وفي النص Jamme 656 خبر حرب وقعت بين "شمر يهرعش" وحضرموت. وقد لقب "شمر يهرعش" فيه بلقبه الجديد: "ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت" وذكر أن حضرموت كانت اذ ذاك تحت حكم ملكين اسم أحدهما: "شرح ال" "شرح ايل" "شرحئيل"، واسم الآخر "رب شمس" "ربشمس" "رب شمسم". وزعم أن الملكين المذكورين هما اللذان أعلنا "هشتا" الحرب على الملك "شمر يهرعش"، غير أن النص لم يتحدث، كعادة النصوص إلى الأسباب التي حملت الملكين على إعلان تلك الحرب. وقد ذكر أن عاقبتها كانت سيئة بالنسبة لحضرموت، إذ خسرت فيها، وان الحرب كانت قد وقعت في "سررن" "سرران"، وأن أصحاب النص وكانوا من "سبا كهلن" "لسبأكهلان"،عادوا مع عشيرتهم من تلك الحرب سالمين غانمين. وقد قدموا عُشر حاصل غلتهم من زرع أرضهم ب "رحبتن" "رحابتان" "رحبتان"، للإلَه "المقه" ليبارك فيهم ويديم نعمه عليهم ويزيد مكانتهم عند سيدهم "شمر يهرعش، ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت" ولكي يعطيهم غلة وافرة وحصاداً طيباً هنيئاً.
وقد شهد أصحاًب هذا النص المعركة أو المعارك التي جرت في وادي "سررن" السر، وهو وادٍ يقع على مسافة سبعة كيلومترات من مدينة شبام، ويعرف ب "وادي سر" "وادي السر". ولم يتحدثوا عن معارك أخرى. مما يدل على أنهم لم يشتركوا في غير هذه المعركة، وأنهم عادوا بعدها قبيلتهم التي ساهما في القتال إلى مواطنهم.
وفي النص: Jamme 662 خبر مهم له علاقة وصلة بالنص السابق وبالعلاقات فيما بين سبأ وحضرموت في هذا العهد. خبر يفيد أن "شبوت" "شبوة" كانت في أيدي السبئيين في هذا العهد، وأن الملك "شمر يهرعش" "ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت"، كان قد عين "يعمر اشوع" "يعمر أشوع"، وهو سيد "وزع" من سادات "سبأ"، على مدينة "شوة"، عينه عليها لحمايتها وللمحافظة على الأمن فيها، وقد ذهب إليها ومعه قوم من "سبأ". وقد سر "يعمر أشوع" بالطبع بهذا التعيين وشكر ربه "المقه" على هذا التوفيق العظيم الذي حصل عليه بفضله.
فيظهر من هذا النص إن "شبوة" وهي عاصمة حضرموت، كانت في أيدي "شمر يهرعش"، قبل اختيار "يعمر أشوع" ليكون حاكماً عليها، ومعنى هذا إن جزءاً من حضرموت كانت قد أصبح في جملة أملاك سبأ، وهذا ما حمل "شمر يهرعش" على إلحاق جملة "وحضرموت ويمنت" إلى لقبه السابق، وهو "ملك سبأ وذو ريدان". غير إن السبئيين لم يكونوا قد استولوا على كل مملكة حضرموت،
بدليل ما ورد في النص السابق من وجود ملكين كانا يحكمان حضرموت وهما: "شرح ايل" و "ربشمس" "رب شمس". ويظهر إن "شرح ايل" هذأ هو الملك "شرح ايل" "شرحئيل" المذكور في النص Cih 948. أما الملك "ربشمس"، هذا فهو ملك آخر لا صلة له ب "ربشمس" الذي هو ابن الملك "يدع ايل بين" ملك حضرموت ووالد ملك آخر اسمه "يدع ايل بين" كذلك.
