ويظهر من ورود كلمة "التبع" أي التاج في هذا النص إن هذه الكلمة كانت معروفة عند العرب الشماليين في ذلك الحين، أي في القرن الرابع للميلاد، وانها وردت بالمعنى المفهوم منها في الزمن الحاضر، أي ما يوضع على الرأس تعبيراً عن الملك والحكم.
ويفهم من هذا النص أن "امرأ القيس" كان قد بسط سلطانه على كل العرب، أي الأعراب، فملكهم وملك خاصةً "بني نزار" و "أسد" وقبائل "معدّ"، وأنه نصب أولاده على القبائل ليضمن طاعتها وخضوعها له، وأن سلطانه بلغ بذلك حدود أرض اليمن. فامتد حكمه إذن من الحيرة وبلاد الشام إلى نجد والحجاز، حتى بلغ حدود مدينة "نجران". وقد كانت منازل "معد" في الحجاز وفي ضمن أرضها "مكة" وتمتد إلى "نجران".
ويظهر من دفن "امرىء القيس" في موضع "النمارة" من بلاد الشام أن "امرأ القيس" كان في بلاد الشام حينما نزل به أجله. ويرى بعض الباحثين أنه كان قد جاء إلى بلاد الشام، لأنه كان من حزب "بهرام" الثالث ومن مؤيديه، فلما وقع الخلاف بين الفرس على العرش وانتصر "نرسي" "293 - 302 م" "293 -303"، خرج امرؤ القيس من العراق، وقصد بلاد الشام، فأقام هناك. ومال إلى الروم فأيدوه وأقروه على عرب بلاد الشام، فيكون قد عمل للفرس وللروم معاً.
وكتابة "النمارة" هي شاهد قبر ملك عربي يدعى "امرأ القيس"، عثر عليها في موضع "النمارة" وهو في الحرة الشرقية من جبل الدروز، ويرجع تأريخها إلى اليوم السابع من شهر "كسلول" من سنة "223" من تقويم "بصرى" أي في اليوم السابع من شهر كانون الأول من سنة "328" بعد الميلاد. دوّنت على ضريح الملك، وهو بناء مربع، لتكون دليلاً للناس يعرفون منها اسم صاحب القبر. وتتألف من خمسة أسطر، هذا نصها: 1-تي نفس مر القيس ين عمرو ملك العرب كله ذو اسر التج.
2-وملك الاسدين ونزرو وملوكهم وهرب مدحجو عكدى وجا.
3-بزجى في حبج نجرن مدينة شمر وملك معدو ونزل بنيه.
4-الشعوب ووكلهن فرسو لروم فلم يبلغ ملك مبلغه.
5-عكدى. ترك سنة 223 يوم بكسلول بلسعد ذو ولده.
وإذا أردنا تقريب هذه الكتابة إلى أفهامنا وتدوينها بلهجتنا العربية، لهجة القرآن الكريم، كتبناها على هذا الشكل: ا - هذا قبر امرىء القيس بن عمرو ملك العرب كلهم الذي نال التاج.
2 - وملك الأسدين ونزاراً وملوكهم، وهزم مذحجاً بقوته وقاد.
3-الظفر إلى أسوار نجران، مدينة شمر. وملك معدّاً واستعمل أبناءه على 4 - القبائل. ووكلهم لدى الفرس والروم، فلم يبلغ ملك مبلغه 5-في القوة. هلك سنة 223 يوم 7 بكسلول. ليسعد الذي ولده.
وقد استعمل المستشرقون من عبارة "ذو أسر التاج" "الذي نال التاج" على أن صاحب هذا التاج هو من الملوك الذين كان لهم اتصال بالفرس، وان المقصود به ملك من ملوك الحيرة، لوجود صلة لهم بالانبراطورية الفارسية. ودعواهم في ذلك إن هذه الجملة، وكلمة "تج" "تاج" هما من الاصطل*********ت المستعملة عند الفرس وعند من خالطهم من الملوك، فلا بد أن يكون حاملها من الملوك المحالفين لهم. وكلمة "تاج" من الألفاظ المعربة عن الفارسية، من أصل "تاك". ولما كان هذا ملكاً عربياً، فهو اذن امرؤ القيس ملك الحيرة.
