رجل صدم بسيارته سيارة أخرى بدون عمد علماً بأن الرجل كان في حالة جيدة أي لم يكن في حالة سكر أو غيره، فنتج من هذا الحال موت رجل من السيارة المصدومة، وبعد التحقيقات تبين أن السبب من ذلك الرجل الذي صدم بسيارته فسجن ودفع دية لورّاث المتوفى، والآن يعيش ذلك الرجل في حالة من الضيق والتوتر حتى أن صحته تنهار شيئاً فشيئاً، وأصبح لا يستطيع النوم في الليل من كثرة التفكير في هذا الأمر، وهو يسأل الآن هل بقي عليه شيء من الحقوق عليه أن يؤديها سواء كانت هذه الحقوق حقوق الله تعالى أو من حقوق الأشخاص المتوفى؟
الجواب:
نعم، عليه حق لله تبارك وتعالى، هذا الحق هو الكفارة فإن الله تبارك وتعالى فرض الكفارة في قتل الخطأ، يقول سبحانه وتعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ) (النساء: من الآية92).
هكذا فرض الله تبارك وتعالى، إذ الناس ينقسمون إلى ثلاث أصناف: إما أن يكون هذا المقتول مؤمناً، فإن كان المقتول مؤمناً ففي هذه الحالة تجب الدية له، أي المقتول خطأ، وتجب كفارة على القاتل.
وإن كان رجلاً مؤمناً ولكنه بين قوم كافرين محاربين للمسلمين، وذلك بأن يعيش الإنسان لظرف أو لآخر بين قوم كفرة هم محاربون للمؤمنين ففي هذه الحالة الدية غير واجبة ساقطة، وإنما تجب الكفارة، وسقوط الدية بسبب عيشه بين أولئك القوم المحاربين للمؤمنين، لأنه بعيشه بينهم أسقط ماله من حق الدية وبقي حق الله تبارك وتعالى وهو الكفارة.
فإن كان من قوم بينهم وبين المؤمنين ميثاق وذلك بأن يكون مثلاً ذمياً، أو يكون معاهداً للمؤمنين ففي هذه الحالة تجب الدية وتجب الكفارة.
ومن الناس حمل قوله تعالى (وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) (النساء: من الآية92) على معنى أنه إن كان مؤمناً وكان ساكناً مع قوم بينهم وبين المؤمنين ميثاق ففي هذه الحالة تجب الدية وتجب الكفارة، وإن كان بخلاف ذلك أي لم يكن مؤمناً فتجب له الدية ولا تجب الكفارة. ولكن الواضح من الآية الكريمة خلاف ذلك.
والكفارة هي عتق رقبة وذلك لأن الله تبارك وتعالى جعل العتق إحياء للنفس إذ الرق إنما هو بمثابة العدم للشخص الواقع فيه إذ لا يملك من أمره شيئاً كما قال الله تبارك وتعالى (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ) (النحل: من الآية75)، فالعبد المملوك لا يستطيع أن يتصرف بحريته فإذا أعتق فقد أحي، نال حياة معنوية، فلذلك جعل الله تبارك وتعالى هذا الإحياء في مقابل ذلك التسبب في الموت الذي حصل فهو تكفير.
فإن تعذر عليه العتق بحيث لم يجد الرقبة ففي هذه الحالة ينتقل إلى الصيام، ويصوم شهرين متتابعين توبة من الله فهذا الواجب. والآن الرقاب لا توجد، ولما كانت الرقاب لا توجد فعليه أن يصوم شهرين متتابعين، والله تعالى أعلم.
السؤال
إذا نزلنا إلى واقع المسلمين اليوم، واقع الدول الآن، كل دولة ترتبط مع الدول الأخرى بعلاقات والسفارات موجودة تشهد بذلك، ففي هذه الحالة لو كان المقتول رجلاً ليس مسلماً من دولة ليست مسلمة؟
الجواب:
إن كان بينه وبين المسلمين ميثاق فحكمه في هذه الحالة كما ذكرنا، وإن كان محارباً للمسلمين فلا.
السؤال
الكفارة هل هي على الفور أم على التراخي؟
الجواب:
الكفارة حكمها كحكم سائر الأوامر المطلقة التي يؤمر بها الإنسان. فالأوامر المطلقة منهم من قال بأنها تحمل على الفور أي غير مؤقتة، ومنهم من قال بأنها للتراخي. ومن الأصوليين من قال بأن الأمر المطلق الذي لم يقيد بوقت فهو يبقى على إطلاقه ليس للفور ولا للتراخي فمتى أداه سواء عجّل تأديته أو أخّر تأديته فهو مؤد له، إن كان لم يؤخره تأخيراً يؤدي به إلى الإهمال.
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة
صَبَاحُنَا مَضَى وَقَد بَلَّل أياديْنا بِلُؤْلُؤَات ٍ مِن الْنــــــــدَى
حِيْنَمَا نَادَى الْمُؤَذِّنُ " الْلَّه أَكْبَر " وَمطرُ نَدِي ُ يُغَطِّيْنَا
صَلاةُ وَمَطَرُ صيف ... وَسُكُوْن ُ الْفَجْر ِ مَلأ جَوَارِحُنــــا
اسم العميل: البراء
رقم العميل: 004
الحزب: 04
المهمة: اجتياح حصن عمان |
|