يظهر مما تقدم إن قوات "الشرح يحضب" هاجمت قوات "كرب ايل ذي ريدان" في أرض "حرمتم" "حرمة" في بادىء الأمر، وتقع على مقربة من جبل "أتوت"، جنوب شرقي "ريدة". وقد ألحقت قوات "الشرح" قوات "كرب ايل" خسائر متعددة، وهزمتها في جملة معارك وقعت فيما بين "اساى" "أسأى" و "قرننهن" "قرننهان"، و امتدت حتى "عرشتن" و "ظلمن" "ظلمان" و "هكريم" "هكر". وهي مواضع لا نعرف من أمرها شيئاً يذكر. ويظن إن موضع "عروشتن" هو "العروش" في أرض "رداع". وهناك مواضع أخرى يقال لها "عروش"، منها موضع ذكره "كلاسر"، وسماه "بلاد العروش"، ويقع على مسافة "95" كيلومتراً جنوب غربي مأرب، وزهاء "70" كيلومتراً جنوب قي شرقي صنعاء، وموضع آخر يسمى بهذا الاسم يقع في منتصف طريق صرواح وذمار.
وهناك موضع يقال له "ظلمة" "ظلمه"، يقع على مسيرة ثلاث ساعات من غرب "سحول" السمحول. و "سحول" في أرض حمير. ويقع وادي سحول في شمال "إب"، فلعل له علاقة بموضوع "ظلمان".
ويظهر من النص، Jamme 578 أن "كرب ايل" بعد أن أصيب بهزائم في أرض "حرمة" في المعارك التي أشرت إليها، نبذته قبائل حمير، فاضطر إلى أن يتراجع إلى أماكن أخرى، ليجمع فلوله ويضم إليه من بقي موالياً له، فاستطاع إن يجمع اعوانه وانصاره ومن كان يميل إليه ويؤيده، جمعهم في وادي "أظور"، غير إن قوات الملكين هاجمته فأصابته بهزيمة اضطر على أثرها إلى الالتجاء إلى مدينتي "يكلا" "يكلأ" و "ابون" "أبون" "أبوان"، وأجبر على إن يعطي عهداً بالولاء للملكين، وكل الاعتراف بسيادتهما عليه. إلا أنه تحصن بمدينة "هكرم" "هكر"، وامتنع بها وأغلق عليه الأبواب عندما جاءته قوات الملكين تطلب منه الاستسلام. وهاجمت قوات الملكين المدينة، واستباحتها، فاضطر "كرب ايل إلى الاستسلام واعلان طاعته وخضوعه لملكين.
ويحدثنا النص ب Jamme 586 بأن الملكين تمكنا من سحق عصيان حمير ومن انزال خسائر فادحة بمحكاربيهم ومن تأديب عشائرها، ثم أنزلا خسائر فادحة بقوات "كرب ايل" وبكتائب حمير المحاربة التي كانت معه، وغنما من هذه المعارك غنائم كثيرة.
وقد قام صاحب النص بغارة مع أربعين جندياً على منطقة "سرعن" سرعان، فوجدوا هناك مئة جندي من جنود حمير فباغتوهم، وقتلوا منهم سبعة وعشرين نفراً، ثم تقدم صاحب النص على رأس قوة مكونة من خمسين جندياً من "سرعان"، فهاجم قبيلة "قشمم" "قشم"، وتمكن رجاله من قتل "الزاد" "الزأد" من عشيرة "ربحم" "ربح" "رباح"، ومن قتل واحد وخمسين محارباً من رجاله. ثم عاد رجاله بغنائم كثيرة وبعدد من الأسرى.
ويظهر إن القتيل "الزاد" "الزأد"، كان رئيساً من رؤساء العشائر، ومن مثيري الاضطرابات والفتن، ومن العصاة على حكم سبأ وذي ريدان. وأما "قشم"، فقبيلة أو عشيرة، كانما منازلها جنوب "ردمان" وغرب "مضحيم" مضحي.