وكان من عمال"سابور بن أردشير" و"هرمز بن سابور" و"بهرام ابن سابور" "على فرج العرب من ربيعة ومضر وسائر من ببادية العراق والحجاز والجزيرة" في تأريخ الطبري. وورد في تأريخ ابن خلدون نقلاً عن"السهيلي": إن"امرأ القيس" كان عاملاً للفرس على مذحج وربيعة ومضر وسائر بادية العراق والجزيرة والحجاز. ويظهر إن المورد الذي نقل منه"السهيلي"و"الطبري" يرجع إلى منبع واحد، هو"ابن الكلبي". وما رواه"ابن الكلبي يتفق بوجه عام مع ما جاء في نص"النمارة" من أمر ملك و فتوح"امرئ القيس".
و "شمر" صاحب مدينة "نجران"، هو "شمر يهرعش" في رأي أكثر المستشرقين، وينطبق زمانه على زمان "امرئ القيس، واذا صح هذا الرأي نكون قد حصلنا على أول نص عربي جاهلي يشير إلى حرب نشبت بين مملكة الحيرة ومملكة "سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت" في عهد أول ملك من ملوكها وهو "شمر يهرعش" المعروف ب "شمر يرعش" عند الاسلاميين.
وفي روايات الأخباريين ما يؤيد نشوب حرب بين عرب الحيرة وعرب اليمن في ايام "شمريرعش"، غير انها تناقض هذا المدون في النص عن تغلب "امرئ القيس" على نجران مدينة"شمر". ف "شمر" عندها بطل من الأبطال، فتح الفتوح العظيمة، وبلغ ملكه حداً لم يصل إليه ملك" اسكندر ذي القرنين". وعندهم أيضاً انه هو باني مدينة "سمرقند"، وهو الذي حيّر "الحيرة". وهو تبع الأكبر وهو وهو، على حين هو - في هذا النص - ملك مغلوب، لم يتمكن من الوقوف أمام "امرئ القيس" الذي بلغت جيوشه مدينة "نجران". فهل تجد تناقضاً أغرب من هذا التناقض ? على اننا لو فرضنا إن"شمراً" صاحب نجران هو رجل آخر غير "شمر يرعش"، فهذا النص، يهدم بنيان الأخباريين اليمانيين القائم على أساس المبالغة في المفاخرات والمباهاة بالأجداد نكاية بالعدنانيين الذين تعالوا عليهم في الإسلام بفضل النبي وشرف الإسلام، فأحفظهم ذلك جداً.
وقد سبق أن تحدثت عن عثور العلماء منذ عهد غير بعيد على نص اشار الى غزو غزاه قائد من قوّ اد "شمس" على "ملك أسد" وأرض "تنوخ" التي تخص الفرس، وذكرت إن "شمر" المذكور هو "شمر يهرعش" في رأي الباحثين، وقد تحدثت عنه حديثاً فيه الكفاية في موضعه، وفي أثناء كلامي على "شمر يهرعش"، فلا حاجة بي هنا لإعادة للكلام عليه.
ويرى بعض الباحثين أن "المشتى" الأثر الشهير المعروف الذي نقلت أحجار جدرانه المزخرفة إلى متحف "قيصر فريدرش ويلهم" ببرلين، ولا تزال آثاره باقية، هو من بناء "امرئ القيس". وقد استدلوا على ذلك بطراز بنائه الذي يشبه الطراز "الحيري" على رأيهم، وذهبوا إلى أنه أقامه في هذا المكان بعد فراره من أرض الحيرة ومن الساسانيين سنة "293 م"، ليكون قصر له وحصناً يدافع به عن ملكه الجديد.
ويذكر الطبري إن وفاة "امرئ القيس" كانت في عهد "سابور"، أي سابور ذي الاكتاف "0 1 3 - 379 م"، وأنه كان عامل "سابور" على ضاحية مضر وربيعة، وان سابور استعمل ابنه عمرو. بن امرئ القيس في مكان والد ه.
