وعليكم السلام أستاذتي أورنت،
لكِ مني جزل الشكر على هذا الموضوع الطيب والذي يتعلق بمدى تأثير وسائل الإعلام الجماهيري على مجتمعاتنا التي تمتاز بكونها "محافظة" وأصيلة وذات قيم مستمدة من ديننا الحنيف.
كما أشرت أستاذي أورنت إلى أن الإعلام المرئي له بالغ الأثر على الأسرة العربية، من خلال تقديمه لطبق دسم يتم استهلاكه بشراهة –حسب ما بينته استطلاعات الرأي والدراسات الاستبيانية- وسنركز على الأفلام والمسلسلات العربية التي أصبح لها جمهور خاص يعرف بـ "جمهور الأفلام والمسلسلات".
هذه الأفلام والمسلسلات أصبحت جزء لا يتجزأ من برامج القنوات العربية، توضع وفق استراتيجية لها أهدافها وكنا قد تطرقنا إليها بإيجاز في موضوع آخر، وقد بلغ تعلق أسرنا العربية بها درجة الإدمان، خاصة ونحن نعلم أن من بين الرغبات التي تشبعها، التنفيس العاطف و تجاوز النقائص الاجتماعية.
هل خدم هذا الإنتاج الإعلامي الإسلام ؟ حتى من خلال الأفلام والمسلسلات الدينية ؟
هل عكست الصورة الحقيقية لهذا الدين ؟ أم أن الأهواء والمنافع التجارية فعلت فعلتها ؟
أسئلة وجيهة علينا الإجابة عليها بشجاعة !!!
قبل الإجابة، علينا أن نذكر أن الفيلم والمسلسل ينتج على أساس ثلاث ركائز: المنتج، وهو صاحب الانتاج وهو الذي يتكفل بكل التكاليف والمصاريف ويقوم بعملية التسويق فهو عبارة عن تاجر يضع أهدافه المادية في المقام الأول. هناك أيضا السيناريست (كاتب السيناريو) وهو مهندس الفيلم ثم يأتي دور المخرج وهو المهندس التنفيذي للفيلم من خلال تجسيده للسيناريو وفق المنظور السنيمائي.
إذن هذه الأفلام هي سلعة كبقية السلع، تنتج لتباع وتسترد رأسمالها مع الأرباح، فالهدف تجاري بالدرجة الأولى حتى ولو كان الإنتاج ممولا من طرف القطاع العام.
وكي يلقى الفيلم والمسلسل إقبالا ونجاحا وسط الرأي العام والمستهلكين، يقوم المخرج بتوظيف جميع المؤثرات اللغوية والصوتية والمشاهد التي يحتوي عل البهارات وعناصر التشويق التي يتم الضرب من خلالها على الأوتار الحساسة لدى الجمهور.
أفلامنا ومسلسلاتنا العربية للأسف الشديد، ورغم أن الكثير منها يمر عبر المرجعيات الدينية كي تدلي موافقتها عليها إلاّ أنها تشوّه حقائق ديننا الحنيف فهي تصور "الخيانة الزوجية" على أنها "حب" وتضع معالم الطريق وتبين للذين وقعوا في "الخطيئة" الحلول المناسبة كوضع الأهل أمام الأمر الواقع !! وحتى الزواج من غير رضاهم وتشجعهم على الهروب من البيت بحجة "الانتصار للحب" !!
يغرسون في أذهاننا قيم وعادات لم تكن تسمع بها مجتمعاتنا العربية، مستمدة من هناك، فقمنا بتبنيها في حياتنا الواقعية (حتمية التعارف قبل الزواج، إجراءات الخطبة " الفيونساي" (الشبكة والدبلة والبياس مونتي) التي عوضت جهاز المهر...الخ " لاغوب بلاونش" (الفستان الأبيض)، شهر العسل...الخ.
أصبحت هذه العادات حتمية على كل مقبل على الزواج المرور عبرها مطبقا المثل القائل "دير كيما دار جارك، والاّ بدّل باب دارك !!!"
الأفلام والمسلسلات هي التي غرست هذه الأمور في مجتمعاتنا. وأحيانا باسم الدين !!
من جهة أخرى، وبالنسبة للذين ليس لديهم إطلاع ديني على الأحكام الشرعية يتبنون الأحكام الواردة في هذه الأفلام والمسلسلات كمرجع ديني حقيقي يتخذونه كنموذج يسقطون عليه حياتهم الشخصية.
بالاضافة إلى أنها تصوّر رجل الدين الذي يتجسد في صورة "الملتحي" والذي يمثل الانسان "الملتزم" على أن أفعاله تناقض هيئته وتناقض أفعاله، فيصورونه على أنه يبارك ويمتهن التجارة الحلال حتى ببيعه لـ"الملابس الداخلية النسائية" يعرضها لفتيات دون خجل ويسألهن بوقاحة أن "قياسهن" !!!
كما يقدومنه في صورة الرجل "المتزمت" الذي لا يجيد اللباقة مع الجنس اللطيف ولا يقول لزميلاته في العمل "صباح الخير" أو حتى "السلام عليكم".
يقدمونه أيضا على أساس انه "إرهابي" حقود، متعطش للدماء، فهو لا يتوانى عن قتل أقرب الناس لديه بحجة "ردتهم" !!
يبينون كذلك أن الشباب الملتزم ما هو سوى "لاجئ" و"منبوذ اجتماعيا" فهو يتخذ الدين كغطاء ووسيلة لتحقيق الذات والمآرب الشخصية في وقت الضعف والقهر ولكن بمجرد زوال كل ذلك، يعود إلى طبيعته الأصلية قائلا (دنا هاعمل عمايل !!!).
صحيح أن الفن رسالة، ولكن طبيعتها ومكوّناتها وأهدافها،يجب أن توضع تحت المجهر لأنها تكون أحيانا هدامة.
وهي مسئولية كبيرة وثقيلة لأنها لاتتعدى الشخص فقط، ولكن تتجاوز ذلك إلى المجتمع والأجيال.
مسئولية ثقيلة سنسأل عنها أما الله سبحانه وتعالى وقد نحمل أوزارنا وأوزار من ضللناهم بقصد أو بغير قصد !!
ولنا عودة لمتابعة النقاش..
صبـــر.. و إيمـــان.. إرادة.. و أمـــــــل.. |
|