(هم القوم لايشقى بهم جليس)
لقد اتفقنا في الفقرة السابقة أن نتخلى عن جلساء السوء وزملاء الغفلة، ومن حق أي شاب أن يسأل بعد ذلك: وما البديل؟
أتريدني أن أبقى حبيس حيطان أربع؟ أم أكون كإخواني لا أغادر المنزل إلا إلى المدرسة؟ أنه من حقك بلا شك أن تسعى لمصادقة أقرانك إزالة السآمة عنك والملل،لكن حصر الصداقة في هؤلاء وافتراض السلآمة والشقاء عند مفارقتهم وهمٌ وسراب خادع، ومن ينهاك عن مصادقة الأشرار يدعوك لصحبة الذي لايشقى بهم جليس ، أتعلم أخي الشاب أن رجلا قتل مائة نفس ظلمًا وحين جاءأ لعالم يدله على طريق التوبة أمره أن يسافر من قريته ليلحق بقوم صالحين ، فمات في الطريق، فغُفر له وهو لم يعاشرهم؟أو ما سمعت قول النبي (صلى الله عليه وسلم) :"المرء مع من أحب"
فمع من تحب أن تحشر يوم القيامة؟ أو ماسمعت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل."
وقد تقول : إني أجد المتعة كثيرًأ عند أصحابي، وألقى المرح والمزاح الذي يزيل عني السآمة ويطرد عني روتين الحياة،
فأقول نعم تجد ذلك عند رفاق الغفلة، ولكن هل يستحق هذا الثمن أن تخاطر بحياتك، ومستقبلك؟ بل أقول لك: من أين لك هذه الدعوة؟ وكيف تحكم على الأخيار وأنت لم تعاشرهم وتصاحبهم؟
والحكم على الشي فرع عن تصوره. وإني أقول لك والرائد لايكذب أهله، أقول لك ستجد ماتريد من المتعة وإزالة السآمة ، ولكن في جو منضبط بالضوابط الشرعية، وستجد ما هو أهم من ذلك ، حياة القلب وسعادته، وتبقى هذه الأخوة والصداقة رصيدًا يدخر المرء ليوم لاينفعه غيره، حين تزول كل الصلات ، ويلعن كل خليل خليله، ويتبرأ كل متبوع من تابعه، بل حتى صلات النسب والقرابة تزول وتمحى: (يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون ، الذين امنوا باياتنا وكانوا مسلمين )
(رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا
رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا
رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )
|
|