنصر هم الذين يجمعون هذه الخصال، هم الذين ينصرون الله لا يبتغون بجهادهم الاً رضوان الله، ولا يبتغون بعملهم الا وجه الله، يتقربون الى الله سبحانه وتعالى بما يعملون، ولا يتقربون الى غيره، لا يريدون حظاًً دنيوياً، لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً, وانما يريدون ان تكون كلمه الله هى العليا، وان تكون كلمة الذين كفروا هى السفلى، وأن يُعبد الله في الأرض، أن تقام الصلاة، وتؤتى الزكاة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، اما اذا كان المسلمون على عكس ذلك، اذا كانوا هم يضيعون الصلاة ويتبعون الشهوات، ويمنعون الزكاة ويأكلون الربا، ويتآمرون بالمنكر، ويتناهون عن المعروف، ويقلدون اعداء الله، فكيف ينتصرون؟! وفي الحديث القدسي: "اذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني"، انما النصر مرهون بنصر العباد لربهم. ونصر العباد لربهم انما يكون بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والجهاد في سبيله لإعلاء كلمته ، لا لأجل حظ دنيوي ولا لأجل غرض من اغراض الدنيا. والمسلمون الذين انتصروا في الرعيل الأول في العصر السابق , بماذا انتصروا ؟ انتصروا بصدقهم لله سبحانه وتعالى فيما وعدوه به، فصدقهم الله عز وجل ما وعدهم، خرج المسلمون في وقت واحد لمقاومة الدولتين الكبريين في ذلك الوقت، مقاومة الروم ، ومقاومة الفرس، وما كانوا عند مقاومتهم الروم ليسندوا ظهورهم الى الفرس، ولا كانوا عند مقاومتهم الفرس يسندوا ظهورهم الى الروم، في وقت واحد واجهوا هاتين الدولتين الكبريين، وكانت الصفات التي يتحلون بها تبهر أعداءهم. فقد ذكر الطبري في تأريخه أن هرقل هذا الإمبراطور الروماني عندما كانت جيوشه تتساقط امام الزحف الاسلامي، اجتمع مع قادة جيشه يتدارس اسباب هذه الهزائم المتلاحقة التي كانوا يمنون بها، فسألهم: ماهى حالة هؤلاء الناس الذين لقيتموهم حتى هزموكم هذه الهزائم المتلاحقة؟ فقال له احد القادة: هم رهبان بالليل فرسان بالنهار، لا يأكلون في ذمتهم إلا بثمن، ولا يدخلون إلا بسلام، يقضون على من حاربهم حتى يأتوا عليه. وقال آخر: اما الليل فرهبان، اما النهار ففرسان، يريشون السهام ويبرونها ويثقفون القنا، لو حدثت جليسك حديثاً ما فهمه منك بما علا من أصواتهم من القرآن والذكر، فاذا وجدت هذه الصفات في المؤمنين اليوم لانتصروا على أعدائهم. وعندما كان الجيش الفارسي ايضا ينهار امام سيوف المسلمين ويتقهقر يوماً بعد يوم، ضاق يزدجرد ذرعاً بهذا الامر فكتب الى إمبراطور الصين يستنجده على المسلمين, والإمبراطور الصيني في ذلك الوقت كان الإمبراطور المعاصر للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه حسب ما يقال بأن الإمبراطور المعاصر للنبي صلى الله عليه وسلم، ... كان من أذكى أباطرة الصين وأعمقهم فكراً وأدقهم نظراًٍ. كتب الإمبراطور الفارسي يزدجرد إلى إمبراطور الصين بطلب منه النجدة على هؤلاء المسلمين, وأرسل اليه رسولا حاملاً اليه هذه الرسالة، فأذن للرسول فدخل وقرأ هذه الرسالة، تم اخذ يسأله عن أشياء، وكان فيما سأله عنه: هؤلاء القوم الذين خرجوا عليكم هل هم اكثر عدداً منكم ام اقل عدداً؟ قال له: أقل عدداً. هل هم اقل منكم عدة؟ قال: نعم اقل عدة، فال له: اخبرني عن حالهم، قال: هم رهبان بالليل فرسان بالنهار، قال: اخبرني عن حالتهم فيما بينهم؟ قال له: قلوبهم كقلب رجل واحد، قال له: اخبرني عن طعامهم: قال: هم يأكلون يقدر ما يعيشون، قال: اخبرني عن لباسهم، قال: هم يلبسون بقدر ما يستترون، ويقولون: لباس التقوى خير، اخذ يسأله عن اسئلة ويجيبه، ثم قال له: لم ينتصروا عليكم إلا بهذه الصفات مع قلتهم وكثرتكم. ثم كتب رسالة جوابية الى إمبراطور فارس يقول فيها: لقد وصلنى كتابك، وفهمت ما عند رسولك، ولا يمنعني من إرسال جيش أوله بمرو وآخره بالصين إلا ان أولئك القوم الذين خرجوا عليكم لا يقاومهم شيء، فلو وقفت في طريقهم الجبال لاقتلعوها ولو أرادوني لأزالوني من مكاني هذا، فان شئت ان تسلم فاستسلم لهم. فعندما يكون المسلمون متخلقين بهذه الأخلاق، متحلين بهذه الصفات، عندما تكون شعلة الإيمان تتوقد بين جوانحهم، والغيرة على حرمات الله سبحانه وتعالى تملأ كيانهم عندها يتنصرون. سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
السؤال :
س4- ذكرتم أن الآيات القرآنية تتفاوت من حيث المعنى فهلا تفضلتم ببيان ذلك ؟! ج- نعم ، القرآن الكريم اختلف العلماء في تفضيل بعضه على بعض، منهم من منع تفضيل شيء على شيء منه، وقال: لا يقال بأن سورة كذا أفضل من سورة كذا ، أو آية كذا أفضل من الآية كذا ، هذا رأي طائفة من العلماء ، هناك رأي طائفة أخرى يخالف هذا الرأي ، يقولون : إن القرآن الكريم يتفاضل بحسب الموضوعات التي يطرقها، فقول الله سبحانه وتعالى(شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ)(آل عمران: من الآية18) وقوله تعالى (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )(البقرة: من الآية255) وقوله تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )(النور: من الآية35) طبعاً هذه الآيات أفضل من قوله تعالى (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ )(البقرة: من الآية222) فإن الآيات الأولى تتحدث عن جلال الله وعن عظمة الله وعن شأن الله ، هي بطبيعة الحال أفضل من آية تتحدث عن أمر يتعلق بالخلق وخصوصاً إذا كانت نفسها أذى . وهؤلاء لهم أدلة تدل على ذلك حيث جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عندما سمع الرجل يقرأ سورة الإخلاص، وكان الرجل يتقالها؛ أي يعتقد أنها قليلة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها لتعدل ثلث القرآن " ما كانت لتعدل كلمات القرآن ( ثلثه ) وهي كلمات قليلة من حيث العدد إلا لفضلها ، ولذلك جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "أن (يس) قلب القرآن" ، وجاء حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "أن أعظم آية هي آية الكرسي" وجاء أيضاً "إنها انتزعت من تحت العرش ووصلت بسورة البقرة" فهذه الأحاديث كلها تدل على تفضيل بعض القرآن على بعض . وأما من حيث البلاغة فقد ذكر السيد رشيد رضا بأن القرآن المكي أبلغ من القرآن المدني، ورد ذلك إلى أن القرآن المكي يخاطب قريشاً فهم ذؤابة العرب ، وكانوا في الذروة من البلاغة ، فلذلك جاء أبلغ ما يكون ، بينما القرآن الكريم جاء إما ليخاطب الأنصار وهم دون قريش في بلاغتهم ، وإما ليخاطب أهل الكتاب وهم دون قريش في بلاغتهم ، فلذلك كان دون القرآن المدني من حيث البلاغة ، والقرآن الكريم لم ينزل على بلاغة الناس في مخاطبتهم ، وإنما هو كلام الله عز وجل يفوق جميع بلاغات البلغاء ، وينظر إلى آيات التوحيد، الثاني نزلت بالمدينة المنورة لا نجدها تختلف عن الآيات التي نزلت بمكة المكرمة ، ومن شأن البلاغة أن يراعي فيها مقامات ، وقد تقتضي البلاغة تارة الإطناب وتارة الإيجاز ومراعاة الإطناب بالمدينة المنورة ، والإيجاز بمكة المكرمة كل من ذلك يعد بلاغة وتعد البلاغة غير متفاوتة ، فالقرآن لا تتفاوت آياته من حيث البلاغة ، وإنما تتفاوت في الفضل ، ومن حيث المحتوى كما تشير إلى ذلك الأحاديث النبوية عن صاحبها عليه أفضل الصلاة والسلام . س5- السائل يسأل عن قوله سبحانه وتعالى ( أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)(الشورى: من الآية51) ما معناها؟ وما وجه البلاغة فيها ؟ ! ج- أن يسمع الصوت من غيره ولا يعلم من أين أتاه، هذا معنى " أو من وراء حجابَ " كما وقع ذلك لموسى عليه السلام، أما وجه البلاغة فيها فهو عبارة شاملة دالة على أن هذا السامع سمع هذا الصوت من حيث أحس بأنه قصد به خطاباً ولكن ما علم كيف أتاه ، هذا من وراء حجاب . س ـ قالوا سابقاً أن الذرة لا تتجزأ واستبدلوا في وقتنا الحاضر بدلاً من الذرة الجزيء فقالوا: إنه أصغر جزء في المادة . فهل نستطيع القول بأن الجزء لا يتجزأ ؟ ج . على أي حال أنا قبل كل شيء اعتذرت وقلت عن نفسي بأنني اقتحمت في لجة لست متعوداً على السباحة فيها ، ولا أقدر على السباحة فيها ، ولكني عندما أردت أن أتكلم فيما يتعلق بالقرآن الكريم ، القرآن الكريم لم يتعرض للجزء ، بأنه يمكن أن ينقسم ولا أنه لا يمكن أن ينقسم ، لا يمكن أن نتحدث عن هذه النقطة لأن هذا من اختصاص الآخرين ، ورحم الله امرءاً عرف قدره ووقف عند حده ، أما الذرة ، دل القرآن الكريم على أن هناك أصغر من الذرة ، وبما أن القرآن دل على أن هناك ما هو أصغر من الذرة فعلينا أن نسلم بأن هذه الذرة يمكن أن تنقسم ، أما الجزء فالقرآن الكريم ما تعرض له فنقف عند حدنا . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
يقول السائل : قال تعالى (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا )(الانبياء: من الآية22)، ما المقصود بفيهما وإن كان المعنى السماء والأرض - والله اعلم - فلماذا خص الله سبحانه وتعالى ذكرهما فقط مع أنه يوجد في هذا العالم الفسيح الكثير من الكواكب؟