وحكم بعد امرئ القيس البدء ابنه عمرو. وامه هند بنتَ كعب بن عمرو على رواية، و "مارية البرية" أخت "ثعلبة بن عمرو" من ملوك الغساسنة في رواية أخرى. وكان يعاصر من ملوك الفرس سابور ذا الأكتاف "0 1 3-379 م" وأخاه "أردشير بن هرمز بن نرسي "379 - 383 م" وسابور بن سابور "سابور الثالث" "383 - 388 م". وقد نعته بعض الأخباريين بموقد الحرب "مسعر حرب". وذكروا انه حكم خمساً وعشرين سنة. ونعت الأخباريين له هذا النعت، يدل على انه كان محارباً،ولكنهم لم يذكروا شيئاً من تلك الحروب.
وقد ذهب بعض الأخباريين إلى إن مارية التي ضرب المثل بقرطيها فقيل قرطا مارية، هي مارية هذه ام عمرو.
وقد وضع اليعقوبي بعد امرئ القيس شقيقه الحارث ين عمرو بن عدي ملكاً وجعل مدة ملكه سبعا وثمانين سنة. ثم وضع عمراً ابن امرئ القيس ملكاً من بعده. وحكم هذا على زعمه مدة أربعين عاماً.
ولا نعرف من أعمال عمرو هذا شيئاً. وللاخباريين في مدة حكمه أقوال عدة تتراوح عندهم من 25 سنة الى 65 سنة. وقد ذكر الطبري إن عمراً "بقي في عمله بقية ملك سابور وجميع أيام أردشير بن هرمز بن نرسي، وبعض أيام سابور بن سابور"، ثم قال إن جمع مدة ملكه فيما ذكره ابن الكلبي ثلاثين سنة. واذا أخذنا برواية الطبري المذكورة، تكون مدة حكمه حوالي الستين سنة، ومعنى هذا إن عمراً كان قد عمر اكثر من ستين سنة،وانه توفي بعد وفاة سابور ذي الأكتاف وبعد سنة "383 م"، لأن حكم "سابور بن سابور" المعروف عند المؤرخين ب "سابور" الثالث كان في حوالي السنة "383 م". فقد تولى سابور هذا الحكم فيما بين "383" حتى سنة "387" أو "388 م". واذا أخذنا برواية من يقول انه حكم "25" سنة، أو "30"، وجب أن تكون وفاته في ايام "سابور ذي الأكتاف".
وقد جعل الطبري في موضع آخر من تاريخه وفاة "عمرو" في عهد "سابور ابن سابور"، أي "سابور" الثالث. وبذلك يكون قد أطال مدة حكمه وعمر ه.
ويذكر الطبري أن "سابور بن سابور" استخلف "على عمله أوس بن قلام في قول هشام"، وذلك بعد مهلك "عمرو".
ولم يذكر الأسباب التي حملت سابور على هذا التعيين. ويظهر أنه كان من أسرة غريبة عن أسرة "آل لخم" الحاكمة. ويرجع ابن الكلبي نسبه الى العماليق، فيقول إنه من "بني عمرو بن عمليق". وذكر حمزة نسبه على هذه الصورة: أوس بن قلام بن بطينا بن جمهير بن لحيان العمليقي. وجعله ابن خلدون من بني عمرو بن عملاق.
ويتبين من خبر ورد في "الأغاني" أن أوساً كان من أسرة كانت تقيم في الحيرة، وهي من بني الحارث ين كعب. وقد ورد اسم رجل آخر من هذه الأسرة، ذكر انه بنى ديراً في الحيرة.
ولا نعرف من أعمال أوس هذا شيئاً،وكل ما نعرفه عنه انه حكم خمس سنوات. وان امرءاً اسمه "جحجبن بن عتيك بن لخم" "جحجبا " ثار به فقتله على رواية لابن الكلبي ذكرها الطبري 0 أما حمزة فذكر اسمه ونسبه على هذه الصورة، "ححجنا بن عببل أحد بني فاران ". وقال: "قال ابن الكلبي: وهو فاران ابن عمرو بن عمليق، وهم بطن بالحيرة يقال لهم بنو فاران، وححجنا منهم. فقتل ححجنا أوساً، فرجع الملك الى آل بني نصر".
فنحن إذن أمام روايتين في أصل جحجبي "جحجبا" أو ححجنا: رواية ترجعه إلى لخم، ورواية أخرى ترجعه إلى بني فاران، وترجع بني فاران إلى "عمرو بن عمليق"، أي إلى العشيرة التي رجع الأخباريون نسب أوس بن قلام اليها، إذن فهو بموجبها من العماليق.
