وهو الذي عارض "نحميا" في سنة "444" قبل الميلاد في إعادة بناء سور "أورشليم". وقد كانت "قيدار" ملكة تسيطر على أرض تمتد من "دلتا" النيل إلى حدود مملكة "يهوذا" فجنوب "ديدان" بحوالي "21" كيلومتراً نحو الجنوب في الحجاز، أما في الغرب فتصل حدودها بالبادية. فملك "قيدار" وهو "جشم بن شهر"، كان إذن هو المعارض لبناء السور، وفي معارضته هذه دلالة ولا شك على مقاومته لمحاولة إعادة دولة إسرائيل،من بعد السبي.
ويظن أن الإناء الذي عثر عليه بصير في موضع يقع على مسافة اثني عشر ميلاً إلى غرب الإسماعيلية، وقد دُون عليه اسم شخص يدعى "قينو بن جشم ملك قيدار"، هو ابن "جشم" المعاصر "لنحميا". وعلى ذلك يكون أحد ملوك "قيدار".
وقد كانت "طور سيناء" منذ القديم أرضاً يسكنها العرب، حتى في أيام داوود وسليمان. ونجد أن رسالة "القديس بولس" إلى أهل غلاطية تجعل جبل سيناء في ديار العرب، وتذكر أن "طور سيناء" موطن أبناء هاجر، أي العرب. كما تجد أن النقب ووادي عربة كانا من مواطن الأعراب. وقد كان أعراب "جشم" وغيره ينتقلون وينزلون في هذه المواطن وعلى مقربة من القدس.
وقد تحدث سفر المكابيين الثاني عن "تيموتاس" هذا، فقال: "ثم ساروا "أي اليهود" من هناك تسع غلوات زاحفين على تيموتاس، فتصدى لهم قوم من العرب يبلغون خمسة آلاف، ومعهم خمس مئة فارس، فاقتتلوا قتالا شديداً، وكان الفوز لأصحاب يهوذا بنصرة الله، فانتصر عرب البادية، وسألوا يهوذا إن يعاقدهم على أن يؤدوا إليهم مواشي ويمدوهم بمنافع أخرى". ولعل هؤلاء العرب، هم العرب المذكورون، الذين ذكر السفر الأول من المكابيين أن "تيموتاس" كان قد استأجرهم لمقاتلة اليهود. وقد كانوا من أعراب البادية، كما نرى ذلك في هذا النص.
وورد في "سفر المكابيين الأول" اسم سيد قبيلة عربية هو "زبديئيل" "زبدايل" "زبديل"، وكان يقطن في "ديار العرب"، كما جاء ذلك في السفر المذكور. ذكر السفر اسم هذا الرئيس وهو يتكلم على فرار "اسكندر بالس" "Alexander Balas" إلى "ديار العرب"، وكان قد مني بهزيمة أوقعه بها "بطلميوس" "بطلماوس" "Ptolemy"، عمه أي والد زوجته. وكان قد تخاصم معه. فلما وصل "إسكندر بالس" إلى "ديار العرب"، قبض عليه "زبديئيل"، وقطع رأسه، وأرسله إلى "بطلماوس".
ولم يتحدث السفر المذكور عن منزل "زبديئيل"، ولم يحدد مكان "ديار العرب"، وعندي أن المراد ب "ديار العرب" بادية الشام، والأرضيين التي دعاها الأشوريون ب "أريبي" "Aribi"، وهي موطن آمن لمن يصل إليه، إذ يصعب للجيوش النظامية أن تقاتل فيها. وقد كان "زبديئيل" من رؤساء البادية في هذا الزمن. وهو حوالي منتصف القرن الثاني قبل الميلاد. وكان الحاكم على اليهود هو "يوناتان" من المكابيين.
