والنصوص الثلاثة الأخرى، هي في أمور شخصية، لا صلة لها بالسياسة وبالحرب وببقية النواحي من الحياة العامة، كل ما فيها توسلات وتضرعات إلى الآلهة بأن تمنَّ على أصحابها بالخيرات وبالبركات وبالسعادة وبأولاد ذكور "أولدم اذكرم"، وما شاكل ذلك. ولذلك لا أجد فائدة في الكلام على مضونها في هذا المكان.
وقد وضع "جامه" اسم "نشأكرب يهأمن يهرحب" بعد اسم "وتر يهأمن" في الحكم. و"نشأكرب" هذا هو أحد أبناء "الشرح" أيضاً، فهو شقيق "وتر يهأمن".
وقد حصل الباحثون على عدد من الكتابات من أيام حكم "نشأكرب"، من جملتها الكتابة: Jamme 619، وصاحبها رجل اسمه "رب ايل اشوع" "ربئيل أشوع"، وانه "ددال" "دودايل" "دادايل" "داديل" من عشيرة "حلحلم" "حلحل" "حلاحل". وقد كان "رب ايل أشوع" عاقب "عقبت" الملك على مدينة "نشقم" أي "نشق". ويراد ب "عقبت" "عاقب"، درجة نائب الملك، أو ممثله الذي يمثله ويدير مكاناً مام وقد دوّن كتابته عند شفائه من مرض ألمَّ به وهو في مدينة "نشق"، ومن اضطراب وقع له في معدته، ومن سقوط بعيره بعثرة عثرها، فسقط "رب ايل أشوع" من ظهره على ما يبدو من النص، ولكي يحظى برضى سيده "نشأكرب يهأمن يهرحب، ملك سبأ وذي ريدان ابن الشرح يحضب، ملك سبأ وذي ريدان".
وسجل "رب ايل" وأخواه "يزد" "يزيد" و "هوف ال" "هوف ايل" "هوفئيل" ،هم من "ال ذخرم" "آل ذخر" شكرهم وحمدهم للإلهَ "المقه ثهوان" "بعل أوام"، لأنه نجاهم مما ألمّ بهم من أمراض، وخفف عنهم كل شين نزل بهم "تشينت هشين"، ومن كل مصيبة ألمت بهم فنهكتهم، سجلوه على لوح وضعوه في معبد ذلك الإلَه، كما أهدوا إليه صنماً، أي تمثالاً، تعبيراً عن شكرهم وحمدهم له، وكان ذلك في عهد هذا الملك الذي نتحدث عنه.
وج.اء اسم "نشأكرب" في النص: Rep. Epig. 3563، وقد نعت فيه ب "ايمن يهرحب" بدلاّ من "يهأمن يهرحب". وفي النص: Rep.epig 4191 قد سقط اسم أصحابه فيه، وكانوا أقيالاً "اقول" على قبيلة سقط اسمها فيه أيضاً، وقد عبروا عن أنفسهم ب "ادم نشأكرب"، أي "عببد نشأكرم"، على سببل الأدب والتعظيم للملك. وقد ذكروا فيه أنهم أهدوا اللإلهَ "المقة بعل اوعلن"، أي المقه رب "أوعلان"، صنماً "صلمن" مصنوعاً من صريرف "صرفن" أي فضة أو رصاص أو نحاس، بحسب تعريب الباحثين لكملة "صرف" "صرفان"، وصنماً آخر من ذهب، لأنه منَّ عليهم وأجاب كل ما سألوه.
وقد سجل الملك "نشأكرب يهأمن يهرحب" نصين آخرين، أحدهما النص:Jamme 611، والآخر النص Jamme 611. دوّن في النص الأول أنه أهدى لمعبد "المقه ثهوان"، وهو معبده المسمى "اوام" "بعل اوم"، صنمين، أي تمثالين من ذهب، لأنه أجاب دعواته "واستوفين كل دعت" ووفى له كل ما طلبه منه، وأعطاه "برق الخريف"، "ببرق خرف" أي الأمطار التي تتساقط في موسم الخريف، فتحيي الأرض وتغيث الزرع، وذلك في سنة "نشأكرب من معد يكرب" من "فضحم" "فضح الثاني"، ولأنه حفظه من البرد "بردم"، وربما قصد به مرض "البرداء"، أي "الملاريا" التي تجعل المريض وكأنه يرتجف من البرد. أو ربما قصد به نزلة أصابته، ومن "اربيم" وقد ترجمها "جامه" ب "جراد"، ومن سحب الهوام والحشرات التي ظهرت في هذا الموسم، بمناسبة حدوث هذا البرق، "بهيت برقن". و"كي يزيد في نعمه عليه ويباركها، ويحفظه ويحفظ ملكه "ملكهمو" ويحفظ جيشه "خمسهمو" "خميسه"، ولكي يثبر "لثبر" ويحط "وضع" من شأن كل شانىء وحاسد وعدو له.