أما هذا الاختلاف الذي نراه بين الرواة في كيفية ضبط اسم هذا الثائر في جحجبا أو حججنا، وفي عتيك أو عبيل، فيمكن رجعهُ إلى خطأ وقع في تدوين الروايات، إما سهواً وإما جهلاً بحقيقة الاسم، فمن هذين نشأ لدينا هذا الاختلاف.
ولم يذكر الأخباريون الأسباب التي حملت "جحْجبى" على الثورة والمنافع التي جرّها لنفسه منها. وكل ما ذكروه عنه انه ثار به جحجبى فقتله، وان هلاكه كان في عهد "بهرام بن سابور" "388 - 399 م"، وان "بهرام" استخلف بعده في عمله "امرئ القيس البدء بن عمرو بن امرى القيس البدء" خمساً وعشرين سنة. وكان هلاكه في عهد يزدجرد الأثيم.
فيتبين من ذلك إن "جحجبا" "جحجبى"، قاتل أوس، لم يحكم الحيرة وان حكمها عاد فانتقل إلى آل نصر.
ولم يذكر اليعقوبي أوس بن قلام ولا الثورة التي قام بها جحجبا "جحجبي"، بل نصب رجلاً آخر بعد عمرو بن امرئ القيس.هو المنذر بن امرئ القيس، ونعته بالمحرق، نعته بذلك.لأنه أخذ قوماً حاربوه، فحرقهم،فسمي لذلك محرقاً، وجعل بعده النعمان.
ولم يذكر المسعودي كذلك أوس بن قلام ولا جحجبا "جحجبى"، بل ذكر النعمان بن امرئ القيس رأساً بعد عمرو بن امرئ القيس، وقال انه قاتل الفرس خمساً وستين سنة، وان أمه الهيجانه بنت سلول، وكانت من مراد أو من إياد.
وقد نعت الطبري امرأ القيس هذا بالبدء. أما حمزة فلقبه يالبدن. وأظن إن مرد هذا الاختلاف خطأ وقع في الروايات من الرواة أو الكتابة للحرف الأخير من كلمة البدء أو البدن، فصارت الكلمة الواحدة في الأصل كلمتين.
وذكر ابن الأثير إن بهرام بن سابور استخلف من بعد أوس امرأ القيس بن عمرو بن امرئ القيس الكندي، فبقي خمساً وعشرين سنة، وهلك في أيام يزدجرد الأثيم، واضافة الكندي إلى امرئ القيس خطأ، ولا شك، فلم يروِ أحد من الأخباريين إن امرأ القيس هذا كان كندياً.
ومن المعروف إن ابن الأثير قد اعتمد على تأريخ الطبري اعتماداً كلياً، حتى ليمكن أن يقال انه اختصره، والعبارتان خلا زيادة كلمة "الكندي" متشابهتان.،ففي استطاعتنا أن نقول بحدوث هذه الزيادة في تأريخ ابن الأثير إما من النساخ وإما من ابن الأثير نفسه، إذ استعجل دون تفكير فأضاف كلمة الكندي إلى نسب امرئ القيس،لشهرة امرئ القيس الكندي.
ولا نعرف من خبر امرئ القيس شيئاً يذكر. وقد ذكر حمزة أنه هو محرق الأول، وانه أول من عاقب بالنار. وفي روايته هذه انه حكم إحدى وعشرين سنة. أما الطبري، فذكر انه حكم خمساً وعشرين سنة.
وذكر الطبري أن "يزدجرد" المعروف بالأثيم "399 - 0 2 4 م"، الذي في أيامه كان هلاك "امرئ القيس" استخلف مكان "امرئ القيس" ابنه "النعمان". وهو فارس حليمة، وصاحب الخورنق.
وهذا النعمان المعروف عند المؤرخين بالنعمان الأول، هو أول ملك نستطيع أن نتحدث عنه بشيء من التأكيد والتحقيق والتفصيل، وهو كما يقول الأخباريون: النعمان بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي.أما أمه، فهي شقيقة ابنة أبي ربيعة ابن ذهل بن شيبان، وهي أخت عمرو المزدلف
وقد عرف النعمان بالنعمان الأعور كذلك، كما عرف أيضاً بالسائح.. وكان له شقيق من أمه شقيقة، هو "حسان بن زهير.".
