منتديات حصن عمان - فتاوى وأحكام عـامـة
منتديات حصن عمان

منتديات حصن عمان (http://www.hesnoman.com/vb/index.php)
-   البرج الإسلامي (http://www.hesnoman.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   فتاوى وأحكام عـامـة (http://www.hesnoman.com/vb/showthread.php?t=18060)

البراء 06-05-2011 01:04 AM


ضوابط لابد منها
* ما الحكم الشرعي في وضع الصور النسائية والأطفال والحيوانات كصور رمزية أو في التواقيع في المنتديات الالكترونية؟ وما الحكم في وضع صور لطبيعة تحتوي على آيات قرآنية؟ وما حكم وضع صور لطبيعة من أشجار وورود؟

- وضع صور ورموز في التواقيع في المنتديات الالكترونية يجب ان يكون منضبطا بآداب الاسلام وأخلاقه الداعية الى العفاف والطهر والحشمة والحياء، وان تعكس هوية المسلمين الصحيحة، فلا يجوز ان تعبر عن خنا او فجور او تدعو الى رذيلة او فتنة او ان تعتدي على خصوصيات الاخرين واعراضهم، وعليه فلا يصح وضع صور النساء ولا أي صورة او رمز يتعارض مع عقيدة الاسلام او تشريعاته كالصلبان ورموز الحركات الصهيونية والماسونية، اما الاطفال المعروفون فلابد من اذن اوليائهم، ويجب مراعاة ان لا تعرض آيات القرآن الكريم - ان استخدمت - للامتهان وما لا يليق، هذا والله أعلم.

لا يصح للوكيل أن يهب أو يتنازل
* بفضل الله وبموافقة وكيل المسجد قمنا ببناء منزل داخل حرم المسجد ليسكن فيه عامل المسجد وأسرته وهو قائم بأعمال النظافة والصيانة وغيرها من الاعمال في المسجد ويستخدم في ذلك الماء والكهرباء من المسجد.. فهل عليه شيء في استهلاك الماء والكهرباء ومن حيث الاقامة نرجو من فضيلتكم الافتاء وشكرا على الافادة.

- أولا لابد من النظر في ذات هذا البناء الذي اقيم في ارض المسجد، فلا يصح للوكيل ان يهب او يتنازل عن جزء من ارض المسجد الا في حالة الضرورة وعلى ان يتم ذلك بحسب الاجراءات الرسمية المتبعة والتي منها اخذ الموافقة الشرعية، فان كان هذا البناء اقيم بهذه الطريقة ليكون وقفا للمسجد يؤجر ويذهب ريعه للمسجد فعندها ينظر امر استهلاك الماء والكهرباء فان كان مقدرا في امره السكني داخلا فيها فلا حرج والا فلا يصح الانتفاع بشيء من مرافق المسجد ومنافعه الا فيما يخص ما أقيم المسجد لاجله من شعائر مقدسة. والله أعلم.

شفاء رحمة
* كيف تتم طريقة العلاج بالقرآن؟ وهل هي علاج للحسد فقط أم انها علاج لأي مرض يصيب الانسان؟ وما الفرق بينها وبين الرقية الشرعية؟

- يقول الله تعالى (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) ومعنى كون القرآن الكريم شفاء انه يزيل ادواء النفوس وعلل العقول وسقيم الاخلاق وسوء الاعمال، لان كل آية من القرآن مشتملة على رشد وهدى وصلاح للمؤمنين به المتبعين له، وفي الآية دليل على أن القرآن عامة وبعض الايات والسور فيه خاصة هي مما يستشفى بها من الادواء والآلام و الاستعاذة بها من الحسد والسحر وشر كل ذي شر من الجنة والناس، وتؤيد ذلك، ففي الصحيح عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (بعثنا رسول الله في سرية ثلاثين راكبا فنزلنا على قوم من العرب فسألناهم أن يضيفونا فأبوا، فلدغ سيد الحي فأتونا فقالوا: أمنكم أحد يرقى من العقرب؟ قال: قلت: نعم. ولكن لا أفعل حتى يعطونا، فقالوا: نعطيكم ثلاثين شاة. قال: فقرأت عليه فاتحة الكتاب سبع مرات فبرأ) وفيه: (حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: وما يدريك أنها رقية، قلت: يا رسول الله ألقي في روعي، قال: كلوا وأطعمونا من الغنم). فانظر فيه ولا تأخذ منه الا بعدله. والله أعلم

الدكتور الشيخ كهلان الخروصي
مساعد المفتي العام للسلطنة

البراء 06-05-2011 10:32 AM

*المرأة التي لديها راتب ولديها أموال، تقول بعض الدراسات أنها في بعض الأحيان تستعلي على زوجها بذلك المال وتستغني عنه، دفعها ذلك إلى أن تستقل برأيها وأدى إلى مشكلات ، ماذا نقول للمرأة التي توجد فيها هذه الصفات؟

*نحن نطالب الطرفين بالانسجام وحسن العشرة واتقاء الله سبحانه وتعالى في تعامل بعضهما مع بعض، ونذكر على سبيل المثال مثالاً يُحتذى مما كان عند السلف من علمائنا الربانين الذين اتقوا الله سبحانه وتعالى، كان الإمام أبو سعيد الكدمي رحمه الله تعالى ورضي عنه عالماً ربانياً جامعاً بين شتى فنون العلوم الشرعية، وكان من الفقر بمكان بحيث لا يملك إلا نخلة واحدة وكرمة، أي شجرة عنب واحدة، وكان يقوم على نخلته ويقوم على كرمته خدمةً للعلم، وعنده ثلاث من النساء كل واحدة منهن غنية، وكلهن تزوجنه لأجل علمه مع كثرة ثرائهن، فكن جميعا يعرضن عليه أموالهن لينتفع بأموالهن ولكن مع ذلك كانت نفسه تعف عن هذه الأموال، وإنما يكتفي بما يأتيه مما آتاه الله من نخلته وكرمته، ويعيش عيشة الكفاف من أجل ذلك، ولا يرضى أن يأخذ من أموال نسائه شيئاً، بينما النساء كن بحسن معاشرته له، وبحسن لطفهن معه يردن أن ينفقن عليه من أموالهن ، يردن أن يتركن يده حرة في التصرف في أموالهن إلا أن نفسه الأبية، فهنا إذا نظرنا إلى الواقع نرى حسن المعاشرة من الجانبين، من هؤلاء النساء اللواتي اخترن هذا الرجل الفقير لأجل علمه وفضله وتقاه وزهده، وكن راغبات في أن يتقربن إلى الله سبحانه وتعالى في إعطائه الفرصة لئن يبسط يده في أموالهن، وكذلك في معاملته هو لهن وعفته ورغبته في أن يأكل مما ملّكه الله سبحانه وتعالى لا مما تدفعه إليه نساؤه، فهكذا يجب أن يكون بين الجانبين حسن العشرة، وأن تكون العفة، الرجل يحرص على أن يعف عن مال المرأة، والمرأة بدورها تحرص على أن تبادل هذا الرجل حسن المعاملة، وأن تحاول بقدر جهدها أن تُحسن إليه لا أن تتعالى عليه وتتكبر عليه.

*في بعض الأحيان عندما تخرج المرأة إلى العمل يكون هناك خلاف بينها وبين زوجها نظراً لأن خروجها ربما يكون في صورة لا ترضيه، فما هي الصورة التي تخرج بها المرأة إلى العمل بحيث تعطي صورة عن طريقة تعامل المرأة المسلمة مع هذه الأشياء كما أنها أيضاً لا تغضب زوجها؟

*نحن نقول بأن الفطرة هي التي يجب أن تراعى في هذا، قضية عمل المرأة أولاً أن لا يكون على حساب البيت، هذا مما ينبغي أن يكون معروفاً عند الجميع، لا أن يكون هذا العمل على حساب البيت، على حساب ترتيب البيت وتربية الأولاد وإسعاد الزوج وإضفاء طابع الاستقرار على البيت.

الأمر الثاني أن تكون المرأة مراعية لخصائص أنوثتها، فهي مأمورة أن لا تتبرج تبرج الجاهلية، إن خرجت لعمل عليها أن تكون مستترة، وأن لا تتبرج تبرج الجاهلية.

ثم العمل الذي يتلاءم مع المرأة ثلاثة أعمال، هذه هي التي تتلاءم مع المرأة: أن تكون طبيبة لبنات جنسها، أن تكون ممرضة لبنات جنسها، أن تكون معلمة لبنات جنسها، والتعليم يشمل الوعظ والإرشاد والتذكير، كل ذلك مما يدخل في إطار التعليم.

فهذه الأعمال هي التي تليق بالمرأة، أنا لا أقول بأن المرأة لا تنفع الرجال من حيث الوعظ ومن حيث الإرشاد، لكن على أن تقوم بهذا إما من وراء الستر، وإما أن تقوم بهذا من خلال وسائل التعليم المعاصرة، وكم من وسائل التعليم الآن، هناك العالمية للمعلومات من خلالها يمكن للمرأة أن تنشر علمها، وأن تنشر وعظها، وأن تنشر إرشادها، وأن يكون ذلك في متناول أيدي الرجال والنساء، وكذلك بالنسبة إلى الصحافة وبالنسبة إلى سائر وسائل نشر العلم الموجودة الآن.

أما العمل الطبيعي فهو هذا الذي يجب أن تحرص عليه وأن لا تتجاوزه إلى غيره مع الحذر كل الحذر من الخلوة بالأجانب فإن النبي صلى الله عليه وسلّم يقول (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)، ويقول عليه أفضل الصلاة والسلام (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة إلا مع ذي محرم)، ويقول (ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم)، ويشدد عليه أفضل الصلاة والسلام في دخول الرجال على النساء الأجنبيات فيقول (إياكم والدخول على النساء. فقال له رجل من الأنصار: أرأيت الحمو يا رسول الله؟ فقال: الحمو الموت).

ونحن وجدنا آثار هذه المخالفة التي وقع فيها الناس، كم من قضايا وصلتني أنا بنفسي من النساء يتألمن كل الألم لما وصلن إليه، قبل أيام وصلني اتصال من إحدى النساء تقول بأنها أصيبت بوساوس، وكانت تتصل اتصالا هاتفيا ببعض الرجال الذين يقولون بأنهم يعالجون بالقرآن، وكانت تأخذ منه خلال اتصالها بهم بعض الآيات أو بعض الوصفات لعلاج هذه الوسوسة، إلا أن أحد هؤلاء وتسميه بالشيخ تقول بأنه بعد اتصالات بريئة تتعلق بهذا الموضوع قال أرى من الضرورة أن ألقاكِ لعلك بوصفك لي بيني وبينك لهذه الأمراض أستطيع أن أعرف، وبعد إباء منها وبعد رفض وقعت في الخديعة فرضيت، ولما رضيت كان الشيطان ثالثهما فوقعا في الفاحشة، هذه من الأمور الخطيرة، كم من واحدة اتصلت وقالت أنها حملت من أخ زوجها أو من زوج أختها أو من زوج خالتها، هذه الأمور أصبحت كثيرة كثرة زائدة عن الحد، هذا كله بسبب تهاون الناس وعدم انضباط حركاتهم وعدم انضباط أوضاعهم الاجتماعية.



سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


البراء 13-05-2011 10:31 AM

*سماحة الشيخ بعض السور تحوي على قصص الأولين من أنبياء وغيرهم، عندما يقرأ الإمام أو المصلي هذه القصص هل يمكن للإنسان أن يرسم خيالات ومشاهد معينة في الصلاة؟

** لا يتعمد ، لكن ما يرتسم في ذهنه بمجرد قراءة السورة أو قراءة القصة من السورة الكريمة يدعه وشأنه فإن ذلك هو الذي ينبغي. السورة نفسها ترسم المشهد.



*هل يجوز أن يؤجر شخص لقراءة القرآن الكريم ثم يهدي ثواب ذلك لميت لأنه هو أوصى بذلك؟

** حقيقة الأمر الناس أحدثوا أموراً كثيرة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم مع قول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام : إن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلّم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة . فالناس أحدثوا كثيراً من الأمور التي لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم من ذلك قراءة القرآن بالأجرة ، فإن القرآن عبادة .

القرآن يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى بتلاوته . وهذه العبادة لا يؤخذ عليها أجر ، فكما أن الإنسان لا يأخذ أجراً على صلاته التي يصليها ، كذلك لا يأخذ أجراً على قراءته لكتاب الله تبارك وتعالى ، وإنما أجر ذلك ما يناله في الدار الآخرة من الثواب الجزيل عند الله سبحانه وتعالى . أما أن يتخذ القرآن الكريم طريقة للكسب فهذا شيء فيه ما فيه .

ما بال الإنسان بدلاً من أن يقرأ القرآن تقرباً إلى الله يقرأه لأجل دريهمات أو لأجل ريالات أو لأجل دنانير ينالها ، إنما هذا من بيع القرآن الكريم ونرى منع ذلك منعاً بتاً ، وإن وجد من العلماء من يرخص في ذلك ، ولكن الذي نأخذ به أنه لا يجوز هذا لمخالفة هذا ما مضى عليه السلف في أيام النبي صلى الله عليه وسلّم والخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم . وأيضاً إهداء العمل إلى الميت ليس هنالك ما يدل على أن الميت ينتفع بما يهدى إليه من الأعمال إلا ما ورد الدليل عليه ، فقد ورد الدليل بأنه يمكن أن يحج أحد عن غيره سواء كان ميتاً أو حياً عاجزاً كما حصل ذلك للخثعمية التي جاءت تستفسر النبي صلى الله عليه وسلّم عن حجها عن أبيها فأباح لها الحج . كذلك جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم الحث على الصدقة عن الميت ، وكلك جاء عنه كما في حديث عائشة عند الشيخين من مات وعليه صيام صام عنه وليه . ولكن هل يقال بأن بقية الأعمال كذلك، نحن نجد عدم الاختلاف بين العلماء أنه لا يصلي أحد عن أحد، والقراءة هي جزء من الصلاة، إذ الصلاة لا تكون بدون قراءة .
فإذاً قراءة القرآن بغير صلاة كذلك أقرب إلى أن يكون الميت لا دليل على انتفاعه بها. فما ينبغي أن يهدي الإنسان ثواب قراءته التي يقرأها للميت . نعم يمكن أن يدعو للميت بعد قراءة القرآن ويكون ذلك مظنة لاستجابة الدعاء ، فإن قراءة القرآن من العبادات والعبادات وسائل لاستجابة الدعاء ، فالإنسان قد يصلي صلاة الفريضة وقد يصلي صلاة السنة وقد يصلي صلاة النافلة ثم يدعو بعد ذلك بما يدعو به من الدعاء فذلك ما يعمله من الطاعات إنما هو مظنة لاستجابة الدعاء ، فإن تلا القرآن الكريم ودعا للميت بعد تلاوته للقرآن الكريم رجي أن يستجيب الله تبارك وتعالى هذا الدعاء ، والله تعالى أعلم.

*هل يجوز للمرأة عند قرآتها للقرآن أن تتحجب؟

** على أي حال عليها أن تستر نفسها ما عدا الوجه والكفين لأن قراءة القرآن الكريم مظنة حضور الملائكة وحضور الملائكة لا يتم مع بقاء المرأة غير مستترة فلذلك تؤمر بهذا والله أعلم .

* هل يصح للمرأة غير الطاهرة أن تلمس الشريط الذي يحوي القرآن الكريم ؟

** المرأة غير الطاهرة ممنوعة من مس المصحف، والشريط لا نستطيع بأن نقول حكمه حكم المصحف، لأن الشريط بمثابة الذاكرة التي تحفظ القرآن، إذ يمكن أن يتلى من خلال الشريط في حال تشغيله، وأي إنسان كان يمكن أن يحفظ القرآن كاملا، ولكن لا يعني هذا أن من كان ذا حدث أكبر يمنع أن يمس ذلك الذي يحفظ القرآن، فيبدو لي أن الشريط حكمه حكم حافظ القرآن ، وليس حكمه حكم المصحف، والله تعالى أعلم.

*امرأة أرادت الدخول إلى الحمام وعليها عقد من ذهب أو فضة كتب عليه اسم الله أو آيات من القرآن الكريم فماذا تفعل؟ وهل يجوز للمرأة الحائض لبس عقد عليه اسم لفظ الجلالة أو آيات من القرآن الكريم؟

**إن كان في عقدها شيء من أسماء الله تعالى فعليها أن تواريه عندما تدخل بيت الماء (دورة المياه) لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في خاتمه اسم الله تبارك وتعالى وعندما كان يدخل الخلاء يضع ذلك الخاتم على بطن كفه ثم بعد ذلك يطبق أصابع يديه عليه حتى لا يظهر الاسم الكريم ففي مثل هذه الحالة عليها أن تتصرف هذا التصرف والله أعلم.

*هل يباح للمدرسات والطالبات قراءة القرآن وحفظه وهن حائضات؟

**الذي أراه وأعتمد عليه وجوب تجنب ذي الحدث الأكبر حيضاً أو نفاساً أو جنابة قراءة القرآن الكريم لقدسية كلام الله تعالى، وهو الذي يدل عليه ما رواه الإمام الربيع عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الجنب والحائض والذين لم يكونوا على طهارة (لا يقرأون القرآن ولا يطأون مصحفاً بأيديهم حتى يكونوا متوضئين) أي متطهرين الطهور المشروع للعبادة. وهو وإن كان مرسلاً فإن لمراسيل جابر حكم الوصل، على أنه معضود بروايات أخرى منها ما أخرجه الخمسة وصححه الترمذي وأخرجه أيضا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبزار والدارقطني والبيهقي وصححه أيضاً كل من ابن حبان وابن السكن وعبد الحق والبغوي في شرح السنة عن علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته ثم يخرج فيقرأ القرآن ويأكل معنا اللحم ولا يحجبه ـ وربما قال ـ ولا يحجزه من القرآن شيء ليس من الجنابة). ولفظ الترمذي (كان يقرؤنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً) وقد بالغ أهل العلم في تعظيم هذا الحديث حتى قال ابن خزيمة: هذا الحديث ثلث رأس مالي. وقال شعبة: ما أحدث بحديث أحسن منه. ومن المعلوم أن الحيض والنفاس لا يختلفان عن الجنابة فكل منهما حدث أكبر كالجنابة، ولا يقال إنه مجرد ترك من النبي صلى الله عليه وسلم لا يستدل به على حكم، كيف وراوي الحديث ـ وهو الإمام علي ـ يصرح أن الجنابة هي الحاجز بينه وبين قراءة القرآن، وليس من المعقول أن يقول ذلك الإمام علي اعتباطاً فإنه ليس ممن يرمي الكلام على عواهنه خصوصاً فيما يتعلق بالأحكام الشرعية، وقد روى أبو يعلى عنه أنه قال: (( رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ توضأ ثم قرأ شيئاً من القرآن ثم قال: هكذا لمن ليس بجنب، أما الجنب فلا ولا آية )) وهو نص في الموضوع. وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن ))، ومهما قيل في إسناده فإن ابن سيد الناس ـ وهو من كبار أئمة الحديث ـ صحح بعض طرقه . وروى الدارقطني عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( لا تقرأ الحائض ولا النفساء من القرآن شيئا ))... وهذه الروايات لم يثبت ما يعارضها وذلك يقتضي عدم جواز إسقاطها، وإذا علمتم ذلك فعليكم أن تعلموا أن قراءة الطالبات والمدرسات القرآن أيام حيضهن لأجل الامتحانات ليس له مبرر، فالصوم فرضه موقوف وقفه الله في القرآن وقد عذرت الحائض والنفساء منه وأمرتا بتأخيره إلى وقت طهرهما، فما بالكم بشيء وقته البشر، وإنما على المسؤولين أن لا يضيقوا وقت الامتحان، بل الأحرى أن تكون له فترتان. والله أعلم وبه التوفيق.






سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 20-05-2011 11:03 AM

رجل ينوي السفر هل يجوز له أن يصلي الظهر والعصر جمع تقديم قبل دخول وقت صلاة الظهر بنصف ساعة ؟

الجواب :
الصلاة موقوتة بميقات محدد ، الله تبارك وتعالى يقول ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ) (النساء: من الآية103) ، فلا يجوز أن تقدم الصلاة قبل ميقاتها بحال من الأحوال ، ولا يجوز في السفر ولا في الحضر أن يصلي الإنسان الظهر قبل ميقاتها ، أو أن يصلي المغرب قبل ميقاتها .


أما الجمع بين صلاتي الظهر والعصر وبين صلاتي المغرب والعشاء فهو مأذون به في حالة السفر ، وقد أذن به في حالة المشقة والصعوبة ولو كان الإنسان في الحضر كأن يكون الإنسان مريضاً ، أو أن تكون المرأة مستحاضة ، أو يكون به أحد سلس البول ، أو أن يكون في حالة متعبة ، أو في حالة غيم أو حالة ريح أو مطر أو نحو ذلك مما يجعل من الصعوبة على الإنسان أن يتردد إلى المسجد ، ففي هذه الحالة يباح للمصلين أن يجمعوا بين صلاتي الظهر والعصر وبين صلاتي المغرب والعشاء ، وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلّم ذلك من غير وجود مشقة وإنما أراد بذلك أن ينبه الأمة بأنها في حالة عسرها ومشقتها لها أن تفعل ذلك ، فقد أخرج الإمام الربيع رحمه الله في مسنده عن أبي عبيدة عن جابر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الظهر والعصر معاً والمغرب والعشاء الآخرة معاً من غير خوف ولا سفر ولا سحاب ولا مطر ، وقد أخرج الشيخان البخاري ومسلم وغيرهما هذا الحديث من طريق عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء جابر بن زيد عن ابن عباس أيضا وكان مما جاء فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلّم صلى الظهر والعصر معاً ، والمغرب والعشاء معاً بالمدينة من غير خوف ولا سفر . قيل لابن عباس : ما أراد بذلك ؟ قال : أراد ألا يحرج أمته .

وجاء في هذه الرواية أن عمرو ابن دينار قال : قلت لجابر : يا أبا الشعثاء أظنه أخّر الظهر وعجّل العصر . قال : وأظنه . وعلى أي حال فإن ذلك إنما يجوز في الوقت وإن كان من العلماء من ذهب إلى أنه لا بد من أن يكون بين الوقتين كما يوحي بذلك سؤال عمرو بن دينار لجابر بن زيد وإجابة جابر رحمه الله بذلك . وقد قال ابن سيد الناس : وجابر بن زيد أعلم بمعنى الحديث لأنه راويه . ولكن جابراً لم يقطع بذلك وإنما بيّن أنه مجرد ظن . ونحن نرى من أجل التيسير إباحة هذا الأمر سواء في وقت الأولى أو في وقت الثانية عندما تكون هنالك مشقة ويكون هنالك عسر ، ومع التوسط بين الوقتين فإن ذلك يكون أولى وأجوز .

أما تقديم الصلاتين قبل دخول وقت الصلاة الأولى فذلك لا يقول به أحد ، والله المستعان ، ونسأل الله تعالى التوفيق .

رجل أراد أن يجمع المغرب والعشاء وبعدما فرغ من المغرب وكبر للعشاء سمع جماعة تقيم صلاة العشاء ، فهل يقطع صلاته ويدخل معهم ؟

الجواب :
نعم ، إذا أقيمت المكتوبة في جماعة فلا صلاة إلا المكتوبة .


السؤال
إذا تعذر الوصول إليهم نظراً لزحمة الصفوف وصلى بنفسه العشاء بينما هم أيضاً يصلون العشاء ، فما الحكم في هذه الحالة ؟


الجواب :
أما إذا كان لم يدخل في صلاته ويتعذر عليه أن يصل إليهم فلينتظر حتى يفرغوا إن سمعهم يصلون ، أما إن دخل في الصلاة وكان من العسير أن يذهب إليهم بحيث يتعذر ذلك ففي هذه الحالة ليستمر على صلاته .

السؤال
بعد أن صلينا الجمعة قام أحد المسافرين ليصلي العصر فصلينا وراءه سنة الجمعة ولكن البعض لم يصل السنة مع الإمام الذي يصلي العصر في الجماعة بل إنه جلس في الصف في مكانه والآخرون قاموا يصلون بأنفسهم سنة الجمعة في الصف نفسه . وبالتالي أصبحت الصفوف غير منتظمة منهم القاعد والقائم والراكع . ما حكم صلاة هؤلاء جميعاً ؟


الجواب :
أولاً قبل كل شيء أنا أرى أن هؤلاء المسافرين الذين يحرصون على جمع الصلاتين كثيراً ما يسببون مشكلات متنوعة ، ويسببون فوضى لا تقف عند حد ، لذلك أنا أنصح بأن يتركوا جمع الصلاتين في مثل هذه الأحوال إلا لضرورة لا محيص عنها ، أما أن يعتبروا ذلك عادة كما هو شأن الكثير من الناس فهذا أمر فيه ما فيه ، نحن نرى كثيراً من الأحيان ترتبك الصفوف وتكون الفواصل في الصف الواحد ، هؤلاء اثنان أو ثلاثة يصلون بأنفسهم ، وهناك في نفس الصف اثنان أو ثلاثة يصلون بأنفسهم من غير أن يلتحم الصف ، ومع أمور أخرى تحدث ومنها المرور أمام المصلين وإيذاء المصلين ومضايقة المصلين ، هذه أمور كلها تحدث ارتباكاً كبيراً ، وأتألم كثيراً عندما أشاهد مثل هذه الأحوال ، فأنا أدعو الأخوان إلى ترك الجمع بين الصلاتين إلا لضرورة لا محيص عنها .


