وذكروا قصة تفيد عثورهم على قبر "تدمر بنت حسان". وقد اعجبوا ببنائها ووصف الشعراء صورتين جميلتين من بقية صور كانت فيها. وقد حاصرها خالد بن الوليد ثم ارتحل عنها فبعث أهلها رسلاً وصالحوه على ما أدوه له ورضي به. أما قصة العثور على قبر في تدمر ووجود جثة فيه، فأمر ليس ببعيد ولا بغريب. وأما قصة " تدمر بنت حسان" ونسبها والكتابة التي على قبرها، فهي من وضع الأخباريين والقصاص ولا شك.
وقد أشار " بلنيوس" "بلينيوس" إلى مدينة " Palmyra"، وهو أول كاتب " كلاسيكي" عرض لها، فذكر أنها مدينة شهيرة، ولها موقع ممتاز، أرضها خصبة، وبها ينابيع وعيون، تحيط بحدائقها الرمال. وقد عزلتها الطبيعة عن العالم ببادية واسعة الأطراف، بعيدة المسافات، وتقع بين انبراطوريتين عظيمتين ا نبراطورية "رومة"، وامبراطورية "الفرث" "Parthia"، ولهذا" وخيس استرعت أنظارالدولتين. وورد اسمها في كتب " الكلاسيكيين" الذين عاشوا بعد " بلينيوس" مما يدل على ازدياد شهرة هذه المدينة بعد الميلاد.
ويعود الفضل في حصولنا عاى معارفنا التأ إيخية عن تدمر إلى الكتابات التدمرية التي درسها المستشرقون وترجموها الى لغاتهم وشرحوا ما جاء فيها، وهي يالإرمية واليونانية ثم اللاتينية والعمرانية، نشرت في كتب خاصة وفي كتب الكتابات السامية وفي ثنايا المجلات، والى كتب المؤلفين اليونان واللاتين والسريان. من هذه الموارد الرئيسية استقى المؤرخون معارفهم عن تأريخ هذه المدينة، تضاف اليها موارد ثانوية ذكرت "تدمر" عرضاً لوجود منا سبة دعت إلى ذلك مثل سجلات المجامع الكنيسية والتلمود.
أما تأريخ المدينة فلا نعرف من أمره شيثاً يذكر يعود إلى ما قبل الميلاد. وآخر ما كتب عن مدينة "تدمر" يعود إلى ما بعد الميلاد.
وكان غالبية أهل "تدمر" برغم كتابة أمورهم بالإرمية وبالقلم الإرمي من العرب على رأي أكثر الباحثين، شأنهم في ذلك شأن نبط " بطرا". وهم يرون إن القبائل العربية التي أخذت تستولي على المناطق الخصبة الواقعة في شرقي أرض "كنعان"، بعد سقوط الدولة البابلية، كتبوا بالإرمية، لأنها كانت لغة الكتابة والثقافة في المنطقة الواسعة الواقعة غربي الفرات. وتظهر في بعض الكتابات بعض المصطلحات والكلمات العربية الأصيلة،.كما نجد فيها أسماء أصنام عربية مع أصنام إرمية. وبالجملة فإن في "تدمر" ثقافة هي خلاصة جملة ثقافات: عربية وإرمية ويونانية ولاتينية" وأقدم كتابة عثر عليها فيها لا يتجاوز تأريخها سنة "304" من التأريخ السلوقي، أي سنة "9" قبل الميلاد.
كانت تدمر عقدة من العقد الخطيرة في العمود الفقري لعالم التجارة بعد الميلاد تمر بها القوافل تمحل اثمن البضائع في ذلك الوقت. كانت على اتصال بأسواق العراق وما يتصل بالعراق من أسواق في ايران والهند والخليج والعربية الشرقية، كما كانت على اتصال بأسواق البحر المتوسط ولا سيما ديار الشام ومصر، كما كانت على اتصال بالعربية الغربية وبأسواقها الغنية بأموال افريقية والعربية الجنوبية والهند.
