منتديات حصن عمان - عرض مشاركة واحدة - الجروح قصاص ،،، فكيف يقتص جريح القلب ؟؟
عرض مشاركة واحدة

 
قديم 15-12-2006   #14
 
الصورة الرمزية رقيق المشاعر








مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 10
  المستوى : رقيق المشاعر بداية التميز
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :رقيق المشاعر غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

افتراضي

 

اليومُ الجمعة ، يوم الأنس والسعد ، عيد المسلمين ويوم تجمعهم ، روحانيات هذا اليوم تغمر المدينة من الصباح الباكر ، الجار يسلم على جاره ، والكل ممسكٌ بمسباحه يسبح ، ويبحرون في موطن البهجة ونقاء القلب وصفو السريرة ، اليوم تتصافى القلوب وتتسع الصدور ، وكالعادة خرجت فتاتنا لتشارك المسلمين فرحتهم ، فهي تحدث سارة، وتستمع لنصائح أم فاطمة ، وتلعب مع خديجة ، وتضحك وهي تراقب إبن عاشة وهو يسبح في الفلج وكأنه يسبح في بحر العرب أو خليج عمان .
ولكن ما بال النسوة يخبئن السعادة من عيونهنَ ؟ ولمَ كل واحدة أعبس من أختها ؟ ما سر هذا الصمت المختبىء تحت عباءة العيون الواجمة ؟ هل هنَّ يا ترى يتشاركن معي في حزني لفقد أخي ؟ ألا يجب أن يساعدنني على نسيان الماضي أو بالأحرى تناسيه؟ !!
كلما إقتربت من إحداهنََّ هجرتها هاربةً إلى ملاذها ، وكلما إبتسمت في وجه واحدةٍ من نساء الحي إندلعت تبكي بكاء الثكلى !!
ما الأمر يا ترى ؟ وما سر تحول البلاد اليوم إلى كومةٍ من الأحزان ويسيطر الألم على نفوس الرجال والنساء !!
ها هو موعد الصلاة قد اقترب ، وقد اقترب معه موعدا آخرا مع عزاءٍ جديد، وفقدٍ أليم ، يذهب بالنفس حسرات ، وتقع الدموع وكأنهن جمرات منى يتدفقن في رجم الشيطان ، يالله ها هم عصبة من رجال القوم يحملون على أكتافهم نعشا جديدا ، تتسلق الهيبة والخوف إلى نفس كل من حضر ، يا عينُ أمطري سيلا من الدموع ، إنه جثمان الفقيد الراحل ، نعم الراحل بحثا عن رزقٍ لأهله وأبنائه ، إنه والد الفتاة .
يرتجف قلب الفتاة قبل أن تعرف صاحب النعش ، وتنتفض إنتفاضة العصفور الذي بلله ماء المطر وكأنه قد نتف ريشه في يومٍ باردٍ وثالج ، آهٍ يا قلب حتما الآن فتاتنا تدرك المحمول على الأكتاف.
فتنكب تبكي بكاءً تنشق له أكباد البشر ، ويتساقط أمامه كل جبروت القساة من البشر ، وها هي لطمةٌ جديدة من لطمات القدر ، فأنَّى لها بمجابهة القدر؟ !!! ، واذا قضى الله أمرا فلا راد لما قضى .
مسيكنةٌ هذه النسمة الساحرة ، مسكينةٌ هذه الصابرة المفجوعة ، ولكنها في عين الكل نبراسا يقتدي به كل حائر ، فلقد أقسمت بالله أن تصبر على نكبات الدهر وكروور الزمان وصروف القدر ، جففت دموعها ، وأسندت رأس أمها إلى صدرها لتقول لها:
أي أماه استرجعي الله
فما أصابنا لم يكن ليخطئنا
وما أخطئنا لم يكن ليصبنا
أماه ذلك تقدير العزيز الحكيم
كلنا صائرون لما صائرٌ له أبي
اللهم اغفر لأبينا وادخله الجنة بغير حساب
ربنا وابنِ له بيت الحمد في جنتك
فنحن الآن نرفع أيدينا متضرعين لك بالحمد على ما أبليتنا به
فحمدا لك ، فإن أمانتك ترجع إليك فألطف بها

وتذرف دموعا ملؤها اللوعة والأسى
وتربت على أكتاف أخواتهن وتقول لهن
اصبرن وما صبركن إلا بالله
الله ما أروعها وهي في هذا الموقف العصيب ترتل قرآنا بصوتٍ شجي
فتنصت له الأسماع كلها ، ليتغلغل في الجَنان ، حتى أن الطير يرفرف على سماء الواقعة وهو صامتٌ متلذذ بالقراءة .
ويُحمل جثمان الأب إلى مثواه وهي هي لم تتوقف برهةً عن قراءة القرآن فإنها تخفف به الآلام ليستقر الأمان في قلب كل مفجوعٍ وواله .
وها هو جارهم المخلص يتكفل بإقامة العزاء من جديد ، وتمضي أيامٌ ثقيلة على أهل بيت الفقيد لو وُضعت الجبال على صدورهم لكانت الجبال أخفُّ وأسهل .
وبعدما إنتهت أيام العزاء تقوم فتاتنا بدورٍ عظيم ، الله يعلم أنه لن تقوم به إلا سيدةٌ فاضلة تربت على هدي القرآن وسنة النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه .

والعذر منكم أحبتي فللحديث بقية إذ أن الطريق طويل

 

رقيق المشاعر غير متصل   رد مع اقتباس