أما في مثل هذه الأحوال ما هو الداعي للجمع ، ما هو الداعي ؟ إنما الأمر يفضي إلى الإفساد ، إفساد الصلاة على الناس ، ولو كانت هذه سنة متبعة فإن السنة تترك إن ترتبت عليها مضرة ، فكيف مع أن السنة بالنسبة إلى المقيم في المكان أن يفرد الصلاة ، وبالنسبة إلى الجاد في السير هو الذي يسن له أن يجمع بين الصلاتين
والفضل للمقيم في الإفراد *** والجمع للمجد في الترداد
ما هو الداعي إلى هذا ؟ ومع هذا أيضاً نرى أن الكثير من الناس عندما يجمعون بين الصلاتين يصلون مثلاً المغرب والعشاء معاً ثم يبقون مكانهم إلى صلاة العشاء لأجل المحاضرة أو لأجل غير ذلك وعندما يؤذن للصلاة يكونون هم في المسجد مع أن الخروج من المسجد بعد التأذين للصلاة من الجفاء ، فمن خرج من المسجد فيعتبر عاصياً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلّم .

هذه من المخالفات العجيبة ، وعندما يكون هنالك ضرر لا محيص عنه عليهم أن يعلم بعضهم بعضاً وأن يجتمعوا في مكان واحد بحيث يكونون في صف واحد أو في صفوف متراصة في مكان واحد لا يفصل بينهم أحد ، ومع هذا كله يحرصون على أن لا يمروا أمام المصلين ، وأن لا يقطعوا على الناس صلاتهم ، المرور أمام المصلي فيه تشديد كبير في السنة ( لأن يقف أحدكم أربعين خريفاً خير له من أن يمر بين يدي المصلي لو كان يعلم ما في المرور بين المصلي ) ، فكيف وهم يمرون بين أيدي المصلين من غير مبالاة ، هذه أمور عليهم أن يراعوها ، وأن يحرصوا على المحافظة على السلامة فيها . هذا التصرف الأهوج الذي يتصرفونه .

ثم ما الداعي لهذا المقيم أن يصلي السنة مع هؤلاء ، لا أقول بمنع ذلك ، لكن ما الداعي إلى ذلك ، إنما هو تشجيع على الجمع بين الصلاتين ونحن نختار ترك التشجيع عليه . والله تعالى المستعان .








سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


عصفورة المنتدى 20-05-2011 02:25 PM

باارك الله فيك وجزااك الله جناان الاعلى,,بجد عم نستفيد منك ومن المعلوماات والفتااوى القيمه

البراء 20-05-2011 07:47 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عصفورة المنتدى (المشاركة 499923)
باارك الله فيك وجزااك الله جناان الاعلى,,بجد عم نستفيد منك ومن المعلوماات والفتااوى القيمه

وبارك الله فيك ِ يا عصفورة المنتدى ...
واجب لنا جميعا ً أن نتعلم أمور ديننا ..

عمتي مساء ً ...

البراء 27-05-2011 11:12 AM

ما حكم المرأة التي تسمع الأغاني بقصد الترفيه عن نفسها فقط وما حكم سماع الأغاني في الأعراس ؟

الجواب:
الغناء هو رقية الزنا ومزمار الشيطان فلذلك على المؤمنين والمؤمنات تجنب ذلك والترفيه يكون بالكثير الكثير كسماع القرآن أو تلاوة القرآن وبسماع الأناشيد الدينية لا بهذه الأغاني المائعة المنحلة ، وفي الأعراس يباح للنساء أن ينشدن بأنفسهن ما لا ميوعة فيه من غير أن يسمع أصواتهن الرجال . والله أعلم


السؤال
هل يشترط الوضوء في سجود التلاوة ؟ وإذا كان الشخص مارا في الطريق أو كان راكبا في السيارة فمر بآية السجدة فمتى يسجد ؟


الجواب:

الأصح أنه لا بد من الوضوء في سجود التلاوة وإن كان العلماء في ذلك مختلفين ، والمار في الطريق يؤمر أن يسجد إذا أمكنه ذلك على الفور، وكذلك الراكب في السيارة يومئ في سجوده على الفور، وإن تعذر حتى مجرد الإيماء فإنهما يؤخران السجود إلى الوقت الذي يمكنهما فيه والله أعلم .


السؤال
إذا مرت عليه سجدة في المصحف فأين يضع المصحف ، هل يضعه على الأرض على الرغم من أنها طاهرة ؟


الجواب:
المصحف يجب أن يصان ، ونحن من وجدنا من علمائنا من يقول بأن الكتاب الذي فيه آيات من كتاب الله ، وفيه أسماء لله تبارك وتعالى ، وفيه علم نافع من حرمته أن لا يترك على الأرض ، بل يوضع على مكان مرتفع ، وهذا من تقدير العلم ، ومن تعظيم أسماء الله تعالى وآياته ، فكيف بكلام الله تبارك وتعالى ، كيف بكتاب الله المنزل الذي هو كلامه يضعه الإنسان على الأرض حيثما يضع قدمه ، لا ينبغي أن يصدر ذلك ممن يعظم حرمات الله ويجلها بل عليه أن ينظر له مكاناً رفيعاً يضعه عليه ، فإن لم يجد فليجعله تحت إبطه وليسجد ثم بعد ذلك ليمسكه بيديه ، والله تعالى أعلم .


السؤال
هل يجوز للمرأة عند قرآتها للقرآن أن تتحجب ؟


الجواب:
على أي حال عليها أن تستر نفسها ما عدا الوجه والكفين لأن قراءة القرآن الكريم مظنة حضور الملائكة وحضور الملائكة لا يتم مع بقاء المرأة غير مستترة فلذلك تؤمر بهذا والله أعلم .

السؤال
هل يصح للمرأة غير الطاهرة أن تلمس الشريط الذي يحوي القرآن الكريم ؟


الجواب:
المرأة غير الطاهرة ممنوعة من مس المصحف ، و الشريط لا نستطيع بأن نقول حكمه حكم المصحف ، لأن الشريط بمثابة الذاكرة التي تحفظ القرآن ، إذ يمكن أن يتلى من خلال الشريط في حال تشغيله ، وأي إنسان كان يمكن أن يحفظ القرآن كاملا ، ولكن لا يعني هذا أن من كان ذا حدث أكبر يمنع أن يمس ذلك الذي يحفظ القرآن ، فيبدو لي أن الشريط حكمه حكم حافظ القرآن ، وليس حكمه حكم المصحف ، والله تعالى أعلم .


السؤال
امرأة أرادت الدخول إلى الحمام وعليها عقد من ذهب أو فضة كتب عليه اسم الله أو آيات من القرآن الكريم فماذا تفعل ؟ وهل يجوز للمرأة الحائض لبس عقد عليه اسم لفظ الجلالة أو آيات من القرآن الكريم ؟


الجواب:
إن كان في عقدها شئ من أسماء الله تعالى فعليها أن تواريه عندما تدخل بيت الماء ( دورة المياه ) لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في خاتمه اسم الله تبارك وتعالى وعندما كان يدخل الخلاء يضع ذلك الخاتم على بطن كفه ثم بعد ذلك يطبق أصابع يديه عليه حتى لا يظهر الاسم الكريم ففي مثل هذه الحالة عليها أن تتصرف هذا التصرف والله أعلم .

السؤال
هل يباح للمدرسات والطالبات قراءة القرآن وحفظه وهن حائضات؟


الجواب:
الذي أراه وأعتمد عليه وجوب تجنب ذي الحدث الأكبر حيضاً أو نفاساً أو جنابة قراءة القرآن الكريم لقدسية كلام الله تعالى، وهو الذي يدل عليه ما رواه الإمام الربيع عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الجنب والحائض والذين لم يكونوا على طهارة ( لا يقرأون القرآن ولا يطأون مصحفاً بأيديهم حتى يكونوا متوضئين ) أي متطهرين الطهور المشروع للعبادة. وهو وإن كان مرسلاً فإن لمراسيل جابر حكم الوصل، على أنه معضود بروايات أخرى منها ما أخرجه الخمسة وصححه الترمذي وأخرجه أيضا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبزار والدارقطني والبيهقي وصححه أيضاً كل من ابن حبان وابن السكن وعبد الحق والبغوي في شرح السنة عن علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته ثم يخرج فيقرأ القرآن ويأكل معنا اللحم ولا يحجبه ـ وربما قال ـ ولا يحجزه من القرآن شيء ليس من الجنابة ). ولفظ الترمذي ( كان يقرؤنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً ) وقد بالغ أهل العلم في تعظيم هذا الحديث حتى قال ابن خزيمة: هذا الحديث ثلث رأس مالي. وقال شعبة: ما أحدث بحديث أحسن منه. ومن المعلوم أن الحيض والنفاس لا يختلفان عن الجنابة فكل منهما حدث أكبر كالجنابة، ولا يقال إنه مجرد ترك من النبي صلى الله عليه وسلم لا يستدل به على حكم، كيف وراوي الحديث ـ وهو الإمام علي ـ يصرح أن الجنابة هي الحاجز بينه وبين قراءة القرآن، وليس من المعقول أن يقول ذلك الإمام علي اعتباطاً فإنه ليس ممن يرمي الكلام على عواهنه خصوصاً فيما يتعلق بالأحكام الشرعية، وقد روى أبو يعلى عنه أنه قال: (( رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ توضأ ثم قرأ شيئاً من القرآن ثم قال: هكذا لمن ليس بجنب، أما الجنب فلا ولا آية )) وهو نص في الموضوع. وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن ))، ومهما قيل في إسناده فإن ابن سيد الناس ـ وهو من كبار أئمة الحديث ـ صحح بعض طرقه . وروى الدارقطني عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( لا تقرأ الحائض ولا النفساء من القرآن شيئا ))... وهذه الروايات لم يثبت ما يعارضها وذلك يقتضي عدم جواز إسقاطها، وإذا علمتم ذلك فعليكم أن تعلموا أن قراءة الطالبات والمدرسات القرآن أيام حيضهن لأجل الامتحانات ليس له مبرر، فالصوم فرضه موقوف وقفه الله في القرآن وقد عذرت الحائض والنفساء منه وأمرتا بتأخيره إلى وقت طهرهما، فما بالكم بشيء وقته البشر، وإنما على المسؤولين أن لا يضيقوا وقت الامتحان، بل الأحرى أن تكون له فترتان. والله أعلم وبه التوفيق.







سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

مغرزه بكعبها 28-05-2011 10:32 PM

أمين يارب العالمين يسلمو خيتو

البراء 03-06-2011 11:28 AM

*من العمل الدعوي الذي يقوم به الناس في فترة الصيف هو تدريس القرآن الكريم وتدريس العلوم الشرعية ، والبعض هنا يطرح تساؤلاً يقول إن المدارس في كل العالم تتعطل وتتوقف في الصيف لأن فترة الصيف فترة حرارة ربما لا يستوعب فيها الإنسان العلوم بالطريقة الصحيحة في حين إننا نجد أن هذه العلوم الشرعية التي تدعونا إلى تعلمها تستغل أكثر أوقاتها في الصيف دائماً تدرس في فترة الصيف ، هل سيؤدي ذلك مع حرارة الجو إلى تقليل فهمها وتشويهها أو شيء من هذا القبيل ؟

**الصيف بما أن فترته فترة إجازة وتعطيلٍ للأعمال ووقفٍ للدارسات فإن العلوم الشرعية في هذا الوقت لا تُزاحم من قبل علوم أخرى أو من قبل دراسات أخرى أو من قبل أعمال أخرى ، فلذلك تكون الفرصة مواتية لأن يتشبع الإنسان بها من خلال حرصه على قراءتها ودراستها والرجوع إلى المشائخ المتخصصين فيها ، هذه فرصة لا تعوض ، أما بالنسبة إلى بقية الأوقات فإن هذه الأوقات تتزاحم فيها العلوم المختلفة ، ولا ريب أن ينبغي بل يجب أن يكون لعلوم الشرع ولعلوم العربية التي هي وعاء لعلوم الشرع نصيب أيضاً في هذا الوقت بحيث لا تُهمل ، لا ينبغي أن تكون دراسة العلوم الشرعية مختصة بالصيف فقط وفي بقية الأيام تهمل ، لا ، بل يجب السعي الحثيث إلى تعلم هذه العلوم وتعليمها في جميع الأوقات ، وإنما يكون لها نصيب بجانب العلوم الأخرى بينما في الصيف يكون التخصص فيها وحده .

*هناك من يدرس العلوم الشرعية في الصيف أي من صيف إلى صيف ولكنه مع ذلك سيعطي لنفسه مستقبلاً فرصة الإفتاء أو التوجيه ، ويرى البعض أن هذا سيؤدي إلى كثير من الاجتزاءات والتأويلات ، هل من يدرس هذه العلوم يؤهل نفسه بها إلى الفتوى أم لأجل يتقوى بها في أمور العبادة ؟

**أولا يجب أن يحرص الإنسان على أن يتعلم العلم من أجل أن يتقن عبادته لربه سبحانه ، فالله تعالى يقول (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات : 56 ) ، ومعنى هذا أن عبادة الله مسئولية في عنق كل أحد من الجن والإنس ، كل واحد مطالب بأن يعبد الله سبحانه على بصيرة ، وأن يحرص على رضوان الله ، وأن يتكيف مع أمر الله تعالى فعلاً وتركاً ، وأن يفيد غيره أيضاً بقدر الاستطاعة إذ هذه أمانة كما يتلقاها الإنسان عن الغير يؤديها إلى الغير ، ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلّم ( يحمل هذا العلم من كل خَلَف عدول ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) ، هذه مسئولية أي على عاتق كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر والنبي صلى الله عليه وسلّم يقول ( بلغوا عني ولو آية فرب مُبَلَغ أوعى من سامع ) .

فعلى أي حال الإنسان مطالب بأن يقوم بهذا الواجب ، وأن يضطلع بهذه الأمانة وأن يؤديها إلى الغير كما يتلقاها عن لا غير ، ولكن هذا لا يعني أن يندفع إلى الفتيا وإلى القول على الله بغير علم ، هناك خط أحمر يجب على الإنسان أن لا يتجاوزه وهو أن لا يقول شيئاً فيما لا علم له به فإن ذلك مقرون بالإشراك بالله سبحانه وتعالى كما جاء واضحاً في قوله تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (الأعراف : 33 ) ، ونجد أن هذه هي دعوة الشيطان والعياذ بالله أي يدعو الشيطان أولياءه إلى أن يقولوا على الله ما لا يعلمون ، الله سبحانه وتعالى يقول (إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (البقرة : 169 ) ، فإذن ليس للإنسان أن يتجاوز حدود ما علمه إلى ما لم يعلمه ، ومع هذا كل أيضاً مع وجود من أقدر منه على الفتيا وعلى إيصال المعرفة إلى الغير عليه أن يرجع إليه ، وأن يأمر الغير بالرجوع إليه لأن هذه من الضرورات التي لا بد منها .

وإتقان الفتيا يتوقف على الكثير من العلوم الشرعية ، يتوقف على دراسة الفقه دراسة معمقة ، وعلى دراسة القرآن الكريم وعلومه ، وعلى دراسة الحديث الشريف ، وعلى دراسة أصول الفقه ، وعلى دراسة علوم العربية لأن العربية وعاء لكلام الله تعالى وكلام الرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام ، فلذلك كانت دراستها تتوقف عليها دارسة العلوم الشرعية ، لأن كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلّم هما ينبوعا العلوم الشرعية ، فلذلك لا يمكن للإنسان أن يتقن العلوم إلا بإتقان الكتاب العزيز وإتقان السنة النبوية ، ومن المعلوم قطعاً أنه لا يمكن أن يتوصل إلى الفهم الصحيح للكتاب العزيز وللسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام إلا بإتقان العربية التي جعلها الله تعالى وعاءً لكلامه الخالد ووعاءً لحديث رسوله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام .

*في الصيف أيضاً عندما يجد الأولاد فراغاً يجد الآباء أيضاً فراغا آخر كما يجدون في أنفسهم أيضاً حاجة إلى تطوير مهارات أبنائهم وهواياتهم فيحدث في بعض الأحيان أن الأب يريد لابنه فناً معيناً ونوعاً معيناً من الدراسة ويريد الابن نوعاً آخر ، في هذه الحالة من الذي يُقدم رأيه ؟

**لا ريب أن الأب عليه أن يقترح على الابن ما يراه خيراً له ومصلحة ، ولكن مع ذلك يؤمر بأن يراعي ميولاته ورغباته إذ الناس متفاوتون في هذه ، وهذا التفاوت يرجع إلى حكمة حتى يكون التكامل بينهم ، فقد تكون رغبة الطفل في أن يتخصص في جانب من جوانب العلوم ورغبة الأب في تخصص ابنه في جانب آخر ، الابن يعطى الفرصة بأن يتخصص في الجانب الذي يجد نفسه متهيئاً للتخصص فيه ، هذا مع عدم إهمال العلوم الشرعية لأن العلوم الشرعية تناط بها العبادات ، إذ لا يمكن أن يؤدي العبادة على الوجه الأكمل المطلوب منه إلا إذا كان عارفاً بكيفية أداء هذه العبادة من حيث التطبيق للحكم الشرعي ، وهذا يعني أن على الأب أن يُرغّب الأولاد في تحفظ كتاب الله ودراسة ما يمكن من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ودراسة العلوم الشرعية بجانب تخصصاتهم الأخرى ، فهذا الجانب لا يهمل مهما كان الأمر ، مهما كان ميل الولد إلى نوع من أنواع العلوم للتخصص فيه .


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


البراء 10-06-2011 11:17 AM

*لعبة مكونة من كرات زجاجية صغيرة مقتضى هذه اللعبة أثناء اللعب بين اثنين بها إذا أصاب أحدهما كرة الآخر فإنه يأخذ كرته فهل في هذا نوع من القمار ؟
**هذه مقامرة ولا يجوز ذلك ، هذا تعويد لهم على القمار .

*من يخرج مباشرة بعد سلام الإمام دون أن يقعد للدعاء هل لهذا أثر على الصلاة نفسها؟
**أما أثره على الصلاة فلا، ولكن حرم نفسه من الفضل.

*ما حكم من لم يأت بالتوجيه في النوافل؟
**لا يؤثر ذلك على الصلاة .

*ما حكم شرب المعتدة للماء بعد غروب الشمس ؟
**أعوذ بالله ، وما الذي يمنعها؟ هل تؤمر بالصيام في الليل !!!
المعتدة هي كغيرها من النساء في مأكلها وفي مشربها وفي ملبسها ما عدا لباس الزينة واللباس المُطيّب، وإلا فإنها تلبس كما تلبس بقية النساء وإنما تتجنب الزينة وتتجنب الطيب، وتُمنع من الزواج حتى ينتهي أمد التربص .


*إمام يصلي بالناس وبعد الصلاة شكّك أحد المأمومين في عدد الركعات وقال بأن الإمام أنقص ركعة؟
**إن كان ذلك واثقاً من نفسه مطمئناً فعليه هو أن يعيد ولا يُكلف الإمام أن يعيد . من لم يكن موقناً إيقانه فلا يلزمه أن يعيد.

*رجل ذهب إلى مكتب عقاري لبيع الأراضي، أخذ مواصفات أرض وفي الظاهر كأنه أراد أن يشتري هذه الأرض لكنه عرضها في مكاتب أخرى للبيع، هو لم يشترها وإنما أخذ مواصفات الأرض ثم عرضها للبيع، هل في هذا هو حرج عليه؟
**لا ، لا ، ما لم يشترها وتكون في ذمته لا يجوز له أن يبيعها.

*رجل غطى ثوبه الجوزة فهل هذا من الإسبال؟
**النبي صلى الله عليه وسلّم يقول : إزرة المؤمن إلى نصف الساقين لا حرج فيما بين ذلك وبين الكعبين وما كان أسفل الكعبين فهو في النار.
في هذا الحديث سكت عن الكعب وإنما بيّن أن إزرة المؤمن إلى أنصاف الساقين ولا حرج في ما بين أنصاف الساقين وما بين الكعبين، إلا أن هناك رواية أخرى عنه صلى الله عليه وسلّم تقول: لا حظ للكعبين في الإزار. ومعنى ذلك أنه لا بد من إظهار الكعبين.


*كيف نوفّق بين حديث الرسول الكريم (ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فعني وما خالفه فليس عني) وبين وجود السنة النبوية التي تنفرد بأحكام عن القرآن الكريم؟
**تلك الأحكام هل هي معارضة لما في القرآن أو هي مخصصة لعمومات القرآن أو مقيدة لمطلقات القرآن، فإن كانت مخصصة فلا تعارض بين الخصوص والعموم ، حكم القرآن يحمل على العموم وهذا يحمل على الخصوص، والخصوص يُقدّم على العموم، لأن العام ظني الدلالة وإن كان قطعي المتن، ولو كان متنه متلقى بطريق القطع كالقرآن أو الأحاديث المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلّم إلا أنه بما أنه عام والعام يحتمل التخصيص بل احتماله للتخصيص احتماله قوي فإن معظم العمومات مخصصات ما عدا العمومات التي لا يمكن أن يطرقها التخصيص وبما أنها بمثل هذه الحالة أحكام العمومات يمكن أن يطرأ التخصيص ولو من الأحاديث الآحادية فيؤخذ بالحديث الآحادي عندما يكون مخصصاً في شيء يحتمل التخصيص لا فيما لا يحتمل التخصيص ، في ما لا يحتمل التخصيص لا يمكن أن يؤخذ ، لأن هناك أمور لا تحتمل التخصيص قد يكون ذلك راجعاً إلى العقل ، العقل لا يقبل التخصيص في بعض العمومات ، بل العقل والشرع جميعاً مثل قول الله تعالى (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ)(المؤمنون: من الآية91) ، فلو جاءت رواية ذُكرت ، قد يكون بعض المغرضين ينسب رواية يذكرها السلف هذه ترد مهما كان لأن العقل والنقل قاضيان باستحالة التخصيص ، لا يمكن إن يتخذ الله من ولد وما كان معه من إله ، كذلك مثل قول الله سبحانه وتعالى ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (الإخلاص:3-4) ، وقوله ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )(الشورى: من الآية11) ، وقوله سبحانه وتعالى (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ )(الأنعام: من الآية103) ، وقوله سبحانه وتعالى ( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)(الكهف: من الآية49) ، وقوله (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ)(الإسراء: من الآية111) ، هذه العمومات لا يمكن أن تُخصص بحال من الأحوال
.
وقد يكون مَنْعُ التخصيص بسبب الإجماع على أنه لا يُخصص هذا الحكم مثل قول الله سبحانه وتعالى ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أرضعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فإن لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ )(النساء: من الآية23) ، فإن الأمة متواطئة جميعاً بلا خلاف أن الأمهات داخلات في الحكم ولا يمكن أن يُخصص عموم من هذا بحيث تحل الأم لولدها بحال من الأحوال ، وكذلك البنات وكذلك الأخوات وكذلك العمات وكذلك الخالات .... ، فمثل هذا لا يمكن أن يُخصص لو جاءت رواية تفيد التخصيص ، هذه الرواية لا يمكن أن تكون ثابتة عن الرسول صلى عليه وسلّم بحال من الأحوال أما فيما عدا فيؤخذ بالخصوص .








سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


البراء 17-06-2011 11:06 AM

*الإجازة الصيفية هي فراغ، ومفهوم الفراغ يتناوله الكثير من الناس حسب تفسيراتهم وتأويلاتهم، فهل هذه الإجازة هي توقف للنشاط وأخذ الراحة والفرصة مع النفس والبدن أم هي انتقال من عمل إلى آخر؟

*بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالإنسان ما دام حياً لا تتوقف حركته، فهو ينتقل من حركة إلى حركة، ومن نوع إلى آخر من الأعمال، ويدأب جاهداً في حياته هذه إما للعمل الأخروي الذي يدخره ليوم معاده، وإما للعمل الدنيوي الذي يتقوى به في دنياه هذه ويتوصل به إلى مآربه.

ومن المعلوم أن الإنسان إذا ما قايس ما بين الحياتين ما بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة فإن الدنيا يجدها لا تسوى شيئا بجانب الحياة الآخرة ، إذ الفاني لا يقاس بالباقي ، وحياة الانتهاء لا تقاس بحياة الاستمرار والبقاء، فلذلك كان جديراً بالإنسان أن ينصبّ همه على الدار الآخرة، ولكن بما أن الدنيا هي ممره وأن لم تكن مقره فإن هذا الممر لا بد أيضاً من أن يكون معتنياً به حتى يتزود من ممره لمقره ، فلو أفسد ممره لفسد أيضاً مقره، فالدنيا هي أحقر من أن تكون غاية، ولكنها هي وسيلة، فهي أهم من أن تُضاع ولا يُعتنى بها ، لأنها لو أضيعت لضاعت مع ضرتها الدار الآخرة.

