ومكنه من تكبيدهم خسائر كبيرة ومن أسر عدد كبير منهم ومن الاستيلاء على غنائم كبيرة مهنهم، ولأنه ساعده وأيده في مهمته التي كلفه سيده "شعر أوتر" إياها، وهي مهاجمهّ أرض الحبشة "أرض حبشت"، و "جدرت" ملك "حبشت"، أي ملك الحبشة وأكسوم، ولأنه أعاده سالماً مع كل من اشترك معه في المعارك أو قام باًلواجبات العسكرية التي عهد إليه إن يقوم بها ضد النجاشي "نجشين"، ولأنه ساعده وأعانه "هعن" في كل المعارك التي وقعت بين مدينة "نعض" ومدينة "ظفار"، التي تقدم نحوها "بيجت" "ب ي ج ت" ولد النجاشي "نيجش" ومن كان معه من قوات جيشه، فنزل بها وتمكن منها، وعندئذ أعانه "المقه" ربه على الحبش بأن أوحى إليه بأن يباغتهم ليلاً، فباغتهم وانتزع "قتروعد" منهم، وهو جزء من مدينة "ظفار"، فذعر الحبش والتجأوا إلى حصن في وسط "ظفار" فتحصنوا فيه وأخذوا يقاومون منه. غير انهم لم يتمكنوا من الاحتماء به طويلا في مقاومة قوات سبأ، لأن الإله "المقه" عزز جيش "قطبان أوكان" بقوات "لعززم يهنف يهصدق" "ملك سبأ وذي ريدان" التي كانت قد وصلت إلى هذه الجبهة واتصلت بقواته. وعندئذ حاصرت الأحباش وقتلت منهم ونهكتهم،
ثم اتفق القوم في اليوم الثالث من الحصار على أن يباغتوا الحبش ليلاَ، فيهاجمهم قوم من ذمار وجماعة من الفرسان وعشائر من "بني ذي ريدان"، ويأخذونهم على غرة، وقد نجحت هذه الخطة وبوغت الحبش وقتل منهم أربعمئة جندي، قطعا رؤوسهم، وفي اليوم الثالث أيضاً ترك "قطبان أوكان" جبهة "ظفار" وتوجه ليعقب فلول الحبش إلى أرض المعافر "معفرم". فلما أدركهم قتل، قوماً منهم واتصل بهم، فاتجه الباقون هاربين إلى معسكراتهم، وفي اليوم الثاني من هذا الالتحام تداعى الأحباش فتركوا منطقة ظفار، وذهبوا إلى المعاهر "معهرتن".
وقد أنهى "قطبان أوكان" صاحب النص نصه بالتوسل إلى الإله "المقه ثهوان" أن يمدّ عمر سيده "لحيعثت يرخم" "ملك سبأ وذي ريدان" وضعه الصحة والقوة والمعرفة، وان يقهر أعداءه وخصومه، وان يبارك له ولأهله، ويمنحه أثماراً وافرة وغلة كثيرة في موسمي الصيف والخريف وسيارك في زرع أرضه وأرض عشيرته في الصيف وفي الشتاء
ويتبين من هذا النص انه ما كاد جيش "شعر أوتر" ينتصر على حضرموت وعلى الردمانيين حتى فوجئ بالحبش يشنون حرباً عليه ويتصدون له. فكلف الملك القائد "قطبان أوكان" إن يسير إلى من عصى وتمرد وخالف أوامر الحكومة للقضاء عليه، ثم يسير على رأس قوة إلى أرض الحبشة: يحارب بها "جدرت" ملك الأحباش والأكسوميين "عدى أرض حبشت ب عبر جدرت ملك حبشت وا*********ن" فنفذ القائد أمره وأتم الخطط العسكرية التي وضعت له، ثم عاد مع جنده سالماً، ولم يشرح النص كيف بلغ القائد أرض الحبشة، وهل قصد بأرض الحبشة الحبشةَ المعروفة والسواحل الإفريقية المقابلة لبلاد العرب، أو قصد موضعاً آخر فًي العربية الجنوبية? ولكن الذي يقرأ النص ويدقق في جملة ويوفق بين معانيها، يخرج بنتيجة تجعله يرى إن المراد من جملة "على أرض الحبشة إلى جدرت ملك الحبش والأكسوميين"، أرض الحبش في إفريقية، لأن الملك "جدرت" ملك الحبشة وأكسوم، لم يكن يقيم في بلاد العرب، ولكن في إفريقية،
فأمر "شعر أوتر" قائده بالسير إلى أرض الحبشة إلى "جدرت"، معناه التوجه إلى إفريقية لمحاربة النجاشي "جدرت" 0 أما "الحبش" الذين كانوا في بلاد العرب، فقد كانوا تحت حكم "بيجت ولد النجاشي"، فلا يمكن أن تكون الأرض المحتلة هي المقصودة. والظاهر إن القائد المذكور ركب البحر مع جنوده من "الحديدة"، وتوجه منها إلى السواحل الإفريقية فنزل بها، وباغت أهلها بغزو من وجده أمامه، ثم جمع كل ما ظفر به من أموال ومن أناس أسرهم وعاد بهم وبالأموال مسرعاً إلى بلاده، فاشترك في بقية المعارك التي ذكرها في نصه، وفي جملتها محاربة الحبش الذين تحت إمرة "بيجت".
و "معاهر" على ما يظهر حصن "وعلان" في "ردمان". وقد استدل "فون وزمن" من عدم تدوين اسم الملك "شعر أوتر" في نهاية النص ومن ذكر اسم الملك "لحى عثت يرخم" "ملك سبأ وذو ريدان" فيه، تقرباً إليه وتيمناً به، على وفاة "شعر أوتر"، وتحكم الملك "لحيعثت" عند تدوين هذه الكتابة
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|