وقد ذكر "ابن النديم" على لسان "أحمد بن عبد الله بن سلام" من مترجمي التوراة والإنجيل، أن المزامير هي "الزبور"، وهي خمسون ومئة مزمور. وهو عدد صحيح مضبوط، يدل على علمه بعدد المزامير، لأن ما ذكره هو، عددها الصحيح . والعلماء مختلفون فيما بينهم في المعنى "الاثنولوجي" لكلمة "زمران". ويرى بعضهم أنها من "زمر" ومعناها "تيس جبلي"، ويقولون إن بني "زمران" اتخذوا ذلك الحيوان "طوطماً" لهم، ولذلك عرفوا به.
أما "يقشان"، فرى "كلاسر" إنه موضع "وقشة"، وهو مكان من السراة في عسير. ورأى "أوسيندر" إنه "يقش" في اليمن. وذكر "الهمداني" اسم قبيلة سماها "بني وقشة" من قبائل "الجنب". وذهب فريق من العلماء إلى أن اللفظة هي تحريف للفظة "يقطان".
ُقد ذكر أهل الأخبار أن "بني يقسان"، أي "بني يقشان" لحقوا بمكة فسكنوا بها. ولكنهم لم يشيروا إلى بنية على نحو ما جاء في التوراة.
وأما "مديان" "مدان" "Midian "، فإنه "مدين" في الموارد العربية.
وقد ورد ذكر "مدين" و "أصحاب مدين" في مواضع من القرآن. ورد على سببل العظة والتذكير بمصير يشبه مصير "مدين"، وأشار إلى نبيهم "شعيب": "وإلى مدين أخاهم شعيباً". وورد اسمهم في سورة "التوبة" مع قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم، وورد مثل ذلك في سورة "الحج". ومما جاء في القرآن على لسان شعيب، قوله يخاطب أهل مدين: "يا قوم، اعبدوا الله ما لكم من إلهَ غيره، قد جاءتكم بيّنة من ربكم، فأوفوا الكيل والميزان، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها، ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين". وورد في سورة هود ما يشير أيضا إلى أنهم كانوا ينقصون المكيال والميزان، فاستحقوا العقاب والعذاب، وذلك لترهيب أهل مكة، وكانوا تجّاراً، من نقص المكيال والميزان، لئلا يصيبهم ما أصاب قوم شعيب حيث أصابهم الهلاك.
ويظهر من ذكر "الرجفة" أن حدثاً أرضياً، هزة أو هياج حرَّة، أصابهم، فأثرّ فيهم. وهذا ممكن جداً، لأن أرض مدين من مناطق الزلازل و ا لحِرار.
ولورود اسم "مدين" وقصة "شعيب" في القرآن الكريم، عني المفسرون وأصحاب قصص الأنبياء بجمع ما ورد عن أهل مدين وأخيهم شعيب من أخبار، غير انهم لم يجدوا في ذاكرة من تقدمهم شيئاً، فاستعانوا بما ورد عند يهود.
وقد أضاف الأخباريون إلى ذلك شيئاً من القصص الشعبي، وشيئاً ابتكروه، فأصبح "شعيب" "شعيب بن نويت بن رعويل بن مر بن عنقاء بن مدين ابن إبراهيم". وقد ذكر الطبري وغيره من المفسرين والمؤرخين إن اسم "شعيب" "يثرون" "يثرون" "يثرو"، وقد أخذوا ذلك من أهل الكتاب ولا شك، ففي التوراة إن "موسى" نزل على أهل "مدين"، بعد هربه من "فرعون"، وتزوج ابنة كاهن "مدين" "مديان" "يثرون"، واسمها "صفورة"، فولدت له ولداً دعاه "جرشوم" "كرشوم". فرأى المفسرون والأخباريون إن شعيباً المذكور في القرآن الكريم هو "يثرون" التوراة. ويرى "بول" "Buhl" إن ذلك لم يكن معروفاً في صدر الإسلام و إنما حدث هذا بعد هذا العهد.
