وهذا موضوع أخر من نفس الكتاب...!
الآخرة حصاد الدنيا:
إن الدار الآخرة هي الحياة الأبدية، فيها يسعد الإنسان أو يشقى بعمله في الدنيا:
{فأمّا مَنْ طغى * وآثرَ الحياةَ الدّنيا * فإنَّ الجحيمَ هيَ المأوى * وأما مَنْ خافَ مقامَ ربِّهِ ونهى النفسَ عنِ الهوى * فإنَّ الجنةَ هيَ المأوى}. (النازعات/37 ـ 41)
وليس ما ورد في القرآن الكريم والسنّة الشريفة، من ذّم الدنيا، والتحذير منها معناه ترك العمل فيها، واعتزال الحياة والمجتمع، بل القصد ذم الانصراف إلى الشهوات والانهماك في المعاصي، والطغيان بالمال أو الجاه، وإيثار الحياة على العمل والجهد والتضحية في سبيل الله.
ذلك، لأن الإسلام يأمر بعمارة الأرض، وإقامة العبادات، وإشاعة العدل، ويحث على السعي في مناكب الأرض، لكسب المال الحلال.
"لا خير فيمن لا يحب جمع المال من حلال يكفّ به وجهه، ويقضي به دَينه، ويصل به رحمه...".
كما يفرض الإسلام طلب العلم ونشره وتعليمه.
"من سلك طريقاً إلى العلم سلك الله به طريقاً إلى الجنة".
وهكذا... الخ.
فليس من المسلمين من ترك الآخرة للدنيا.. لأنه انحراف عن منهج الله، وتفضيل متعة تفنى، ولذة لا تبقى، على جنة عرضها السماوات والأرض أُعدّت للمتقين.
وليس من المسلمين من ترك الدنيا للآخرة.. لأنه طلب النعيم الأبدي بالكسل والإهمال والتقصير خلافاً لأوامر الله ونواهيه.
إن الفوز بالآخرة.. متوقف على طلب الدنيا وفق منهج الله.
فالدنيا مزرعة.. والآخرة حصادها.
يا أُمة محمد (ص):
إن حب الدنيا.. للدنيا: هو ما ينهى عنه الإسلام.
وإن حب الدنيا.. من أجل الآخرة.. هو ما يأمر به الإسلام.
"وإنما الأعمال بالنيات.. ولكل امرئ ما نوى".
{مَن كانَ يُريدُ العاجلةَ: عجَّلنا لهُ فيها ما نشاءُ لمن نُريدُ ثمَّ جعلنا لهُ جهنّمَ يصلاها مَذمُوماً مَدحُوراً * ومَن أرادَ الآخِرةَ وسعى لها سعيَها وهوَ مؤمنٌ: فأُولئك كانَ سعيُهُم مَشكُوراً}.(الإسراء/18 ـ 19)
وإن منهج الإسلام في عقائده وشرائعه، في أفكاره وأخلاقه، في شعائره وأعرافه، هو الكفيل الوحيد بتحقيق الهداية الشاملة، والسعادة الحقيقية، وإشاعة العدل والرفاه بين الناس..
وإن منهج الإسلام هو الضامن الوحيد لتوفير التوازن بين متطلبات الدنيا ومتطلبات الآخرة، وإعادة الأمن والطمأنينة والراحة للبشرية المعذبة..
ذلك، بأن الذي شرع الإسلام: هو خالق الإنسان، ومبدع الكون، وله الآخرة والأُولى، وهو مالك يوم الدين، وهو أحكم الحاكمين يوم يقف الناس لرب العالمين...
{رَبّنا: آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرةِ حسنةً، وقِنا عذابَ النارِ}. (البقرة /201)
أختكم orient
يَقُول حكِيم يُونَانيّ:
كُنتُ أبكِي لأنّني أمشِي بِدون حِذاء
ولكِنّنِي تَوقّفت عَن البُكَاء!
عِندَمَا رأيتُ رَجُلاً بِلا قدَمين / [الرياح لا تحرك الجبال ولكنها تلعب بالرمال وتشكلها كما تشاء ]
|
|