والإنسان مسئول عن أوقاته كما جاء في الحديث عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه (لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسئل عن خمس عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وماذا علم فيما علم)، فهو يُسئل عن هذا العمر، يُسئل عن جميع العمر لأن كل لحظة من لحظات العمر فرصة من الفرص للعمل الصالح وللتزود لما هو خير وأبقى، ويُسئل سؤالاً خاصاً عن الشباب من بين سائر مراحل العمر لأنه المرحلة الذهبية المتميزة بالفتوة والقوة، والمتميزة بكثرة العطاء وغزارته، فلذلك يُسئل الإنسان سؤالاً خاصا عن شبابه فيما أبلاه، وهذا يقتضي بطبيعة الحال وهو ينتقل من وقت إلى آخر ، ينتقل من شتاء إلى ربيع إلى صيف أن يكون معنياً بجميع هذه المراحل التي يمر بها ، وأن يعطي كل شيء منها ما يناسبه .

فالإجازة الصيفية ليست فرصة للهو والدعة، وإنما هي فرصة للعمل بحيث ينتقل الإنسان من نوع إلى نوع آخر من العمل، إذ قد لا يتيسر له ما يريد أن يحققه في إجازته في إبان زحمة أعماله، فلذلك كانت هذه الفرصة جديرة بأن تُستغل في الخير.

*هذه الفرصة وهذه الأعمال التي يطالب بها المسلم ما نوعها في فترة الإجازات لأن الخطاب في بعض الأحيان يتجه إلى المسلم مطالباً له بالعمل والانتقال إلى عمل آخر في حين أن البعض يقول أن حق بدن الإنسان عليه أن يرتاح، فما هي نوعية هذا العمل؟

*أما البدن ففي كل يوم يرتاح، ما من يوم من الأيام إلا والإنسان يفضي فيه إلى الراحة بحيث يُقضّي ساعات في النوم ، هذه هي راحة البدن ، وقد يُقضّي أيضا ساعات في الاستجمام ، هذه أيضاً هي راحة البدن ، ويُقضّي ساعات في الجلوس من الأهل ومع الأولاد ومع الأحبة ويتبادل معهم أطراف الحديث وهذا أيضاً من ضمن حقوق البدن عليه ، فإذن هو يريح نفسه في كل يوم من الأيام ، ما من يوم وإلا وفيه فرصة للراحة ، ولكن الإنسان مطالب أن يقوم بواجب في هذه الحياة ، يبين هذا الواجب قول الله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات : 56 ) ، هناك عبادات مستمرة في كل وقت لا تنقطع بتغير الأوقات ، لا تنقطع بتغير الوقت من الليل إلى النهار أو من النهار إلى الليل أو من الصيف إلى الشتاء أو من الشتاء إلى الصيف وإنما هي في كل الأوقات ، العبادة هي عبادة مطلوبة في كل وقت ، إقام الصلاة ذكر الله تبارك وتعالى في كل الأوقات ، تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى ، تعلم العلم النافع الذي يقرب إلى الله سبحانه وتعالى زلفى، هذا مما ينبغي للإنسان أن لا يفوت فيه أية فرصة في أي يوم من الأيام.

أما بالنسبة إلى العمل الآخر الذي هو أكبر من حيث إنه يحتاج إلى جَهد أكثر فهو القيام بالدعوة ، لأن الإنسان يحمل رسالة ، الإنسان يحمل رسالة إلى الإنسانية بأسرها، المسلم واجب عليه أن يحمل رسالة العالم بأسره ، الله تبارك وتعالى يقول (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران : 104 ) ، ويقول تعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) (آل عمران : 110 ) ، ويبين سبحانه العلاقة التي تشد المؤمنين والمؤمنات بعضهم إلى بعض فيقول (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة : 71 ) ، فإذن هذه هي رسالة المسلم في هذه الحياة لا بد من أن يبلغ .

ونجد أن المؤمنين جميعاً مطالبون بأن يتأسوا برسول الله صلى الله عليه وسلّم . ونحن نجد في كتاب الله ما يدلنا دلالة واضحة على أن التأسي بالرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام من معالم الإيمان بالله واليوم الآخر إذ يقول تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب : 21 ) ، فإذن التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلّم يُطلب من أي إنسان ، أي واحد مطالب بأن يجعل إمامه في هذه الحياة هو النبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام.

كيف هذا التأسي؟
نحن نرى سبيل الرسول واضحاً في كتاب الله (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف : 108 ) ، فإذن كلنا مطالبون بأن ندعو إلى الله ، وأن نحرص على السير على هذه البصيرة التي كان عليها رسول الله صلى عليه وسلّم وكان عليها أتباعه حتى نكون قائمين بالواجب مبلغين لرسالة الإسلام، المؤمن مطالب أن يجسد الإسلام بقيمه ومثله وأخلاقه وفضائله وعقيدته وعباداته وكل ما اشتمل عليه في سلوكه وفي أعماله حتى يتجسد هذا الإسلام للناس، وعندما يرون المؤمن يرون الإسلام ماثلاً في شخصيته ، متحركاً بحركته، متفاعلاً مع متطلبات هذه الحياة بحيث يكون في كل جزئية من جزئيات الحياة يتجسد الإسلام بمزاياه التي لا تبارى ، هذا هو الذي يجب أن يكون عليه المسلم، فعندما يكون المسلم على هذه الحالة لا ريب أن هذا السلوك نفسه يعد دعوة إلى الإسلام ، وفي نفس الوقت لا بد من أن يشرح للناس ما غمض عليهم وما لم يتبين لهم بحيث يفهمهم حقيقة الإسلام، فإذن الدعوة إلى الإسلام مطلب إسلامي يطالب به كل من يؤمن بالله واليوم الآخر من المؤمنين والمؤمنات.







سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


البراء 17-06-2011 11:34 AM

خيانة وسوء استغلال
* شخص يدير مكتبا لتثمين العقارات وقد تلقى خطاب تكليف من مؤسسة للقيام بأعمال تثمين عدد من العقارات إلا أن مدير المؤسسة وبعد أن قام بتسليم خطاب التكليف للمكتب قال له إن العمل سيقوم به أحد الموظفين العاملين معه بالمؤسسة بالتنسيق مع المكتب المذكور ويرغب مقابل ذلك حصوله على نسبة والموظف الذي يعمل معه على نسبة من قيمة العمل. وقد وافق صاحب المكتب على ذلك. علما أنه تم إنجاز العمل وتم تحويل المبلغ إلى حساب المكتب من قبل المؤسسة.

السؤال: هل يجوز للمكتب التعامل مع المؤسسة المذكورة وفقا لما تمت الإشارة إليه أعلاه؟ وإذا كان لا يجوز كيف يتم التصرف بالمال الذي حصل عليه المكتب.. مع العلم أن المدير والموظف يطالبان بنصيبهم من قيمة العمل المتفق عليه. كما أن الموظف فعلا قام بإنجاز العمل بالتنسيق مع المكتب؟


- هذه خيانة من قبل مدير المؤسسة هذه، وسوء استغلال لمنصبه، وكل هذا محرم في ا
لإسلام، وبمثل هذه الأعمال تتأخر المجتمعات وتنتشر فيها الرشا والغش والخداع وخيانة الأمانات، فعلى من وقع في ذلك التوبة إلى الله عز وجل، وكذا الحال بالنسبة للشركة أو المكتب الذي تواطأ مع هذا الرجل، فعملهم هذا قبول للخيانة والغش وهو تعاون على الإثم والعدوان، وعليهم جميعا رد ما أخذوه إلى المؤسسة التي طلبت التثمين. والله أعلم.

خطوات الغسل
* نرجو توضيح خطوات الغسل من الجنابة؟
- يبدأ بغسل العورة ما بين السرة والركبتين مع دخولها (أي مع غسل السرة والركبتين) ثم يتمضمض ويستنثر ويغسل بدنه بعد ذلك من الأعلى إلى الأسفل مقدما الميامن على المياسر فيغسل رأسه ووجهه وعنقه ثم الجانب الأيمن من صدره فالأيسر ثم الجانب الأيمن من بطنه فالأيسر ثم الجانب الأيمن من ظهره فالأيسر ثم يغسل رجله اليمنى فاليسرى، وليتعهد مغابن البدن وأن يصل الماء إلى أصول شعره ويعممه على سائر مواضع جسده. والله أعلم.


مباح
* هل يجوز تعليق الصور الشخصية لأطفالنا في بيوتنا؟
- نعم ذلك مباح مع كراهة الإكثار والمبالغة. والله اعلم.


لا يصح
* توفيت امرأة عن عمر يناهز خمسة وسبعين عاما وتركت وصية مكتوبة منذ حوالي 50 عاما ولم يعثر أبناؤها على أية وصية أخرى كتحديث للوصية السابقة فالمبالغ التي أوصت بها لبعض الأفلاج وغيرها من أعمال الخير بعملة القروش المتداولة آنذاك.

السؤال: كيف يتم تنفيذ وصيتها؟ وهل من الجائز تحديث وصيتها من ناحية ذكر المبالغ بالريال العماني وأيضا التصدق من الأموال التي تركتها لبعض المشاريع الخيرية وعمارة المساجد وغيرها من أوجه الخير المعروفة في العصر الحالي حسبما يراه أبناؤها. وإن كان لا بد من تنفيذ الوصية التي تركتها (دون أي تغيير) كيف يمكن احتساب ما تساويه عملة القرش بالعملة المستخدمة حاليا (الريال العماني)؟. وجزاكم الله ألف خير.

- لا يصح تغيير الوصية، وإنما تنفذ حسبما جاءت بالقروش ولمعرفة قيمة القرش بالعملة الحالية يمكنهم الرجوع إلى الجهات المختصة كالمصارف مثلا. أما إذا أراد الورثة البالغون العاقلون أن يزيدوا في الوصية عن رضا منهم فذلك أمر جائز، ويجب أن تنفذ الوصية كما هي من غير تبديل إلا إذا خالفت أمرا شرعيا. والله أعلم.

يرثه والداه
* رجل توفي عن والديه وأخوته وأخواته من يرثه منهم؟ وكم نصيب كل واحد منهم؟
- يرثه والداه، للأم السدس فرضا وما بقي فلأبيه. والله أعلم.


في حدود ما هو مسموح به شرعا
* ما رأيكم في حديث المرأة العاملة مع زميلها في العمل عن موضوعات لا تتعلق بالعمل؟
- الأصل أن يكون عمل المرأة مع بنات جنسها، أما عملها مع الرجال فهو مدعاة للفتنة ما لم تنتف الخلوة الشرعية او ما كان شبهها من وجود بعض الرجال مع عدد يسير من النساء دون ضوابط شرعية يتحقق معها الستر والعفاف والبعد عن الشبهات وعن الريبة، فإن تحقق ذلك فلا ينبغي أن يكون حديثهما إلا في حدود ما هو مسموح به شرعا من الحديث بين الأجانب من الرجال والنساء، أي أن يكون الحديث جادا مقتصرا على غرض مباح وبقدر الحاجة فقط. والله أعلم.


فضيلة الدكتورالشيخ كهلان الخروصي
مساعد المفتي العام للسلطنة

البراء 26-06-2011 12:25 AM

* امرأة ولدت وبعد شهر رأت الطهر واغتسلت وصلت وبعد خمسة أيام جاءها الدم مرة أخرى واستمر حتى جاوز الأربعين، فماذا تصنع؟

لا تَخلو هذه المرأة إما أن تكون لها عادة مِن قبل في نفاسها ـ والعادة إنما تثبت بِثلاث مرات ـ أو لا تكون لها عادة، فإن لم تكن لها عادة فإن كل دم داخل الأربعين تَجعله نفاسا ولو فصَل بينه وبين ما قبله طهْر .. هي إن رأت الطهْر وجب عليها أن تغتسل ووجب عليها أن تصلي ووجب عليها أن تصوم وكان صيامها مُعتَدا به ولكن عندما ترى بعد ذلك الدم في خلال الأربعين وهي ليست لها عادة مِن قبل فإنها تعطي ذلك الدم لِلنفاس، أما الدم الذي يَزيد على أربعين يوما فلا تعتبِره نفاسا في القول الأرجح، عملا بِحديث إحدى الصحابيات- وأظنها أم عطية -قالت (كنا نقعد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعينا ) ، وقول الصحابي: ( نفعل كذا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ) يُعطى حكمَ الرفع .. معنى ذلك أن ذلك كان بِتوجيه مِن النبي-عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام- فلِذلك ما زاد على الأربعين لا يُعطى حكمَ النفاس بِناءً على هذا.

وإن كان هناك مَن يقول بِأن النفاس يزيد على الأربعين إلى ستين يوما.
ومنهم مَن قال: إلى تسعين يوما.
ومنهم مَن قال: إلى مائة وعشرين يوما.
لكن هذا القول دَلت عليه هذه الرواية، وما جاء عن الصحابة مِما يُعطى حكمَ الرفع هو الذي يَجب أن يُؤخَذ بِه عند تعارض الأقوال؛ والله تعالى أعلم.

* إذا أسقطت المرأة قبل أربعة أشهر فمتى تطهر؟
هذه المسألة وقع فيها خلاف كثير إذا كان ما أسقطته غير كامل الخلقة، والذي نأخذ به هو رأي قطب الأئمة رحمه الله التفرقة ما بين المراحل، فإن كان ما أسقطته علقة فحكمه سبعة أيام، وإن كان مضغة فحكمه أربعة عشر يومًا، وإن كان مضغة مخلقة فحكمه واحد وعشرون يومًا، وإن كان كامل الخلقة فالمدة كلها وهي أربعون يومًا، هذا إن استمر بها الدم، أما إن رأت الطهر قبل ذلك فعليها أن تغتسل وتصلي.


* ما حكم تصغير الأنف أو تكبيرها؟
** على أي حال كل خلق الله حسن كيفما كان، وليصبر الإنسان على ما ابتلي به، لأن التصغير والتكبير وغير ذلك من هذه الأمور قد تؤدي بالإنسان إلى الإقدام على شيء لا يحمد عاقبته، نفس العمليات هذه فيها مخاطرة.
نعم لو وصل الأمر إلى حد استقباح الإنسان بحيث كان الرجل مثلاً لا يجد زوجة أو كانت المرأة لا تجد زوجًا، ولم يكن في ذلك شيء من الخطورة عليهما فإن العلاج بقدر ما يمكن أن يعيش الإنسان في حياة طبيعية اجتماعية لا حرج عليه في ذلك، أما بدون هذا فإنه ينبغي للإنسان أن يكون حذرًا من الإقدام على مثل هذه الأمور.


* ما حكم إزالة مظاهر الشيخوخة بعمليات التجميل ؟
** وهل يُصلح العطار ما أفسد الدهر ؟!!!
الله تبارك وتعالى جعل في الجسم طبيعة معينة، وعلى الإنسان أن يُسلم لإرادة الله سبحانه وتعالى النافذة، ولو شاء الله لجعل هذه الحياة حياة لا تعقبها الوفاة ، ولو شاء لجعل الشباب لا يعقبه هرم ، ولو شاء لجعل الصحة لا يهددها سقم ، ولكن هذه الدار هكذا أرادها الله تعالى
جبلت على كدر وأنت تريدها *** صفوًا من الأقذار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما *** تبني الرجاء على شفير هار
فالإنسان وهو يعيش في هذه الحياة عليه أن يدرك بأن الحياة نفسها لا بد من أن يتبعها موت، وأن الصحة هي مهددة بالسقم ، وأن الشباب لا بد من أن يعقبه هرم إن أُمهل صاحبه، إن لم يتخطفه ريب المنون وهو في عنفوان شبابه، وفي هذا حكمة بالغة أرادها الله سبحانه وتعالى من أجل أن تكون حياة الإنسان حياة فيها الشعور وفيها الإدراك بأنها حياة زائلة، وفيها الإحساس بأن وراءه مسئولية ، وفيها الإحساس بالمنقلب الذي ينقلب إليه حتى يعمل لهذا المنقلب ، ويطمع وهو يعمل لهذا المنقلب في حياة لا يعقبها موت، وفي شباب لا يعقبه هرم، وفي صحة لا يهددها سقم، وفي قوة لا يليها ضعف .


أما هذه الحياة فهي تتدرج من ضعف إلى قوة ثم من قوة إلى ضعف ، الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه ( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) (يـس:68) ، ويقول ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً) (الروم: من الآية54) ،فلا بد من أن ينقلب الإنسان من حال إلى حال .

ومظاهر الشيخوخة تذكر الإنسان بهذا الانقلاب بهذا الفناء وإلا لبطر الإنسان وهو يعيش في صحة ويعيش في مظهر الشباب ويعيش في مثل هذا .

فما الداعي لعمليات التجميل من أجل إزالة آثار الشيخوخة، أمن أجل أن يغر الناس ؟
قد يكون هذا طامعًا في أن يخطب فتاة وهي لا ترغب فيه عندما تدرك أنه شيخ وتتطلع إلى شاب فهو يريد أن يغرها بمظهره، هذا لا يجديه شيئًا، عليه أن يتقي الله .

وحسبما روي في بعض الكتب - والله أعلم بصحة هذه الرواية - أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ترافع إليه قوم زوجوا أحدًا من الناس وهو يخضب بالسواد فأوهمهم أنه شاب فزوجوه بسبب ذلك فتبين الأمر بخلاف ذلك ، ففسخ العقد ، هكذا يروى عنه رضي الله تعالى عنه ، وإنه لحقيق بمثل هذا الحكم ، ذلك دال على بصيرة من حكم به ، والله تعالى المستعان .

* إذا كانت هذه المرأة عجوز تريد أن تتزين لزوجها ؟
** ما شاء الله .
وإلى متى تبقى العجوز شابة ، عليها أن تعمل لحياة الأبد ، لحياة المصير .
نعم تتناول ببعض العلاج الذي يُجمل البشرة والذي ينشط الجسم ، ولكن مع هذا لا تحاول أن تُقدم على عمليات من أجل هذا الأمر .


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 01-07-2011 11:28 AM

السؤال :
ما حكم صوم يوم الإسراء والمعراج ؟

الجواب :
هذا يوم كسائر الأيام ، لم يأت بدليل بمسنونية صومه ، ولم يأت دليل أيضاً بمنع صومه.
فمن أراد أن يصوم هذا اليوم على أنه صيام عادي ، صيام لم تدل عليه سنة ثابتة فلا حرج عليه ، لأن الحديث الذي روي باستحباب صومه إنما هو حديث ضعيف ، ولكن مع ذلك لم يأت أي دليل يمنع من صومه .
فمن أراده أن يصومه على أنه كسائر الأيام ، يصومه كما يصوم أي يوم يريد أن يصومه تقرباً إلى الله تبارك وتعالى فلا يقال بمنعه من هذا الصوم .
وأما اعتقاده بأن ذلك سنة فهذا مما يتوقف على ثبوت مسنونية صيام هذا اليوم وذلك مما لم يثبت .


السؤال :
ما هي أوصاف دابة البراق ، وهل صحيح أنها طلبت من الرسول صلى الله عليه وسلّم الشفاعة ؟


الجواب :
هذه الأوصاف إنما تتوقف على الأدلة الصحيحة الثابتة ، وهذه أمور هي من الغيبيات التي نحن لم نكلف تفاصيلها ، فلا داعي إلى التساؤل عنها أو الخوض فيها ، إذ الإنسان في هذه الأمور الغيبية لا يتحدث إلا بدليل قاطع يعتمد عليه ، أما الأدلة الضعيفة بل حتى الأدلة الصحيحة التي هي غير قطعية لا يعوّل عليها في مثل هذه القضايا إنما يعوّل على الأدلة القطيعة لأنها أمور غيبية .

السؤال :
ما هو المعراج ؟


الجواب :
المعراج يقصد به العروج إلى المقامات العلى ، هذا هو المقصود . الأصل معراج مفعال ، ومفعال يطلق على الآلة ، ولكن يراد به هنا العروج .

السؤال :
ما هي وسيلة المعراج ؟


الجواب :
نحن نعلم أن الله تعالى يصنع ما يشاء ويفعل ما يريد ، الله تبارك وتعالى يدّبر هذا الكون كما يريده ، ينقل الشمس من مكان إلى مكان كما يقول العلماء الآن بأنها تقطع في الثانية الواحدة اثني عشر ميلاً ، والشمس هي أكبر من الأرض بمليون ضعف ومع ذلك تقطع هذه المسافة ، ما هي الوسيلة ؟ إنما هي قدرة الله تعالى التي أحاطت بكل شيء ، فضلاً عن الأجرام الفلكية الأخرى التي هي أكبر من الشمس بكثير ، وهي أسرع من الشمس بكثير ، كل ذلك مما يدل على أن الله على كل شيء قدير .


فهل الله سبحانه وتعالى يعجزه أن يعرج بعبده ورسوله صلى الله عليه وسلّم من غير وسيلة ، وهل هو بحاجة إلى الوسيلة ، إنما علينا أن نسلّم الأمر لله تبارك وتعالى وأن لا نخوض في ذلك .


السؤال :
سماحة الشيخ : قلتم بأن الإسراء ثبت بنص الكتاب العزيز أما بالنسبة للمعراج فثبت بإشارة القرآن الكريم ، ما هو البعد العقائدي لحادثة الإسراء والمعراج ، بمعنى هل يقع حادثي الإسراء والمعراج ضمن دائرة المعلوم من الدين بالضرورة ؟


الجواب :
نعم ، أما بالنسبة إلى الإسراء فلأجل النص القطعي في سورة الإسراء ، وأما المعراج فمن حيث الإشارة إلى ذلك التي تكاد تكون صريحة في سورة النجم ، مع الأحاديث المستفيضة ، ولذلك قالوا بأن من أنكر الإسراء فهو كافر كفر شرك لأنه رد نصاً صريحاً لا يقبل الجدل ، ومن أنكر المعراج فهو فاسق .

السؤال :
البعض يستدل بقوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) (النجم: 13 ) أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلّم رأى ربه ليلة المعراج ، فما قولكم ؟

الجواب :
ثبت في رواية الإمام الربيع وفي رواية الشيخين البخاري ومسلم ورواية غيرهم من أئمة الحديث من رواية مسروق أنه سمع أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها تقول : من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية . قال مسروق : وكنت متكئاً فجلست وقلت يا أم المؤمنين أمهليني ولا تعجليني ، ألم يقل الله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) (النجم:13) ، ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ) (التكوير:23) ؟ فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ذلك ، فقال : ذلك جبريل لم أره في صورته التي خلقه الله عليها إلا مرتين رأيته منهبطاً من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض .
فهذا نص صريح على أن المرئي إنما هو جبريل عليه السلام ، وأن ذلك من كلام الرسول صلى الله عليه وسلّم فهو المبلغ .


قال من قال بأن هذا مجرد كلام من عائشة رضي الله تعالى عنها ، ليس كما قال ، بل هي تروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلّم بصريح العبارة ، على أنها استدلت بهذا النفي بقوله تعالى ( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الأنعام:103) . كما ثبت ذلك في رواية هؤلاء الأئمة ، والله تعالى أعلم .

السؤال :
البعض يشكك في الروايات حول حادثة المعراج ويقول أنها بعيدة عن التصديق من خلال تحليل متون تلك الروايات ، فما حكم من أنكر المعراج استناداً إلى مثل تلك التحليلات
؟

الجواب :
نحن كما قلنا سابقاً نعوّل على قول من قال بأن من أنكر المعراج يُفسّق ، لأن الإشارة إليه واضحة في القرآن الكريم ، ومن أنكر الإسراء يُشرّك .

أما بالنسبة إلى الروايات ليست متونها كلها متساوية ، طبعاً قد يكون في بعض المتون ما يدعو إلى النظر ويدعو إلى التأمل ، ولكن هي في مجموعها قوية وتدل على أمر ثابت ، هذا في مجموعها ، لا أعني أن كل واحد من هذه المتون كذلك ، ولكن في مجموعها تدل على ثبوت ما جاءت دالة عليه بمجموعها ، فيعوّل على مثل هذه الرواية مع استفاضة هذه الروايات وشد بعضها أزر بعض .

السؤال :
يرى بعض العلماء أن المعراج حدث مرتين ويستدلون على ذلك بقول الله سبحانه وتعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى) (النجم:13-14) ، فما هو رأيكم سماحة الشيخ ؟


الجواب :
هذا كلام من لم يطلع على الحديث أو من تجاهل الحديث ، لأن حديث النبي صلى الله عليه وسلّم يقول بأن ذلك جبريل لم أره في صورته التي خلقه الله عليها إلا مرتين ، رأيته منهبطاً من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض .

فالمرة الأولى التي رأى فيها النبي صلى الله عليه وسلّم جبريل كهيئته التي خلقه الله تعالى عليها إنما كانت في بداية الوحي عندما ناداه من السماء فرفع بصره إليه فرآه في السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض ، فرجع النبي صلى الله عليه سلّم وهو ترجف بوادره مما ألم به من الخوف الطبيعي الذي ينتاب كل أحد عندما يرى أمراً كهذا الأمر الذي هو خارج عن المألوف ، فهذا بطبيعة الحال روّع النبي صلى الله عليه وسلّم ورجع إلى أهله وقال زملوني زملوني كما ثبت ذلك ، وأنزل الله تعالى فيه ( يا أيها المدثر ) و( يا أيها المزمل ) إلى آخره .

