منتديات حصن عمان - الجـــــــــــــاحظ
منتديات حصن عمان

منتديات حصن عمان (http://www.hesnoman.com/vb/index.php)
-   اللغة العربية (http://www.hesnoman.com/vb/forumdisplay.php?f=70)
-   -   الجـــــــــــــاحظ (http://www.hesnoman.com/vb/showthread.php?t=7521)

بيسان 10-01-2007 11:35 PM

الجـــــــــــــاحظ
 
الجاحظ
المقدمة

أمسكت بقلمي المتواضع لأكتب عن موسوعة بشرية, عن عبقري ذاع صيته في كل

زمان ومكان, عن عالم توقفت عند كتاباته الأمم, ألا وهو ذلك النابغة الصادقة

(( الجاحظ )) الذي كان من أبرز عباقرة الإسلام في ذلك الوقت, كما كان لديه

العديد من الأعمال والمنجزات والكتب التي يشهد لها التاريخ بإعجازها,

وذلك الأسلوب الأدبي الرفيع والإنجاز المتقن والمصاغ فيها.

أن هذا ليس غريبا على كاتب ومؤلف عظيم مثل الجاحظ,,

فهلم بنا نستوقف للحظات مع معلومات عن حياة ونشأة وأعمال هذا الكاتب...

1

نشأته وحياته:-

هو عمرو بن بحر وكنيته أبو عثمان لقب بالجاحظ لجحوظ عينيه. ولد أبو عثمان بالبصرة_
العراق, وهي يومئذ مهد العلم ومنتدى الأدب, نشأ يتيما وفقيرا وكان يبيع الخبز والسمك في سوق البصرة لكنه كان ميالا لأخذ العلم فأكب على الدرس وجد في التحصيل وأخذ عن جهابذة اللغة والرواية كالأصمعي وأبي عبيده, وأختلف إلى المساجد ومنازل العلماء والى سوق المربد, ليتلقى اللغة والمعرفة عن بلغاء العرب وشيوخهم.
وكان محبا للقراءة, مغرما بالمطالعة فانه لم يقع بيده كتاب قط إلا استوفى قراءته, كائنا ماكان, حتى انه كان يستأجر دكاكين الوراقين ويبيت فيها للنظر حتى أحصى مسائل العلوم, واستبطن دخائل الفنون, واصبح في الأدب منقطع القرين.
قضى اكثر عمره في مسقط رأسه عاكفا على التأليف مرعي الجانب, مكفي الحاجة, أثيرا لدى الولاة, مكرما عند الوجوه, بما يؤلف من الرسائل ويصنف من الكتب.ثم انتقل إلى بغداد ليتصل بنخبة المفكرين وينتجع هناك في عهد المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل ثم استقر بالبصرة بعد نكبة الوزير.

صفاته وأخلاقه:-

كان الجاحظ دميم الخلقة جهم الوجه جاحظ العينين, ظريف وحلو الحديث وصاحب نكتة حتى على نفسه, حتى قيل أن الخليفة المتوكل سمع بمنزلته من العلم والفهم فأستقدمه إليه بسر من رأى ليؤدب ولده. فلما رآه استبشع منظره وصرفه بعشرة آلاف درهم. وكان فيه دعابة ومجانة واستخفاف بالعادات المرعية والآداب الوضيعة, ولكنه كان لطيف الروح ذكي الفؤاد صادق المواساة..

علمه وأدبه:-

ليس في مقدور قلمي العاجز أن يصف لكم ما لنابغة العرب وفولتير الشرق من الأثر في الأدب. فقد تميز من أنداده بغزراة العلم, وقوة الحجة, واستقصاء البحث وشدة المعارضة, وبلاغة القول, وإنه تبحر في علوم الكلام وخلطه بفلسفة اليونان وكان يحفظ الكثير من الأخبار والأنساب والحكم والنوادر.. يستعين بزاده هذا في كل ما يكتب وقد قرن حظه من الحفظ بموهبته في إجراء التجارب العلمية, فجاءت كتاباته موضوعية, كما كان مدققا يلاحق المعلومات في مصادرها, ويقوده الشك لتقصي جوانب الأمور حتى يصل إلى اليقين مسلما بمنطقية العمل ونتيجته.فقد كان الجاحظ لسان حال المعتزلة في زمانه, فرفع لواء العقل وجعله الحكم الأعلى في كل شئ, ورفض من اسماهم بالنقليين الذين يلغون عقولهم أمام ماينقولنه ويحفظونه من نصوص القدماء, سواء من ينقلون علم أسطو, أو بعض من ينقلون الحديث النبوي. وهو أول عالم عربي جمع بين الجد والهزل, وتوسع في المحاضرات وأكثر من التصنيف وكتب في الحيوان والنبات والأخلاق والاجتماع.

