النية لغة : القصد والإرادة ، وإصطلاحًا : تممي العبادات بعضها عن بعض
الهجرة : الانتقال من مكان إلى آخر.
تحليل الحديث:
الأعمال بالنيات: الأعمال صالحة ، أو فاسدة ، أو مقبولة أو مردودة ، أو مثاب عليها ، او غير مثاب عليها، بالنيات فيكون خبرًا عن حكم شرعي ، وهو ان صلاح الأعمال وفسادها بحسب صلاح النيات وفسادها، كقوله (صلى الله عليه وسلم) : إنما الأعمال بالخواتيم ، أي: إن صلاحها وفسادها وقبولها وعدمه بحسب الخاتمة.
وقوله بعد ذلك : ( وإنما لكل امرئ مانوى " إخبار إنه لايحصل له من عمل إلا ما نواه به ، فإن نوى خيرًا حصل له هير، وإن نوى شرًا حصل له شر، وليس هذا تكريرًا محضًا للجملة الأولى ، فإن الجملة الأولى دلت على أن صلاح العمل وفساده بحسب النية المقتضية لإيجاده ، والجملة الثانية دلت على أن الثواب العامل على عمله بحسب نيته الفاسدة ، وقد تكون نيته مباحة ، فيكون العمل مباحًا ، فلايحصل له به ثواب ولاعقاب ، فالعمل في نفسه صلاحه وفساده وإباحته بحسب النية الحالمة عليه، المقتضية لوجوده ، وثواب العامل وعقابه وسلامته بحسب نيته التي صار العمل صالحًا ، أو فاسدًا أو مباحًا.
وأصل الهجرة : هجران بلد الشرك ، والانتقال منه إلى دار الإسلام ، كما كان من المهاجرين قبل فتح مكة يهاجرون منها إلى المدينة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد هاجر من هاجر منهم قبل ذلك إلى أرض الحبشة إلى النجاشي.
فأخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) أن هذه الهجرة تختلف بإختلاتف النيات والمقاصد بها ، فمن هاجر إلى دار الإسلام حبا لله ورسوله، ورغبة في تعلم دين الإسلام ، وإظهار دينه حيث كان يعجز عنه في دار الشرك، فهذا هو المهاجر إلى الله ورسوله حقًا ، وكفاه شرفًا وفخرًا أنه حصل له مانواه من هجرته إلى الله ورسوله، ولهذا المعنى اقتصر في جواب هذا الشرط على إعادته بلفظه؛ لأن حصول مانواه بهجريته نهاية المطلوب في الدنيا والآخرة.
ومن كانت هجرته من دار الشرك إلى دار الإسلام لطلب دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها في دار الإسلام ، فهجرته إلى ماهاجر إليه من ذلك ، فهو خاطب وليس بمهاجر.
وفي قوله : (إلى ماهاجر إليه " تحقير لما طلبه من أمر الدنيا ، واستهانة به ، حيث لم يذكره بلفظه. وأيضًا فالهجرة إلى الله ورسوله واحدة فلا تعدد فيها ، فلذلك أعاد الجواب فيها بلفظ الشرط.
وسائر الأعمال كالهجرة في هذا المعنى ، فصلاحها وفسادها بحسب النية الباعثة عليها، كالجهاد والحج وغيرهما، وقد سئل النبي (صلى الله فيه وسلم) عن اختلاف النيات في الجهاد ومايقصد به من الرياء ، وإظهار الشجاعة والعصبية، وغير ذلك : أي ذلك في سبيل الله؟ فقال : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله " فخرج بهذا كل ماسألوا عنه من المقاصد الدنيوية.
مايرشد إله الحديث:
- النية شرط لصلاح الأعمال وفسادها.
- المسلم عليه أن يهجر المعاصي ماظهر منها ومابطن.
-لا يشترط التلفظ بالنية وإنما تكون بالقلب.
- بالنية الخالصة تتحول الأعمال العادية إلى طاعات.
أتمنى أستفدتم من الحديث النبوي الشريف ومن الردود الأعضاء والمشرفين الذين تناولوه من كل جانب
وأشكرهم على مدى إيجابيتهم للموضوع
وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والصلاح
والحمد لله رب العالمين
(رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا
رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا
رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )
|
|