ويذكر "سفر المكابيين" أيضاً أن "تريفون" "Tryphon"، وهو أحد قوّاد "إِسكندر بالس" ومن جماعته، ذهب إلى رجل عربي اسمه "ايملكوئيل"، وكان يربي "أنطيوخس بن الإسكندر"، فألح عليه أن يسلمه إليه ليملكه مكان أبيه، ومكث عنده أياماً. وقد تمكن عربي مع حقد العبرانيين المتزايد على العرب من حكم اليهود وهن تأسيس أسرة حاكمة حكمتهم ? ذلك الرجل هو "انتيباتر" "Antipater" الأدومي، نسبة إلى "أدوم" "Edom" "Idumea" "Idumaea"، وهم سكان جيل سعير، الذين دعاهم "اويسبيوس" "Eusebius" باسم "Gabelene" أو "Gabalen" أي الجبليين.
فقد تمكن هذا الرجل الذي لم يكن من أسرة ملكية ولا من أسرة معروفة بفضل شخصيته وبقوته من فرض نفسه حاكماً على "ادوم" "Idumaea"، ثم تمكن من جل نفسه حاكما "Procurator" على اليهودية "Iudaea" "Judaea"، وذلك في حوالي السنة "33" قبل الميلاد. وفي خبر إن "يوليوس قيصر" "Julius Caesar"، اعترف به "Procurator" على اليهودية في حوالي السنة "47" قبل الميلاد.
ولما وقعت الحرب بين "يوناتان" المكّابي "161 - 143 ق. م." و "ديمترتوس الثاني"، ضرب "يوناتان" العرب المسمين بالزبديين "Zabadaeans" وأخذ منهم غنائم كثيرة. حدث ذلك في سنة "144 ق. م.". ويرى بعض علماء التوراة إن هذه القبيلة العربية قبيلة "زبد" "زبيد" كانت تنزل في موضع في شمال غربي "دمشق"، ويرى بعض آخر احتمال إن ذلك المكان هو "الزبداني"، الذي يبعد عشرين ميلاً من الشام على طريق دمشق بعلبك. وأرى إن من المحتل أن يكون هؤلاء "الزبديون" هم سكان "زبد"، وهو خرب في الزمن الحاضر، يقع بن قنسرين ونهر الفرات. وقد اشتهر عند المستشرقين بالكتابة التي عثر عليها في هذا الموضع، وقد كتبا باليونانية والسريانية والعربية، ويرجع تأريخها إلى سنة "511م". وقد أدخلهم "يوسفوس" في عداد النبط.
و "أرتاس زعيم العرب" الذي طرد "ياسون" من بلاده حينما التجأ إليه فاراً من الملك "أنطيوخس"، هو "الحارث" أو "حارثة" وهو من ملوك النبط، ولا شلك. وقد ذكر اسمه في سفر المكابيين الثاني.
وفي أيام "سترابون" كان العرب في جملة سكان مدن فلسطين، مثل القدس و "يافا" و "الجليل". وذكر "سترابون" إن "ا لأدوميين" "Idumaens" كانوا يقطنون الأقسام الغربية من "اليهودية" "Iudaea"، وهم على حد قوله من "النبط". ولما كان "سترابون" قد نقل كلامه من موارد أخرى قديمة، فما ذكره يفيد إن العرب كانوا يقيمون في فلسطين قروناً عديدة قبل الميلاد.
وقد ذكر العرب في جملة الشعوب الساكنة في "أورشليم" يوم مرور الخمسين يوماً على المسيح. ويظهر من أعمال الرسل إن أهل القدس كانوا خليطاً في تلك الأيام من معظم شعوب العالم المعروفة يومئذ.
وقد أطلق العبرانيون اسم "طيعة" و "طيابة" على العرب، محاكاةّ لبني إرم. فتجد اللفظة في "التلمود" وفي كتابات العبرانيين المدونة في القرون الأولى لميلاد. وقد أخذ الاسم "طيعة" و "طيابة" من "طيء" اسم القبيلة المعروفة، على فى ما ذكرت في الفصل الأول.
وقد ذكرت في "المدراش" قبيلة عربية عرفت ب "سوجي"، لعله "سواجر"، أو ما شابه ذلك من أسماء.
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|