امرأة تقول عنوس الفتيات كثر وفي المقابل بدأ التعدد واضحاً مع الرجال، وتقول هي الآن بين نارين، بين نار إشفاقاً على هؤلاء العانسات، وبين نار أثرة لا ترضى أن يكون زوجها مُعدّداً، ويؤكد لها زوجها باستمرار أنه لن يتزوج عليها ومع هذا هي تشعر أنه سيتزوج وتحدّث نفسها كثيراً بأن تطلب الطلاق فتسأل عن حل لهذه المشكلة بنصيحة منكم.
على أي حال هذه القضية قضية عنوس الفتيات أصبحت تؤرق المجتمعات، وهذا أمر مزعج فالقضية يجب أن تعالج بشتى الوجوه لا بوجه واحد فحسب.
فعنوس الفتيات يجب أن يعالج بتيسير الزواج الشرعي والتقليل من مؤنه هذه النقطة الأولى التي لابد منها، فإنه مع غلاء المهور وكثرة الإنفاق والإسراف في حفلات الزواج، والإسراف في الأثاث الذي يتطلبه الزواج وفي الإعداد للزواج، كل ذلك مما يعوق الشباب عن الزواج.
فينبغي أن يكون الزواج بسهولة ويسر من غير مشقة ومن غير تعب بحيث لا يعطي الزوج من الصداق إلا الشيء اليسير، ولا يُطلب منه أيضاً في مقابل هذا الزواج من النفقات إلا الشيء اليسير كالإنفاق على عرسه أو الأثاث أو الحلي الذي يقدمه إلى زوجته، كل ذلك إنما يجب أن يكون بقدر ليس فيه إسراف وليست فيه كلفة ولا مشقة، وهذا مما يجب أن يكون متعارفاً عليه عند أولياء أمور الفتيات وأولياء أمور الفتيان جميعاً، فهم جميعاً يجب أن يتعاونوا على هذا الأمر.
ثم بجانب ذلك أيضاً لابد من النظر في العراقيل الأخرى التي تقف أمام الشباب حتى لا يتزوجوا، كرغبتهم في إكمال الدراسة أو رغبة الفتيات أيضاً في إكمال الدراسة، فإن هذا مما يجب أن يوضع له حل بحيث لا تكون الدراسة عائقاً عن الزواج، فإن الإنسان مأمور بطلب العلم من مهده إلى لحده، فهل لا يتزوج الإنسان طول عمره لأنه يؤمر أن يعيش طالبا؟ لا، فالزواج لعله مما يعين على الاستمرار في الدراسة عندما يتعاون الزوجان ويشد كل واحد منها أزر الآخر، ويشجع كل واحد منها الآخر على المضي قدماً في طريق العلم، فإن هذا أمر محمود بفضل الله تعالى.
كذلك بالنسبة إلى تعدد الزوجات، تعدد الزوجات لابد فيه من العدل، العدل مطلب أساسي في التعدد، فالإنسان عليه أن ينظر، أولاً الذي يريد أن يعدد إلى نواحي عديدة، عليه أن ينظر إلى إمكاناته الجسدية وإمكاناته المالية، وكذلك أن ينظر إلى علاقاته الاجتماعية لأنه إن كان يخشى أن يسبب هذا التعدد قطيعة مع أقربائه أو مع أي أحد ممن يخشى قطيعته فإنه يؤمر في هذه الحالة أن يدفع المفسدة، إذ دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
ولكن مع هذا فإن تعدد الزوجات كثيراً ما يحل هذه المشكلة، وقد كان ذلك في إبّان عهود الإسلام الأولى، عندما كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يخرجون للجهاد وكثيرا منهم يستشهدون في سبيل الله تعالى لا تبقى امرأة احدهم أيّماً، بل عندما تنتهي عدتها يتقدم إليها الخاطب ويخطبها ويكفل يتاماها، فاليتامى يجدون الكنف ويجدون الملجأ ويجدون الملاذ بسبب كفالة زوج أمهم لهم وعنايته بهم، حتى أن أحدهم كان يحنو على ولد غيره من امرأته كما يحنو على ولده، فالإمام علي ابن أبي طالب كرّم الله وجهه عندما تزوج أسماء بنت عميس بعدما تأيمت من أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وكانت ولدت لأبي بكر ولده محمد بن أبي بكر، رباه الإمام علي بن أبي طالب، وكان مما يقوله: محمد ابني ولكنه من صلب أبي بكر. جعله كابنه إلا أنه من حيث النسب يُنسب إلى أبيه، ينسب إلى أبي بكر، لكن معنى قوله (ابني) أنه يحنو عليه كما يحنو على ابنه الذي هو من صلبه وهكذا.