** . أنا أسأل عن هذه الكواكب هل هي خارجة من السماء ، وما المقصود بمدلول السماء ، هل المقصود بمدلول السماء كوكب معين من هذه الكواكب ، فيقال بأن الكواكب الأخرى غير داخلة في مدلول السماء ، أو مدلول السماء لغة كل ما علاك فهو سماء ، فالله سبحانه وتعالى يقول: (أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)(ابراهيم: من الآية24)) أين فرعها؟ هل هو في كوكب من هذه الكواكب كوكب معين أصلها ثابت وفرعها في السماء ، ويقول الله سبحانه وتعالــى: (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً )(الرعد: من الآية17) فهل هذا الماء ينزل من الكواكب أو من كوكب من هذه الكواكب أو أنه ينزل من الجهة العلوية، فإذا كانت كلمة السماء تدل على كل ما كان أعلانا فإذا كل ما كان أعلاه فهو سماء إلى ما لا يحيط به إلا الله سبحانه وتعالى ، والله سبحانه وتعالى عندما امتنَّ على عباده بخلق السماوات ما امتن بخلق عدد صغير من الأجرام الفلكية وسكت عن غير هذا العدد، المفسرون في القديم والحديث اختلفوا في هذه السماوات السبع المقصودة وضيقوا مدلول السماوات ، كثير منهم ضيقوا مدلول السماوات ، منهم أي المتقدمين - كالفخر الرازي- عندما لم يكتشفوا في ذلك الوقت، نبتن وبلوتو ، عندما كانوا ما اكتشفوا هذه النجوم قال الفخر الرازي مثلاً بأن المقصود المجموعة الشمسية المكتشفة في ذلك الوقت وذكر من نفس هذه المجموعة الشمس نفسها وذكر منها أيضاً القمر ، لا توجد دلالة بأن القمر هو السماء أو الشمس هي السماء ، أو أن القمر هو إحدى السماوات أو أن الشمس إحدى السماوات، لا توجد دلالة على ذلك أبداً . جاء بعض المفسرين بعد هذا الاكتشاف الآخر فذكــروا أن المقصــود بالمجموعة الشمسية بكاملها ، وقالوا عن الشمس لا تعد منها والقمر - طبعاً - هو تابع صغير للأرض فلا يعد منها ، والأرض لا تحسب لأن الأرض منها بالنظر إلى هذه الأجرام ، فقالوا هي سبع سماوات ، هذه السماوات السبع ؟! كلمة السماوات السبع مدلولها أوسع من ذلك بكثير ، الله سبحانه وتعالى يقول: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً)(البقرة: من الآية22) ما معنى هذا البناء؟ نفس هذا الرباط رباط الجاذبية التي يربط ما بين هذه الأجرام الواسعة ، هذا هو البناء ، فهذه الأجرام الواسعة في كل الفضاء الهائل السحيق ، هذه الأجرام الواسعة هي سماء لأنها مربوط بعضها ببعض هي بمثابة اللبنات في البناء الواحد ، لأنها مربوط بعضها ببعض بسنة الجاذبية ، فإذن هذه كلها تعد سماء ، قد تكون فيها درجات - طبقات - نفس هذه الأجرام ، وقد تكون ما فيها طبقات وإنما بقية السماوات فوق ذلك ، أنا في نفسي لا أستطيع أن أجزم بهذا وإنما أكل العلم إلى الله ، ولكن أقول: هناك احتمال كبير بأن يكون كل ما اكتشف من هذه الأجرام الهائلة والمجرات الواسعة غير خارج عن السماء الدنيا ، لا يبعد ذلك بدليل قول الله سبحانه وتعالى(إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ)(الصافات:6)، (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ )(الملك: من الآية5) فالله سبحانه وتعالى أخبر بأنه زين السماء الدنيا فلعل هناك بعد هذه الأجرام الفلكية ، سماوات أخرى سبع أوسع مما يمكن أن يتصور البشر ، وما ندري طبيعة هذه السماوات - والله أعلم . * السائل يقول : قال تعالى: ( يكور الليل على النهار ) وقال أيضاً: ( يغشى الليل النهار ) فما وجه تقديم الليل على النهار في الايات القرآنية ، وهل معنى ذلك أن الليل خلقه قبل النهار ؟ ** الليل هو الأصل لأن الظلمة هي الأصل ، الضوء يأتي ليغشى هذه الظلمة ليمزق هذه الظلمة ليسرى في هذه الظلمة ويبددها ، فإذاً الضوء يأتي بعد الظلمة، ولما كان الضوء يأتي بعد الظلمة فإذاً الليل سابق على النهار فلذلك ذكره الله سبحانه وتعالى قبل النهار ، وضرب الله تعالى مثلاً لسريان الضوء في الفضاء وطيه لهذه الظلمة ، بآية لها جلد ويسلخ منها هذا الجلد ( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار ) فكأنما النهار هو الجلد يحيط بهذا الليل ثم يسلخ منه النهار يسلخ منه هذا الجلد فإذا بالفضاء يبدو على طبيعته ، وهو مظلم . * السائل يقول : قال الله تعالى: ( وأرسلنا الرياح لواقح ) ذكرتم أن المقصود بالتلقيح هو تلقيح السحاب . كيف يتم ذلك ؟ ** الآية تدل على ذلك ، الترتيب يدل على ذلك - ترتيب الفاء التي تفيد التعقيب والترتيب ، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ )(الحجر: من الآية22) إن الله على كل شيء قدير ، فالله عز وجل يجعل حرارة الشمس تؤثر على المياه في المحيطات وفي البحار وفي الشطوط والأنهار ، فترتفع هذه المياه حتى تتكون هذه الطبقة بسبب البرودة التي في الجو ، ثم بعد ذلك يجعل الله سبحانه وتعالى هناك ضغطاً حرارياً وعوامل من الرياح هي التي تؤثر على هذه البرودة فيذوب ذلك ويتنزل الماء من هذه الجهة العلوية إلى الجهة السفلية . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
ـ ما حكم صوم يوم الإسراء والمعراج ؟ هذا يوم كسائر الأيام ، لم يأت بدليل بمسنونية صومه ، ولم يأت دليل أيضاً بمنع صومه. فمن أراد أن يصوم هذا اليوم على أنه صيام عادي ، صيام لم تدل عليه سنة ثابتة فلا حرج عليه ، لأن الحديث الذي روي باستحباب صومه إنما هو حديث ضعيف ، ولكن مع ذلك لم يأت أي دليل يمنع من صومه . فمن أراد أن يصومه على أنه كسائر الأيام ، يصومه كما يصوم أي يوم يريد أن يصومه تقرباً إلى الله تبارك وتعالى فلا يقال بمنعه من هذا الصوم . وأما اعتقاده بأن ذلك سنة فهذا مما يتوقف على ثبوت مسنونية صيام هذا اليوم وذلك مما لم يثبت . ـ ما هي أوصاف دابة البراق ، وهل صحيح أنها طلبت من الرسول صلى الله عليه وسلّم الشفاعة ؟ هذه الأوصاف إنما تتوقف على الأدلة الصحيحة الثابتة ، وهذه أمور هي من الغيبيات التي نحن لم نكلف تفاصيلها ، فلا داعي إلى التساؤل عنها أو الخوض فيها ، إذ الإنسان في هذه الأمور الغيبية لا يتحدث إلا بدليل قاطع يعتمد عليه ، أما الأدلة الضعيفة بل حتى الأدلة الصحيحة التي هي غير قطعية لا يعوّل عليها في مثل هذه القضايا إنما يعوّل على الأدلة القطيعة لأنها أمور غيبية . ـ ما هو المعراج ؟ المعراج يقصد به العروج إلى المقامات العلى ، هذا هو المقصود . الأصل معراج مفعال ، ومفعال يطلق على الآلة ، ولكن يراد به هنا العروج . ـ ما هي وسيلة المعراج ؟ نحن نعلم أن الله تعالى يصنع ما يشاء ويفعل ما يريد ، الله تبارك وتعالى يدّبر هذا الكون كما يريده ، ينقل الشمس من مكان إلى مكان كما يقول العلماء الآن بأنها تقطع في الثانية الواحدة اثني عشر ميلاً ، والشمس هي أكبر من الأرض بمليون ضعف ومع ذلك تقطع هذه المسافة ، ما هي الوسيلة ؟ إنما هي قدرة الله تعالى التي أحاطت بكل شيء ، فضلاً عن الأجرام الفلكية الأخرى التي هي أكبر من الشمس بكثير ، وهي أسرع من الشمس بكثير ، كل ذلك مما يدل على أن الله على كل شيء قدير . فهل الله سبحانه وتعالى يعجزه أن يعرج بعبده ورسوله صلى الله عليه وسلّم من غير وسيلة ، وهل هو بحاجة إلى الوسيلة ، إنما علينا أن نسلّم الأمر لله تبارك وتعالى وأن لا نخوض في ذلك . ـ ما هي الدروس والعبر التي يمكن أن يستفيدها المسلم من خلال هذه المناسبة ؟ حقيقة الأمر المسلم يستفيد الكثير لأن المسلم دائماً يكون موصولاً بربه سبحانه وتعالى فإن واجهته شدة علم أن وراء هذه الشدة خيراً له ، إذ لا يضيّق عليه إلا لخير يريده الله تعالى به أو بسبب معصية اقترفها وأراد الله أن يعجل عليه العقوبة ، فهو يحاسب نفسه إن كان هنالك ضيق عليه ، مع كونه يعوّل على ربه سبحانه راجياً من الله تعالى أن يفرّج كربته وينفّسها عنه ، فهذا هو شأن المسلم . وهناك أيضاً من جملة العبر ما يؤذن بأن الشدائد وإن ضاقت فإن انتظار الفرج عبادة . النبي صلى الله عليه وسلّم ضاقت به الشدائد ، وهو كغيره من الرسل ، الرسل جميعاً تمر بهم أزمة شديدة بسبب بما يلقونه من التحدي ، فالله سبحانه وتعالى أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم بأنباء الرسل ليثبت بذلك فؤاده ( وَكُلاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ)(هود: من الآية120) ، وعندما أمره الله سبحانه وتعالى أن يخبر عن سبيله بل وسبيل أتباعه وهو الدعوة إلى الله أتبع ذلك ما يثبت عزيمته مما قصه من أنباء من قبله من الرسل ، فقد قال تعالى ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108) ، ثم أتبع ذلك قوله ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ * حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ * لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف:109-111) ، فهكذا كان شأن المرسلين مع أقوامهم عندما تضيق بهم الأزمات بحيث يشارفون اليأس بسبب هول الموقف يأتيهم فرج الله تبارك وتعالى . فالمؤمن هكذا يتطلع إلى الفرج ، يتطلع إلى النصر ، يتطلع إلى اللطف الإلهي ، يتطلع إلى الرحمات الربانية التي تغمره في كل موقف من المواقف . وبجانب هذا أيضاً المسلم يشعر دائماً أن الله تعالى على كل شيء قدير ، وأنه سبحانه وتعالى أحاط بكل شيء علما فهو سبحانه سنّ سنناً لهذا الكون ، ولكن عندما يريد خرق هذه السنن فهو تعالى لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ، هو على كل شيء قدير ، يصرف الكون كما يشاء ، يقول للشيء كن فيكون . ـ البعض يستدل بقوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) (النجم: 13 ) أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلّم رأى ربه ليلة المعراج ، فما قولكم ؟ ثبت في رواية الإمام الربيع وفي رواية الشيخين البخاري ومسلم ورواية غيرهم من أئمة الحديث من رواية مسروق أنه سمع أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها تقول : من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية . قال مسروق : وكنت متكئاً فجلست وقلت يا أم المؤمنين أمهليني ولا تعجليني ، ألم يقل الله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) (النجم:13) ، ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ) (التكوير:23) ؟ فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ذلك ، فقال : ذلك جبريل لم أره في صورته التي خلقه الله عليها إلا مرتين رأيته منهبطاً من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض . فهذا نص صريح على أن المرئي إنما هو جبريل عليه السلام ، وأن ذلك من كلام الرسول صلى الله عليه وسلّم فهو المبلغ . قال من قال بأن هذا مجرد كلام من عائشة رضي الله تعالى عنها ، ليس كما قال ، بل هي تروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلّم بصريح العبارة ، على أنها استدلت بهذا النفي بقوله تعالى ( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الأنعام:103) . كما ثبت ذلك في رواية هؤلاء الأئمة ، والله تعالى أعلم . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
بارك الله فيك أستاذي البراء
وفقك الله لما فيه الخير والصلاح الحمد لله رب العالمين |
ـ بعض المسؤولين يقومون بالقسم في سبيل تأدية الواجب ولكن بعضهم وللأسف الشديد يجعلون هذه المسؤولية في سبيل تحقيق رغباتهم الشخصية دون النظر للمواطن ، ما هو تعليقكم على ذلك؟.