والمرة الثانية هي هذه المرة التي وقع فيها هذا الحدث كما أخبر الله تعالى فيها بقوله ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) (النجم:13-18) .

فهذا مما دل عليه القرآن ، والسنة جاءت موضحة لما أجمله القرآن الكريم .
فيعوّل على ذلك . أما أن يقال بأن الحدث تكرر مرتين . فالمرة الثانية متى كانت ؟ هل بعدما فتح النبي صلى الله عليه وسلّم مكة ؟ أو عندما سار في عمرة القضية بعدما صد عن الحديبية ؟


لا . فإذا كان إنما كان هذا الحدث قبل الهجرة فليس هنالك دليل على وقوعه مرة أخرى ، القرآن ذكر ذلك مرة واحدة ، سورة النجم سورة مكية ، سورة الإسراء سورة مكية ، فكيف يقال بأن هذا الحدث وقع مرة بالمدينة ومرة بمكة ، ليس هنالك من دليل على هذا قط .








سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


البراء 08-07-2011 11:16 AM

السؤال
ما حكم الصيام بعد الخامس عشر من شعبان ؟


الجواب :
أما الذي كان يصوم من قبل فإنه يستمر على صيامه .
وحقيقة الأمر هناك رواية منع الصيام في يوم الشك ، وإنما البعض كره أن يصوم الإنسان في النصف الأخير من شعبان لمن لم يكن صائماً من قبل ، أما إن كان على صيام من قبل فلا حرج عليه أن يستمر في الصيام ، والنبي صلى الله عليه وسلّم كان أكثر ما يصوم في شهر شعبان .


السؤال
مع قرب شهر رمضان المبارك يهرع الناس إلى الأسواق فيشترون كميات كبيرة من الأطعمة التي تصل في بعض الأحيان إلى حد الإسراف أو تكون زائدة عن الحاجة بشكل ملحوظ ، فما نصيحتكم للمسلم ليكتسب بها الاعتدال والتوازن في التعامل مع هذا الشهر ؟


الجواب :
الله تبارك وتعالى أمر عباده بأن يلتزموا القصد في الإنفاق بين طرفي التبذير والتقتير ، فالإنسان منهي عن التبذير ومنهي عن التقتير ، الله سبحانه وتعالى يقول ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف: من الآية31) ، فقد نهى سبحانه عن الإسراف والنهي للتحريم وأكد ذلك بقوله ( إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) .
ويقول سبحانه وتعالى ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (الإسراء:26-27) ، ففي هذا تحذير من التبذير ، لأن التبذير من فعل إخوان الشياطين ، والشيطان كفور لنعمة ربه سبحانه وتعالى . فعلى الإنسان أن لا يسلك هذا المسلك .
كذلك يقول الله سبحانه خطاباً لنبيه صلى الله عليه وسلّم ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً * إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) (الإسراء:29-30) .
فنحن ننهى هؤلاء أن يعتنوا بالزائد عن الحاجة من الطعام والشراب أو الأمور الأخرى التي لا داعي إليها ، بل عليهم أن يكونوا في إنفاقهم مقتصدين بين طرفي التبذير والتقتير .


السؤال
بعض الناس يهجرون المساجد طوال السنة فإذا جاء شهر رمضان جاءوا إليها وأموا الناس ؟


الجواب :
أولاً قبل كل شيء هجرانهم للمساجد إنما هو عصيان ، وليس ذلك من شأن المؤمن ، المؤمن لا يهجر بيوت الله تعالى سواءً في رمضان أو في غير رمضان ، ثم مع ذلك تقدمهم على المصلين بغير إذن من المصلين يعتبر معصية ، فالإنسان الذي يصلي وورائه من يكره إمامته ليست له صلاة ( من أم قوما وهم له كارهون فلا صلاة له ) ، والله تعالى المستعان .










سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

عصفورة المنتدى 08-07-2011 01:11 PM

ماا شااء الله,,,ومنكم نستفيد ياا الغلااا,,,

بارك الله فيك,,وجزاك خيرا جزااء

البراء 15-07-2011 10:48 AM

سؤال :
ورد في الحديث أن لله تعالى تسعاً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ما حقيقة هذا الإحصاء ؟


الجواب :
الإحصاء ليس هو أن يحفظ الإنسان هذه الأسماء أو أن يعدها عدا ، وإنما الإحصاء أن يعرف حقائق هذه الأسماء وما تقتضيه هذه الأسماء ، فإن كل اسم من هذه الأسماء يقتضي الطاعة المطلقة لله سبحانه وتعالى ، عندما يتلو الإنسان اسم الله ( الله ) ، فإن الله إنما هو دليل على واجب الوجود لذاته ، وواجب الوجود لذاته وجود كل شيء إنما هو مستمد من وجوده ، وجود كل كائن إنما هو بسبب وجوده ، الكائنات كلها إنما هي مخلوقة لله ، لو لم يكن الله سبحانه وتعالى موجوداً ، ولو لم يكن خلقها لما كانت شيئاً مذكورا أبداً ، ولكن إنما وُجدت وذُكرت وظهرت بوجود الله سبحانه وتعالى وبخلقه إياها ، فإذن هذا يقتضي الطاعة لله سبحانه ، عندما يذكر الإنسان اسم (الله ) ، هذا الاسم نفسه إيجاد الهيبة في قلبه ، والخوف من عقابه ، والرجاء لثوابه ، كذلك بالنسبة إلى بقية الأسماء ، عندما يذكر اسم (الرحمن) ، اسم ( الرحيم) ، اسم (الملك) ، اسم (المالك) ، اسم (القدوس) ، اسم (العزيز) ، اسم (الجبار) ، اسم (المتكبر) ، أي اسم من هذه الأسماء إنما ذكره يورث خشية الله سبحانه وتعالى يورث التعلق بالله لأنه إما يذكر بنعمة الله ورحمته ، وإما يذكر ببطشه وعقوبته ، وإما يذكر بخلقه للخلائق ، وإما يذكر بإنعامه على الكائنات ، وإما يذكر بالانقلاب إليه ، فإذن كل من ذلك يقتضي طاعة الله ، فمن أحصى أسماء الله على هذا النحو ، وحافظ على ما تقتضيه أسماء الله من الطاعة لله والانقياد له والإذعان له كان ذلك من أسباب الفوز برحمة الله تعالى والفوز بجنة عرضها السموات والأرض .


سؤال :
لماذا الأسماء الحسنى تسعة وتسعين فقط لماذا هذا الرقم بالذات ؟


الجواب :
أسماء الله تعالى توقيفية ، ولما كانت توقيفية نحن نقف عند موادر النص ولا نتجاوز ذلك إلى ما ورائه .


سؤال :
هل يؤجر الإنسان على ذكر الله تعالى مع عدم حضور القلب ؟


الجواب :
لا ريب أن الذكر باللسان وسيلة لغرس هذا الذكر بالقلب ، وإحياء الإحساس بعظمة الله تعالى وبجلاله وبكبريائه حتى يكون الإنسان كأنما يرى يد الله سبحانه وتعالى تصرف هذا الوجود تصريفاً ، ويرى أن كل شيء واقع تحت قهر الله سبحانه وقبضته وسلطانه ، ويرى نعم الله سبحانه تترى ، ويراها في كل ذرة من ذرات هذا الوجود ، في كل جزء من أجزاء هذا الكون ، في كل ما يمكن أن يقع عليه بصره ، أو أن يقع إحساسه به ، يرى نعم الله سبحانه وتعالى محيطة به من كل جانب ، فالذكر بالقلب هو الأصل ، وإنما الذكر باللسان سبيل لغرس هذا الذكر في النفس ، حتى تكون النفس حية بذكر الله سبحانه ، أما أن يأخذ الإنسان بترداد أسماء الله بطريقة هي ما أشبه ما تكون بالطريقة الآلية ليس من وراء ذلك فائدة حتى يستحضر هذا الذكر ، فإن ذلك هو الذي يورث خشية الله سبحانه وتعالى ورجائه ، ويورث التعلق بالله ، ويورث حب الله سبحانه وتعالى ، والرغبة فيما لديه .


سؤال :
بعض الطرائق تقول إن ذكر الله تعالى بأسمائه هو الذي يؤجر عليه الإنسان وتحصل منه الفائدة دون ذكره بصفاته ، هل هذا الكلام صحيح ؟

الجواب :
صفات الله سبحانه وتعالى إنما هي دالة عليه ، هي مظاهر قدسه سبحانه وتعالى ، ولا ريب أن أسماء الله سبحانه وتعالى إنما هي في الغالب مشتقة من أفعاله ، اسم (الرحمن) مشتق من صفة الرحمة ، اسم (الرحيم) ، كذلك اسم (المالك) أو (الملك) مشتق من صفة الملك ، اسم (العزيز) مشتق من صفة العزة ، اسم (الجبار) مشتق من صفة الجبروت ، جميع صفات الله سبحانه وتعالى هكذا ، وإنما اسم الجلالة عند كثير من المحققين قالوا بأنه غير مشتق ، ولذلك كانت الأسماء الباقية تُسند إليه ولا يُسند إليها ، تسند إليه ويقال الله رحيم ، الله غفور ، الله كريم ، ويقال رحم الله عباده ، ويقال غفر الله تعالى للتائبين من عباده ، إلى غير ذلك ، بقية الأسماء تُسند إلى اسم الجلالة ، بينما اسم الجلالة لا يُسند إليها .


سؤال :
هل هناك أسماء معينة تتلى في الخلوات وتتحقق معها بعض الأسرار ؟


الجواب :
نحن نرى أن ذكر الله سبحانه وتعالى سواءً كان في الخلوات أو كان في الحضور مع الناس أو كان في أي حال من الأحوال يتحقق بذكر الله الخير الكثير ، الله سبحانه وتعالى حكى عن الذين اضطروا من أنبيائه بماذا دعوه ؟ ماذا قالوا له ؟ حكى الله سبحانه قصة ذي النون عليه السلام الذي التقمه الحوت ، أنجاه الله سبحانه وتعالى من بطن الحوت بقوله ( لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) ، (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الأنبياء : 87-88 ) ، أي كهذه التنجية التي نجاها الله سبحانه وتعالى يونس عليه السلام فأخرجه من بطن الحوت ينجي الله سبحانه عباده المؤمنين ، فما عليهم إلا أن يدعوه بإخلاص كما دعاه ذو النون .
كذلك الله سبحانه وتعالى حكى عن عبده أيوب عليه السلام أنه قال (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (الأنبياء : 83 ) ، فهذا الدعاء هو الذي ببركته كشف الله سبحانه وتعالى عنه الضراء .


كذلك حكى الله سبحانه عن يعقوب عليه السلام أنه قال (أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ )(يوسف : 86 )، والله سبحانه وتعالى أشكاه أزال شكايته بأن رد إليه ولده يوسف عليه السلام ، وهكذا .

كذلك عندما وقع آدم وحواء عليهما السلام في الخطيئة حكى الله سبحانه وتعالى أنهما قالا (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الأعراف : 23 ) ، فاستجاب الله سبحانه وتعالى لهما ، وكفّر خطيئتهما ، وأحلهما المحل الذي كان يتطلعان إليه من الفوز بالقرب منه سبحانه وتعالى .

وهكذا كل الأنبياء إنما كانوا يتضرعون إلى الله ويدعونه ويضرعون إليه ، حكى الله سبحانه وتعالى عن موسى وهارون عليهما السلام كيف كان دعاهما ، حكى دعاء موسى عليه السلام واتبع ذلك قوله (قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا) (يونس : 89 ) .

فإذن كل واحد إنما مطالب بأن يذكر الله على كل حال (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ) (الأعراف : 180 ) ، (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى) (الإسراء : 110 ).

والله سبحانه وتعالى يبين لنا في محكم كتابه أنه قريب من كل ذاكر ، قريب كل من داع ، قريب من متضرع إليه (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة : 186 ).

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


البراء 09-09-2011 01:32 AM

السؤال
ما هي الحدود الممنوعة في التعامل بين الزوج وزوجته في عدة طلاقها الرجعي ؟

الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :

فإن المرأة عندما تكون مطلقة طلاقاً رجعياً تكون هناك صلة بينها وبين زوجها ، وإن كان لا يحل له أن يستمتع بها إلا بعد أن يراجعها مراجعة شرعية ، والصلة إنما هي تظهر في كونه يرثها وترثه ، وفي كونها مأمورة بأن تبقى في نفس بيته كما دل على ذلك قول الله تعالى ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) (الطلاق: من الآية1) ، وفي هذا ما يدل على جواز أن ينظر إليها ويراها ، وأن يخلو بها خلوة من غير استمتاع ، أما أن يستمتع بها فالمتعة غير جائزة ، أي متعة كانت ، فلا يحل له أن يواقعها ، ولا يحل له أن يضمها ، ولا يحل له أن يقبلها ، وإنما يجوز له النظر إليها لعل في هذا النظر ما يشجعه على مراجعتها ، ومن أجل ذلك استُحب لها أن تتزين حتى يكون في ذلك ما يدفعه إلى مراجعتها في خلال العدة ، أما الاستمتاع كما قلنا بأي وجه من الوجوه فهو لا يحل ، وإنما تُظهر له ظاهر زينتها دون باطن زينتها ، وليحذرا من الوقوع في محارم الله ، فإن مالت نفسه إليها فلا يأتينها إلا بعد أن يراجعها مراجعة شرعية ، والمراجعة الشرعية عندنا تتوقف على شهادة شاهدين أخذاً بما دل عليه قول الله تعالى ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (الطلاق: من الآية2) ، فلا بد من أن يشهد شاهدين على مراجعتها ، على أن يكون ذلك إبان عدتها قبل أن تنسلخ عدتها ، أما بعد أن تنسلخ عدتها فإنه في هذه الحالة يكون كواحد من الخطاب وهي أملك بنفسها منه ، فلا تحل له إلا بعقد جديد مع جميع لوازمه الشرعية وهي رضاها وإذن وليها وصداق جديد وبينة ، والله تعالى أعلم .

السؤال
يوصي البعض بأن يكفن من ماله ولا ينتبه لذلك إلا بعد أن يدفن الميت ، فكيف يتصرف الوصي في هذه الحالة ؟

الجواب :
في هذه الحالة أي عندما يتعذر تنفيذ الوصية فإن الوصية ترجع إلى الورثة ، فإن كان الورثة كلهم بُلّغاً عُقّالا بحيث يسوغ لهم أن يتصرفوا في التركة كما يشاءون فإنه ينبغي لهم أن ينفقوا ذلك في الخير من غير أن يكون ذلك لازماً عليهم ، ولكن ذلك أبر لميتهم وأفضل لهم ، وإن لم يفعلوا ذلك فإن هذا الأمر يرجع إليهم .
أما إن كان الورثة أيتاماً أو كان بعضهم يتامى فإن ذلك لا يسوغ في مال اليتامى وإنما يسوغ في مال البُلّغ العقلاء المالكين لأمرهم ، والله تعالى أعلم .


السؤال
ما رأي سماحتكم فيما يوصي به البعض من إعطاء مبلغ معين لمن شارك في الدفن أو الحفر لقبره حيث إن عدد المشاركين في ذلك كبير يشق على الوصي معرفتهم ؟

الجواب :
عندما يتعذر الوصول إلى الموصى لهم فإن الوصية ترجع إلى الورثة ، إلا إن كانت هذه الوصية من ضمان ففي هذه الحالة لا بد من البحث عن الموصى لهم أو عن ورثتهم إن كانوا قد ماتوا ، فإن تعذر ذلك فحكم ذلك حكم المال الذي جُهل ربه ، وكل مال جُهل ربه فإن فقراء المسلمين أولى به ، والله تعالى أعلم .

السؤال
أصبحت عيادات الفحص قبل الزواج تكشف عن وجود بعض الأمراض الوراثية في أحد الزوجين ، وقد يحكم الأطباء أن احتمال انتقال هذا المرض إلى الأبناء بنسبة مرتفعة .


ففي حال تعلق رجل وامرأة بعضهما ببعض فهل لهما أن يتزوجا مع هذه النتيجة من الفحص الطبي ؟

الجواب :
هذه نتيجة فيها خطورة ، إن كانت نسبة احتمال انتقال الأمراض إلى الذرية نسبة عالية فالإقدام على الزواج فيه تعريض للذرية للخطر ، ولا ينبغي للإنسان أن يعرّض ذريته للخطر إنما عليه أن يحرص على سلامة الذرية .
وإنما يُنظر في هذا التعلق ، هل هو تعلق قد يفضي إلى ارتكاب الفحشاء ، بحيث يكون بالزواج درء لمصيبة أكبر ، فإن كان كذلك ففي هذه الحالة ليقدما على بركة الله ولكن مع التوقي من النسل خشية أن تكون الذرية كما يقول الأطباء ذرية معرضة للأمراض .


السؤال :
البعض سماحة الشيخ يقول بأنه لم يأت نص في القرآن الكريم يحرم أو الأحاديث النبوية الشريفة يحرم التدخين ولذلك فما دام لم يرد نص في تحريمه فلذلك هو مكروه فحسب ، هل هذا الكلام صحيح ؟.


الجواب :
طيب ، كذلك أيضاً الهيروين وغيره من هذه الآفات المنتشرة لم ينص على شيء منه في القرآن الكريم . أنا أتحدى أولئك الذين يطالبون بالنص على تحريم التدخين أن يأتوا بنص أيضاً على تحريم هذه الأشياء فإما أن يقولوا بإباحتها ، وإما أن يقولوا بتحريمها وتحريم التدخين معها .

وكذلك هنالك أشياء كثيرة من الضرر ، السم لم يأت نص صريح بأنه لا يجوز تناول السم ، ولكن نُهي عن قتل الإنسان نفسه ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) ( النساء : من الآية 29) ، على أن النبي صلى الله عليه وسلّم جاء وصفه في التوراة والإنجيل والقرآن بأنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث ، ومن الذي يقول بأن التدخين من الطيبات ، رائحته خبيثة وطعمه خبيث وأثره خبيث كل ما فيه خبيث ، هو ضرر لا نفع فيه قط ، فكيف مع ذلك يقال بإباحته ؟
وجدت بعض الناس أيضاً الذين ابتلوا بهذه الآفة الخطيرة يحاول أن يدافع عن ذلك ويقول أيضاً الشحوم تضر بالجسم فلماذا لا يقال بحرمة الشحوم ؟

الجواب الشحوم قد يحتاج إليها الجسم لا بد من نسبة من الشحوم في الجسم ، وعدم وجود نسبة قط عدم تغذي الجسم بشيء من الشحوم يؤدي ذلك إلى الضرر في الجسم بخلاف التدخين ، فإن التدخين لا يحتاجه الجسم أبداً بل ما يلج إلى الجسم من الدخان إنما هو سم زعاف قاتل فكيف يقاس التدخين على الشحوم أو يحمل عليها ، الشحوم شيء آخر .

نعم المبالغة في كل شيء حتى الطعام الطيب الذي هو في الأصل لا ضرر فيه ، حتى التمر لو أكثر الإنسان منه إلى حد الإسراف فإن ذلك يعد حراما لأن الله تعالى يقول ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا )(الأعراف: من الآية31) ، فإن كان يؤدي إلى التخمة وهو يعلم ذلك ويأكل إلى يتخم نفسه عمداً فإنه بهذه الحالة يكون قد أضر بنفسه ، ويكون بتجاوزه حدود الاعتدال قد وقع في الحرام .

وكذلك الماء الذي هو سبب في الحياة عندما يكثر الإنسان منه إلى أن يضر بنفسه وهو متعمد لذلك ، يحمل نفسه على شرب الماء من غير أن تكون نفسه بحاجة إلى هذا الماء ، من غير أن يكون جسمه بحاجة إلى هذا الماء ، وإنما يكره نفسه على نفس الماء إلى أن يؤدي ذلك إلى الضرر به فذلك أيضاً حرام ، كما دلت الآية الكريمة ( ولا تسرفوا ) بعد إباحة الأكل والشرب ( وكلوا واشربوا ) فإن كل شيء مقدر بمقدار الاعتدال ، وكذلك تناول الشحوم إنما هو مقدر بمقدار الاعتدال بقدر ما ينفع ولا يضر ، ولا يقال بحرمة الشحوم على الإطلاق كيف وفيها نفع للجسم بل الجسم بحاجة إليها ولا يقوم بدونها ، وإنما هذه من باب مغالطة الحقائق ، والله تعالى المستعان .

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


عصفورة المنتدى 09-09-2011 08:24 AM

متابعه دائما لك ,,,

بوركت اخي وزادك الله خيرااا,,,

البراء 16-09-2011 11:18 AM

ما الحكم في من قاد سيارته وهو لا يحمل رخصة قيادة ووقع في حادث ، ومن أجل تلافي موضوع الغرامات والمخالفات أوكل المهمة إلى شخص يدّعي أنه هو القائد ؟

هذا من التزوير ، والزور نفسه حرام ، وشهادة الزور محرمة ، وقول الزور محرم ، فعندما عدّد النبي صلى الله عليه وسلّم الكبائر قال في تعدادها : ألا وشهادة الزور ، ألا وقول الزور . فما زال يرددها حتى قال الراوي وددنا لو سكت . فالزور نفسه محرم ، ثم مع هذا أيضاً بجانب كونه محرماً هناك تحايل ، والتحايل على النظام غير جائز ، ولو سُمِح للناس أن يفعلوا ذلك لضاعت الحقوق وأهدرت وذهب القانون وذهب النظام وعاد الناس كل يحتال بما يستطيع أن يحتال به ، لا يبقى حق ، ولا يبقى أمان ، ولا يبقى استقرار مع الناس ، فعلى الناس أن يتقوا الله وأن يحرصوا على كلمة الصدق وأن لا يحتالوا . في هذا تشجيع للآخرين بأن يرتكبوا المخالفات وأن يقعوا في المحظورات ، وبما أن هذا الإنسان لا يحمل رخصة قيادة لماذا يقود السيارة ؟ لا يجوز له أن يقود السيارة ، وعليه أن يلتزم النظام ، وعليه بأن يحرص بأن يكون القائد للسيارة غيره ، والآخر الذي يتحمل هذه المسئولية لأجل التخفيف عن هذا وتخفيف الغرامة ودرء المسئولية عنه أيضاً هو قائل زور فعليه أن يتقي الله تعالى في ما يقول .

لو حدث أثناء التحقيقات أن الخطأ جُعل على ذلك الرجل الذي صدمه من لا يحمل رخصة قيادة فهل ذلك الذي توكل عن الشخص يتحمل مسألة الغرامة وتبقى في ذمته ؟

على أي حال بما أنه قيادته- هو لا يحسن القيادة - ربما أدت إلى عدم أخذ الاحتياطات وأدت إلى ارتكاب المخالفات فعلى أي حال لا يجوز ذلك .

السؤال
رجل أضاع عدداً من الصلوات فأراد الآن أن يقضي هذه الصلوات مع كل فريضة يؤديها في هذه الأيام ، فمثلاً عندما يصلي الظهر يصلي معها عدداً من صلوات الظهر الفائتة ، فهل هذا يصح ؟

الجواب :
القضاء لا يتقيد بوقت ، وإنما يمنع القضاء في الأوقات التي تحرم الصلاة فيها ، فليس له أن يقضي في وقت طلوع الشمس حتى تستكمل طلوعها ، ولا في وقت غروب الشمس أي عندما تبدأ الشمس في الغروب حتى تستكمل غروبها ، ولا عند استواء الشمس في كبد السماء في الحر الشديد ، وأما فيما عدا ذلك من الأوقات فيحل له أن يقضي في أي وقت من الأوقات .

في هذا الوقت يمكن أن يصلي الظهر ، ويمكن أن يصلي العصر ، ويمكن أن يصلي المغرب، ويمكن أن يصلي العشاء ، وفي واقعة الخندق صلى النبي صلى الله عليه وسلّم الظهر والعصر والمغرب والعشاء في وقت العشاء أي صلى ثلاث صلوات قضاء وصلاة أداء في وقت العشاء ، أمر بلالاً أن يؤذن فأذن ثم أمره أن يقيم فأقام وصلوا الظهر ، ثم أمره أن يقيم فأقام وصلوا العصر ، ثم أمره أن يقيم فأقام وصلوا المغرب ، ثم أمره أن يقيم فأقام وصلوا العشاء ، هكذا جاء في صحيح البخاري . فإذن على هذا يعول .

له أن يقضي في أي وقت من الأوقات ، لا يعني أنه يلزمه أن يقضي صلاة الظهر في وقت الظهر ، أو يلزمه أن يقضي صلاة العصر في وقت العصر .

يمكن أن يقضي الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر في وقت الظهر أو في وقت المغرب أو في وقت العشاء أو في وقت العصر أو في وقت الفجر ، أو أن يقضي مثلاً ما بين طلوع الشمس إلى الزوال يمكنه أن يقضي أي صلاة من الصلوات في هذه الأحوال .

