ولم يكن ملوك "اًربعن"، ملوكاً كباراً بالمعنى المفهوم من لفظ "ملك"، ولم نكن مملكة "أربعن" بالمعنى المفهوم من لفظة "ملكة"، وإنما كانوا أمراء قبيلة، وسادات قبائل، تمتّعوا بشيء من الاستقلال في حدود أرض قبيلتهم، وقد أعجبتهم لفظة "ملك" فحملوها. وقد كانوا في الواقع دون ملوك سبأ أو معين أو حضرموت أو "قبان بكثير، وكانت مملكة "أربعن" إمارة أو "مشيخة" كما نفهم من هذه اللفظة في المصطلح الحديث.
بتع
رأينا إن سلالة من "بتع" حكمت "سبا وذو ريدان". وقرانا في الكتابات ولا سيما كتابات "حاز" وكتابات مواضع أخرى تقع في صميم "بلد همدان" أسماء رجال هم من "بني بتع"، فمن هم "بنو بتع"?
والجواب: إن "بتع" قبيلة من قبائل "حاشد" و "حاشد" من همدان. ف "بنو بتع" أذن هم من "همدان". ولذلك تجد إن معظم الكتابات التي تعود إلى "بني بتع" عثر عليها في أرضين هي من مواطن همدان، مثل "حاز" و "بيت غفر" و "حجة" "حجت"، ومواضع أخرى هي من صمم أرض بتع.
ويرد اسم "حاز" في مواضع من "صفة جزيرة العرب" و "الإكليل"، وقد قال عنها الهمداني: "وحاز قرية عظيمة وبها آثار جاهلية ". وذكر إن سد "بتع" "الخشب" مما يصالى "حاز" ينسب إلى "بتع بن زبد بن همدان". وقد صيّر "الهمداني" وغيره "بتعاً" اسم رجل، جعلوه جد "بني بتع"، وجعلوا له والداً أسموه: "زيد بن همدان"، بينما هو اسم في قبيلة في ذلك الوقت.
وكانت "بتع" على ما يتبين من النصوص، تتمتع بنفوذ واسع ومكانة ظاهرة، ولها أرضون واسعة تؤجرها للافخاذ والبطون، من "بتع" ومن غير "بتع"، تأتي إلى أقيالها بأرباح طائلة. وكان رؤساء البطون والأفخاذ الذين يؤجرون الأرضين من "بتع" يعدون أنفسهم بحكم أقامتهم في كنف أقيال "بتع" وفي جوارهم أتباعاً لهم، ولههم حق السيادة عليهم. ويعبرون عن ذلك في كتاباتهم بحملة: "ادم بتع" "أدم بتع"، أي ********* أو خدم بتع، ويقصدون بها أنهم كانوا أتباعاً لهم. ويذكرون أسماء الأقيال في كتاباتهم، ويشيدون بفضلهم ومساعداتهم، ويدعون لهم فيها بطول العمر والخير والبركة، ويرجون من آلهتهم أن تزيد في سعادتهم ومكانتهم وأرباحهم.
وقد جمع "هارتمن" أسماء الأقيال البتعيين الذين وردت أسماؤهم في الكتابات، وهم: "برقم" "بارقم" "بارق" و "فرح آل يحضل" "ذرح ايل يحضل" و "هوف عثت" "هوفعثت"و "لحى عثت اوكن" "لحيعثت أوكن" و "مرثد علن اسعد" "مرثد عيلان أسعد" و "نشاكرب أوتر" "نشأكرب أوتر"، و "نشاكرب يزان" "نشأكرب يزأن" و "نشأكرب نهفن يجعر"، و "رب شمس نمرن" "رب شمس نمران" "ربشمس نمران" و "ردمم يرحب" "ردم يرحب"، و "عريب بن يمجد"، و"سعد اوم تمرن" "سعد أوام نمران"و "سخمن يهصبح" "سخمان يهصبح" و "شرحم يهحمد" و "شرحم غيلن" "شرح غيلان"، و "شرحم" "شرح" "شارح"، و "شرح ال" "شرح ايل"، و "شرح عثت" "شرحعثت" و "شرحب ال" "شرحب ايل" "شرحبيل"، و "كرب..."، و "يهمن" "يهامن" "يهأمن" وآخرون. ومن هؤلاء من ساد على "سمعي"، ومنهم من ساد على قبائل أخرى.
?سمعي
ومن أتباع "بتع" عشيرة "سمعي" ، ويظن بعض الباحثين إنها كانت في الأصل فرقة تجمع أفرادها عبادة الإله "تالب"، ثم أصبحت عشيرة من العشائر القاطنة في أرض همدان، توسعت وانتشرت وسكنت بين "حاشد" و "حملان" وفي "حجر". وكانت تستغل الأرضين التي يمتلكها الأقيال البتعيون، فكانوا يعدّون أصحاب تلك الأرض أقيالاً عليهم، ونسبوا إلى الأرض التي أقاموا فيها أو العشائر التي نزلوا بينها، فورد "سمعي حملان" و "سمعي حشدم"، أي "سمعي حاشد"، و "سمعي حجرم" أي "سمعي حجر". و "سمعي حملان" هم السمعيون الذين استوطنوا أرض حملان، واختلطوا بالحملانيين، لذلك نسبوا إلى "حملان"، فقيل "سمعي حملان". وأما "سمعي حشدم"، فهم السمعيون الذين سكنوا أرض حاشد، واختلطوا بقبيلة "حاشد" وقد كانوا يقطنون ارض "ريام". وأما "سمعي حجرم"، أي "سمعي حجر"، فهم سكان "حجر" على مقربة من "شبام"، وهم يكوّنون جزءاً من "سمعي"، وقد ورد في الكتابات: "سمعي ثلث في حجرم".