لا ريب أن المنصب هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، فهو مسؤولية الله تعالى أولا ثم ولي الأمر ثم الشعب كله، فلذلك كان على الذي يتقلد المنصب أن يتقي الله تعالى في عمله وأن يحافظ على أمانته وأن يحرص على أن لا يكون من قبله أي خلل، وأن تكون ثغراته من قبله مسدودة حتى لا يلج من خلال ثغرته. فإن الأمة ولا سيما المسؤولين يشكلون جداراً واحداً وعندما تكون في الجدار ثغرات لا ريب أن محافظته لا تكون كما هو مرجو ولذلك كان على كل واحد ائتمن أمانة أن يتقي الله تعالى في أمانته. ـ حب الوطن واجب على كل فرد يعيش على ارضه لذا لا بد له من أمور ليكون قد أدى ما عليه من حقوق، على هذا ماهي حقوق المواطن للوطن وما هي حقوق الوطن للمواطن؟ لا ريب أن الوطن يتكون من المواطنين فالإنسان مطالب بأن يكون فرداً صالحاً في مجتمعه وأن يكون شاعراً بمشاعر الأخوة التي تشد المؤمنين بعضهم إلى بعض وهي التي جسدها النبي في قوله ( ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد اذا اشتى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر). كل تخريب هو إضاعة للأمانة. ـ تقوم الدولة مشكورة بتقديم الخدمات للمواطن والمقيم كالمرافق الصحية والمستشفيات والحدائق والطرق المعبدة وبعض الجماليات وغيرها كثير.. ولكن للأسف الشديد نجد بعض المواطنين يقومنون بتخريب تلك الخدمات ; ألا يكون ذلك من اسباب الخيانة للوطن وما هو ردكم على ذلك؟ كل تخريبً إنما هو إضاعة للأمانة، كل إضاعة للأمانة هي خيانة فعلى الإنسان أن يتقي الله قبل كل شي وأن يحرص على المحافظة على أمانته فهذه أمانة الله قبل أن تون أمانة الخلق. ـ الطبيب والمدرس وغيرهم من الموظفين ممن وكل إليهم بعض الأمور في الدولة لا يعملون بالشل الذي يرضي الله تعالى ما هو نصيحتم لمثل هؤلاء؟. على هؤلاء أن يتقوا الله في أماناتهم وأن يحرصوا على أن لا تكون من قبلهم ثغرات وأن يحرصوا على أن يرضوا ربهم قبل إرضاء الخلق. كما أن عليهم أن يبروا بأبناء وطنهم وبرهم بولي أمرهم . ـ نجد في بعض الأحيان رب العمل يقوم بتكليف العامل الذي يعمل معه فوق طاقته هل علي العامل الاستماع إليه باعتبار أنه رب العمل أو أن يعمل وفق طاقاته ؟ على الإنسان أن يعمل في حدود طاقته ومن المتعذر أن يخرج عن حدود طاقته ويعمل أكثر من طاقته هذا من المتعذر والله سبحانه وتعالى ما كلف أحداً فوق طاقته (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) وفي سورة أخرى (اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) إذا كان تكليف الحق سبحانه وتعالى لا تتجاوز حدود المستطاع فكيف بتكليف الخلق. سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
*ما حكم الصيام بعد الخامس عشر من شعبان ؟
**أما الذي كان يصوم من قبل فإنه يستمر على صيامه . وحقيقة الأمر هناك رواية منع الصيام في يوم الشك ، وإنما البعض كره أن يصوم الإنسان في النصف الأخير من شعبان لمن لم يكن صائماً من قبل ، أما إن كان على صيام من قبل فلا حرج عليه أن يستمر في الصيام ، والنبي صلى الله عليه وسلّم كان أكثر ما يصوم في شهر شعبان . *ما هي الحدود الممنوعة في التعامل بين الزوج وزوجته في عدة طلاقها الرجعي ؟ **بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : فإن المرأة عندما تكون مطلقة طلاقاً رجعياً تكون هناك صلة بينها وبين زوجها ، وإن كان لا يحل له أن يستمتع بها إلا بعد أن يراجعها مراجعة شرعية ، والصلة إنما هي تظهر في كونه يرثها وترثه ، وفي كونها مأمورة بأن تبقى في نفس بيته كما دل على ذلك قول الله تعالى ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) (الطلاق: من الآية1) ، وفي هذا ما يدل على جواز أن ينظر إليها ويراها ، وأن يخلو بها خلوة من غير استمتاع ، أما أن يستمتع بها فالمتعة غير جائزة ، أي متعة كانت ، فلا يحل له أن يواقعها ، ولا يحل له أن يضمها ، ولا يحل له أن يقبلها ، وإنما يجوز له النظر إليها لعل في هذا النظر ما يشجعه على مراجعتها ، ومن أجل ذلك استُحب لها أن تتزين حتى يكون في ذلك ما يدفعه إلى مراجعتها في خلال العدة ، أما الاستمتاع كما قلنا بأي وجه من الوجوه فهو لا يحل ، وإنما تُظهر له ظاهر زينتها دون باطن زينتها ، وليحذرا من الوقوع في محارم الله ، فإن مالت نفسه إليها فلا يأتينها إلا بعد أن يراجعها مراجعة شرعية ، والمراجعة الشرعية عندنا تتوقف على شهادة شاهدين أخذاً بما دل عليه قول الله تعالى ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (الطلاق: من الآية2) ، فلا بد من أن يشهد شاهدين على مراجعتها ، على أن يكون ذلك إبان عدتها قبل أن تنسلخ عدتها ، أما بعد أن تنسلخ عدتها فإنه في هذه الحالة يكون كواحد من الخطاب وهي أملك بنفسها منه ، فلا تحل له إلا بعقد جديد مع جميع لوازمه الشرعية وهي رضاها وإذن وليها وصداق جديد وبينة ، والله تعالى أعلم . *يوصي البعض بأن يكفن من ماله ولا ينتبه لذلك إلا بعد أن يدفن الميت ، فكيف يتصرف الوصي في هذه الحالة ؟ **في هذه الحالة أي عندما يتعذر تنفيذ الوصية فإن الوصية ترجع إلى الورثة ، فإن كان الورثة كلهم بُلّغاً عُقّالا بحيث يسوغ لهم أن يتصرفوا في التركة كما يشاءون فإنه ينبغي لهم أن ينفقوا ذلك في الخير من غير أن يكون ذلك لازماً عليهم ، ولكن ذلك أبر لميتهم وأفضل لهم ، وإن لم يفعلوا ذلك فإن هذا الأمر يرجع إليهم . أما إن كان الورثة أيتاماً أو كان بعضهم يتامى فإن ذلك لا يسوغ في مال اليتامى وإنما يسوغ في مال البُلّغ العقلاء المالكين لأمرهم ، والله تعالى أعلم . *ما رأي سماحتكم فيما يوصي به البعض من إعطاء مبلغ معين لمن شارك في الدفن أو الحفر لقبره حيث إن عدد المشاركين في ذلك كبير يشق على الوصي معرفتهم ؟ **عندما يتعذر الوصول إلى الموصى لهم فإن الوصية ترجع إلى الورثة ، إلا إن كانت هذه الوصية من ضمان ففي هذه الحالة لا بد من البحث عن الموصى لهم أو عن ورثتهم إن كانوا قد ماتوا ، فإن تعذر ذلك فحكم ذلك حكم المال الذي جُهل ربه ، وكل مال جُهل ربه فإن فقراء المسلمين أولى به ، والله تعالى أعلم . *أصبحت عيادات الفحص قبل الزواج تكشف عن وجود بعض الأمراض الوراثية في أحد الزوجين ، وقد يحكم الأطباء أن احتمال انتقال هذا المرض إلى الأبناء بنسبة مرتفعة . ففي حال تعلق رجل وامرأة بعضهما ببعض فهل لهما أن يتزوجا مع هذه النتيجة من الفحص الطبي ؟ **هذه نتيجة فيها خطورة ، إن كانت نسبة احتمال انتقال الأمراض إلى الذرية نسبة عالية فالإقدام على الزواج فيه تعريض للذرية للخطر ، ولا ينبغي للإنسان أن يعرّض ذريته للخطر إنما عليه أن يحرص على سلامة الذرية . وإنما يُنظر في هذا التعلق ، هل هو تعلق قد يفضي إلى ارتكاب الفحشاء ، بحيث يكون بالزواج درء لمصيبة أكبر ، فإن كان كذلك ففي هذه الحالة ليقدما على بركة الله ولكن مع التوقي من النسل خشية أن تكون الذرية كما يقول الأطباء ذرية معرضة للأمراض . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
فميزااااااااااااااااااااااااااااااان حسناتج ان شاء الله
|
*ما حكم صيام اليوم الثاني والثالث من شهر شوال ؟ **ما المانع من ذلك ! ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم : من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كمن صام الدهر . أي إذا صام أحد شهر رمضان المبارك الميمون وهو فرض عليه ثم أتبع هذا الصيام بصيام نفل في شهر شوال بحيث صام ستة أيام تبدأ هذه الأيام الستة من ثاني يوم من أيام شوال ، لأن أول يوم من أيام شوال لا يجوز الصوم فيه لأنه يوم عيد ، وهو يوم ضيافة الله تبارك وتعالى ، وقد انعقد الاجماع على عدم جواز صيام ذلك اليوم ، أما ما عداه فلا مانع من صيامه . فيجوز للإنسان أن يصوم هذه الست بحيث يبدأ من يوم الثاني ويصوم الثاني من شوال والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع . ويجوز أن يصومها أيضاً في أي وقت من شهر شوال سواء قدم ذلك أو أخر ، وسواء صامها مجتمعة أو صامها متفرقة لأن الحديث أطلق ولم يقيد ، ولما كان الحديث يدل على الإطلاق فإن الحكم يبقى مطلقاً لا يتقيد ذلك بأن تكون هذه الست متتابعة ولا أن تكون متفرقة ولا أن تكون بعد يوم العيد مباشرة ولا أن تأتي بعد العيد ، فيجوز الإتيان بهذا الصوم في أي أيام شهر شوال ، والله تعالى أعلم . *ما حكم صيام يوم الجمعة منفرداً إن كان تتمة لست من شوال ؟ **أما يوم الجمعة فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم النهي عن صيامه إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده اللهم إلا أن يصادف يوماً يصومه أحدكم ، بأن يعتاد الإنسان أن يصوم يوماً من الأيام كيوم عاشوراء مثلاً ويصادف ذلك اليوم يوم الجمعة أو كيوم التاسع من ذي الحجة ويصادف ذلك اليوم يوم الجمعة فلا بأس في صيامه وحده في هذه الحالة لأن ذلك مما استُثني في حديث الرسول صلى الله عليه وسلّم . فهذا إن كان صام الست من شوال واعترضه ما أخّره عن مواصلة الصيام ثم بقي يوم وزال ذلك المانع الذي بسببه امتنع عن مواصلة صيامه فإنه لا مانع من أن يصوم يوم الجمعة لأنه اليوم المتبقي فحتى يتواصل مع الأيام الباقية ، إذ هو في حكم من كان متواصلاً صومه . *المكان الذي نصلي فيه تقوم بتنظيفه نساء ، فهل تجوز الصلاة فيه ؟ ** أنا أعجب من هذا السؤال ، وكيف يصدر من طالب يدرس في مرحلة جامعية!! هل المرأة رجس ؟ عجب كيف يقال بأن الصلاة لا تجوز في مكان تنظفه النساء . ما هو السبب في ذلك ؟ هذه نظرة غير إسلامية ، هذه نظرة جاهلية ، فالمرأة ليست نجسة ، إنما المرأة طاهرة كالرجل حتى ولو كانت في فترة حيض مثلاً ، حيضتها لا تعني نجاسة جسمها كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه كان يدخل مع الحائض في لحاف واحد ، وثبت عنه عليه أفضل الصلاة والسلام أنه كان يتعرق اللحم الذي تتعرقه الحائض فيضع فاه حيثما وضعت فاها كما جاء ذلك في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها . وعندما طلب منها أن تناوله الخمرة أي الفراش الذي يصلي فيه وقالت له إني حائض قال لها : ليست حيضتك في يدك . فهذا يدل على أن بدن الحائض طاهر فلا يقال بأن المرأة هي نجسة ، هذا كلام لا يسوغ . ولو قدرنا أن بدنها نفسه نجس ـ لو قدرنا ذلك بطريق الفرض لا بطريق التسليم ـ فإن ذلك لا يعني أن كل ما لاقى هذا البدن يتنجس ، إذ البدن النجس لا يؤثر على الطاهر الذي يلقاه إن كانا جميعاً يابسين . فكيف يقال بأن المكان الذي تنظفه المرأة لا تجوز الصلاة فيه . أنا أعجب من هذا السؤال وأن يصدر من طالب ولعله في المرحلة الجامعية أو ما بعد هذه المرحلة الجامعية . *ما حكم مصافحة أزواج الأخوات ؟ ** أزواج الأخوات هم أجانب ، إذ يحل لهم أن يتزوجوها عندما تنفصل عنهم أخواتهم . فإن قيل بأن في حال وجود أختها مع أحد هؤلاء فلا يحل له الزواج بها ، الجواب هذه الحرمة موقوتة ، والحرمة الموقوتة أيضاً تشمل حتى النساء المتزوجات ، فكل امرأة متزوجة لا يباح للإنسان أن يتزوج بها ، أي لا يباح لأحد آخر أن يتزوج بها . لو كانت الحرمة الموقوتة مفضية إلى أن تكون النساء محارم لأولئك الذين يحرمن عليهم الحرمة الموقوتة لكانت كل امرأة متزوجة محرماً لجميع الرجال الآخرين ، وليس كذلك . فهكذا إذاً يجب مراعاة هذا الجانب ، فالحرمة التي تبيح المصافحة وتبيح الخلوة هي الحرمة غير الموقوتة بسبب نسب أو رضاع أو صهر ، والله تعالى أعلم . *أحياناً يسمع الواحد شيئاً من الشائعات أن فلاناً مات ثم يُخبر بأنه مسحور وليس ميتاً ؟ **هذا كلام الخرافيين الذين لا يفرقون بين الحقيقة والوهم ولا بين الحق والباطل ولا بين الهدى والضلال ، وهوعلى أي حال إنكار للواقع ، ورد لما أخبر الله تعالى به من أن كل حي يموت ، الله تعالى يقول ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَة )(آل عمران: من الآية185) ، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلّم ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) (الزمر:30) ، وقال ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَه )(القصص: من الآية88) ، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أن كل أحد يموت . فلماذا إذن إذا وقع هذا الأمر الذي أخبر الله تعالى به يُشيع الناس أن هذا غير ميت وإنما هو مسحور ، هذا كلام أهل الخرافات والبدع ، وليس ذلك من الصحة في شيء ، ويجب عدم الإصغاء لمثل هذه الخرافات والتضليلات . *هل للمرأة حكم يغاير حكم الرجل في السجود ؟ **المشهور عند العلماء بأن المرأة تؤمر بأن تضم بعضها إلى بعض في سجودها ، وأن لا ترفع مؤخرتها كثيراً في حال السجود بخلاف الرجل ، هذا هو المشهور . ومن العلماء من يرى أنه لا فرق بين المرأة والرجل في هذا ، ذلك لعدم وجود التخصيص في الشرع ، وإنما التخصيص مما يُفهم من وجوب الستر على المرأة ، وهي قد تكون تصلي داخل بيتها بحيث لا يطلع عليها رجل ولا يراها أحد إلا زوجها مثلاً أو من يراها من بنات جنسها ، فلا حرج في هذه الحالة أن تصلي كصلاة الرجل من حيث الهيئة . *إذا أسقطت المرأة قبل أربعة أشهر فمتى تطهر ؟ **هذه المسألة وقع فيها خلاف كثير إذا كان ما أسقطته غير كامل الخلقة ، والذي نأخذ به هو رأي قطب الأئمة رحمه الله التفرقة ما بين المراحل ، فإن كان ما أسقطته علقة فحكمه سبعة أيام ، وإن كان مضغة فحكمه أربعة عشر يوماً ، وإن كان مضغة مخلقة فحكمه واحد وعشرون يوماً ، وإن كان كامل الخلقة فالمدة كلها وهي أربعون يوماً ، هذا إن استمر بها الدم ، أما إن رأت الطهر قبل ذلك فعليها أن تغتسل وتصلي . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
السؤال
إذا ضاقت نفس المصلي أثناء قراءة سورة الفاتحة عند كلمة لا يحسن الوقوف عليها ، هل يصل القراءة بأن يعيد قراءة كلمة أو كلمتين كي يكتمل المعنى أم أن ذلك يعد تكراراً ؟ الجواب : على أي حال هو إن وقف وقفاً اضطرارياً من أجل أنه لم يستطع مواصلة القراءة فلا حرج في هذه الحالة أن يستمر ولو كان هنالك فصل ما بين كلمتين مترابطتين لا حرج في أن يستمر ، وهذا مما ذكره العلماء بأنه يستثنى في أي قراءة لا في الفاتحة فكيف بالفاتحة ، مع أن الفاتحة يمنع أن تكرر في الركعة الواحدة . السؤال عند تعليم الأطفال الصلاة في سن السادسة أو السابعة نضطر لتحفيظهم النية لفظاً ويصلون هكذا لمدة سنة أو سنتين ريثما يفهمون حقيقة النية ، فما قولكم ؟ الجواب : جعل هذه الألفاظ وسيلة لا غاية بحيث تكون وسيلة لأجل أن يفهموا النية فلا حرج في ذلك . السؤال من ابتلي بالتهاب في فروة الرأس هل يجوز له أن يغسل رأسه في دورة المياه بماء أو سائل قد قرئ فيه آيات من القرآن الكريم ؟ الجواب : على أي حال الآيات لم تقع بنفسها في الماء ، لم تتحلل في الماء ، وإن كان في الماء بركة تلك الآيات ، وإن أمكن التنزه عن الغسل بذلك الماء في دورة المياه فذلك أفضل . السؤال من وجد قولين في مسألة لعالمين مجتهدين فبأي القولين يأخذ ؟ الجواب : هل وجد هذين القولين لعالمين مجتهدين في عصره ، أو لعالمين مجتهدين ميتين ؟ الإنسان مطالب في عصره إن وجد العالم المجتهد أن يرجع إليه من أجل أن يبين له القول الراجح ، ذلك لأن ترجيح الأقوال يختلف أيضاً حتى باختلاف الزمان ، إذ لعامل الزمان تأثير في ترجيح الأقوال ، فإن العالم الفقيه كالطبيب فيعالج المشكلة بحسب ما يمكن أن يكون أجدى وأنفع في العلاج ، والطبيب قد يختلف العلاج عنده بين فصل وفصل ، فتجد مثلاً في فصل الصيف يعطي جرعة لا يعطيها في فصل الشتاء وكذلك العكس ، وهكذا العالم الفقيه عليه أن ينظر في اختلاف الأوقات وفي اختلاف الأزمنة بل في اختلاف الأشخاص أيضاً ، كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما انه استفتاه مستفت في قبلة الصائم فأجابه بالإباحة واستفتاه آخر فأجابه بالمنع ، وقد لوحظ أن الذي إجابة بالإباحة كان شيخاً ، والذي إجابه بالمنع كان شاباً ، ومن المعلوم أن فوران الشهوة عند الشاب أكثر من الشيخ فلذلك أجابه بالمنع ، والشيخ يكون أهدأ أعصاباً من هذه الناحية فلذلك أجابه بالإباحة . فلئن كان واجداً عالماً مجتهداً في زمانه فعليه أن يرجع للعالم المجتهد ، أما إن كان في زمانه عالمان مجتهدان وقد اختلفا في مسألة ما فإنه في هذه الحالة ينظر إلى من كان أعلم وأورع ، يرجع إلى رأي الأعلم والأورع فيأخذ برأيه فذلك أسلم ، والله تعالى أعلم . السؤال : المرأة إذا علمت أن هذا الزواج يطلبها لمالها هل تؤثم هي أيضاً إذا رفضته ولا تقع في قول النبي صلى الله عليه وسلّم ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ) ، هي تقول رجل صالح ورجل طيب لكن نيته . الجواب : أما أن كانت رأت منه بوادر الطمع فلها أن ترفضه لأجل بوادر طمعه ، فإن الطمع يتنافى مع الصلاح والاستقامة والبر والتقوى . السؤال : هذا الزوج الذي يتعامل مع زوجته بمنتهى الاحترام ويقدم لها كل صور التقدير ، ولكن ذلك فقط من أجل ابتزاز المال . الجواب : هذه حيل ، وما يقدمه إليها كالذي يقدمه الصياد للصيد من أجل أن يصطاده ، قد يضع الصياد في الشبكة ما يُغري الصيد حتى يقع فيها ، فهذا وضع لزوجته شبكة ويريدها أن تقع فيه . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
مجهود قيم ورائع منك اخي
ف ميزان حسناتك ان شاء الله .. بارك الله فيك.. |
مما يؤسف له في الآونة الأخيرة انجراف كثير من الناس إلى مراكز متخصصة في العلاج بالقرآن أو إلى شخصيات يزعمون أنها تشفي بالقرآن ولكنهم ما إن قصدوا هدفهم حتى وقعوا في الشباك فصار ذلك المركز يُفصّل حالة المريض بتفسيرات غريبة وعجيبة منها أنه مسحور أو محسود أو كذا كذا مما يزيد الطين بلة فيزداد خوف المريض مما هو عليه .