وأما النص: Jamme 611، فيذكر فيه "نشأكرب يهأمن يهرحب"، انه قدّم صنماً، "صلمن"
إلى معبد الإلَه "المة"، وهو معبد "اوم" "أوام"، حمداً لذاته، لأنه أعطاه كل ما أراده وطلبه منه، ووفاه له، قدمه في شهر "هوبس وعثتر" من سنة "نشأكرب بن معد يكرب" من "حذمت" حذمة الثالث "ثلثن". ولكي يديم نعمه عليه، ويمنحه القوة والحول، ويبارك في ملكه "ملكهمو"، ويعز جيشه، ويقهر أعداءه.
ولدينا نص آخر من النصوص التي أمر "نشأكرب" بتدوينها، هو النص الذي وسم بJamme 877، يخبر فيه انه أهدى لمعبد الإلَه "المقه ثهوان"، وهو معبد "بعل أوام"، صنماً "صلمن"، لأنه من عليه، وأوحى إليه في قلبه بأن يقدمه إليه، ولأنه أجاب كل ما سأله وطلبه منه. وقد أهداه له في شهر "هوبس" من سنة "سمه كرب" "سمهكرب بن ابكرب" من "حذمت" حذمة الثالث "ثلثن". ولكي يديم نعمه عليه، وييارك فيه، ويبعد عنه أذى الأشرار والأعداء، وذلك بحق "المقه ثهوان" "بعل مسكت" و "يثو برن" "يثو برءآن".
وورد اسم هذا الملك في نص آخر وسم ب Jamme 621 وصاحبه من عشيرة "عبلم" "عبال" "عبل" "عبيل"، من بني "ااذنن" "أأذنان" "أأذن". وقد دوّنه تعبيراً عن حمده لذات إلهه "المقه" الذي وفى له كل مطلب طلبه منه، وذلك في عهد "نشأكرب"، كما ورد اسمه في النص Jamme 622 وصاحبه "ابكرب اصحح" "أبو كرب أصحح": وولداه "يحمد يزن" "يحمد يزان" "يحمد يزأن" "يحمد يزءان"، و "أحمد يزد" "أحمد يزيد"، وهم من "آ ل جرت" "جرة" ومن "آل انبر" "أنبر" "ال انبر" وقد دوّنا فيه حمدهما وشكرهما للإله "المقه"، الذي أغناهم وأنعم عليهم بغنائم حرب أرضتهم، ولمي يمن عليهم بتنفذ أي أمر يكلفهم الملك "نشأكرب" اياه، ولكي يبارك في زرعهم وفي حاصلهم الشتوي وحاصل الخريف وحاصل الصيف، ولكي يمنحهم البركة في أرضهم ويوفر لهم الماء لإسقاء زرعهم: ويبعد عنهم كل بأس "بن باستم" ويبعد الأرق عنهم، وكل مكروه وكل أذى وحسد الشانئين البعيدين والقريبين. ويلاحظ ورود اسم "أحمد" و "يحمد" في هذا النص
ويتحدث النص Jamme 612 عن حملة قام بها "احمد يغنم" "أحمد يغنم"، وهو ابن "نشاى" "نشأى"، وكان من كبار ضباط "مقتوى" الملك "نشأكرب"، بأنه أهدى لمعبد "بعل اوام"، المخحص بعبادة الإلَه "المقه" صنماً من ذهب، لأنه منَّ عليه وافاض عليه بنعمه، وأيده في الحملة التي قادها مع أقيال "اقولن" وجيش الملك إلى أرض حضرموت، ولأنه أعاده سالماً بريئأ "اتو ببريتم" معافى بعد أن قتل رجلين، ولكي يزيد في نعمه عليه وتوفيقه له، وليبعد عنه أذى الشانئين.