ويتبين من النص: Cih 948-وهو نص فيه أمور غامضة غير مفهومة، وعبارات غير واضحة، أمر الملك "شمر يهرعش" نفسه بتدوينه-إن الملك المذكور حارب الملك "شرح ال" "شرحئيل" "شراحيل" "شرح ايل" ملك حضرموت، وانه انتصر عليه انتصاراً كاسحاً. ويظهر إن الملك "شمر يهرعش" اضطر إلى قيادة حكمة جديدة على حضرموت، لأن الحظارمة انتهزوا فرصة عودة الملك "شمر يهرعش" إلى سبأ، وعودة معظم جيشه معه، سوى الحاميات التي. تركها في بعض المدن والمواضع مثل "شبوة" التي مرّ ذكرها، فثاروا على السبئيين، ثاروا بقيادة الملك "شرح ايل الذي مرّ ذكره، مما حمل الملك "شمر يهرعش" على الإسراع بالاتجاه نحو حضرموت للقضاء على الثورة. ويظهر من هذا النص ومن النصوص الأخرى إن الحظارمة وإن اندحروا وأصيبوا بهزائم في هذه المعارك الا انهم لم يتركوا النضال في سبيل الاستقلال وفي سبيل التخلص من حكم سبأ، وان ما تذكره النصوص السبئية من أخبار الهزائم الفادحة والانتصارات الباهرة هي من قبيل المبالغات في غالب الأحيان
ويلاحظ أن النص المذكور، قد أغفل اسم الملك الثاني "ربشمس" "رب شمس" الذي كان يشارك "شرح ايل" في حكم حضرموت. ولا ندري بالطبع سر إغفال اسمه. كما يلاحظ أيضاً أنه سمي الملك ب "شمر يهرعش"، بدلا من "شمر يهرعش" كما يرد في كل النصوص الباقية. ويلاحظ أن الأخباريين لا يسمون هذا الملك الا ب "شمر يرعش".
وبعد أن عاد الملك "شمر يهرعش" من حملته على وادي حضرموت، عاد فقاد حملة أخرى على أرض "ارض *********ان الددن" "أرض *********ن الددن"، "*********ان الدودان". وقد كلف الملك أحد قواده بأن يعسكر في مدينة "صعدة" "بهجرن صعدتم"، ويضع بها حامية. ثم يقوم بقطع الطريق على بعض فلول "*********ان الدودان"، وقد نفذ القائد ما طلب منه، فتعقب تلك الفلول. ولما أنهى الملك الحرب التي قام بها في أرض "*********ان الدودان" حارب جيشه فلول "سنحن" "سنحان" في وادي "دفا". وقد منّ الإلَه "المقه" عليه، فأعطاه غنائم وأسرى وسبايا واموالاً طائلة، أرضته وشرحت صدره.
وعاد الملك "شمر يهرعش" فأصدر أمره بوجوب الزحف على "سهرتن" "سهرتان" و "حرتن" "حرتان"، أي أرض قبيلة "حرت" "حرة". وهي أرض ورد اسمها قبلاً، حيث بلغ للملك إن زحف عليها، وذلك قبل استيلائه على حضرموت. ولما انتهت القوات من مقاتلة "سهرتن" و "حرتن"،
اتجهت نحو الشمال لمحاربة فلول "نشدال" "نشد ايل" في وادي "عتود"،الذي يصب في البحر الأحمر، والذي يقع على مسافة "85" كيلومتراً إلى الشمال الغربي من "جيزان". وتقع مدينة "جيزان" حوالي ثمانية كيلومترات إلى الشمال الشرقي من مصبه في البحر.
ويتحدث نص Jamme 660، عن غارة قام بها رحل اسمه "حرثن بن كعبم" "الحارث بن كعب"، ورجل آخر اسمه "سددم بن عمرم" "سداد بن عمرو "سدد بن عمر"، وكانا "جرينهن"، وقد تعني اللفظة منزلة من المنازل الاجتماعية، ومعها محاربان من محاربيهم هما: "نخعن" "النخع" "نخعان" و "جرم"، على "ذخزفن" بمدينة مأرب "هجرن مرب"، فحققوا ما أرادوا ثم خرجوا من "مأرب" ومعهم "يعمر" سيد "وزع" سبأ. فأمر الملك "شمر يهرعش" أحد رجاله واسمه "وهب اوم" "وهب اوام"، بأن يقتفي آثار الجناة ويقبض عليهم. فخرج إليهم وتعقبهم وقبض عليهم، وجاء بهم إلى الملك حيث عرضهم عليه في قصره "سلحن" "سلحين" "سلحان" بمدينة مأرب.
وكان "وهب اوم"، الذي تعقب الجناة وقبض عليهم، من كبار الموظفين قي حكومة "شمر يهرعش"، وكان بدرجة "كبر" أي "كبير" وهي درجة رفيعة في الحكومة تعني إن صاحبها موظف من أكبر الموظفين في الدولة، وان الملك عينّه ممثلا عنه لإدارة المقاطعات. وقد وضعت تحت تصرف هذا الكبير إدارة ثماني مقاطعات وقبائل هي: "حضرموت" و "كدت" "كندة" و "مذحجم" "مذحج" و "بهلم" "باهل" و "حدان" "حدأن" و "رضوم" "رضو" و "اظلم" "أظلم" و "امرم" "أمرم". والأسماء الأولى هي أسماء قبائل معروفة. معروفة عند أهل الأخبار كذلك. ولا يزال بعضها معروفاً حتى اليوم.