ويمكنه في اليوم الواحد أن يقضي حتى ولو صلاة سنة إن استطاع ذلك ، وإنما يكون القضاء بالترتيب حسب رأي بعض أهل العلم فالقضاء بالترتيب على حسب رأي بعض أهل العلم ، ومنهم من قال لا يلزم الترتيب ، والذين قالوا بالترتيب راعوا الفعل فعل النبي صلى الله عليه وسلّم حيث بدأ بالظهر أولاً ثم العصر ثم المغرب ثم صلى العشاء الحاضرة ، والذين قالوا بعدم وجوب الترتيب راعوا أن هذا فعل ، والفعل لا يلزم أن يكون دالاً على الوجوب إذ يمكن أن يكون ذلك من باب مراعاة الأفضلية ، ومنهم من فرّق بين أن تكون الصلوات خمساً فصاعدا أو ما دون الخمس ، فإن كانت دون الخمس فعليه أن يرتبها ، وإن كانت فوق الخمس فلا يلزمه ترتيبها ، وهذا من أجل مراعاة دفع المشقة لأن كثرة الصلوات الواجبة على الإنسان قد تكون مراعاة الترتيب في قضائها تؤدي إلى مشقة وعسر والله يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ، فلذلك رأوا هذا الرأي .

والصلوات تقضى بحسب ما تركها الإنسان فما أضاعه في السفر يقضى سفرياً حتى ولو كان في الحضر ، وما أضاعه في الحضر يقضى تماماً ولو كان ذلك في السفر ، والله تعالى أعلم .

السؤال
هل يصح له أن يصلي مثلاً في وقت الظهر خمس صلوات ظهر فائتة ؟

الجواب :
بناء على أن الترتيب لا يلزم كما قلنا لا حرج عليه ، وبناء على وجوب الترتيب فلا بد من مراعاة الترتيب .


السؤال
إذا كان مسافراً كيف يقضي الصلوات الرباعية في السفر ؟


الجواب :
يقضيها كما أضاعها ، ما أضاعه في السفر يقضيه سفرياً ولو كان في الحضر ، وما أضاعه في الحضر يقضيه تماماً ولو قضاه في السفر .

السؤال
في من وجد طفلاً ميتاً من أب غير شرعي وهو لا يدري هل خرج من بطن أمه حياً أم ميتاً هل يصلى عليه ؟


الجواب :
الأصل فيما يولد ولا دليل على حياته أنه خرج ميتاً ، الأصل أن يكون خارجاً ميتاً إن كان لم يستهل ، أما إن استهل فإنه يصلى عليه ، وإن كان لم يستهل فإنه لا يصلى عليه ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون أبوه أباً شرعياً أو غير أب شرعي إذ الأصل أنه على الفطرة والله تعالى يقول ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )(الأنعام: من الآية164) ، فلا يحمل تبعة ما فعل أبواه ، والله تعالى أعلم .

في من يرى في منامه أهوال يوم القيامة ويتخيل نفسه أنه يموت عدة مرات ، فما تأويلها ؟

الجواب :
أنا لست خبيراً في تعبير الرؤى، وعلى أي حال الأهوال هذه قد تكون حديث نفس أحياناً ، وأما إن كان يرى الإنسان أن القيامة قد قامت فهذه الرؤيا مبشرة في حقيقتها لأن المعبرين هكذا يقولون، يقولون رؤية القيامة دليل على قيام العدل لأن الله تعالى يقول ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) (الأنبياء: من الآية47) .

السؤال
امرأة رأت في المنام أنها نذرت أن توزع خبزاً وحلوى إذا ما شفيت أمها ، فهل هذا النذر يلزمها ؟

الجواب :
لا ، ما كان في المنام لا يلزمها .


السؤال
ما حكم العمل في المصارف ؟

الجواب :
إن كانت المصارف متقيدة بالأحكام الشرعية بحيث تتجنب الربا ولا تقرب من الربا ولا فيها غش ولا فيها أي شيء مما يحرم شرعاً من الغرر وغيره ، والصرف يتقيد فيه بالطريقة الشرعية بحيث يتم فيه التقابض يداً بيد فلا مانع من ذلك وإلا فيجب اجتناب كل ما فيه حرمة .




سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 23-09-2011 11:25 AM

*بعض الدول تقوم ببيع أعضاء المحكوم عليهم بالإعدام للاستفادة منها كالكبد والكلى، فما حكم استفادة المسلم من هذه الأعضاء إن اضطر لإنقاذ حياته؟

**بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
فليس كل حكم بالإعدام حقاً وعدلا، بل لا بد من أن يكون الحكم متطابقاً مع شرع الله تعالى حتى تضفى عليه صفة العدل، وإقدام من يُقدم على الحكم بالإعدام من غير بيّنة من الله سبحانه وتعالى وبصيرة من شرعه الذي أنزل يُعد انتهاكاً لحرمة الله سبحانه وتعالى التي جعلها في هذا الإنسان الذي خلقه، لأن للإنسان حرمة أياً كان، إذ لا يختص بذلك مسلم من غيره، ولا يختص بذلك بر من غيره، فإن هذه الحرمة يشترك فيها الجميع كما يدل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى
(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ) (المائدة: من الآية32) .


فالنفس يباح قتلها إذا كان في مقابل نفس مقتولة، وكذلك يباح أيضاً إذا كان هنالك فساد كبير في الأرض، وهذا لا يكون إلا بإشهار الحرب على عباد الله سبحانه وتعالى وانتهاك الحرم وإخافة السبيل عندئذ يكون من فعل ذلك حقيقاً بأن يُحكم عليه هذا الحكم. أما بدون ذلك فللإنسان حرمات، ويقول الله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً) (الاسراء:33) .


وهذا يقتضي بطبيعة الحال أن يحترز المسلم من أن ينتفع بأي شيء من أشلاء الذي حكم عليه بالإعدام من غير أن يتطابق هذا الحكم مع شرع الله سبحانه وتعالى لا سيما وأن الحاكم هو شيوعي ، وقد عُرف عن الشيوعية عدم المبالاة بقيمة الإنسان ، فقيمة الإنسان عندهم لا تساوي قيمة الآلة الصماء ، ولذلك يقتلون النفوس قتلاً بدون مبالاة بذلك، فعندما قاد أحدهم ثورة ووضعت تلك الثورة أوزارها قتل حسبما قيل عدداً يتراوح بين تسعة ملايين وعشرين مليون انتقاماً لاعتبارهم أعداء للثورة التي قادها وهذا بعدما وضعت الحرب أوزارها ، فإبادة البشر عندهم أمر معلوم ، فلا يمكن أن يقال بجواز الانتفاع بالأعضاء التي يبيعونها .

ثم بأي حق يبيعونها، هم ليس لهم حق في أن يتصرفوا في جسم هذا الإنسان، هذا الإنسان له حرمات، لو قلنا بأن قتله حق ليس لهم أن ينتفعوا بشيء من جسمه، لأن الحق إنما هو في إزهاق روحه، لو كان قاتلاً لنفس بغير حق وكان مستحقاً لئن يُقتل فإنه يحق قتله من غير أن يحق لهم الانتفاع بجسمه، والتصرف في الجسم ببيع وغيره هو باطل، وابتياع ذلك إنما هو إقرار بالباطل، والله تعالى أعلم .

*ما حكم تصغير الأنف أو تكبيرها؟

**على أي حال كل خلق الله حسن كيفما كان، وليصبر الإنسان على ما ابتلي به، لأن التصغير والتكبير وغير ذلك من هذه الأمور قد تؤدي بالإنسان إلى الإقدام على شيء لا يحمد عاقبته، نفس العمليات هذه فيها مخاطرة.

نعم لو وصل الأمر إلى حد استقباح الإنسان بحيث كان الرجل مثلاً لا يجد زوجة أو كانت المرأة لا تجد زوجاً ، ولم يكن في ذلك شيء من الخطورة عليهما فإن العلاج بقدر ما يمكن أن يعيش الإنسان في حياة طبيعية اجتماعية لا حرج عليه في ذلك، أما بدون هذا فإنه ينبغي للإنسان أن يكون حذراً من الإقدام على مثل هذه الأمور.

*ما حكم إزالة مظاهر الشيخوخة بعمليات التجميل؟

**وهل يُصلح العطار ما أفسد الدهر؟!!!
الله تبارك وتعالى جعل في الجسم طبيعة معينة ، وعلى الإنسان أن يُسلّم لإرادة الله سبحانه وتعالى النافذة ، ولو شاء الله لجعل هذه الحياة حياة لا تعقبها الوفاة ، ولو شاء لجعل الشباب لا يعقبه هرم ، ولو شاء لجعل الصحة لا يهددها سقم ، ولكن هذه الدار هكذا أرادها الله تعالى
جبلت على كدر وأنت تريدها *** صفواً من الأقذار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما *** تبني الرجاء على شفير هار


فالإنسان وهو يعيش في هذه الحياة عليه أن يدرك بأن الحياة نفسها لا بد من أن يتبعها موت ، وأن الصحة هي مهددة بالسقم ، وأن الشباب لا بد من أن يعقبه هرم إن أُمهل صاحبه ، إن لم يتخطفه ريب المنون وهو في عنفوان شبابه ، وفي هذا حكمة بالغة أرادها الله سبحانه وتعالى من أجل أن تكون حياة الإنسان حياة فيها الشعور وفيها الإدراك بأنها حياة زائلة ، وفيها الإحساس بأن ورائه مسئولية ، وفيها الإحساس بالمنقلب الذي ينقلب إليه حتى يعمل لهذا المنقلب ، ويطمع وهو يعمل لهذا المنقلب في حياة لا يعقبها موت ، وفي شباب لا يعقبه هرم ، وفي صحة لا يهددها سقم ، وفي قوة لا يليها ضعف .

أما هذه الحياة فهي تتدرج من ضعف إلى قوة ثم من قوة إلى ضعف ، الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه ( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) (يّـس:68) ، ويقول ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً)(الروم: من الآية54) ، فلا بد من أن ينقلب الإنسان من حال إلى حال .

ومظاهر الشيخوخة تذكّر الإنسان بهذا الانقلاب بهذا الفناء وإلا لبطر الإنسان وهو يعيش في صحة ويعيش في مظهر الشباب ويعيش في مثل هذا .

فما الداعي لعمليات التجميل من أجل إزالة آثار الشيخوخة ، أمن أجل أن يغر الناس ؟

قد يكون هذا طامعاً في أن يخطب فتاة وهي لا ترغب فيه عندما تدرك أن شيخ وتتطلع إلى شاب فهو يريد أن يغرها بمظهره ، هذا لا يجديه شيئاً ، عليه أن يتقي الله .

وحسبما روي في بعض الكتب - والله أعلم بصحة هذه الرواية - أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ترافع إليه قوم زوجوا أحداً من الناس وهو يخضب بالسواد فأوهمهم أنه شاب فزوجوه بسبب ذلك فتبين الأمر بخلاف ذلك ، ففسخ العقد ، هكذا يروى عنه رضي الله تعالى عنه ، وإنه لحقيق بمثل هذا الحكم ، ذلك دال على بصيرة من حكم به ، والله تعالى المستعان .

تابع السؤال
إذا كانت هذه المرأة عجوز تريد أن تتزين لزوجها ؟


الجواب :
ما شاء الله .
وإلى متى تبقى العجوز شابة ، عليها أن تعمل لحياة الأبد ، لحياة المصير .
نعم تتناول ببعض العلاج الذي يُجمّل البشرة والذي ينشط الجسم ، ولكن مع هذا لا تحاول أن تُقدم على عمليات من أجل هذا الأمر .



سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


الراجي 23-09-2011 01:51 PM

بارك الله فيك البراء على الافادة
استفدت كثيرا من موضوعك
آجرك الله ونفع بك الاسلام والمسلمين .

البراء 28-10-2011 11:17 AM

*ما هو الفضل الذي تتميز به هذه الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة ؟

**بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فإن لهذه الأيام العشر فضلاً عظيماً ومزية كبرى ، ناهيكم أن الله تبارك وتعالى أقسم بها عندما قال ( وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) (الفجر:1-2) ، فالليالي العشر هي هذه الليالي التي تسبق يوم العيد - عيد الأضحى - ، ومن شأن الله سبحانه وتعالى أن يُقسم بما يُعظّمه من مخلوقاته ، فعندما يُقسم بأي شيء فإنه يُقسم به لأجل ما له من شأن .

فالله سبحانه وتعالى أقسم بالليل وبالنهار ، لأن الليل والنهار من آيات الله تبارك وتعالى الكبرى ، ولأن ما يحدث فيهما من العبر والعظات فيه مُدّكر لمن يدّكر .

وأقسم الله سبحانه وتعالى بالضحى أيضاً لأنه وقت مبارك ، وأقسم بالشمس ، وأقسم بما أقسم به من أنواع مخلوقاته الكثيرة ، كل ذلك لأجل شأنها .

فالليالي العشر إنما أقسم الله سبحانه وتعالى بها لعظم شأنها ، وقد جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم منه في هذه العشر ) ، أي هذه العشر الصوم فيها أحب إلى الله ، ولا ريب أن ذلك المراد به بعد صوم رمضان المبارك ، فإن صيام شهر رمضان هو أعظم الصيام أجرا ، ولكن صيام هذه الأيام إنما هو أحب إلى الله تبارك وتعالى من بقية صوم النفل ، فلذلك ينبغي للإنسان أن يصوم هذه التسع تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى ، أي أن يصوم من أول يوم من أيام ذي الحجة إلى اليوم التاسع منه.

*هل هناك أعمال مخصوصة تُفعل في هذه الأيام العشر غير الصيام ؟

**هناك على أي حال أعمال البر على اختلاف أنواعها ، فالصيام والتهجد وتلاوة القرآن الكريم والصدقات وأنواع البر كمساعدة الضعفاء والرحمة بالفقراء والوقوف بجانبهم كل من ذلك مما يقرب إلى الله سبحانه وتعالى زلفى .


*ما حكم الشك في السعي ؟

**أنا أعجب من هذا الشك ما هو مصدر الشك؟ من غرائب الأمور !!! لأن السعي أمره واضح ولعله أوضح من الطواف. قد يكون الشك في الطواف ولكن الشك السعي !!! كيف يكون الشك في السعي؟ لأنه يبدأ من بالصفا ويختتم بالمروة ، وكل شوط بين الصفا والمروة ، كل جيئة وكل تردد بين الصفا والمروة مما يعد شوطاً كاملا فيستبعد أن يكون هنالك شك ، ولو قدرنا أن هنالك شكاً فإنه يبني على الأقل إذ أمر السعي ليس بأعظم من أمرالطواف والطواف حكمه كحكم الصلاة فكما أن في الصلاة إن شك يبني على الأقل فكذلك الطواف ، والله تعالى أعلم.

*هل يجوز التعجل لمن أراد أن يبقى في مكة؟

**لا حرج في ذلك الله تبارك وتعالى خيّر بين الأمرين كليهما، خيّر بين التعجل مع النفر الأول وبين التأخر إلى النفر الثاني ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى )(البقرة: من الآية203) ، وإنما يؤمر الإنسان أن يكون دائماً حريصاً على ذكر الله سبحانه وتعالى ، وأن يكون حريصاً على تقوى الله لأن الغاية من هذه العبادة كالغاية من بقية العبادات هي ترسيخ روح التقوى في نفوس العباد ، فمما يجب على الإنسان دائماً أن يحاول تثمير هذه العبادة بترسيخ روح التقوى في نفوسه والحرص على الاستمرار على هذا النهج في سائر الأوقات .

*عند رمي الجمرة الكبرى لم يتذكر هل بسمل أو كبّر وهو شاك بينهما هل يلزمه شيء ؟

**لا يلزمه شيء إذ مهما كان هو ذكر اسم الله سبحانه وتعالى عند مجيئه إلى هناك ، ثم إنه بجانب هذا هو شاك في الأمر، وإذا شك في أمر ما وقد جاوزه لا يعود إليه، لا يلتفت إلى الشك بعد أن جاوز موضع ذلك الأمر الذي شك فيه .

*ما حكم لبس الضاغطة الطبية على الركبة وفيها مخيط؟
**إن كان مضطراً إليها فليفتدي وحسبه ذلك .

*هل الرَمَل من بداية الطواف إلى نهاية الشوط الثالث أم إلى نهاية الطواف ؟
**المعمول به أن الرَمَل ثلاثة هو في الثلاثة الأشواط ، هذا الذي هو روي عن النبي صلى الله عليه وسلّم واستقر عليه العمل .

*المسن والأعمى هل يُنيب غيره في رمي الجمرات ؟
**إن كان متعذراً عليه أن يقوم بنفسه حتى ولو كان غير مسن ولكن قوته لا تُسعفه بأن يرمي بنفسه أو كان مريضاً فلا حرج عليه في أن ينيب غيره .والله تعالى أعلم

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


البراء 04-11-2011 11:25 AM

هناك بعض الناس من يستهين بسنة النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ ونظراً لاقتراب العيد ربما يحلق أو يزيل شيئاً من تفثه تزيناً للعيد وهو لم يُضح بعد، فما نصيحتكم لهؤلاء وهم يقولون بأن هذا إنما هو مجرد سنة؟

هذه سنة، ولكن سنة من؟ إنما هي سنة النبي صلى الله عليه وسلّم، وأي السنن أولى بالاتباع من سنته عليه أفضل الصلاة والسلام، والله تبارك وتعالى يقول (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21)، ويقول سبحانه (لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور:63)، ويقول سبحانه (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب:36)، فهذه سنة النبي صلى الله عليه وسلّم ما كان لمؤمن أن يخالفها.

بالنسبة للزيارات في يوم العيد نجد ظاهرة ملموسة على أرض الواقع وهو أن الزيارات تقتصر على الكبار في حين أن فئة الشباب تنطلق هنا وهناك ولا يعرفون للزيارة طعماً ولا رائحة فكيف يربي الآباء أبنائهم على الزيارات وأهميتها خاصة للأرحام؟

هذه القضية من مشكلات العصر الحاضر، ولعل هذه ضريبة من الضرائب التي تؤديها الأمة للحضارة المعاصرة، مع الأسف الشديد الصلات بين الناس كادت تنعدم، وأنا رأيت سابقاً في كتاب ألفه الأستاذ الأديب الشهير أحمد أمين عن ترجمة حياته بعنوان (حياتي) يقول بأنه نشأ في حي من الأحياء كان هذا الحي يتكون من ثلاثين بيتاً وهناك ثلاث طبقات الطبقة العليا بيت واحد والطبقة الوسطى تسعة بيوت والطبقة الدنيا عشرون بيتاً، وتكلم عن الأحوال الاجتماعية ولكن في النهاية قال بأن الكل كان يعيش كالأسرة الواحدة لو مرض طفل في أقصى هذه الحارة لعرف عنه الجميع وعاده الجميع هذا يحمل إليه دواء وهذا يحمل إليه هدية . ويقول شاء الله أن أعيش حتى أرى الناس يعيشون في عمارة واحدة في شقق متجاورة ولا يعرف بعضهم بعضا.

هذه مصيبة، ومما يؤسف له أن كثيراً من الناشئة أصبحوا لا يعرفون أرحامهم ولربما تساءلوا في دهشة ما هي العلاقة بيننا وبين فلان، ما الذي يربطنا بفلان مع أن فلان من أرحامهم ومن ذوي الحقوق عليهم ولكنهم لا يعرفون هذه الحقوق، ولا يعرفون كيف تكون الصلة بينهم، هذا لأنه اشتغلوا بأمور جانبية وتركوا الأمور الضرورية التي يجب أن يشتغل بها في الحياة، فتقطعت الأواصر الاجتماعية بينهم وبين ذويهم وقراباتهم. فمن هنا كانت الضرورة أن يحرص الأب من أول الأمر أن يصطحب حتى الأطفال الصغار عندما يزور أرحامه ليغرس فيهم حب أرحامهم، وليغرس فيهم تعلقهم بأرحامهم حتى ينشئوا على ما نشأ عليهم آباؤهم من تقدير هؤلاء الأرحام وزيارتهم والاعتناء بهم والقيام بشؤونهم والحرص على التلاحم معهم، هذا من الضرورة بمكان وهو الذي أوصي به، والله تعالى الموفق .



هل يشترط استقبال القبلة في حالة الذبح؟

استقبال القبلة لا يشترط وإنما يؤمر أيضاً ( هذه من الأمور التي غفلناها ولا بد من ذكرها) يؤمر الإنسان بأن يحرص على الرحمة في حال الذبح، النبي صلى الله عليه وسلّم يقول: إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ـ وفي رواية فأحسنوا الذبحة ـ وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. ومعنى ذلك أنه لا يذبحها بسكين كليلة وإنما يذبحها بسكين حديدة حتى لا تتعذب البهيمة عند الذبح.
وكذلك من الآداب التي يؤمر بها أن يخفي السكين عن الحيوانات عندما يأتي لذبحها. ومما ينبغي أيضاً أن تُسقى قبل الذبح حتى تكون تذبح وهي مرتاحة .


البعض يقوم بقطع ما يسمونه بالقفل أو النخاع، فهل يصح هذا في الذبيحة؟

جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه نهى في الذبح ـ وهذا في مسند الإمام الربيع بن حبيب رحمه الله من رواية أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى في الذبح ـ عن الوخز والخزل والنخع والترداد. فهو ينهى عن الوخز أي بحيث تطعن الذبيحة بالسكين أو الخزل هو القطع قيل هو قطع كل الرأس وقيل غير ذلك والترداد هو أن يردد المدية في حلق الدابة كما يردد المنشار والنخغ هو قطع النخاع وقطع النخاع شُدد فيه وذلك لأجل أن تكون الذبيحة تذبح بطريقة فيها رحمة، ليس فيها تعذيب، ولئلا يكون قطع النخاع مساعداً على موتها، وإن كان للعلماء خلاف في ذلك، وفي نفس الوقت لا خلاف في أنها تحل لو قطع الرأس جميعاً على طرق الخطأ كما قال الإمام السالمي رحمه الله (..... وما به على الخطا من بأس)، وإنما ينهى أن يتعمد الإنسان ذلك.


في حال التعمد لو فعلها وقطع القفل أو النخاع؟

إن تعمد ذلك فإنه شُدّد في هذا الأمر. ومن الناس من قال بأن النخغ هو كسر النخاع باليد، وقالوا الخزل هو قطع جميع الرأس .


كيف يتم توزيع لحم الأضحية، وهل يصح أن يعطى الفقير لحماً مطبوخا؟
الأضحية يراد منها أولاً قبل كل شيء تذكير هذه النفوس بالمحنة التي مر بها أبو الأنبياء إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، فقد رأى إبراهيم في المنام كما جاء في نص القران الكريم أنه يذبح ولده إسماعيل، وعرض الأمر عليه فقال له (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات: من الأية102) كل منهما استسلم لأمر الله، إبراهيم عليه السلام استسلم لأمر الله سبحانه وتعالى في ذبح وليده وتلك محنة شديدة قاسية على النفس وطأتها وطأة عظيمة، وإسماعيل عليه السلام أيضاً استسلم لأمر الله تبارك وتعالى إذ لم يكن له أن يكون بمعزل عما يقتضيه هذا الأمر الرباني، ورؤيا الأنبياء حق، فإن رؤياهم إنما هي وحي، ولذلك كانت هذه الرؤيا واجبة الامتثال، ولكن الله تبارك وتعالى لما علمه من هذين العبدين الصالحين من الإخلاص وحب الخير والتفاني في طاعة الله والتضحية بأعز ما يملكان لأجل نيل رضوان الله تبارك وتعالى تداركتهما عنايته فلطف بهما سبحانه وتعالى وفدى إسماعيل عليه السلام بذبح عظيم، فكانت تلك سنة الأضاحي في هذا اليوم العظيم من أجل تذكير هذه النفوس، وفي هذا أيضاً ما يجعل الناس يذكر بعضهم بعضا بالخير بحيث إن الأغنياء يواسون الفقراء في هذا اليوم بما يقدمونه من هذه الضحايا.


وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم: كلوا وتصدقوا وادخروا. أمر النبي صلى الله عليه وسلّم بأن يأكلوا وأن يتصدقوا وأن يدخروا، وذلك بعدما منع من الادخار، وكان منع الادخار من أجل الدافة أي التي تدف إلى أرض المدينة من البوادي، والمراد بها الناس الذين يأتون وهم محتاجون إلى الطعام، فأمر النبي صلى الله عليه وسلّم ألا يدخر من لحم الأضاحي وأن يعطى هؤلاء منها، ثم بعدما وجدت الغُنية عندهم وكانوا في غير حاجة إلى هذه الأضاحي التي يضحي بها أهل المدينة وسّع النبي صلى الله عليه وسلّم لهم فقال: كلوا وتصدقوا وادخروا . ولذلك ينبغي للإنسان أن يأكل ثلثها وأن يتصدق بثلثها وأن يدخر ثلثها، هكذا من أجل هذا الأمر الذي جاء من النبي صلى الله عليه وسلّم، وإن لم يدخر شيئاً بأن كانت الحاجة داعية إلى الصدقة فذلك خير، أو كانت الحاجة داعية إلى الأكل وذلك أن يطرق الإنسان طراق من ضيوف أو غيرهم فلا مانع في هذه الحالة أن يقدم إليهم من لحوم الأضاحي حتى ولو أكلوا ذلك جميعاً، ولكن ينبغي له ألا يفوت الصدقة عن الفقراء بحيث يعطيهم شيئاً ولو أقل من الثلث إن لم يكن بمقدار الثلث مواساة لهم، والله تعالى أعلم .