والنص المذكور نص موجز، لم يذكر أسماء المواضع التي حارب فيها جيش "سبأ وذي ريدان" في حضرموت، ولا الأسباب التي أدت إلى ارساله إلى هناك. ويظهر من ايجازه هذا ومن عدم إشارته إلى عودته بغنائم وأسرى وأموال، إن الحملة المذكورة لم تكن حملة كبيرة. وإلا قادها الملك نفسه، فقد كان من عادة الملوك عندهم ترؤس الحملات الكبيرة، وادارة الحروب بأنفسهم اذا كانت كبيرة، ولو رئاسة شكلية أو رمزية. وعدم إشارة هذا النص إلى وجود الملك مع رجال الحملة، يشير كما قلت إلى صغر حجمها، والى أن الغاية التي ارسلت من أجلها لم تكن ذات خطر، وقد تكون لمجرد تأديب قبائل من حضرموت تحرشت بسبأ أو عصت أمر ملك حضرموت. فأرسلها الملك "نشأكرب" لتأديب تلك القبائل الثاثرة.
ونقرأ في النص: Jamme 616 خبر معارك اشترك فيها أصحاب النص، وهم من بني "سخيم" سادات "بيت ريمان". وكانوا أقيالاً "اقول" على عشيرة "يرسم" من عشيرة "سمعي" التي تؤلف ثلث قبيلة "هجرم" "هجر"، كما كانوا من كبار ضباط الملك "نشأكرب"، أي من درجة "مقتوى". وقد نشبت تلك المعارك من امتناع عدد من القبائل عن دفع ما استحق عليها من في ضرائب، مما حمل الملك على ارسال حملة عسكرية إليها، تمكنت من تأديبها واخضاعها، فاضطرت عشاثر "*********ان جددم" "*********ان جدد" إلى ارسال ساداتها وأشرافها إلى مدينة صنعاء "صنعو" لمقابلة الملك وعرض طاعتهم عليه وخضوعهم له. وقد رضي المللك عنهم، وأدّوا ما استحق عليهم من إتاوة، وبذللك نجحت هذه الحملة. وسر أصحاب النص- وهم قادتها- بهذا النصر.
وتحدث النص بعد ذلك عن عصيان قبيلة "دوات" "دوأت ا وعشاثرها، وهي "اباس" "أبأس" و "ايدعن" "ايدعان"، و "حكمم" "حكم" و "حدلنت" و "غمدم" "غمد" و "كهلم" "كاهل" و "اهلنى" "أهلاني"، و "جدلت" "جدلة" و "سبسم" "سبس"، و "حرمم" "حرم" "حرام" و "حجرلمد"
و "أومم" "أوم" و "رضحتن" "رضحتان" من "حرت" "حرة". وقد ثارت كل هذه العشائر، وعصت الملك، وامتنعت من دفع الضرائب، فاضطر الملك إلى إرسال قوة عسكرية عليها، التقت بها في أسفل الأودية "بسفل اوديتن": "بارن" "بئران" "بأرن" "بأران" و "خلب" و "تدحن" "تدحان"، فانتصرت عليها، أي على العشائر الثائرة، واخذت منها غنائم كثيرة وأسرى.
وعثر على كتابات أخرى، ورد فيها اسمه ثم اسم "يأزل بين" من بعده، وذلك على هذا النحو: "نشأكرب يهأمن يهرحب، ملك سبأ وذي ريدان ابن الشرح يحضب، ويأزل بين، ملكي سبأ وذي ريدان". وقد أوجد ورود هذا الاسم-وذلك كما ذكرت سابقاً- للباحثين الذين قالوا بوفاة "يأزل بين" في أيام حياة "الشرح" مشكلة، خلاصتها: انه اذا كان "يأزل بين" قد توفي في أيام شقيقه، فلمَ ذكر اسمه في هذا النص وفي نصوص أخرى مثله? أفلا يدل ورود اسمه في النص على انه لم يمت في ذلك العهد ولكن بقي حياً، وعاد فحكم مع ابن أخبه "نشأكرب"، بعد ترضيته أو لأسباب أخرى لا نعرفها، فعاد اسمه، فظهر مرة أخرى في الكتابات?
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|