كـمنجـّـة حـبّ -4
ساعة متأخرة من الحزن !
لـ أنّه اللّيل ، ولـ أنّه السّهر والشّارع الصامت وغيابك لابدّ أن أشعر بكلّ هذا البرد
وأشعلَ قنديلاً في الذّاكرة وأنسحب بهدوء إليكَ !
الذّاكرة أدفئ معطفٍ يضمّك في موسم الغياب، وها أنا أرتديه لأخرسَ صوتَ الرّيح
داخلي، وأتخلّص من هذا الجليد على أصابعي وأكتبَ لك بلغتي التي تعاني في كلّ
حوافها آلامًا حادّة، وانشطارًا عميقًا في مفرداتها خلّفه غيابك ..
في غيابك تبدو الحياة أصغر مما كانت تبدو عليه، تتسرّب إليها رائحة الأكاذيب
من كلّ القصص الجميلة التي قرأناها معًا وسمعنا بها معًا، تسقط عنها الأقنعة
وتبقى بوجهها الحقيقي تبحر في الفراغ حتى تصطدم بوجهٍ ما .
في غيابك كلّ شيء يستفزّني، الشّوارع والطرقات، الجدران التي يبقى ظلّي في
مرآتها وحيدًا، الأرصفة التي عبرناها وعلّقنا في أسقف ذاكرتها وجهينا، البحر
الذي لا يزال يحمل في رائحته مواعيدنا الأولى، وحتّى كوب الشّاي الذي لا
تشاركني فيه أصابعك، كلّها تمارس فيّ احتياجًا واحتجاجًا، وتبعثُ في روحي
شعورًا متضاربًا يتأرجح بين اللّهفة وعدم الاكتراث.
كم أشتهي أن أتجاهلك هذه الليلة، أن أتجاهل رسائلك خطّك، واللّون الأحمر
الدّاكن الذي تكتب به على صدرِ الورق، أن أتحاشى النّظر لصوركَ الغافية على
السرير وابتسامتك الجامدة فيها التي تربك قلبي كثيرًا، أن أنسى مذاق أحاديثك
الدافئة وصوتك الطّري الذي يوقظ حواسي كلّها، أن لا أفتح الصّندوق الذي جففت
فيه ورودك وأن لا أشعل شمعةً حمراء بقربه ، أن لا أكترثَ أبدًا لغيابكَ هذه الليلة.
أنهض .. أغلق السّتائر، لا أمنح ضوء الشارع الحزين فرصةَ أن يتسلل إليّ،
ويعبثَ بأصابعي الباردة، أخنق الصّمتَ أدير الأسطوانةَ ويرجفني هذا الصوت
اليوناني الحزين .. Yanni !
Yanni الذي يتسلل إلى ذاكرتي الآن ويبحث فيها عن ما يشبه سلالم موسيقاه ،
عن ما يشبه العذاب في صوتها، عن ما يشبه الألم ، و ما يشبه وجهي الذّي
يتدثّر بالعتمة في غيابك ، ويشاركه حزنه ويكتب عنك / لك ..
باختصارٍ .. سأكتب
غيابك مؤلم، ولا أعلم كيف يُشرح كلّ ذلكَ على ورقة !
::
::

اسم العميل: وداد
رقم العميل: 001
الحزب: 04
المهمة: اجتياح حصن عمان
::
::
|
التعديل الأخير تم بواسطة وداد ; 14-06-2012 الساعة 09:01 PM.
|