وما زال أهل العروض ولا سيما سكان الخط، يستوردون أخشاب سفنهم من الهند، لعدم وجود الخشب الصالح لبناء السفن عندهم أو في أماكن قريبة منهم. وهم في ذلك على سنة أجدادهم الذين عاشوا قبل الإسلام بل قبل الميلاد، يذهبون بسفنهم الشراعية إلى سواحل الهند وسيلان تحمل إليها التمور وحاصلات جزيرة العرب والعراق وتعود بهم محملة بحاصلات الهند ومنها الخشب الثمين للاستفادة منه في بناء السفن ولاستعماله في المعابد الضخمة المهمة وفي قصور الملوك.
والسدر من الأشجار المعروفة في جزيرة العرب، وترتفع شجرته أمتاراً عن سطح الأرض، وتكوّن ظلا يقي من يجلس تحته لهيب الشمس ووهجها المحرق. وتكون له ساق قوية متينة. وهو لا يحتاج إلى سقي دائم، لأن جذوره تمتد عميقة في باطن الأرض، فتمتص الرطوبة، ويعطي ثمراً هو "النبق"، ويستعمل ورقه استعمال الصابون في تنظيف الجسم.
وأشجار مثل السدر ذات ارتفاع وظل، وهي أشجار ذات نفع كبير لأهل البلاد التي تغلب عليها طبيعة الجفاف، لا يمكن إن يقدر أهميتها وفائدتها إلا من ركب الصحراء في يوم حار، ثم جاء فجأة فجلس تحت ظل شجرة تقيه وتقي حيوانه من لهب الشمس، سيرى نفسه في جنة وسط جهنم. فلا عجب إذا ما عبد بعض العرب وبعض الساميين مثل هذه الأشجار، وتقربوا إليها بالنذور والقرابين، وتوسلوا إليها، أو عدّوها من الأشجار المقدسة، من الأشجار المباركة، من أشجار طوبى، الأشجار التي وعد بها المتقون في الجنة.
وقد عبد قدماء العبرانيين بعض الأشجار المثمرة، وعدّوها إلاهة أنثى، لا إلهاً ذكراً، وذلك لخاصية الحمل التي فيها. وقد تصوروا إن للقمر أثراً في حمل تلك الأشجار، أي في إعطاء الثمرة.
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|