01-05-2009
|
#95
|
ضَوْء مَجْنُوْن
|
|
من مواضيعي |
|
|
السؤال
في بعض الأحيان قد يكون ممن يمارسون الدعوة دور في تحطيم بعض القيم الإسلامية كقيمة الوعد ، مثال ذلك أن يدعى الناس لمحاضرة ويتجمع الناس ثم لا يحضر المحاضر دون أن ينيب عنه محاضر آخر يقوم بالمهمة .
إن تحطيم هذه القيم يدعو ببعض الناس إلى أن يستدعوا أو يمتدحوا قيماً أخرى . فقيمة الوعد عندما ساهم المسلمون في تحطيمها صار الناس يقولون أعدك وعداً إنجليزيا أو ما شابه ذلك ، فكيف تعالج مثل هذه الأمور ؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فإن الوعد من الأمور التي يسئل عنها الإنسان يوم القيامة ، ذلك لأن الوعد إنما هي كلمة يؤديها الناس تترتب عليها أمور عظيمة .
ولذلك نحن نجد أن الحق سبحانه وتعالى يحكي عن إبراهيم عليه السلام عندما وعد أباه أن يستغفر له لم يمتنع من هذا الاستغفار مع كون استغفار الإنسان المسلم للمشركين غير جائز ، ولكنه إنما استغفر له لأجل وعده الذي وعده إياه ( وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (التوبة:114) .
والله تعالى يقول ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً)(الإسراء: من الآية34) ، ولا ريب أن الوعد مما يدخل مما في ضمن العهد لأن الذي وعد أحداً شيئاً إنما هو بمثابة الذي يقطع له عهداً أن ينجز له ذلك الشيء .
ونحن نرى في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم ما يدل على أن إخلاف الوعد من ضمن خصال النفاق فالرسول صلى الله عليه وسلّم يقول ثلاث من كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق من إذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر وإذا اؤتمن خان . وجاء في حديث آخر ( وإذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان) . مع أنه من المعلوم أن إخلاف الوعد مما يدخل في الكذب ، فهو يجمع بين صفتين من صفات النفاق والعياذ بالله وهذا من أخطر الأمور .
فلذلك كان على الإنسان أن يحذر كل الحذر من إخلافه وعده . على أن هذا الإخلاف كما تفضلتم هو قد يؤدي لا إلى مجرد اتهام المخلف بل يؤدي أيضاً إلى اتهام نفس الفكر الذي يتبناه المخلف أو الذي يدعو إليه والمنهج الذي يسير عليه ، فلذلك كان ذلك من أخطر المخاطر .
إن على الإنسان أن يفي بوعده ، وأن يحرص على إنجازه ، وأن يسارع إليه .
على أن الناس الذين يدعو إلى حضور محاضرة مثلاً على أن فلاناً سيلقيها ، هذه الدعوة تثير في نفوسهم الحماس ، وتبعث في قلوبهم الرجاء ، وتجعلهم يتطلعون إلى ذلك اليوم الذي يلتفون فيه حول المحاضر ليستفيدوا منه وليستمعوا إليه ، ولكن عندما يفاجئون بأن الرجل لم يحضر بل ولم يعتذر ولم ينب عنه من يقوم مقامه فإن ذلك يؤدي إلى تحطمهم ، وقد يؤدي ذلك إلى اتجاه مسلك مخالف ، قد يؤدي بهم ذلك إلى ترك الدين جانباً وعدم الاكتراث به عندما يرون الذين يتمسحون بالدين وينتسبون إليه تصدر منهم هذه المخالفات الصريحة فيما يدعو إليه الدين .
فلذلك يجب على هؤلاء أن ينقوا أنفسهم من هذه الأدران التي تلبسوا بها ، وأن يعرفوا قيمة الكلمة التي يعطونها .
على أن الكلمة مهما كانت هي مما يسئل عنه الإنسان ، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم : إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبينها تهوي به في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب . والنبي صلى الله عليه وسلّم قال لمعاذ في وصيته له رضي الله تعالى عنه : ألا أدلك على ملاك ذلك كله أمسك عليك هذا وأشار إلى لسانه . فقال له : أئنا مؤاخذون بما نقول يا رسول الله ؟ فقال له : ثكلتك أمك ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم ، أو قال على مناخرهم ، إلا حصائد ألسنتهم . ومن جملة هذه الحصائد أن يتكلم الإنسان بالكلمة الكاذبة التي لا وفاء لها ، بحيث يعد ولا ينجز هذا الوعد ، والله تعالى المستعان .
السؤال
إذاً ترون مع هذا سماحة الشيخ ما يتردد على ألسنة الناس من الإعجاب بما عند الآخرين من غير المسلمين من المحافظة على الوعد ومن نظام ومن غيرها من الأمور راجع إلى تحطيم المسلمين أنفسهم إلى قيمهم أم إلى الإعجاب بالحضارة وما يصحبها من تكنولوجيا وتقنيات ؟
الجواب :
مهما كان من أمر فإن المسلم هو أولى بأن يكون متصفاً بجميع الصفات الحميدة ، وهو أولى بأن يكون مثالاً في حسن تعامله مع الناس ووفائه بوعده وحرصه على أمانة الكلمة التي يقولها ، وحرصه على أن لا يعثر عليه كذب .
نحن نرى أن السلف كانوا حراصاً على الوفاء بالوعد كيفما كان بما تعلموه من رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، بل نرى أهل الجاهلية على جاهليتهم كانوا يربأون بأنفسهم من أن يعثر عليهم كذب . عندما مثل أبو سفيان أمام هرقل ليسأله عن أوصاف النبي صلى الله عليه وسلّم وأمر أصحابه أن يكونوا خلفه ، وقال : إن كذبني فكذبوه . قال أبو سفيان : ما كنت أخشى أن يكذبوني ، ولكنني رأيت أنني رجل شريف فخشيت أن يعثروا على كذب مني . حاذر على نفسه بأن يعثر على كذب منه . فأمانة الكلمة أمانة عظيمة ، وقيمة الإنسان إنما هي كلمته التي يقولها .
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة
الجمعة 6 جمادي الأولى 1430هـ
الموافق 1 من مايو 2009م
صَبَاحُنَا مَضَى وَقَد بَلَّل أياديْنا بِلُؤْلُؤَات ٍ مِن الْنــــــــدَى
حِيْنَمَا نَادَى الْمُؤَذِّنُ " الْلَّه أَكْبَر " وَمطرُ نَدِي ُ يُغَطِّيْنَا
صَلاةُ وَمَطَرُ صيف ... وَسُكُوْن ُ الْفَجْر ِ مَلأ جَوَارِحُنــــا
اسم العميل: البراء
رقم العميل: 004
الحزب: 04
المهمة: اجتياح حصن عمان |
|
|
|