فإذن هذا الترابط الذي كان ما بينهم، وكفالة من يتزوج امرأة بجميع يتاماها هو الذي جعل حياتهم حياة وادعة مستقرة، فكانت المرأة لا تبقى أيّماً وهي في شبابها بعدما يموت زوجها أو يقتل عنها زوجها وإنما يسارع من الرجال من يتزوجها ويضمها إلى أهله.
والنساء مهما كانت الغيرة في قلوبهن إلا أنهن يدركن أبعاد هذا الجانب، وهن يقدّرن لهذا الجانب.
فإذن النساء لابد الآن من أن يدركن أنه من الضرورة بمكان بأن تعالج هذه الظاهرة - ظاهرة العنوس - بما فيه الحل الأمثل.
وأنا أخبرني أحد ممن يعيشون في بلد يُمنع فيه تعدد الزوجات أن إحدى الفتيات قد مرت بها السنون ولم تتزوج أخبرت امرأته بأنها وصل بها الأمر أنها عندما ترى خشبة تتصورها رجلاً وتحن إلى ما تحن إليه المرأة من الرجل، فهذه خطورة وهذه مشكلة كبيرة، فلذلك الغاية إما أن تظل هذه العوانس المسكينات في مشكلة بحيث يغالبن غريزتهن ويقاومن الدافع النفسي في نفوسهن حتى يؤدي ذلك إلى أمراض نفسية وأمراض عصبية، وإما أن ينطلقن إلى ما لا حدود له ويقعن في الفحشاء والرذيلة والعياذ بالله وينقلب عارهن عليهن وعلى أسرهن وعلى مجتمعهن.
فالقضية يجب أن يعالج علاجاً شرعياً بمشيئة الله تعالى.
هذا مع أننا نقول بأن من شروط تعدد الزوجات العدل بينهن فإن الله تعالى يقول (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) (النساء: من الآية3)، فيجب الاقتصار على الواحدة مع خوف عدم العدل، والله تعالى المستعان.
ما قولكم فيمن حلف بالله أن لا يجامع زوجته؟
حلفه بالله أن لا يجامعها، هو الإيلاء الذي نص على حكمه في القرآن الكريم، وحكمه أن يمهل أربعة أشهر، فإن جامعها في خلالها فهي زوجته وعليه كفارة يمين، وإن لم يجامعها حتى مضت، خرجت منه بتطليقة، قال تعالى: (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) والله أعلم.
إذا أسقطت المرأة قبل أربعة أشهر فمتى تطهر؟
هذه المسألة وقع فيها خلاف كثير إذا كان ما أسقطته غير كامل الخلقة، والذي نأخذ به هو رأي قطب الأئمة رحمه الله التفرقة ما بين المراحل، فإن كان ما أسقطته علقة فحكمه سبعة أيام، وإن كان مضغة فحكمه أربعة عشر يوماً، وإن كان مضغة مخلقة فحكمه واحد وعشرون يوماً، وإن كان كامل الخلقة فالمدة كلها وهي أربعون يوماً، هذا إن استمر بها الدم، أما إن رأت الطهر قبل ذلك فعليها أن تغتسل وتصلي.
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة
صَبَاحُنَا مَضَى وَقَد بَلَّل أياديْنا بِلُؤْلُؤَات ٍ مِن الْنــــــــدَى
حِيْنَمَا نَادَى الْمُؤَذِّنُ " الْلَّه أَكْبَر " وَمطرُ نَدِي ُ يُغَطِّيْنَا
صَلاةُ وَمَطَرُ صيف ... وَسُكُوْن ُ الْفَجْر ِ مَلأ جَوَارِحُنــــا
اسم العميل: البراء
رقم العميل: 004
الحزب: 04
المهمة: اجتياح حصن عمان |
|