2

أسلوب الجاحظ:-

إنشاؤه سلس, علي متانة سبك, بعيد عن التصنع والغموض على وجه الإجمال وصاحبه من هذا القبيل, اقل كتاب العرب اهتماما بالتزويق اللفظي والتنميق البياني. قال بديع الزمان في وصفه كلامه: (( بعيد الإشارات, قريب العبارات, قليل الاستعارات, منقاد لعريان الكلام يستعمله, نفور من معتاصه يهمله, فهل سمعتم له بكلمة غير مسموعة؟ أو لفظة غير مصنوعة ؟ )) (1)
كان همه أن يعبر بوضوح وعفوية بلغة مرنة غنية بالمفردات والمرادفات. وكان يعنى عناية خاصة باختيار الكلمة التي تستوفي التعبير عن المعنى المقصود, ولا يستنكف عن استعمال التعابير الواقعية واللهجات العامية وخصوصا في سرد الحوار وما قصده إلا إيحاء صورة تامة عن موصوفاته في أجوائها المختلفة. أما جملته فهي على الغالب وجيزة أنيقة. وهي قوية الحبك حتى عندما تكون ثقيلة التركيب.
وهذا الأسلوب السليم جعل للجاحظ اتباعا كثيرين طوروا العربية من بعده وجعلوها اشد ملاءمة للتعبير عن مقتضيات العصر.
ولقد كان أبو عثمان وفيا لمبدئه هذا, فإذا تصويره حي يبعث الموصوف نابضا في أدنى تفاصيله , وإذا كلماته تؤدي المعاني تأدية كاملة لا اضطراب فيها ولا قلقلة. أما الترصيع في الديباجة فما كان يعنى به إلا في بعض مقدمات كتبه. كان يتوخى الوضوح بالدرجة الأولى شأنه شأن كل بحاثة وعالم. فالشطحات الخيالية الشعرية لا مجال لها في آثاره كما لا مجال للحس المرهف في نطاق عناصره المنطق والموضوعية والتحليل.

نثره وشعره:-

نقل الجاحظ الكتابة إلى طور جديد في الأسلوب والغرض, ونهج للمترسلين والمصنفين طريقة في الإنشاد. أما شعره فلا روعة له ولا جمال فيه. وقد نزع في نظمه إلى الاتباع لا إلى الابتداع وهو قليل منثور في ثنايا الرسائل والكتب كقوله للوزير ابن عبد الملك:

بدا حين أثرى لإخوانه ففلل منهم شباة العدم
وابصر كيف انتقال الزمان فبادر بالعرف قبل الندم

وقوله :-

لئن قدمت قبلي رجال فطالما مشيت على رسلي فكنت المقدما
ولكن هذا الدهر تأتى صروفه فتبرم منقوضا وتنقض مبرما







ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الجاحظ في حياته وادبه وفكره


3
مثال من نثره :-

قال يعاتب صديقا له:-
( والله ياقليب لولا إن كبدي في هواك مطروحة وروحي بك مجروحة, لساجلتك هذه القطيعة, وماددتك حبل المصارمة, وأرجو الله أن يديل صبري من جفائك فيردك إلى مودتي وأنف القلى راغم , فقد طال العهد بالاجتماع, حتى كدنا نتناكر عند اللقاء).
وقال في رسالة التربيع والتدوير وهي من أبلغ رسائله:-
قد اعتدنا في معصيتك والخلاف على محبتك, مرة بالمزاح, ومرة بالنسيان, ومرة بالاتكال على عفوك.وعلى ما هو أولى بك. والجملة أنا لو اعتمدنا, ثم أصررنا, ثم أنكرنا, لكان في فضلك ما يتغمده, وفي كرمك ما يوجب التغافل عنه فكيف وإنما سهونا ثم تذكرنا, واعتذرنا ثم اطنينا؟ فإن تقبل فحظك أصبت, ولنفسك نظرت.وإن لم تقبل فاجهد جهدك, ولا أبقى الله عليك إن أبقيت, ولا عفا عنك إن عفوت. وأقول كما قال أخو بني منقر:
فما بقيا علي تركتماني ولكن خفتما صدر النبال