وشخص تناط به إدارة هذه القبائل والأرضين، لا بد وان يكون من الموظفين الأكفاء في عهد "شمر يهرعش". ويظهر من تسلسل أسماء المواضع والقبائل إنها كانت متجاورة يتاخم بعضها بعضاً. اذ لا يعقل إدارة شخص في ذلك الوقت مقاطعات مترقة وقبائل متباعدة من الوجهة الإدارية.
ويشير هذا النص إلى نوع من التنظيم الإداري الذي كان في حكومة سبأ في أيام هذا الملك.
ويعد النص: Jamme 657 من النصوص التي تعود إلى هذا العهد أيضاً. وهو نص دوّنه شخص من "مرحبم" أي "مرحب"، لمناسبة تقديمه ثلاثة أصنام إلى ربه "المقه ثهوان"، لأنه أجاب طلبة ومنَّ عليه بتحقيقه كل ما سأله من رجاء وتوسلات. ولكي يحقق كل ما سيطلبه من مطالب من إعطائه أثماراً كثيرةً من كل مزارعه، ومن حمايته وحفظه من كل سوء، ومن رجائه في أن يحظى بمكانة محمودة عند ملكه.
والنص: Jamme 661، هو كذلك من النصوص التي تعود إلى هذا العهد. وقد كتبه جماعة لمناسبة شفائهم من مرض خطير كاد أن يقضي عليهم، أصيبوا "مرضو" به في مدينة "ثت" "ثات"، فلما شفوا منه، حمدوا ربهم "المقه ثهوان" "بعل أوام"، لأنه من عليهم إذ شفاهم وحفظهم، وتوسلوا إليه أيضا، بأن يعطيهم القوة واسعة، وبأن يمنحهم غلة وافرة ويبارك في زرعهم، ويبعد عنها أعداءهم وشانئهم بحق "المقه ثهوان".
وقد استنتج "جامه" من النص: CIH 353، أنه قد كان للملك "شهر يهرعش" شقيق اسمه "ملكم" "ملك" "مالك"، وقد سقط لقبه من هذا النص، وقد استنتج منه أيضاً أنه كان قد حكم مع أخيه "شمر" وشاركه في في الحكم. ولم يرد اسم "ملكم" هذا في نص آخر، لذلك لم يدخل أكثر الباحثين في العربيات الجنوبية اسمه في عداد ملوك سبأ وذي ريدان.
وقد وضع "فلبي" اسم "يرم يهرحب" بعد "شمر يهرعش" وقال: إن من المحتمل أن يكون أحد أبناء "شمر"، وقد جعل حكمه في حوالي السنة "310 ب. م.".
أما "فون وزمن"، فجعل من بعده ولداً له سماه "ياسر يهنعم"، ولقبه بالثالث، ليميزه عن "ياسر يهنعم" والد "شمر يهرعش"، وعن "ياسر يهنعم" الأول الذي عاش قبله
وأما "ريكمنس"، فذهب إلى إن "ياسر يهنعم" هذا لم يكن ابناً لي "شمر يهرعش"، بل كان أباه، وقد حكم مع ابنه في بادئ الأمر حكماً مشتركاً، ثم انفرد ابنه بالحكم وأخذة لنفسه إلى إن مات، فعاد الحكم إلى أبيه "ياسر يهنعم" فأشرك "ياسر" هذا ابنه "ثارن ايفع" "ثأران أيفع" في الحكم، ثم أشرك ابنه الآخر "ذرأ أمر أيمن" معه في الحكم أيضاً. ويعارض "فون وزمن" هذا الرأي، اذ يراه تفسيراً غريباً لا مثيل له في الحكم، ويقتضي أن يكون عمر "ياسر" أذن عمراً طويلاً جداَ.
وقد جعل "فون وزمن" حكم "ياسر يهنعم" الثالث وابنه "ثارن أيفع" فيما بين السنة "310" و "325" للميلاد. تم ذكر اسم "ثارن يركب" "ثأران يركب" من بعدهما. وقد جعل زمانه فيما بين السنة "320" و "330" للميلاد. ثم وضع "فون وزمن" أيام حكم "ياسر يهنعم الثالث" وابنه "ذرأ أمر أيمن" في النصف الأول من القرن الرابع للميلاد، في حوالي السنة "330" بعد الميلاد و "336" بعد الميلاد. واذا كان هذا الافتراض صحيحاً أو قريباً من الصحيح، فانه يكون قد عاصر أو أدرك أيام "قسطنطين الكبير" "313 - 337 ب.م".
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|