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

بنت بلادي 04-11-2011 12:04 PM

بارك الله فيك أخي البراء

و جعلة في ميزان حسناتك،،،

البراء 11-11-2011 01:45 PM

السؤال
بالنسبة للحاج عندما يعود من الحج كيف ينبغي أن يكون ؟


الجواب :
الحج كغيره من العبادات شرع من أجل غرس روح التقوى في عباد الله ، ولئن كانت العبادات بأسرها تؤدي إلى هذه الغاية المطلوبة والقرآن الكريم يدل على ذلك ونبهنا على هذا مراراً ، فإننا نجد أن القرآن يؤكد اقتران الحج بالتقوى في كثير من آيات الكتاب أكثر من غيره فالله تبارك وتعالى يقول ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)(البقرة: من الآية196) ، ثم يختتم ذلك بقوله سبحانه ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (البقرة:196) ، ثم على أثر ذلك يقول : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ) (البقرة:197) ، ثم يقول ( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (البقرة:203) .


ثم نجد أن الله سبحانه وتعالى أيضاً يقول ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)(الحج: من الآية32) .

ويقول في البدن التي تساق إلى ذلك المكان المقدس ( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ )(الحج: من الآية37) .

فإذن الحج هو من هذه العبادات التي تغرس روح التقوى في نفس الإنسان وتثمر في سلوكه تقوى الله تبارك وتعالى بحيث يكون هذا الإنسان حريصاً على اتباع أمر الله ، فعندما ينقلب عليه أن يقلب صفحته من الشر إلى الخير ومن الضلال إلى الهدى ومن الغي إلى الرشد ومن الفساد إلى الصلاح ومن الانحراف إلى الاستقامة ومن النفرة من إخوانه إلى التآخي معهم ، ومن سوء الخلق إلى حسن الخلق ومن كل شر إلى كل خير .

كما أن هذا الإنسان يؤمر أيضاً وهو قد أكرمه الله سبحانه وتعالى بالوفادة إلى ربه سبحانه في تلكم الأماكن المقدسة أن يحرص على تذكر الانقلاب إلى الله تعالى في الدار الآخرة ، وأن يزن جميع تصرفاته وأعماله بموازيين الحق التي أنزلها الله سبحانه وتعالى ليكون مستعداً للانقلاب إلى ربه تبارك وتعالى وهو نظيف الجيب طاهر القلب والنفس نقي السلوك بعيد عن معاصي الله مستمسك بحكم الله تعالى المتين ناهج صراطه المستقيم ، وبهذا كان الحج ينفي الأوزار ينفي المعاصي كما جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم ( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ) ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم ( والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) ، فعلى الإنسان أن يحرص على أن يكون حجه مبروراً وعلامة بره أن يعود خيراً منه عندما ذهب ، والله تعالى الموفق .

* في قوله تعالى (وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ) (يونس:12)، هذا واضح في حياة عدد من الناس يتضرعون إلى الله سبحانه وتعالى ويدعونه في وقت الشدة فلما تنكشف تلك الشدة وتزول تلك الغمة يعود إلى سابق عهده وينسى ربه سبحانه وتعالى، فهل لكم أن تجلّوا هذه النقطة وتعطوها قدرا من التوضيح؟

- إن الله سبحانه وتعالى شأنه عظيم وفضله عظيم وبطشه شديد، على الإنسان أن يكون دائماً مستشعراً نعمة الله تعالى ومستشعراً خوفه من الله، فهو يستدفع البلاء بتقوى الله ويستجلب رحمة الله تعالى بطاعته، على الإنسان أن يكون حريصاًً على طاعة الله سبحانه وتعالى، وأن يكون حريصاً على اجتناب كل ما يسخطه سبحانه وتعالى، وإنما طبيعة البشر أن يحرص الإنسان دائماًً على سلوك هذه المسالك التي تنحرف به ذات اليمين وذات الشمال
ودأب النفوس السوء من حيث طبعها *** إذا لم يصنها للبصائر نور
هذه طبيعة النفس البشرية وإنما هذه الأحداث تُذكّر الإنسان ولكن هل يبقى مدكرا؟


نحن كم نرى من آيات في كتاب الله تدل على أنه هكذا شأن الأمم التي نسيت ربها سبحانه وتعالى.

نحن نجد في كتاب الله سبحانه وتعالى آيات كثيرة تدل على أن كثيراً من الناس عندما يحيط بهم بطش الله سبحانه وتعالى عندئذ يحاولون أن يدعوا الله ويحاولون أن يخلصوا لله ويحاولوا أن يتقربوا إلى الله كما يقول الله سبحانه وتعالى (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُون) (العنكبوت:65)، والله سبحانه وتعالى يقول (قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُون) (الأنعام:64)، أي بعدما ينتهي الإنسان من الكرب الذي كان فيه ويتخلص من محنته وشدته يعود إلى الإشراك، ولا يلزم أن يكون الإشراك باتخاذ إله مع الله، قد يكون الإشراك حتى بطاعة الشيطان بدلاً من أن يطيع ربه مع أنه مأمور بأن يطيع الله، نحن نرى أن الله سبحانه وتعالى يقول (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِين) (يّس:60) أي أن لا تطيعوه (وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيم) (يّس:61)، فيأمر الله سبحانه وتعالى عباده بطاعته.

ويحذر الله سبحانه العباد في هذا السياق وفي سياق بيان نعمته عليهم بتنجيتهم من الشدائد والبلاء يحذرهم مما هو أشد يقول الله سبحانه (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ * قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُون) (الأنعام:63-65)، إذن هذه النقطة يجب على الإنسان أن يحاسب نفسه معها، وأن يحرص على أن يستبدل بالشر خيرا وبالفساد صلاحا وبالاعوجاج استقامة وبالضلالة هدى، ويحرص على تقوى الله وطاعته وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


البراء 18-11-2011 11:10 AM

كيف كان النبي صلى الله عليه وسلّم يعيش تغيّر الأحوال الطبيعية كتغير المناخ والرياح والأمطار ونحو ذلك؟

الجواب:
النبي صلى الله عليه وسلّم كان شديد الحساسية من هذه الناحية، كان إذا هبت الريح يدعو الله سبحانه وتعالى ويتضرع إليه ويدخل ويخرج.


وإذا رأى أيضاً سحابة يبقى في خوف وفي قلق حتى يأتي الله تبارك وتعالى بالغيث وعندئذ يشكر الله سبحانه وتعالى على نعمته، وعندما تقول له أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها وتسأله عن سبب تغير لونه ودخوله وخروجه وتأثره يقول: وما يؤمنني أن يكون ذلك كما قال الله سبحانه في قوم عاد ( فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا) (الأحقاف: من الآية24).

وشديد الحساسية من هذه الناحية لأنه يستحضر العقوبات التي أصابت الأمم، ومن أجل ذلك كان صلى الله عليه وسلّم يدعو دائماً إلى الاستمساك بأمر الله والنظر في عواقب الأمور بوزن تصرفات الإنسان بموازيين الله سبحانه وتعالى مع الإدّكار بما يحدث من أمثال هذه القضايا.

يأمر بالرجوع إلى الله، كان صلى الله عليه وسلّم حتى عند كسوف الشمس مع أن كسوف الشمس كما هو معلوم إنما هو ظاهرة طبيعية مألوفة ومعروفة ولكن النبي صلى الله عليه وسلّم لما كسفت الشمس خرج يجر رداءه من كثرة هول الموقف حتى صلى بهم وأطال الصلاة كما هو معروف ومألوف من هديه صلى الله عليه وسلّم.
فما كان صلى الله عليه وسلّم يشغله شيء عن النظر في جانب القدر الإلهي والقدرة الإلهية الربانية التي تُصرّف هذا الوجود.


السؤال
من يرى أن هذه الكوارث هي من نسج الطبيعة منفصلة، هي يؤثر مثل هذا على عقيدته وإسلامه؟

الجواب:
نعم، الذي لا يؤمن بأن هذا الكون مُدَبّر من قبل الله سبحانه وتعالى فإن إسلامه يتلاشى مع هذا المعتقد إذ الله تعالى وحده هو الذي يُدبّر الكون، نحن نرى القرآن الكريم يصل جميع الظواهر الكونية بأمر الله ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) (النمل:59-64).
فالذي يتعامى عن هذه الحقائق، ويصل ما يجري في هذا الكون بأمور طبيعية مفصولة عن إرادة الله تبارك وتعالى وتقديره وتدبيره فمعنى أنه جعل مع الله شريكاً في تدبير هذا الكون، أو أنه جحد وجود الله وجعل غير الله تبارك وتعالى هو الذي يُدبّر هذا الكون.


السؤال
ما قولكم في المبهور بالعلم بالحديث ويجعلها في المقام الأول دون ما جاء في القرآن الكريم؟


الجواب:
حقيقة الأمر لا ريب أن العلم الحديث كشف كثير من الأمور التي كانت غامضة بالنسبة إلى الناس، ونحن لسنا مع الجامدين الذين يريدون أن يغمضوا أبصارهم عن معطيات العلم الحديث، بل نؤيد الانتفاع بهذا العلم دينياً ودنيوياً، ولكن مع ذلك كله لا نأخذ من هذا العلم الحديث قشوره وندع لبابه، فالعلم الحديث هو وسيلة لتعميق الإيمان في النفوس، فالله سبحانه وتعالى عندما يخاطب عباده بترسيخ عقيدة التوحيد في نفوسهم يأخذ ببصائرهم وأبصارهم ليطوف بها في هذا العالم الفسيح مُعرّفاً للإنسان بأن وراء هذا العالم تدبيراً وتقديراً من لدن عزيز حكيم لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، فقد قال سبحانه وتعالى ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) (البقرة:163)، ثم أتبع ذلك قوله ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة:164)، نعم هذه الآيات إنما تُوصل الإنسان لتعميق مفهوم الاعتقاد الحق، اعتقاد وحدانية الله لأن الكون كله وحدة متكاملة، نظامه نظام متوحد يجمع ما بين أطرافه المترامية، فهذا يدل على أن مكوّنه واحد، إذ لو كان هنالك أكثر من مُكّون لكان لكل واحد منهم إرادة مستقلة عن إرادة الآخر وذلك مما يؤدي إلى الاختلاف في المراد كما يؤذن به قوله سبحانه وتعالى ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) (الأنبياء: من الآية22)، وكذلك الآيات الكثيرة.


كذلك نجد أن الله سبحانه وتعالى يعد عباده بأن يكشف لهم حقائق الوجود ليتبين لهم من خلال هذا الكشف سواء كان في آياته في الأنفس أو في آياته في الآفاق ليتبين لهم من خلال هذا الكشف أن القرآن حق من عنده ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) (فصلت: 52-53).

فنحن نؤيد التقدم في مجالات العلم مع الاستمساك بالعقيدة وترسيخ العقيدة من خلال النظر في آيات الله تعالى في الأنفس وفي الآفاق حتى لا نكون نعلم ظاهراً من الحياة ونحن عن الآخرة غافلون، بل علينا أن نتوصل بهذا العلم إلى تعميق إيماننا بالله سبحانه وتعالى وإيماننا باليوم الآخر.

أما بالنسبة إلى هذه الظواهر الكونية فمهما كانت مرتبطة كما قلت بأسباب إلا أن تلكم الأسباب لا تُفضي إلى مُسَبَباتها بنفسها وإنما تُفضي إليها بتأثير قدرة مُسَبّب الأسباب سبحانه وتعالى الذي هو على كل شيء قدير.
وفي هذا المقام ننتهز هذه الفرصة لنوجه ندائنا إلى العالم بأسره أن يستبصر ويدّكر فإن هذه آية لجميع الناس، نحن ندعو المؤمنين وغير المؤمنين.

ندعو المؤمنين إلى مزيد من الإيمان، وإلى الاستمساك بحبل الإيمان من ناحية العمل والتطبيق، بحيث لا يكون هذا الإيمان إيماناً نظرياً فحسب مع الغفلة عن العمل والتطبيق، بل يجب أن يكون هذا الإيمان إيماناً يتجسد في الأعمال والتصرفات بحيث تكون جميعاً مستوحاة من عند الله سبحانه وتعالى.

وندعو غير المؤمنين إلى أن يراجعوا حساباتهم، وأن يفكروا في المنقلب، فهذه آية تُصوّر لهم مشاهد القيامة، وتُصوّر لهم ما يقع بما أخبر الله سبحانه وتعالى به عند قيام الساعة من اختلال نظام هذا الكون وتهاوي الأجرام ووقوع بعضها على بعض حتى تُدك هذه الأرض دكاً دكا، وتُسيّر جبالها تسيارا بسبب هذه الاندكاك الذي يقع فيها.
فنحن ندعو هؤلاء إلى أن يستبصروا، وأن يراجعوا وأن ينظروا في ما وصلوا إليه من الحقائق العلمية مع ما جاء في كتاب الله تعالى المُعجِز الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه مما يدل دلالة قاطعة على أنه حق من عند الله سبحانه وتعالى. فعليهم أن لا يُفوّتوا هذه الفرصة، هذا ما ندعوهم إليه، والله تعالى المستعان.

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

عصفورة المنتدى 19-11-2011 09:36 AM

باارك الله فيك اخي البرااء على النقل المميز

وجزاك خيرا جزااء,,دمت بكل الحب والخير

البراء 25-11-2011 01:47 PM

هل يُعتبر السفر لطلب العلم أو السفر للدعوة تطبيق عملي للهجرة؟

هذا مما يعد خروجاً إلى الله تبارك وتعالى، لو خرج إنسان من بلد إلى بلد لأجل طلب العلم لا يُعدّ ذلك سفراً دنيوياً وإنما يُعدّ ذلك من باب أن يخرج الإنسان من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله وقد قال تعالى ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) (النساء: من الآية100)، فمن خرج مهاجراً إلى الله وأدركه الموت في طريقه فعلى أي حال أجره على الله تبارك وتعالى أجر كبير، معنى هذا أنه يُثاب ثواب الهجرة إلى الله بقدر إخلاص نيته وبقدر صفاء طويته، وما يضمره ما بين حنايا ضميره.


وكذلك من خرج من أجل أن يدعو إلى الله ويبصّر الناس بالحق ويذكرهم به ويعلمهم أمر دينهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فهذه هجرة إلى الله.

هل كانت الهجرة أمراً ربانياً أو كانت بدافع وجود متنفس للدعوة الإسلامية بعد أن ضاقت في مكة المكرمة؟

الهجرة لم تكن اجتهاداً من الرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام، وإنما كانت هذه الهجرة أمراً من قِبل الله سبحانه وتعالى، أراد الله تعالى به أن تتربى هذه الأمة على الخير، أراد أن يربيها على التضحية، وأن يربيها على الوئام والمودة، وأن يربيها على الاستعلاء عن كل الجواذب إلى الأرض بحيث ترتفع إلى قيم السماء هكذا كانت الهجرة.

وهيأ الله سبحانه وتعالى الظروف التي دفعت المسلمين إلى الهجرة مع كونه أمرهم بها عندما وقعت هذه الظروف وتم ذلك على يدي الرسول صلى الله عليه وسلّم والمؤمنين فأنشئت الدولة الإسلامية في ظل هذه الهجرة النبوية إذ كانت المدينة المنورة هي مركز هذه الدولة الناشئة الجديدة ومنها انطلقت إلى أرجاء الأرض.

ما رأيكم سماحة الشيخ في العتاب الذي يُوجّه بشدة إلى من لا يعتني بالعام الهجري وأشهره لأن مجريات يومه وشهره وعامه تقاس بالتوقيت الميلادي فهو لا يجد في حياته أو في حركته اليومية ما يربطه بالشهر الهجري، فهل مثل هذا العتاب في محله على من لا يعتني بالتاريخ الهجري؟

بطبيعة الحال أولاً علينا أن ندرك أن كل أمة لا تعتز بتاريخها هي أمة ضائعة، فمن لم يكن له ماضٍ فليس له حاضر. والحاضر إنما يُبنى على الماضي، وأي ماضي أولى بأن يبنى عليه الحاضر من الماضي الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفي عهد المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.

على أن التاريخ الآخر كان موجوداً من قبل ولم يكن المسلمون في عمى من أمرهم بحيث ما كانوا عارفين به، إذ كانوا على اتصال بدولة الروم وكانوا يعرفون هذا التاريخ، ولكن مع ذلك ما عوّلوا على التاريخ الآخر وإنما عوّلوا على التاريخ الهجري، وارتبطوا بهذا التاريخ الهجري.

وبجانب هذا فإن هنالك اختلافاً ما بين التاريخين في مدارهما، ذلك لأن التاريخ الميلادي إنما يدون بدوران الأشهر الشمسية، والتاريخ الهجري يدور بدوران الأشهر القمرية.

وقد بيّن الله سبحانه وتعالى أن الأشهر القمرية هي مدار الأحكام الشرعية، فقد قال تعالى ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجّ ) (البقرة: من الآية189)، ثم بجانب ذلك بيّن سبحانه وتعالى ارتباط هذه الأشهر أي القمرية بصميم الدين الحنيف في قوله سبحانه وتعالى ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (التوبة: من الآية36)، فجعل هذا من صميم الدين القيم، مع أن الأشهر الحرم لا توجد إلا في الأشهر القمرية.

كذلك نجد أن الأحكام الشرعية كلها تناط بهذه الأشهر القمرية، فالحج إنما يكون بالشهور القمرية، كذلك عِدَد النساء إنما هي بالشهور القمرية، الصيام إنما هو بشهر من الشهور القمرية، الزكاة يجب دفعها بدوران اثني عشر شهراً من الأشهر القمرية، كذلك بالنسبة إلى بقية الأحكام جميعاً.

فلماذا إذن يُعرض المسلمون عن التمسك بهذا التاريخ الذي كان به ميلاد أمتهم، وكان به ميلاد دولتهم، وكان به ميلاد جماعتهم، ويستمسكوا بالآخر.

ونحن نجد أن الصحابة فمن بعدهم إلى مضي ثلاثة عشر قرناً كانوا مُجمعين على التاريخ الهجري، فإذن معنى هذا أن الخَلَف عليه أن يحذوا حذو السلف، فلماذا يعرض السلف عن منهاج السلف وقد كان هذا منهاج السلف الصالح.

فإذن العتاب موجه إلى الأمة من هذه الناحية ولا سيما الأفراد، فإن الإنسان يستطيع أن يؤرخ قضاياه بالتاريخ الهجري لا سيما مثل تراجم العلماء، فما الداعي لأن تكون تراجم العلماء بالتاريخ الآخر مع أنه يُعرف التاريخ الهجري، ونحن نجد حتى العلماء الماضين عندما يُؤرَخ لهم الآن ويُترجَم لهم يحاولون أن يحوروا التاريخ ليتلائم مع التاريخ الآخر غير التاريخ الهجري، وأولئك العلماء مضوا ولا يُعرف عندهم إلا التاريخ الهجري، فما الداعي إلى ذلك!.

إن هذه هزيمة نفسية، وهذه ارتكاسة والعياذ بالله، فعلى الأمة أن تنتشل نفسها من هذه الارتكاسة.

هناك من يتفاعل مع هذا الحدث العظيم فيراه مناسبة دينية ولذلك قد تتوق نفسه إلى صيام اليوم الأول من مطلع السنة الهجرية، فما حكم صيام هذا اليوم؟

على أي حال صيامه كصيام بقية الأيام، لا يُمنع أن يصوم الإنسان أول يوم من أيام السنة كما يصوم أي يوم من الأيام التي لا يمنع الصيام فيها، إذ ليس هنالك مانع من صيام هذا اليوم كالمانع من صيام العيدين، أو المانع من صيام أيام التشريق، أو المانع من إفراد يوم الجمعة وحده بالصيام كما جاء ذلك في الحديث، هذا مما لم يكن في صيام أول يوم من أيام الهجرة، ولكن لم ترد سنة أيضاً بتخصيصه بالصيام، هذا مما لم ترد به سنة، فلذلك نحن نود من الناس أن يصوموا وفق مقتضيات السنة، فمما ينبغي للناس أن يصوموا اليوم التاسع والعاشر من المحرم، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم صام يوم عاشوراء وحضّ عليه صيامه وقال ( لئن بقيت لأصومن التاسع والعاشر إن شاء الله) فتطبيق ما كان حريصاً عليه صلوات الله وسلامه عليه مما ينبغي أن لا يفوت المسلم.

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 02-12-2011 11:16 AM


* إذا أسقطت المرأة قبل أربعة أشهر فمتى تطهر؟

- هذه المسألة وقع فيها خلاف كثير إذا كان ما أسقطته غير كامل الخلقة، والذي نأخذ به هو رأي قطب الأئمة رحمه الله التفرقة ما بين المراحل، فإن كان ما أسقطته علقة فحكمه سبعة أيام، وإن كان مضغة فحكمه أربعة عشر يوماً، وإن كان مضغة مخلقة فحكمه واحد وعشرون يوماً، وإن كان كامل الخلقة فالمدة كلها وهي أربعون يوماً، هذا إن استمر بها الدم، أما إن رأت الطهر قبل ذلك فعليها أن تغتسل وتصلي.

خلاف
* امرأة لم تُخرج زكاتها ثماني عشرة سنة فماذا يلزمها؟

- المسألة فيها خلاف بناء على الاختلاف في الزكاة هل هي شريك في المال أو حق في الذمة، فإن كانت حقاً في الذمة كما هو رأي طائفة من أهل العلم فإنها تُخرج كما هي لمدة ثمانية عشر عاماً لأنها في ذمة صاحبها .

فمن كان عنده مثلاً عشرين ديناراً من الذهب لم يزكها في هذه المدة فإنه يُخرج عن كل عام نصف دينار.

أما من يقول ان الزكاة هي شريك في المال وليست حقاً في الذمة فإنه يُزكي حتى تكون الزكاة قد أنقصت المال المُزكى عن قدر النصاب مثال ذلك من كان عنده أربعة وعشرون ديناراً فإنه يُخرج في كل عام نصف دينار لمدة تسع سنوات فيصبح المال الذي عنده دون مقدار النصاب دون عشرين ديناراً، يصبح تسعة عشر ديناراً ونصف دينار، في هذه الحالة لم يبلغ مقدار النصاب فليس عليه أن يزكي في السنوات الباقية، وهذا القول ربما كان قول أكثر العلماء وهو الأظهر، وإلى هذا يشير المحقق الخليلي رحمه الله عندما يقول:
وفي تيعة عامين ما زكيت لهم* خلاف لأصلين التشارك والذمم

لا تجب على المسافر
* صلاة الجمعة، هل تَلزم المسافر؟ وما هي مدّة السفر ؟

- صلاة الجمعة لا تَجب على المسافر ولكن إن أدّاها فذلك خير كبير وفضل عظيم ويَنْحَطُّ بِها فرضُ الظهر، وقد رُوي الإجماعُ على أنّ صلاة الظهر عندما يُؤدِّيها المسافر يَكون بِها قد انْحَطَّ عنه فرضُ الظهر.

وبالنسبة إلى مدّة السّفر فعندنا أنّ المدّة لا تُحدَّد، لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام حيث أقام في سفره وهو يَقصُر الصلاة ولم يُتِمَّ في سفره قط .. لم يَثبت عنه الإتمام قط، وهو صلى الله عليه وسلم واجبٌ عليه أن يُبَلِّغ لِلناس ما نُزِّلَ عليه فلو كانت هنالك مدّة محدَّدة لبيَّنها، وصحابته صلى الله عليه وسلم أقاموا حيث أقاموا في الأسفار - منهم مَن أقام لمدّة ستّة أشهر ومنهم مَن أقام لمدّة سنتين-ومع ذلك كانوا يَقصُرون الصلاة، فلذلك نحن نَأخذ بِهذا الرأي، وهو أنّ صلاة المسافر إنما هي ركعتان حتى يَؤُوبَ إلى أهله أو يَموت كما قيل مَضَتِ السنّة بذلك، وإنما يَجب على المسافر الإتمام لأحد أمرين:
بِالاستقرار في ذلك المكان، بِحيث ينوي أن يكون مستقَرًّا له.

وبِصلاته خلفَ المقيم، فإن صلّى خلفَ المقيم فعليه أن يُتِمَّ الصلاة، لأنّ صلاة المأموم تَبَعٌ لِصلاة إمامه.
أما تَحديد المدّة فلا نَجد في السنّة ما يَدلّ على ذلك أبدا؛ والله - تعالى - أعلم

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 02-12-2011 11:18 AM

هل يُعتبر السفر لطلب العلم أو السفر للدعوة تطبيق عملي للهجرة؟

هذا مما يعد خروجاً إلى الله تبارك وتعالى، لو خرج إنسان من بلد إلى بلد لأجل طلب العلم لا يُعدّ ذلك سفراً دنيوياً وإنما يُعدّ ذلك من باب أن يخرج الإنسان من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله وقد قال تعالى ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) (النساء: من الآية100)، فمن خرج مهاجراً إلى الله وأدركه الموت في طريقه فعلى أي حال أجره على الله تبارك وتعالى أجر كبير، معنى هذا أنه يُثاب ثواب الهجرة إلى الله بقدر إخلاص نيته وبقدر صفاء طويته، وما يضمره ما بين حنايا ضميره.


وكذلك من خرج من أجل أن يدعو إلى الله ويبصّر الناس بالحق ويذكرهم به ويعلمهم أمر دينهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فهذه هجرة إلى الله.

