وقد وصلت إلينا أسماء ملوك حكموا مملكة "لحيان"، و هي مملكة صغيرة تقع أرضها جنوب أرض حكومة النبط، ومن أشهر مدنها: "ددان"، و هي خرائب "العلا" "الخريبة" في الزمن الحاضر، و "الحجر"، وقد عرفت ب "Hegra" و "Egra" عند اليونان واللاتين. ومن الكتابات اللحيانية والآثار التي عليها في مواطنهم، استطعنا استخراج معارفنا عن مملكة لحيان.
وقد كان شعب لحيان من شعوب العربية الجنوبية في الأصل في رأي بعض الباحثين. وقد ذكرهم "بلينيوس" في جملة شعوب العربية الجنوبية، وسماهم Laecanitae=Lechieni أو Lexianes. وقد ذهب بعض الباحثين إلى إن الحميريين استولوا على مواطن اللحيانيين في حوالي سنة "115 ق. م."، فخضعوا بذلك لحكم الحميريين.
ومما يؤيد وجهة نطر من يرى إن اللحيانيين هم من أصل عربي جنوبي، ورود اسم "لحيان" في نص عربي جنوبي قصير، هذا نصه: "أب يدع ذلحين" أي "أبيدع ذو لحيان". وفي هذا النص دلالة على إن اللحيانيين كانوا في العربية الجنوبية، ويظهر إن "أبيدع" المذكور كان أحد أقيال "لحيان" في ذلك الزمن.
ويرى "كاسل" إن اللحيانيين كانوا يقيمون على الساحل على مقربة من "ددن" "الديدان"، وكانت لهم صلات وثيقة بمصر، وتأثروا بالثقافة اليونانية التي كانت شائعة في مصر إذ ذاك، حتى إنهم سمّوا ملوكهم بأسماء يونانية، مثل "تخمي" Tachmi، و "بتحمي" Ptahmy، و "تلمي" Tulmi , و قد أخذت من "بطلميوس" Ptolemaios.
أما الكتابات اللحيانية أو الكتابات الأخرى مثل النبطية أو الثمودية أو المعينية وغيرها، فإنها لم تتحدث بأي حديث عن أصل اللحيانيين.
ويعود الفصل في حصولنا على ما سندونه عن تأريخ لحيان إلى الكتابات اللحيانية. وهي، وإن كانت قليلة وأكثرها في أمور شخصية، فقد أفادتنا فائدة قمة في الكشف عن بعض تأريخ اللحيانيين. وستزيد معارفنا بالطبع في المستقبل كلما زاد عثور العلماء على كتابات لحيانية جديدة، ولا يستبعد إن يكون عدد منها ما يزال مطموراً في باطن الأرض.
وقد عالج بعض المستشرقين موضوع "لحيان"، ومنهم "كاسكل" فكتب فيهم كتابين باللغة الألمانية. " ذهب فيهما إلى إن اللحيانيين كانوا كأكثر الشعوب تجاراً، وكانت تجارتهم مع "مصر" بالدرجة الأولى. وقد انتزعوا الحكم من الجاليات المعينن التي كانا تقيم في هذه الأرضين التي كانت في الأصل جزءاً من مملكة من. فلما ضعف أمر حكومة معين في اليمن ولم يبق في استطاعتها السيطرة على أملاكها البعيدة عنها، طمع الطامعون ومنهم اللحيانيون في المعينيون الشماليين الساكنين في هذه الأرضين، فانتزعوا الحكم منهم وسيطروا عليهم، واندمج المعينيون فيهم حتى صاروا جزءاً منهم. وكان ذلك - على رأيه - في القرن الثاني قبل الميلاد. وفي حوالي "960" قبل الميلاد تقريباً.
ويرى "كاسكل" إن المعينين كانوا قد بقوا يحكمون "ديدان" مكونين حكومة "مدينة" إلى حوالي السنة "150 ق. م."، وعندئذ أغار عليهم اللحيانيون وانتزعوا الحكم منهم، ويرى إن من المحتمل إن الملك الأول الذي حكم اللحيانيين كان من أهل الشمال، وربما كان من النبط غير إن الذين جاءوا بعده كانوا من اللحيانيين
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|