وقد وجه "بطلميوس أورغاطس الثاني" Ptolemy Euergetes "146 - 117 ق. م."، انتباهه نحو البحر الأحمر والمحيط الهندي والهند، فكون أسطولاً قوياً من البحر الأحمر، قام برحلات منتظمة إلى قبلة أنظار التجار: الهند. ويظهر من بعض الكتابات إنه خصص موظفين بإدارة أعمال السفن والسهر على سيرها وإدامتها وتنميتها. أناط بهم حماية السفن التجارية وحراستها حتى لا يتحرش بها لصوص البحار، الذين كانوا يهاجمون السفن المحطمة و يأخذون ما فيها ويتعرضون للسفن المحملة بالأثقال يأخذون ما فيها وينقلونه إلى الساحل. وقد ألف تحقيق هذه المهمة حرساً بحرياً أخذ دور شرطة بحرية، واجبها تقديم المساعدات لمن يصليها وتعقب اللصوص.
وقد برز اسم قائد محنك من أهل CyzicusKyzikus استطاع إن يبلغ الهند وأن يتاجر معها، وأن ينشء خطاً ملاحياً منتظماً بين مصر والهند. وقد استطاع هذا القائد المسمى ب "يودوكسوس " Eudoxus إن يتعلم أشياء كثيرة من أسرار الملاحة البحرية وأخطارها ومجازفاتها ومن معارفها والأماكن التي يجب النزول بها، ولعل ادراك "هيبالس" "هيبالوس" Hippalus لأهمية الرياح الموسمية واستعماله لها، هو ثمرة من ثمرات الرحلات التي قام بها "يودوكسوس" للهند. و إذا لم يكن "هيبالوس" من رجال ذلك القائد، فانه لم يكن بعيد عنه على كل حال.
وكان الساحل الشمالي الغربي لجزيرة العرب، أي القسم الجنوبي من المملكة الأردنية الهاشمية في الزمان الحاضر وأعالي الحجاز للنبط. لهم حكومة تحكمهم، إلا إنها كانت تخضع لنفوذ البطالمة و قد تأثرت مصالحهم كثيراً، ولا شك بتدخل البطالمة في أمور البحر و بوضعهم اليونان في أماكن متعددة من الساحل لحماية سفنهم، ولاتجارهم مباشرة مع موانئ جزيرة العرب، حيث أثر ذلك على القوافل التجارية البرية التي كانت تحمل تجارات إفريقية والهند العربية الجنوبية فتأتي بها على ظهور الجمال إلى بلاد الشام مخترقة أرض النبط وبذلك تدفع لهم حق المرور.
ولم يتأثر النبط وحدهم بسيطرة البطالمة على البحر الأحمر، بل تأثر بهذه السيطرة عرب الحجاز و العربية الجنوبية كذلك. أخذت سفن البطالمة تصل بنفسها وبحراسة السفن الحربية إلى الموانئ المشهورة، فتشتري ما تحتاج إليه وتبيع ما تحملة من سلع، و حرمت بذلك التجار العرب من موارد رزقهم التي كانوا يحصلون عليها، من الاتجار بالبحر. وقد اضطر التجار العرب على ترك البحر للمنافسين الأقوياء و على الاقتصار على إرسال تجارتهم بطرق البر نحو بلاد الشام.
ويظهر إن عرب البحر الأحمر، لم يكونوا يميلون إلى ركوب البحار وبناء السفن قبل أيام البطالمة وبعد أيامهم كذلك. ولهذا لم تكن لديهم سفن مهمة مذكورة في هذا البحر. ولم يكن لهم سيطرة عليه. بل يظهر انهم كانوا يتخوفون من ركوب البحر، وفي المثل المنسوب إلى "أحيقار": "لا تُرِ العربي البحر، ولا ساكن صيدا البادية"، تعبير عن وجهة نظر عرب العربية الغربية وأعراب البادية بالنسبة إلى البحر، والتجارة البحرية.
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|