أضف إلى ذلك ما سيأخذه ذلك المركز أو أولئك الأشخاص من مبالغ على علاجهم لذلك المريض . ما حكم الشرع في إقامة مثل تلك المراكز ، وهل يجوز للمريض أن يتردد عليها ؟ هذه المراكز التي تنشئ على هذا النحو هي مراكز للاستغلال ، فالقائمون عليها دجالون يريدون أن يستغلوا عواطف الناس أو سذاجتهم أو بساطتهم من أجل أن يثروا من وراء ذلك ، وأن يأخذوا ثروات الناس بهذه الحيل ، هذا أمر لا يجوز ، وعلى الناس أن يتقوا الله تبارك وتعالى فيه ، وأن لا يفعلوا هذا الفعل ، عليهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى ، فإن تقوى الله تبارك وتعالى تردعهم عن مثل هذه التصرفات ، وتحول بينهم وبين هذه الأطماع ، وتصرف أيضاً المبتلين عن التعلق بمثل هؤلاء الناس الدجالين الضالين الذين لا يريدون من رواء هذا الذي يقومون به إلا جمع الثروات وإلا استغلال ضعف الناس واستغلال هزيمة القلوب حتى ينالوا مرادهم من ورائها . بعض من يعالج بالقرآن يتنبأ بحالة المريض في المستقبل ويخبره أيضاً من أين أتاه الضر ومن أين أصابته المشكلة ، كيف نوفق بين هذا الذي يقوله وبين علاجه بالقرآن الكريم ، والقرآن نفسه يقول أن علم الغيب يختص الله سبحانه وتعالى ؟ علم الغيب لا يصل إليه مخلوق إلا أن يكون رسولاً يوحى إليه يأتيه من قبل الوحي لا قبل من علمه بنفسه بالغيب ( قُل لا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ) (النمل : 65 ) ، (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) (الجن : 26-27 ) ، فإذن هؤلاء الذين يدّعون علم الغيب ، ويدّعون أن فلان كما قالوا مسحور أو فلان أصيب بضر أو فلان أصيب بضر في مكان كذا أو أنه دُفن له عمل في موضع كذا ، هؤلاء إنما يتحدثون فيما لم يأذن الله تعالى بأن يتحدثوا فيه بحيث يدّعون الغيب ، والنبي صلى الله عليه وسلّم على علو قدره ما كان يعلم الغيب إلا أن يأتيه من قِبَل الوحي . يقال إن هناك تحاورا بين الراقي والجني أثناء الرقية بالقرآن الكريم ، فهل الأولى أثناء التحاور مع هذا الجني دعوته إلى الاستقامة أم يجوز القضاء عليه ؟ أولاً ينبغي إثبات هذا التحاور ، هل هو ثابت أو هو مجرد وهم وخيال . هل يمكن للجن أن يسرقوا مبالغ من الإنسان ؟ هذا أمر لا نعلمه ، إن الله على كل شيء قدير ، قد يسلط الله تعالى من يشاء على من يشاء ، يسلط الله تعالى الجن على الإنس ، وقد يسلط الإنس على الجن ، الله تعالى على كل شيء قدير ، إنما على الإنسان أن يستعيذ من شر الجِنة والناس . هل يجوز أخذ مبالغ على قراءة القرآن الكريم ؟ هذا من الاستغلال غير الجائز ، الذي يعمل هكذا إنما يتخذ القرآن وسيلة لجلب الغنى أو لاستغلال حاجات الناس واستجداء ثرواتهم والقضاء خيراتهم ، هذا أمر لا يجوز ، هذا من الاستغلال الباطل الذي يقوم به إلا الدجالون . تجزئة القرآن الكريم إلى آيات معينة للسحر وآيات للعين وآيات لكذا وغيرها هل يصح هذا ؟ القرآن كله بركة ، وكله خير ، وكله هدى ، وكله شفاء . يعتمد المسلم على نفسه لتزكية نفسه بالقرآن ولكنه يحتاج أحياناً إلى الاستعانة بذوي الخبرة لعلاج بعض المصابين بالالتباس أو غيره وهنا يصعب عليه التمييز بين المعالج الملتزم بالشرع في العلاج وغير الملتزم به ، فمثلاً شيخ معروف بأنه يعالج بالقرآن ولكن عندما يأتي إليه المريض يسأله عن اسمه واسم أمه ويحسب له شيئاً ، فما هي العلامات التي نميز بها بين الاثنين ؟ هذا التصرف تصرف غير شرعي ، ما الذي يتعلق بالمريض وبأم المريض ، هذا من التنجيم غير الجائز ، فلا يجوز هذا أبداً ، إنما الطريقة السليمة هي أن يتلو عليه ما تيسر من كتاب الله سبحانه وتعالى بإخلاص نية من غير استجداء ومن غير أن يقصد الإثراء من وراء ذلك . ما هي نظرتكم إلى هذا الأمر في المستقبل ، هل يؤدي كثرة هذه العيادات وقد وجدت قنوات متخصصة في هذا الجانب تكرس هذا المفهوم في حياة الناس حتى أن بعضهم ربما جعل مجموعة من القراءة مبثوثة لإخراج الجن من البيت وما شابه ذلك ، هل هذا الاستغلال للقرآن الكريم سيؤدي مستقبلاً إلى أن يكون القرآن محصوراً في هذا الأمر فقط ويُغيّب موضوع هدايته وإرشاده ومصدريته في الأحكام والأخلاق ؟ لا ريب أن أكثر الناس إنما يندفعون وراء هذه الرغبات من غير أن يلتفتوا إلى الهدف الأسمى الذي أنزل من أجله القرآن الغاية الكبرى وهي هداية الناس (هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) (البقرة : 2 ) ، (هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ) (لقمان : 3 ) ، (هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (النمل : 2 ) ، (هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (البقرة : 185 ) ، لا يلتفتون إلى هذا الجانب وإنما يتلفتون إلى الجوانب المنفعة التي يمكن أن نقول بأنها مادية أو نقول بأنها محسوسة فلذلك يتسارعون إلى هذا الجانب ، ولا يعنيهم أن يزكوا أنفسهم بكتاب الله ، وأن يقيسوا مدى صلاح أعمالهم وعدم صلاحها بالرجوع إلى هذا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فلذلك هذه القضية فيها خطورة كبيرة ، وعلى الناس أن يتنبهوا لهذا ، وأن يدركوا أن القرآن الكريم أُنزل من أجل هداية الناس ، من أجل شفاء القلوب من أمراضها ، شفاء قلوب الناس مما يعتريها من الضلال من الفساد ، من الانحراف ، من المعتقدات السيئة ، من التعلق بالناس وعدم التعلق بالله سبحانه وتعالى ، من اتخاذ الأنداد مع الله ، عليهم أن يدركوا هذا كله ، وبهذا يكونون احتموا بالقرآن الكريم وآووا إلى ركنه ولجئوا إلى الله سبحانه وتعالى . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
جزاك الله الخير العميم ..
|
سائلة تقول: في يوم كالح أسود تسطرت أمام عيني حقيقة لشخصيات غابت عني ردحًا من الزمن، كانت رغبة عميقة تدفعني وزوجي لطلب الولد، لكن إرادة الله تعالى كانت تحكم بسقوط الجنين في كل مرة، فتشت في حيل العيادات وسافرت إلى البلدان والمستشفيات، لكن الإجابة غير مقنعة، والتيئيس من المحاولة ظاهر في الحديث، إلى أن ساقتني الأقدار لأتصل بشيخ زعم أنه يعالج بالقرآن، فكانت المراجعة الأولى والثانية وقد امتلأت رفوف بيتي بزجاجات الأدوية والأعشاب والخلطات المرتبة على هدي السنة والكتاب كما يقول، إلى أن جاء زمن كشف الحقيقة، قال لي والدنيا تدور ( إن مشكلتك لا تُحل إلا بماء الآخرين حتى ينكسر حاجز السحر ويُقطع دابر الضر، وعندها فقط ستنعمين بالولد ولن تعيشي بعدها في كبد)، دارت بي الدنيا واسودّ من حولي كل شيء، فخرجت لا ألوي على أحد، إن هذا الرجل مشعوذ كذاب لا يعرف القرآن ولا يتذوق له معنى، ولكن السؤال المطروح هل لهؤلاء المتقولين على الله من يوقفهم؟
نعوذ بالله من الشيطان وحزبه، الشيطان يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، وهؤلاء من حزب الشياطين وليسوا من أهل القرآن، ولا علاقة لهم بالقرآن. وأنا وصلتني عدة شكاوى من خلال الاتصال الذي يأتيني من عدة من النساء عبر الهاتف يذكرن مثل هذه التصرفات العجيبة وقد وقع بعضهن في حبائل هؤلاء. إحدى النساء تقول بأنها فتاة أصيبت بوسواس قهري وهي غير متزوجة واتصلت بمن يزعم أنه شيخ وطلبت منه العلاج ، فكان باستمرار يتصل بها ويصف لها وصفات كما يزعم، وإذا به بعد حين يقول لها بأنه لا يؤثر عليها العلاج إلا بأن تلتقي به شخصيًا حتى يكون أكثر قدرة على تشخيص عللها وتحديد علاجها، وما كادت تلتقي به حتى أخذ يفتل منها في الذروة والغارب وأوقعها في حباله ورزأها في عفتها، ولله الأمر من قبل ومن بعد، ثم انتبهت للخطأ الكبير الذي وقعت فيه. وأخرى تقول بأنها أيضًا اتصلت بأحد هؤلاء الذين يزعمون أنهم شيوخ وأنهم يعالجون بالقرآن الكريم ولم تكد تتصل به حتى أحست بانجذاب نحوه انجذابًا غريبًا وكان غير طبيعي، ففهمت أن الرجل بوسائله السحرية استطاع أن يؤثر على عقلها وأن يأسرها بهواه، وأخذت تبحث عن المخرج حتى وجدت المخرج قبل أن تقع في الرزية. وأخرى كذلك اتصلت وذكرت مثل هذه الشكوى، فإذن تصاعدت هذه الشكاوى وكثرت، كم من شكوى تصلنا من هذا النوع. ووصلتني رسالة أيضًا عن إحدى النساء حملها زوجها من أجل العلاج، وزوجها مُخَبّل وهو ديوث، والديوث على أي حال لا يشم رائحة الجنة كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم ، طلب هذا الذي يدّعي أنه يعالج بالقرآن أن تكشف له صدرها وأخذ يلاعب نهديها بدعوى أنه يعالجها بذلك أمام زوجها، فسُدّت ـ كما تقول ـ أمامها الدنيا ودارت بها الأرض بأسرها، وأحست بأنها وقعت في أمر عظيم، ولذلك عافت هذا الزوج الذي لا يغار، وبعدت عنه، ولجأت إلى أهلها، ولم ترض أن ترجع إليه قط، وأصرت على طلاقها منه. هكذا يقع هؤلاء الناس في حبائل هؤلاء فيؤثرون على عقول الرجال والنساء حتى تغيب الغيرة من قلوب الرجال ويغيب الحياء من وجوه النساء، ويؤدي الأمر إلى الوقوع في الفحشاء والعياذ بالله، على الناس أن يتقوا الله سبحانه، وأن يتنبهوا لهذه المكائد فإنها الطامة التي لا تبقي ولا تذر عندما تقضي على الحياء وعلى الغيرة والحمية الدينية، ولا يكون الإنسان إلا كالحيوان الأعجم بل كشر الحيوانات كالخنزير الذي لا يغار، نسأل الله تعالى العافية . هل لهؤلاء من يوقفهم، ماذا تقترحون ؟ نحن نرى أن من الضرورة بمكان أن يُنظر إلى هؤلاء المعالجين كيف يعالجون ، وما هي وسائل العلاج ، وأن تقف الجهات المختصة أمام مثل هذه التصرفات أو هؤلاء المتصرفين هذه التصرفات الشائنة وقفة حازمة، وأن يمنعوا، وأن يمنع الناس أيضًا من الذهاب إليهم، اللهم إلا من عُرفت براءته وكانت طمأنينة من الكل إلى ثقته وأمانته وعدم استغلاله للناس، وعدم تلاعبه بالأعراض، وعدم تلاعبه بحياء النساء وغيرة الرجال، عدم تلاعبه بالعفة عند الرجال والنساء جميعا، إذا وُجد من كان كذلك فنحن لا نعمم الحكم، ولكن بالنسبة إلى هؤلاء المفسدين يجب أن يوقفوا عند حدهم. هل يجوز للراقي وضع يده على رأس المرأة المُعَالَجة؟ الرجل لا يلامس امرأة ولا ينظر أيضًا إلى المرأة نظرة تفحص، عليه أن يغض من بصره فضلاً عن أن يلامسها، فإن هذه الملامسة مسترابة، وعليه أن يتقي الله تعالى في ذلك. فيما يلاحظ على هذه الأشياء التي يمارسها الناس في العلاج بالقرآن الكريم أنها تؤدي إلى مشكلة أخرى العلماء ينهون عنها، وهي جعل الإنسان وسيلة بينه وبين الله أو واسطة، هذا الذي يحدث الآن يؤدي إلى أن يقتنع الآخرون بأن هذا الرجل هو الموكل من الله سبحانه وتعالى بإيصال رسالتهم إليه فيتبركون به ويتمسحون وما شابه ذلك، هل يؤدي هذا إلى موضوع التوسل مرة أخرى ؟ نعوذ بالله من هذا ، هذا هو التعلق بغير الله تعالى الذي حاربه الإسلام وحاربته آيات القرآن وحاربته السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ، فإن الله تعالى يقول (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (التوبة : 51)، ويقول الله سبحانه وتعالى (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ) (الأنعام : 17 ) ، ويقول (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (يونس : 107 ) ، ويقول (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (الرعد : 16 )، والآيات القرآنية في هذا كثيرة جدًا (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (فاطر : 2)، والنبي صلى الله عليه وسلّم يقول لابن عمه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما (إذا سألت الله فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله)، فإذن لا مجال للتعلق بالبشر واعتبارهم وسائط للناس بينهم وبين الله تعالى، الله تعالى أبوابه مفتوحة لجميع الخلق، ولم يجعل بينه وبين خلقه واسطة (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة : 186 ). هناك من الناس من يلتفت إلى القرآن الكريم في حال وجود المرض بينما يهمله في بقية حالات الآخرى وما أثر في هذا ووجد في الآونة الأخيرة أن أجهزة معينة سعى بعض الناس إلى صنعها حتى يمر الماء عليها فتستفيد المرأة من طبخ الماء الذي سمع القرآن وليس هناك داعي أن تسمع هي بنفسها، الماء فقط هو اذلي يسمع القرآن الكريم ، الآن ما هي الطرق العملية لدعوة الناس إلى أن يلجأوا إلى القرآن وينظروا فيه بعمق كما أراده الله ؟ على الناس أن يكسروا هذا الحاجز الذي يحول بينهم وبين القرآن ، عليهم أن يرجعوا إلى القرآن ، وأن يدركوا أنه مصدر خيرهم في دنياهم وفي عقباهم، وأن يدركوا أولاً أنه خطاب رب العالمين إليهم أنزله الله سبحانه على قلب النبي الأمي صلوات الله وسلامه عليه ليكون هدى ورحمة للمحسنين، وليكون هدى وذكرى للعالمين، ليكون هذا القرآن الكريم القائد الذي يقود الناس إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى، وأن يتجسد في كل جزئية من جزئيات أعمالهم بحيث يكون كل واحد كأنما هو قرآن يمشي على الأرض من تطبيقه للقرآن وترجمته لمعاني القرآن بأفعاله وبسلوكه وبأخلاقه، وأن يدركوا أن هذا القرآن الكريم إن أعرضوا عنه من حيث التطبيق ومن حيث العمل فإن الإعراض عنه يؤدي إلى شر الدنيا والآخرة، الله سبحانه وتعالى يقول (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طه : 124 ) ، ويقول في نفس هذه السورة قبل هذه الآية (وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً * مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا * خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً) (طه : 99-101 ) ، لأن هؤلاء الذين يعرضون عن القرآن الكريم ماذا بقي عندهم من الخير ، لا يعرفون القرآن إلا عندما يضطرهم إليه المرض الذي لا يرون له علاجًا إلا بتلاوة القرآن أو اللجوء إلى القرآن، لا، عليهم أن يحرصوا على تكييف حياتهم جميعًا وفق تعاليم القرآن كتاب الله تعالى. سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
الدرجة التي بلغها الصحابة مهاجرين وأنصارا في بذلهم وعطائهم ، فالمهاجرون تركوا ما تركوا والأنصار استقبلوا المهاجرين بذلك الصدر الرحب فقاسموهم أموالهم وأزواجهم ، هل هذا محض توفيق من الله عز وجل ، وهو لا شك أنه توفيق ، ولكن هل هناك تسبب مسبق من قبل هؤلاء للعناية بأنفسهم زكاة وطهارة ، أو أن هذا كان من قبيل الذي قد لا يتصور أنه يتكرر هيأه الله عز وجل للتكوين الإسلامي في ميلاده ؟
هذا إنما يعود إلى الإيمان ، عمق الإيمان هو الذي يفعل العجب في الإنسان ، فالإيمان رسخ في قلوب هؤلاء ، وبقدر رسوخ هذا الإيمان كانت العناية الإلهية بهؤلاء الناس حتى استعلوا على الطبائع البشرية المألوفة ، فكانوا أمة مثالية في مودة بعضهم لبعض وترحيب بعضهم ببعض وحرص بعضهم على مصلحة بعض ، هكذا كل ذلك إنما كان بعمق أثر الإيمان في نفوسهم . هل يُعتبر السفر لطلب العلم أو السفر للدعوة تطبيق عملي للهجرة ؟ هذا مما يعد خروجاً إلى الله تبارك وتعالى ، لو خرج إنسان من بلد إلى بلد لأجل طلب العلم لا يُعدّ ذلك سفراً دنيوياً وإنما يُعدّ ذلك من باب أن يخرج الإنسان من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله وقد قال تعالى ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )(النساء: من الآية100) ، فمن خرج مهاجراً إلى الله وأدركه الموت في طريقه فعلى أي حال أجره على الله تبارك وتعالى أجر كبير ، معنى هذا أنه يُثاب ثواب الهجرة إلى الله بقدر إخلاص نيته وبقدر صفاء طويته ، وما يضمره ما بين حنايا ضميره . وكذلك من خرج من أجل أن يدعو إلى الله ويبصّر الناس بالحق ويذكرهم به ويعلمهم أمر دينهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فهذه هجرة إلى الله . هل كانت الهجرة أمراً ربانياً أو كانت بدافع وجود متنفس للدعوة الإسلامية بعد أن ضاقت في مكة المكرمة ؟ الهجرة لم تكن اجتهاداً من الرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام ، وإنما كانت هذه الهجرة أمراً من قِبل الله سبحانه وتعالى ، أراد الله تعالى به أن تتربى هذه الأمة على الخير ، أراد أن يربيها على التضحية ، وأن يربيها على الوئام والمودة ، وأن يربيها على الاستعلاء عن كل الجواذب إلى الأرض بحيث ترتفع إلى قيم السماء هكذا كانت الهجرة . وهيأ الله سبحانه وتعالى الظروف التي دفعت المسلمين إلى الهجرة مع كونه أمرهم بها عندما وقعت هذه الظروف وتم ذلك على يدي الرسول صلى الله عليه وسلّم والمؤمنين فأنشئت الدولة الإسلامية في ظل هذه الهجرة النبوية إذ كانت المدينة المنورة هي مركز هذه الدولة الناشئة الجديدة ومنها انطلقت إلى أرجاء الأرض . ما رأيكم سماحة الشيخ في العتاب الذي يُوجّه بشدة إلى من لا يعتني بالعام الهجري وأشهره لأن مجريات يومه وشهره وعامه تقاس بالتوقيت الميلادي فهو لا يجد في حياته أو في حركته اليومية ما يربطه بالشهر الهجري ، فهل مثل هذا العتاب في محله على من لا يعتني بالتاريخ الهجري ؟ بطبيعة الحال أولاً علينا أن ندرك أن كل أمة لا تعتز بتاريخها هي أمة ضائعة ، فمن لم يكن له ماضٍ فليس له حاضر . والحاضر إنما يُبنى على الماضي ، وأي ماضي أولى بأن يبنى عليه الحاضر من الماضي الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفي عهد المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان . على أن التاريخ الآخر كان موجوداً من قبل ولم يكن المسلمون في عمى من أمرهم بحيث ما كانوا عارفين به ، إذ كانوا على اتصال بدولة الروم وكانوا يعرفون هذا التاريخ ، ولكن مع ذلك ما عوّلوا على التاريخ الآخر وإنما عوّلوا على التاريخ الهجري ، وارتبطوا بهذا التاريخ الهجري . وبجانب هذا فإن هنالك اختلافاً ما بين التاريخين في مدارهما ، ذلك لأن التاريخ الميلادي إنما يدون بدوران الأشهر الشمسية ، والتاريخ الهجري يدور بدوران الأشهر القمرية . وقد بيّن الله سبحانه وتعالى أن الأشهر القمرية هي مدار الأحكام الشرعية ، فقد قال تعالى( يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجّ )(البقرة: من الآية189) ، ثم بجانب ذلك بيّن سبحانه وتعالى ارتباط هذه الأشهر أي القمرية بصميم الدين الحنيف في قوله سبحانه وتعالى ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ )(التوبة: من الآية36) ، فجعل هذا من صميم الدين القيم ، مع أن الأشهر الحرم لا توجد إلا في الأشهر القمرية . كذلك نجد أن الأحكام الشرعية كلها تناط بهذه الأشهر القمرية ، فالحج إنما يكون بالشهور القمرية ، كذلك عِدَد النساء إنما هي بالشهور القمرية ، الصيام إنما هو بشهر من الشهور القمرية ، الزكاة يجب دفعها بدوران اثني عشر شهراً من الأشهر القمرية ، كذلك بالنسبة إلى بقية الأحكام جميعاً . فلماذا إذن يُعرض المسلمون عن التمسك بهذا التاريخ الذي كان به ميلاد أمتهم ، وكان به ميلاد دولتهم ، وكان به ميلاد جماعتهم ، ويستمسكوا بالآخر . ونحن نجد أن الصحابة فمن بعدهم إلى مضي ثلاثة عشر قرناً كانوا مُجمعين على التاريخ الهجري ، فإذن معنى هذا أن الخَلَف عليه أن يحذوا حذو السلف ، فلماذا يعرض السلف عن منهاج السلف وقد كان هذا منهاج السلف الصالح . فإذن العتاب موجه إلى الأمة من هذه الناحية ولا سيما الأفراد ، فإن الإنسان يستطيع أن يؤرخ قضاياه بالتاريخ الهجري لا سيما مثل تراجم العلماء ، فما الداعي لأن تكون تراجم العلماء بالتاريخ الآخر مع أنه يُعرف التاريخ الهجري ، ونحن نجد حتى العلماء الماضين عندما يُؤرَخ لهم الآن ويُترجَم لهم يحاولون أن يحوروا التاريخ ليتلائم مع التاريخ الآخر غير التاريخ الهجري ، وأولئك العلماء مضوا ولا يُعرف عندهم إلا التاريخ الهجري ، فما الداعي إلى ذلك !. إن هذه هزيمة نفسية ، وهذه ارتكاسة والعياذ بالله ، فعلى الأمة أن تنتشل نفسها من هذه الارتكاسة . هناك من يتفاعل مع هذا الحدث العظيم فيراه مناسبة دينية ولذلك قد تتوق نفسه إلى صيام اليوم الأول من مطلع السنة الهجرية ، فما حكم صيام هذا اليوم ؟ على أي حال صيامه كصيام بقية الأيام ، لا يُمنع أن يصوم الإنسان أول يوم من أيام السنة كما يصوم أي يوم من الأيام التي لا يمنع الصيام فيها ، إذ ليس هنالك مانع من صيام هذا اليوم كالمانع من صيام العيدين ، أو المانع من صيام أيام التشريق ، أو المانع من إفراد يوم الجمعة وحده بالصيام كما جاء ذلك في الحديث ، هذا مما لم يكن في صيام أول يوم من أيام الهجرة ، ولكن لم ترد سنة أيضاً بتخصيصه بالصيام ، هذا مما لم ترد به سنة ، فلذلك نحن نود من الناس أن يصوموا وفق مقتضيات السنة ، فمما ينبغي للناس أن يصوموا اليوم التاسع والعاشر من المحرم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم صام يوم عاشوراء وحضّ عليه صيامه وقال ( لئن بقيت لأصومن التاسع والعاشر إن شاء الله ) فتطبيق ما كان حريصاً عليه صلوات الله وسلامه عليه مما ينبغي أن لا يفوت المسلم . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