هل كانت الهجرة أمراً ربانياً أو كانت بدافع وجود متنفس للدعوة الإسلامية بعد أن ضاقت في مكة المكرمة؟

الهجرة لم تكن اجتهاداً من الرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام، وإنما كانت هذه الهجرة أمراً من قِبل الله سبحانه وتعالى، أراد الله تعالى به أن تتربى هذه الأمة على الخير، أراد أن يربيها على التضحية، وأن يربيها على الوئام والمودة، وأن يربيها على الاستعلاء عن كل الجواذب إلى الأرض بحيث ترتفع إلى قيم السماء هكذا كانت الهجرة.

وهيأ الله سبحانه وتعالى الظروف التي دفعت المسلمين إلى الهجرة مع كونه أمرهم بها عندما وقعت هذه الظروف وتم ذلك على يدي الرسول صلى الله عليه وسلّم والمؤمنين فأنشئت الدولة الإسلامية في ظل هذه الهجرة النبوية إذ كانت المدينة المنورة هي مركز هذه الدولة الناشئة الجديدة ومنها انطلقت إلى أرجاء الأرض.

ما رأيكم سماحة الشيخ في العتاب الذي يُوجّه بشدة إلى من لا يعتني بالعام الهجري وأشهره لأن مجريات يومه وشهره وعامه تقاس بالتوقيت الميلادي فهو لا يجد في حياته أو في حركته اليومية ما يربطه بالشهر الهجري، فهل مثل هذا العتاب في محله على من لا يعتني بالتاريخ الهجري؟

بطبيعة الحال أولاً علينا أن ندرك أن كل أمة لا تعتز بتاريخها هي أمة ضائعة، فمن لم يكن له ماضٍ فليس له حاضر. والحاضر إنما يُبنى على الماضي، وأي ماضي أولى بأن يبنى عليه الحاضر من الماضي الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفي عهد المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.

على أن التاريخ الآخر كان موجوداً من قبل ولم يكن المسلمون في عمى من أمرهم بحيث ما كانوا عارفين به، إذ كانوا على اتصال بدولة الروم وكانوا يعرفون هذا التاريخ، ولكن مع ذلك ما عوّلوا على التاريخ الآخر وإنما عوّلوا على التاريخ الهجري، وارتبطوا بهذا التاريخ الهجري.

وبجانب هذا فإن هنالك اختلافاً ما بين التاريخين في مدارهما، ذلك لأن التاريخ الميلادي إنما يدون بدوران الأشهر الشمسية، والتاريخ الهجري يدور بدوران الأشهر القمرية.

وقد بيّن الله سبحانه وتعالى أن الأشهر القمرية هي مدار الأحكام الشرعية، فقد قال تعالى ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجّ ) (البقرة: من الآية189)، ثم بجانب ذلك بيّن سبحانه وتعالى ارتباط هذه الأشهر أي القمرية بصميم الدين الحنيف في قوله سبحانه وتعالى ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (التوبة: من الآية36)، فجعل هذا من صميم الدين القيم، مع أن الأشهر الحرم لا توجد إلا في الأشهر القمرية.

كذلك نجد أن الأحكام الشرعية كلها تناط بهذه الأشهر القمرية، فالحج إنما يكون بالشهور القمرية، كذلك عِدَد النساء إنما هي بالشهور القمرية، الصيام إنما هو بشهر من الشهور القمرية، الزكاة يجب دفعها بدوران اثني عشر شهراً من الأشهر القمرية، كذلك بالنسبة إلى بقية الأحكام جميعاً.

فلماذا إذن يُعرض المسلمون عن التمسك بهذا التاريخ الذي كان به ميلاد أمتهم، وكان به ميلاد دولتهم، وكان به ميلاد جماعتهم، ويستمسكوا بالآخر.

ونحن نجد أن الصحابة فمن بعدهم إلى مضي ثلاثة عشر قرناً كانوا مُجمعين على التاريخ الهجري، فإذن معنى هذا أن الخَلَف عليه أن يحذوا حذو السلف، فلماذا يعرض السلف عن منهاج السلف وقد كان هذا منهاج السلف الصالح.

فإذن العتاب موجه إلى الأمة من هذه الناحية ولا سيما الأفراد، فإن الإنسان يستطيع أن يؤرخ قضاياه بالتاريخ الهجري لا سيما مثل تراجم العلماء، فما الداعي لأن تكون تراجم العلماء بالتاريخ الآخر مع أنه يُعرف التاريخ الهجري، ونحن نجد حتى العلماء الماضين عندما يُؤرَخ لهم الآن ويُترجَم لهم يحاولون أن يحوروا التاريخ ليتلائم مع التاريخ الآخر غير التاريخ الهجري، وأولئك العلماء مضوا ولا يُعرف عندهم إلا التاريخ الهجري، فما الداعي إلى ذلك!.

إن هذه هزيمة نفسية، وهذه ارتكاسة والعياذ بالله، فعلى الأمة أن تنتشل نفسها من هذه الارتكاسة.

هناك من يتفاعل مع هذا الحدث العظيم فيراه مناسبة دينية ولذلك قد تتوق نفسه إلى صيام اليوم الأول من مطلع السنة الهجرية، فما حكم صيام هذا اليوم؟

على أي حال صيامه كصيام بقية الأيام، لا يُمنع أن يصوم الإنسان أول يوم من أيام السنة كما يصوم أي يوم من الأيام التي لا يمنع الصيام فيها، إذ ليس هنالك مانع من صيام هذا اليوم كالمانع من صيام العيدين، أو المانع من صيام أيام التشريق، أو المانع من إفراد يوم الجمعة وحده بالصيام كما جاء ذلك في الحديث، هذا مما لم يكن في صيام أول يوم من أيام الهجرة، ولكن لم ترد سنة أيضاً بتخصيصه بالصيام، هذا مما لم ترد به سنة، فلذلك نحن نود من الناس أن يصوموا وفق مقتضيات السنة، فمما ينبغي للناس أن يصوموا اليوم التاسع والعاشر من المحرم، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم صام يوم عاشوراء وحضّ عليه صيامه وقال ( لئن بقيت لأصومن التاسع والعاشر إن شاء الله) فتطبيق ما كان حريصاً عليه صلوات الله وسلامه عليه مما ينبغي أن لا يفوت المسلم.


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 09-12-2011 10:54 AM

س ـ رجل لديه مجموعة من البنات ، وهؤلاء البنات يعملن موظفات وكلما يأتي أحد يخطب إحدى هذه البنات يرفض ذلك طمعاً فيما يرد إليه منهن من مال ، فما هو توجيهكم سماحة الشيخ لمثل هذه الحالة ؟

الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فهذه المسألة وأمثالها طرحت مراراً عديدة ، وقد أبديت فيها الحكم الشرعي ، وبيّنت فساد رأي من يحاول أن يعضل وليته عن الزواج سواءً كان أباً أو غير أب ، وأن هذا لا يمكن أن يجتمع مع الإيمان بالله واليوم الآخر ، فإن الله سبحانه وتعالى بيّن أن العضل يتنافى مع الإيمان بالله واليوم والآخر في قوله تعالى ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)(البقرة: من الآية232) ، فالمرأة يجب على وليها ألا يعضلها ، والآية الكريمة نزلت في قصة معقل بن يسار عندما عضل أخته أن ترجع إلى زوجها بسبب سخطه عليه بتطليقه إياها ، وعندما نزلت الآية الكريمة أذعن لأمر الله ولم يتردد في قبول هذا الأمر ، وهكذا شأن المؤمن بالله واليوم الآخر .

فالعضل أساساً يتنافى مع الإيمان بالله واليوم الآخر ، والله سبحانه وتعالى وإن كان أنزل هذه الآية الكريمة في عضل الولي وليته عن أن ترجع إلى مطلقها إن طلقها وانتهت عدتها إلا أن الحكم ينطبق كذلك على من يعضل وليته عن الزواج ولو لم تتزوج من قبل ، فإن تزويجه إياها حق واجب عليه ، فالله تعالى يقول ( وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)(النور: من الآية32) , هكذا يأمر الله سبحانه وتعالى بتزويج الأيامى من النساء المؤمنات ، فلا يجوز لرجل أن يمنع أي امرأة يرجع إليه أمرها عن تزويجها سواءً تأيمت من زوج سابق أو أنها لم تتزوج من قبل .

والنبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام يقول : إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير .

ولا ريب أن هؤلاء الناس الذين يسعون إلى عضل النساء عن الزواج إنما هم في الحقيقة يسعون إلى الإفساد في الأرض ، لأنهم يدفعونهن إلى الفساد دفعا .

وماذا عسى أن تكون حالة الأب إذا جاءت ابنته وقد امتلأت أحشاؤها بجنين ، وكيف يكون وجهه في مقابلة الناس .

وقد سمعت بالأمس أن رجلاً كان تخطب إليه ابنته وكان يشترط مبالغ كثيرة ، أي يشترط صداقاً خارجاً عن حدود الاعتدال يكفي لأكثر من عشرٍ من النساء ، ولما أدركت هي أنه سيصر على عضلها انتهزت الفرصة في وقت من الأوقات واتصلت بمن شاءت وأدى الأمر إلى أن حملت ، فجاءت إليه وقالت : إن المبلغ الذي تريده موجود في هذا البطن . تشير إلى العار الذي لحقه بسبب ما فعلت ، وهكذا نتيجة هذا التصرف الأحمق وهذا السلوك الأرعن الذي يسلكه أولياء لا هم لهم إلا إما في مضايقة النساء ، وإما في أخذ ما يأتي من قبلهن من الراتب والاستحواذ على ذلك , وإما في مضاعفة الصداق لأجل أن يصلوا إلى مبتغاهم من الغنى من خلال تزويجهم لبناتهم .

فعلى هؤلاء أن يتقوا الله ، وعليهم أن يدركوا أن كل ما تفعله بناتهم من إثم ووزر فذلك مما يرجع عليهم ، يرجع عليهم بالوزر لأنهم عرضوهن لارتكاب الفحشاء ، ويرجع عليهم بالخزي والمهانة في الدنيا والآخرة ، والله تعالى المستعان .

س ـ كثير من الناس يسمون الأطباء والممرضين بملائكة الرحمة ، فهل يجوز هذا ؟

الجواب :
الملائكة هم خلق من غير الإنس والجن ، لهم صفات ولهم مزايا . واعتقاد أن هؤلاء ملائكة أمر غير جائز ، ولا ينبغي تسميتهم ولو لم يعتقدوا ذلك ، لو كان ذلك على سبيل التجوز فإنه ينبغي للإنسان أن يستعمل الكلمات التي لا تؤدي إلى التباس ، ولا تؤدي إلى اتهامه بمعتقد غير صحيح .


س ـ امرأة عزلت مبلغاً من المال كانت تريده صدقة للفقراء والمساكين ثم اضطرت إلى استخدامه فاستخدمته ، هل يلزمها أن ترجع بهذا المبلغ علماً أنها ستقوم بهذا ؟

الجواب :
ما دامت هي على أي حال نوت التصدق على الفقراء والمساكين وهي لا تزال على نيتها فمهما تيسر لها ذلك فلتتصدق إن شاء الله ، وفي الصدقة خير كثير ، ولا ينبغي لإنسان نوى صدقة أن يتراجع عما نواه ، فإن نية الخير ينبغي أن يصحبها عمل الخير .


ما حكم صلاة الجماعة بالأطفال ؟
الجواب :
لا مانع أن يصلي الرجل الكبير بالأطفال ، ما المانع من ذلك ؟!
لا حرج في هذا ، بل بعض الروايات دلت على جواز إمامة من لم يبلغ الحلم .


ما حكم الصلاة بالمسبل ؟
الجواب :
الإمام لا يضره فساد من خلفه ، وإنما فساده يؤثر على من خلفه ، لأن صلاته غير مرتبطة بصلاة من خلفه ، وإنما صلاة من خلفه مرتبطة بصلاته على الصحيح .


ما حكم صلاة المفترض بالمتنفل ؟
الجواب :
هذا مما دلت عليه الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم : إذا جئت والناس يصلون فصل معهم وإن كنت صليت في أهلك . هذا حديث محجن ، وكذلك حديث الرجلين الذين لم يصليا مع النبي صلى الله عليه وسلّم في مسجد الخيف صلاة الصبح في منى فطلبهما النبي صلى الله عليه وسلّم فجيء بهما ترعد فرائصهما فسألهما فقالا : إنّا صلينا في رحالنا . فقال : لا تفعلا إن جئتما مسجد جماعة فصليا معهما هي لكما نافلة .


فلا حرج من صلاة المتنفل خلف المفترض .


وكذلك عندما أبصر النبي صلى الله عليه وسلّم رجلاً تأخر لعذر عن صلاة الجماعة فجاء متأخراً وقد فاتته صلاة الجماعة فقال : هل من أحد يتصدق على هذا فيصلي معه .











سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


البراء 16-12-2011 11:09 AM

السؤال

توجد هناك أحاديث كثيرة عن الرسول صلى الله عليه وسلّم تبين فضل تلاوة القرآن الكريم من ذلك ما ورد أن الحرف بعشر حسنات، فهذا الثواب هل هو للتلاوة مجردة أم للتلاوة بشرط التفكر؟

الجواب:
لا ريب أن الإنسان لا يطلب منه أن يتلو القرآن لاهياً غافلاً، هذه التلاوة ليست لها قيمة، هذه التلاوة ليست فيها روح، هي بمثابة الجسم المتعفن الذي لا أثر له ولا حراك له بل ربما يضر ولا ينفع، فهو لا ينفع قطعاً ولكن ربما يضر لأن تعفنه يؤدي إلى النتن، نتن رائحته وإضراره بالناس، فكذلك شأن العبادة الفاقدة للروح كالصلاة التي تفقد الخشوع وكذلك تلاوة القرآن عندما لا يكون هنالك تدبر وإمعان، إنما على الإنسان أن يقاوم الوسوسة. لا ريب أن كل أحد تعتريه الوسوسة، وكل أحد تعتريه الغفلة، وكل أحد يحاول الشيطان أن يلبس عليه أمره وأن يبعده عن التفكر والإمعان لكن عليه مغالبة ذلك وأن يحرص على أن يعالج نفسه ويداوي أدوائه بهذا القرآن الكريم عندما يتلوه.


السؤال
ما حكم زيارة القبور والدعاء للموتى؟


الجواب:

زيارة القبور شرعت أو أبيحت لأجل تذكر الآخرة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم نهى أولاً عن زيارتها عندما كان الناس جديدي عهد بالجاهلية حتى لا يحملوا معهم أوزاراً من عادات أهل الجاهلية وهم يزورون هذه القبور، فحذر النبي صلى الله عليه وسلّم أولاً من زيارتها، ثم قال: (ألا فزوروها ولا تقولوا هُجرا).

ولا حرج في أن يدعو الإنسان لمن زاره من أهل الصلاح والخير كما فعل النبي صلى الله عليه وسلّم.

أما أن يتخذ ذلك موسماً أو أن يجعل القبر مكان عبادة بحيث يصلي هنالك أو يقرأ القرآن هنالك فذلك غير سائغ، فإن الصلاة نهى النبي صلى الله عليه وسلّم عنها عند المقابر.

وكذلك شدد النبي صلى الله عليه وسلّم في أمر القرآن حيث أمر أن يقرأ القرآن في البيوت وأن لا تتخذ قبورا إشارة إلى أن القبور ليست مكاناً لتلاوة القرآن الكريم، كما أنه شدد في اتخاذ القبور مساجد، وقد أجاد الإمام السالمي رحمه الله عندما قال:

أتُعمًرن قبورنا الدوارس ** ويترددن إليها الدارس
وهذه المساجد المعدة ** نتركها وهي لذاك عدة
والمصطفى قد زارها وما قرا ** إلا سلاما ودعا وأدبرا
حسبك أن تتبع المختارا ** وإن يقولوا خالف الآثارا

السؤال
هل يمكن أن نضع المصحف كزينة داخل البيت مع العلم أنه يوجد مصحف أو مصاحف أخرى نتلو منها آيات الله، وهل لا بد علينا أن نقرأ من هذه المصاحف أم نكتفي بالمصحف الذي نقرأ منه دائماً؟


الجواب:
الكتاب هو زينة عندما يُعمل به. الكتاب العزيز ليس زينة تترك على الرفوف، وإنما الكتاب العزيز هو زينة الحياة عندما يطبق ويعمل به ويحكّم في كل دقيقة وجليلة ويهتدى بهداه وتزين الألسنة بذكره وتعمر القلوب بهداه، عندئذ يكون زينة في هذه الحياة وجمالاً، لأنه هو كلام الله تبارك وتعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أُنزل ليكون هدى، هدى للمتقين، هدى للمحسنين، هدى للمؤمنين.

فالقرآن الكريم لا ينبغي أن يكون مجرد حاجة تزين بها البيوت كما أفهم من هذا السؤال، هذا مما يحط من قدر القرآن. الله تبارك وتعالى يصف القرآن الكريم بقوله (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (الاسراء:9)، ويقول سبحانه ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)(الاسراء: من الآية82)، ويقول (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر:21).

فمن كانت عنده مصاحف كثيرة ينبغي له أن يؤثر بهذه المصاحف من لا يوجد عنده مصحف من الناس. وكم من الناس محتاجين إلى مصاحف.

نحن نعرف في أصقاع الأرض في بلاد الإسلام الكثير من الناس يفتقرون إلى المصحف، بل ربما عند طائفة من المسلمين عندما يجدون المصحف يعتبرون أنفسهم وجدوا كنزاً ثميناً يحرصون عليه. فأين هذا الإنسان الذي عنده فضلة في المصاحف بحيث لا يحتاج إلى أن يقرأ منها أين هو من إعطاء هذه المصاحف لمستحقيها لمن يقرؤها ويعمر البيوت بتلاوتها ويعمر القلوب بذكر ما فيها! هذا مما يعود خيره على الجميع، وبهذا تزدان حياته لأنه عمل عملاً صالحاً يزيّن حياته ويتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى ويكون له ذخراً في المعاد.











سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


البراء 16-12-2011 11:14 AM

كيف يستطيع المسلم أن يوازن بين عمارة دنياه وعمارة آخرته؟

ـ نعم ليعط الدنيا بقدر ما تستحق والأخرى بقدر ما تستحق، ولينظر ما قيمة الدنيا بمقدار قيمة الأخرى، ومعنى هذا أن يجعل الدنيا وسيلة للآخرة، وأن لا يجعلها غاية، إذ لو جُعلت الدنيا غاية لأدى ذلك إلى نسيان الدار الآخرة، فالإنسان يعمر دنياه لتكون وسيلة له إلى آخرته، بحيث يصلح هذه الدنيا من أجل إصلاح الآخرة لا من أجل العناية بالدنيا وحدها، فإن العناية بالدنيا تُنسي الدار الآخرة، وقد قال الله تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (هود:15-16)، ويقول سبحانه ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورا ) (الإسراء:18-19)، ويقول (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (الشورى:20)، ويقول (فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (النازعـات:37-41)، فعلى الإنسان أن يكون همه في الآخرة وإنما يعمر دنياه لأجل إصلاح آخرته فقط .

مراجعة حساباتها
* ما الدور المرتقب من أمة الإسلام في تمثيل صورة الإسلام الصحيحة أمام تنافس الأمم في إبراز كل أمة محاسنها في خضم هذه الأحداث ؟

ـ أمة الإسلام أمة جعلها الله تبارك وتعالى أمة رحمة وخير هذا إن استمسكت بإسلامها وحافظت على إيمانها وطبّقت شريعة ربها سبحانه وتعالى .

هي أمة رحمة وخير، فلذلك نحن نقول بأن أمة الإسلام أولاً قبل كل شيء عليها أن تعتبر وأن تدّكر وأن تراجع حساباتها وأن تحرص على أن تستمسك بإسلامها من غير تفريط فيه، هذا من ناحية، من ناحية ثانية عليها أن تبادر إلى المعروف والخير والمواساة، ولئم هذا الجرح الذي أصاب المنكوبين، وبذل كل غال وثمين في سبيل الخير، هذا مما نرى أن أمة الإسلام هي مطالبة به.

مسائل الرأي
* ما حكم من يهزأ من آراء من خالفه في الرأي في المسائل الفرعية بحجة أن الصواب والسنة مع العالم الذي يتبعه ؟

ـ مسائل الرأي يجب أن لا يهزأ أحد فيها من رأي غيره، مادامت هي مسائل رأي، أي مسائل ليست أدلتها قطعية، والاختلاف فيها اختلاف محمود، وعلى أي إنسان أن لا يدعي العصمة لنفسه، بل في مسائل الرأي يقول كل واحد منهم قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب، لأنه يرى أن قوله صواب من قبل ما ترجح عنده من الدليل، ويرى قول غيره خطأ بسبب أنه يرى الدليل في غير قول غيره، ولكن صوابه يحتمل الخطأ، وما يراه عند غيره من خطا يحتمل الصواب، فهكذا مسائل الرأي، ليس للإنسان أن يهزأ فيها من رأي غيره، وأن يسفه رأي غيره، والله تعالى أعلم .

التحذير من التعلق بهذه الأماني
* ما هو الفكر الإحداثي والفكر الإرجائي، وما أثرهما على العقيدة؟

ـ أما الفكر الإحداثي فلم أسمع عنه، ولعله يعني الفكر الحداثي، إن كان يعني الفكر الحداثي فهذا فكر دخيل على الإسلام، ولا يمت إلى الإسلام بصلة، وقد ألّف كثير من العلماء فيه وانتقدوه وفندوه وبينوا عواره وكشفوا مخازيه .

وأما الإرجاء فالإرجاء عقيدة يهودية، الله تبارك وتعالى نسب إليهم عقيدة الإرجاء، يقول الله تبارك وتعالى (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا) (الأعراف: من الآية169)، وذلك أنهم يقدمون على ارتكاب محارم الله سبحانه وتعالى ومع ذلك هم تسول لهم أنفسهم أنه تبارك وتعالى يغفر لهم ويرحمهم، وكذلك خيل إليهم أن عذابهم إلى أمد محدود إلى أمد موقوت، وأنهم بعد ذلك يُخرجون من دار العذاب ويُنعمون كما ينعم المؤمنون المتقون، وهذا ما دل عليه قوله سبحانه وتعالى فيما نقله عن اليهود يقول عز وجل ( وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إلا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:80-81) . وهو سبحانه وتعالى يبين أن هذه العقيدة لزت بهم إلى الفساد، ودفعت بهم إلى ارتكاب الحرم، وأوقعتهم في المعاطب، فالله تعالى يقول ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ * فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) (آل عمران:23-25) .

وقد حذر الله تعالى هذه الأمة من التعلق بهذه الأماني والتشبث بهذه الآمال فقد قال تعالى ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً ) (النساء:123)، وقال ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (النمل:89-90)، ويقول سبحانه ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (القصص:84)، وقال تعالى ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (الأنعام:160) .

حذر الله سبحانه وتعالى من التعلق بهذه الأماني الفارغة، وبين أن كل أحد مجزي بعمله الذي عمله، فهو يجزى بالإحسان إحسانا ويجزى بالسيئة مثلها .

والأمة وقعت فيما وقع فيه من قبلها تصديقاً لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ: لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى أنهم لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه . وقعت الأمة في هذا الأمر نفسه، فنحن نجد من الأمة يقول بأن الله تعالى إذا وعد وفى وإذا توعد عفا، أين ذلك من قوله سبحانه (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ) (قّ:28-29) وقوله تعالى (لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ )(يونس: من الآية64)، وقوله (إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)(آل عمران: من الآية9).


سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 23-12-2011 10:14 AM

السؤال
في مراتب تغيير المنكر في حديث النبي صلى الله عليه وسلّم ( من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)، التغيير بالقلب كيف يكون تغييرا للمنكر مع أن هذا الأمر يبقى في خاصته؟


الجواب:
نعم لا ريب أن الناس مبتلون في هذه الحياة بما آتاهم الله تعالى من قدرات وملكات وما آتاهم من طاقات متنوعة، فالإنسان قد يكون ذا سلطة، فإن كان ذا سلطة فهو قادر على تغيير المنكر بيده في هذه الحالة يكون لزاماً عليه أن يغيّر هذا المنكر بيده ما دام قادراً على ذلك ولا يمكن أن يتغير بما دون ذلك.


