من هؤلاء "يوليا دومنا" Iulia Domina "يوليا ميا" Julia Maesa، و "ايلاكبل" Elagabal "218 - 222 م"، و "يوليا مامية" Julia Mammaea و "سيفيروس الكسندر" Severus Alexander "222 - 235 م"، وكانوا في رأيهم من أسرة دينية عربية. أما "فليب" Phi;ippus "244 - 249 م" الذي تولى عرش "رومة"، فقد عرف ب "فليب العربي"، وقد برز نفر من أسرة "الزباء" ملكة تدمر، ونالوا مراكز ممتازة في الامبراطورية الرومانية.
وقد سعى القيصر "سفيروس الكسندر" "سويروس الكنسندر" للوصول إلى الخليج، و ذلك في حروبه مع الفرس سنة "232 م"، وقد تمكنت بعض قوّاته الزاحفة عن طريق نهر الفرات من بلوغ "البطائح"، ولكنها جوبهت بمقاومة عنيفة من الفرس، حتى اضطرت إلى العودة من حيث أتت، ولم تتمكن من تحقيق هدفها المنشود.
وحاول "فيليب العربي" Philipus Arabus،جاهداً الوصول إلى اشد والسيطرة على الخليج، غير إن الحظ لم يكن في جانبه في حروبه مع الفرس، واضطر إلى ترك ذلك المشروع الخطير.
وقد انتهز الأعراب فرصة الكارثة التي نزلت بالقيصر "فاليريان" Valerianus "253 - 260 م"، بتغلب للفرس عليه، فأخذوا يهاجمون الخطوط الرومانية الدفاعية، ويباغتون مدنها بغزوهم لها، مما حمل من جاء بعده من حكام "رومة" على تقوية الحصون و إعادة ترميم استحكاماتها، ومن هذه مدينة Adraha، وهي "درعه" "درعا" "الدرعة". لتصمد أمام غارات الأعراب التي تكاثرت عليها.
وقد كوّن الرومان كتائب من الجنود العرب ألفّوها لحماية الطرق وللدفاع عن حدودهم الطويلة المتصلة بالبوادي، وهي حدود يصعب على الجيوش النظامية حمايتها، ولذلك عمدوا إلى تكوين هذه الكتائب. وفي في الكتابات "الصفوية" كتابات دوّنها أصحابها يذكرون فيها فرحهم وحمدهم لآلهتهم لأنها ساعدتهم في فرارهم من الخدمة في الجيش الروماني، ورجوعهم إلى أهلهم سالمين، بعد إن قتل غيرهم في أثناء فرارهم على أيدي من كان يتعقبهم من عساكر الروم أو البيزنطيين لإجبارهم على الرجوع إلى ثكناتهم. والظاهر إن كثيراً من هؤلاء كانوا من الجنود المرتزقة أو المسخرة التي أكرهت على الخدمة في الجيش. فنجد في إحدى الكتابات إن رجلاً اسمه "حنين بن حنين بن أياس" اتخذ سنة فراره من "نمارة السلطان"،
مبدأ أرخ به، دلالة على أهمية تلك المناسبة بالنسبة إلى حياته، وذكر إنه شاد قهراً على مرقد أخته "وبنى هرجم" "وبنى الرجم"، والرجم القبر. والظاهر إن "السلطان"، أي "سلطان" الروم تعبير عن حكومة كانت قد أقامت مركزاً أو حامية أو معسكراً "نمارة"، وكان حنين أحد من كان في ذلك المعسكر ففر منه، وفرح لنجاته بنفسه.وتعبر "السلطان" من التعابير العربية القديمة التي لا تزال حية حتى اليوم.
وفي رجلاً آخر اسمه "مغير بن محلم"، يؤرخ بسنة هرب رجل اسمه "جر" "جور" من "قصر نقات" "قصر نقأت". والطاهر إن "قصر نقأت" كان ثكنة من ثكنات الروم، وقد حشد فيها جمع من العرب لأداء ا الخدمة العسكرية للسلطات الرومانية، ففر منها "جور". وفي هذه السنة جاء "مغير" إلى قبور جماعة ذكر أسماءهم قتلوا فوضع رجماً أي حجارة فوق قبورهم تعبيراً عن تكريمه لذكراهم. وقد وردت في النص جملة "طر هسموي"، أي "طير السماء". وقد ذهب "ليتمان" E. Littmann إلى احتمال كون "طير" اسم رجل، و "هسموى" بمعنى "السماوي"، أي نسبة إلى بادية السماوة، أو اسم موضع "سمه" "سامه" يقع جنوب شرقي "بصرى".
ونجد شخصاً اسمه "تيم ايل" يذكر في كتابة له هذه الجملة "ونفر من رم"، أي "ونفر من الروم"، و "نفر" بمعنى "فر" في الصفوية. ولم يذكر "تيم ايل" سبب فراره من الروم، ولعله كان من الكتائب العربية، ففر منها طلباً للحرية والراحة والمعيشة مع الأهل، أو إنه كان قد غزا حدود الروم، فقبض عليه وسجن ففر من سجنه. ونجد رجلاً آخر يذكر إنه "نفر من الروم" وذلك في سنة ثلاث. ويقصد بسنة، مرور ثلاث سنوات على تأريخ احتلال الرومان لبلاده، وقد وقع ذلك في السنة "105" أو "106" للميلاد، أي في عهد تكوين المقاطعة العربية وسقوط "بصرى" في أيدي الرومان على نحو ما ذكرت. فتكون أذن سنة هربه مساوية لسنة "108" أو "109" بعد الميلاد.
وقد عبر شخص آخر عن هربه من الروم ورجوعه إلى اهله ناجياً سالماً بعبارة "ونجى من رم"، أي "ونجا من الروم". فيظهر إنه كان أيضاً في أيدي الرومان لسب نجهله فاهتبل الفرص، وهرب منهم، ونجا بنفسه، حيث وصل إلى منزل جده وأقام عنده يرعى ماعزاً له. و أما "سواد بن يسلم"،فقد كان يشعر إن الرومان كانوا يراقبونه ويتعقبون آثاره لسبب لم يذكره، وقد عبر عن ذلك بقوله "
وخرص ال روم" أي "وخرّص الروم"، بمعنى إنه راوغهم وخلص منهم. ولم يذكر سبب مراقبة الرومان له فلعله كان قد اغار على ارض الروم، أي الأرضين المحتلة الخاضعة لهم ليغنم منها شيئاً فتعقبه حرسهم، ولكنه راوغهم "وخرص" منهم ونجا.
وقد أزعجت القبائل الرومان بغارتها على الأرضين التي استولوا عليها و أخضعوها لحكمهم، فأوجد الرومان جيشاً مرتزقاً من آهل البلاد التي تحكموا في امرها، وضعوه تحت إمرة جماعة من الضباط الرومان، وجعلوا واجبه حماية الحدود والدفاع عنها،و أقاموا له ثكنات على طول تلك الحدود، ورد أسماء بعضها في الكتابات الصفوية وغيرها. ومع ذلك كانت القبائل و تهتبل الفرص، فتهاجم الحدود و تتوغل في الأرضية الخاضعة للرومان تستولي على ما تجده أمامها من مال وحيوان، ثم تعود سرعة إلى مضاربها في البادية حيث يصعب على الرومان محاربتها هناك.
