لــــــبيك جـــــــــــــــــــارتاه !!! (( قصة حقيقية ))
ليلة شتائية باردة تبعث في النفوس الكسل والشوق الكبير للفراش الوثير ... أويت الى فراشي بعد تعب لإشغالاتي الكثيرة في النهار ....ما أحلاك يا فراشي بعد كل ذلك التعب ...برودة الشتاء تتغلغل في العظام بخفة أقاومها بحشر نفسي تحت الغطاء ....الساعة الواحدة بعد منتصف الليل كان النوم قد غزا جفني فأصبحا ثقيلين ....يخيل إلى مسامعي صوت طرقات على الباب ..لالا ...مجرد حلم !! .... لحظات ثم يعود الطرق على الباب بقوة ..قمت من نومي مفزوعا .... ما هذا .؟. من يطرق الباب في هذه الساعة المتأخرة ....بقيت مكاني لا أتحرك ليعود الطرق على باب الغرفة بشدة وعنف ....قمت لأرى من الطارق ولا أرتدي إلا ملابس بسيطة ينكشف منها صدري .....فتحت الباب بعيون يثقلها النوم .... صدمني المشهد بقوة ....إمرأة تقف أمامي لا أعرف من هي ؟!!!! ...أصابني الحرج لما كنت ارتديه ......
ــ خيرا إن شاء الله إيش صاير .
ـــ أرجوك تعال ودي زوجي المستشفى بسرعة تراه بيموت .!!
لم أسألها من أنت ولا زوجة من لبست ثيابي على عجل وهي قد خرجت من بيتنا مسرعة ... دخلت البيت بعد أن نسيت الباب الخارجي مفتوحا وبعد أن دقت جرس الباب ولم يجبها أحد فكانت غرفتي هي في الواجهة .
خرجت من البيت ولحسن الحظ أن رأيتها وقد دخلت بيت أحد الجيران وإلا لما عرفت من أين جاءت ....دخلت ورائها مسرعا ..... رأيت مشهدا كدت أقع على الأرض مغشيا علي من فضاعته .... زوجها المسكين راقد على الأرض وبجانبه بركة من الدماء .....أنتفض جسمي بأكمله ...كلمته بصوت مرتعش ... ماذا حدث ؟؟
أجابني : وقعت على قدمي قطعة رخام حادة !!
لم أدري ماذا أفعل ..طلبت من خادمة منزله أن تحضر قطعة قماش بسرعة لأن قدمه كانت تنزف بغزاره وقد بدأ بفقدان وعيه وطلبت من زوجته أن تذهب لتوقض إخواني من نومهم لمساعدتي .... ربطت بقطعة القماش وركضت سريعا أحضر السيارة ..... صراخ أطفاله من هول المشهد كان يشق سكون الليل ...ثوان وحضر إخواني ...حملناه إلى السيارة بحذر خوف أن نتسبب له في أي مكره ..... ركبت زوجته معه ببكائها وعويلها خوفا عليه وتولى أخي القيادة وركبت بجانبه وانطلقنا بسرعة البرق إلى المستشفى ...ما زال الرجل بوعيه ويطلب منا أن نتمهل في الطريق ونحن لم نكن نفكر إلا في سرعة الوصول كنا نسير بسرعة 180 كيلو متر في الساعة في شارع السرعة فيه لا تتجاوز 80 كيلو متر في الساعة فقط !!!
وصلنا إلى المستشفى في دقائق معدودة لنقف أمام مبنى الطواري ...قفزت مسرعا لإحضار سرير الطواري وأخبر الممرضات المناوبات والطبيب بالأمر ..... الكل في القسم اندهش لدخولي القوي ..:كنت خائفا على الرجل من النزيف الحاد .....أدخل بسرعة إلى غرفة الإنعاش .....بدأ الطبيب المناوب في تفحص حالة قدمه ...الجرح غائر جدا وصل إلى العظم ...بل كسر العظم نفسه وقطع بعض العروق والأربطة ... اتصلوا بالطبيب الجراح وحضر إلى المستشفى مسرعا ..... دقائق وأمتلئ القسم كاملا بأهل المصاب وأقاربه ...أحدهم وقع مغشيا
عليه من منظر الدماء .... بدأ الأطباء في علاجه فأوقفوا النزيف أولا ليعقبها جراحة سريعة لجرحه وإعادة الأربطة المتقطعة كما كانت ..... هدأ الوضع مع انشغال الأطباء في عملهم ...الكل كان وقوفا على الأقدام ..... زوجته لم تتوقف عن البكاء أبدا ...نساء بيتنا جلسن مع الأطفال المذعورين فما شاهدوه كان ثقيلا عليهم ....جارنا هذا مصاب بأرق مزمن فلا ينام الليل أبدا ...من أجل ذلك يقضي ليله في بعض أعمال البيت وكان ينقل قطعة كبيرة من الرخام من مكان إلى آخر لكنها انكسرت من المنتصف وسقطة القطعة المكسوة على قدمه !!
بعد ساعة تقريبا خرج الأطباء وقالوا إن حالته جيدة الآن ولا داعي للقلق ...تنفس الجميع الصعداء لسماع ذلك ...دخلنا إليه وسعدنا كثيرا لرؤيته يبتسم لنا .
ــ جزاكم الله خيرا أنتقذتم حياتي !! .
ــ لا عليك يا أخي نحن جيران وهذا واجب المهم أنك بخير والحمدلله على كل حال .
نقل إلى القسم وآذان الفجر يصدح في الأرجاء .... ذهبنا إلى الصلاة ثم عدنا إليه لنطمئن بأنه أصبح في خير حال لنغار المستشفى عائدين إلى البيت مع شعاش الشمس الأول ..... ليلة شاقة وخيفة تلك التي مرت علينا ...لن أنسى تلك الليلة أبدا ....ما أعظم الإحساس بالرضى عند تقديم العون إلى الغير ...لا تقلقي جارتاه ...نحن بجانبك دائما .
|