وقد سجل الملكان أخبار انتصارات لهما في نص موسوم ب Jamma 576. وقد افتتح نصهما بمقدمة تخبر إن الملكين انتصرا بفضل توفيق الإله "المقه ثهون" "المقه ثهوان" ومساعدته لهما على جميع أعدائهما من المحاربين والقبائل ومن ثار عليهما، ابتداءً من القبائل النازلة في الشمال وفي الجنوب إلى المحاربين الذين حاربوا على اليابسة وفي البحر، وانهما لذلك شكرا إلههما بأن قدما إليه تماثيل تعبيراً عن حمدها له وامننه الطائلة عليها، ولأنه وفقهما أيضاً في أسر "ملكم" مالك، ملك "كدت" "كدة" "كندة"، وأسر جماعة من سادات قبيلة "كدت" "كدة" "كندة"، لأن "مالكاً" كان قد ساعد أعداء "المقه" وأعداء الملكين:
مراقيس بن عوفم" "مرأقيس" امرىء القيس بن عوف، ملك "خصصتن" "خصصتان". وقد وضعوا في مدينة "مرب"، وبقوا فيها إلى أن سلم لهما الشاب "مراقيس" "مرأقيس"، وكذلك ابن الملك "مالك" وأبناء سادات كندة، ليكونوا رهائن عندهما، فلا يحنثوا بيمين الطاعة للملكين. وقد سلموا للملكين أفراساً وحيوانات ركوب وجمال.
ويظهر من الفقرة المتقدمة من النص إن "مالكاً" كان من "كندة" "كدة" وكان ملكاً عليهما أيام حكم "الشرح يحضب" وشقيقه "يأزل بين". وقد ساعد "مراقيس" "مرأقيس" "امرئ القيس" مك مملكة صغيرة اسمها "خصصتن" "خصصتان"، الذي كان ضد سبأ، فأثارت هذه المساعدة غضب الملكين، فساقا جيوشهما على كندة وعلى "خصصتن"، وقد انتصرا عليهها، فاًسر ملك كندة، وأسر معه عدد من سأدات كندة، فأخذوا إلى مدينة تسمى "مرب"، يظن الباحثون إنها ليست "مأرب"، بل مدينة أخرى من مدن شعب "مرب" Marabites الذي يسكن أرض عدن، ووضعوا رهائن فيها، إلى أن جيء ب "مراقيس" "مرأقيس"، وهو ملك شاب، وبإبن ملك كندة وبأولاد سادات كندة حيث وضعوا رهائن عند الملكين، ليضمنا بذلك بقاء كندة ومملكة "خصصتن" على الطاعة والاخلاص لهما.
ويظن إن أرض مملكة "كدت" "كدة" كندة كانت في جنوب "قشم". وأما أرض "خصصتن"، فتقع في أرض "عدن".
وقد تحدث الملكان بعد انتهاء كلامهما على كندة وعلى "خصصتن" عن حملات تأديبية انتقامية أرسلاها على أحزاب "احزب" حبشية محاربة، أي عصابات منهم كانت تعيث فساداً فتغير وتغزو، وعلى عشائر "سهرة"، وعلى "شمر ذي ريدان"، وعشائر حمير، وذلك لأن كل من ذكروا حنثوا ببمينهم وخاسوا بوعدهم الذي قطعوه على أنفسهم، فثاروا على ملكي "سبأ وذي ريدان"، فخرج الملكان من "مأرب" إلى "صنعاء"، لمحاربة "شمر ذي ريدأن" وعشائر حمير و "ردمان" و "مضحيم" "مضحى". وقاد الملك "الشرح يحضب" بعض أقياله وجيشه وفرسانه ودخل أرض حمير، حيث حطم مقاومة حمير وقمع ثورتها، واقتحم "بيت ذ شمتن" "بيت شمتان" ومدينة "دلل" دلال و "بيت يهر" ومدينة "اظور" على حدود أرض "قشم"، وأباح تلك المدن، وحصل منها على غنائم طائلة وأسَر كثيرين، ثم عاد إلى معسكره بين مأرب وصنعاء.
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|