قد تحدث فتن للمسلمين هنا وهناك تعصف بحياتهم وتريد منها أن تكون ممرغة في التراب ، هذه الفتن التي تتربص بالمسلمين كيف يتعاملون معها ؟
** يجب على المسلمين أن يدركوا قيمة إسلامهم ، وأن يدركوا أن الإسلام رباط بين أهله ، فالإسلام يشد المسلم إلى المسلم ، ويجعله يحرص على أداء حقوقه . النبي صلى الله عليه وسلّم يقول : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يقتله ولا يحقره ، حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه . فالمسلم لما انتمى إلى الجامعة الإسلامية التي تشد المسلم إلى المسلم سواءً كانوا عرباً أو كانوا عجماً وسواءً كانوا من الجنس الأبيض أو الأحمر أو الأسود على هذا المسلم أن يحرص على حقوق المسلمين جميعاً ، ومن هذه الحقوق كف الأذى عن جميع المسلمين . المسلم يمنع يده من أن تبطش بمسلم اللهم إلا إن كان هذا البطش من أجل تنفيذٍ لحكم الله سبحانه وتعالى كما إذا قتل هذا المسلم النفس المحرمة بغير حق أو زنى بعد إحصان أو ارتد عن الإسلام فنعم عندئذ يعامل تلك المعاملة التي يستحقها ، أما بدون ذلك فإن المسلم يكف يده عن سفك دم أخيه المسلم كما يكف يده أيضاً عن إيذاء أخيه المسلم ، ويكف لسانه عن انتهاك عرضه ، ويكف يده عن التطاول على ماله (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) ، كل منه حرام على أخيه المسلم . فالمسلمون مطالبون بأن يدركوا قيمة إسلامهم ، ثم أن يدركوا ماذا يريده بهم عدوهم . إن العدو يسعى لهدم هذه الرابطة التي تربط المسلم بالمسلم ، يسعى إلى قطع هذه الوشيجة التي تشد المسلم إلى المسلم ، يسعى إلى أن يغرس البغضاء في نفوس المسلمين تجاه بعضهم حتى لا يضمر مسلم لأخيه المسلم إلا الحقد الأسود . على المسلمين أن يتفطنوا لذلك ، وأن يدركوا ماذا يُراد بهم ، وأن لا يسعوا وراء مخططات الآخرين التي تسعى لنسف هذه الأمة حتى لا يبقى لها وجود . فالمسلمون مطالبون أن يدركوا هذه الحقيقة ، وعليهم جميعاً أن يتناصحوا ، وأن يتآمروا بالمعروف وأن يتناهوا عن المنكر ، وأن يحرصوا على ما يصلح ذات بينهم ، الله سبحانه وتعالى نهى عن كل ما يؤدي إلى سوء العلاقة بين المسلمين يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )( الحجرات : 11-13) . هذه الآداب التي شُرعت في الإسلام ، وهذا هو الأدب الإيماني الذي يجب أن يتحلى به المسلم تجاه إخوانه المسلمين ، لا أن يكون فظاً غليظاً عليهم ، ولا أن يكون سافكاً لدمائهم أو باطشاً بهم أو منتهكاً لحرماتهم أو مختلساً لأموالهم أو منتهكاً لأعراضهم ، هذا كله مما يجب أن يترفع عنه المسلمون جميعاً ، وأن يسعوا إلى ما يرأب صدعهم ويجمع كلمتهم . ثم إن التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر من أسباب الرباط والوحدة بين المسلمين كما قال سبحانه وتعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ)(التوبة: من الآية71. عندما توجد هذه الروح ، روح الغيرة على حرمات الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند المسلمين تتوحد كلمتهم وتجتمع ، لأن هذه هي الوشيجة التي تشد المؤمنين بعضهم إلى بعض حتى يكون بعضهم أولياء بعض . المذهبية من القضايا التي كانت مقلقة في تاريخنا الإسلامي القديم وسبباً من أسباب التطاحن ، ويراد لها أيضاً أن تكون متكررة في تاريخنا الحديث ، قد ذكر ياقوت الحموي في زياراته شيئاً من الصور ومن الأحداث التي شاهدها كان منطلقها من هذا النوع . كيف ينظر المسلم إلى مسألة المذاهب ، وكيف يفهمها حتى لا تكون مدخلاً من مداخل الفتنة بينه وبين إخوانه ؟ ** لا ريب أن المسلم يحرص دائماً على حسن الظن بإخوانه المسلمين ، ولا يسيء الظن إلا بمن وجده يقف أمام الحق وقفة المتعنت الرافض للحق ، أما من لم يكن كذلك فإنه يحرص دائماً على حسن الظن . والقضايا التي فيها خلاف ما بين المسلمين إما أن تكون قضايا فرعية ، وهذه القضايا الفرعية الأمر فيها يسير ، ليس الأمر فيها بالعسير ، وُجد الخلاف في القضايا الفرعية حتى بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم . وإما أن تكون قضايا عقدية ، تعود إلى العقيدة ، وكلٌ يدّعي أن الحق عنده ، وهذه القضية أيضاً حلها سهل وميسر وذلك بتنقية القلوب والحرص على التجرد من العصبيات ، والحرص على إبداء النصيحة لوجه الله سبحانه وتعالى بحيث يجلس بعض إلى بعض ويتناقشون على ضوء الكتاب العزيز والثابت المتفق عليه عن الرسول صلى الله عليه وسلّم ، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه القضايا أيضاً يُتسامح فيها إلا إن خالف أحد ما كان الدلالة عليه دلالة نصية من كتاب الله أو من المتواتر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، أما إن كانت جاءت بذلك أحاديث آحادية فالقضية لا تستدعي مثل هذه الشحناء ما بين المسلمين ، بل عليهم أن يتسامح بعضهم مع بعض لأن الآحادي هو ظني من حيث الثبوت ، الآحادي ليس بقطعي الثبوت ، وكذلك الأدلة التي هي قطعية الثبوت إن لم تكن نصية وكانت ظاهرة لا تعتبر قطعية الدلالة ، إذ الظاهر إنما هو ظني الدلالة ولو كان قطعي المتن ، هذا مما هو معروف عند الأصوليين ، فمثل هذه الأشياء يجب الاعتبار بها . فإن وُجد أحد خرج عن نص قطعي والنص ثبوته أيضاً ثبوت قطعي عندئذ تُقام عليه الحجة بكتاب الله تعالى أو بالمتواتر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع بيان أن دلالتهما دلالة نصية بحيث لا تكون مجرد دلالة ظاهرة فحسب ، وعندما تقام الحجة أرجو أن من كان يحب السلامة لنفسه أن لا يعترض على حجة قامت عليه بنص قطعي من كتاب الله أو من المتواتر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، هذا يبعد أن يكون أحد من الناس إلا من كان متعنتاً شديد التعنت . والله سبحانه وتعالى أمرنا مع الاختلاف ومع النزاع أن نحتكم إلى كتابه وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم وذلك في قوله عز من قائل (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )(النساء: من الآية59) . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
-المرأة إذا علمت أن هذا الزواج يطلبها لمالها هل تؤثم هي أيضاً إذا رفضته ولا تقع في قول النبي صلى الله عليه وسلّم ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ) ، هي تقول رجل صالح ورجل طيب لكن نيته . أما أن كانت رأت منه بوادر الطمع فلها أن ترفضه لأجل بوادر طمعه ، فإن الطمع يتنافى مع الصلاح والاستقامة والبر والتقوى .
ـ هذا الزوج الذي يتعامل مع زوجته بمنتهى الاحترام ويقدم لها كل صور التقدير ، ولكن ذلك فقط من أجل ابتزاز المال . هذه حيل ، وما يقدمه إليها كالذي يقدمه الصياد للصيد من أجل أن يصطاده ، قد يضع الصياد في الشبكة ما يُغري الصيد حتى يقع فيها ، فهذا وضع لزوجته شبكة ويريدها أن تقع فيه . ـ المرأة التي لديها راتب ولديها أموال ، تقول بعض الدراسات أنها في بعض الأحيان تستعلي على زوجها بذلك المال وتستغني عنه ، دفعها ذلك إلى أن تستقل برأيها وأدى إلى مشكلات ، ماذا نقول للمرأة التي توجد فيها هذه الصفات ؟ نحن نطالب الطرفين بالانسجام وحسن العشرة واتقاء الله سبحانه وتعالى في تعامل بعضهما مع بعض ، ونذكر على سبيل المثال مثالاً يُحتذى مما كان عند السلف من علمائنا الربانين الذين اتقوا الله سبحانه وتعالى ، كان الإمام أبو سعيد الكدمي رحمه الله تعالى ورضي عنه عالماً ربانياً جامعاً بين شتى فنون العلوم الشرعية ، وكان من الفقر بمكان بحيث لا يملك إلا نخلة واحدة وكرمة ، أي شجرة عنب واحدة ، وكان يقوم على نخلته ويقوم على كرمته خدمةً للعلم ، وعنده ثلاث من النساء كل واحدة منهن غنية ، وكلهن تزوجنه لأجل علمه مع كثرة ثرائهن ، فكن جميعا يعرضن عليه أموالهن لينتفع بأموالهن ولكن مع ذلك كانت نفسه تعف عن هذه الأموال ، وإنما يكتفي بما يأتيه مما آتاه الله من نخلته وكرمته ، ويعيش عيشة الكفاف من أجل ذلك ، ولا يرضى أن يأخذ من أموال نسائه شيئاً ، بينما النساء كن بحسن معاشرته له ، وبحسن لطفهن معه يردن أن ينفقن عليه من أموالهن ، يردن أن يتركن يده حرة في التصرف في أموالهن إلا أن نفسه الأبية ، فهنا إذا نظرنا إلى الواقع نرى حسن المعاشرة من الجانبين ، من هؤلاء النساء اللواتي اخترن هذا الرجل الفقير لأجل علمه وفضله وتقاه وزهده ، وكن راغبات في أن يتقربن إلى الله سبحانه وتعالى في إعطائه الفرصة لئن يبسط يده في أموالهن ، وكذلك في معاملته هو لهن وعفته ورغبته في أن يأكل مما ملّكه الله سبحانه وتعالى لا مما تدفعه إليه نساؤه ، فهكذا يجب أن يكون بين الجانبين حسن العشرة ، وأن تكون العفة ، الرجل يحرص على أن يعف عن مال المرأة ، والمرأة بدورها تحرص على أن تبادل هذا الرجل حسن المعاملة ، وأن تحاول بقدر جهدها أن تُحسن إليه لا أن تتعالى عليه وتتكبر عليه . ـ في بعض الأحيان عندما تخرج المرأة إلى العمل يكون هناك خلاف بينها وبين زوجها نظراً لأن خروجها ربما يكون في صورة لا ترضيه ، فما هي الصورة التي تخرج بها المرأة إلى العمل بحيث تعطي صورة عن طريقة تعامل المرأة المسلمة مع هذه الأشياء كما أنها أيضاً لا تغضب زوجها ؟ نحن نقول بأن الفطرة هي التي يجب أن تراعى في هذا ، قضية عمل المرأة أولاً أن لا يكون على حساب البيت ، هذا مما ينبغي أن يكون معروفاً عند الجميع ، لا أن يكن هذا العمل على حساب البيت ، على حساب ترتيب البيت وتربية الأولاد وإسعاد الزوج وإضفاء طابع الاستقرار على البيت . الأمر الثاني أن تكون المرأة مراعية لخصائص أنوثتها ، فهي مأمورة أن لا تتبرج تبرج الجاهلية ، إن خرجت لعمل عليها أن تكون مستترة ، وأن لا تتبرج تبرج الجاهلية . ثم العمل الذي يتلاءم مع المرأة ثلاثة أعمال ، هذه هي التي تتلاءم مع المرأة : أن تكون طبيبة لبنات جنسها ، أن تكون ممرضة لبنات جنسها ، أن تكون معلمة لبنات جنسها ، والتعليم يشمل الوعظ والإرشاد والتذكير ، كل ذلك مما يدخل في إطار التعليم . فهذه الأعمال هي التي تليق بالمرأة ، أنا لا أقول بأن المرأة لا تنفع الرجال من حيث الوعظ ومن حيث الإرشاد ، لكن على أن تقوم بهذا إما من وراء الستر ، وإما أن تقوم بهذا من خلال وسائل التعليم المعاصرة ، وكم من وسائل التعليم الآن ، هناك العالمية للمعلومات من خلالها يمكن للمرأة أن تنشر علمها ، وأن تنشر وعظها ، وأن تنشر إرشادها ، وأن يكون ذلك في متناول أيدي الرجال والنساء ، وكذلك بالنسبة إلى الصحافة وبالنسبة إلى سائر وسائل نشر العلم الموجودة الآن. أما العمل الطبيعي فهو هذا الذي يجب أن تحرص عليه وأن لا تتجاوزه إلى غيره مع الحذر كل الحذر من الخلوة بالأجانب فإن النبي صلى الله عليه وسلّم يقول (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ) ، ويقول عليه أفضل الصلاة والسلام ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة إلا مع ذي محرم ) ، ويقول ( إلا لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ) ، ويشدد عليه أفضل الصلاة والسلام في دخول الرجال على النساء الأجنبيات فيقول ( إياكم والدخول على النساء . فقال له رجل من الأنصار : أرأيت الحمو يا رسول الله ؟ فقال : الحمو الموت ) . ونحن وجدنا آثار هذه المخالفة التي وقع فيها الناس ، كم من قضايا وصلتني أنا بنفسي من النساء يتألمن كل الألم لما وصلن إليه ، قبل أيام وصلني اتصال من إحدى النساء تقول بأنها أصيبت بوساوس ، وكانت تتصل اتصال هاتفي ببعض الرجال الذين يقولون بأنهم يعالجون بالقرآن ، وكانت تأخذ منه خلال اتصالها بهم بعض الآيات أو بعض الوصفات لعلاج هذه الوسوسة ، إلا أن أحد هؤلاء وتسميه بالشيخ تقول بأنه بعد اتصالات بريئة تتعلق بهذا الموضوع قال أرى من الضرورة أن ألقاكِ لعلك بوصفك لي بيني وبينك لهذه الأمراض أستطيع أن أعرف ، وبعد إباء منها وبعد رفض وقعت في الخديعة فرضيت ، ولما رضيت كان الشيطان ثالثهما فوقعا في الفاحشة ، هذه من الأمور الخطيرة ، كم من واحدة اتصلت وقالت أنها حملت من أخ زوجها أو من زوج أختها أو من زوج خالتها ، هذه الأمور أصبحت كثيرة كثرة زائدة عن الحد ، هذا كله بسبب تهاون الناس وعدم انضباط حركاتهم وعدم انضباط أوضاعهم الاجتماعية . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
بــارك الله فيكـ ونفع بكـ البراء
|
اقتباس:
شكرا ً الريان ... |
جزآك الله ألف خير في ميزآن حسنآتك |
تقول سائلة : لست أدري لماذا أعمل ولمن أعمل ، ما كاد يصل راتبي لأول مرة حتى امتدت إليه يد الأب الحنون تحت هذا الصوت : ابنتي العزيزة أحسن الله إليك عندما أصبحت الآن مصدر سعادة لهذه الأسرة الفقيرة .
كنت فرحة على كل حال ، فهذا أبي أنفق علي طويلاً وجاء يوم الجزاء ، لكن تلك اليد الحنون واصلت امتدادها في كل شهر فشعرت عندئذ بالقلق ، وتعاظم قلقي عندما سمعت وصت الباب يُغلق في وجه الخطاب كل مرة ، لقد قرر أبي أن أعمل له وحده ، وليس لي مع هذا بارقة أمل في زواج ، وليس علي إلا أن اعمل حتى أموت أو يموت أبي ، تجاوز عمري الأربعين ، ولاحت في الأفق رايات الخمسين ، فهل يا ترى قررت هذا بنفسي عندما وافقت على العمل ؟ وهل من فعل كل هذا أنا أم أبي ؟ وهل جاز لي أن ادخر وقفة محاسبة لأبي يوم القيامة مادمت قد عجزت عنه هنا في الدنيا ؟ هذه إحدى المصائب ، وهي من البلاوى الكبرى أن يبلغ الجشع بأولياء أمور النساء إلى هذا المبلغ غير مبالين بما يؤدي إليه هذا الجشع من انتهاك لحرمة الأعراض ، فإنهم بهذا يدفعون ببناتهم دفعا إلى ارتكاب الفحشاء إذ يحولون بينهن وبين مبتغاهن الفطري، يحاولون بقدر جهدهم أن يستغلوا عملهن، وأن يستغلوا طاقاتهن لأجل الإثراء، وما قيمة هذا الإثراء في مقابل تعريض العرض لمثل ذلك ، ما قيمة هذا الإثراء الذي يأتي الإنسان من طريق دفعه لعرضه ، دفعه لابنته لأن ترتكب محارم الله سبحانه إشباعاً رغبتها الجامحة التي يحول بينها وبين إشباعها بالطريق السليم الذي شرعه الله سبحانه وتعالى . فعلى هؤلاء الآباء أن يتقوا الله ، وكم من أبٍ من أمثال هؤلاء رزء في عرض ابنته ، فالابنة المسكينة إما أن تكون صابرة محتسبة تتجرع المآسي جرعة بعد جرعة ، وتستمر على هذه المأساة يوماً بعد يوم ، لا تودع يوماً إلا بمأساة ولا تستقبل آخر إلا بمأساة جديدة ، وتتعرض بسبب ذلك لضغوط نفسية وأمراض عصبية ونفسية ، وإما أن تنفجر غريزتها بما يحطم الأخلاق ولا يُبقي لها باقية . كم من أبٍ من أمثال هؤلاء رزء في عرض ابنته وأصبحت الابنة بين عشية وضحاها حاملا ، هذا مما اطلعت عليه أيضاً في كثير من القضايا التي وصلتني ، كثير من القضايا وصلتني نحو هذا ، آباء عضلوا بناتهم عن الزواج رغبة في أموالهن رغبة في رواتبهن فإذا بالأمر يؤدي إلى أن لا تطيق هذه البنت صبرا ، وأن ترتكب ما حرم الله تبارك وتعالى ، فأين الكرامة ، أين الحرية ، أين الشرف ، أين تركوا هذه الأمور ، أَكُلُها طووها من أجل حفنة من المال ؟ هذا أن دل على شيء فإنما يدل على أن هؤلاء أصبحوا متعفنين في فطرهم ، وأصبحوا منحرفين في طبائعهم ، وأصبحت عقولهم مطموسة لا تبصرهم بمنهج السلامة ، فما عليهم إلا أن يراجعوا أنفسهم وأن يفكروا إن كانت فيهم بقية ، هؤلاء محاسبون أمام الله سبحانه وتعالى ، البنات خُلقن لما خُلقن له ، وما خلقن لئن يكون هن يكدحن من أجل آبائهن ، وآباؤهن يستأثرون بثرواتهن ويحولون بينهن وبين مبتغاهن الفطري ، إنما خُلقن لأن يعشن في كنف أزواج يحمونهن ويرعوهن ويقومون بإشباع غرائزهن ، فعليهم أن يتقو الله تبارك وتعالى في ذلك هذه إحدى المآسي الكبرى ، والله المستعان . ـ رجل أراد أن يتزوج من امرأة وليس لديه المهر الكافي فعرضت عليه تلك المرأة أن تقرضه من مالها ليكون صداقا لها ثم يرده فيما بعد ؟ لا حرج في ذلك ، بما أنه لم ينو ظلمها ، ولم ينو غمطها حقها ، وإنما نوى أن يوفيها حقها كاملاً غير منقوص فلا حرج في ذلك ، بل لو أهدته هذا الصداق هدية منها إليه في سبيل تحقيق هذه الأمنية فليس في ذلك حرج ، ولكن مع ذلك عليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى في هذه المرأة التي آثرته بهذا المال ، وأن يرعى إحسانها وبرها ، وأن يقابل هذا الإحسان بالإحسان ، وأن يجعله قيداً له في طول عمره . * هل يمكن تحويل النسب من شخص إلى آخر بعد انقضاء عشر سنوات من تحرير شهادة الميلاد علما أنه سبق بين الزوجين لعان وأقرت الزوجة بأن هذا الحمل هو حمل الزوج نفسه وبعد عشر سنوات من الطلاق بين الزوجين تراجعت هذه الزوجة وأهلها واعترفت بأن هذا الحمل هو حمل سفاح وأن صاحب الحمل هو لشخص لم يصرح عنه ، فما رأي سماحة الشيخ ؟ إن تم اللعان بينهما فلا يلحق به نسبه وإنما يلحق بها ، والله تعالى أعلم . ـ يشاع في بعض الأحيان أن الزوجين لا يمكن أن يتآلفا أو أن يصلا إلى مرحلة جيدة من السعادة والسرور في حياتهما إلا إذا كان هناك توافق في مختلف الأمور ، توافق في النواحي العلمية والاجتماعية والمالية ، ما مدى صحة هذا الكلام ؟ هذا كلام سخيف إن دل على شيء فإنما يدل على سخف قائله ، وإلا فكم من زيجة كانت موفقة ، وكان فيها الود ، وكان فيها العطف مع أن المرأة قد تكون فقيرة والرجل في قمة الغنى ، وقد يكون العكس ، وكم من رجل جمع علماً كثيراً وتزوج أمية ولكن بسبب أخلاقها وحسن معاشرتها كانت بينهما الألفة والمودة والحنان طول حياته وحياتها ، وهذا ما لمسناه وشاهدناه عند الكثير من الناس ، فعلى هؤلاء أن يتقوا الله ، وأن يفكروا هذا التفكير ، فإن التباين بين الناس في أحوالهم سنة من سنن هذه الحياة التي أرادها الله سبحانه وتعالى . ـ ما هو التعريف الشرعي للخلوة ؟ الخلوة أن يجلس الرجل مع المرأة في مكان لا تمتد إليه عين شخص آخر بحيث يمكن أن يقع بينهما من التصرفات ما يتعذر أن يكون في حالة اطلاع الآخرين عليه . ـ هل أذن الزوج شرط لعمل المرأة ؟ لا بد من الاستئذان فإن لم يأذن الزوج فلا يجوز لها أن تعمل . ـ ولكن إذا كان ذلك يشكل مصدراً مالياً لها هل له الحق أن يحرمها منه ؟ على أن يقوم هو بشئونها هو القوام عليها ، عليه أن ينفق عليها وإذا كانت تعمل في البيت فلا حرج ، يمكن أن تعمل في الخياطة أو في التطريز أو في أي مجال آخر في البيت . سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة |
الساعة الآن 02:25 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By
Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها