السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* هل يصح إقامة العزاء في المساجد ؟
** هذه قضية حقيقة الأمر من الأمور التي يُعبّر عنها بأنها تعم بها البلوى ، فالناس يجدون في هذه المساجد متسعاً لهم ، مع أن المساجد بنيت لما بنيت له ، فهي بيوت الله ، وكما لا يتصرف في بيت أحد إلا بإذنه يجب أن لا يتصرف في بيت الله إلا بإذنه .
وقد بيّن الله تبارك وتعالى ما يأذن به في هذه البيوت عندما قال عز من قائل ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (النور :38-39) فهذه البيوت بينت لما بنيت له من الأمور التي تقرب العبد إلى ربه سبحانه وتعالى . هي ما بنيت لأجل أغراض دنيوية وإنما بنيت لأجل أغراض أخروية ، ولذلك صينت من كل ما يتنافى مع هذه الغاية التي بنيت لها ، فنجد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم النهي عن اتخاذها طرقا ، أي لا يجوز للإنسان أن يجعل المسجد طريقا بحيث يدخل من هذا الباب ليخرج من الباب الآخر ، يدخل من الباب الشمالي ليخرج من الباب الجنوبي ماراً بالمسجد متخذاً إياه طريقا ، لا ، هذا مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلّم .
وكذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلّم عن اتخاذها أسواقا ، لأنها أسواق أخروية ، البضاعة التي تعرض فيها هي عبادة الله ، والربح هو رضوان الله تبارك وتعالى ، ورأس مال الإنسان هو تقوى الله عز وجل . فالعابد فيها إنما يتقي الله عز وجل ، فلذلك يجب تنزيهها .
كذلك أيضا نجد في الحديث عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أنه شدّد في إنشاد الضالة في المسجد ، فليس للإنسان أن ينشد في المساجد ضالته ، بل أمر النبي عليه أفضل الصلاة والسلام عندما يأتي أحد إلى مسجد وينشد ضالة في المسجد أن يقال له لا رد الله عليك ضالتك تشديداً عليه . ولئن كان نشدان الضالة مع حاجة الإنسان إلى ضالته يشدد فيه هذا التشديد فما بال الإنسان بحديث الدنيا الذي ترتفع به الأصوات في المساجد . فكثيراً عندما يجتمع عوام الناس وجهلتهم في المساجد يحولون المساجد إلى أسواق ، بحيث يتحدثون فيها عن بيعهم وشرائهم وغلاء الأسعار ورخصها ، وما ينزل في الأسواق من الحاجات وغيرها ، فضلاً عما يزيد على ذلك من اغتياب الناس والوقوع في أعراضهم والنيل من كرامتهم فهذا كله أمر يشدد فيه .
ومن المعلوم أن كثيراً من الذين يحضرون العزاء لا يتورعون عن أن يرفعوا أصواتهم بالصخب ، وبما لا يرضي الله تعالى من القول في هذه المساجد . فكثيراً ما يتحدثون عن أمور الدنيا وكأنما هم في بيوتهم . بل أكثر من ذلك أن كثيراً منهم يقعون في أعراض الناس .
فلذلك ينبغي تنزيه المساجد عن إقامة العزاء فيها . وكثير من أهل الخير والحمد لله وجدناهم قد تفطنوا الآن وأخذوا يقيمون مجالس بجانب هذه المساجد من أجل صون هذه المساجد . يقيمون مجالس للعزاء وللأفراح بحيث يمكن للناس أن يجتمعوا في هذه المجالس في أعراسهم ويأتوا بالأطعمة إلى هنالك بدلاً من أن يدخلوا الأطعمة في المساجد . ويمكنهم أيضاً في أيام عزائهم أن يجتمعوا هناك ، ويصونوا مساجدهم مما يحدث من اللغو فيها من قبل العوام الذين يلازمون العزاء .
فنحن ندعو إلى هذه الخطوة المباركة ، ونرجو أن يكون بمشيئة الله بجنب كل مسجد مجلس لأجل صون المسجد وكفايته هذه الأمور التي تحدث من جراء اجتماع الناس به في الأفراح أو الأتراح ، والله تعالى ولي التوفيق .