أما إذا كان من الممكن أن يتغير بمجرد الدعوة باللسان فإنه لا يُنتقل إلى استعمال اليد إلا بعد استعمال اللسان لأن الأصل أن الإنسان يحرص على الإتيان بالأسهل فالأسهل، يبدأ بالأسهل أولاً، فمن كان يردعه القول لا يُعدل إلى ردعه باليد، ربما كان جاهلاً وربما كان غافلاً فينبغي أن يُردع الإنسان بالقول مهما أمكن، ومع ذلك أيضاً ليس من ظهر المنكر من بداية الأمر كمن تكرر منه، فالذي يتكرر منه يُغلظ عليه القول، أما من ظهر منه بداية الأمر يُنبّه يقال له بأن هذا منكر، وهذه هي الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125)، ويقول سبحانه وتعالى ( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34)

أما هذا الذي يتصامم ويتعامى ويتعالى بحيث إنه يُصر على فعله ويستكبر استكباراً عندئذ يغلظ له في القول.
ولئن كان هنالك من آتاه الله تبارك وتعالى التمكين والاستخلاف في هذه الأرض بأن كان متمكناً بوجه من الوجوه من تغيير هذا المنكر باليد فإن المُصر الذي يصر على باطله ولا يتراجع عنه يُغيّر باطله هذا بفعل ما كان المُغيّر قادرا ًعليه، أما من لم يكن قادراً عليه فإن انشراح صدره يُعد مشاركة في الأمر الصادر من صاحب المنكر، فمن انشرح صدره واستقرت نفسه مع كونه يرى المنكر لا ريب أنه يكون مشاركاً، ولكن إن تغيّر قلبه فإن ذلك التغيّر له أثر أولاً في نفسه هو، فهو غيّر المنكر بالنسبة إلى نفسه لأنه لم يشارك صاحب المنكر في منكره، ثم مع ذلك أيضاً هو فيما بينه وبين الله تبارك وتعالى قائم بما يجب عليه لأن هذا هو منتهى ما يقدر عليه فذلك أضعف الإيمان، أضعف ما يقدر على تنفيذه من مقتضيات إيمانه بالله تعالى وباليوم الآخر فلذلك عُد هذا من تغيير المنكر.
ما استطاع أن يغيّره بيده، ولم يستطع أن يغيّره بلسانه وإنما يغيّره بقلبه بحيث ينقبض قلبه من هذا العمل الشائن القبيح، ولا يُساير من ارتكبه فيه.

بهذا يكون بطبيعة الحال بالنسبة إلى نفسه قد غيّر المنكر، وانقباضه عن ذلك الرجل أيضاً يُعد شيئاً من التغيير للمنكر، إذ من لقي صاحب المنكر بوجه منبسط إنما لقاؤه إياه بهذه الحالة يُعدّ إقراراً له على المنكر بخلاف ما إذا لقيه بوجه عابس يُبدي من خلاله أنه غير راضٍ بصنيعه هذا.

* يقول الله تعالى في قصة مريم (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً) (مريم: من الآية18) ما المقصود بكلمة تقي في الآية؟ وكيف يستعاذ بالرحمن ممن كان تقياً؟! وما وجه الإعجاز البياني لورود كلمة تقي دون غيرها من الكلمات؟!

**كلمة تقي هنا تحتمل معنيين، قبل وهذا مالم أجد دليلاً عليه، قد يكون ذلك صحيحاً وقد يكون غير صحيح بان جبريل عليه السلام جاءها في صورة شاب يسمى تقياً، والقيل الآخر إن كنت تقياً إن كنت تخشى الله، فإن الذي يخشى الله عز وجل إذا سمع هذه الاستعاذة تثور في نفسه مشاعر التقوى وعندما يثور في نفسه مشاعر التقوى يكف عن عمله، وفي هذا ما يكفي الإنسان دليلاً على أن هذه الكلمة وضعت موضعها، ومفهوم كلمة التقوى مفهوم واسع، فإنها وإن كانت في أصلها اللغوي الاجتناب والابتعاد، اتقى مطابق وقعه وقيته أقيه فأتقاه، أي جنبه أجنبه تجنبه، لأن فاء الكلمة واو، والفعل الذي فاؤه واو، أو لام، أو نون، أو ميم، أو راء، يأتي مفاعله على مفتعل وفعل "افتعل قد يطاوع * وحيث تروى بفاء شائع".

* إمرأة طُلقت من زوجها قبل الدخول بها، ثم تقدم لخطبتها رجل اخر فرفض اهلها تزويجه، وادّعوا بانه كان السبب في تطليقها من زوجها، غير ان المرأة والخاطب ينكران ذلك وينفيانه نفيا قاطعا، فهل يجوز تزويجه على هذه الصورة؟

** الاصل في الناس براءة ذممهم من التهم، ولا يقبل في ذلك قول أي قائل والواجب حسن الظن بالمسلم ما لم تقم حجة مقبولة شرعا على خلافه، وعليه فلا مانع من التزاوج بين هذين ما لم تثبت هذه الدعوى ضد هذا الرجل والله اعلم.

* هل يمكن ان تشترط المرأة على زوجها ان تكون العصمة الزوجية بيدها؟
** اما ان تنتقل العصمة منه اليها فلا، ولكن لها ان تشترط ان رأت منه ما يسوؤها ان يكون لها حق تطليق نفسها والله اعلم.

* تقدم رجل لخطبة اختي وهو ذو خلق، فوافقت عليه جميع الاسرة بما فيهم اختي المخطوبة غير ان امي اعترضت على هذا الزوج، واصرت على موقفها عنادا وتعصبا لرأيها فهل نتم هذا الزواج مع اعتراض الام؟

** لا حق لأمكم في الاعتراض على زواج ابنتها، فان اصرت على موقفها وكانت الابنة موافقة على هذا الزواج فزوجوها بمشيئة الله وبركته والله اعلم.












سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

البراء 30-12-2011 10:38 AM

السؤال
كيف يستطيع المسلم أن يوازن بين عمارة دنياه وعمارة آخرته؟


الجواب:
نعم ليعط الدنيا بقدر ما تستحق والأخرى بقدر ما تستحق، ولينظر ما قيمة الدنيا بمقدار قيمة الأخرى، ومعنى هذا أن يجعل الدنيا وسيلة للآخرة، وأن لا يجعلها غاية، إذ لو جُعلت الدنيا غاية لأدى ذلك إلى نسيان الدار الآخرة، فالإنسان يعمر دنياه لتكون وسيلة له إلى آخرته، بحيث يصلح هذه الدنيا من أجل إصلاح الآخرة لا من أجل العناية بالدنيا وحدها، فإن العناية بالدنيا تُنسي الدار الآخرة، وقد قال الله تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (هود:15-16)، ويقول سبحانه (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) (الإسراء:18-19)، ويقول (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (الشورى:20)، ويقول (فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (النازعـات:37-41)، فعلى الإنسان أن يكون همه في الآخرة وإنما يعمر دنياه لأجل إصلاح آخرته فقط.



مسجد من المساجد تحت منبره دولاب فيه مصاحف، ويقوم الخطيب على المنبر، هل يصح هذا الوضع؟

الجواب:

هل هذه المصاحف يكون عليها الخطيب؟ أو هي نازلة بحيث يوجد فراغ؟ فإن لم يكن فراغ بحيث تكون متواصلة هذه المصاحف إلى أعلى بحيث يكون الخطيب يقف عليها فذلك غير جائز، لأن حرمة المصاحف حرمة عظيمة إذ القرآن هو كلام الله، ويجب على الإنسان أن يرعى حق هذا الكلام العظيم الذي جاء من رب العالمين سبحانه وتعالى.

وأما إن كان هنالك فراغ فمثل ذلك كمثل من يصلي فوق غرفة وتحتها حجرة فيها مصاحف أيضا فلا يمنع ذلك مع وجود الفراغ، ولكن مع ذلك إن وجد لهذه المصاحف مكان آخر توضع فإنه يجب أن يراعى ذلك حرصاً على تنزيه كتاب الله تبارك وتعالى وتقديساً لكلام الله عز وجل.


السؤال
إذا مرت على قارئ القرآن سجدة في المصحف فأين يضع المصحف، هل يضعه على الأرض على الرغم من أنها طاهرة؟


الجواب:

المصحف يجب أن يصان، ونحن من وجدنا من علمائنا من يقول بأن الكتاب الذي فيه آيات من كتاب الله، وفيه أسماء لله تبارك وتعالى، وفيه علم نافع من حرمته أن لا يترك على الأرض، بل يوضع على مكان مرتفع، وهذا من تقدير العلم، ومن تعظيم أسماء الله تعالى وآياته، فكيف بكلام الله تبارك وتعالى، كيف بكتاب الله المنزل الذي هو كلامه يضعه الإنسان على الأرض حيثما يضع قدمه، لا ينبغي أن يصدر ذلك ممن يعظم حرمات الله ويجلها بل عليه أن ينظر له مكاناً رفيعاً يضعه عليه، فإن لم يجد فليجعله تحت إبطه وليسجد ثم بعد ذلك ليمسكه بيديه، والله تعالى أعلم.

ـ ما قولكم فيما يقوله بعض الناس من عدم جواز الزواج او عقد النكاح في شهر صفر، وما بين عيدي الفطر والأضحى؟

** بئس ما يقول هؤلاء الذين يقولون على الله ما لا يعلمون، فيصادمون احكامه ويناقضون شرعه ويفترون على الله الكذب، اما صفر فالتشاؤم به من عادات المشركين أهل الجاهلية، (وقد جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بنسف عاداتهم وعقائدهم، فقد قال: لا هامة ولاعدوى ولا صفر) وكذلك الزواج بين الفطر والأضحى، فان أهل الجاهلية كانوا يتشاءمون من الزواج في شهر شوال، وقد خالفهم رسول الله - صلى الله صلى عليه وسلم - فتزوج أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في شوال وبنى بها في شوال، وكانت احظى نسائه عنده، فمن تشاءم من الزواج بين العيدين فقد اقتدى بأهل الجاهلية وترك الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وكفى بذلك اثما مبينا، فان كل احد يحشر مع امامه والله المستعان.

* نسمع من بعض الناس انهم يتشاءمون من شهر صفر ويمتنعون من الزواج فيه وينظرون عند رغبتهم في الزواج في المنازل الفلكية زعما منهم انها تتوقف عليها علاقتهم الزوجية؟ فما حكم الشرع في ذلك؟

** قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا هامة ولاعدوى ولاصفر) فالمسلم لا يتشاءم بشهر صفر، وانما هذه عادات أهل الجاهلية وكفى به ضلالا مبينا على ان النظر في المنزلة من أجل الزواج ليس من شأن المسلمين وانما ذلك من عادات المجوس والله أعلم.

* مارأيكم في الزواج بين العيدين، اذ يقول بعض الناس انه لا يجوز الزواج ولا العقد بين العيدين، والا يكون زواجا مشؤوما؟

** الامتناع عن عقد الزواج والبناء بالمرأة فيما بين عيدي الفطر والأضحى والتشاؤم من ذلك من عادات الجاهلية ومعتقداتها، وقد هدم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بفعله، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم احب نسائه اليه في شهر شوال وبنى بها في شهر شوال، وهي عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما وقد كانت تقول كما جاء في صحيح مسلم وغيره (تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم في شهر شوال وبنى بي في شهر شوال، واي نسائه كانت احظى عنده مني وفي هذا ما يكفي المؤمن اسوة حسنة، وزجرا عن التلوث بشيء من عادات أهل الجاهلية ومعتقداتها، عملا بقول تعالى (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا) والله أعلم.

* ما قولكم فيمن له أربع زوجات ثم عقد على زوجة خامسة، فما ترون في العقد الأخير من حيث الصحة وعدمها؟

** العقد باطل، ويفرق بينه وبين هذه المرأة الخامسة لا تحل له ابدا والله أعلم.

* امراة طُلقت من زوجها قبل الدخول بها، ثم تقدم لخطبتها رجل اخر فرفض اهلها تزويجه، وادّعوا بانه كان السبب في تطليقها من زوجها، غير ان المراة والخاطب ينكران ذلك وينفيانه نفيا قاطعا، فهل يجوز تزويجه على هذه الصورة؟

** الاصل في الناس براءة ذممهم من التهم، ولا يقبل في ذلك قول أي قائل والواجب حسن الظن بالمسلم ما لم تقم حجة مقبولة شرعا على خلافه، وعليه فلا مانع من التزاوج بين هذين ما لم تثبت هذه الدعوى ضد هذا الرجل والله أعلم.

* هل يمكن ان تشترط المرأة على زوجها ان تكون العصمة الزوجية بيدها؟

** اما ان تنتقل العصمة منه اليها فلا، ولكن لها ان تشترط ان رأت منه ما يسوؤها ان يكون لها حق تطليق نفسها والله أعلم.

* تقدم رجل لخطبة اختي وهو ذو خلق، فوافقت عليه جميع الاسرة بما فيهم اختي المخطوبة غير ان أمي اعترضت على هذا الزوج، واصرت على موقفها عنادا وتعصبا لرأيها فهل نتم هذا الزواج مع اعتراض الام؟

** لا حق لأمكم في الاعتراض على زواج ابنتها، فان اصرت على موقفها وكانت الابنة موافقة على هذا الزواج فزوجوها بمشيئة الله وبركته والله أعلم.

سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة


الراجي 30-12-2011 02:58 PM

البراء بارك الله فيك ونفع بك الامة
الله يحفظك عزيز وغالي .

البراء 06-01-2012 11:25 AM

بعض الناس اعتاد أن يتصدق من النخل الذي عنده فذلك الذي يتصدق به على أقربائه هل يحتسبه في الزكاة ؟

الجواب
لا يدخل في نفس الزكاة ، ولكن ما تصدق به ليس عليه فيه صدقة ، أما إن كان أراد هو أن يكون من الزكاة فلا بد من أن يكون المُعطى تنطبق عليه أوصاف المستحقين للزكاة ، أولاً هذا ، ثم أن ينوي بذلك الزكاة بحيث يكون ذلك عن حساب ويدخله فيما ينوي به الزكاة من المال الذي ينفقه .


السؤال
العامل الذي عمل في النخيل ( البيدار ) يحصل على عذق من كل نخلة فهذا الذي يحصل عليه - وصاحب المال لا يؤدي زكاة ماله - إذا وصل نصاباً فهل عليه أن يؤدي فيه الزكاة ؟


الجواب :
نعم عليه إذا بلغ النصاب على أي حال أن يزكيه ، وإن لم يبلغ النصاب إن كان المجموع بالغاً للنصاب فهو شريك وعلى الشريك في المال المشترك أن يؤدي الزكاة .


السؤال
امرأة عندما استلمت مهرها بدأت تحسب تاريخ الزكاة من يوم استلام المهر ثم علمت بأنها تحسب من يوم العقد ، فماذا تفعل ؟


الجواب :
تحسب من يوم العقد إن كان هذا المهر في ذمة وفيّ مليّ فعليها أن تزكيه ، وإن لم يكن في ذمة وفيّ مليّ فليس عليها أن تزكيه حتى تقبضه .


السؤال
شخص يمتلك مجموعة من المباني بهدف تجاري وهو تأجيرها كيف تكون الزكاة ؟


الجواب :
الزكاة في الدخل وليست في الأصل .


ما حكم إزالة شعر اللحية والشارب لدى المرأة بقتل جذور هذا الشعر وكيه ؟

الجواب :
على أي حال المرأة لها طبيعة خاصة ، ولها مظهر خاص ، فعندما تكون المرأة بهذه الحالة أي يكتسي وجهها بالشعر لا ريب أن ذلك يشوه جمالها ويؤثر على أنوثتها ، وقد يُنفّر ذلك الرجل منها ، فلذلك كان لا حرج عليها في أن تزيل الشعر .

ولكن من حيث قتل الجذور بالكي بالنار فإن ذلك يتوقف على عدم تشويه الوجه وعدم الإضرار بالصحة، لابد من اجتماع هذين العنصرين في ذلك .

السؤال :
ما حكم زراعة ونقل الشعر سواء كان الطبيعي أو الصناعي بالنسبة للأصلع أو المتعرض للأمراض التي أدت إلى تساقط شعره أو الحروق أو الحوادث التي أدت أيضاً إلى زوال الشعر ؟


الجواب :
على أي حال إن كان هذا الصلع أدى إلى تشوه وأمكن زرع شعر صناعي من غير أن يكون ذلك ضاراً بالجسم فلا حرج في ذلك ، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلّم أباح لعرفجة لما قُطعت أنفه في الحرب أن يصنع أنفاً من الورق أي من الفضة ، ولما نتنت أنفه أباح له أن يستبدل بها أنفاً من الذهب ، في هذا ما يدل على أن ما يؤدي إلى التشوه، ويؤدي إلى انقلاب الصبغة بسبب حادث من الحوادث فلا حرج .

وكذلك بالنسبة إلى المرأة ، لو كانت هذه المرأة هي بحاجة إلى زرع الشعر بسبب صلعها ولو كان هذا الصلع أمراً طبيعياً فيها ، أي لم يكن بسبب حادث من الحوادث إلا أنه بسبب كونه منفراً للرجل منها ، فقد ينفر منها زوجها ، وإن كانت غير ذات زوج وهي تتطلع إلى الزواج قد لا تجد من يتزوجها وهي على هذه الحالة ، فلا حرج عليها في أن تكتسي بشعر يزيل عنها هذا المنظر المشوه لها ، لا حرج عليها في هذا ، ولا يعد ذلك تبديلا ًلخلق الله ، وفي إباحة النبي صلى الله عليه وسلّم لعرفجة دليل على جواز هذا .

السؤال
بالنسبة للصلع المشوه للرجل ما هو الضابط حتى يقال بأن هذا الصلع مشوه أو لا ؟


الجواب :
قد يكون الصلع طبيعياً وهذا طبيعة في بعض الرجال ، بعض الناس يأتيهم الصلع ، لكن قد يكون مشوهاً بحيث أنه وقع نتيجة حادث حرق للرأس أو لجلدة الرأس حتى صار الرأس مشوهاً ، في هذه الحالة لا حرج من علاج هذا التشوه .


ما قولكم فيمن ارضعت بنت ابنتها ثم* توفيت هذه المرضعة فهل يصح لابن خالها ان يتزوج احدى اخواتها؟
لا مانع من ذلك لان رضاع اختهن لا يسري اليهن حكمه والله اعلم

ما قولكم في اختين ارضعت كل منهما ابن الاخرى فهل يصح التزاوج بين الابناء الاخرين الذين لم يشاركوا في الرضاع؟

التزاوج بين الاخرين الذين لم يشاركوا في الرضاع غير ممنوع والله اعلم

هل يصح ان ازوج ابن اختي بابنتي اذا كانت امي ارضعت ابنة اخت لي اخرى غير التي اريد ان ازوج ابنها؟

لا مانع من ان تزوج ابن اختك الذي لم يرضع من امك ولو ارضعت اخاه او ابن خالته فان حكم ذلك الرضاع لا يسري عليه والله اعلم

ما قولكم فيمن ارادوا الزواج من بنات* امرأة وقد ارضعت ام هؤلاء البنات ربيبة ابيهم؟ فهل يجوز ذلك؟

نعم لا مانع من ذلك لان رضاع ربيبة ابيهم لا يسري حكمه عليهم بل حتى رضاع اخيهم لا يتجاوزه حكمه اليهم والله اعلم.

فيمن اراد ان يتزوج امرأة وقد رضع اخوه من امها مع احدى بناتها وهي غير البنت التي يريد الزواج بها فهل يصح ذلك؟

ان كان هو لم يرضع من تلك المرأة التي ارضعت اخاه فلا حرج ان تزوج ابنتها سواء قارنت اخاه في الرضاع او سبقت او تأخرت والله اعلم












يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

الراجي 06-01-2012 11:44 AM

اخي البراء بارك الله فيك ك ك ك

البراء 13-01-2012 11:09 AM

رجل صدم بسيارته سيارة أخرى بدون عمد علماً بأن الرجل كان في حالة جيدة أي لم يكن في حالة سكر أو غيره، فنتج من هذا الحال موت رجل من السيارة المصدومة، وبعد التحقيقات تبين أن السبب من ذلك الرجل الذي صدم بسيارته فسجن ودفع دية لورّاث المتوفى، والآن يعيش ذلك الرجل في حالة من الضيق والتوتر حتى أن صحته تنهار شيئاً فشيئاً، وأصبح لا يستطيع النوم في الليل من كثرة التفكير في هذا الأمر، وهو يسأل الآن هل بقي عليه شيء من الحقوق عليه أن يؤديها سواء كانت هذه الحقوق حقوق الله تعالى أو من حقوق الأشخاص المتوفى؟

الجواب:
نعم، عليه حق لله تبارك وتعالى، هذا الحق هو الكفارة فإن الله تبارك وتعالى فرض الكفارة في قتل الخطأ، يقول سبحانه وتعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ) (النساء: من الآية92).

هكذا فرض الله تبارك وتعالى، إذ الناس ينقسمون إلى ثلاث أصناف: إما أن يكون هذا المقتول مؤمناً، فإن كان المقتول مؤمناً ففي هذه الحالة تجب الدية له، أي المقتول خطأ، وتجب كفارة على القاتل.
وإن كان رجلاً مؤمناً ولكنه بين قوم كافرين محاربين للمسلمين، وذلك بأن يعيش الإنسان لظرف أو لآخر بين قوم كفرة هم محاربون للمؤمنين ففي هذه الحالة الدية غير واجبة ساقطة، وإنما تجب الكفارة، وسقوط الدية بسبب عيشه بين أولئك القوم المحاربين للمؤمنين، لأنه بعيشه بينهم أسقط ماله من حق الدية وبقي حق الله تبارك وتعالى وهو الكفارة.

فإن كان من قوم بينهم وبين المؤمنين ميثاق وذلك بأن يكون مثلاً ذمياً، أو يكون معاهداً للمؤمنين ففي هذه الحالة تجب الدية وتجب الكفارة.

ومن الناس حمل قوله تعالى (وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) (النساء: من الآية92) على معنى أنه إن كان مؤمناً وكان ساكناً مع قوم بينهم وبين المؤمنين ميثاق ففي هذه الحالة تجب الدية وتجب الكفارة، وإن كان بخلاف ذلك أي لم يكن مؤمناً فتجب له الدية ولا تجب الكفارة. ولكن الواضح من الآية الكريمة خلاف ذلك.

والكفارة هي عتق رقبة وذلك لأن الله تبارك وتعالى جعل العتق إحياء للنفس إذ الرق إنما هو بمثابة العدم للشخص الواقع فيه إذ لا يملك من أمره شيئاً كما قال الله تبارك وتعالى (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ) (النحل: من الآية75)، فالعبد المملوك لا يستطيع أن يتصرف بحريته فإذا أعتق فقد أحي، نال حياة معنوية، فلذلك جعل الله تبارك وتعالى هذا الإحياء في مقابل ذلك التسبب في الموت الذي حصل فهو تكفير.

فإن تعذر عليه العتق بحيث لم يجد الرقبة ففي هذه الحالة ينتقل إلى الصيام، ويصوم شهرين متتابعين توبة من الله فهذا الواجب. والآن الرقاب لا توجد، ولما كانت الرقاب لا توجد فعليه أن يصوم شهرين متتابعين، والله تعالى أعلم.

السؤال
إذا نزلنا إلى واقع المسلمين اليوم، واقع الدول الآن، كل دولة ترتبط مع الدول الأخرى بعلاقات والسفارات موجودة تشهد بذلك، ففي هذه الحالة لو كان المقتول رجلاً ليس مسلماً من دولة ليست مسلمة؟

الجواب:
إن كان بينه وبين المسلمين ميثاق فحكمه في هذه الحالة كما ذكرنا، وإن كان محارباً للمسلمين فلا.

السؤال
الكفارة هل هي على الفور أم على التراخي؟

الجواب:
الكفارة حكمها كحكم سائر الأوامر المطلقة التي يؤمر بها الإنسان. فالأوامر المطلقة منهم من قال بأنها تحمل على الفور أي غير مؤقتة، ومنهم من قال بأنها للتراخي. ومن الأصوليين من قال بأن الأمر المطلق الذي لم يقيد بوقت فهو يبقى على إطلاقه ليس للفور ولا للتراخي فمتى أداة سواء عجّل تأديته أو أخّر تأديته فهو مؤد له، إن كان لم يؤخره تأخيراً يؤدي به إلى الإهمال.


السؤال
ما حكم ما يفعله بعض الناس عند تعلم السياقة بحيث يتفق مدرب السياقة مع المتدرب على مبلغ معين يدفعه الأخير عند حصوله على رخصة القيادة من دون تحديد لفترة التدريب ولا يحصل المدرب على أجرته إلا بعد حصول المتدرب على رخصة القيادة؟


الجواب:
هذه صفقة فيها غرر، إذ لا يدري أيهما المدة التي يستغرقها المتدرب في تدربه، فلا يدري مدربه متى ينتهي هذا من تدربه، وينتهي هو من تدريبه، ولا يدري المتدرب أيضا ما المقدار الذي يتكلفه المدرب من الوقت ومن العناء، فلذلك كانت هذه الصفقة أو كانت هذه الاتفاقية فيها جهالة، وكل جهالة غرر، وكل غرر غير جائز، اللهم إلا بعد أن ينتهي من تدربه ففي هذه الحالة إن أتم ما اتفقا عليه تم ذلك، وإن لم يتم ما اتفقا عليه أو أتم ذلك أحدهما وعارض الآخر ففي هذه الأحوال كلهما يرجعان إلى أجر بحيث يقدر عناء المدرب بالنظر إلى المدة والنظر إلى الجهد الذي بذله في تدريبه لهذا المتدرب.

السؤال
إذاً من أجل أن يفهم الناس هذه المعاملة جيداً، ما هي الطريقة المثلى التي تأمرونهم بها؟

الجواب:
الطريقة المثلى أن تقدر الأجرة بالساعات، بحيث بقدر الساعات التي يستغرقها المدرب في تدريب المتدرب.












سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة



الساعة الآن 07:55 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها

a.d - i.s.s.w