والله لئن رميتني ببجيلة لأرمينك بكنانة. ولئن نهضت بصالح بن علي لأنهضن بإسماعيل بن علي . ولئن صلت علي بسليمان بن وهب لأدمغتك بالحسن بن وهب. وأنا أرى لك أن تقبل العافية, وترغب إلى الله تعالى في السلامة. أحذر البغي فإن مصرعه وخيم, واتق الظلم فإن مرعاه وبيل. وإياك أن تتعرض لجرير إذا هجا, وللفرزدق إذا فخر, ولهرثمة إذا دبر, ولقيس بن زهير إذا مكر,وللأغلب إذا كر, ولطاهر إذا صال. ومن عرف قدره عرف قدر خصمه, ومن جهل نفسه لم يعرف قدر غيره. وعليك بالجادة ودع البنيات. فإن ذلك أمثل لك. وأنت والله تعلم علم الاضطرار, وعلم الاختيار, وعلم الأخبار, أني اظهر منك حربا, والطف كيدا, واكثر علما, واوزن حلما, وأخف روحا, واكرم عينا, واقل غشا, واحسن قدا, وابعد غورا, واجمل وجها, وانصع ظرفا, واكثر ملحا وانطق لسانا, واحسن بيانا, واجهر جهارة, واحسن شارة, وأنت رجل تشذ من العلم, وتنتف من الأخبار, وتموه نفسك, وتعز من قدرك, وتتهيأ بالثياب, وتتنبل بالمراكب, وتتحبب بحسن اللقاء, ليس عندك إلا ذاك. فلم تزاحم البحر بالجداول؟ ومن يعدل بين القناة والكرة؟ وبين رحى الطحان وبين سيف يمان؟ وانما يكون التمثيل بين أتم الخيرين, وانقص الشرين, وبين المتقاربين دون المتفاوتين. فأما الخل والعسل, والحصارة والجبل, والسم والغذاء, والفقر والغنى, فهذا مما لا يخطئ فيه الذهن, ولا يكذب فيه الحس. (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) تاريخ الأدب العربي



4
مؤلفاته:-

كان الجاحظ رجل فكر له في (( الاعتزال)) رأي وحجة, وقد ألف في ذلك. وكان رجل علم, حسن الإيمان, يرى أبدا في الخلائق يد الخالق وحكمته جمع إلى السماع والتجربة والملاحظة, فألف في العلوم, كما كان خبيرا بالطبائع, واسع الثقافة, نقاده, فألف في الاجتماع, وكان يتمتع بخيال خصب ونفس رقيقة طروب ألهمت موهبته الشعرية قصائد جيدة, والجاحظ الموسوعي, يصعب تعداد مؤلفاته في ألوان المعرفة.
من أهم كتبه:-

@ البيان والتبيين:-
وهو في ثلاثة أجزاء, أهداه إلى الوزير ابن أبى دؤاد, قصد منه تعليم الناشئة والكتاب أصول الكتابة الصحيحة, مظهرا بلاغة العرب, كاشفا من أسرار اللغة ما يرفع من شؤونها ومن مقام البلغاء فيها, من هنا كان كلامه عن اللسان والخطباء وخير الشعر, كما كان كلامه عن عيوب النطق, مستطردا إلى الرد على أعداء العرب في لغتهم وبلاغتهم. مزينا أحاديثه بالآيات البينات والأحاديث النبوية الشريفة وبكلام البلغاء شعرا ونثرا, خطبا وحكما ووصايا ونوادر...

@ البخلاء:-
وهو كتاب في النقد الاجتماعي, يصور فيه أحوال البخلاء في عصره من أهل البصرة وخراسان.. ذاكرا أخبارهم, متندرا بأحاديثهم, وحججهم, مستطردا إلى مناظران بينهم حول البخل والكرم والضيافة. والكتاب دليل على سعة ثقافة صاحبه, وعلى نفسيته الناقدة العلمية, وعلى مزاجه المرح, وعلى فكره الاعتزالي المنطقي, وعلى موقفه المجيد من العرب ضد الشعوبيين.

@ الحيوان:-
وهو في سبعة أجزاء, أهداه إلى ابن الزيات وزير المأمون, وهو كتاب موسوعي يقول في مقدمته: ( هذا كتاب تستوي فيه رغبة الأمم, وتتشابه فيه العرب والعجم, لأنه وان كان عربيا إعرابيا وإسلاميا جماعيا, فقد اخذ من طرف الفلسفة, وجمع معرفة السماع وعلم التجربة أشرك علم الكتاب والسنة, وبين وجدان الحاسة واحساس الغريزة ).
ضمنه كلاما عن الحيوان عموما, وعن طبائعه وميزاته, واستطرد لذكر أخبار العرب ونوادرهم في هذا الموضوع, فالكتاب يقصد الإفادة والتسلية معا, ويعكس الثقافة العريضة لصاحبه, أما تبريره للاستطراد فيه, فيقول الجاحظ: (( متى خرج القارئ من أي القران صار إلى الأثر ومتى خرج من اثر صار إلى خبر, ثم يخرج من الخبر إلى الشعر ومن الشعر إلى نوادر ومن النوادر إلى حكم عقلية ومقاييس شداد, ثم لا يترك هذا الباب ولعله يكون أثقل والملال إليه أسرع, حتى يقضي إلى مرح وفكاهة وسخف وخرافة, ولست أراه سخيفا )).