وظهر من عدد من الكتابات إن عشيرة "سمعي"، قد كانت مملكة يحكمها ملوك، ولم تكن هذه المملكة بالطبع سوى "مشيخة" صغيرة بالقياس إلى مملكة سباً، كما ورد اسم هذه العشيرة منفرداً، أي انه لم يقرن بحملان أو حاشد أو حجر أو غير ذلك من الأسماء. وفي ذلك دلالة على إنها قد كانت وحدة واحدة كسائر العشائر والقبائل، أو إن قسماً من "سمعي"، كان مستقلاّ منفرداً بشؤونه لا يخضع لحكم قبيلة أخرى عليه، أو إن "سمعي" كانت في وقت تدرين تلك الكتابات قبيلة قوية، يحكمها ساداتها الذين لقبوا أنفسهم بألقاب الملوك، ثم أصابها ما يصيب غيرها من القبائل من تفكك وتجزؤ وتشتت، فتجزأت وطمع فيها الطامعون، فخضعت عشائر منها لحكم قبائل أخرى مثل "حاشد" و"حملان"و"حجر".
ويصعب علينا بيان المدة التي تمتعت فيه هذه القبيلة بالاستقلال، وهو استقلال لم يكن بالبداهة مطلقاً،بل كان استقلالاّ من نوع استقلال "المشايخ" والرؤساء: استقلال في التصرف في شؤون القبيلة والمنطقة التي تتصرف فيها.
أما في العلاقات الخارجية، فيظهر إنها كانت مقيدة بسياسة الحكومات الكبيرة التي كانت لها السلطة والقوة مثل مملكة سبا وفي ريدان.
ومن الملوك السمعيين الذين وصلت أسماؤهم إلينا، الملك "يهعن ذبين بن يسمع ال بن سمه كرب"، أي "يهعان ذبيان بن يسمع ايل بن سمه كرب" "يهعان ذبيان بن إسماعيل بن سمه كرب"، والملك "سمه افق بن سمه يفع" "سمه أفق بن سمهيفع". جاء اسمهما في النص Glaser 302. وقد افتتحه الملك "يهعان"، بالدعاء إلى الإلَه "تالب" "تألب" في مبعده في "صبين" "صبيان" بأن ينعم عليه ويبارك له ولأولاده: "زيدم" "زيد" و "يزد ال" "يزيد ايل"، وأولادهما وأملاكهم جميعاً وبيتهم والمسمى بيت "يعد" "يعود" وأرضهم: أرض "تالقم" "تألق"، وفي الأملاك التي ورثت عن الملك "سمعي أفق بن سمه يفع" ملك سمعي من أرض زراعية وقرى ومدن. وأرض "نعمن" "نعمان" وغيرها. وجاء في النص ذكر "بنو رأبان" "رابن" حلفاء "سمعي" و "عم شفق"، وهو "قول" قيل "يرسم"، و "اقولن" أقيال "يهيب" و "املك مريب"، أي "ملوك مأرب"، و "شعبن سمع"، أي قبيلة "سمع" "سميع"، و "كرب ال وتر" "كرب ايل وتر" ملك سبأ.
حملان
وقد ورد اسم "حملان" في عدد من الكتابات. منها الكتابة الموسومة ب Glaser 179 التي دونت في أيام الملك "أنمار يهنعم بن وهب ايل يحز" ملك سبأ، دوّنها جماعة من "بتع"، وهي ناقصة، سقطت منها أسطر وكلمات. وقد قدموا إلى الإلَه " "تألب ريام" تمثالاً، لأنهم رجعوا سالمين من الحرب معافين. ويظهر أن أصحاب هذه الكتابة قاموا مع الملك بغزو في أرض "حملان"، فلما رجعوا سالمين قدموا هذا النذر إلى الإلَه "تألب ريام".
وكان "بنو حملان" أتباعاً ل "بتع". وقد ذكروا ذلك في كتاباتهم حيث دونوا جملة "ادم بتع"، كالذي ورد في الكتابة:CIH 224، وقد دوًنها رجال من "ذي حملان" "ادم بتع"، لمناسبة بنائهم بيتهم و "مذقنة تريش" وذلك بتوفيق من الإلَه "تألب ريام بعل شعرم" وبمساعدة رؤسائهم وسادتهم ورئيسهم صاحب أرضهم "سخمان يهصبح" من "بتع"، وبمساعدة قبيلتهم الساكنة بمدينة "حاز".
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|