«بلاك بيري» أحزننا
بسم الله الرحمن الرحيم
«بلاك بيري» أحزننا
تاريخ النشر: الأربعاء 28 سبتمبر 2011
أثرت وفاة اللاعب الشاب ذياب عوانة في جمهور الكرة الإماراتية جميعا، رحيل صادم سريع لفتى عشق الكرة وأحب التألق بها فكان نجما لامعا في صفوف المنتخب. سرت أحاديث أصدقائه ومواقفهم معه في أجهزة «بلاك بيري» منذ وفاته إلى اليوم، أصواتهم الباكية ترثيه بألم، كلماتهم المؤثرة ووجعهم الواضح كلها كانت أشياء تجعل للحزن طعماً مراً يعلق في الحنجرة.
تناقلت أجهزة «بلاك بيري» صوره وأهدافه، سيارته بعد الحادث وأيضا روايات لا يعرف مدى صدقها عن أن سبب الحادث «تصفح بلاك بيري»! أمر يفتح باب الحديث مرة أخرى عن خطورة هذا الجهاز.
هذه الرواية، حتى وإن لم تكن حقيقية، تصنع مثالا قويا على خطورة ما يمكن أن يحدث إذا انشغل سائق بجهاز «بلاك بيري» وهو يقود سيارته، ففي لحظة عدم انتباه بسيطة يمكن أن تخسر حياتك.
هذا الجهاز الصغير الذي سكن الأيادي وصار لا يبارحها أضاف الحسرة على الكثير من البيوت، كم من حادث حصل بسبب «بلاك بيري»، هذا الجهاز الصغير «البي بي» يصبح قنبلة خطيرة عندما تلامسه أصابعك وتنظر له عيناك وأنت تقود السيارة.
مهما كنت واثقا من مهارتك في القيادة، مهما كنت متأكدا من خلو الشارع، مهما كنت تسير بسرعة بطيئة تأكد أن «بلاك بيري» سيكون خطرا قاتلا لو فكرت بتصفحه وأنت تقود سيارتك.
على الشارع الطويل الذي أمضي فيه أراقب سيارات تترنح بلا اتزان، يقودها رجال وشبان وسيدات وفتيات يلهون جميعا بهذا الجهاز الخطير، أرى رد الفعل اللا إرادي منهم بمجرد أن يسمعوا صوت التنبيه فيضغطون بكل قوة على «الفرامل»!
يلتهي متصفحو «بلاك بيري» بأفلام فيديو ونكت سمجة ودينيات مشكوك فيها عندما يقودون سياراتهم، ويبادر الكثيرون بالرد على الرسائل التي تحتاج للتركيز والبحث عن الحروف، يهتمون بصغائر الأشياء وينسون أنهم يقودون سيارة يمكن أن تتحول بسهولة إلى آلة موت، لا يفكرون لحظة بمن يستعمل الشارع معهم، بالسيارات المليئة بالأطفال والأسر السعيدة، تلك التي يمكن أن تنقلب حياتها رأسا على عقب بسبب «مسج» يصمم صاحبه على إرساله وهو يقود السيارة.
لسبب ما يرفض الشباب الانصياع إلى كل النداءات التي يحاول الإعلام إطلاقها لتبيان خطورة استعمال الهواتف المتحركة أثناء القيادة، ربما لأنهم يعيشون متعة اللحظة فقط ولا يفكرون في العواقب أو لا يتذكرونها أساسا، فالمهم عندهم قراءة «الشات» وفتح الروابط ومشاهدة الفيديو، بينما المهم هو الانتباه أثناء القيادة والتركيز على ما يحيط به في الشارع.
يبدو أن انتشار أجهزة «بلاك بيري» وصل إلى المرحلة التي يجب أن يجرم فيها كل من يستخدمه لغير إجراء المكالمات أثناء القيادة، وصار المجتمع يحتاج إلى قانون صارم يتعامل مع كل من يستعمله بغير المكالمات وهو يقود سيارته، بل إننا نحتاج إلى دوريات مدنية لضبط مستعملي «بلاك بيري» من قائدي السيارات.
المصدر: جريدة الاتحاد..
|