السؤال:
النبي صلى الله عليه وسلّم يقول: تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك. قدّم في هذا الحديث المال أولاً، والآن الناس يقولون أن صعوبة العيش أصبحت غير خافية على أحد، والناس يحتاجون إلى أن تساعدهم المرأة العاملة في الزواج، هذا أدى إلى شيء آخر وهو عزوف الناس عن المرأة غير العاملة فهي تشكو الآن. نريد توضيحاً في هذا الموضوع.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن اصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلّم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. والناس لم يزالوا على خير ما استمسكوا بكتاب الله وبهدى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وعزفوا عن أطماع النفس التي ترديهم، ما أحوج الإنسان إلى أن يحاسب نفسه، فإن بعد اليوم غداً، وبعد الدنيا الآخرة، وبعد الحياة الموت، وليس بعد الموت مستعتب، وليس بعد القبر دار إلا الجنة أو النار، فطوبى لعبد حاسب نفسه قبل أن تحاسب، وحاول التخلص من كل تبعاته، ويا خيبة العبد الذي أعطى نفسه هواها ومع ذلك هو يتمنى على الله الأماني.
إن الظلم مرفوع بحكم الله، فإن الله سبحانه وتعالى حرّم الظلم بين عباده، وتوعد على الظلم، وشدد في أمر الظلم سواءً كان هذا الظلم بين القريب والقريب أو بين البعيد والبعيد (وظلم ذوي القربى أشد مضاضة). والظلم يشمل ما إذا كان هذا الظلم بين الزوج وزوجه، أو ما إذا كان بين الأب وابنته أو وابنه، فإن الظلم حرام ما بين الجميع.
والله سبحانه وتعالى شرع من الأحكام ما ينسجم مع الفطرة التي فطر الناس عليها، فالمرأة فُطرت فطرة خاصة لها مكوناتها ولها خصائصها، والرجل أيضاً فُطر فطرة خاصة لها مكوناتها ولها خصائصها، بسبب هذا جعل الله تعالى القوامة في يد الرجل لأنه أقدر على تسيير الأمور، وأقدر على تحمل تبعات الحياة من حيث الكسب والاضطلاع بالواجبات المالية فلذلك كانت المرأة أمانة بيد الرجل، الله سبحانه وتعالى يقول (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) (النساء: من الآية34)، فإنفاق المال هو رمز القوامة، ولذلك كان الطلاق واجباً على الرجل لأنه بدفعه هذا الصداق يرمز إلى ما يقوم به من التكاليف المالية التي تجب عليه تجاه زوجه التي يتحمل تبعاتها والتي خرجت من العش الذي درجت فيه ونشأت فيه منذ طفولتها.
ونجد أن المرأة عندما تبلغ حداً معيناً من العمر تشرأب إلى الرجل، وهي وإن كانت تعيش بين أبوين حانيين رائمين ينظران إليها نظر عطف ورحمة ومودة إلا أنها لا تحس بطمأنينة وهي توجد في كنف أبويها، وإنما تريد أن تخرج إلى كنف رجل آخر ترتاح إليه وتُسلس له قيادها ، فهذا مما يستدعي أن يعرف الرجل مكانه، وقد أسلست هذه المرأة لها قيادها. إن مكانه مكان القوامة عليها، مكان المسؤولية عن جميع شؤونها، مقام وجوب الإنفاق عليه لها، فهو عندما يدفع الصداق إنما يرمز إلى القيام بهذه المسئولية، فلذلك كان الصداق واجباً على الرجل للمرأة وإن كان كل منهما يستمتع بالآخر، لكن لأجل هذه المسئولية كيف تُكلف هي الصداق مع أن القوامة له عليها وليس لها عليه.
فلئن كانت هذه المرأة تُكلف أن تنفق على الرجل وأن تعطيه راتبها، ماذا بقي لهذه المرأة من حق عليه؟ أسقط جميع حقوقها بهذا الجبروت.
ولا ريب أنما المرأة يجب أن تُطلب لما دل عليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلّم (فاظفر بذات الين ترتبت يداك)، المرأة يجب أن لا يكون طلبها من أجل مالها، المال عرضة وعارية مُستردة، فالمال هو مال الله، هذا المال مهما كان سواءً كان في يد المرأة أو كان في يد الرجل هو مال الله، ولما كان مال الله فليس للإنسان أن يتصرف فيه وفق هواه، ليس هل أن يكتسبه من أي باب شاء، وليس له أن ينفقه في أي باب شاء، ولذلك جاء في حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلّم (لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم). يُسأل عن المال هذين السؤالين، فإذن هذا المال الذي جاء إلى هذه المرأة بكد يمينها وعرق جبينها ليس للرجل أن يستغلها فيه وأن يرزأها فيه، إنما هو مالها، فعليه هو أن يتقي الله وأن يحافظ على هذه الأمانة، وأن يختار كما قلنا المرأة ذات الدين التي تعينه على تقوى الله سبحانه وتعالى.