ويظهر من وصف الأخباريين للنعمان أنه كان رجلاً حازماً قوياً، محارباً من اشد الناس نكاية.في عدوّه. غزا عرب الشام مراراً كثيرة فسبى منهم وغنم. وكان يغزو بكتيبتين كانتا عنده: دوسر وأهلها تنوخ، والشهباء وأهلها الفرس. يغزو بهما من لا يدين له من العرب. وقد اشتهرت دوسر بشدة ضربتها حتى قيل أبطش من دوسر. وقد نسب بعضهم له خمس كتائب، هي: الرهائن والصنائع والأشاهب، والكتيبتان المذكورتان. أما الرهائن، فذكروا أنها كانت تتألف من خمسمائة رجل رهائن لقبائل العرب، يقيمون على باب الملك سنة، ثم يجيء بدلهم خمسمائة أخرى، وينصرف أولئك إلى أحيائهم، فكان الملك يغزو بهم ويوجههم في أموره. وأما الصنائع، فهي: بنو قيس وبنو تيم اللات بن ثعلبة، وكانوا خواص الملك لا يبرحون بابه.
وذكر أنه كانت له كتيبة تسمى "الوضائع"،وقوامها ألف رجل من الفرس يضعهم ملوك الفرس بالحيرة نجدة لملوك العرب،وكانوا يقيمون سنة،ثم يأتي بدلهم ألف رجل، وينصرف أولئك.
وقيل إن وجوه العرب وأصحاب الرهائن كانوا يفدون عند رأس كل سنة، وذلك في أيام الربيع إلى النعمان وبقية من تولى الملك بعده، وقد صيرّ لهم أكلاً عند، وهم ذوو الاكال، فيقيمون شهراً، ويأخذون آكالهم ويبدلون رهائنهم وينصرفون إلى أحيائهم. والاكال هم سادة الأحياء. وكانوا يأخذون المرباع، أي ربع الغنيمة في الحرب والغزو.
ونعت بعض المؤرخين مثل الطبري وحمزة النعمان بأنه فارس حليمة، أي معركة حليمة المعروفة التي وقعت في أيام المنذر بن ماء السماء، لا في أيام النعمان على روايات آخرين.
وإلى النعمان هذا ينسب أكثر الأخباريين بناء قصر الخورنق الشهير في الأدب العربي. قيل: انه بناه لبهرام جور بن يزدجرد الأول "399 - 5 2 4 م" المعروف بالأثيم. وكان يزدجرد لا يبقى له ولد، فسأل عن منزل بريء مريء صحيح من الأدواء والاسقام،فدلّ على ظهر الحيرة، فدفع ابنه بهرام جور إلى النعمان هذا، وأمره ببناء الخورنق مسكناً له، وأنزله إياه، وأمره باخراجه إلى بوادي العرب
وذكر "السهيلي" إن الخورنق قصر بناه النعمان اخر ملك الحيرة لسابور ليكون ولده فيه عنده، وبناه بنياناً عجيباً لم تر العرب مثله. واسم الذي بناه له سنمار، وكان بناه في عشرين سنة. ويذكر بعضهم انه بني على نهر "سنداد". وقد ارتبط اسم الخورنق في القصص الذي شاع حوله باسم بانيه المسمى سنمار، وهو في زعم الأخباريين بنّاء رومي كلفه النعمان بناء القصر، فلما انتهى منه وكمل تعجب من حسنه واتقان عمله، وبدلا من أن يوفيه النعمان وفاءً حسناً، أمر به فطرح من رأس الخورنق، فمات في قصص يرويه الأخباريون. ويضرب بهذه النهاية المثل في الأدب العربي في الجزاء السيء، فيقال "جزاه جزاء سنّمار". وقد وردت قصة سنمار في أبيات تنسب لعبد العزُى بن امرئ القيس الكلبي، وكان أهدى افراساً إلى الحارث بن مارية الغساني ووفد عليه، فأغره واكرمه، ثم عاقبه لما بلغه خبر وفاة ولد للحارث وكان قد استرضعه لدى بني الحميم بن عوف من بني عبد ودّ من كلب، نهشته حية فتوفي،
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|