* هل يجوز أن يؤجر شخص لقراءة القرآن الكريم ثم يهدي ثواب ذلك لميت لأنه هو أوصى بذلك ؟
** حقيقة الأمر الناس أحدثوا أموراً كثيرة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم مع قول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام : إن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلّم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة .
فالناس أحدثوا كثيراً من الأمور التي لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم من ذلك قراءة القرآن بالأجرة ، فإن القرآن عبادة . القرآن يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى بتلاوته . وهذه العبادة لا يؤخذ عليها أجر ، فكما أن الإنسان لا يأخذ أجراً على صلاته التي يصليها ، كذلك لا يأخذ أجراً على قراءته لكتاب الله تبارك وتعالى ، وإنما أجر ذلك ما يناله في الدار الآخرة من الثواب الجزيل عند الله سبحانه وتعالى .
أما أن يتخذ القرآن الكريم طريقة للكسب فهذا شيء فيه ما فيه . ما بال الإنسان بدلاً من أن يقرأ القرآن تقرباً إلى الله يقرأه لأجل دريهمات أو لأجل ريالات أو لأجل دنانير ينالها ، إنما هذا من بيع القرآن الكريم ونرى منع ذلك منعاً باتاً ، وإن وجد من العلماء من يرخص في ذلك ، ولكن الذي نأخذ به أنه لا يجوز هذا لمخالفة هذا ما مضى عليه السلف في أيام النبي صلى الله عليه وسلّم والخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم .
وأيضاً إهداء العمل إلى الميت ليس هنالك ما يدل على أن الميت ينتفع بما يهدى إليه من الأعمال إلا ما ورد الدليل عليه ، فقد ورد الدليل بأنه يمكن أن يحج أحد عن غيره سواء كان ميتاً أو حياً عاجزاً كما حصل ذلك للخثعمية التي جاءت تستفسر النبي صلى الله عليه وسلّم عن حجها عن أبيها فأباح لها الحج . كذلك جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم الحث على الصدقة عن الميت ، وكلك جاء عنه كما في حديث عائشة عند الشيخين من مات وعليه صيام صام عنه وليه .
ولكن هل يقال بأن بقية الأعمال كذلك ، نحن نجد عدم الاختلاف بين العلماء أنه لا يصلي أحد عن أحد ، والقراءة هي جزء من الصلاة ، إذ الصلاة لا تكون بدون قراءة . فإذاً قراءة القرآن بغير صلاة كذلك أقرب إلى أن يكون الميت لا دليل على انتفاعه بها . فما ينبغي أن يهدي الإنسان ثواب قراءته التي يقرأها للميت . نعم يمكن أن يدعو للميت بعد قراءة القرآن ويكون ذلك مظنة لاستجابة الدعاء ، فإن قراءة القرآن من العبادات والعبادات وسائل لاستجابة الدعاء ، فالإنسان قد يصلي صلاة الفريضة وقد يصلي صلاة السنة وقد يصلي صلاة النافلة ثم يدعو بعد ذلك بما يدعو به من الدعاء فذلك ما يعمله من الطاعات إنما هو مظنة لاستجابة الدعاء ، فإن تلا القرآن الكريم ودعا للميت بعد تلاوته للقرآن الكريم رجي أن يستجيب الله تبارك وتعالى هذا الدعاء ، والله تعالى أعلم .
يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة
من الصفحة الدينية لجريدة الوطن الجمعة 8 من رجب 1429هـ
صَبَاحُنَا مَضَى وَقَد بَلَّل أياديْنا بِلُؤْلُؤَات ٍ مِن الْنــــــــدَى
حِيْنَمَا نَادَى الْمُؤَذِّنُ " الْلَّه أَكْبَر " وَمطرُ نَدِي ُ يُغَطِّيْنَا
صَلاةُ وَمَطَرُ صيف ... وَسُكُوْن ُ الْفَجْر ِ مَلأ جَوَارِحُنــــا
اسم العميل: البراء
رقم العميل: 004
الحزب: 04
المهمة: اجتياح حصن عمان |
|