كانت الإسكندرية منذ تأسيسها إلى الفتح الإسلامي، المنبع الذي أمدّ رجال السياسة والحرب والعلم يما احتاجوا إليه من علم عن بلاد الشرق وإفريقية. فيها تجمع التجار أصحاب المال يبحثون عن البضاعة وعن منشئها وأسعارها في المنشأ وفي كيفية الحصول عليها بأسهل السبل وبأرخص الأسعار، منهم من ذهب بنفسه إلى مواطن البضاعة وإلى الأسواق الرئيسية المجهزة، فتموّن منها ما احتاج إليه، ومنهم مهن تسقط أخبارها من تجار الإسكندرية أو التجار الوطنيين الوافدين على الإسكندرية، أو من رجال السفن. وفي الإسكندرية كانت في الغالب نهاية مطاف ربابنة السفن الذين خبروا البحر وعركوه، ووقفوا على أحوال البلاد الغريبة العحيبة: علم إفريقية و آسية، ومن أفواههم تلقف التجار والعلماء أخبار البحار وما وراءها من أرضين، وفي مكتبتها ودوائرها الرسمية حفظت تقارير قادة الأساطيل والجواسيس الذين كانوا يتجسسون الأخبار عن أحوال حكومات وشعوب تلك البلاد. وهي تقارير لابد إن تكون على غاية من الخطورة و الأهمية عند خلفاء الإسكندر ثم الرومان فالبيزنطيين، ويحدثنا "أغاثر شيدس" "أغاثر خيدس" الذي عاش في الإسكندرية في حوالي "110 ق. م."
إنه اخذ علمه بأحوال البحر الأحمر من أفواه أناس قاموا هم أنفسهم بأسفار إلى البحر الأحمر وإلى ما وراءه، كما أخذه من وثائق ملكية وسجلات كانت محفوظة، سمح له بالوقوف عليها، وفي جملتها تقرير "أرسطون" "أرستون"، و هو أحد رجال البحر الذين كلفهم "بطلميوس الثاني، أو "بطلميوس" آخر كشف البحر الأحمر، فلما أنجز عمله وخبر أمر الساحل العربي بحر، قدم تقريره المذكور. فحفظ في جملة الوثاثق الخطيرة المهمة في خزانة وثائق الإسكندرية ومن هذا المنبع أخذ بقية الكتاّب. ومنهم من قام نفسه بركوب البحر وبأسفار في الشرق، ثم عاد إليها ليضع ما حصل عليه في كتاب.
والخلاصة إن هذه التطورات والأحداث السياسية والعسكرية التي وجهت أنظار الغرب منذ أيام "الإسكندر الأكبر" نحو الشرق، قد أدت إلى نزول اليونان والرومان بأنفسهم إلى البحار الدافئة لمنافسة العرب في تجارتهم، في بحارهم وفي البحار الأخرى،
فبنوا سفناً أقوى وأكبر وأوسع، وأخذوا يقومون أنفسهم بالتدريج، ويضلون الموانئ المهمة أو يقيمون لهم قواعد قوية عسكرية على السواحل لحماية خطوط مواصلاتهم البحرية، وبذلك أصابوا التجارة العربية إصابة مباشرة وأنزلوا بها ضرراً بالعاً، إذ أخذوا يشترون منتجات البلاد الحارة من مواضع إنتاجها، وصاروا يزاحمون السفن العربية التي لم تتمكن من تطوير نفسها تطويراً يناسب الزمن وروح العصر، فتغلبت سفن الروم والرومان عليها كما تغلب البرتغاليون فيما بعد ثم مَنْ جاء بعدهم من الغربيين على السفن العربية في عصور الاستكشاف، واضطر التجارة العرب إلى اعتزال البحر والانسحاب منه تدريجاً والاكتفاء بشحن ما محصلون عليه بطرق البر، إلى أسواق تفرض ضرائب مرتفعة على التجار والتجارات. وقد أدى هذا التطور إلى إضعاف مركز العرب الجنوبيين إضعافاً كبيراً، وإلى إلحاق الأذى بثرائهم، وصار الروم والرومان يتدخلون في شؤون العربية الجنوبية تدخلاً مباشراً أو غير مباشر بتحريض الجيش والقبائل العربية على حكومات العربية الجنوبية على نحو ما سنراه مفصلاً فيما بعد
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|