@ رسالة التربيع والتدوير:-
وهي موجهة إلى احمد بن عبد الوهب, تتضمن مائة مسألة معجزة, تثير مواضيع فكرية وعلمية وتاريخية, يرتبط أكثرها بمواقفه السابقة التي سبق وعرض لها في كتاب الحيوان.

@ التاج في أخلاق الملوك:-
يعرف بأساليب التعامل مع القادة والحكام, في الاستقبال والمآدب والمناسبات.


5


@ البرصان والعميان:-
الكتابُ: مقدمةٌ، وعدةُ أبوابٍ، بدأ بباب: ذكر البرص من الآباء والأمهات، وانتهى بباب: ما جاء في فضل الأيمن على الأيسر. والكتابُ: طَرْحٌ أدبيٌ تاريخيٌ تحليليٌ لأشهر العوران،
والعرجان، والبرصان، والحولان،‏ والعميان،... مع ذكر عوارض هذه العلل، مقارنةً بالأسوياء.‏

@ رسائل الجاحظ:-
الكتابُ مجموعةٌ كبيرةٌ من الرسائل المتباينةِ الموضوعات، بدأها المؤلف برسالة في مناقب الترك، واختتمها برسالة عن: الداء والدواء والأغذية والسموم. وقد ضَمَّنَ المؤلف ـ في أدبٍ وطرافة ـ كتابَه فصولًا في: الحسد، والعشق، والرد على النصارى والمشبهة، والبلدان والأوطان، والبلاغة والإيجاز، وصناعة الكلام... الخ.

@ المحاسن والأضداد.

@ الصرحاء والهجناء.

@ أقسام فضول الصناعات ومراتب التجارات.

@ فضل مابين الرجال والنساء وفرق مابين الذكور والإناث.

@ الحجة في ثبت النبوة.

@ الرد على الجهمية.

@ الرد على اليهود.

@ الطفيليون.

@ المزاح والجد.

@ الأمثال.


6


وفاته:-

أصيب الجاحظ بالفالج, في أخريات أيامه, قال المبرد يصفه في هذه الحال: (( دخلت
على الجاحظ في آخر أيامه, فقلت له: كيف أنت؟ فقال: كيف يكون من نصفه مفلوج لو
حز بالمسامير ما شعر به, ونصفه الآخر منقرس, لو طار الذباب بقربه آلمه, واشد من ذلك ست وتسعون سنة أنا فيها )) .
ويقال انه توفي اثر سقوط قسم من مكتبته فوق رأسه, فمات شهيدا للمعرفة والبحث العلمي. واختتمت حياة رجل شاء القدر أن يكون موته طريف كما كان طريفا في حياته..(3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) عباقرة الإسلام




7

الخاتمة

إذا كان للحمام هديله الذي يميزه عن بقية أصوات الطيور والحيوانات, وللزنابق لون بهي

يميزها عن سائر النباتات فللجاحظ أسلوبا فنيا غاية في الدقة والروعة والصدق, فهو أن

لم يكن عالما بالمنظار الحديث, فهو مؤرخ وأديب وعالم اجتماع, فضلا عن كونه عالما

بالأخبار والأنساب, ورواية للأشعار والحكم والنوادر. وهو في كل ذلك ناقد متبصر وكاتب

مبدع, إنشاؤه سلس, وضوحه عفوي يتخير الكلمة ويضعها في مكانها, وهو اقل الكتاب

عناية بالتصنع والزخرفة. أتمنى في الختام أن أكون فقد وفقت ووفيت حق هذا الكاتب

العظيم علينا والذي مازلنا نذكر افضاله في علومنا..

8

المراجع:-

1/ كتاب تاريخ الأدب العربي .

2/ كتاب عباقرة الإسلام.

3/ كتاب الجاحظ في حياته وادبه وفكره.. دار الكتاب اللبناني ( بيروت- لبنان).

4/ www. Islam-online.net

5/ www. Al-eman.com


الساعة الآن 12:53 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها

a.d - i.s.s.w