![]() |
بيني و بينَــك
بيني و بينكَ ..
هذا الذي بيني و بينكَ فـي العمرِ لـحظَة.. هذا الذي بيني و بينكَ أغنيةٌ حزينةٌ بصمتٍ حزين.. و أنا بيني و بيني .. أجلسُ وحيدًا فـي زاويةِ غرفةٍ باردةٍ، أجلــسُ على مقعدٍ قاسية أطرافُه، و تفوحُ رائحةُ الـخَدَرِ ،و أنينٌ حادٌّ بينَ أُذنَـيَّ.. صريرُ خفَقَانِ القلبِ يــطغى على أصواتٍ باهتةٍ تنبعثُ من حيثُ لا أدري.. يسكنُ في النَّفسِ صوتٌ ســألَني يومًا : إلى أين ؟ و هَذي المرافئُ تتجاذَبُني .. و أنا وحيدٌ في زاويةِ الغرفةِ .. يقتربُ رجلٌ في أناقةٍ مبتَذَلَةٍ، ينظرُ إلَـيَّ بعينَينِ ثَقيلَتَيْ الأجفَانِ، و يسألُني بصوتِ حَجَرٍ مُتنَاثِرٍ : أنتَ السَّيد ..؟ أجبتُ مضطَرِبًـا: أنا هُوَ، لعلِّي أنا .. لم يأبَه لاضطِرابي فأَشَارَ إلى مَمَرٍّ مُظلمٍ بعضَ الشَّيء : إنّهم يريدونَ رُؤيتَكَ .. أَزَّ في الرأسِ صوتٌ مُوجِعٌ و اضطربَت دقاتُ القـلبِ بتسارُعِها نحوَ ..آخرِ الـمَمَرِّ.. و تَزاحَـمت الهواجسُ ثقيلةً كالهزيمةِ .. هل وُلَدَ الصبيُّ المنتَظَرُ منذ السِّنين أم ماتَت الأمُّ ؟ كيف اقـترنا تلك اللحظةَ بداخِلي ؟ كيف اقتربَ الموتُ مِنَ الحياةِ ذلك الاقترابَ ؟ هربتُ بـهَواجِسي إلى الوجهِ الباهتِ أمامي ، هَمَمتُ بسُؤالِهِ : ولادةٌ أم موتٌ ؟ لكنَّ الـوجهَ الـباردَ الجاف الذي لا ينبئُ بشيءٍ رَدَّني عنِ السُّؤالِ .. مــلَّ الرجلُ صمتي فأردفَ بصـوتٍ يكـتمُ ثورةً : إنهم بانتظاركَ ، تَفضل من هُنا .. قَرعُ حِذائي على الأرضِ ينهالُ على رأسي و أنا أتبعُ الرجلَ .. تـحركَت أشباحٌ حَولـي و أحسستُ ببعضِ الصدماتِ و كلماتٌ تُقالُ ، لعلّها اعتذارٌ أو سخطٌ .. مَن يهتم ؟ أيُّ معنى لأيِّ قولٍ أمامَ الولادةِ أو الـموتِ ؟؟ باحتدادٍ حدَّثَــــنا الطبيبُ قبلَ أشــهرٍ و هـو يـحذِّرُنا مِن خَطَرِ الحَملِ .. تُرَى هل أرســلَ القدرُ يومَــها ذاكَ الطبيبَ ينذِرُنا بِـما نَخشاه الآن ؟ هل يـمكِنُ أن يغتالَ ذاك الصـــبيُّ أمَّهُ ؟ هل تنطلقُ حياتُه بـمَوتِها ؟ أم يـموتُ لتَحيا...؟ أحسـستُ أنَّ آخرَ المـمرِّ هو آخر الكَونِ .. و أنا لم أَعُد أعلمُ أَيْـني .. لا أدري كيفَ التــقطت عينَاي الكليلتانِ لافتةً تشيرُ إلى غرفَةِ الوِفَياتِ .. حائطٌ بـناه عاملٌ لا يُدرِكُ مــا يفعلُ .. يفصلُ به بينَ الحياةِ و الموتِ .. و أنا لا أزال أسيرُ ، كأنَّ الطريقَ لا تنتَهي و لكن فجأةً وصلنَا أمام بابٍ مُوارَبٍ قليلا .. أشارَ الرجلُ بلامُبالاةٍ إلى الغرفـةِ و قَالَ : إنهم هُنا .. و لكن هل يمكنُ ذلكَ حقًّا : أن يُوجِّـهَكَ رجلٌ لا تعرفُ حتّى اســــمَهُ و لا يهتم بـمعرِفَتِكَ .. أن يُوَجِّهَــك إلى .. حيثُ الـحياة أو الموت .. وقفتُ برهةً أخـشى الدخولَ .. أصَــختُ السمعَ .. ما الذي أصابَ حواسي لــحظَتَها ؟ يرتَفِعُ الوجــيبُ و أخشى من سُؤالٍ جَديدٍ .. سُرعانَ ما زَعزَعَني : هل تُقدِّمُ الممرضةُ إلـيَّ لـفافةً بيضاءَ و تقولُ بحُنُوٍّ مُصطَنَعٍ : أَبشِر إنَّه الصـبي الذي انتظَرتَه .. ها قد جَاءَ .. أم يُوجِّهُني الطبيبُ بنظراتٍ نحوَ لُفافَةٍ بيضاءَ أيضًا و يقولُ بتعاطفٍ لا أُدركُ صِدقَه مِن زَيفه : لقد حذَّرتُكم قبلَ أشهرٍ ، و لـم نستَطِع فِعلَ شيءٍ لها .. خشيتُ أن أدفعَ البابَ .. بابٌ صَنَعَهُ نَـجَّارٌ و هو يتابعُ بِبَصَرِهِ النَّهِمِ فتياتِ الحَيِّ .. صنَعَهُ يومـًا و لم يُدرِك أبدًا ما الذي يُـمكِنُ أن يُخفي وراءَهُ .. أسـمعُ هَمهَماتٍ مِن داخِلِ الغُرفَةِ .. تداخَلت مَعَ صَرخَاتٍ مِن داخِلي .. هل أقتحمُ الغرفةَ ؟ هل أهربُ ؟ إلـى أين ..؟ أنينُ النَّفسِ الـمُوجِعُ يُطبِقُ على أنفاسي فـأُحِسُّ ضيقًا هائلا .. الـخوفُ أحيانًا يدفَعُنا إلى نَفسِ الفِعلِ الذي نَقومُ به بدافعِ الشَّجاعةِ .. تَمتدُّ يدي نحوَ قبضةِ البابِ فِضيةِ اللَّونِ، يـخترقُ مَسمَـعي صريرٌ حادٌّ لن أنسَاه .. تتخلّى اليدُ عن تلكَ القبضةِ الـمبتعِدَةِ إلـى داخل الغرفةِ .. ينفَتِحُ البابُ كأنَّ غيري قامَ بِفتحِهِ .. لـم تَقَع عينَاي على أحدٍ .. فقـط ظهرت زاويةُ السَّريرِ الـحديديِّ و الـجزءُ السُّفلي مِن سُترةٍ طِبيةٍ بيضاءَ ..أحسـستُ حركاتٍ فـي الأجسادِ تلتفتُ تستطلع مَنِ القادمُ .. بِبَقيـةٍ مِن قُدرَةٍ و عزمٍ تقــدَّمتُ خُطوتَينِ داخلَ الغرفَةِ و تضخُّمٌ مـخيفٌ بصَدري كأنّـي سأنفجرُ .. توسطتُ الـمكانَ و نظرتُ أمامي : أذهَلَني كلُّ ذلكَ البياضُ .. بياضٌ شديدٌ ناصعٌ ، تـمامًا مثلَ السَّوادِ . فيصل الزوايدي |
احاسيس مؤلمة ..ولادة الى الحياة ,, ام موت,, ووداع ابدي ..
كل الامور مختلطة برائحة حزينة.. .. نتمنى المزيد من خيلاتك..او ابداعاتك الجميلة.. دمت بود مني .. |
اقتباس:
دمت في سعادة مع المودة |
المعذرة لهذا الغياب القسري و انا سعيد بتجدد التواصل
|
بيني وبينك ..
رسمت خط فاصل بين الحياة والموت .. بين وهج البياض وحلكة السواد .. عواطف تضطرم بشتى الأحاسيس .. ممر طويل يحملك إلى آخر الكون .. قدر يختفي خلف الباب . هل هو أمنية تحققت ؟ هل هي حكاية موت وحياة خط سطرها الأول ؟ أم قدر ينبعث من جديد ؟ بيني وبينك كلمات حملتني إلى عميق فكرك .. حيث هناك أقف أمام روعة قلمك .. أخي فيصل الزوايدي .. كلمة حق تقال بأني أعجبت بهذه القصة .. أعجبت بفلسفة الحياة والموت في طياتها .. دمت مبدعاً في حصن عمان .. |
:: :: شَعرتُ بـِ هَسيسِ ريحٍ خَفيةٍ تُبعَثِرُ اضطِرَاباَتي .. وأنَا أتخَبَطُ في المَمَرِ المُظِلمِ .. في انتِظَارِ " المجهول " .. أراقِبُ خَطواتِه .. شراهَةِ نَظراتِه .. تسَاءلتُ : أأسَاقُ لـِلمَوت ؟ أم سـَ يُسَاقوَا غَيَري .. أمْ أتبَعُ رجُلاً سـَ يَكسِرُ أغلالَ وسَاوسي ..! : بيَني وبَينَه .. أثَارٌ لا تَوحَي لَه بـِ شَيء .. وتَعْنَي لَي مئة شَيء .. : يـَ تُرى بيَني وبَينَه ,, " حَياةٌ " أمْ " موت " .. أم " لا شَيء "...؟! :: :: المُبدِعُ : فَيصَل .. تَارة نَرى الأشَيَاء مِن منَظورٍ ضَيقٍ , ولَكِن الكَاتِبُ الحَقيقَي هَو مَن يُسَلِطُ قَلمَه لـِ " ما " لا يَـتَوقَعهُ القَارئ ..! قِِصَة عُشتُ تَفَاصيِلهَا بـِ عُمق , وكأنَني تِلكَ الحَقيقةُ المَفقودة .. ونهَايةٌُ القَصةِ المُغَلفَةِ بـِ ثَوبِ الغَموض أذهَلتني .. : بـِ انتظِارِ قادِمُكَ بـِ لهفةٍ .. دُمتَ كاتِباً .. : مَلاك ..! |
كلماتـ رآئع ـة
.. بِـ انتظــار جديدكـ خيؤ .. |
اقتباس:
أسعدني كثيرا اعجابك بالقصة هذا التفاعل الراقي و العفوي و انا ممتن لدعمك الباذخ فشكرا لك دمت في كل الخير مودتي |
اقتباس:
دمت في خير مع الود |
اقتباس:
مودتي |
بارك الله فيك أخي العزيز ،،
أتمنى لك التوفيق / |
اقتباس:
أسعدتني اطلاتلتك اخي الكريم و شكرا لامنياتك الصادقة مع المعذرة للتأخر في الرد دمت في الخير |
قصة معبرة .. وأسلوب رائع في العرض
جزاك الله خيرا |
اقتباس:
دمت في الخير |
الساعة الآن 07:47 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By
Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها