ويذهب البعض إن قرية Egra، هي "الحجر". وهي بعيدة بعض البعد عن ساحل البحر، ويرى إنها كانت متصلة بميناء عرف باسمها أيضاً. كما إن ميناء "مدين" عرف باسمها أيضاً. ويرى إنه "الوجه" في الوقت الحاضر. ويزعم "سترابون" إن الإصابات التي أصابت الرومانيين، إنما هي من الأمراض والأوبئة ومشقات الطرق. أما من المعارك فلم يتكبدوا فيها إلا سبع إصابات. وفي زعم "سترابون" المذكور مبالغات ولا شك، إذ كيف يعقل عدم تكبد الرومان خسارة ما، مهما قيل في تنظيم الجيش وحسن تدريبه? وقد أشار في كلامه على إحدى المعارك، التي هاجم فيها العرب والرومان، إلى إنهم تكبدوا عشرة آلاف قتيل على حين خسر الرومان قتيلين اثنين فقط. وفي هذا القول وحده ما فيه من مبالغة ظاهرة.
لم يذكر "سترابون" - وهذا أمر يؤسف عليه جداً - من أسماء المواضع التي مر بها الرومان، أو من أسماء القبائل التي اتصلوا بها، أو اصطدموا بها، غير ما ذكرت، وهو شيء قليل جداً، لا يتناسب أبداً مع أهمية تلك الحملة التي قضت أشهراً في بلاد العرب،
خاصة إذا ما تذكرنا إن الرجل كان سائحاً وكاتباً وجغرافياً ومؤرخ، وكان صديقاً لقائد الحملة، ومدافعاً عنه، وقد كان نفسه من المشاركين في الحملة، في رأي بعض الباحثين. وما ذكره في الجملة عن بلاد العرب، يدل على إن معارفه عن جزيرة العرب محدودة، وقد استقاها من كتب من تقدمه من المؤلفين أو من السياح والملاحين والتجار من غير تدقيق أو نقد. وأعتقد إن أقدامه لم تطأ أرضاً في جزيرة العرب. وليس هنالك من شاهد يثبت اشتراكه في هذه الحملة، ولست أعتقد إن لدى القائلين باشتراكه فيها دليلاً قوياً يثبت ذلك الرأي. ولعله نقل ما قصه عن الحملة من تقرير قسمه إليه صديقه "أوليوس غالوس" أو أحد الذين اشتركوا فيها.
وترتب على قلة أسماء المواضع التي ذكرها "سترابون" في خبر هذه الحملة صعوبة إدراك الطرق التي سار عليها "أوليوس غالوس" إلى موضع وصوله Marsiaba، وهو آخر ما وصل إليه، ثم الطرق التي سلكها في رجوعه حتى موضع ابحاره إلى مصر. وابرز اسم بين هذه الأسماء التي ذكرها "سترابون": Negrani=Negrana أي "نجران" في رأي اكثر الباحثين
وبين "لويكة كومة" و "نجران" مواضع كثيرة، وأرضون واسعة، لم يذكرها "سترابون"، وكل ما ذكره هو إن الجيش دخل بعد تركه ميناء "لويكة كومة" أرض ملك يعرف ب "الحارث" Aretas، ثم أرضاً يقطنها الأعراب، وهي صحراوية في الأكبر، تعرف باسم "أرارين" Ararene وقد ذهب "الحارث" إلى ربه، وذهب معه "سترابون"، فأي أرض قصدها صاحب خبر هذه الحملة التي تعود إلى "الحارث" ? وأي أرض هي Ararene?. لقد ورد في الكتب الإسلامية اسم قبيلة تعرف ب "بني الحارث ابن كعب"، وذكرها الهمداني وذكر مواضعها، وتقع شمال "نجران" إلى وادي تثليث، ويرى "كلاسر" إنها الأرض التي قصدها "سترابون" وان "الحارث" Aretas هو "الحارث بن كعب"، وهو كناية عن جد هؤلاء الذين أصبحوا في الإسلام يسمون "بني الحارث بن كعب".
وأرى إن Aretas هو اسم ملك كان يحكم منطقة نزل فيها الرومان، وانه رجل كان حقاً من ذوي قرابة "عبادة" ملك النبط، وان الرومان عرفوا اسمه ولم يعرفوا اسم أرضه الواسعة فنسبوها إليه، فقالوا: أرض Aretas كما يقول العوام في العراق عن نجد والمملكة السعودية: "أرض ابن سعود" أو "قيعان ابن سعود" أو كما يقولوا حتى اليوم لأرض قبيلة من القبائل "أرض فلان"، ويذكرون اسمه، لاشتهاره ولقوة شخصيته.
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|