كان لا يدرك انه يرى والده لآخر يوم في تلك الجمعة من ذلك الصيف !!
كان الوالد الشيخ قادما من أربعينية الجدة "لاّلاّ خديجة" -الله يرحمها-
رآه يداعب إبن الأخت الكبرى.. كانت تلك آخر لقطة من لقطات رؤية الشيخ الحكيم !!
في ذلك اليوم كان الشاب متعبا.. إنها تراكمات الأسبوع..
عمل بالنهار وحمل سلاح ضد "طيور الظلام" باليل !!
قرر تلك الليلة ان ينام..
وفعلا استسلم لأنين الجسد المنهك.. فقد صلى العشاء وأخلد للنوم!!
كأنه كان يحلم.. دوي طلقات رصاص ؟
حلم هذا أم حقيقة ؟
بل حقيقة !
حقيقة دلت عنها رصاصة اخترقت قلب الفتى .. أحس بها من دون الطلقات الأخرى!!
لبس ثياب الحزم وحمل سلاحه فالتقى بوجه الأم الحيران!
ما هذا يا ولدي ؟
ربما تكون طلقات صيادي الخنازير البرية !!
الدنيا أمان منذ مدة يا والدتي!!
قال لها ذلك ليهوّن عليها الأمر ..
انطلق يشق الأرض شقا ويتوجس خيفة أن يسقط في كمائن "طيور الظلام"!!
وقبل ان يصل إلى مكان تواجد الوالد الذي كان عاملا متقاعدا ويعمل كحارس ليلي في إحدى ورشات العتاد..
قبل أن يصل التقى ببعض الفتية ..
ماالذي حدث ؟
لا شيء..
قولوا لي الحقيقة .. انا قبل كل شيء إنسان مؤمن!!
أيها الشاب.. لقد كان سلاحك أسرع من سلاحهم !!
لقد اغتالوا والدك بكل جبن !!
أزهقوا أحد عشرة روحا في تلك الليلة..
رصاصة غادرة اخترقت وجه الوالد !!
زلزال عنيف ضرب جسد الشاب..
كاد يسقط من هول الأمر..
أسئلة كثير دارت لحظتها في قلب الفتى،
هل أخذ الوالد بجريرة إبنه ؟
هل دفع الثمن مكان الإبن ؟
الندم والعتاب ولوم النفس كاد يقتله!
لماذا نمتُ في تلك الليلة على غير العادة ؟
ولماذا تركتُ سلاحهم يسبق سلاحي وانا على بعد امتار من مكان الجريمة ؟
أصيب الأخ الأكبر بفتق في المعدة فأخذ على الفور لإجراء عملية جراحية عاجلة..
وأصيبت الأختين بانهيار عصبي ..
اما والدة الشاب فلم يكن بوسعهاإلاّ الاستسلام للدموع !!
لا زال يذكر من ضمن الضحايا الذيم سقطوا غدرا في تلك الليلة..
لا زال يذكر الشقيقتين الذين قدما من منطقة نائية للعمل كموسميين .. وكانا يحضران لنيل شهادة الباكالوريا آنذاك.. وكان أبوهما قد أغتيل غدرا أيضا !!
يذكر ان والدة الشابين لما سمعت باغتيال ولديها.. رمت "شـْطايطها" وهامت مجنونة في أرض الله !!
يتذكر الشاب كل ذلك ويحاول ان يرتب على القلب الجريح المتفحم..
كل شيء قضاء وقدر ولكل أجل كتاب !! واللهم ارحم واغفر واخلف!!
والله والله ثم والله.. لو يرى البعض صور الذين اغتالتهم يد الغدر باسم أقدس المقدسات..
لو يرون بشاعة الطريقة التي اغتيلوا بها لما ناموا شهورا عدة !!
لقد نسي ذلك الشاب كل الأحقاد.. وهو يتطلع إلى الأمن والأمان ويقول في نفسه، لا شيء أهم من الأمن والأمان!!
صبـــر.. و إيمـــان.. إرادة.. و أمـــــــل.. |
|