الشورى
*هل هناك فرق بين مصطلح الديموقراطية والشورى حيث كثيراً ما يُعبّر عن الشورى بالديموقراطية في الكتابات الإسلامية ؟
**بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
فالشورى هي من صميم الإسلام دين الله تبارك وتعالى الحق، لأن الله سبحانه أرشد إليها في كتابه الكريم، فعندما وصف عباده المؤمنين قبل أن تقوم الدولة الإسلامية عندما كانت الحالة حالة سيئة بالنسبة إلى المسلمين لأنهم كانوا أوزاعاً مشتتين في المجتمع المكي، ولكن مع ذلك وصفهم الله سبحانه وتعالى بأنهم يحرصون على الشورى، وقرن بين ذلك وبين الاستجابة لله تعالى والصلاة عندما قال (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) الشورى: من الآية 38)، فجمع كما ترون هنا بين الشورى وبين إقام الصلاة والاستجابة لداعي الله سبحانه وتعالى، وهذا مما يدل على عمق الشورى في حياة الأمة الإسلامية، فقبل أن يكون هناك نظام للأمة الإسلامية أُرشد المسلمون على الشورى إذ وُصفوا بأنهم ملتزمون بهذه الشورى.
ونجد كذلك بعد ذلك في الآيات المدنية الأمر بالشورى في مقام صعب، عندما نُكب المسلمون بما نُكبوا في غزوة أحد بسبب أنهم خالفوا أمر النبي صلى الله عليه وسلّم مرتين، خالفوه أولاً عندما كان يدعوهم إلى البقاء داخل المدينة المنورة ومواجهة العدو هناك، وخالفوه مرة ثانية عندما أمرهم بأن يبقوا مكانهم ولا يبرحوا أمكنتهم عندما أمرهم بنضح العدو بالسهام مهما كانت الحالة، فغادروا تلك الأمكنة، ومع ذلك مع ما جاءت به الشورى من كون المسلمين أصروا على موقف ربما كان فيه شيء من المخالفة للرسول صلى الله عليه وسلّم وما أدى إليه ذلك من صدمة عنيفة جندلت سبعين بطلاً من أبطالهم إلا أن القرآن الكريم جاء ليؤكد الشورى مرة أخرى عندما قال الله سبحانه وتعالى (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)(آل عمران: من الآية159) ، أُمر النبي صلى الله عليه وسلّم بأن يشاورهم حتى في هذا الموقف الحرج مع ما أدت إليه الشورى إلا أن ذلك إنما هو من أجل المحافظة على هذا النظام نظام الشورى مهما كانت النتيجة لئلا يتزلزل هذا النظام ويتضعضع في حياة الأمة الإسلامية أُمر المسلمون بأن يحافظوا عليه مهما كانت نتيجته، لأن المحافظة على النظام من الخروج عنه والتجاوز عنه.
والشورى في الدين الإسلامي إنما هي في أمر لم يُنص عليه، أما ما نُص عليه فلا تجوز الشورى فيه، نعم يمكن أن يُتشاور في تطبيق النصوص كيف تُتخذ الوسيلة لأجل تطبيقها، أما في قبول النص أو عدم قبوله فلا مجال للشورى في ذلك لأن الله تبارك وتعالى يقول (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب:36). فلا مجال للتشاور في تطبيق الشريعة أو عدم تطبيقها، لأن ذلك أمر واجب مفروض على الناس.
*ولكن هل هي مقصورة فقط على المعترك السياسي بعيداً عن الجوانب الاجتماعية وغيرها ؟
**الشورى تدخل في أي شيء كان، وإنما على الحاكم أن يستشير ذوي الخبرات في المجالات المختلفة. ففيما يتعلق بالجواز وعدم الجواز عليه أن يرجع إلى فقهاء الأمة، لأن الفقهاء هم أخبر بهذا الجانب.
فيما يتعلق بالنجاح وعدم النجاح إنما يستشير ذوي الخبرات، فإذا كان القرار قراراً طبياً فإن الاستشارة إنما تكون للأطباء لأنهم هم أعرف بالأمور الطبية، وإذا كان القرار يتعلق بالناحية التجارية فبعد الأخذ بالحكم الشرعي وتأطير هذا القرار في الإطار الشرعي يُرجع في تطبيقه إلى ذوي الخبرة في مجال التجارة ومجال الاقتصاد، لأن الأخذ برأي هؤلاء هو الواجب.
ولئن كان الأمر يتعلق بالناحية العسكرية كذلك بعد تأطير القرار في إطار الحكم الشرعي يؤخذ في تطبيقه برأي العسكريين لأنهم أدرى بشئونهم، كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلّم: أنتم أعلم بشئون دنياكم.
فهكذا كل أمر له صلة بناحية من نواحي حياة الناس السياسية أو الحياة الإعلامية أو الحياة الاقتصادية أو الحياة الاجتماعية فإنه بعد تأطيره في الإطار الشرعي يؤخذ في تطبيقه برأي ذوي الخبرة والاختصاص في ذلك المجال بعينه.
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة
صَبَاحُنَا مَضَى وَقَد بَلَّل أياديْنا بِلُؤْلُؤَات ٍ مِن الْنــــــــدَى
حِيْنَمَا نَادَى الْمُؤَذِّنُ " الْلَّه أَكْبَر " وَمطرُ نَدِي ُ يُغَطِّيْنَا
صَلاةُ وَمَطَرُ صيف ... وَسُكُوْن ُ الْفَجْر ِ مَلأ جَوَارِحُنــــا
اسم العميل: البراء
رقم العميل: 004
الحزب: 04
المهمة: اجتياح حصن عمان |
|