[1 ]
لطالما راودني الحُلم واغتالني خارج الحدودِ والمساحات، كان ينبسُ لي قداسةَ الأنبياء وجنان الأصفياء التي لم يدركها كائنًا حاصرته الإنسانية واستنزفتهُ بشريته جهلاً بعد جهل، كنتُ أدرك أن الرّؤيا لا تهبط بسهولة ، لا تغادر عرشها العذارى قبل أن تغتسل بنزفِ أعمالنا ويتمضمضُ وجوهنا النّور فتبدو ناصعةً بجناحينِ أبيضين، تلك البراءةُ وذلك الحُبّ والدفء في عيني طفلةٍ بفستانٍ أصفر وجنةٍ تفوحُ الياسمين ، وفراشاتٌ ملوّنةٌ تسترخي على أظافرها بعدما أدركت أن أعناقَ أناملها ليست إلا أوطانًا صغيرة مملوءةً بأطيافِ البهجة.
أتخاذلُ وأنكمشُ في سريري حينما ألحظُ أن تقاسيم وجهها خاليةً من أي خدشٍ صدّع وجهي، أعلم أنّ القدر لم ولن يختارني بعد للسّفرِ بين عينيه وتقبيلِ جبينه الهارب، فطالما ظلّت عيناي معلّقتانِ على ذلك السّحاب البعيد ورغبةٌ سجينةٌ في قطفِ أطرافه تغوصُ بعمقٍ في صدري حتى تجدَ ضلعًا منتصبًا تستظلّه، وحتى اللّوحات المرتعشةُ في ذاكرتي ليست إلا فراغًا اغتسلَ من كلِّ ألوانه فبهُت، صفحاتنا الفارغة ليست إلا ملاذًا يشغلهُ الانتظار لتسكنهُ قصةٌ وعدت أمي أنها ستكونُ الأجمل، هل يكونُ كلامُ أمي صحيحًا ويهطلُ فجرٌ يوقظُ أملاً آخر في جبيني ، لكنّي أعلمُ كما لم أعلم من قبل أن الأطرافَ الباردة لا تجلبُ الدّفء لأحد قبل أن يسطو أنفاسها موتٌ حارق.
عدتُ للمنفى من جديد بعدما خسرتُ قضيّتي في بورصة الحياةِ التي لا تعرفُ مؤشرًا متوازنًا قبل أن تخبط بكل الحساباتِ للصفر، أنا وفنجانُ حظٍّ خالٍ وورقةٍ اهترت من نزفي، أبحثُ عن الوطن أبحثُ عن وجهي وفي جيبي أسئلةٌ أعلمُ أني لن أجد إجاباتها وإن سألتُ معلمتي، تُختزلُ صورٌ كثيرةٌ ذاكرتي صورٌ جميلةٌ ولكنّها ليست لي، أيعقلُ أن الذّاكرةَ محشوةً بأقراصَ حفظٍ ليست لي!، هل استبدلَ كُل شيء في جسدي وسُرقَ وجهي وتُركتُ علامةً فارقةً على وجه الحياة!
دعوني أفتش في جيوبي، في أدراجِ مكتبي ، وبين أوراقي ،عن هويةٍ أو اسمٍ أو حتى وجهٍ أضعهُ لـ أرى نفسي ، من أنا يا خيوط الماضي بين تفاصيلِ جدّتي وأرجوحةِ المهدِ على خاصرةِ أمي ، من أنا أيها الجبّ العتيق أيتها السماء الصامدة أيتها الأرض الخرساء أيها الحُلم الضائع ، أتوجدُ اجابةٌ لـ أنا في كرويةِ الأرض والبحار السّبع وفي مجرّاتِ الكون ؟
أيكونُ الصمت اختفاءً لوجهي وكينونتي؟
::
::

اسم العميل: وداد
رقم العميل: 001
الحزب: 04
المهمة: اجتياح حصن عمان
::
::
|
التعديل الأخير تم بواسطة وداد ; 16-07-2011 الساعة 10:02 PM.
|