إن هذه التجارة هي التي أحيت تلك المدينة كما إن تغير طرق المواصلات بسبب تغيرالأوضاع السياسية هو الذي شل " جسم تلك المدينة فأقعدها عن الحركة بالتدريج.
لقد كانت القوافل الذاهبة من العراق إلى بلاد الشام والقادمة من بلاد الشام إلى العراق، تمر بمدينة "تدمر". وكان الموضع الذي تحط فيه قوافل "تدمر" هو موضع " Vologesias"="Vologesokerta" على نهر الفرات. ومن هذا المكان تنقل التجارة إلى الجهات المقصودة في العراق، ومنه تحمل تجارة العراق بالبر إلى "تدمر" فدمشق.
ويظهر من كتابة عثر عليها في احدى المقابر أن القوافل التجارية كانت تمر في حوالي سنة مئة قبل الميلاد بمدينة "تدمر" في أثناء أسفارها بين مدينة "دورا" "Doura" والشام. وبين الطريق القديم وهذا الطريق، تسكن قبائل عربية من سكان الخيام، أي من النوع المعروف باسم "سكينيته" "Skenita" عند "الكلاسيكيين".
"الكلاسيكيين".
الرومان بهم في جيوشهم، فاستخدموهم في حروبهم في شمال إفريقية. وقد عز على كتابات أثبت انهم كانوا في جملة القوات الرومانية التي كانت في بريطانية. واشتهر التدمريون بفرسانهم كذلك، فقد ألف "أذينة" قوة من القوات الراكبة لمحاربة أعدائه، جهزها بأسلحة واقية من دروع ومن صفائح من المعدن يلبسها الفارس من أعلى رأسه إلى أسفل قدمه، فلا يستطيع عدوّ ه أن يناله باذى، كما درعت الخيل والجمال بصفائح الوقاية، على نحوما كان يفعله الفرس في قوافلهم الراكبهّ في أثناء القتال. وقد اكتسبت هذه القوّ ات شهرة واسعة في حروبها مع الفرس والرومان.
وكان أهل تدمر خليطاً من تجار ومزارعين. أما أطرافها وحواليها، فكانوا أعراباً ورعاةً. وكانت مدينة يونانية ولكنها لم تكن مثل المدن الأخرى المتأثرة بالهيلينية في الشرق، ولم تخضع لنظام المدن اليونانية " Greek Polis"، وكانت خاضعة للرومان وبها حامية رومانية، ولكن خضوعها كان في الواقع صورياً، كما أن الحامية لم تكن شيئاً تجاه أهل المدينة والقبائل المحيطة بها. كانت المدينة بالرغم من الطابع الهليني-
الروماني الذي يبدو عليها، مدينة شرقية، الحكم فيها في يد الأسر ذات السلطان في البلدة تحكمها في السلم والحرب. لقد خلقت الاضطرابات السياسية التي حدثت في الشرق لضعف الحكومات الكبرى وانحلالها وانقسامها إلى "ملوك طوائف". جماعة من الحكام السادات "Tyrannies" تزعموا القبائل أو المدن، وشاركوا الحكومات في الحكم. ومن هؤلاء الأسرة التي حكمت "تدمر". والأسرة التي حكمت "حمص" "Emesa"="Hemesa". وكانت في تدمر جاليات يونانية ورومانية، أقامت فيها وفضلت السكنى فيها على المواضع الأخرى. أقامت بين أهل المدينة حتى صارت من سكان المدينة، كما كانت فيها جاليات يهودية نزحت اليها في زمن لا نستطيع تعيينه بالظبط، قد يكون قبل سقوط القدس في أيدي الرومان بأمد للاتجار، قامت بأعمال التبشر بين. السكان، فتهوّ د أناس منهم، ورحل قسم من هؤلاء. المتهودين إلى القدس، ُأقاموا فيها قبل خراب الهيكل بأمدا.
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|