أنا لا أقول بأن المرأة إن طابت نفساً بمالها يحرم على الرجل أن ينتفع بمالها، ولكن عليه أن يتقي الله في هذه الأمانة التي جعلها الله تعالى في يده وهو سائله عنها يوم القيامة، والنبي صلى الله عليه وسلّم كان من آخر ما وصى به أمته أن قال لهم (الله الله في النساء فإنهن عَوان في أيديكم). على الإنسان أن يحافظ على هذه العانية التي جعلها الله سبحانه وتعالى تحت يده.
السؤال:
واضح من كلامكم أن الزواج من المرأة العاملة أمر طبيعي ولكن شريطة أن لا يكون هناك استغلال لمالها، ولكن رغبة الناس في البحث عن هذا النوع من الزوجات ألم يؤد إلى مشكلة وجود عوانس في غير المتزوجات؟
الجواب:
نعم، وهذه مشكلة وأي مشكلة، وهؤلاء الذين يبحثون عن النساء العاملات اللاتي يدررن لهم المال هم في الحقيقة منسلخون من حقيقة رجولتهم، الرجولة لا تقتضي ذلك، الرجولة تربأ بالرجل من أن يرضى أن يكون هو الذي ينفق عليه، وأن يكون هو الطماع الذي يطمع في مال المرأة، وأن يكون هو الذي يستغل ثروة هذه المرأة، عليه أن يتقي الله. هي مسؤولة عن مملكة ترجع إليه، عن البيت عن سياسة البيت، عن تربية الأطفال، عن الإحسان في تنشئة الجيل، عن إخراج جيل موصول بالله تعالى وقائم بالواجب عليه تجاه ربه سبحانه وتعالى وتجاه أمته وتجاه وطنه.
هذه المرأة إن تُركت شاردة تخرج من الصباح الباكر لتكد لترهق نفسها ماذا يبقى لهذه المرأة من بقية حتى تشمل فيها أولادها بحنانها، وحتى ترعى بيتها وحتى تسعد زوجها، إنما هذا طمع من هذا الرجل الذي يدفع بهذه المرأة إلى أن تكون مجهدة لنفسها في سبيل أن تشبع نهمه المالي.
السؤال:
قلتم أن كثيراً من الأزواج يتزوجون المرأة لأجل مالها وطمعاً فيها، هذه النية التي انبنت على هذا الزواج هل يؤثر على المودة والسكنى؟
الجواب:
لا ريب، المودة والسكنى إنما تكون عندما يكون هنالك انسجام بين الزوجين، ولكن إن بدت شراهة الزوج في المال والرغبة في الاستئثار بمال امرأته حتى يذهب به أو لا يُبقي لها بقية منه ماذا عسى أن تكون هذه الحياة الزوجية بينهما، هل تكون مصدر أنس وراحة وطمأنينة ومودة ورحمة، أو تكون هذه الحياة حياة قلقة ليس فيها شيء من طبيعة الحياة الزوجية التي هي وفق نواميس الفطرة، فلذلك على الناس أن يتقوا الله تعالى، وأن يبحثوا عن السكن، عن الطمأنينة، عن المودة، عن الرحمة ما بينهم وبين نسائهم، لا أن يبحثوا عن الطمع، عن الاستكثار من المال.
السؤال:
هذه النية التي يتزوج الرجل من أجلها المرأة لأجل مالها هل يؤثم عليها؟
الجواب:
لا ريب بما أنه هو يرغب في الاستئثار بمالها، وكلٌ أحق بماله، هو آثم بسبب هذا، فنحن نرى أن الله تبارك وتعالى حذّر من أكل مال الغير قال (وَلا تَأكلوا أموالكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) (البقرة: من الآية188)، يعني أن يأكل البعض مال البعض الآخر بالباطل، وقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأكلوا أموالكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) (النساء:29-30)، والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم في هذا كثيرة التي تحذر من أخذ المال بغير حق، فإذن هذا الذي يريد أن يتذرع بالزواج إلى أن يبتز مال امرأته لا ريب أنه آثم بهذه النية ما دام يبحث عن المرأة العاملة لأجل أن يستأثر مالها إنما يبحث عن طريق من طرق التي تمكنه من استغلال مال الغير بغير حق.
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة
صَبَاحُنَا مَضَى وَقَد بَلَّل أياديْنا بِلُؤْلُؤَات ٍ مِن الْنــــــــدَى
حِيْنَمَا نَادَى الْمُؤَذِّنُ " الْلَّه أَكْبَر " وَمطرُ نَدِي ُ يُغَطِّيْنَا
صَلاةُ وَمَطَرُ صيف ... وَسُكُوْن ُ الْفَجْر ِ مَلأ جَوَارِحُنــــا
اسم العميل: البراء
رقم العميل: 004
الحزب: 04
المهمة: اجتياح حصن عمان |
|