للعمالقة
وحشر الأخباريون العمالقة "العماليق" في هذه الطبقة أيضأَ، فنسبم وهم إلى "عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح". ولم تذكر التوراة أصلهم ونسبهم، وهي لا تشير إلى أل بناء "لود" أو "لاوذ" كما يقول له الأخباريون.
"وعمليق" جد العمالقة، هو شقيق طسم. ويذكرون أنهم كانوا أمماً كثيرة، تفرقت في البلاد، فكان منهم أهل عمان وأهل الحجاز وأهل الشام وأهل مصر. ويعرف أهل عمان والبحرين ب "جاسم"، وجاسم هم من نسل عمليق على زعم أهل الأخبار. وكان من العمالقة أهل المدينة، ومنهم "بنو هف" و "سعد ابن هزان" و "بنو مطر" و "بنو الأزرق". وكذلك سكان نجد، ومنهم بديل وراجل وغفار، وكذلك أهل تيماء.
وكان ملكهم "الأرقم"، وهو من العمالقة. وهو من معاصري "موسى" على رواية الهمداني. وقد أرسل "موسى" عليه جنداً لمقاتلته ففتك باتباعه أهل تيماء وببقية عمالقة الحجاز.
ويذكر بعض أهل الأخبار أن "العماليق" لحقت بصنعاء قبل أن تسمى صنعاء، ثم انحدر بعضهم إلى يثرب، فاًخرجوا منها "عبيلاً"، وسكنوا في ديارهم، وذهبت "عبيل" إلى موضع "الجُحْفَة"، فأقبل السيل فاجتحفهم، فذهب بهم، فسميت الجحفة. وذكروا أن "موسى" أرسل جيشاً لحرب عماليق يثرب، ولم نجد في التوراة ذكراً لمثل هذا الجيش، أو الحرب.
والعمالقة الذين نتحدث عنهم، هم عرب صُرحاء، من أقدم العرب زماناً، لسانهم اللسان المضُرَي الذي هو لسان كل العرب البائدة على حد قول أهل الأخبار. بل زعم بعضهم أن عمليقاً، وهو أبو العمالقة، أول من تكلم بالعربية حين ظعنوا من بابل، فكان يقال لهم ولجرهم "العرب العاربة".
ويظهر من فحص هذا المروي في كتب الأخباريين عن العمالقة ونقده أنه مأخوذ من منابع يهودية، فقد ذكر العمالقة في التوراة، وقد كانوا أول شعب صدم العبرانيين حينما خرجوا من مصر متجهين إلى فلسطين. وظلوا يحاربونهم، ويكبدونهم خسائر فادحة، وأوقعوا الرعب في نفوسهم، ولهذا ثار الحقد بينهم على العماليق. ويتجلى هذا الحقد في الآيات التي قالها التي "صموئيل" لشاؤول "Saul" أول ملك ظهر ضد العبرانيين، قالها لهم باسم إسرائيل: "إياي أرسل الرب لمسحك ملكاً على شعبه إسرائيل. والآن فاسمع صوت كلام الرب. هكذا يقول رب الجنود. أني افتقدت ما عمل عمليق بإسرائيل حين وقف له في الطريق عند صعوده من مصر. فالان اذهب واضرب عماليق، وحرموا كل ماله، ولا تعف عنهم، بل اقتل رجلاّ وامرأة، طفلاّ ورضيعا، بقراً وغنماً، جملاً وحماراً". وهذا الحقد هو الذي جعلهم يخرجونهم من قائمة النسب التي تربطهم بالساميين.
وقد كانت منازل العمالقة من حدود مصر فطور سيناء إلى فلسطين. وعددم ذكر العبرانيين لهم في جملة قبائل العرب لا يدل على أنهم لم يكونوا عرباً، فقد ذكرت أن العبرانيين لم يطلقوا لفظة "عرب" إلا على الأعراب، أعراب البادية، ولا سيما بادية الشام. ثم إن العمالقة من أقدم الشعوب التي اصطدم بها العبرانيون، وحملوا حقداً عليها، وهم عندهم وفي نظرهم أقدم من القحطانيين والإسماعليين.
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|