وقد وضع بعض أهل الأخبار نسباً عجيباً مضحكاً ل "شعيب"، فجعلوه "يثرون بن ضيعون بن عنقا بن نابت بن إبراهيم. وتعقّل آخرون فقالوا: إنه "شعيب بن ميكيل" من ولد مدين. وقيل غير ذلك. كل هذا من وضع أهل الأخبار، وأهل الكتاب الذين أمدَّوهم يمثل هذه الأنساب والقصص، ولم يتورعوا من ادّعاء انهم وجدوا ذلك في كتب الله.
وقد عرف "يثرو" "Jethro"Jether"" ب "رعوئيل" "Reuel" أيضاً في التوراة. كما عرف ب "حوباب بن رعوئيل" في موضع أخر. ويظهر إن خطاً قد وقع في كتابة الاسم الثاني أو الأول، ولهذا صار "رعوئيل" في سفر الخروج و "حوباب بن رعوئيل" في سفر العدد. ونرى إن الاسم الذي ذكره "المسعودي" وغيره من أهل الأخبار ل "شعيب" الذي هو "يثرو" يختلف مع اسمه المذكور في التوراة. ويرى بعض الباحثين إن كلمة "يثرو" ليست اسم علم له، و إنما هي كناية عن وظيفته، وهي الكهانة، فقد كان كاهناً في قومه،والكاهن هو "يثرو" في بعض اللغات العربية الجنوبية، وأما اسمه، فهو "رعوئيل" أو "حوباب بن رعوئيل".
وقد جعل الناس لشعيب قبراً زعموا إنه على مقربة من "حطين" في موضع سماه "ياقوت" "خيارة". وقال له "بول Buhl " "خربة مدين.
وقد ورد خبر "مدين" في غزوة "زيد بن حارثة" لجذام في "حسمى". ويظهر من بعض الموارد الإسلامية أن "مدين" كانت في صدر الإسلام من أرض "جذام"، وأنها كانت إذ ذاك أكبر من "تبوك". وبها بئر زعم إنها البئر التي استقى منها موسى.
ويظهر من شعر "كُثيَر عزَّة" إنه كان في أيامه بمدين جماعة من الرهبان، يتعبدون، ويبكون من حذر العقاب. وورد اسم بطن يقال له "بنو المدّان"، كما ورد ذكر "مدان" في غزوة "زيد بن حارثة" بني جذام، ويقال له "فيفاء مدان". "والمدان" اسم صنم أيضاً، وبه عرف "بنو عبد المدّان".
وفي التوراة إن "المديانيين" كانوا برفقة "الاشماعيليين" لما بيع "يوسف". وأن موسى نزل عندهم وتزوج فيهم: أخذ ابنة "يثرون" كاهن "مديان" "مدين". وفي موضع آخر أن "يثرون" من "بني القيني" "Kenite" ويظن أن "بني القيني" هم فرع من فروع "مديان".
وقد اتحد "المديانيون" مع "مؤاب" ضد إسرائيل. وفي أيام "جدعون""Gideon" كان المديانيون قد ضايقوا العبرانيين مضايقة شديدة، وكانوا قد اتفقوا مع العمالقة و "بني المشرق"، فتمكن "جدعون" من اخراجهم. وقد ورد في سفر "القضاة" اسم أميرين من أمراء المديانيين، هما "غراب" "Oreb"، و "ذئب" "Zeeb" وورد في الإصحاح الثامن من القضاة اسم ملكين أو "شيخين" من "مديان" "مدين" هما: "زبح" "Zebah" و "صلمناع " "Zalmuna". والظاهر إنه لم يعد للمديانيين شأن منذ هذا العهد، فلم يرد عنهم شيء يذكر، ولعلهم ذابوا في القبائل العربية الأخرى.
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|