وقد أمد الحلف بألف جمل وبمحاربين، وكل هؤلاء كانوا قد أصيبوا بضربات عنيفة من الآشوريين وتعلموا بتجاربهم معهم مبلغ قوتهم و غلظتهم على الشعوب التي غلبوها على أمرها، فأرادوا بهذا الحلف التخلص من شرهم و الانتقام منهم والقضاء عليهم.
وعند مدينة "قرقر"، الواقعة شمال "حماة" وعلى مقربة منها، وقعت الواقعة، وتلاقى الجيشان: جيش "آشور" تسيّره نشوة النصر، وجيوش الإرميين والعرب و الفينيقيين ومن انضم إليهم، تجمع بينهم رابطة الدفاع عن أنفسهم، وبغضهم الشديد للآشوريين. لقد تجمع ألوف من جنود الحلفاء في "قرقر" على رواية ملك آشور، لمقاومة الآشوريين و صدّهم مم التوسع نحو الجنوب، واشتركت في المعركة مئات من المركبات. أما النصر فكان حليف "شلمنصر"، انتصر عليهم بيسر و سهولة، وأوقع بهم خسائر كبيرة، وغنم منهم غنائم كثيرة، و تفرق الشمل، وهرب الجميع، وانحل العقد، ورجع ملك آشور إلى بلده منتصراً، مخلداً انتصاره هذا في كتابة ليقف عليها الناس.
وإليك بعضَ ما جاء في نص "شلمنصر" عن معركة "قرقر"، لتقف على ما قاله عنها: "قرقر: عاصمته الملكية، أنا أتلفتها، أنا دمرتها، أنا أحرقتها بالنار، 1200 عجلة، 1200 فارس، 20000 جندي لهدد عازر صاحب إرم... ألف جمل لجندب العربي... هؤلاء الملوك الاثنا عشر الذين استقدمهم لمساعدته، برزوا إلى المعركة والقتال، تألبوا عليّ 000".
ويلاحظ كثرة عدد العجلات المستخدمة في المعركة بالنسبة إلى تلك الأيام. وهذه الأرقام ليست بالطبع أرقاماً مضبوطة، فقد عودنا الملوك الأقدمون المبالغة في ذكر العدد، والتهويل في تدوين أخبار المعارك والحوادث، للتضخيم من شأنهم وللتعظيم، وتلك عادة قديمة، نجدها عند غير الآشوريين أيضاً.
و "جنديبو" اسم من الأسماء العربية المعروفة، هو "جندب". ويكون هنا الاسم أول اسم عربي يسجل في الكتابات الآشورية. ولم يشر "شلمنصر" إلى أرضه والمكان الذي كان يحكم فيه. غير إن القرائن تدل على انها كانت في أطراف البادية، ويرى "موسل" إنها كانت تقع في مكان ما جنوب مملكة "دمشق". وأرى إنه كان ملكاً على غرار الملوك سادات القبائل مثل ملوك الحيرة والغساسنة، حكم على قبائل خضعت لحكمه وسلطانه، وكان يتناول الإتاوات من الحكومات الكبيرة مقابل حماية حدودها من الغارات والاشتراك معها في الحروب.
وقد أبلغنا "شلمنصر" الثالث "858 - 824 ق. م." أيضاً، إنه زحف في الجنوب، نحو أرض "كلدو"، أي أرض الكلدانيين، فاستولى عليها وتوغل بعد ذلك نحو الجنوب حتى بلغ "البحر المر" "البحر المالح" "Nar Marratu" أي الخليج العربي، فقهر كل السكان الذين وصلت جيوشه إليهم. ويظهر إنه بلغ حدود الكويت فاتصل بذلك جزيرة العرب وبقبائل عربية ساكنة في هذه الأرضين.
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|